أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عقيل الناصري - عزيز محمد.. مناضل يُدينُ الزمن المتقلب**















المزيد.....

عزيز محمد.. مناضل يُدينُ الزمن المتقلب**


عقيل الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 6232 - 2019 / 5 / 17 - 13:38
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


عزيز محمد.. مناضل يُدينُ الزمن المتقلب***
تفاعلت في مطلع القرن المنصرم ، جملة الظروف الموضوعية والذاتية للبلد- العراق والمنطقة برمتها، مما، هيأت مناخا مواتيا لظهور قوى جديدة مثقفة غير تلك القوى المتعلمة التقليدية والمتمركزة في المؤسسات الدينية، هذه القوى استنهضت واستوعبت ماهيات التغيير المنتظر منذ نهايات القرن التاسع عشر وتبلورت في العقدين الأولين من القرن الماضي، لتتحول إلى ظواهر قادت إلى فكرة التغيير الواعد. واعتقد أن هذه القوى التغييرية قد انطلقت من فئات أرأسية أربعة هي:
1- الفئات المتعلمة االلبرالية المنطلق من نبتات المدارس التعليمية الحديثة ؛
2- فئة الضباط الذين خدموا في الجيش العثماني منذ آواخر القرن التاسع عشر ؛
3- بعض من المتنورين ومتعلمي الدراسة التقليدية ؛
4- بعض من تجار المدن القرووسطية
ويمكن تقسيم هذه الفئات، حسب معيار الاستمرار في مساندة صيرورة فكرة التغيير وسيرورته الاجتصادية السياسية والفكرية، إلى ثلاث فئات:
1- مثقفون رافضون لفكرة التغيير.. ويقف على رأسهم الكثير من الفئات الثلاثة الاخيرة ؛
2- مثقفون مسايرون للتغيير.. يتركزون في الفئة الأولى والجزء القليل من الفئات الثلاثة الأخرى ؛
3- مثقفون مؤيدون للتغيير وعاملون في حقوله.. ويتمثلون في المثقفين العضويين من الفئة الأولى .
أن وعي الذات من قبل المحوريين من الانتلجنسيا العراقية الصاعدة.. وتطلعهم نحو الأرحب في الانتماء والتأصيل المعرفي لها، بما يلائم الواقع الاجتصادي المتجسد مادياً، وماهيات تطور قوى الانتاج الاجتماعي، وتجاوز التفسيرات اللاهوتية للظواهر الاجتماطبيعية.. من العوامل المهم في الازدياد الكمي والنوعي لهذه الفئة. هذا الظرف الموضوعي وعتهُ كتلة من مثقفي العراق العضويين (بعضهم من التقليدين ولو نادراً) الذين لهم مكانتهم في الوسط الاجتماثقافي، دعوا لجملة من الغائيات التطورية من أهمها، كما اعتقد:
- اشاعة وتحبيذ الفكرة الاستقلالية ؛
- تحديد ماهية الهوية العراقية ؛
- مناصرة الحق الطبيعي والمكتسب للمرأة في المساواة ؛
- حق الأمة في اختيار نظامها الدنيوي على وفق نظرية العقد الاجتماعي وليس الحق الإلهي ؛
- دخول الافكار الحديثة وبالاخص ذات البعد المساواتي والتشاركي ؛
- التمرد ضد الشعوذة الدينية والقيم البالية وتفسيراتها للظواهر الاجتماطبيعية ؛
- المشاركة السياسية للقوى الاجتماعية الحديثة بخاصة العضوية منها (كالحزب الوطني العراقي وجماعة الاهالي والحزب الشيوعي) ؛
- دعوة البعض منهم إلى الحرية الاقتصادية واللبرالية في الاقتصاد .
ويؤكد ذلك أحد رواد الجيل الثاني للافكار المساواتية والاشتراكية، بالقول إن نضالهم : "... لم يقتصر على مقاومة الحكم الاستعماري والعمل على التحرر منه, بل استهدف إلى جانب ذلك, أن يكون الحكم الذي ننشده في ظل الاستقلال التام دستورياً ديمقراطياً. وهكذا كانت الديمقراطية طابعاً للحركة الوطنية الاستقلالية في العراق منذ بدابتها وطيلة مسيرتها... ". هذا النشاط كان القاسم المشترك بين الحركات والاحزاب الليبرالية ورواد الفكر الاشتراكي والتقدمي في عراق تلك المرحلة.
وقد إزداد هذا النضال واكتسب بعداً طبقياً جديداً، منذ أن تشكلت جمعية مكافحة الاستعمار والاستثمار (تبدل اسمها إلى الحزب الشيوعي العراقي عام 1935) نتيجة إتحاد الحلقات الماركسية التالية:
1- جماعة الناصرية، وقد تأسست عام 1928، وضمت: يوسف سلمان يوسف (فهد لاحقا) عامل في معمل ثلج، وغالي زويد عبد وكيل لعائلة السعدون، وأحمد جمال الدين محامي ؛
2- جماعة البصرة، تاسست عام 1927، وضمت: عبد الحميد الخطيب مدرس، وزكريا إلياس دوكا موظف في الميناء وسامي نادر مصطفى معلم، وعبد الوهاب محمود محامي ؛
3- جماعة بغداد:
- المجموعة الأولى، تاسست عام 1929 وضمت: عاصم فليح خياط، وقاسم حسن موظف حكومي ومهدي هاشم معلم وعامل لاسلكي، وحسن عباس كرباسي طالب حقوق ثم محامي ؛
- المجموعة الثانية تاسست عام 1933 وضمت: جميل توما مهندس، ونوري روفائيل مدرس ومن ثم مهندس، ويوسف إسماعيل البستاني طالب حقوق؛
- المجموعة الثالثة، تأسست عام 1934 وضمت: زكي خيري موظف، يوسف متي طالب حقوق، وعبد القادر إسماعيل البستاني محامي. أما بالنسبة إلى الأخير فقد أنكر حنا بطاطو انتماءه إلى الجمعية ، في حين بؤكد آخرون مساهمته بتأسيس الجمعية.
لقد تعاقب، منذ تأسيسه، على رئاسة الحزب الشيوعي أو السكرتير العام جملة من الشخصيات النضالية التي لها باع في التأسيس أو قيادة النضال الطبقي منذ أول سكرتير للحزب العامل عاصم فليح مروراً بيوسف سلمان يوسف (فهد) وبهاء الدين نوري وكريم أحمد وحميد عثمان وسلام عادل وعبد السلام الناصري وعزيز محمد وحميد مجيد ورائد فهمي السكرتير الحالي. فإذا نظرنا إلى هذه التشكيلة من قادة الحزب، فالاستنتاج الأرأس الذي نخرج به هو أنها تعكس التركيبة الاجتماعية بمختلف أطيافها الأثنية والدينية والطبقية واللغوية. فهنالك العامل والمثقف، الكردي والعربي، المسلم والسرياني. وهذا ينعكس بدوره على أغلبية اللجان المركزية التي قادت النضال الطبقي في العراق المعاصر. كما أنهم يمثلون شرائح مختلفة المستوى من الانتلجنسيا السياسية بصورة عامة، مع إختلافهم في نسبية الاستيعاب للفكر النظري الماركسي المجرد.
وعند العودة إلى كتاب الزميل والباحث الجاد د. سيف القيسي، والموسوم: قراءات في ذاكرة عزيز محمد، السكرتير السابق للحزب الشيوعي العراقي - مسيرة ونضال. فقد تتبع مسيرة الحزب الشيوعي العراقي (حشع) من خلال دراساته في الماجستير ومن ثم الدكتوراه وأيضاً من خلال بحوثه المتعلقة بشخصيات محورية في الحزب المذكور، وما هذا الحوار مع السكرتير السابق للحزب، إلا جزء من الاهتماماته العلمية والبحثية في تاريخية هذه الحركة في تصاعدها وانتكاساتها، في حراكها وسكونها، في مدها الجماهيري أو انحساره. ولهذا يمكنني أن اطلق عليه (الباحث المتخصص في اليسار العراقي). بفضل الرؤية العلمية المقترنة بجملة منظومة المفاهيم التي تتلائم مع ماهياته المعرفية التي يتمتع بها دكتورنا الفاضل لتأريخية (حشع). فقد قارن بموضوعية الرؤى المختلفة التي توقف عندها في هذه المقابلة وجملة بحوثه، والرؤية المناقضة لها، أو/و المكملة أو/و الشارحة للحدث وخلفياته، معززاً بالرؤية التحليلة لمجمل الواقع المحيط بحراك (حشع).
علماً بأن هناك رؤية واستنتاج رئيسي خرجت به من خلال ممارستي العضوية في الحزب المذكور وتاريخيته يكمن في أن (حشع) قد خرج منظِمين ولم يخرج منظرين، بصورة عامة بسبب السرية في عمله، إلا بالنصف الثاني من القرن المنصرم، وعلى قلتهم. بعد أن عادت كوادره من الدراسات في جامعات الدول الاشتراكية وحتى من الدول الغربية. وهذا ما توضحه تاريخية الحزب الشيوعي، وعندما يتعرض إلى الإنتكاسة ما، فغالباً يعاود الظهور بعد فترة قصيرة وبزخم أكبر، وهذا ما ما دللت عليه سنوات الانتكاسات في الاربعينيات والستينيات ( انقلاب شباط 1963) والسبعينيات، وما أشار إليه هذه (القراءات) بالقول: "... لقد تعرض الحزب الشيوعي العراقي إلى هزات عنيفة تمثلت بالإنشقاق تارة، أو الملاحقات التي تعرضت لها تنظيماته وإعدام قادته تلارة أخرى. وهذا ما ترك آثاراً لا تمحى على الحزب. ورغم ذلك لم يتوقف نشاط الحزب. ففي كل حادث تعرض له الحزب، تمكن الشيوعيون العراقيون من إعادة اللحمة إلى التنظيمات، وإعادة ترتيب أوراقهم من جديد للنهوض بواقعهم الذي عانوه عبر مراحل تأريخهم الطويلة التي قضوها في ظل ظروف العمل السري والاعتقالات في سجون الأنظمة الملكية والجمهورية ... ".
لقد تتبعتُ أيضاً حراك (حشع) وتوصلت إلى رؤية، كإجتهاد معرفي قابل للصح والخطأ، تكمن في أني قسمت تاريخية الحزب إلى عدة مراحل، إستناداً إلى معيار أرأس إلا وهو (اليساروية) في المواقف والظواهر السياسية، أجملها :

- المرحلة الأولى (1934-1938) : منذ التأسيس إلى حين عودة فهد، بعد إنها دراسته في موسكو وإعادة بناء(حشع).. أطلق عليها مرحلة التأسيس وعدم الخبرة السياسية، حيث كان الاعتدال وفهم الواقع المعقد هما السائدان، والمقترن بعدم وجود منظرين يسهبون في شرح النظرية الماركسية على وفق الواقع العراقي وتركيبته الاجتصادية. كما تميز (حشع) بقلة الخبرة ورخاوة النظام في صفوفه. وكانت أفكارها مثالية بعيدة جدا عن الوقائع والواقع ويفتقرون إلى التفكير المنظم النابع من التخلف المجتمعي العام، وطرق التعليم في المدارس والكليات، وأنتشار الأسطورة في الوعي الاجتماعي وتجلياته الجمالية والسياسية وسيطرة التقاليد الاجتماعية المعرقة لأي حراك سياسي ذو بعدٌ طبقي.
- المرحلة الثانية ( 1938-1949).. قيادة فهد، لقد سادت الوسطية اليسارية المعتدلة في تعامل (حشع) مع الواقع العراقي بخاصة بعد تأليف، رغم الصراخ اليساروي من قبل الجهات التي انشقت عن قيادة فهد، الذي تلمس الامكانيات النظرية لدى الحزب، كهيئة تركيبية لبنيته، والواقع الصلد، ولهذا لم يرفع شعار إسقاط النظام الملكي، وكانت سياسته بريئة من العواطف الثورية والرؤى الرديكالية، وعبرت قيادته وترجمتها العملية، عن أراء الحزب وقيادته بإتزان ورزانة وشددت على ما هو انتقالي أكثر من تشديدها على الأهداف النهائية التي تقع في حكم الزمن المستقبلي من قبيل بناء الإشتراكية والشيوعية، وعبر فهد عن هذا بالمقولة التالية: "... وإن كنا شيوعيين، فأننا لا نريد تحقيق الشيوعية اليوم. لايمكننا ليُّ يد التأريخ ... "، والواقع بحزب سري ضعيف الانتشار ولا يمتلك وسائله التأثيرية على الرأي العام.
- المرحلة الثالثة (1949-1955) تسنم فيها عدد من السكرتير العام. فالمراحل الأولى كانت ذو نزعة يساروية صارخة في يسارويتها، وخط متزايد من التشدد، وأنهم ذهبوا أحياناً إلى أبعد من الآخرين في هذا الخط. ولم يتناسب تطرف خطهم مع العلاقات الفعلية المتبادلة للقوى، ولا هو لبّى احتياجات تلك المرحلة، مما عاد عليهم بالخراب. وخير دليل نضيفه هنا أنهم رفعوا شعار الجمهورية الشعبية الديمقراطية وشددوا على تحقيق الاشتراكية في ظل الظروف شبه الاقطاعية.
- المرحلة الرابعة (1955-1963) حيث تسلم قيادة الحزب سلام عادل فكان توحيد الكتل الحزبية وانضممها إلى الحزب ككيان موحد، كما كان متأثراً بالتعاون والتعايش السلمي الذي اختطه المؤتمر العشرين الحزب الشيوعي السوفيتي، كما ذكر عامر عبدالله.. بحيث كانت تكتيكاته أكثر ليناً بشكل عام، مما أدى الى تفتحه مع الاحزاب الوطنية الأخرى ومساهمته في تشكيل جبهة الاتحاد الوطني.
كانت سياسة الحزب، كما اعتقد فيها شيء من اليساروية التي اشتدت بعد التغيير الجذري في 14 تموز 1958، بحيث أبتعدت سياسة الحزب عن العقلانية المتطابقة مع الواقع المادي الملموس وتطور قوى الإنتاج الاجتماعي. وقد أخذت قيادة سلام عادل بالتشدد وبخاصة بعد عودته من موسكو.
- المرحلة الخامسة ما بعد انقلاب شباط ولغاية المؤتمر الخامس عام 1994، حيث قاد عزيز محمد/ السكرتير العام السابق، سياسة الحزب وسط تقلبات سياسية، تارةً يمنية بحتة ( خط آب) والمتأثر بنظرية ( التطور اللارأسمالي) وتارةٍ أخرى أتبعت فيها سياسة توافقية تتغلب فيها بعض من التوجهات اليمينية أخذت بالمهام الأرأسية للمجتمع العراقي (الجبهة الوطنية والقومية)، مع تنازل لسلطة البعث ( تجميد التنظيمات الديمقراطية) . وفي تارةٍ ثالثة يساروية بإمتياز، مابعد إنهيار الجبهة عام 1979، وبخاصة بعد المؤتمر الرابع عام 1985 ورفع شعار الكفاح المسلح. وكان من سمات هذه المرحلة هو سيطرة المركزية اللاديمقراطية على كافة الجوانب السياسية التي أتصفت بخطاب سياسي تبريري، تمثل في عدم مواجهة السلطة البعثية وإيقاف تجاوزاتها في ظل سياستها التراجعية عن المبادئ العامة للتحالف الجبهوي والمتمثل بصورة أرأسية في تبعيث المجتمع العراقي. بمعنى أن قيادة عزيز محمد التي تمتد إلى ثلاثة عقود، قد مرت بتكيفات عديدة يغلب عليها الجانب التكتيكية بدون فقدان الجانب االاستراتيجي، وهذا يعتمد على المتنفذين المحوريين على سلطة القرار الحزبي في (حشع).
ولما كان الحزب بماهياتها التنظيمة وهيكليتها وبرامجيته المراد تحقيقها له صلة جدلية بين المنطلق الفكري والانتماءات الاجتماعية والطبقية لأعضائه، وقد أكتسب بعداً استرايجياً عبر نضاله المستمر.هذه التعرجات والمنعطفات، كما أعتقد، قد تطلبتها:
- الطبيعة المتغيرة لسياسة السلطة التي توضحها المسيرة النضالية ؛
- بالتوئمة مع الظروف السياسية البالغة التعقيد وطبيعة التحالفات السياسية ؛
- وما تفرضه سياسة الأمر الواقع ؛
ومما تسمح بها الظروف ضمن الممكن المتاح ؛
- المقترنة بالتحديات الداخلية الحزبية والسياسية على المحيطين الداخلي والعربي .
هذا الوضع المعقد والمركب وتلك الظروف الشائكة وذلك النشاط السري ولوسائل الشيوعيين المحدودة وكذلك للظروف غير الملائمة.. جميعها وغيرها، تتطلب بل تفرض أن يكون على رأس الحزب شخصية قيادية توافقية ووسطية لديها كارزمية نضالية تُوفق بين (الحمائم والصقور) في اللجنة المركزية وعموم الحزب، وإدارة الصراع بينهما بغية تسير الحزب نحو تحقيق أهدافه التحالفية وإمكانية تحقيقها، بدون هزات فكرية وسياسية. فعندما شغر المركز الأول بعد إنقلاب 8 شباط 1963 "... بعد إعدام سكرتير الحزب حسين أحمد الرضي (سلام عادل) فبدأ من تبقى على قيد الحياة من أعضاء اللجنة المركزية والمكتب السياسي للتحضير لإجتماع يعقد اترميم قيادة الحزب، وبما في ذلك انتخاب سكرتير للحزب الشيوعي العراقي. فبدأ بطرح العديد من الأسماء ليكون سكرتيراً. وكان من بينهم زكي خيري وعبد السلام الناصري وغيرهم وأنا. كنت في الحقيقة ضد ترشيح نفسي، حيث كنت على اعتقاد بأنني غير مؤهل لقيادة حزب كالحزب الشيوعي العراقي، فلم أكن أمتلك من الثقافة الماركسية مما يؤهلني لتولي هذا المنصب، رغم ما ذكرته في السابق من أن الحزب الشيوعي العراقي هو من قضى على اميتي التي كنت أعاني منها . وفي أثناء التصويت على إختيار السكرتير، فإنني لم أصوت لنفسي لأنني كنت أعتبر نفسي غير مؤهل لذلك حسبما ذكرت. لكن التصويت جرى لصالحي لأتبوأ منصب سكرتير الحزب. ويمكن أن نسمي هذا الإختيار بالتوافقي... " (التوكيد منا- الناصري).
ليس هذا فحسب بل يتمتع به عزيز محمد بخلق جميل، حيث تذكر هذه القراءات، من أنه ( لم يذكر بالسوء شخصاً أو حركة سياسية مهما كان موقفها منها. كما أعترف بكامل مسؤوليته لمنصبه الحزبي، سواء تلك التي جرت بعلمه أو من دون علمه ). ولهذا فالقراءات الحالية قد تكون مكملة لتاريخية نضال الحزب الشيوعي عن لسان سكرتيره العام، نظرا لطول فترة ترأس الرفيق عزيز محمد للحزب وما حققه من السير بالحزب إلى ما وصل إليه من جهة، ومن جهة أخرى للعواصف والانتكاسات التي واجهت الحزب وبخاصة أنشقاق القيادة المركزية، وإنفراط عقد الجبهة الوطنية، ومعارك بشت إيشان، وما نجم عن المؤتمر الرابع من نتائج خاصة بالكوادر و( يساروية) طبعت سياسة الحزب بصورة عامة. كما أن القراءات ستنير للأجيال القادمة وبخاصة الشيوعيين منهم والمتنورين، حراك حزبهم والتماثل مع سيرته النضالية، وطبيعة الظروف والصعاب التي كانت تواجههم. والرابطة النضالية التي نسجوها. كما أن الشمولية التاريخية هذه القراءات تضع القارئ اللبيب أمام محطات نضالية متنوعة زمكانية ( الزمان والمكان) لتاريخ الحزب الشيوعي وللحركة الوطنية المعارضة، بل حتى لتاريخ العراق المعاصر.
كما تتميز القراءات الحالية بصيغتها الموسعة، الطبعة الحالية، بالصراحة والصدق، وقدراً أكبر من الموثوقية وإن شابها بعض وجهات النظر ذات الطابع (المخالف) لما هو مذكور في مذكرات بعض من قادة الحزب (أعضاء في المكتب السياسي أو/و اللجنة المركزية) الذين زاملوا الرفيق عزيز محمد، كما شابها بعض من (التبريرية) الواضحة جداً.. لأخفائها حثيثيات الظرف الزمكاني والدوافع التي تقف أمام الظواهر السياسية.
الهوامش
** مقدمة كتاب: عزيز محمد يتحدث، صفحات من تأريخ العراق السياسي، للدكتور سيف عدنان القيسي، مكتبة النهضة العربية بغداد 2019.
-للمزيد راجع د. عقيل الناصري، من أوجه الصراع السياسي في الجمهورية الأولى، ص.68، دار سطور ، بغداد 2017.
2 - أن "... برنامج جمعية البصرة الاصلاحية التي أسسها طالب النقيب بتاريخ 28 شباط 1913، حينما صار مطلب الحرية الاقتصادية (الليبرالية الاقتصادية) إحدى مواده التي علق عليها أعضاء الجمعية أهمية بالغة فهي طالبت بإعطاء صلاحيات واسعة للمجلس الاداري لولاية البصرة الذي سيطرت عليه الجمعية، بما في ذلك الحق في تأليف الشركات التجارية والصناعية والزراعية وأعطاء الامتيازات وتحديد الميزانية وتأسيس غرفة تجارة وبورصة وتشجيع الصناعة وتطوير التجارة وتأسيس المصارف والمدارس الزراعية وحفر الجداول وتوزيع الحبوب واستجواب الوالي عن أي قضي "محمد جبار الجمال، بنية العراق الحديثة تأثيرها الفكري والسياسي 1869-1914 بيت الحكمة بغداد 2010، ص. 158،.
3 - حسين جميل, أزمة الدمقراطية في الوطن العربي، مستل من د. عامر حسن فياض, جذور الفكر الديمقراطي في العراق الحديث 1914-1939، الشؤون الثقلفية ، بغداد 2002, ص. 274.
4 - حنا بطاطو، الطبقات الاجتماعية والحركات الثورية من العهد العثماني حتى قيام الجمهورية، ترجمة عفيف الرزَّاز، ج. 2، ص. 72.مؤسسة الابحاث العربية، بيروت 1990.
5 - د. سيف القيسي، قراءات في ذاكرة عزيز محمد. ص. 54، دار الرواد المزدهرة، بغداد 2014
6 - مستل من حنا بطاطو، ج. 2، ص. 102.
7 - المصدر السابق، ص. 335.
8 - د. سيف القيسي، قراءات في ذاكرة عزيز محمد. ص. 52، مصدر سابق.



#عقيل_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجذور التاريخية للفتوى الدينية في ملاحقة اليسار بالعراق الم ...
- الجذور التاريخية للفتوى الدينية في ملاحقة اليسار بالعراق الم ...
- الجذور التاريخية للفتوى الدينية في ملاحقة اليسار بالعراق الم ...
- الجذور التاريخية للفتوى الدينية في ملاحقة اليسار بالعراق الم ...
- الجذور التاريخية للفتوى الدينية في ملاحقة اليسار بالعراق الم ...
- الجذور التاريخية للفتوى الدينية في ملاحقة اليسار بالعراق الم ...
- الجذور التاريخية للفتوى الدينية في ملاحقة اليسار بالعراق الم ...
- الجذور التاريخية للفتوى الدينية في ملاحقة اليسار بالعراق الم ...
- الجذور التاريخية للفتوى الدينية في ملاحقة اليسار بالعراق الم ...
- الجذور التاريخية للفتاوى الدينية في ملاحقة اليسار بالعراق ال ...
- مناسبة الذكرى الستين لثورة 14 تموز : من جدليات الثورة الثرية ...
- بمناسبة الذكرى الستين لثورة 14 تموز : من جدليات الثورة الثري ...
- بمناسبة الذكرى الستون لثورة 14 تموز-- من جدليات الثورة الثري ...
- قراءة في مذكرات من زمن الاستبداد
- من أرأسيات نقد المرحلة الملكية وأزمتها البنيوية: (2-2)
- من أرأسيات نقد المرحلة الملكية وأزمتها البنيوية: (1-2)
- عامر عبد الله ... مثقف عضوي (3-3)
- عامر عبد الله .. مثقف عضوي (2-3)
- عامر عبد الله .. مثقف عضوي (1-3)
- المكثف في العنف (4-4)


المزيد.....




- اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب بنيويورك
- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عقيل الناصري - عزيز محمد.. مناضل يُدينُ الزمن المتقلب**