أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فتحي علي رشيد - قراءة جديدة في القضية الفلسطينية (24 ) بمناسبة مرورالعام الأول بعد السبعين على نكبة العرب والعالم في فلسطين فلسطين ما بين الأسرلة والتهويد (*)















المزيد.....


قراءة جديدة في القضية الفلسطينية (24 ) بمناسبة مرورالعام الأول بعد السبعين على نكبة العرب والعالم في فلسطين فلسطين ما بين الأسرلة والتهويد (*)


فتحي علي رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 6231 - 2019 / 5 / 16 - 00:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لعل من أبرز المغالطات التي مررت على معظم مثقفي وسياسيي العالم أو انطلت عليهم تلك التي حدثت يوم 15 أيار من العام 1948,بالإعلان عن قيام دولة أطلق عليها إسم دولة "إسرائيل".على أرض معروفة تاريخيا بأنها أرض للكعانيين وورثتهم .وتم تجسيد تلك المغالطة في وثيقة عرفت بوثيقة الاستقلال .وسميت ب"وثيقة إعلان قيام دولة إسرائيل " كدولة للشعب اليهودي .(1) على أرض لمجموعة إثنية من بلدان شتى على أرض لشعب آخر ,لاجذور لهم فيها .ولعل هذا ما جعل التسمية ملتبسة وملغومة ,تكتنفها تناقضات لايمكن حلها حتى اليوم .وهذا مايستدعي منا ملاحظة :
أولا : بأن هناك فرق شاسع لالبس فيه ولا يجوز الخلط فيه بين مكونين مختلفين ,الأول مكون إثني أو ثقافي أطلق على مجموعة من البشرموجودين في بلدان عديدة . عرفت تاريخيا ب "باليهود " ,كأتباع لإله اسمه يهوى .على عكس مايتصور كثيرين من أنهم أتباع ليهودا (الإبن الرابع للنبي يعقوب والذي لم يكن لانبيا ولاصاحب رسالة ) .
حيث تؤكد أغلب الدراسات التاريخية أن أحفاد يهودا انفصلوا عن أحفاد أخوتهم الإثني شر ( أولاد النبي يعقوب والمعروفين بالأسباط) وسكنوا في منطقة محدودة جدا في هضاب الخليل من فلسطين بعد وفاة جدهم بحوالي ألف عام .خلال الفترة الممتدة مابين 720 ق. م ومابين 640 .م . بعد تدمير ماعرفت بمملكة النبي سليمان بعد دعوة بني يهوذا للأشوريين بمعاونتهم للقضاء على تلك المملكة الغاشمة . دون تحديد دقيق أو تعريف لهذه المجموعة وبما تؤمن به .إن كان مختلفا عما يؤمن به أحفاد أبناء يعقوب "إسرائيل " الآخرين .
ثانيا : تشيرأغلب كتب التاريخ (والتوراة ) إلى أن أحفاد يهودا وبنيامين الذين شكلوا مملكة يهودا , وأحفاد الأسباط العشرة الأخرين ليعقوب والذين شكلوا مملكة إسرائيل ( أومملكة الشمال ) هم مكون عرقي إثني واحد يتبعون أو يؤمنون بذات الرسالة ( الموسوية ) ؟بينما تشير إلى أن اليهود هم مكون عرقي أو إثني مختلف جذريا,كما يؤمن أصحابه بإله إسمه يهوى استقروافي تلك الهضاب ثم اندمجوا مع أحفاد يهوذا , وتشير بعض الكتب إلى أن كهنتهم بعد أن أحضرهم الفرس إلى فلسطين حوالي عام 45ق.م قاموا بصياغة أو كتابة شريعة موسى ,بعد أكثر من سبعمائة سنة على موت النبي موسى, بما يتوافق مع عقائدهمالسابقة وينسجم مع سلوكهم ونشاطهم العملي . مما أدى إلى ظهور تيارين أو طائفتين موسويتين ( كما السنة والشيعة بين المسلمين ,والكاثوليك والأرثذكس بين المسيحيين ) إحداهما وهم الغالبية عرفوا في جميع أنحاء الوطن العربي والإسلامي بالموسويين .والذين تركزوا يومها في السامرة أوفي مملكة سليمان أو مملكة الشمال ( أو إسرائيل نسبة للنبي إسرائيل أو يعقوب (2) ) وعرفوا بالسامريين والذين ماتزال بقاياهم موجودة حتى اليوم في جبل جرزيم بالقرب من نابلس وكانوا يمارسون الزراعة . بينما تسمى الأخرون ,أو عرفوا باليهود ومارسوا التجارة والربى لذا انتشروا في بلدان شتى . وسعوا إلى الانعزل عن الأخرين في أحياء خاصة بهم (عرفت بأحياء اليهود )على عكس الموسويين الذين اختلطوا واندمج أغلبهم مع الشعوب الأخرى أو ذابوا فيها لاحقا .وهذا ( فقط ) مايفسر أن اتباع يهوى المعروفين باليهود كانوا ومازالوا قلة (16 مليون )مقارنة بأصحاب الديانات الأخرى ( ثلاثة آلاف مليون ) .
ثالثا : كما تؤكد أغلب كتب التاريخ والأنثربولوجيا أن ديانة "إيل " الكنعانية القديمة وبني "إسرائيل " (اتباع النبي "إسرائيل " )هم أصحاب أقدم ديانة ظهرت في فلسطين حيث تبنوا الإبراهيمية (الحنفية ) ومن بعدها تبنى بعضهم الديانة الموسوية ومن بعدها بالمسيحية ومن ثم بالإسلام .حتى لم يعد يبقى أحد منهم اليوم .
رابعا : يفهم مما سبق أن "إسرائيل" هو اسم لنبي قديم .وليس إسما لشعب أولأرض .
وهنا نسأل لماذا سميت تلك المملكة أو الدولة باسم شخص ؟ هل سمع أحد في العالم بدولة سميت بإسم إنسان حتى لوكان نبيا ؟ ولماذا لم تسمى باسم يعقوب الأسم الأساسي والأول والأقدم (لحفيد ابراهيم الكلداني )؟ هل لأن اسم يعقوب إسم عربي ؟ أم ليتلبس اليهود اسم نبي مجهول الهوية والصفات ليلعب به كهنة اليهود كما يشائوا كونه لم يعدهناك من يتبى ديانته ؟ لماذا لم تسمىً أي دولة في العالم باسم نبي عدا هذه الدولة ؟ على سبيل المثال هل سمع أحد بدولة باسم عيسى أوبإسم موسى أو بوذا أو كونفوشيوس .إلخ مع أن لهؤلاء الأنبياء أتباع يزيدون ألف ضعف عن اتباع النبي إسرائيل ؟
وعلى فرض أن دولةأو مملكة أقيمت على أرض فلسطين في منطقة محدودة جدا سميت مملكة إسرائيل مابين عام 950 ق.م و720 ق . م , كان غالبية سكانها من اتباع النبي موسى عرفوا بالقضاة والملوك الأوائل الكنعانيين ( شاؤول وصموئيل ) والتاليين (داوود وسليمان ) .فهل يحق لغير المؤمنين بالديانة الموسوية العيش فيها وحمل جنسيتها كما كان ذلك متحققا في تلك المملكة ؟باعتبار أن كتب التاريخ (والتوراة )تؤكد على أن تلك المملكة أو ذلك الكيان كانت تتعايش فيه شعوب من ملل ونحل كثيرة .أغلبهم كانوا كنعانييين من عبدة الإله إيل ومن اتباع النبي إسرائيل ,ومن الموسويين السامريين (نسبة لمدينة السامرة ,منطقة نابلس حاليا ) والذين هم أيضا كنعانيون لكنهم تبنوا الديانة التي أنزلت على النبي موسى (مابين عامي 1200 ق. م و950 ق .م ).ومن اليبوسيين عبدة بعل و كثير من العبرانيين والعمونيين والفرزيين واليبوسيين ( الذين اشترى منهم داوود الأرض التي أراد إقامةالهيكل عليها ) والحثيين (الذين تزوج الملك داود امرأة منهم ولدت له الملك "سليمان " الذي أصبح ملكا عظيما وبنى الهيكل الذي لم يتمكن والده من بناءه .وهو مايؤكد(استنادا للتوراة وكتب التاريخ) أن الملك سليمان حسب النسب للأم كماكان متعارف عليه في ذلك الزمان عند الكنعانيين ,هو حثي وليس يهودي .(كون أمه حثية ) وأدوميين وأراميين ,مؤمنين ببعل وعشتاروأدوني وآلهة أخرى ,وكان بينهم من مازال يعبد العجل والأصنام كما تورد التوراة .ولم يكن بينهم سوى قلة تؤمن بيهوى (إله اليهود ) . وقبل أن يظهرأي وجود أو ذكر أو اسم لليهود في التاريخ أو لدولة لليهود مما يؤكد على وجود أي علاقة لليهود به (حتى بمملكة "يهوذا " التي ظهرت فقط في هضاب الخليل في الفترة الواقعة مابين عام 720و640 ق.م أي بعد زوال مملكة إسرائيل الشمالية .وهو ماأكدعليه كبار المؤرخين ( أمثال وول ديورانت وأرنولدتوينبي .استنادا للآثارالتي كشف عنها المنقبون (عشرات من علماء الآثار بعد نبشهم لجميع مناطق فلسطين والتي يزيد عددها عن خمسة آلاف موقع أثري ) .
ومن المفيد أن نشير هنا إلى أن أغلب المنقبين لم يعثروا في المنطقة الممتدة (على طول الساحل الفلسطيني وسهله الواسع ) من يافا إلى رفح .على أي أثر سواء لليهود ,أو للإسرائيليين . حيث كان هذا الساحل عبرالتاريخ , منذ حوالي 1300 ق,م إلى اليوم حكرًا على الفلستيين وأحفادهم الذين اندمجوا بالكنعانيين ومن ثم تعربوا . وحيث أكدعلماء الآثاربما فيهم "فلكنشتاين" و"كاتلين كينون " و"تومسون "و"يادين " وكثير من علماء الأنثربولوجيا مثل "ج ،تشايلد" أنه لم يتم العثورفي تلك المنطقة على أي أثريشير إلى كيان ثقافي يعود أويشير لليهود .
فكيف سيطلقون إسم نبي ومملكة على منطقة ,لم يكن لهم فيها (لليهود ) ولم يثبت مطلقا عبر التاريخ أي وجود لهم فيها ؟ (كما قال توينبي ) طالما أنهم يتحدثون عن الصلة التاريخية بالأرض ويتسمون بها , وبأقدمية التواجد فيها .
خامسا : أما بصدد الحديث عن دولة يهودية أو كيان يهودي ظهر حوالي 200ق. م في عهد بطليموس , واستمر إلى 135 ب, م ,دمرها الرومان فهذا كلام يفتقد للدقة العلمية . إذ لايمكن أن تقوم أية دولة أو مملكة في ظل احتلال وحكم امبراطوريات كبيرة مثل اليونانيين والرومان الذين حكموا المنطقة كلها مابين 334 ق.م و636 ب.م .وحيث كانت العبودية سمة لكل الشعوب المحكومة من قبل أباطرتها ولم يكن هؤلاء يسمحون في الأراضي التي يحتلونها بأي كيان يمكن أن يخرج عن سيطرتهم .فكل مايمكن تصوره هووجود إثنيات ثقافية أوجماعات دينية مختلفة تمارس كل منها طقوسا وشعائر معينة . وتشير الأناجيل إلى أن سبب تدمير الهيكل نتج على الأغلب ,بسبب أن كهنة اليهود حولوه إلى مكان للبيع والشراء ولممارسة الربى .
وعلى فرض أنهم أقاموا مملكة على كل فلسطين خلال فترة ثلاثمائة عام فهل يبرر هذا لليونانيين والرومان الذين أقاموا حوالي 900 سنة على تلك الأرض أن يطالبوا بالعودة إليها وبطرد شعبها منها ؟
ولهذا السبب وجدالمنظرون الصهاينة أنفسهم بسبب هذا التاريخ الملتبس في مواجهة معضلة كبيرة تتعلق بالإسم الذي سيطلقونه على هذه الدولة التي عملوا الكثير من أجل إنشائها. بحيث يكون الربط بينهم وبين فلسطين مقنعا .
سادسا : كيف سيبررون قيام دولة "إسرائيل " على مناطق لم تدوسها أقدام أي من أنبياء أو ملوك بني إسرائيل أو اليهود مطلقا ,ولا تربطهم بها أي صلة تاريخية ؟ حيث كانت تلك المملكة أيام الرومان كما تؤكد التوراة أنها كانت مملكة متعددة الأديان والإثنيات .ولهذا ورد ذكرها في الأناجيل ب " جليل الأمم " . أي كانت تتعايش وتعيش على أرضها أمم شتى .وكيف سيوفقون بين ذلك الواقع التاريخي الذي لايمكن إنكاره وبين مايسعون إليه منذ ظهور حركتهم الصهيونية الساعية إلى إقامة دولة لليهود فقط على تلك الأرض ؟ وكيف سيبررون قيامها على أراض ليس لأجدادههم أي صلة بها خاصة في المنطقة الممتدة من يافا وتل أبيب مرورابغزة إلى رفح ؟ حيث كان وجودهم ـ يومهاـ يتكثف في تل الربيع "تل أبيب حاليا " (حيث كان يعيش حوالي 70% من اليهود ). وماهو الإسم المغايروالمقنع الذي يفترض أن يطلقوه عليها ؟
الخلافات حول تسمية الدولة :
من يراجع المناقشات المعمقة التي دارت ,و يطلع على الخلافات الحادة التي برزت بين كلا من بن غوريون ( الرئيس التنفيذي للمؤسسة وموسى شاريت (مسؤول علاقات الييشوف ) وبين زعيم الحزب الشيوعي ماير فلنر , وبين كلا من شامير ورابين والمفكرين زئيف سيفال وناحوم نير وغولدا مائير ,ومردخاي بنعام (الخبير القانوني ) وبنحاس روزن (وزير العدل في في مديرية الشعب) ,إلخ .(حيث تم عرض جزء منها في كتاب "حرب الاستقلال " والمكون من أكثر من500 صفحة قامت بترجمته مي صائغ عام 1996 )يكتشف كم كانت المسألة شائكة وملتبسة .
وبما أن كثيرون لايعرفون ماحصل فقد يكون من المفيد تذكيرهم بأن مناقشات مستفيضة وطويلة ومعمقة جرت من يوم 24 نيسان من عام 1948 وحتى ظهر يوم 14 أيار. جرت بين زعماء وجهابذة ماتسمى بالمنظمة الصهيونية العالمية والوكالة اليهودية ,والمؤتمر اليهودي العالمي والاحزاب والعصابات اليهودية (الهجانة والشتيرن ) والمجلس العسكري اليهودي وزعماء العصابات اليهودية (الهجانة والشتيرن ) والمجلس العسكري اليهودي والأحزاب اليهودية ممثلة بالبالماخ ( حزب العمل ) والشيوعي والمتدينين ,حيث ظهرت خلافات كثيرة حول التسمية التي كان يجب أن تطلق على هذه الدولة قبل أن يتم الإعلان عنها رسميا . هل اسم عابر أم عبيرو( نسبة للعبرانيين المعروف بأنهم يتكونون من أثنيات عديدة ),أم يهودا (نسبة للمؤمنين بالشريعة وعلى ماعرفت بيهودا ؟ أم " تسور يسرائيل " ,أم إسرائيل أم تسيون ؟ ( أي صهيون نسبة لجبل صهيون الذي أطلقه اليبوسيين كإسم لهذا الجبل .
ومن يرجع لبعض النقاشات المعمقة التي دارت ويطلع على الخلافات الحادة التي برزت بين كلا من بن غوريون ( الرئيس التنفيذي للمؤسسة وموسى شاريت (مسؤول علاقات الييشوف ) وزعيم الحزب الشيوعي ماير فلنر وشامير ورابين والمفكرين زئيف سيفال وناحوم نير وغولدا مائير ,ومردخاي بنعام الخبير القانوني وبنحاس روزن وزير العدل في مديرية الشعب ,,إلخ .ويكتشف أن تلك المناقشات تعكس رؤية عميقة وإدراكا دقيقا وعاليا ,للواقع اليهودي العام والدولي والمحلي, و لما قد ينجم عن تسمية الدولة , قبل أن يتم الإعلان عنها رسميا . وأخيرا اضطر34 من عتاة الحركة الصهيونية نتيجة لتسوية حصلت خارج الدوائرالقانونية التوقيع على الوثيقة . حيث تم بموجبها مراعاة أمور كثيرة أهمها مايبقي ويؤكد على الصلة بين كل الشعب اليهودي وبين الدولة بمايجعلها مفتوحة لتقبل جميع اليهودمن جميع أنحاء العالم .وما يتفق مع الرؤية والصلة التاريخية بفلسطين ,ومع نص قرار الأمم المتحدة ,ومع الوضع والرأي العام الدولي .وبشكل خاص بمالايشكل خطرا على اليهود الموجودين في أوروبا وأمريكا وبريطانيا ,لأنه لو سميت دولةيهودا أو دولة اليهود فهذا معناه أنها ستنبذ وتسقط ,كونها دولة تقوم على أساس الدين أو العرق في عصر الديمقراطية والتعددية , وسينظر لليهود من ناحية أخرى في جميع أنحاء العالم على أنهم غرباء أو جواسيس لدولة أخرى يتوجب طردهم .
وهكذا تم نشر الوثيقة المعروفة بوثيقة الاستقلال في الساعة الثانية عشرة من ليلة الرابع عشر من شهر أيار في الإذاعة .
عملية خلط المفاهيم والأفكار والمواقف :
ومنذ صبيحة يوم (15 أيار ) بدأت تجري عملية خلط للمفاهيم بين مكونين مختلفين .الأول يتعلق بشعب قليل العدد ومحدود الوجود في العالم (12 مليون , حاليا 16 مليون ) والثاني يتعلق بأرض واسعة وغير محددة عرفت بأرض إسرائيل (استنادا لما وعد الرب به "إسرائيل " يعقوب الكلداني بأن كل أرض تطئها قدمه هي له ولنسله من بعده ) أرض تمتد من الفرات إلى النيل يسكنها مايزيد عن مائة مليون إنسان ( حاليا 160 مليون ) .استنادا لماتم الإقرار به في الكنيست ,(من الفرات إلى النيل وحدد بالخطين الأزرقين في العلم ) وبما سوف يشكل خطرا على البشرية كلها وعلى جميع الحكومات .حيث لن يقبل أحد أن يسيطر اليهود وحدهم على هذه المنطقة الواسعة والاستراتجية والغنية بالنفط .
وهكذا التبست الأمور على كبار المفكرين والساسة في العالم كله . مع ذلك توافق معظم الساسة على تقبل أن يطلق إسم إسرائيل على الأرض التي احتلت عام 1948 من قبل العصابات الصهيونية من خلال عمليات إرهابية لاتقل ترويعا عما قامت به داعش اليوم وعلى مساحة تزيد 33% من المساحة المقررةلها .طالما أنها اعلنت في وثيقة قيامها .عن التزامها بمثياق الأمم المتحدة وبالتعددية والديمقراطية .
لكن مع ذلك بقي كثيرون يرون أن اسم النبي والأرض (إسرائيل ) لُبٍسًا تلبيسا غير موفق على بلد تتواجد فيه إثنات وثقافات عديدة . حيث كان يتواجد على أرض فلسطين يومها ـ مجموعات من اليهود العرب ,ويهود مهاجرين من بلدان مختلفة الأجناس والألسن ,وعرب مسلمين سنة وشيعة ودروز ومسيحيين , وسامريين وموسويين (حوالي 150 ألف ) ,لذا كان من الصعب إجبارهم على أن يحملوا جميعهم هوية دولة تعتبر نفسها دولة لليهود فقط فكان إسم إسرائيل حلا ؟
اختلال المفاهيم مع تغير موازين القوى :
بما أن حكام اسرائيل رفضوا إعادة الفلسطينيين الذين هجروا من أراضيهم , وهو ماجعل أغلب شعوب وحكومات البلدان العربية ترفض الاعتراف بها والتعامل معها مما جعلها تشن عام 1967 حربا وتستولي على أرضي جديدة على أمل أن تقايضها من خلال عملية سلام مزعومة دون أن تعيد أي فلسطيني إلى وطنه , وتعمل في ذات الوقت على تهويد فلسطين وبما يمكن أن تحتفظ به من أراضي ,وتعمل على استقبال أكبر عدد ممكن من اليهود ,وعلى أن تظل تظهر وتتظاهر بأنها دولة لكل مواطنيها ,دولة ديمقراطية أيضا (استنادا لما جاء في وثيقة الآستقلال ) في وسط عالم عربي استبدادي ومتخلف .مما يجعلها ـ تكسب ود وتأييد العالم الغربي كله .
لذا ظل الاحتفاظ بكلمة إسرائيلي ضروري . لكن بما أنه أطلق على كل من سكن هذه الأرض سواء أكان يهوديا من الناحية الوراثية (النسب للأم ) أم يهوديا من ناحية التكوين النفسي والسلوكي والثقافي والديني ,أم من ناحية التكوين الفكري والعقدي له, وسواء أكان عربيا مسلما أم مسيحيا أم سامريا أم ملحدا .مع أن هذا يتناقض مع مبررات قيام هذه الدولة التي ارتكزت بالأساس على الدين والعرق اليهوديان .ويتناقض بصورة أساسية مع توجهات الحركة الصهيونية والمتشددين اليهود الساعين للسيطرة على المنطقة الممتدة من الفرات إلى النيل وهي الأرض التي وعد بها الرب يهوى نبيه إسرائيل بها .مما أوقع اليهود الصهاينة في تناقض مابين تيارين ,تيار يسعى إلى الحفاظ على صورتها الخارجية كدولة تعددية ديمقراطية . وتيار يسعى إلى التوسع والتهويد . فهي إن استمرت بالتوسع لن تتمكن من التهويد ,ولامن المحفاظة على التعددية وومع التسمية (إسرائيل حسب ما جاء في وثيقة الاستقلال ) .ولابد من وقت يأتي وتصبح فيه الغالبية من غير اليهود , وبالتالي ستفقد صفتها كدولة يهودية وتفقد مبررات قيامها ومبررات دعم يهود العالم خاصة الغربي والمسيحي لها .وللهروب من هذه المشكلة سعى ساستها على فصل وإبعاد أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين في كيان أطلقوا عليه إسم حكم ذاتي محدود على أقل من 20% من مساحة فلسطين بحيث تُخرج حوالي 80 % من الفلسطينيين العرب من الدولة وتحصرهم في أجزاء متفرقة من الضفة وغزة .لتحافظ على طابعها اليهودي العنصري وهذا ماتحقق لهم بعد اتصالات عديدة أخرها كانت في "أوسلوا" مكنها من الاحتفاظ بمزيد من أراضي فلسطين دون سكانها بما يسهل تهويدها.
تناقضات بنيوية :
أولا :بين الشكل والمضمون :
لكن نسي قادتها أنها إن سمت نفسها بما يتطابق مع كونها "دولة يهودية " فقط , كما سعى اليمين الصهيوني ,فإنها ستنسف أسس الدولة التي قامت عليها كما وردت في وثيقة الإستقلال . والأهم ستفقد المبررات الفكرية والأخلاقية لقيامها لإن مبرر قيامها كان للهروب من العنصرية والنازية فكيف ستمارس عنصرية مماثلة أو أشد إزاء العرب ؟ وهذا ماسيجعلها تفقد ود وتأييد كثير من اليهود المتدينين التقييين , وكذلك غير المؤمنين باليهودية كديانة ,وكثير من الغربيين المؤمنين والمتمسكين بالديمقراطية ,وهذا سيكون سببا في عزلتها وبالتالي في انتهائها على المدى البعيد .ومع إدراك حوالي 55 % من أعضاءالكنيست ذلك الأمر إلا أنهم في أب من عام 2018 وجدوا أنفسهم مرغمين على الموافقة على قانون القومية بما يجعل الدولة يهودية .على أن تظل محتفظة بالإسم القديم "إسرائيل " شكلا ( وفي الإطار العام ) بينما تكون في الواقع الفعلي والمضمون دولة يهودية .
فالتوفيق والجمع بين المضمون والشكل الحالي , حتى على المدى المتوسط , صعب جدا إذ لابد للمضمون مع الزمن من أن يكبر ويطغى فيكسر أو يفجر الإطار الخارجي الهش فتنكشف على حقيقتها كدولة دينية وعنصرية في عصر تتألف فيه جميع الدول من أثنيات وأعراق وأديان مختلفة .مما سيؤدي إلى عزلها ونبذها .
ومع أن كلا من الكنيست والكونجرس الأمريكي ومن ثم ترامب وقعوا على قرار اعتبار القدس عاصمة للدولة اليهودية .وقرار قومية الدولة ( في عام 2018) ـ للتغطية على حقيقتها كدولة دينية عنصرية توسعية إجلائية, وشكلا أقصى مايمكن تشريعه لمصلحة اليمين الصهيوني . إلا أنها أثبتت أنها كحركة باتت أقرب إلى ما يمكن أن نطلق عليه مصطلح "ما فوق الصهيونية " , وبأنها بذلك تنسف كل الأسسس التي قامت عليها الدولة .وهذا لم و لن يلقى قبول غالبية شعوب ونخب العالم الحر وحكوماتها .,وكل محاولة سيقومون بها للتهرب من الحقيقة , لن تجدي نفعاـ حتى على المدى القصير .
ثانيا :خطورة التسمية والشعار :
مشكلة أخرى أكبر برزت عن التسمية , وماتزال قائمة بلاحل . فأرض إسرائيل والتي لابد للساسة والمفكرين العرب والأوربيين من التنبه لها هي أن إسرائيل لم تحدد حتى اليوم بأي مساحة من أرض إسرائيل الواسعة جدا والتي تشمل استنادا لما قاله الرب لنبيه إسرائيل (كل أرض تطأها قدمك هي لك ولنسلك من بعدك ) . فعلى أي بقعة منها يجب أن تقوم ؟هل ستقتصر على مااحتلته حاليا أم ستدمر كل من سوريا والعراق ومصر حتى تتمكن من السيطرة على أرض إسرائيل كلها (الممتدة من الفرات إلى النيل ) اقتصاديا وسياسياوالهيمنة عليها عسكريا ونفسيا من خلال عملية السلام ؟
ثالثا : من هو اليهودي :
مشكلة أصعب قد تفجر هذه الدولة من الداخل .فمن هو اليهودي الذي يحق له حمل جنسية هذه الدولة والبقاء فيها ؟ هل كل من زعم أنه يهودي ومن أي بلد جاء ؟ .هل من كانت أمه يهودية فقط (هل سيجرون له فحص دم ودنا ؟ أم ستعطى لكل من آمن بالديانة اليهودية وكل من يمكن أن يؤمن بها لاحقا ؟ هل إذا تبنى الفلسطينيين الموجودين والمهاجرين الآخرين داخل الخط الأخضر الديانة اليهودية سيصبحون مواطنين يهود ؟.وهنا تبرزمشكلة أكبر.أية ديانة يهودية سيتبنون ؟ وماهي الديانة اليهودية الصحيحة ؟
تشير كتابات فكرية وتاريخية عديدة على أن التركيبة الدينية لليهود ( راجع ماكتبه عبد الوهاب المسيري ) تتألف من صدوقين و فريسيين وأسينيين و كتابيين وعمليين ..إلخ , بينما تشير أبحاثا فكرية وسلوكية وتؤكد على أن اليهودي هو من يتمسك بالعادات والتقاليد اليهودية (مقياس سلوكي ) للتهود , مثل الطهوروطريقة الأكل وذبح الحيوانات والتمسك بيوم السبت كعطلة ..إلخ بينما تشيربعضها إلى النشاط العملي للإنسان (العمل في التجارة والربى حسب توصيف مولييرلليهودي ) والاقتصادي ( العمل بالمال وعبادته حسب ماركس ). فصفة ولفظ اليهودي كانت وماتزال بمثابة صفة أوتسمية عامة تطلق على كل هذه المكونات التي يصعب الجمع بينها .خارج قرابة الدم من الأم الذي بين علم الجينولوجا عدم صحتها وعدم صلاحيتها(.على عكس ما أراد الحردييم ) وبين القائمة على المكون الإثني الثقافي وخاصة الديني . وماذا سيفعلوابكل إنسان يريد أن يتهود دينيا ؟,وماهو مصير الملحدين اليهود, والليبراليين واليساريين اليهود الذين سيرفضون العيش في دولة عنصرية أو دينية ؟
فتحي رشيد / 15أيار 2019
(*) المقصودبالأسرلة أن تصبح أوتكون إسرائيل دولة لكل شعبها ,أما المقصود بالتهويد فيعني أن تصبح إسرائيل على المدى البعيد ,دولة لليهود فقط .
(1) من المفيد للقراء المتابعين ,قراءةوثيقة إعلان استقلال إسرائيل في النت قبل متابعة قراءة هذا البحث .
(2) فالنبي إسرائيل يعتبر أقدم أو أول نبي كنعاني موحد دعى لعبادة إله واحد أحد منذ 3500 عام ق. م . وعرف اتباعه من الكنعانيين ب "بني إسرائيل" نسبة للنبي "إسرائيل "والتي تعني بالكنعانية "عبد أو رسول الله ("إيل " بالكنعانية القديمة هي الله ).ولقد ورد إسمه في القرآن الكريم في الآية رقم 92 من سورةآل عمران التي نصها " إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة " أي قبل ظهور موسى والموسوية واليهود واليهودية .
وحيث ورد اسم أتباعه "بني إسرائيل" ثلاث وثلاثون مرة .كما ورد اسمه في التوراة في سفر التكوين في الإصحاح رقم28 حيث قال الرب ليعقوب بعد أن غلبه " وليكن اسمك منذ الآن اسرائيل ,بدلا من يعقوب " مما يشير إلى أن إسم إسرائيل كان سائدا ومبجلا من قبل أن يولد يعقوب .
(3) من يريدالتدقيق و التحقق ومعرفة الصعوبات الكبيرة التي واجهتها عملية اختيارالإسم .ليراجع في النت المراجعة التي قام بها الباحث في الشؤون الثقافية اليهودية والعلمانية عزرا بروم والتي كتبها "دون ألبويم " في المجلة الشهرية "هشيلواح " بتاريخ الأول من أيلول لعام 2017 في المجلس التأسيسي للدولة .
ومن تابع هذه المسائل الشائكة عبر التاريخ ,يكتشف أنه لم تطلق يوما على اليهود تسمية "إسرائيليين "حيث كانوا معروفين باليهود ويطلق عليهم في كل أنحاء العالم اسم يهود . حيث كانت تسمية إسرائيلي تطلق على آمن بديانة النبي إسرائيل بغض النظر عن عرقه أوأثنيته أودينه سواء أكان يهوديا أوغير يهودي . وما يؤكد على ذلك أن جميع المؤتمرات التي شكلها اليهود عبر التاريخ كانت تسمى بالمؤتمرات اليهودية ولم يرد أي ذكر لكلمة إسرائيلية على أي منها .



#فتحي_علي_رشيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة جديدة في القضية الفلسطينية (23) الحق التاريخي بين التن ...
- الدور الملتبس للجيش في الدول العربية
- المخرج الوحيد لسوريا
- الجزائروآفاق التغيير الجذري الشامل
- - ماكرون - والمساواة بين معاداة السامية ومعاداة الصهيونية
- قراءة جديدة في القضية الفلسطينية (22) مرحلة -مافوق الصهيونية ...
- ماذا وراء جولة لافروف لدول الخليج العربي
- محاسبة ومعاقبة المجرمين وأعوانهم وأدواتهم
- الموقف من اللاجئين ومواقف المدعو - جبران باسيل -
- وصاية أم استعمار أم انتداب روسي على سوريا
- تباين المواقف بين كل من الخاشقجي وعلاء مشذوب و حسين نعمة
- إفلاس قيادات ونخب الأحزاب والحركات العربية الراهنة
- مقاربة نظرية بين العدوين الخارجي والداخلي
- تداخل مهام التحرر الوطني والقومي مع الاجتماعي
- محنه الامه العربية
- في البحث عن الخلاص -في انتظار المخلص -
- بوصلة العرب الضائعة
- تقديس الزعامات عند العرب المعاصرين .حالة مرضية أم عرضية ؟
- المتاجرة بالقضية الفلسطينية
- قراءة في حل المسألة الكردية


المزيد.....




- شاهد.. فلسطينيون يتوجهون إلى شمال غزة.. والجيش الإسرائيلي مح ...
- الإمارات.. أمطار غزيرة وسيول والداخلية تحذر المواطنين (فيديو ...
- شاهد: توثيق الوصفات الشعبية في المطبخ الإيطالي لمدينة سانسيب ...
- هل الهجوم الإيراني على إسرائيل كان مجرد عرض عضلات؟
- عبر خمسة طرق بسيطة - باحث يدعي أنه استطاع تجديد شبابه
- حماس تؤكد نوايا إسرائيل في استئناف الحرب على غزة بعد اتفاق ت ...
- أردوغان يبحث مع الحكومة التصعيد الأخير بين إسرائيل وإيران
- واشنطن وسعّت التحالفات المناهضة للصين في آسيا
- -إن بي سي-: بايدن يحذر نتنياهو من مهاجمة إيران ويؤكد عدم مشا ...
- رحيل أسطورة الطيران السوفيتي والروسي أناتولي كوفتشور


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فتحي علي رشيد - قراءة جديدة في القضية الفلسطينية (24 ) بمناسبة مرورالعام الأول بعد السبعين على نكبة العرب والعالم في فلسطين فلسطين ما بين الأسرلة والتهويد (*)