أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - راتب شعبو - حوار، في البحث عن سوء تقديراتنا 4















المزيد.....


حوار، في البحث عن سوء تقديراتنا 4


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 6230 - 2019 / 5 / 15 - 17:36
المحور: مقابلات و حوارات
    


السؤال الرابع: إذا كانت الاكثرية الموضوعية هي من السنة، فمن الطبيعي جدا، أن تكون نتائج ممارسات النظام على مدار اربعة عقود ونصف من التمييز والفساد والنهب والقمع، أن ينالها حصة الاسد من هذه الممارسات، ما الذي عليهم أن تفعله الناس المحتجة غير التظاهرات والشعب السوري واحد، والانتقال من المطالبة باصلاح النظام إلى اسقاط النظام بشكل سلمي، ما الذي كان يتوجب عليها فعله؟ أن تتثقف علمانيا مثليا مثل آل الاسد؟
الجواب الرابع:
الاستبداد الأسدي لم يوفر أحداً على مدى سني حكمه، لا عدو له سوى صاحب الرأي المستقل والنزوع الحر كائناً من كان. طالما أنت تحت إبطه فأنت مقبول أكنت يسارياً متطرفاً أو ليبرالياً، علمانياً أو قاعدياً ..الخ، ولكنه سيسحق أي نزوع استقلالي لديك حتى لو كنت بعثياً. لم يقمع النظام السوري المستبد الثورة لأنها اكتسبت لوناً إسلامياً مثلاً. لم يقمعها لأنها خرجت من الجوامع، أو لأن صيحتها الغالبة كانت (الله أكبر)، أو لأن مشايخ سنة ساندوها وأفتوا لها ..الخ. قمعها لأنها قوة مستقلة خارجة عن سيطرته. وكان سيقمع أي مظاهرة حتى لو كانت تهتف بحياة الأسد طالما أن هذه المظاهرة تخرج بشكل مستقل وليست من تنظيم وترتيب أجهزته الأمنية. لا يهم النظام المستبد أن يتثقف الجمهور علمانياً أم دينياً، ما يهمه هو الخضوع ولا يهمه وفق أي ثقافة يتم الخضوع. الاحتجاج والخروج من تحت السيطرة واكتساب مساحات حرية مهما كانت ضيقة، هو ما ينبغي على المقهورين عمله.

السؤال الخامس: كيف تقرأ دور إيران وادواتها من جهة؟ ولماذا برأيك المجتمع الدولي لم يتدخل لحماية المدنيين من جهة أخرى؟ لماذا ترك المجتمع الدولي إيران تشارك مع الاسد في قتل السوريين دون تدخل؟
الجواب الخامس:
إيران تريد أن تنتزع دوراً إقليمياً رئيسياً وهذا هو الموجه العام لسياستها، بدءاً بالملف النووي وصولاً إلى لبنان وغزة وسوريا. الغلاف الشيعي لا يعدو كونه غلافاً لسياسة دولة ذات وزن مهم في المنطقة.
أنا مقتنع بصحة الرأي المتكرر بأن المجتمع الدولي (أمريكا أساساً) لم يتدخل بشكل حاسم في سوريا لكي يستنزف روسيا وإيران وأدواتها من جهة، ولكي يدمر المجتمع السوري من جهة أخرى. أمريكا عملت ما يبقي الصراع مشتعلاً ومضبوطاً ضمن الحدود السورية. وهذا يفسر لماذا تركت أمريكا إيران وحزب الله وروسيا يتدخلون ولكن دون أن ينتصروا، ودعمت المعارضة بحيث تبقى أيضاً ولكن دون أن تنتصر.
السؤال السادس: بغض النظر عن ممارسات المعارضة كلها، أين كان خطاب المعارضة طائفيا؟ أو اسلاميا حتى بعد مرور أكثر من سنة ونيف على الثورة؟ لا اتحدث عن افراد اتحدث عن تيارات وتجماعات المعارضة هيئة تنسيق مجلس وطني وائتلاف؟
الجواب السادس:
الصبغة الإسلامية كانت حاضرة منذ البداية وكانت تزداد وضوحاً خلال الفترة التي تشير إليها في السؤال. صفحة الثورة السورية ضد بشار الأسد كانت ذات رائحة إسلامية واضحة وكانت الصفحة الأكثر شعبية، والصفحة التي تحدد أسماء الجمع التي تحمل إيحاءات طائفية مثل جمعة الشيخ صالح العلي (أشراف العلويين) في 17 حزيران 2011، وجمعة (أحفاد خالد) في 22 تموز 2011، وجمعة (الله أكبر) في 4 تشرين الثاني 2011، ثم جمعة (إن تنصروا الله ينصركم) في 6 كانون الثاني 2012.
التيارات والتجمعات المعارضة كان يتحدث باسمها أفراد، وقد كانوا في الغالب ضعيفين في أدائهم إلى حد مخجل أحياناً. هدروا مصداقيتهم بسرعة فائقة حتى استووا مع النظام على مستوى واحد من الكذب، فساعدوا النظام بذلك على تمرير سياسة تشويه الحراك وزرع الشكوك في كل شيء.
السؤال السابع: كيف ترى دخول القاعدة إلى سورية وداعش، خاصة وأنه الآن صدر قرار من مجلس الامن 2170 ينذر بالتدخل ضد داعش وجبهة النصرة؟ لماذا دخلت بقوة وتمددت عسكريا بسرعة البرق؟ ولماذا لم تهاجم داعش حتى اللحظة قوات الاسد؟
الجواب السابع:
بعد أقل من سنة على انطلاق الثورة توفر للتنظيمات القاعدية شروط موضوعية مثالية في سوريا. الشرط الأول هو تطابق خطوط الانقسام الطائفي مع خطوط الانقسام السياسي، حيث ظهر على السطح أن ايران (الشيعية) تناصر النظام (العلوي) فيما تقف الأنظمة الإقليمية (السنية) (قطر، السعودية، تركيا) مع الثورة التي كان متنها الأساسي (سني). الشرط الثاني هو الموقف الدولي المتساهل وربما الداعم لهذا التدخل. الشرط الثالث هو شدة القمع والإجرام الذي مارسه النظام وجعل جمهور الثورة في حالة قنوط تجعله يقبل بالشيطان ضد هذا النظام. في هذه الشروط دخلت القاعدة واضطرب موقف المجلس الوطني ثم الائتلاف في تقييم دخولها وتحديد الموقف منه.
القوة العسكرية لهذه التنظيمات وسرعة انتشارها توحي بتواطؤ دول وأجهزة استخبارات قوية. لا يمكن لأحد أن يستوعب هذا التحول المتسارع ما لم يضع في الحسبان وجود دعم خفي تقدمه دول كبرى. والهدف من هذا الدعم هو بشكل عام تسخين المنطقة بحيث تصبح أكثر قابلية لإعادة الصياغة وفق مصالح هذه الدول الكبرى. تماماً كما يحمى الحديد كي يسهل طرقه.
أما لماذا لم تهاجم داعش قوات الأسد ولم تهاجم هذه داعش، فهذا برأيي جزء من تفاهمات ضمنية أو فعلية يحقق فيها كل طرف مصلحته، مصلحة التنظيمات القاعدية في مثل هذا الاتفاق هي أن تتمدد وتكتسب المزيد من الجغرافيا، ومصلحة النظام هي أن تسود الراية السوداء على الحراك السوري فيشوه الحراك ويخلط الحق بالباطل ويبعد الجمهور السوري (بما في ذلك الجمهور السني) عن الحراك ويحرج الجهات الداعمة له، كما يريد النظام من ذلك أن يبدو في موقع المهدد بالإرهاب فيصبح شريكاً في مكافحة الإرهاب (كما قال الجعفري في سياق تبني القرار 2170)، وليس في موقع النظام الديكتاتوري الذي يقمع ثورة تحرر.
السؤال الثامن: اعود للتيار الذي يسمي نفسه بالعلماني، بالعموم كان نموذجا كارها ليس للدين بل للاسلام السني تحديدا، لاحظ معظم الكتابات تتناول السنة، تمنيت فعلا أن يكون قدوة ويتحدث عن طائفته ودينه وموقفه لا اريد من النظام، بل على الاقل أن يأخذ موقفا حقيقيا من الظلم والقتل الذي وقع على هذه الاكثرية الموضوعية، التي لا يوجد لها لا قيادة دينية ولا قيادة سياسية موحدة، لأنها ليست طائفة بالمعنى التقليدي للكلمة، ولأنه لايوجد لدى السنة كهنوت ديني كما في المسيحية والشيعة والدروز، حيث أكبر شيخ أو عالم دين "سني" تجد من يشتمه أكثر ممن يحترمه من" السنة:، واكثر رمز سياسي" سني" بين قوسين يتعرض للنقد والتشهير من "السنة" في سورية طبعا أكثر، مما يتعرض له من مكونات أخرى. لماذا الاصرار على التعامل مع هذه الاكثرية الموضوعية عددا على أنها طائفة وهي من قادت تخويف الاقليات، رغم أن السنة حتى اللحظة انقسموا عموديا منهم كتلة مهمة مع الاسد؟ بينما العكس غير صحيح. لا افهم في الواقع برأيك هل يمكن فصل هذه العلمانية عن موقفها من المسألة الطائفية؟
الجواب الثامن:
هناك أمر يحتاج إلى توضيح في هذا الخصوص. الإسلام السني هو المذهب الوحيد في سوريا الذي تنبثق منه حركات سياسية تسعى أن تستمد شرعيتها وأحقيتها من مذهبيتها. كل من هو خارج الإسلام السني في نظرها هو آخر (كافر أو ذمي)، ليس فقط مذهبياً ودينياً بل وسياسياً أيضاً. وقد كان الإسلام السني مصدر حركات سياسية (عنيفة غالباً) وعابرة للأوطان، حركات تختفي الحدود السياسية من مجالها البصري لتحل محلها حدود اجتماعية مذهبية تقسم الناس على أسس دينية. هذه ظاهرة تفجر فكرة الدولة الحديثة ولا تحمل في طياتها أي مشروع إنساني. لذلك شكلت هذه الحركات في تاريخنا المعاصر عبئاً أخلاقياً على أهل السنة وولدت "إحباطاً سنياً". من المحبط للجمهور السني العريض أن يدعي تمثيله على الساحة السياسية أمثال بن لادن والزرقاوي وشاكر العبسي وأحمد الأسير وأمراء الجماعات القاعدية الجدد بأسمائهم الغريبة عن العصر وأفكارهم المتخلفة وأفعالهم الوحشية، وهم يتحدثون على أنهم ممثلو الإسلام السني.
لا شيء من هذا لدى المذاهب أو الأديان الأخرى. ربما بسبب أقليتها العددية، وربما بسبب باطنيتها المذهبية، لكن ليس هذا هو المهم، المهم هو أن هذه المذاهب أو الأديان لا تقتحم السياسة "بهدي" من مذاهبها أو أديانها (حتى الآن على الأقل)، ولا تنظر إلى المذاهب الأخرى على أنها (آخر) سياسياً. من هنا يمكننا فهم أن "معظم كتابات العلمانيين تتناول السنة". هذا ليس كرهاً بالإسلام السني. يمكن أن يكون هناك "علمانيون" يكرهون الإسلام السني، ويمكن أن يكون هؤلاء العلمانيون من المذهب السني عينه في سجلات النفوس، لكن هذا لا ينبغي أن ينصرف إلى القول إن العلمانية معادية أو كارهة للإسلام السني.
أتكلم عن العلمانية كما أفهمها، ليس بمعنى العداء للدين كما فهمت في الاتحاد السوفياتي سابقاً، بل بمعنى إعلاء الرابطة الوطنية سياسياً فوق الروابط المذهبية والدينية. وهذا هو بالضبط ما فعله الرسول محمد وكان في أساس ثورته، حين رفع الانتماء إلى الإسلام فوق الانتماءات القبلية العديدة دون أن يعادي هذه الانتماءات أو يدخل في صدام معها.
ولكن هناك "علمانيون" يستخدمون فكرة العلمانية كما يستخدمون التدين ويستخدمون النزعة القومية والوطنية وفكرة المقاومة فقط للدفاع عن استمرارية النظام السوري. الدفاع عن مصدر نهبهم وامتيازاتهم هو المحرك الأساسي لأفكارهم. هؤلاء جاهزون لأن يكونوا شديدو العلمانية وشديدو الطائفية في الوقت نفسه. هؤلاء ليسوا كارهين للسنة فقط، إنهم كارهون لكل ما يعيق تدفق امتيازاتهم ونهبهم. هذا النمط من "العلمانيين" لا يصعب تمييزهم.

السؤال التاسع: سورية إلى أين؟ وفقا لواقع اللحظة المتحركة الآن.
الجواب التاسع:
لا أحد يمكنه أن يحدد إلى أين تتجه سوريا بالضبط. غير أني أقول إن حكم آل الأسد انتهى، كما انتهى حكم صدام حسين بعد حرب الخليج الثانية والانتفاضة الشعبانية في الجنوب وانتفاضة الأكراد في الشمال. إذا خرجت سوريا موحدة من هذا الصراع، فإن زمن الحكم العائلي فيها يكون قد ولّى إلى غير رجعة. وهذا إنجاز تحقق للتو جراء ثورة السوريين ورغم أنف المستبدين "العلمانيين" والدينيين الجدد.
السؤال العاشر: ما الذي على المعارضة فعله الآن برأيك؟
الجواب العاشر:
الاختلالات التي اعترت المعارضة السورية على مدى زمن الثورة هي ثلاثة رئيسة:
1. التشرذم، كان لوحدة المعارضة السورية أن تزعزع أركان النظام وتخلخل المرتكزات السياسية لداعميه الخارجيين، بصرف النظر عن السياسة التي تتبناها المعارضة الموحدة، أكان خط المجلس الوطني أو خط هيئة التنسيق.
2. التبعية، الخضوع لسياسات ولغة الداعمين من الدول الخليجية وغيرها.
3. عدم وضوح الموقف من الجماعات الدينية، راهنت المعارضة السورية التي كانت غايتها التحرر من الاستبداد وبناء دلة مدنية ديموقراطية حديثة، على الاستفادة من قوة التيار الديني في إسقاط نظام الأسد، مما جعل المعارضة مترددة ومائعة في تحديد موقف من الجماعات الدينية، وهذا ما أرهق المعارضة سياسياً وحملها جزءاً من مسؤولية تمدد هذه الجماعات وحملها أيضاً مسؤولية ما تقدم عليه من أعمال شنيعة شوهت وجه الثورة.
بعد أن جرى ماء كثير من تحت الجسر، وترتبت على تلك الاختلالات نتائج مدمرة، لا أعتقد أن هناك جدوى من أي نصح للمعارضة. يبدو لي اليوم أن مفتاح الموضوع السوري بات في يد الخارج. ما ينبغي على المعارضة السورية أن تفعله هو أن تتوحد على خط عام وتبني وزنها على أرضية من الثقة والمصداقية دون أن تغريها الطاقة الكامنة في أي مشاعر تعصبية من أي نوع.
-------------------
تعليق أخير:
دكتور راتب لمست خلطا لديكم بين أن يكون النظام علوي وبين كونه نظاما طائفيا، وكان الصديق ياسين الحاج صالح قد بحث في هذا التمييز بشكل معمق، بالتالي جزء لابأس به من اجاباتك جاءت، وكأنني اتحدث عن النظام بوصفه نظاما علويا. وهذا غير صحيح. هذه نقطة أولى والنقطة الأخرى القول: بعدم التعامل مع المكونات المجتمعية بوصفها كتل جوهرانية قارة، قول صحيح نظريا وايديولوجيا، لكنها في لحظة الصراع السياسي كثيرا ما تكون كذلك، لأنها في خضم الصراع السياسي تصطف، وانت قد لمحت لهذا الامر، باعتقادي هذا الاصطفاف لم يكن وليد خوف من السنة، ولم يكن خوفا من المستقبل وإن وجد لكنه عامل ثانوي، أظن الموضوع مصلحة، انبنت على التمييز الطائفي. ألم يكن الاسد رب عمل للطائفة؟ ما يصح لابناء الطائفة من وظائف مهما كانت صغيرة التأثير وضعيفة الدخل لكنها لاتصح لابناء المكونات الاخرى. هذا ما قصدته عندما قلت رب عمل. أشرت إلى أن السرانية هي التي تمنع قيام تنظيمات سياسية طائفية لدى الطائفة العلوية، هذه النقطة عادة ما يتم تجاهلها وتجاهل تأثيراتها على مجريات الحدث السوري. لدى كل الطوائف تمثيل ديني وربما تحت هذا الغطاء يكون سياسي، إلا الطائفة العلوية، مثال: مكتب الآغا خان في سلمية، ومشايخ العقل في الطائفة الدرزية، معروفين وعلنيين، إلا الطائفة العلوية ليس لديها أي ترتيب مؤسساتي من هذا القبيل، إظن السرانية لماذا توضعت كذلك لدى الطائفة، لو لم يصبح آل الاسد هم الممثل في كل شيئ؟ أليست تلك الطوائف شرانية أيضا. ثم قبل الاسد ألم يكن هنالك حضور لفعاليات دينية وسياسية تلعب دورا تمثيليا إلى حد ما آل الاحمد آل العباس آل كنج مشايخ مستقلين..الخ؟ في النهاية القول أن السنة لا يصدر عنهم سوى تنظيمات ذات مسوح اسلاموي منفر للاقليات، قول رغم ما فيه من صحة فيه من مغالطة تحجب حقيقة أن السنة لديهم امتناع عن أن يكونوا طائفة، لهذا كل تلك المحاولات لاتصمد امام قيام احزاب وطنية عمادها الاكثرية الموضوعية، وهذا ما كنت عليه الحال حتى مجيئ البعث. في النهاية اردت أحيانا ان اقوم بدور الشيطان، واحيانا اقوم بدور المحاور الفعلي، لكني متيقن تماما أننا نمشي في نفس الطريق، نحو سورية لكل مواطنيها وحريتهم. اشكرك صديقي.
تعليق على التعليق الأخير:
شخصياً لم أتمكن من إدراك هذا الفارق النظري الذي تشير إليه بين أن يكون النظام السوري طائفياً وأن يكون علوياً. النظام الطائفي في لبنان هو نظام طوائفي إن صح القول، يعني تقاسم طائفي للسلطة بحيث يصعب القول إنه نظام ماروني مثلاً أو سني أو شيعي..الخ. أما في سوريا فليس الوضع على هذه الشاكلة. كيف لا تريدني أن أفهم أنك لا تقصد أن النظام السوري هو نظام علوي، وأنت ترى أن العلويين يدافعون عن مصلحتهم في "التمييز الطائفي"، وأن ما يصح لهم "من وظائف مهما كانت صغيرة التأثير وضعيفة الدخل لكنها لاتصح لابناء المكونات الاخرى"، وأن الأسد هو بالنسبة لهم رب ديني وسياسي ورب عمل؟ ألا ينتهي كلامك إلى القول إن هذا النظام "نظامهم"، وإنهم يدافعون عنه للحفاظ على مكاسبهم وامتيازاتهم؟ سبق لي أن ناقشت الصديق ياسين في مقال ("في موضوع الطائفية في سورية"، ملحق النهار، 17/3/2012) بشأن هذه الفكرة ولم يكن عرضه ولا دفاعه مقنعاً لي على الأقل.
هناك نقطة عمياء في فهم كثير من المثقفين الاختزاليين أو "النيرانيين" لعلاقة النظام السوري بالعلويين. ربما حقق حافظ الأسد في بلوغه منصب رئيس الجمهورية نوعاً من الاعتبار للعلويين الذين عانوا طويلاً من عدم الاعتراف وقلة الاعتبار. وصحيح أن الأسد الأب استند إلى العنصر العلوي أكثر في المجال الأمني والعسكري وأن الكثير من الضباط العلويين كسبوا أموالاً طائلة بفعل الفساد الذي تتيحه لهم مناصبهم الأمنية، لكن غالبية العناصر في الجيش والأمن ممن لا يتاح لهم الكسب بالفساد يعيشون من رواتب بائسة. وغالبية العلويين لم يستوعبهم لا الجيش ولا الأجهزة الأمنية (هذا إذا اعتبرنا العمل في الجيش والأمن امتيازاً، وبالمناسبة كان من الملحوظ لنا ونحن في سجن تدمر العسكري أن عناصر الحراسة كانوا من ثلاثة مصادر رئيسية: علويون، أكراد، بدو "أو ما يسمونهم بالعامية شوايا"، على أن الرقباء كانوا علويون بالكامل حسب ذاكرتي). أقصد إن الأسد لم ينهض بالعلويين نهوضاً اقتصادياً مميزاً، وتشير الدراسات الاقتصادية إلى أن الأموال العامة المخصصة لمحافظة اللاذقية هي من بين أدنى المخصصات نسبياً. وأن نسبة الفقر في اللاذقية هي من بين النسب العليا في سوريا. الحقيقة إن النظام السوري لا يستثمر في تميّز العلويين بل في خوفهم، تماماً على عكس ما تذهب إليه صديقي. وهذا ما يفسر عمل النظام في تغذية التنظيمات السنية المتشددة التي ترفع الصوت "بإبادة النصيرية". في الواقع ليس لدى العلويين أي تميز اقتصادي يدافعون عنه، إنهم بتصورهم إنما يدافعون عن بقائهم ويخشون أن يعود بهم الزمن إلى التهميش والاضهاد. في هذه النقطة بالذات يستثمر نظام الأسد. وهذه النقطة هي ما يفسر لنا التكتل العلوي وراء النظام رغم أن 44% منهم يرى إنه بحاجة إلى تغيير.
مع وصول الأسد إلى الحكم بدأ في تفخيخ أي مركز جامع للعلويين، لكي لا يواجه في لحظة ما "سيستاني" علوي يضع حداً لنفوذه بين العلويين. وقد فكك بالفعل ما يمكن أن أسميه التمركز الديني العلوي. لكن هذا لا يعني أنه أصبح مركزاً دينياً لهم. أو "ممثلاً لهم في كل شيء". لا يحوز الأسد (ولاسيما الابن) في الوسط العلوي على اعتبار يجعله رمزاً. واللافت أن أكثر الناس نفوذاً وعلواً على القانون، أقصد "كبار الشبيحة"، هم أكثر الناس استخفافاً بالأسد، على عكس ما يتصور المرء. وهم يعلمون جيداً موقعهم في المعادلة السورية ويتعاملون مع الأسد على أنه وسيلة. كما هو يتوسلهم فإنهم يتوسلونه. توسل متبادل فارغ من اي أوهام عظمة أو اعتبارات ما فوق سياسية.
أخيراً، أنا لم أقل إن (السنة لا يصدر عنهم سوى تنظيمات ذات مسوح اسلاموي منفر للاقليات) أبداً. وكيف لي أن أقول هذا القول الذي يكذبه الواقع ليل نهار. لا يا صديقي، أنا قلت إن السنة هم في سوريا المصدر الوحيد للتنظيمات التي تستمد شرعيتها من مذهبيتها، الأمر الذي يضع بقية المذاهب والأديان خارج قوس (الاعتبار). لكن السنة هم مادة الشعب السوري الأساسية، ورائحته الوطنية ولا يستقر أو يثمر حال ينظر إلى السنة كطائفة، كما لا تقوم لسورية قائمة إذا أدرك السنة أنفسهم على أنهم طائفة.
السؤال الاخير: اتركه لكلمة أخيرة لك دكتور راتب شعبو؟
كلمة أخيرة: يقول راتب: التعثر والانتكاس تربة خصبة للخلافات الجزئية وإطلاق الأحكام المتسرعة والاتهامات المتبادلة. هذا ما نحن فيه اليوم. جيد أن يبحث أحدنا عن سوء تقديراته بدلاً من انشغاله في اكتشاف استشرافاته الخاصة وضلالات الآخرين.
=============
ربما يستحق هذا الحوار العمل عليه ثانية، لأننا حولنا أن يكون شاملا وغنيا ما أمكن.
انتهى الحوار صباح يوم 23.08.2014
أجرى الحوار غسان المفلح



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار، في البحث عن سوء تقديراتنا 3
- حوار، في البحث عن سوء تقديراتنا 2
- حوار، في البحث عن سوء تقديراتنا 1
- تمرد المرأة السورية على الأطر السياسية الذكورية
- جرائم شرف في الثورة
- نجاحات ومخاطر في السودان
- الشبيحة: تشكيلات العنف غير الرسمي في سورية 8
- الشبيحة: تشكيلات العنف غير الرسمي في سورية 7
- الشبيحة: تشكيلات العنف غير الرسمي في سورية 6
- الشبيحة: تشكيلات العنف غير الرسمي في سورية 5
- الشبيحة: تشكيلات العنف غير الرسمي في سورية 4
- الشبيحة: تشكيلات العنف غير الرسمي في سورية 3
- الشبيحة: تشكيلات العنف غير الرسمي في سورية 2
- الشبيحة: تشكيلات العنف غير الرسمي في سورية 1
- إياك أن تموت مع الرئيس المقبل
- بيتنا والاسفلت
- البديهيات والاستاذ
- الكوفيون الجدد
- آلة التشبيه
- حديث اللبن


المزيد.....




- السعودية الأولى عربيا والخامسة عالميا في الإنفاق العسكري لعا ...
- بنوك صينية -تدعم- روسيا بحرب أوكرانيا.. ماذا ستفعل واشنطن؟
- إردوغان يصف نتنياهو بـ-هتلر العصر- ويتوعد بمحاسبته
- هل قضت إسرائيل على حماس؟ بعد 200 يوم من الحرب أبو عبيدة يردّ ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن قتل عضوين في حزب الله واعتراض هجومين
- باتروشيف يبحث مع رئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية الوضع ...
- قطر: مكتب حماس باق في الدوحة طالما كان -مفيدا وإيجابيا- للوس ...
- Lava تدخل عالم الساعات الذكية
- -ICAN-: الناتو سينتهك المعاهدات الدولية حال نشر أسلحة نووية ...
- قتلى وجرحى بغارة إسرائيلية استهدفت منزلا في بلدة حانين جنوب ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - راتب شعبو - حوار، في البحث عن سوء تقديراتنا 4