أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - راتب شعبو - حوار، في البحث عن سوء تقديراتنا 2















المزيد.....

حوار، في البحث عن سوء تقديراتنا 2


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 6229 - 2019 / 5 / 14 - 13:21
المحور: مقابلات و حوارات
    


السؤال الثالث: خلافاتنا داخل السجن كبشر وكسياسين وكبشر سياسيين، كيف كان يراها راتب؟ وهل شعرت أنها استمرت حتى خارج السجن؟ في تلك الخلافات ما هو له علاقة قوية بشرط السجن، منه ما له علاقة بشرط السياسة، وهنالك ما له علاقة بالتفاوت الانساني الطبيعي بين قدرات المساجين على تحمل هذا الشرط اللاانساني بالمطلق، احتاج إلى قول منك في هذا الوضع؟
الجواب الثالث:
أزعم أن الصفة النادرة في ناسنا، في السجن وخارج السجن، هي سعة الصدر. قلائل هم الذين يقبلون برحابة صدر أن تخالفهم الرأي، حتى لو كان هذا الرأي يتعلق بطريقة طبخ الملوخية، الغالبية يحبون الموافقة والمديح ولو على حساب المنطق والحقيقة. الخلافات السياسية والفكرية داخل السجن كانت تترجم في حالات كثيرة إلى جفاف في العلاقات الشخصية، وذلك وفق آلية الهروب من الألم. يميل السجين إلى معاشرة من يشبهه في الرأي السياسي فلا يصطدم معه كل حين و"يهزّ بدنه". كانت تتشكل الجماعات داخل السجن وفق المواقف السياسية. مثلاً في 1990 شكل أنصار العراق في الدخول إلى الكويت شلّة وكذا الحال منتقدوهم، وقس على هذا.
كان يلفت نظري في هذا الخصوص أنك قد تجد سجيناً سياسياً ينتقد حزبه وينتقد آراءه الخاصة بكل جرأة، حتى تشعر أنك أمام إنسان مدهش في موضوعيته، ولكن حين يقول آخرون، ولاسيما إذا كانوا من "تهمة" أخرى، نفس ما يقوله هذا السجين بحق حزبه ونفسه فإنه لا يقبل منهم ذلك ويتذمر وتلقاه مستعداً للعراك ضد هذا النقد.
بحسب خبرتي فإن الخلافات تورث إلى خارج السجن. دائماً ينفر الأشخاص ممن يخالفونهم الرأي ويحبذون التجمع مع من يوافقونهم مما يجعل تجمعات الأفراد المتشابهي الرأي أشبه بتوابيت للرأي. غير أن الأسوأ من هذا التفاصل بين جماعات الرأي المختلفة، هو ظاهرة الشلل، حيث يتجمع أفراد حول شخص مميز أو أكثر ويبادلون الولاء بالرعاية. هنا تجد أشخاصاً يتبنون آراء ليست من صنعهم وذلك فقط لأنها صادرة عن "الشلة". هذه أيضا ظاهرة ترتد مساوئها على الجميع.
---------------------
المحور الثاني من الثورة حتى لحظة الخروج من سورية:
السؤال الأول: بداية انت قلت في مكان ما من كتاباتك بعد الثورة، أنك لن تخرج من سورية، ما الذي دعاك للخروج منها؟ وماذا عنت لك تلك اللحظة رغم أني قرأت ما كتبته انت عن جوانب هذه اللحظة؟
الجواب الأول:
آخر ما كنت أفكر به هو الخروج من سوريا. كنت دائماً ممنوعاً من السفر ولم يكن ذلك يعني لي الكثير، لأنني لا أريد السفر أصلاً رغم كل الصعوبات والتضييقات الأمنية. لم يرفع التجريد المدني عني رغم انقضاء المدة القانونية ورغم أنني اتبعت الإجراءات المطلوبة في معاملة إعادة الاعتبار، وراجعت محكمة أمن الدولة العليا (قبل أن يجري حلها تحت ضغط الثورة) مرتين بدلاً من المرة الواحدة، دون جدوى. كلمة (مجرد مدنياً) مكتوبة بالخط الأحمر على غلاف دفتر العائلة الخاص بأسرتي، الأمر الذي كان يحمّل أطفالي وزوجتي تبعات ومضايقات في كل الدوائر التي يحتاجون فيها إلى اصطحاب دفتر العائلة. عدا عن حرماني الدائم من العمل في أي من المشافي الحكومية أو في أي مؤسسة عامة. رغم كل ذلك، ورغم أن الكثير من أصدقائي الذين خرجوا منذ وقت بعيد كانوا يقترحون علي الخروج نظراً لمعرفتهم بظروفي، لم يكن في ذهني الخروج من سوريا. وزادني تمسكاً في سوريا انتفاضة الشعب السوري في مطلع 2011.
مع تعثر الثورة وتحولها إلى صراع عبثي لا ينتج سوى المزيد من الضحايا والدمار، ومع تبلور الموقف الدولي السلبي حيال ما يجري في سورية، ومع بروز تنظيمات "إسلامية" تجمع بين الإعاقة العقلية والأخلاقية من جهة وبين القدرة العسكرية من جهة أخرى، بدأ المشهد يتغير وتغيرت معه نظرتي وأولوياتي. وفي الوقت نفسه بدأت دائرة المخاطر تقترب مني بوتيرة متسارعة. استدعاءات أمنية تلاحقني ومساءلات دائمة حتى على صورة البروفيل التي أضعها على حسابي في الفيسبوك. مضايقات لزوجتي في مكان عملها، معاملة تمييزية سلبية ضد أطفالي في المدرسة. بين بقاء عقيم مفتوح على العدم، وخروج ينطوي على احتمالات مفتوحة وربما خصبة، اخترت الخروج. ومع ذلك، ربما لو لم يكن لدي طفلان (جنيت عليهما) لاخترت البقاء وإن كان بقاء محفوفاً بقوسين متكاملين من الإعدام، قوس ترسمه جرائم النظام وأمنه وشبيحته، وآخر ترسمه سيوف وجرائم بشر "مسلمين"، هم بفكرهم ونمط حياتهم وحتى أسمائهم أقرب ما يكونون إلى قيء التاريخ.
للأسف، اللحظة التي خرجت فيها من الحدود السورية كانت لحظة شعور بالحرية. شعور يشبه لحظة خروجي من السجن. قلت لأصدقائي، وأنا في معمعة البحث عن حل لمشكلة منعي من السفر: أشعر أن أجنحة ستنبت لي حين أصل إلى بيروت. وبالفعل حين وصل الصديق الدكتور ماهر أبو ميالة بسيارته لاصطحابي من شارع الحمرا إلى منزله ومعه في السيارة ابني وابنتي الصغيرين (فقد كانت زوجتي وطفلي قد سبقوني إلى بيروت في حين كنت أتابع في دمشق إجراءات السماح لي بالسفر) شعرت بما يشبه شعور الناجين من الغرق.
في بيروت شعرت أنني حر، كنت أصفن وأنا أتلذذ في تذوق حقيقة أنني هنا في مأمن من دورية أمن تقتحم عيادتي وتقتادني إلى حيث لا يدري إلا الله، وفي مأمن من أن يتحرش بي مجموعة من الشبيحة في الشارع ويهدرون كرامتي ودمي، وفي مأمن من صاروخ "إسلامي" أعمى أسوة بعقول مطلقيه ..الخ. في بيروت شعرت أن حياتي ملكي، وأنها زمن خام لي أن أصوغه كما أشاء، بعد أن كانت حياتي في سوريا مزيج فاسد من الزمن المسموم بالقلق والخوف. وأنا الآن في الخارج أشعر، رغم كل شيء، بكرامة افتقدتها طويلاً في سوريا، للأسف.
السؤال الثاني : تقول في احدة مقابلاتك "يستحق الانتباه أن المزاج المعارض اليساري لم يتبدد في الوسط العلوي خلال الأحداث العنيفة التي شهدتها سوريا في نهاية السبعينات وأوائل الثمانينات، وظل للمعارض العلوي (اليساري غالباً) قبول وتأثير في وسطه آنئذ، على خلاف الحال اليوم حيث بات المعارض العلوي منبوذاً في وسطه إلى حد الوسم بالخيانة. ويحتاج هذا التحول إلى بحث مستقل لفهم أسبابه". اريد منك رأيا مقتضبا حول هذا التحول؟
الجواب الثاني:
ما قلتُه في المقابلة التي تشير إليها يعبر عن واقع ملموس وحقيقة صارخة. العلويون كتلة بشرية تخترقها كل التيارات الفكرية والسياسية كما تخترقها الفروق الطبقية مثلها في ذلك مثل المجتمع السوري ككل. لا تتمايز هذه الكتلة بشكل يبرر الكلام السياسي عن "العلويين" في سوريا إلا أمام الخطر الإسلامي السني. ولا غرابة في ذلك، ذلك أن الإسلام السياسي في سوريا يَعِدُ العلويين وغيرهم من المذاهب والطوائف بمرتبة دنيا في "مجتمع إسلامي". يبقى السؤال لماذا تبدد اليوم المزاج العلوي المعارض في حين لم يتبدد في أحداث الإخوان المسلمين في بداية الثمانينات؟ قد يكون شعور العلويين بقوة التهديد ودنو الخطر اليوم، قياساً على محدودية الخطر في أحداث الإخوان، هو ما يفسر نظرتهم الحالية الشديدة السلبية تجاه المعارضين العلويين. وقد يكون الفارق بين الأسد الأب (القوي والمحنك) والأسد الابن (الضعيف) جزءاً من هذا التفسير.
المزاج العام في الوسط العلوي تحول بوتيرة متسارعة من الترقب إلى التردد إلى الانكفاء والرفض إلى العدائية تجاه الحراك الاجتماعي الثوري في سورية. وأعتقد أن مساراً مشابهاً، وإن كان أقل تسارعاً وربما أقل حدة أيضاً، شهدته قطاعات واسعة من المجتمع السوري ومن كل الطوائف. وقد يكون هذا المسار أضعف ملاحظة في الوسط السني نظراً إلى أن هذا الوسط تحمل أشنع أنواع الجرائم على يد النظام مما دفعهم للقبول بكل من يواجه النظام ولو كان الشيطان نفسه.
اليوم وبعد طول أمد الصراع وانكشاف سخف اللغة السلطوية في تسخيف الحراك بالتبشير منذ وقت باكر بأن الأزمة (كما سمى الإعلام الرسمي الثورة) "خلصت"، وبعد أن زاد عدد الشباب العلويين الذين قضوا في هذا الصراع عن مئة ألف، يجد العلويون نفسهم في مأزق فعلي لا يجدون له حلاً. استمرار النظام مكلف لهم، وانهيار النظام مرعب لهم. ويلفت نظر المراقب أن التطور الذي ولّد تململ علوي من هذا الصراع (أقصد زيادة التكلفة عدد الضحايا بين العلويين)، ولّد أيضاً تنظيمات إسلامية تحمل المزيد من التهديد للعلويين والمزيد من حوادث القتل البشعة بحقهم. أقصد إن صعود التنظيمات القاعدية الدموية والطائفية رافق صعود تململ العلويين ولجم فاعلية هذا التململ.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار، في البحث عن سوء تقديراتنا 1
- تمرد المرأة السورية على الأطر السياسية الذكورية
- جرائم شرف في الثورة
- نجاحات ومخاطر في السودان
- الشبيحة: تشكيلات العنف غير الرسمي في سورية 8
- الشبيحة: تشكيلات العنف غير الرسمي في سورية 7
- الشبيحة: تشكيلات العنف غير الرسمي في سورية 6
- الشبيحة: تشكيلات العنف غير الرسمي في سورية 5
- الشبيحة: تشكيلات العنف غير الرسمي في سورية 4
- الشبيحة: تشكيلات العنف غير الرسمي في سورية 3
- الشبيحة: تشكيلات العنف غير الرسمي في سورية 2
- الشبيحة: تشكيلات العنف غير الرسمي في سورية 1
- إياك أن تموت مع الرئيس المقبل
- بيتنا والاسفلت
- البديهيات والاستاذ
- الكوفيون الجدد
- آلة التشبيه
- حديث اللبن
- أطفال سورية
- العلويون، عزلة ثانية


المزيد.....




- حادثة طعن دامية في حي سكني بأمريكا تسفر عن 4 قتلى و7 جرحى
- صواريخ -حزب الله- تضرب صباحا مستوطنتين إسرائيليتن وتسهتدف مس ...
- عباس يمنح الثقة للتشكيلة الجديدة للحكومة
- من شولا كوهين إلى إم كامل، كيف تجمع إسرائيل معلوماتها من لبن ...
- فيديو:البحرية الكولومبية تصادر 3 أطنان من الكوكايين في البحر ...
- شجار جماعي عنيف في مطار باريس إثر ترحيل ناشط كردي إلى تركيا ...
- شاهد: محققون على متن سفينة دالي التي أسقطت جسر بالتيمور
- لافروف: لن يكون من الضروري الاعتراف بشرعية زيلينسكي كرئيس بع ...
- القاهرة.. مائدة إفطار تضم آلاف المصريين
- زيلينسكي: قواتنا ليست جاهزة للدفاع عن نفسها ضد أي هجوم روسي ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - راتب شعبو - حوار، في البحث عن سوء تقديراتنا 2