أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد وهاب عبود - المُسالَمَة















المزيد.....

المُسالَمَة


محمد وهاب عبود

الحوار المتمدن-العدد: 6226 - 2019 / 5 / 11 - 23:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تواجه البشرية الحروب طيلة تاريخهم الاجتماعي ورغم ذلك لم تحاول تقديم اي شئ لمناهضة الحرب بل حاولت تبرير شنها ، لمَاذا تعتقد الناس باهمية خوض غمار الحرب فهل هي ضرورية الى ذلك الحد؟ كان الرافضين للحرب الذين نسميهم اليوم "مُسالَمَين" او دعاة سلام كانوا عبارة عن استثناءات في التاريخ الفكري للبشرية

انظر:نظرية الحرب الأخلاقية
ظهرت كلمة "المُسالمَة" متأخرة إلى حد ما ، وبدأ استخدامها في بداية القرن العشرين , هي اشتقاق من صناعة السلام Pax - facio كلمتين ذات اصل لاتيني
وعلى الرغم من حقيقة أن الكلمة ظهرت مؤخرًا نسبيًا ، إلا أن الأفكار المسالمة لها تاريخ طويل
في القرن الخامس قبل الميلاد في الصين القديمة ، كانت هناك عقيدة/مذهب تنافست لبعض الوقت مع العقيدة الكونفوشيوسية ، لكنها بعد ذلك غيبها النسيان. هذه العقيدة اثارت فضولنا باعتبارها مثال على واحدة من نظريات المسالمة الأولى التي ارتبطت باسم الحكيم الصيني القديم والمهندس العسكري ، الذي كان اسمه مو- تزي

مو- تزي هو شخص شبه أسطوري معروف من كتابه مو- تزي يقدم فيه الفيلسوف تعاليم تتلخص بواجب تحقيق ما تريده السماء والتأكيد على وجود قانون الحب الإلهي العالمي. يقول :" نحقق ما تريده السماء ، السماء تريدنا أن نحب بعضنا بعضًا وألا نضمر او نفعل الشر لبعضنا البعض" ويتايع , كما انه من السهل أن نرى الناس وهم ينتهكون هذا المبدأ البسيط ويرتكبون الفظائع ، منتهكين العدالة التي وضعتها السماء الإلهية. انه يرى خرقا و تناقضًا من قبل البشر منتقدا في الوقت ذاته الحرب بشدة.

يقدم الفيلسوف صورة عن العنف المتبادل والعداء بين الناس في كل مرحلة من التسلسل الهرمي الاجتماعي. يقول: "إذا كان الابن يفكر في نفسه فقط ولا يقدر اباه ، فإنه ينتهك النظام الطبيعي ، هو يفعل الخير فقط لنفسه. بالضبط نفس الشيء ينطبق على الحاكم الذي يفكر في نفسه فقط ومن جراء ذلك تتغلغل المعاناة في جسد الدولة باكملها.

مو-تزي يقول اذا يمكن للحاكم أن يحب نفسه ويحترم رعاياه ، لكن ينسى الدول المحيطة به فسيكون ذلك مدعاة للعنف والحرب ايضا. اعتقد الفيلسوف أننا إذا بدأنا في التعامل مع بعضنا البعض باحترام وتقدير ، فسنلاحظ جليا كيف يختفي القتلة واللصوص. وإذا بدأت الدول في ارساء علاقات على اساس المحبة والاحترام فيما بينها مع التركيز على قانون الحب السماوي ، فستختفي كل الحروب.
يواصل مو- تزي هجومه على الحرب ويقول إنها تعطينا ما هو فائض عندنا وتسلبنا ما نريده ونتمناه. فالحرب كما يقول تجلب الدمار ، والعديد من القتلى ، لكنها لا تعطي الثروة والازدهار والحياة الهانئة ويرى انه حتى النصر في الحرب يؤدي الى اضعاف الدولة ويدفع الدولة المهزمة الى بناء تحالفات والعمل على الانتقام

تستند الحجة الأخيرة لمو - تزي إلى حالة تصورنا المتناقض لمفهوم العنف والحرب فنحن ندين من يقتل شخص معين ونسميه مجرم ولكن عندما نخوض عمليات القتل الجماعي ، فإننا نسمي هذه المسألة الحرب ونمجّد البراعة العسكرية.

ويعتبر مو – تزي ان نقد الحرب نابع من القانون الالهي والتفكير العملي فهو انتقاد اخلاقي وقانوني لما تخلف الحروب من ويلات وخسارة لارواح عدد كبير الناس .

لاحقا لم تلق افكارمو-تزي انتشارا جادا لكن كان هذا مثال تاريخي مثير للاهتمام لظهور عقيدة مسالمة قوية. الفيلسوف الصيني جدير بالدراسة أيضًا لأنه لم يكن مسالما بصورة مطلقة - رغم من أن الفيلسوف والمسالم ألبرت شويتزر في القرن العشرين يوصف بأنه أول داعية للسلام- فما قاله مو تزي يتعلق بالحروب التي نسميها عدوانية وهجومية فقط وأوضح أن هناك حروب دفاعية وعقابية ، متى يكون من الضروري حمل السلاح ؟ يجيب : إذا تعرضنا للهجوم ، فنحن مجبرون على اللجوء إلى العنف العسكري حينها علينا ان نرد , كما يرى دعاة السلام اللاحقين.

في التقاليد الغربية نشأت النزعة السلمية مع ظهور المسيحية. "وصايا المسيح" ، هذا كان بمثابة مصدر لفكرة أن المسيحي يجب أن يتخلى عن العنف ، وليس مقاومة او رد العنف ، تقديم" الخد الآخر". هذه هي المبادئ المعيارية الأساسية التي تتبعها المسيحية مقابل مفهوم العنف والحرب. وقفت معظم الطوائف المسيحية في القرون الأولى للمسيحية في مواقع سلمية راديكالية إلى حد ما: لقد رفضوا الخدمة في الجيش الروماني ، ولم يحملوا السلاح ، وأحيانًا عُذبوا جراء ذلك.

في وقت لاحق ، تغير هذا الوضع ، ومع تبني المسيحية كدين للدولة ، بدأت عقيدة الحرب العادلة المسيحية تتطور ، وتم تقديم تفسيرات للحالة التي يمكن للمسيحي أن يحارب ولا ينتهك أي الوصايا الالهية.

وقد عاد الوعظ المسيحي الداعي للسلام ثانية خاصة في عصر النهضة. ومن الأمثلة الناصعة على ذلك إراسموس روتردام ، "أمير الإنسانيين" ، كما كان يُدعى ، والذي أوضح أن الحرب غير مقبولة لأنها تتناقض مع تعاليم المسيح. بالإضافة إلى ذلك ، لدى إراسموس العديد من الاعتبارات الأخرى المتعلقة بالحرب. يقول إن الحرب تعطي مصائب أكثر من المنافع ، بالإضافة إلى حقيقة أنها تخدم الجزء الأدنى من المجتمع ، لأن الحرب يقودها الحراس , النشالين ، القتلة ، اللصوص اما الانسان الصالح فلا تستهويه الحرب.

ومن الأمثلة الدقيقة على الموقف السلمي هي مواقف تولستوي. بالمناسبة ، يقع مو تزو في دائرة قراءته ، فهو مهتم للغاية بعقيدة الحب الشامل ، لأنه كان متوافقًا مع ما وجده تولستوي في المسيحية. تعرف سلمية تولستوي ، إلى جانب الأساس في شكل عقيدة الحب ، تولتستوي يهاجم الدولة لأنه يعتقد أنها لا تشارك فقط في فصل الشخص عن احتياجاته الطبيعية بل إجباره على الانخراط في الحرب ، بما يخدم مصلحة الدولة. وفقا لتولستوي ، ليست هناك حاجة إلى آلة قمعية للدولة ، لأنها تركز على شن الحرب وانتهاك المبدأ الأساسي للحب العالمي

من الغريب أن نلاحظ أن ليف نيكولايفيتش تولستوي لم يطلق على نفسه داعية للسلام ، على الرغم من أن كلمة "المسالمة" بدأت تستخدم في هذا الوقت. تولستوي ، كما نعلم ، اعتبر نفسه ممثلاً لأيديولوجية اللاعنف. كان يخطط للمشاركة في مؤتمر حماية العالم ، كان من المقرر عقده في ستوكهولم ، حيث نوقشت المذاهب السلمية ، لكنه أعلن في الوقت نفسه أنه مؤيد للاعنف. يمكننا أن نربط هذا بحقيقة أنه من خلال المسالمة يمكن للمرء أن يفهم نقد الحرب ، ولكن ليس نقد العنف بشكل عام.

إذا تحدثنا عن التفسيرات الفلسفية الحديثة للسلم ، فيمكننا التمييز بين نظريتين. اولا "العواقبية" هي عقيدة أخلاقية تقييمية لعواقب أفعالنا ، وبناءً على هذا التقييم ، لإعطاء رأي حول مدى أخلاقية أفعالنا. بالنسبة إلى النزعة السلمية اللاحقة ، فإن الحرب غير مقبولة ، لأنها ضارة دائمًا ، وتؤدي إلى رعب وعواقب سلبية ، والتي لا تفوق بكل المقاييس جميع الفوائد المحتملة من الحرب

انظر: نظرية الحرب العادلة
النظرية الثانية ، علم الأخلاق ، تتحدث عن التزام معين بالامتثال لمتطلبات مختلف القوانين الأخلاقية ، أي أن علينا واجب أخلاقي تجاه المبادئ الأخلاقية الأساسية ، التي يجب أن نسترشد بها دائمًا في عملنا. كقاعدة أخلاقية ، الوصية "لا تقتل" ، أو أي شيء آخر يمكن أن يتصرف. يقترح داعية السلام الحديث روبرت هولمز مفهوم السلام السلبي ، ولكنه يدمجه في نظرية الديمقراطية الليبرالية. إنه يعتقد أن الحرب تشكل انتهاكًا لمتطلبات الديمقراطية الليبرالية ، لأنها تنطوي على عنف يهدد الحرية الفردية: لا يحق لأحد أن يطلب من اخر حمل السلاح وقتل شخص معين ، لا يمكن تبريرفعل القتل بناء على أوامر بقتل شخص اخر, فكيف يمكننا أن نتصور فكرة وجود عالم ديمقراطي . وفقا للنظرية الديمقراطية فأن الديمقراطيات لا تشن حربًا فيما بينها ، لأن هذا يتناقض مع القيم الأصلية للأنظمة الديمقراطية.
مستهل حديثنا افاد إن الحرب كانت رفيقًا دائمًا للعلاقات الإنسانية ، على الرغم من استمرار ظهور مناهج مختلفة لانتقاد الحرب. يجب أن نسلط الضوء على نقطة مهمة للغاية ، والتي تم توضيحها في سياق الحديث عن مو – تزي فإذا انتقد دعاة السلام الحرب ، فإنهم يقترحون وجود حالات استثنائية تجبرنا فيها على اللجوء إلى العنف من أجل الحفاظ على ارضنا.
ربما في سياق عملية التطور السياسي ، سنصل إلى حالة استحالة نشوب حرب ، لكن اليوم عقيدة النزعة السلمية المؤطرة باستثناءات ، وليس المطلقة ، أصبحت أكثر شيوعًا بين دعاة السلام.
ارسيني كومانكوف- فيلسوف روسي
ترجمة محمد وهاب عبود
https://postnauka.ru/video/95151



#محمد_وهاب_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأيدولوجية الاشتراكية في العالم المعاصر
- اخلاقيات الصحافة في عصر ما بعد الحقيقة
- الانسان كمشكلة فلسفية


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد وهاب عبود - المُسالَمَة