أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - خربشة ومشاغبة عقل .. تسالى رمضانية.















المزيد.....



خربشة ومشاغبة عقل .. تسالى رمضانية.


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 6223 - 2019 / 5 / 8 - 23:03
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


- خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم (88) .

أقدم تهنئتى بحلول شهر رمضان , فلهذا الشهر ذكريات ووقع جميل داخلى حيث أنه يكسر رتابة السنه ليحفل بكل ماهو جميل من طعام وحلويات شرقية لذيذة ومنوعات ودراما تلفزيونية رائعة وصحبة حلوة تمتد للساعات الأولى من الصباح .
إعتدت أن أقدم فى شهر رمضان مقالات بعنوان "تسالى رمضانية" تتناول مشاغبات فى التراث الدينى وما تحتويه من سذاجة وتهافت وطرائف , لأقرر أن أغير وجهتى فى هذا العام بعد ما عثرت فى أرشيف كتاباتى على مقالات تتناول تأملاتى ومشاغباتى فى مرحلة المراهقة والصبا لتتوغل فى مرحلة الطفولة أيضا , لأجد أن تلك الخربشات والتأملات ملائمة لعرضها فى شهر رمضان بما تحتويه من طرافة , كذا هى صالحة للتعاطى حتى الآن بما تحمله من تأملات جدير أن نتوقف عندها , بل أتصور أن كل منا دار فى رأسه مثل تلك الخربشات , لأرى الفرق الوحيد أن هناك من أجهض التساؤلات وبترها وهناك من أصر على طرحها وعدم وأدها .
هذه مجموعة من التأملات لا تستند إلى فلسفة عصية على الفهم بقدر ما تستند لمنطق عقلى يحاول أن يفحص الفكرة وفقا لمفرداتها .. منطق لن يعتمد على رفض متعجرف لأى فكرة .. منطق سيتعامل مع الفكرة كما تم سردها محاولاً أن يجد فيها شيئا محترماً يمكن تمريره , لذا جاءت كتابة هذه التأملات عفوية وفق نضج وأسلوب لحظة كتابتها فى تلك المرحلة .

* الله والزمن والوجود .
الله حسب القصة الدينية خلق الوجود والكون وكل شئ فى ستة أيام .. إذن قبل الستة أيام لم يكن هناك شئ موجود غير الله .. أى الله والعدم إذا صح التعبير..ووفق هذا الكلام يكون الوجود والكون حادث .. ومن هنا أسأل سؤال : طالما الكون لم يكن موجود ..كيف خلقه الله فى ستة أيام ؟ كيف تم حساب الستة أيام هذه وعلى أى مقاييس ؟
أنا غير معنى بأن الستة أيام هم ستة أيام أرضية أم لا بالرغم أنهم كذلك , ولا يهمنى أن اليوم الإلهى يعادل ألف سنة أو مليون سنة .. فلا يهم فالمهم أن هناك مقياس للزمن ..فما معنى الزمن ؟
الزمن هو دالة المكان ..معادلة الحركة فى المكان .. فعندما نقول أن هناك ساعة رملية ( مثل علامة التحميل فى الكمبيوتر ) فهذه الساعة الزمنية هى معدل سقوط وحركة الرمل من نصف الزجاجة العلوى إلى نصف الزجاجة السفلى بفعل الجاذبية الأرضية.. وكذلك عندما نقول يوم أرضى فهو معدل دوران وحركة الأرض حول محورها دورة كاملة .. والسنة الأرضية كذلك هى معدل حركة الأرض حول الشمس دورة كاملة .. إذن لقياس الزمن يلزم وجود المكان والمادة .. وأن يكون هناك حركة منتظمة للمكان يمكن بها تحديد الزمن .
اليوم الإلهى سيكون مثلاً هو دوران العرش الإلهى حول مجرة بعيدة دورة كاملة , وقد تساوى هذه الدورة مليون سنة من سنينا الأرضية ..أى اليوم الإلهى سيعادل دوران الأرض حول الشمس مليون مرة مثلا .. ولكن هنا الإشكالية . فلم يكن هناك وجود قبل الخلق ..لم يكن هناك أشياء لكى تدور وتلف لتحدد الزمن .. إذن من الهراء القول بكلمة الخلق فى ستة أيام أو ستة مليار سنة .
لو إعتبرنا أن موضوع الخلق من العدم ليس كذباً .. إذن هذا الخلق مستقل عن الله ولا يفعل معه شيئا بل تخضع ساعة يده وعرشه أيضا لها .. إذن هو خاضع للمادة .. ومحدود بحيز معين .!

* كيفية تقسيم اللانهائى .!
فى أمسية جميلة من أمسيات مدينتنا الجميلة القابعة على نيل مصر كنا نتمشى أنا ورفاقى ونحن شباب صغير نتسامر ونحلم ونتناقش .. كانت بلادنا جميلة بشبابها , فصداقتنا وقتها كانت لا تعرف المذهبية والدينية كما تشهد بلادنا الأن من إنكفاء كل المسيحيين والمسلمين والماركسين على أنفسهم .. كانت صداقتنا تتحمل الخوض فى الأفكار الدينية بدون حساسيات بل لم نكن نجد حرجا فى تبادل السخرية والنكات على رجال الدين وبعض الشعائر الدينية .
تناقشنا فى تلك الأمسية عن الجحيم والجنة ..الطريف أن المسلمون والمسيحيون وجدوا معينا كبيرا للحديث عن الجحيم والجنة وكأنهم حضروها سابقا .
فى وسط هذا الإنسياب الخرافى إلتقطت فكرة كانت تلح عليا قبلها وجاءت فى النقاش لأطرحها على رفاقى .. لقد ذكروا أن الإنسان سيمر على الجحيم أولا قبل أن يستقر فى الجنة حيث العسل والخمر والنسوان والحياة الخالدة اللانهائية .
المسلمون يرددون أنه ما منكم إلا واردها .. أى الإنسان سيورد على جهنم أولا ليتشوى شوية على أعماله الفاسدة ثم يذهب إلى الجنة ليعيش خالداً فيها .
المسيحيون فى أغلب مذاهبهم يتفقون مع المسلمين فى رؤية الشوى المؤقت فى الجحيم قبل الذهاب إلى الملكوت السمائى , ويسمون هذا بالمطهر ..أى أن الجحيم سيطهر المرء من خطاياه , الطريف أنهم يتفقون دوماً على كل شئ خرافى .
طرحت عليهم سؤالا بإعتبارى اللادينى فى وسط المجموعة .. كيف يمكن تقسيم اللانهائى ؟
قاطعنى صديق فاتحاً فاه ..وقال لى : معلهش أصل أنا أدبى يعنى إيه لانهائى ؟.( أدبى تعنى دراسته فى المرحلة الثانوية أدبية تخلو من الرياضيات والعلوم ) ليتطوع الزملاء فى شرح مقولة اللانهاية له .
إستكملت طارحاً أسئلتى ..إذا كانت هناك فترة سيقضيها الإنسان فى الجحيم فما هى نسبتها للفترة التى سيقضيها فى الجنة ؟
كيف يمكن تقسيم خط لا نهائى .؟
كيف يمكن قياس زمن فى زمن لانهائى ؟
كيف تكون هناك نسب وفترات فى اللانهائى .؟
أنهيت أسئلتى لأجد أن أصدقائى شاركوا صديقنا ذو الدراسة الأدبية فتح الفاه .

* سينما أونطة ..هاتوا فلوسنا .
ونحن صبية ومراهقون كنت أنا ورفاقى من عشاق السينما حيث كنا نرتادها لمشاهدة الأفلام الأمريكية الرائعة .. كانت ولازالت للسينما بريقها ومتعتها الخاصة لم تستطع القنوات التلفزيونية أن تنافسها ..نفس المتعة التى تحظى بها عندما تقرأ الجريدة بورقها ورائحة مطابعها عن أن تقرأ نفس الجريدة عبر الإنترنت .
فى ذات مرة ..ذهبت أنا ورفاقى لنشاهد فيلما أمريكيا يوحى أفيش الفيلم المعلق فى واجهة السينما أننا أمام فيلم يمتلأ بالإثارة والأكشن كما لن يخلو من رؤية جسد ونهد إمرأة جميلة مع بعض القبلات الساخنة التى تفكك أوصالنا.. لندخل ونحن نحمل أكياس من اللب والسودانى وبعض السجائر القليلة والتى كانت فى وقتها لها مذاق ونكهة خاصة لم تتكرر .
بدأ الفيلم وإذ بنا نجد أنه نفس الفيلم الذى شاهدناه الإسبوع الفائت ..بكل أحداثه وتفاصيله التى شاهدناها سابقا , فالملعون صاحب السينما غير الأفيش الموضوع على واجهة السينما ولم يغير الفيلم.. فلم يكن أمامنا إلا أن نشاهد فيلماً مكرراً أو نصرخ بأعلى صوتنا : سينما أونطة ..هاتوا فلوسنا .
إنصرفنا من السينما ونحن نسب ونلعن صاحب السينما الذى أعاد علينا فيلماً مكرراً ..خرجنا نتمشى على كورنيش مدينتنا الجميلة ونحن نضحك ونتندر من هذا الموقف الذى إستنزف مصروفنا بلا طائل .
يباغتنا صديق تعتريه حالات الدروشة على فترات ليقول لنا : يا جماعة هذه إرادة ربُنا ( كان يقول ربنا بضم الباء) لأسارع وأقول له : إرادته إزاى لو سمحت .
رد قائلا : مش يمكن لو كنا شفنا فيلم جديد كان ترك أثاره علينا ورجعنا البيت نحتلم ليلاً أو نمارس العادة السرية .
قلت له : ياسلام يعنى ربنا عارف كل القصص الخايبة دى وإنك هتدخل الحمام وتمارس عادتك السرية .
رد قائلا : طبعا يا ابنى .. ربنا عارف ما عملناه وما نعمله وما سانعمله ..ده ربُنا يا ابنى .
عقبت ..يعنى ربنا عارف كل صغيرة وكبيرة .. وعارف أى شئ صغير .
رد صديقى : طبعا ..كل حاجة ربنا عارفها من قبل ماتتولد ..لحد ماتموت ..
أنا : يعنى ربُنا عارف إمتى أبى نام مع أمى وهأظهر للوجود إمتى وهأعمل إيه وما الأقدار التى تواجهنى وما هى رد فعلى وحجم الذنوب اللى هعملها .
عقب زميل لا يخلو حديثه من الطرافة : وكمان عارف كم مرة مارست العادة السرية وكم مرة بوست بنت الجيران .
قاطعته ..بعنى ربنا على كده عارف أنا هأروح الجنة أو النار قبل أن أولد .
أجاب صديقى ..طبعا يا ابنى .
قلت: إذن ربنا بيترفج على أفلام معادة ومكررة .. إذن ربنا زى صاحب السينما .
جريت فى الشارع أصرخ وأردد ومن ورائى رفاقى : سينما أونطة .. هاتوا فلوسنا .

* يلعن أبو المذاكرة .!
كان لى صديق فى المرحلة الإعدادية يكره المذاكرة كرهاُ لا يضاهيه أحد فى ضيقه و كراهيته لها ..توسمت أمه فى شخصى أن أحاول أن ألطف الأمور وأنصحه وأهدئ من غضبه وكرهه للمذاكرة ..هكذا هى تأملت وهكذا هى رأت .!
أنا : خالد .. لماذا تكره المذاكرة هكذا .. نحن جميعا لا نميل إلى المذاكرة والواجبات المدرسية السخيفة .. ولا نمارسها بنشوة وسعادة بالغة ولكن ننجزها لأنها طريقنا نحو النجاح .
خالد : أنا أكرهها ولا أميل إليها وأعتبرها عبث لا طائل من وراءه .
أنا : كيف وهى وسيلتنا الوحيدة للنجاح .
خالد : أنا لم أطلب دخول المدرسة حتى أكلف بالمذاكرة والنجاح .. أنا أكره المذاكرة ولا يوجد شئ يدفعنى إليها أو يحببنى فيها .
أنا : إذن ماذا تريد أن تكون ياخالد ؟
خالد : لا أريد أن أكون شيئا ولا أريد من أحد شيئا و لم أختار أن أدخل المدرسة حتى أذاكر وأمتحن .
أحسست أن حالة " خالد " شديدة اليأس لذلك إنصرفت عنه إلى حال سبيله , وقفزت فى ذهنى فكرة وجودنا كبشر وفقا للأسطورة الدينية.. وماذا تفرق المدرسة والمذاكرة عن الحياة , فنحنا جئنا إلى المدرسة ..عفوا الحياة بدون أن يؤخذ رأينا...وأجبرنا على المذاكرة ..عفوا على الإيمان والإمتحان بدون أن يؤخذ رأينا وعلى إثر ذلك ستظهر النتيجة ..عفوا الإلتحاق بالجنه أو الجحيم .
فلو لم أوجد فى الحياة ما كنت سأخسر أو سأكسب شيئا لأننى سأكون عدم ..إذن لا معنى لقيمة الحياة , بل أن خسارتى قائمة بشكل عالى ..فالمدة التى سأقيمها فى الأرض ستكون قيمتها تقترب من الصفر بالنسبة للعالم الماورائى الإفتراضى ..إذن لو لم أوجد فى الحياة سأكسب بشكل إحتمالى أكبر .. إذن وجودى فى الحياة خسارة وليست مكسب .
إذن حسب الطرح الدينى فأنا أوجدت فى الحياة ليدخلنى أهلى المدرسة .. ثم أطالب بالإيمان ليس لى ولكن لأنه المنهج الدراسى المفروض عليّ يجبرنى على إنجازه .. ثم أحصل على النتيجة النهائية بالوصول للجنه أو الجحيم .. طب ماهو الموقف فى أننى لا أريد المكافأة الكبرى وهى الجنه .. ثم ماذا بعد الإقامة فى الجنه أو الجحيم .. هل تستمر الأمور هكذا للانهاية .. ألا توجد مذاكرة أخرى .. وإذا لا توجد مذاكرة ولا إمتحان فلماذا لا نقبل بإنعدام المذاكرة والإمتحان فى الدنيا ؟!
لا أريدها ...أريد أن اكون فى الهو ..أى العدم .( الهو : كلمة عامية مصرية تعنى الفراغ ) .
دعونى أختار شيئا .. يلعن أبو المدرسة ..فى يلعن أبو المذاكرة ..فى يلعن أبو النتيجة ..أنا عاوز أعيش فى الهو .!

* الله فنجرى بق .!
"فنجرى بق" فى اللهجة المصرية تعنى الذى يتحدث بلا تحفظ ولا يُقدر حجم الإدعاءات التى يطلقها .
أتذكر ليلة وفاة خالى كانت ليلة شتوية شديدة البرودة وكأن الطبيعة تودعه بطريقتها .. وسبب عدم نسيانى لتلك الليلة أنها سببت ألماً وحزناً لأمى الحبيبة ..مات خالى نتيجة معاناته مع المرض ..وأتذكر الأيام التى سبقت الوفاة ..فقد كانت العائلة برجالها ونساءها وأطفالها تجتمع فى بيت خالى للإطمئنان عليه أوقل لتوديعه .
ما لفت إنتباهى هى الصلاة التى كنا نقيمها للدعاء للرب أن يشفى خالى ويرحمه .. كانت صلاة خاشعة متضرعة تكتمل ملامحها بإشعال بعض الشموع و بتساقط الدموع من عينى أمى .. مما أثر فى نفسيتى الصغيرة لأصرخ بأعلى صوتى وبصوت مختنق : يارب إشفى خالى .
فى رحيلنا من هذه الزيارة ..سألت أمى وأبى عن مغزى الدعاء والصلوات والشموع ..فتطوع أبى بالقول بأن الله يستجيب لصلواتنا ودعواتنا طالما دعوناه بقلب خاشع متضرع فهو قال كل ما تطلبونه بإسمى أكون فى وسطكم .
يعنى يا بابا ربنا هيشفى خالى ..إن شاء الله ..هكذا أجاب أبى .
أيام ويموت خالى ..ولا يستجيب الله .!
حضرت العزاء ..ليتردد على مسامعى أن ساعة أجل خالى محددة ومقدرة عند الله وأنه يعلمها مسبقاً .
فكرت ..إذن لماذا الدعاء والصلوات والشموع ..طالما ما قدره الله سيتم .
سألت أبى هذا السؤال فى محضر من رجال العائلة ...ليجد أبى بعض الحرج ولكنه يسعف نفسه بالجواب بأن الله حر يستجيب للدعاء أو لا يستجيب .. ربنا مش فاتح محل كل من يدعوه يستجيب له .
ولكن يا بابا إنت قلت أنه بيستجيب للدعاء .. طب نعرف منين أنه هيستجيب أو لأ ؟
طب يا بابا ..ممكن ربنا يكون محدد وفاة خالى فى يوم معين ولما إحنا صلينا له يرجع فى كلامه ويخليه شوية .
أبى بلهجة قاطعة : ربنا مابيرجعش فى كلامه ..هوا عيل بيلعب فى الشارع .
أنا : طب إيه فائدة الدعاء إذا كان هينفذ اللى فى دماغه ؟
أحس أبى بالحرج فتشعلق بقصة دماغه ليقول لى هوا ربنا زينا ليه دماغ ..إيه الكلام ده!
حاول أبى أن يدارى طلقات الأسئلة التى كنت أأمل فى طرحها ليقول للحاضرون : معلهش أصل إبنى لمض شوية ( لمض فى اللهجة المصرية تعنى كثير الأسئلة ) .
إنسحبت من هذا المجلس لتتخبط فى داخلى فكرة الله مجيب الدعوات والله المقدر للأشياء .. فإذا كان مقدر للحوادث فهو لن يتراجع عنها إلا إذا كان تافه أو مثل الممثل المصرى القديم عبد الفتاح القصرى بمقولته المشهورة " أنا كلمتى متنزلش الأرض أبدا " والطريف أنها فى كل مرة بتنزل , أو يكون الله طيب وحنين ولما يشوف دموع أمى وصراخى بإلحاح يتراجع عن قدره بموت خالى ويسيبه شوية .
إذن ما فائدة الدعاء ؟.. طالما كل شئ مقدر ويسير بشكل محتوم وقدرى ..الفكرة هشة بما فيه الكفاية..لذا دعونا نفهم المحاولات الإبداعية النفسية لخلق الفكرة بعد نضوجى .
الإنسان يواجه الألم بجهل أسباب الألم فلا يقف عند أسبابه بل يخلق أملا فى تجاوزه .. تكون قصة الدعاء هو الأمل الذى يتشعلق فيه الإنسان لخلق حالة من الطمأنينة الوهمية ..حالة أن هناك من سيترفق به ويقف إلى جانبه لعبور الأزمة ..هو وهم سرابى نجرى وراءه ولا نملك غيره حتى يبث الأمان فى النفس الملتاعة الجاهلة .
عندما نعرف ونعتاد على التعامل مع الظواهر المادية وفقا لقانونها المادى فلن نتضرع للسماء ننتظر عطايا ومنح إله وهمى , فلم يعد الإنسان يقيم الصلوات حتى تتعطف السماء بالمطر( بإستثناء بعض المخبولين) لأنه أدرك سبب سقوط المطر ويستطيع أن يتنبأ به بل يمكنه أن يسقطه بوسائله .
إذن مع الجهل والحيرة والألم نحاول أن نخلق لأنفسنا وهماً سحرياً ونجعل هذا الوهم قادر على بث الأمان النفسى فى داخلنا .
عندما يصادف أن تكون أمانينا تم تحقيقها على أرض الواقع فهنا نحن لا نعزيها إلى سببها المادى الذى نعلمه أو نجهله ولكن نعزيها إلى هذا الكائن الخرافى الرابض فى السماء لتنال هذه الحادثة أكبر ميديا ممكنة من أصحاب الخرافة .أما إذا لم تتحقق أمانينا مع دعواتنا , فهنا يطل علينا أيضا أصحاب الخرافة ببجاحة يحسدوا عليها بإدعائهم أن الله ليس سوبر ماركت ..حقا الله ليس سوبر ماركت بل فنجرى بق !.

* جنتكم سخيفة .
على ضفاف نيلنا الجميل إحتضن كثير من أفكارنا وأحلامنا وشقاوتنا ..كان النيل يجرى وتجرى معه أحلام أولاد وصبية وشباب .. فى ذات مرة جمعنا النيل حول حوار عن الجنة ورؤية المسلم والمسيحى والماركسى حيث كان هناك زمن يتحمل مثل هكذا صداقات .
قام صديقنا المسلم بسرد تصوراته عن الجنة وكان فى داخله يتصور أنه بصدد الدعوة والتبشير لدينه ..أنتم لا تعرفوا ياشباب أن الجنة متعها عظيمة وجميلة ففيها ما لذ من طعام وشراب وخمور ..ولن أحدثكم عن نساء الجنة فهن يخبلن العقل .
إستفاض صاحبنا فى قصص الحوريات وكأنه كان فى حضنهم من ساعات قليلة ..أحاول أن أوقف نزيف الخرافة تلك وأستوقفه لأقول له : تريد أن تقنعنى أن كل هذه الأمور تتم فى السماء ..ماهذه الجنة الداعرة أنها شبيهة بشارع الهرم ( شارع الهرم ملئ بكازينوهات وملاهى وعلب الليل) .
يعنى الإنسان يكون محترما فى الأرض فلا يشرب الخمر ثم يجد منه أنهار من الويسكى الإسكتلندى المعتق ..ولا يزنى على الأرض ويذهب فى السماء ليجدها كرخانة كلها جنس وممارسات وبورنو إلى مالانهاية .
وماهى قصة الله التى تصبح مهنته ترقيع غشاء البكارة للحوريات حتى يرجعوا بكارى مرة ثانية حتى يتلذذ المسلم وهو يفضهم مرة ثانية ..لقد جعلتم الله بهذا الشكل بصورة قميئة لا تليق إلا بالعاملين بشارع الهرم .
وجدت صديقى المسيحى يبتسم إبتسامة خبيثة مما أثار غضبى وقلت لابد أن أنال منه هو الآخر فجنته ليست أحسن حالا , لأسأله : يا جورج ماهى الجنة فى المسيحية .؟
جورج : لا توجد هناك جنه بل ملكوت السموات .
أنا : حسنا فلتكن ملكوت السموات ..ما شكلها
جورج : الملكوت يعنى الطهارة والقداسة محاولا أن يلمح لجنة المسلمين الداعرة .
أنا : ماشى بماذا يستمتع الإنسان فى الملكوت .
جورج : يستمتع بالصلوات والتسابيح والتراتيل والترانيم وأن يكون فى محضر الرب .
كنت اعلم هذه الرؤية لأصرخ فى وجه جورج بصوت عالى : أحا ( أحا : كلمة سوقية مصرية تعنى الرفض والإستنكار بشكل بذئ ويقال أن مصدرها هى أهل الأسكندرية بالرغم أنهم ينطقونها أحييييه ) .
إندهش جورج من موقفى هذا وهو ماكان يأمل أن يجد منى تعاطفا ودعماً بحكم أصولى المسيحية .
قلت له : يعنى ياجورج الواحد لما كان بيروح الكنيسة بعد إلحاح أمى .. يقعد ساعة واحدة فأحس بملل الدنيا جوايا وأقول فى داخلى متى تنتهى هذه الصلوات والتسابيح المملة الغبية , وسعادتك جاى تقوللى أننا سنقضى الخلود كله فى هذا الملل والسخافة .. الملكوت هنا لسعادة الله الذى لم يشبع من الصلوات والتسابيح والتراتيل فى الأرض ..لا ياجورج تكون جنة المسلمين أحلى وفيها متع والإنسان مدلع نفسه .
قالوا لى : كيف ترى الجنة .؟
قلت : ولما الجنة أصلا .. ما الذى صنعتوه فى حياتكم حتى تحظوا بهذا الكرم اللانهائى !
ماهو مقياس عمركم فى الأرض إلى المالانهاية ..كيف يستقيم هكذا منطق وعقل .
ماذا إستفاد الله من هذه المضيفة ..وماذا يعود عليه من كل هذه التكاليف .
وبفرض وجود جنة لماذا تكون كل الأمور تتم بمزاج الله .. تأتى إلى العالم بمزاجه ويضعك فى لجنة الإمتحان بمزاجه ويدخلك الجنة بمزاجه .
لماذا لا أختار جنتى ..أليس الفائز تحترم رغباته ..أنا أحب الجنس ولكن لا أطيق أن أعيش وأكون عبارة عن ماكينة جنس ..كما لا أطيق قصة الصلوات والتسابيح السخيقة تلك .. أنا نفسى أطير فى السماء كعصفور ..أغوص مع السمك فى أعماق البحر .. أهيم أنا وحبيبتى فى العالم ..أن أسمع مزيكا من كل لون ..أن أرسم كل يوم لوحة جديدة تعانق السماء .. سأرسم جنتى بيدى وستكون أفضل حالا من جنتكم السخيفة تلك .. ولكن يا أحبائى لا توجد جنه يوجد وهم نتمناه .

* الله يعذب نفسه .!
الله كما يدعون غير محدود بالمطلق بمعنى أنه لا يوجد شئ يحد وجوده , فالذين يتصورون أن هذا الإله كائن فى السماء يكون مخطئون وفق مفهوم أنه غير محدود ,فلا تستطيع القول أن هناك كون وأن هناك إله مستقل عنه جالساً على عرشه الفخيم لوحده .. فلو قلنا هذا الأمر يكون الله محدوداً .. ليس لأن العرش يحدده فقط ولكن نحن أمام بداية لحدوده من نهاية كوننا , كأن تتصور وجود شيخ كبير ينظر إلى كرة بلورية .
وفقا لفرضية أن الإله غير محدود يكون داخل الكون ذاته .. داخل المجرات والشموس والأجرام .. داخل عالمنا الأرضى بجباله وبحاره وصحاريه .. داخل جوف الأرض وعلى سطح الارض وفى الهواء الذى نتنفسه .. داخل أجسادنا وأجساد الحيوانات والنباتات .. داخل كل الأشياء الجامدة والميتة والقذرة .. داخل كل خلية من أجسادنا الحية والميتة .. داخل كل ذرة ونواة وربما تصطدم رأسه بالإلكترونات الدائرة حول النواة .
إذا قلت أنه خارج الذرة والخلية ألخ فأصبحت الذرة والخلية شئ يحد وجوده الله ليبدأ وجوده وهذا يجعله محدوداً .. لا تستطيع سوى أن تقول أن الله موجود فى كل الأشياء من جماد وحيوان ونبات وإنسان .. إذن معنى غير المحدود بالمطلق أنه لايوجد شئ يحد وجوده .. ومن هذا المنظور تكون كل الأشياء موجودة ضمن جزيئات الله .. ويكون الله هو كل الجزيئات .. ومن هذا المنظور فوجودنا ووجود الحيوانات والطيور والنباتات والجماد ينفى وجود الله , ووجود الله ينفى وجودنا ولكننا موجودن !
ومن هذا المنظور أيضا فأنت لا تصنع الشر لأن الله الساكن فى كل جزيئاتك هو من يصنع الشر .. وكذلك أنت لن تعاين الجحيم لأن جزيئاتك المحتوية كلها على جزيئات الله هى التى ستحترق .. إذاً كان الله مُصر على قضية الجحيم ..إذن فهو من يحرق نفسه ويعذب نفسه ..وعليه تكون اللائمة .

* الله سادى ...أو معندهوش فكرة .!
الإنسان يتألم ويتوجع نتيجة إستنفار وإضطراب فى جهازه ومراكزه العصبية ..فعندما تقترب أيدينا من لهب يتم توصيل الإحساس به إلى الدماغ لتصدر أمر إلى اليد بتجنب النار ..يتم إدراك الألم من خلال الجهاز والمراكز العصبية وإتصالها بالدماغ .
عندما يتم تخدير الجهاز العصبى للإنسان فى العمليات الجراحية يتم الخوض فى جسده بالقطع والتشريح دون أن يتألم .. بينما يكون ألمه عظيما بدون تخدير فتجده يألم من أى وخزه أو جرح .. إذن قصة الألم يمكن ترجمتها فى جهاز عصبى ودماغ وهذا يكفى.
إذن لماذا القصة الأسطورية عن الجحيم وبحيرة النار والكبريت والنار المتقدة وجلود تحترق لتتبدل بجلود أخرى والزقوم والرصاص المصهور وكل هذه الخرافات .
لماذا لا يذهب الإنسان المحكوم عليه بالجحيم ليكون عبارة عن مخ وجهاز عصبى ..فيقوم الله باللعب على الخلايا العصبية بالدماغ ليجعلها تحس بإحساس دائم بالإلم ..ويظل الألم مستمر ومتجدد إلى مالانهاية .. أليست تلك طريقة مثلى للألم بدون التكلفة العالية من نار وحطب وبنزين وزقوم ورصاص مصهور وكل الأفشخانات . (الأفشخانات : كلمة إخترعتها بمعنى الكلام الهجس) .
كذلك الجنة فبدلا من أنهار الخمور واللبن والعسل ..يلعب الله على أعصاب التذوق واللذة والسُكر ..وبالمثل بدلا من طابور النسوان للنكاح والسعى نحو إقامتها وإعادة خياطة بكارتها رغم أن هذا شيئ لا يليق بإله ..يلعب الله على الأعصاب المسببة للشهوة واللذة ..بل يمكن أن يجعل الرجل يحس بمتعة لا نهائية وذلك بأنه يجعله فى حالة قذف دائم ومستمرة إلا الأبد, بحكم أن أقصى لذة للرجل تكون لحظة القذف هذا بدون نسوان بل بالاعصاب فقط , ولن أتكلم عن متعة المرأة لأنها خارج الإهتمام الإلهى .
إذن ..إما أن الله لا يعرف الجهاز العصبى والدماغ للإنسان ليحقق مايريده بدون هذه التكلفة الباهظة .. وإما أنه يتلذذ بأن يشاهد منظر الجلود المحترقة والسيخ المحمى الذى يخترق أجسادنا عابراً من مؤخرتنا إلى رأسنا ليتم تقليبنا على النار المتقدة .!
هنا الله يكون سادياً أو مابيعرفش .. والحقيقة وللأمانة ليس هو ساديا أو ما بيعرفش قصة الأعصاب كونه غير موجود أصلاً ..فالقصة إبداع واحد مازجنجى ونسوانجى مهووس .

* الله و الشيطان ...حد فاهم حاجة !
قصة الله و الشيطان قصة طريفة وغريبة وعجيبة فى ذات الوقت , ولو حاولت أن تقرأها قراءة مبسطة ستجد أن فيها من الهشاشة ما يكفيها , بل ستجد أنها تشوه فكرة الله تشويهاً لا يستطيع رافضى فكرة الله انفسهم أن يشوهوه كما تخوض هذه الأسطورة .
الشيطان كان ملاكاً عصى الله وتمرد على أوامره ورفض السجود لآدم .. حسنا تكون هذه القضية خاصة بين الله والشيطان يتصرفا فيها بعيدا عن الإنسان ولهما مطلق الحرية أن يصنعا معا ما يريدا ,فلا ذنب للإنسان أن يقع تحت وطأة هذا الصراع .
الغريب فى الأمر أن الشيطان عندما عصى وتمرد كوفئ ولم يعاقب .. فبدلا أن يحرقه الله هو وكل أتباعه من الشياطين الصغار الذين ساروا على دربه فى رمشة عين لتتجلى هنا قدرات الله فى العدل والقصاص والقدرة والجبروت وكل الأفشخانات منحه الخلود ليعك ويفسد وليدخل الله هو والشيطان فى رهان على الإنسان .. الله سمح للشيطان أن يضل ويوسوس فى ذهن الإنسان ليفعل الشر والمعصية والخطية . وفى فكر ميثولوجى أن الله هو من أغوى وحرض الشيطان بمقولة "بما أغويتنى ".
الله المنتقم تعطلت لديه هذه الصفة أمام الشيطان فبدلاً من أن يحرقه بجاز وسخ فور عصيانه تركه ليدخل معه فى رهان ..الله الرحيم نسى أن مصدر كل شر هو الشيطان وترك إبليس يُخرب فى عقل الإنسان ليحرفه عن الإيمان الصحيح والعمل الصالح ليجهز الله على أثرها محرقة فى السماء لشوى الجلود واللحوم والعظام , ثم يجدد الجلود ليحرقها ثانية إلى مالانهاية .! أموت وأفهم كيف يقبل المؤمنون مثل هكذا سادية .
الله العليم كان مدركاً لهذه القصة والسيناريو ..وعارف بتمرد الشيطان وتضليله لمليارات البشر فرداً فرداً من بداية الخليقة وحتى الأن ويعرف مصير كل إنسان قبل أن يولد .
الخلاصة ..هل الله كان يعرف أن الشيطان سيتمرد عليه أم أنه فوجئ بذلك .؟ .. يعرف !
هل الله كان فى مقدوره أن يحرق الشيطان وأتباعه فور تمردهم وعصيانهم أم لا ؟..يقدر !
هل الله دخل فى مقايضة ورهان مع الشيطان بإرادته أم رغما عنه ؟..بإرادته !
هل الله يعلم كم من مليارات البشر الذين سيضلون نتاج تلك الصفقة والرهان أم لا ؟..يعلم !
الله عارف كل سيناريوهات الفيلم مشهد وراء مشهد ..فما معناه .؟
الله يتسلى .
الله يعبث .
الله سادى .
الله شيطان .
حد فاهم حاجة .
أنا فهمتها ..عندما إبتدع الإنسان فكرة الآلهة تعامل مع الأمور برؤية بسيطة منطقيه , فجعل لكل ظاهرة إلها خاصة بها , ليمتد التخصص فى جعل هناك إله للخير وإله للشر .. لتأتى المشكلة عندما جاءت فكرة التوحيد ليجمع كل الظواهر فى إله واحد ليتم تجميع الخير والشر فى إله واحد ,كأن تجمع بين النور والظلمة والأبيض والأسود .
تم التحايل على هذا التناقض الفج بخلق فكرة الشيطان كبديل لإله الشر السابق للقيام بدور الشر ,ولكن إله التوحيد لا يقبل بأن ينازعه فى التفرد بالألوهية أحد , فجاءت القصة كما سردوها لتجعل الشيطان يتحرك من تحت ذقن الله ويلعب فى الملعب الذى حدده الله ليكون الشيطان قفاز فى يد الله بما أغويتنى ! هكذا تكون الأمور ليصبح الشيطان إلهاً والإله شيطاناً .كيف يفهمون الأمور.. لا أدرى.!

* الله وراء كل شر .!
أفهم قانون السبيية جيداً وقصة البعرة والبعير والأثر والمسير ..أفهم أن لكل سَبب مُسبب ولكنى لا أفهم قصة أن الأسباب تنتهى عنوة عند سَبب بلا مُسبب .. يقولون يحق لنا أن نبحث عن سَبب كل شئ حتى نجد الله فى النهاية كسبب لا يوجد من سَببه..ولتصمت بعدها ولا تقول من سبب الله .
طيب ..عندى هنا رؤية تضع هذه الرؤية فى حرج ..عندما نقول أن كل الأسباب ستنتهى عند الله الذى يقف فى أخر الطابور فهذا الكلام من الخطورة بمكان ..لأنه يصيب فكرة الله فى مقتل . تعالوا نرى .!
أى شئ فى العالم وراءه سَبب واحد أو مجموعة من الأسباب المشتركة المتفاعلة والتى تنتج فى النهاية حالة معينة .. بتحليل كل الأسباب سنجدها جاءت من أسباب أخرى .. والأسباب الأخرى جاءت من المُسبب الرئيسى صاحب توكيل السببية وهو الله ..أى أننا لو تتبعنا أى ظاهرة ما مهما كانت معقدة وفردنا وتتبعنا خيوطها المتشابكة سنجد فى نهاية الخيط الإله يمسك بطرفه .
لا تستطيع أن تتعامل مع السببية عند مستوى واحد وتتوقف وإلا كان لنا أن نقول بأن البيضة جاءت من الدجاجة وكفى ويصبح الإله هنا ليس له معنى ولا قيمة .. إذن أى فعل أو سلوك لابد أن تتبع خطوطه السببية حتى تصل للسبب الأول ..من هنا يمكنا القول بان الله يقف فى نهاية المطاف وراء كل سلوك وفعل نصنعه وهو المحرك وجاذب أطراف الخيوط التى فى يده .!
أنت عندما تغتصب إمرأة ..هل فعل إغتصابك جاء بأنك السبب الوحيد فى فعله أم لا ..لقد شاهدت إمرأة بعيونك ( العيون ليست من إنتاجك ) .. وأعجبك تضاريسها ( الشهوة ليست من إنتاجك ) .. تحركت غرائزك ( كيمياء الجسد ليس ملكك ) .. أنت تعانى من الحرمان والكبت ( مجتمعك لم تصنعه ) ..لا يوجد رادع فى داخلك ليمنعك من ممارسة نداء الجسد ( مجمل القيم الأخلاقية والسلوكية التى تفتقدها نتيجة وجودك فى وسط لم تؤسس فى داخلك قوى ضبط وتلجيم ..وهذا الوسط لم تصنعه ) .. المرأة التى ستغتصبها مرت عليك ولم تختار أنت لحظة مرورها .. هناك مُسبب هو من أراد أن تمرء عليك وأنت فى هذه الحالة من الفلتان والهيجان الجنسى .
كل الأسباب التى تؤدى لفعل الإغتصاب مهما تعقدت فى فهمها من كيمياء الجسد إلى حصيلة القيم الأخلاقية والسلوكية والمجتمعية والتى تشكل عامل لجم فى بعض الأحيان وعامل فلتان فى أحيان أخرى ..مهما تعقدت وتشابكت سنجد أن أطرافها الأولى تقود فى النهاية إلى وجود المدعو الله ماسكاً أطرافها يشد هذا الخيط حيناً ويرخى ذاك الخيط حيناً أخرى .
لو لم توجد عين ترى .. ولا شهوة وغريزة متأججة ..ولا كيمياء جسد ..ولاظرف إجتماعى ثقافى حاضن أو جامح .. لو لم توجد إمرأة .. لو لم توجد صدفة ..ما كان هناك إغتصاب .. العين والشهوة والكيمياء والظرف الإجتماعى والمرأة والصدفة أسباب لها مسبب واحد هناك من يشدها أو يرخيها ..نحن لا نغتصب فنحن روبوتات الإغتصاب .. الله يصنع الشر عنا بحكم أنه المُسبب الأول .!
أضف لذلم أن هناك ما يُطلق ترتيب وأقدار الله وأن الأحداث فى علمه فهل تستطيع الفلتان والهروب من أقداره ومعاندة ومخالفة علمه المطلق .!
ليس هناك دعوة لعدم لجم وعقاب المغتصبين فهذا لا يعدو سوى نوع من اللجام كطرف خيط يشد من ضمن أطراف الخيوط مع الإله الوهمى الذى يكون وراء كل فعل شرير بحكم أنه السبب الأول ومحتكر كل أطراف الخيوط .. ببساطة السببية تعنى الجبرية .!

* ماذا لو تاب الشيطان .؟
كان والدى مسكوناً بفكرة الشيطان , يستحضره فى كل مناسبة , فهو الذى يغوينا على الشر والخطية وهو الذى يحاول إثارة الفتن والمؤامرات والأحقاد , وهو الذى يمنعنا من الصلاة فهو مصدر كل شر , كما هو الذى يعبث فى دماغى دوماً بالأفكار التى يراها غريبة .
بالرغم أننى فى صباى لم ألغى فكرة الله إلا أننى لم أقتنع أبدا بوجود الشيطان وتوصلت بالفطرة أننا نلبس شرورنا وأحقادنا وخطايانا لهذا الكائن الوهمي الخرافى ..إننا لا نريد الإعتراف بأننا أخطأنا ...ومازلت هذه الفكرة سارية المفعول حتى الأن .
فى ذات مرة وخلال إستحضار أبى لقضية الشيطان طرأ فى ذهنى فكرة ..ماذا لو تاب الشيطان وكف عن شره ؟.الفكرة تبلورت فى ذهنى بشكل جيد ورأيت أن أتحدى أبى حتى يكف عن وصفه الدائم بأن الشيطان يُخرب فى دماغى .
أبى : ممكن الشيطان يتوب .؟
إندهش أبى من السؤال وتوقف فجأة يفكر فيه .. لم أمهله الوقت لكى يفكر وقلت له : يا أبى ..الشيطان ده مش مخلوق خلقه الله وكان فى الأصل ملاك وتمرد على طاعة الله. .وافقنى أبى فى هذه المقولة لأسارع بحماس لتقديم رؤيتى ..إذن هو عنده الإرادة والحرية أن يعصى ربنا أو يطيعه ..أليس كذلك ؟.إذن ممكن يرجع عن شروره دى ويتوب ويستغفر ربنا .. وبما أن ربنا واسع الرحمة والمغفرة ولا يوجد شئ صعب عليه , فلابد أن يغفر له ويمنحه الفرصة مثل أى مخلوق . إذن يا أبى ممكن يكون الشيطان تاب إلى الله وربنا غفر له وإحنا مانعرفش .. إذن من أين يجئ الشر ؟!
أبى : وإيش عرفك أنه تاب لربنا ؟
أنا : وإيش عرفنى أنه فيه شيطان أصلا .
أبى : أهو الشيطان بيلعب فى دماغك علشان تقعد تفكر فى كده ويجعلك تشكك فى وجوده ويبقى هوا فرحان أكتر .
عرفت أن المناقشة مع أبى أخذت طريق مسدود كعهدى معه , ولكن بدأت أقلب الفكرة فى دماغى لأجدها منطقية ومع مرور السنين أكتسبت مهارات منطقية أكثر لتؤكد الفكرة .
نحن أمام كائن له حرية الإرادة كما يقولون بدليل أنه عصى وتمرد على الله .. إذن من الوارد جدا أن يفكر يوما فى التوبة والكف عن الشر والمعصية وخصوصا أنه يرى الجحيم رؤى العين , فإذا لم يكن لديه القدرة أن يتوب فهو مجبول على الشر ..إذن علينا أن نسأل من جبله على الشر بحيث لا يخطر فى باله أن يتوب .. سنجد أن الله هو الذى جبله أن يكون شريراً إلى نهاية الوجود .
لن أقول ما هو ذنب الشيطان أنه سيُحرق فى الجحيم الأبدى طالما هو مُجبر على فعل الشر ولكن سأقول مَن يصنع الشر ويغوي على الخطية بقفاز الشيطان !
ولكن ماذا لو تاب الشيطان فعلا ..الله هنا لابد أن يقبل توبته لأن الله غفور رحيم بلا حدود ولن يستعصى عليه أن يغفر لمخلوق من مخلوقاته فلو لم يغفر فهذا يعنى أن هناك أمور لا يستطيع غفرانها أو يكون هوائى المزاج ولا يقبل توبة كائن عصاه وهذا يبدد ألوهيته .
لقد تاب الشيطان عن غواية البشر بالشر.. ولن يكون وراء مصدر كل فعل شرير ..إذن من يغوى بالشر بعده ؟!
عندما يتوب الشيطان فستنهار كل المنظومة الدينية ..ستنهار الأديان ويسقط الله ..لن يجدوا من يعلقوا عليه الشر , فمصدر الشر قد تاب وأناب .. ستظهر إشكالية الأديان التوحيدية عندما جمعت فكرة الشر والخير فى إله واحد ..سيصبح فكرة الله مكشوفة أمامنا فنحن من ألبسناه الخير والشر معا .. توبة الشيطان تعري هذا الفكر المتهالك الذى يسقط أمام أبسط فكرة منطقية .

* الواد باين عليه إتجنن ..كنت أحاور الله .!
كانت فكرة أن الله يعلم كل شئ فى الوجود تحيرنى ..أن يعرف كل أفعالى وأعمالى ..كل همساتى ولمساتى وسكناتى قبل أن أفعلها .. كان يشغلنى وجود كائن يدرك كل شئ وأنا أفكر بينى وبين نفسى ..يدخل فى تلافيف دماغى ويعرف الفكرة وهى تتكون وتولد ..
كنت غير مستعد لقبول فكرة أن الله ي كل التفاصيل الصغيرة المملة التافهة والتى ليس لها أى معنى .
كنت أرسم لوحات بقلم الرصاص وكانت تنال إستحسان أهلى والمحيطين بى .. وعندما أرسم أجد أن قلمى ينساب على الورقة بعفوية شديدة وسهولة ويسر حتى أنتج فى النهاية رسم لبورتريه أو طبيعة مثلا .
هل الله يعلم أنى سأضع هذا الخط بعد هذا الخط ..هل يعلم أننى سأضغط بالقلم فى هذه المساحة لأخلق منها لوناً وظلاً قاتماً .. هل يعلم أننى سأخفف من وطأة قلمى فى تلك المساحة حتى أشكل منها لونا فاتحا ..هل معقول أنه يعلم كل النمنمات التى أعملها ؟!
تعمدت أن أرسم خطاً ناشز فى وسط اللوحة بدون أن أنظر فيه وأنا مغمض العينين..خط ليس له معنى .! لتشاهد أمى الرسم فيعجبها وتقول : رسمك جميل ولكن ماهو هذا الخط ؟
أنا : هذا الخط من الله ..هو اللى رسمه بإيدى ..أنا بأرسم كل جزء بإيدى وأنا شايفه ..ولكن ده رسم من ربنا لأنى لم أرسمه وأنا شايف ..يبقى خط من الله .! لتندهش امى من هذا الكلام .
كنت أحاور الله فى أشياء كثيرة ..فعندما كنت أمشى وأنا ذاهب لمدرستى أمشى بطريقة عادية ككل الأطفال ,لأفكر فى فكرة الله اللى عارف كل خطوة وكيف أخطوها ..اقوم بحركة مفاجئة كأن أقفز وأنا ماشى أو أخطو خطوة جانبية ثم أعاود سيرى متصورا أن هذه الخطوة أو القفزة الفجائية لم تكن فى فكر الله لأنها محبوسة فى دماغى ولم تكن تخطر على بالى أصلاً فهى وليدة لحظة عفوية.. كنت أعتقد أننى ألخبط الله اللى ماسك دفتر مسجل فيه كل خطواتى وهمساتى وسكناتى ..إذن فلأصنع أى خطوة فجائية تلخبط الله بخطوة لا يقدر أن يتوقعها .
عندما وصل إلى مسامع أبى هذه الأفعال الغريبة قال لى : إنت باين عليك إتجننت !..إنتى بتعمل كده ليه .؟! .. قلت لأبى عن فكرتى فى إننى أريد أن ألخبط الله .. إستشاط أبى غضباً وقال لأمى : الواد ده باين عليه إتجنن , ثم حاول أن يبدو منطقيا بعد هذا الغضب ليقول لى : عندما تغمض عينيك وترسم خط ..فالله هو اللى خلاك تعمل كده وعارف إنك هترسم خط ملهوش معنى ! .. وعندما تمشى فى الشارع وتتنطط زى العبيط فربنا عارف إنك هتعمل الحركات العبيطة دى.!
قعدت أفكر فى كلام أبى ..معنى كده ربنا عارف كل الحركات الكويسة والعبيطة ..طب هوا بيراقبنى ليه .. هو هيدخلنى الجنه أو النار ليه .. طب ماهو عارف كل حاجة .. طب كان من الأفضل له بعد ما أنزل من بطن أمى يموتنى ويدخلنى الجنه أو النار ..وليه بقى وجع القلب ده ..طب قبل ما نتولد أصلا ..يعمل ناس يدخلهم الجنه وناس يدخلهم الجحيم بدون وجع دماغ .! بدل ما يقعد يرصد كل حاجة هو عارفها أصلا .!
يبقى كده هو بيضيع وقته ..طب هو ليه مهتم بعملية المراقبة ده وقاعد يراجع اللى بعمله مع الدفاتر اللى معاه ..إيه العبث والعبط ده !

دمتم بخير.
-"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " أمل الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فوقوا بقى - مائة تناقض فى القرآن من 61 إلى 83
- فى المنطق -400 حجة تُفند وجود إله
- فوقوا بقى - مائة تناقض فى القرآن من 41 إلى 60
- فوقوا بقى - مائة تناقض فى القرآن من 21 إلى 40
- فوقوا بقى - مائة تناقض فى القرآن من 1 إلى 20
- الحاجة والضرورة والصدفة والوعى
- حتى لا ننسى وحتى لا نغفل ونغفو .
- أربع مائة حجة تُفند وجود إله .
- أكذوبة الحضارة الإسلامية وفضح الغزو والفتوحات
- أنا فهمت الآن سر ولغز الحياة .
- منظومة فكرية وسلوكية فاسدة وضارة
- الوثنية هى الأصل
- الحالة الإيمانية ضارة ومنتهكة لإنسانيتنا وتطورنا
- قضية للنقاش-هل القومية العربية وهم أم حقيقة
- ثقافة تجميل القبح وتقبيح الجمال !
- إشكاليات فى فكرة الإله-خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم
- آمال وأمنيات فى العالم الجديد
- أنا فهمت الآن-نحو فهم الحياة والوجود والإنسان
- فكر فى هذه المعادلات والأسئلة
- تأملات فى ماهية الإعتقاد والإيمان–لماذا يؤمنون


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - خربشة ومشاغبة عقل .. تسالى رمضانية.