أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هاجر حمادي - المسلم بين صراع الحياة و الموت














المزيد.....

المسلم بين صراع الحياة و الموت


هاجر حمادي

الحوار المتمدن-العدد: 6223 - 2019 / 5 / 7 - 16:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



يعيش المسلم اليوم صراعا داخليا عميقا يظهر جليا في أفكاره و سلوكاته ، إذ يمكن لنا أن نراه ودودا محبا للحياة ، تواقا للعيش بحرية ، و في نفس الوقت نراه يحمل أفكارا متعصبة و متطرفة ، ذلك نتيجة بعض النصوص الدينية التي يتم تلقينه بها في الأسرة و المدرسة و المحيط ، مثلا هو يريد أن يستمع للموسيقى فيحذرونه أنها حرام ، يريد أن يعيش تجربة العلاقة مع امرأة يرغب بها فيحذرونه من الزنا ، يريد أن يقوم بمشاريع اقتصادية فيحرمون له الربا ، يريد أن يطرح تساؤلات فكرية و فلسفية عن العقيدة فيحذرونه من الشرك و الكفر ، لكن في الأخير الأغلبية من المسلمين تمارس كل هذه- المحرمات - ، ثم يشعرون بالندم و يدخلون في صراع نفسي كبير بين حب الفطرة البشرية المتمسكة بالحياة و بين الموت و الخوف من العقاب ما بعده ، هذا الصراع جعل من المسلم كائنا متناقضا في تصرفاته ، فترى شريحة كبيرة من المسلمات يرتدين خمارا مع ألبسة ضيقة و عصرية ، و هن يعلمن جيدا أن الحجاب في الدين ليس هكذا تماما ، لكنهن يقفن في الوسط بين رغبتهن في ارتداء الأزياء المعاصرة و بين الخوف من الله أو المجتمع و التقاليد أحيانا ، فيخترن هذا المظهر المشوه كحل وسطي لإخماد ذلك الصراع الداخلي ، الأمر نفسه مع الرجال المسلمين حيث تجدهم يمارسون أموراً كثيرة منافية للدين ثم يتشبثون بمفاهيم دينية متعصبة في داخلهم ، و يبررون ذلك أن النفس ضعيفة و أمارة بالسوء ، لأن المسلم لا يدرك بعد أن تلك التصرفات التي يصفها بالضعف و يعتبرها خطأ هي تصرفات متزنة و فطرية نابعة من الرغبة في الحياة الكامنة عند كل إنسان سوي ، و أن القيم الدينية و الحدود الشرعية هي أفكار غير متزنة تجعله يعيش اضطرابا داخليا عميقا ، هنا أتذكر قصة لرجل أعمال صيني استغرب التناقض الذي يعيشه المسلمون في سلوكاتهم ، حيث كان يستقبل بعض رجال الأعمال منهم ، فلاحظ أنهم يشربون الخمر و يمارسون العلاقات الجنسية مع النساء ، لكنهم يصرون على الأكل الحلال الخالي من لحم الخنزير ، هذا مثال بسيط عن الانفصام الواضح في تصرفات المسلم و أفكاره ، تصرفات مبنية على السلوك و نقيضه ، الفكرة و عكسها ، القول و ضده في الفعل ، كل ذلك يحدث في غياب لمنظومة علم نفس و اجتماع تعالج هذه التناقضات لدى المجتمع ، أما بالنسبة للإسلاميين فهم يدركون هذا الصراع الداخلي الكبير الذي يعيشه المسلم ، لكنهم لا يتطرقون له أبدا خوفا من فقدان الشريحة الكبرى في المجتمع ، لأنهم إذا تكلموا عن هذه القضية فسيجبرون المسلم على الاختيار بين الالتزام بالفكرة الدينية و تطبيقها و بين تركها نهائيا ، و تلك مغامرة غير محسوبة لا يريد الإسلاميون دخولها ، خوفا من النتيجة التي ستكون لصالح الفطرة السوية للإنسان و التي ستميل لكفة الحياة أكثر من الموت ، فاختاروا أن يصفوا ذلك التناقض بالمعصية و الضعف حتى يضمنوا تبعية المسلم لهم دائما ، فالإسلاميون ليس لديهم مشكلة في أن يمارس المسلم تلك المحرمات طالما هو يراها كمحرمات ، و إنما مشكلتهم إذا مارسها عن قناعة و اتزان و عن تناسق مع أفكاره، و هنا سيعتبرونه خطرا لأنه بهذه الحالة رفض الفكرة في حد ذاتها و لم يكتفي بعدم تطبيقها فقط ، أما بعضهم وجد كذلك تسمية أخرى و هي الوسطية و الاعتدال ، و هذا غير صحيح تماما ، لأن الوسطية تكون في الفكرة بحد ذاتها و ليس الإيمان بنصوص متطرفة ثم عدم القدرة على تطبيقها ، هذا ما أنتج لنا تطابق في الفكرة و اختلاف في التطبيق بين التطرف الديني و ما يعرف بالوسطية ، بالتالي وجب القول أن استمرار هذا الصراع الداخلي لدى المسلم سيجعله دائما تحت معاناة نفسية كبيرة ، و سيعطل مشروع تقسيم المجتمع إلى معالم واضحة مثل بقية المجتمعات ، و التي تجد فيها فريقا اختار التعبد و الانعزال و فريقا اختار الحياة و العيش بحرية ، بينما بقيت المجتمعات الإسلامية غير واضحة المعالم ، الكل فيها يتكلم باسم الدين و يمارس كل ما هو ضد الدين ....



#هاجر_حمادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مثقفون و ناشطون و فنانون في الشرق الأوسط و شمال .... أفريقيا ...
- غياب البدائل الفلسفية والنفسية والفكرية في المجتمعات الإسلام ...
- إمنعوا الفكر الإخواني من الوصول إلى العقول قبل أن يتجمّع في ...


المزيد.....




- اتفرج الآن على حزورة مع الأمورة…استقبل تردد قناة طيور الجنة ...
- خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض ...
- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هاجر حمادي - المسلم بين صراع الحياة و الموت