أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - جواد كاظم غلوم - رفقتي الى شارع المتنبي مع حفيدتي المغتربة














المزيد.....

رفقتي الى شارع المتنبي مع حفيدتي المغتربة


جواد كاظم غلوم

الحوار المتمدن-العدد: 6222 - 2019 / 5 / 6 - 21:46
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


رفقتي الى شارع المتنبي مع حفيدتي المغتربة

زارتني قبل أمدٍ ليس ببعيد عائلة ابنتي المقيمة في بلاد الثلج والزمهرير فهللتُ فرحا بهم بعد ان ولّت الوحشة منّا وحزمتْ حقائبَها ورحلت هي الأخرى لتفسح المجال لنا لننشر دفء المحبة ونجتمع معا في ايام جميلة قد لا تتكرر لاحقا .
كنت على الدوام طيلة وجودهم معي في بغداد ألاعب أحفادي الصغار؛ وكم يتشوق شيخ هرم مثلي ان يرى نبتَه يكبر وينمو ويشيّد عائلة متحابّة ويثمر هو الآخر أغصانا وبراعم يانعة تنعم بربيع لقاءٍ كاد ان يكون عسيرا ولمّة حلوة أوشكت ان تصير حلما صعب التحقيق ، فما أحلى اللعب مع الصغار والاستزادة من فيض البراءة الملائكية والطهر والعفويّة الكامنة فيهم حينما تجيئك حفيدتك بكل محبة وتعلّق وهي تشدو أمامك : جدو جدو .
ففي يوم جمعةٍ وخلال وجودهم وقضاء زيارتهم معنا هممتُ ان أزور أصدقائي كعادتي في نهاية الأسبوع وأصلهم في شارع متنبي بغداد كي نلتقي ونتبادل الحديث في الأدب والسياسة وأوضاعنا المربكة وغير المربكة واعتذرتُ من ابنتي لأستأذن بالرواح الى لقاء أصدقائي لأني سأغيب عنهم بضع ساعات .
وما ان سمعتْ حفيدتي الخاتون الصغيرة اسم شارع المتنبي ؛ أصرّت ان تكون بصحبتي وتجول معي هناك وبرّرتْ كلامها ببلاغة راقت لي قائلةً :
--- كيف اسمع بشارع المتنبي ولا أراه وهو الأقرب لي الان مسافةً كقربه الى قلبي ، فشعرت بالفرح لأنها لم ترَ مرفق بغداد الجميل وسوق كتب المتنبي ويكاد يكون هذا المكان الوحيد المتميز بجماله في حالنا الكئيب المكفهرّ الآني .
أزادتْ خاتونتي الصغيرة من طلباتها دلالاً مع جدّها وقالت انها تريد سماعة هاتف نقّال من النوع الفاخر لتتسلى وحدها بتلفونها الذكي الجديد مع دمية " باربي " وأضافت طلبا ثالثا آخر ان تشتري بالوناً ملوّنا كبيرا لتزهو به وهي تتمايل فرحا في شوارع وأزقة بغداد فأذعنتُ لتلبية كلّ طلباتها حال وصولنا .
ما ان وصلنا مقصدنا ؛ جلست في المقهى المعتاد حتى استقبلني احد الأصدقاء الأدباء مرحبّا سعيدا بقدومنا ؛ وفجأة وبدون سابق إنذار منه أخرج من جيبه سماعة هاتف جميلة جدا وملوّنة وأعطاها لحفيدتي بكل رحابة صدر دون ان يدري انها تتشوق لشرائها .
حقا دهشت لهذه الهدية الصدفة لكني كتمت دهشتي أمام صديقي واستأذنته بالانصراف شاكرا صنيعه على أمل العودة مجددا للمجالسة معه بعد تلبية طلبات حفيدتي الأخرى .
وما ان خرجت من باب المقهى حتى بادرني صديق فنان غرافيتي بارع في رسوماته على الجدران وغير الجدران وأعطى حفيدتي بالونا منتفخا غاية في الجمال رسمت عليه بعض ملامح بغداد ومناراتها العالية وأسواقها العتيدة وأخذتْـه في يدها مسرورة به وهو معلق بخيط يراوح في الهواء حتى نسيَتْ ان تقول له شكرا بسبب سعادتها المفرطة به وبرسوماته المتقنة على سطحه .
بعدها دخلنا المركز الثقافي البغدادي ورأينا وسط ساحته أنواعا من الدمى " الباربية " الزاهية الألوان ، مختلفة الأشكال والأحجام وكلها جميلة تشدّ أنظار الفتيات بمثل عمرِها .
قررتُ ان اشتري لها ما يروقها فسألت احد الواقفين جنب الدمى عن سعر لعبةٍ أشرتُ اليها فقال لي ان الألعاب هنا لا تباع ولكن يمكنك أخذها كهدية لهذه الفتاة الرقيقة القلب بدون مقابل لو أجبْـتـني على سؤال تُخرجه مكتوبا في قصاصة ورق في هذا الصندوق القريب منك ، ومددتُ يدي وانتشلت ورقة كُتب عليها سؤال يَسير أجبتُ عليه عاجلا فأعطاني الدمية التي أعجبتْ حفيدتي الخاتون الصغيرة وهو في غاية الامتنان والحبور .
ما هذه الصدف الثلاث السعيدة التي أبهجت صغيرتي قبل ان تبهجني وحفظتْ نقودي في جيبي التي خصصتها لشراء طلباتها الثلاثة !!
اية فسحة ممتعة وأنا أرى كلّ ما تهفو اليه خاتونتي الصغيرة يأتيها ويغدو طوع أمرها في بلاد أجدادها التي تطأها اول مرة ؟؟!
لا أخفي اني لم اكن أعبأ قبلا بما يقال بان الصدفة خيرٌ من ألف ميعاد حتى لمستها بيديّ ورأيتها بأمّ عينيّ .
وكم كنت جذلا سعيدا يومها وانا أتملّى حفيدتي الصغيرة تبدو عليها بشائر البهجة في وطن أجدادها الذي منحها كرم أهليه النجباء وأراها نبل العراقيين الذي سيعْلق بذاكرتها طوال حياتها وربما تقصّ حكايتها على أولادها وأحفادها كما قصصتها أنا عليكم الآن .

جواد غلوم
[email protected]



#جواد_كاظم_غلوم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أخطاءٌ مقدّسة
- إناقة الأكاذيب أمام الحقائق العارية
- أجنحة طائرة على أوجاعها
- رحماك يا وابور على مصر وأهلها
- متى يغنّي عبّود المتعب في بيته الذكيّ ؟؟
- محنة اللاجئين والرقص على معاناتهم
- إليها معلمتي ... وهل غيرها أنهكتْني ؟؟
- على مائدة عشاء مهلِك
- كتابة التأريخ .. تزييف الحقائق وتشويهها وانقلابها
- غزوات ٌ وغاراتٌ بريّة أم فتوحات ؟؟
- أما من مزيد
- دكاكين وعيادات تجميل أم تقتيل ؟!
- عتابٌ الى أبي الطيّب المتنبي
- متى تلامس مؤشراتُ الرفاهية العراقَ المحزون ؟؟
- حديث وسط خضم الفوضى
- ماراثون الى الوراء
- قصيدة بعنوان / اسمك القصيدة
- وحشية الذئاب البشرية وإنسانية الذئاب البرية
- نومٌ وخدَرٌ شجاعٌ
- نوماً آبِداً وخدَراً خالداً


المزيد.....




- بلينكن يزور السعودية ومصر.. وهذه بعض تفاصيل الصفقة التي سينا ...
- في جولة جديدة إلى الشرق الأوسط.. بلينكن يزور السعودية ومصر ل ...
- رغد صدام حسين تستذكر بلسان والدها جريمة -بوش الصغير- (فيديو) ...
- فرنسا وسر الطلقة الأولى ضد القذافي!
- السعودية.. حافلة تقل طالبات من جامعة أم القرى تتعرض لحادث مر ...
- -البديل من أجل ألمانيا- يطالب برلين بالاعتراف بإعادة انتخاب ...
- دولة عربية تتربع على عرش قائمة -الدول ذات التاريخ الأغنى-
- احتجاج -التظاهر بالموت- في إسبانيا تنديداً بوحشية الحرب على ...
- إنقاذ سلحفاة مائية ابتعدت عن البحر في السعودية (فيديو)
- القيادة الأمريكية الوسطى تعلن تدمير 7 صواريخ و3 طائرات مسيرة ...


المزيد.....

- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون
- في مسعى لمعالجة أزمة الهجرة عبر المتوسط / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - جواد كاظم غلوم - رفقتي الى شارع المتنبي مع حفيدتي المغتربة