أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - صلاح الدين عثمان بيره بابي - تجربة اليابانية في ادارة التنمية بعد الحرب.















المزيد.....



تجربة اليابانية في ادارة التنمية بعد الحرب.


صلاح الدين عثمان بيره بابي

الحوار المتمدن-العدد: 6222 - 2019 / 5 / 6 - 17:41
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


A
التجربة اليابانية في ادارةالتنمية والتقدم بعد الهزيمة في الحرب
التجربة اليابانية في ادارةالتنمية والتقدم رغم كونها انجازا تاريخيا مهما ادهش العالم المتقدم في امريكا الشمالية واوربا ،بسبب معاكسة النتائج الوخيمة عليها للحرب العالمية الثانية وتدميرها وخسائرها البشرية الكبيرة،اضافة الى ظلم الجغرافية والطبيعة لها لحرمانها من الموارد الطبيعية وعلى راسها الاراضي المنبسطة،كونها مقسمة الى اكثر من اربعة الاف جزيرة ومساحة اكثرها جبال وعرة تتخللها الزلازل ، حرمانها من الموارد المعدنية المهمة،والاثبات العملي بعدم جدوى النظريات الكلاسيكية للتنمية .
اذن السوؤال الطبيعي الذي يفرض نفسه لهذه الدولة الاسيوىة بهذا الماسات الجيو-سياسية والندره الهائلة للموارد الطبيعية والاقتصادية المهمة،ان يتطور بهذه السرعة ولفتره زمنية القصيرة الى دولة صناعية - دولة HIGHTIC لتنزح منه القدرة التكنلوجية الهائله الى الدول المجاورة له ككوريا الشمالية والصين والنمور الاسيوية وبقية دول العالم بمافيها الغربية.
اكبر انجاز ساهم اليابانيون في خدمة العالم ليس في ابداعاتهم التكنلوجية فحسب بل في نظام ادارتهم للتنمية التي ازاح التجربة الادارة التقليدية للدول الصناعية الغربية والتي نحن لازلنا متمسكين بتفاصيل نظرياتها التي عفا عنه الزمن ولازلنا ندرسها في مؤسساتنا التعليمة والجامعية.لقد حان الوقت ان كنا جادين في مسالة التنمية ان نترك الافكار والنظريات الكلاسيكية التي لائمت في ظروف تاريخة اثناء وبعد الثورة الصناعية اوربا الغربية،التي وصلت هي نفسها بعد الان الي الطريق المسدود لاتساعدها النظريات القديمة،ولهذا مضطرين الى المساهمات العملية الجديدة والتي ادت الى تجاوز جغرافيا التطور القارة العجوز بما فيها امريكا الشمالية الى القارة الاسيوية حيث تقف على قمتها التجربة الادارية اليابانية للتنمية والتغلب على ندرة الموارد الطبيعة بالاستعاضة عنها بالطاقات البشرية الهائلة ,وهذا ما فعله اليابانيون ويتبوا اليوم المركز الثالث كاقوى اقتصاد في العالم.
اقتراحي للاساتذة والباحثين والجامعات في بلداننا اعادة النظر فيما يقومون به من جهد في مجال التعلم والبحث بتغير المنهاهج وتطويرها بما يوازي تغير جغرافية مراكز التطور في العالم.لهذا وجدت ان نقل هذا المقال واعادت نشره خدمة - بعدم الياس الذى نلاحظه في بلداننا ،وانما الاستفادة من العوامل التي ادت باليابان بالنهوض ،وهنا الكرة ليس في ملعب حكامنا فحسب بل في ملعب مثقفينا والباحثين في رفع المعنويات وشحذ الهمم،وخصوصا لدينا مزايا جغرافية لاتملكه اليابان،كل ماتنقصنا حب الوطن والتالف بيننا والغيرة على تطوربلداننا ومستقبل اجياله،وتفضيل الاجندة الوطنية ة واللحمة والاهتمام بالانسان وبناءه واطلاق طاقاته.
د.صلاح الدين عثمان بيره بابي
http://www.ahewar.org/m.asp?i=9287

التجربة اليابانية في ادارة التنمية بعد الحرب..
كتب السفير الأمريكي «إدوين أشاور» كتابًا تحت عنوان «اليابانيون»، طرح فيه سؤالًا جوهريًا، ما سر اليابان؟ وما سر نهوضها ؟ وأجاب: بأن سر نهوضها شيئان اثنان، هما: إرادة الانتقام من التاريخ، وبناء الإنسان، هذا هو الذي نهض باليابان إرادة الانتقام من تاريخ تحدى أمة هزمت وأهينت فردت على الهزيمة بهذا النهوض العظيم، وبناء الإنسان الذي كرسه نظام التعليم والثقافة.
فالنقلة النوعية التي أحدثها الشعب الياباني في التاريخ الإنساني المعاصر تعد مثلًا أعلى لشعوب العالم، ولا غرو فهزيمة كبرى تلحق به في الحرب العالمية الثانية تثير في نفوس أبنائه الغيرة على بلادهم، وتلهب نيران الحماسة في صدور شبابه على مستقبلهم ومكانتهم بين دول العالم، ولذا فهم استمروا في المحاولات وظلوا وما زالوا يبحثون عن السبل التي تمكنهم من الرقي والتقدم، وما انفكوا حتى حولوا بلادهم إلى مكانتها المتقدمة بين شعوب الأرض قاطبة، فأصبح اسم اليابان مطبوعًا في أذهاننا ؛ لما يقدمه ذلك البلد من اختراعات وصناعات للعالم، ذلك البلد الذي لم تثنه الحروب عن التقدم والازدهار، وعكف على بناء نفسه، وأدرك قادته أن لا سيادة لهم إلا بالعلم واليد العاملة.
بعد كارثة مفجعة تمثلت في هزيمة مؤلمة من قبل قوات الحلفاء عند نهاية الحرب العالمية الثانية فقد كثير من الناس والسياسيين الأمل في قدرة هذه الدولة على أن تقف على قدميها من جديد؛ لأنها تراجعت إلى دولة مهزومة من دول العالم الثالث، لم يكن من المتوقع لها أن تقف على قدميها، فكيف بقدرتها على أن تهيمن على الواجهة العالمية بعد عقدين من نهاية الحرب العالمية الثانية. تلك الهزيمة النكراء والخسائر البشرية الهائلة والدمار غير المحدود كانت أسبابًا حقيقية لتموت تلك الدولة بمن فيها، لكن العزيمة والإرادة كانتا تملآن نفوس اليابانيين..
اليابان... في الجغرافيا
لقد تضافرت مجموعة من الظروف التاريخية والجغرافية كي تدفع بالتجربة اليابانية إلى النجاح، حيث أعطت الجغرافيا لليابان خصائص فريدة، فخُمس مساحتها لا يصلح للاستغلال، وما تبقى من مساحة يضيق عن استيعاب البشر، كما يصعب أن يعطيهم الإنتاج الزراعي الكافي لحاجتهم، فلجؤوا إلى زراعة كل أرض فضاء في المدن المهدمة كي يحصلوا على لقمة العيش. لذلك فإن هذه الطبيعة أعطت اليابان القدرة على العمل الشاق قرنا بعد قرن وحقبة بعد أخرى، حتى أصبح لدى الياباني «أخلاقيات عمل» يصفها بعض الخبراء بأنها (أكثر أخلاقيات العمل عمقًا وأصالة في العالم كله)، كما أن هذه الجزر الممتدة بموقعها الجغرافي المعروف الذي يعرضها إلى أكثر الأعاصير والهزات الأرضية عنفًا، جعلت لسكانها سمة هي قدرتهم على التكيف السريع. كما أن الذات الجماعية لدى اليابانيين ملحوظة، والعمل كفريق سمة من سمات شخصيتهم الوطنية، وكذلك التنظيم الاجتماعي، وذلك كله ليس نتاج التاريخ الحديث، إنما يضرب في تاريخهم قدمًا، فقد انصهر المجتمع الياباني منذ القدم في بوتقة واحدة.
واليابان تقع في شرق القارة الأسيوية، وتتكون من سلسلة من الجزر (حوالي أربعة آلاف جزيرة) تمتد بين الشمال والجنوب على شكل أرخبيل طوله 3000كم، أربع منها رئيسية (هونشو- شيكوكو- كيوشو- هوكايدو)، وجزر اليابان مقسمة إداريًا من قبل الحكومة إلى 43 ولاية وأربع بلديات، مساحتها الإجمالية 881,369 كيلو مترًا مربعًا، والمسافة بين اليابان وأرض القارة عند أقرب نقطة تبلغ حوالي 180 كلم, وهذا الوضع الجغرافي جعلها وحيدة نسبيا على الصعيد الجغرافي والثقافي، فأنتجت ثقافة خاصة بها بالغة التميز. ويبلغ إجمالي تعداد سكان اليابان حوالي 127 مليون نسمة، وهي بذلك تعتبر سابع دولة أكثر تعدادًا بالسكان، عاصمتها طوكيو. ويشكل اليابانيون حوالي 99,4٪ من السكان، والكوريون 0,5٪، وما تبقى وقدره 0,1٪ فهم من الجنسيات المختلفة. يعيش أكثر من 79٪ من السكان في المدن الكبرى، والباقي في القرى والأرياف. ويعمل 35٪ من السكان في الصناعة، بينما يعمل 27٪ منهم في الزراعة , وهناك ما يقرب من 700 ألف صياد يعملون في مهنة صيد الأسماك، أما باقي السكان فيعملون في التجارة والمهن الحرة، وكموظفين في الدوائر الحكومية للدولة والمؤسسات الخاصة., واللغة اليابانية هي اللغة الرسمية، والين هو العملة المستخدمة. وتغطي الجبال والغابات الكثيفة ثلثي الأراضي اليابانية، وتنحصر الصناعة والزراعة والمناطق السكنية ونحوها في السهول المحاذية للسواحل. لهذا فإن الكثافة السكانية في المدن الساحلية عالية جدا, مما تسبب في ارتفاع أسعار الأراضي.
عوامل النهضة اليابانية بعد الحرب
في كتابه المتميز «أسرار الإدارة اليابانية» حاول الدكتور حسين حمادي أن يجيب عن السؤال المهم: «ما الذي فعله إنسان اليابان لتخطي خسارة الحرب؟ وكيف وضع نفسه على الطريق لكي يجعل من اليابان واحدة من أكبر ثلاث قوى اقتصادية في عالمنا المعاصر؟» فيقول إن هذا الإنسان لم يغب عن باله أن أكثر من مئة مليون من الناس يجب أن يعيشوا في رقعة من الأرض لا تتجاوز مساحتها 380 ألف كيلو متر مربع تغطي الجبال البركانية نحو 85% منها، هذا مع غياب شبه كامل لأي نوع من الثروات والموارد الطبيعية. وقبل ذلك، ومنذ تولي الإمبراطور ميجي مقاليد الحكم بمساعدة رجال الساموراي عام 1867م، كان التصور أن حل المشكلة القومية لليابان هو التحديث، بأن تصبح اليابان دولة عصرية قوية تدخل في المجال الصناعي بكل قوة، ولا بد لها من فتح الأسواق الخارجية بالقوة، والحل يكمن في التوسع الأفقي على حساب الجيران، حيث القوة العسكرية هي المفتاح لتحقيق هذا التوسع. وهكذا انتصر الجيش الياباني في حربه مع الصين عام 1895م، ثم انتصر على روسيا عام 1905م، ثم على كوريا عام 1910م، ثم دخلت اليابان الحرب العالمية الأولى، ثم الثانية لتستولي على الهند الصينية والفلبين والملايو وسنغافورة وبورما وتايلاند. ولكن هذا كله لم يوصل إلا إلى الاستسلام غير المشروط عام 1945م، والذي كان البديل الطبيعي له الانتحار القومي لليابان بأسرها. من هنا انتهى إنسان اليابان، كما يقول الدكتور حمادي في كتابه الشيق، إلى البحث عن طريق آخر وقرار جديد، وكان أساس هذا القرار الجديد أن الحل يقع داخل حدود اليابان، وأنه مرتبط بالإنسان الياباني وبالعقل الياباني. ومن هنا جاء دور النظام التعليمي في اليابان لكي يأخذ القرار القومي ويصبه بكل قوة في عقل إنسان اليابان الجديد، ومن ثم انتهى إنسان اليابان بعد الحرب العالمية الثانية إلى أن القرار القومي يكون بالتوسع الرأسي من خلال إنسان اليابان وعقله، وليس بالتوسع الأفقي باستخدام السلاح الياباني. ويمكن تلخيص عوامل النهضة في اليابان من خلال استعراض النقاط التالية:

الإدارة اليابانية: من أبرز عوامل النهضة اليابانية بعد انهيار الاقتصاد الياباني عقب هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية ما عُرف «بالإدارة اليابانية»، بمعنى تطبيق مبادئ إدارية حديثة من بينها إدارة الجودة الكاملة، والعمل ضمن فريق عمل «روح الفريق»، وإتقان العمل الإداري وتحويله إلى قيمة اجتماعية مرتبطة بالثقافة اليابانية، والابتكار والتطوير، إلى غير ذلك من المبادئ والمفاهيم الإدارية الفعالة.وإذا ما علمنا أن اليابان لا تمتلك أي موارد طبيعية، وتقع في موقع جغرافي ناءٍ، أدركنا أن العنصر البشري هو عماد وركيزة التنمية والنهضة اليابانية، والذي ركزت عليه برامج التنمية الاقتصادية اليابانية. ولا غرو أن العنصر البشري أهم ركائز التنمية والنهضة في أي مجتمع، لذا يأتي الاستثمار في العنصر البشري من أوليات خطط التنمية والنهضة في كل المجتمعات. ومرد ذلك يعود إلى عدة عوامل من بينها: التنشئة والتربية الاجتماعية، ومناهج التعليم، وأنظمة وبيئة العمل، وغير ذلك.إن العمل ضمن فريق عمل محدد له تنظيم إداري، كفيل بأن يتيح لفريق العمل إنجاز المهام المنوطة به، ولعل من أبرز ملامح ذلك ما يلي: تحديد مهمة الفريق بشكل واضح، وحجم فريق العمل، وتعيين رئيس لفريق العمل مع تحديد واجبات وصلاحيات كل عضو في الفريق، وتحديد الوقت اللازم لإنجاز المهمة، ويتوجب أن يكون تشكيل فريق العمل متماشيًا مع أهداف ومهام الفريق.

الشخصية اليابانية: فالشخصية اليابانية منضبطة،‏ تقدس الوقت،‏ وتحترم النظام‏،‏ وتبدع من ضمن الفريق الواحد‏،‏ وتلتزم وبشدة بآداب التعامل‏،‏ وأخلاقيات المتاجرة رفيعة وموصوفة بالصدق والأمانة‏.‏ وهناك إحساس عام بالأمن والأمان في اليابان لتوافر الوظيفة المنتجة والتأمين لمعظم الخدمات الاجتماعية‏.‏ وهذه الأخلاقيات نابعة من الاهتمام بالبرامج التعليمية المتعلقة بالأخلاقيات والسلوك للمواطن‏، ومنذ الصغر في البيت والمجتمع والمدرسة‏.‏ كما أن محاسبة القانون صارمة للمخالفين،‏ والإحساس بالعيب المجتمعي الذي يخلق بالمواطن الياباني منذ صغره قاسية‏.‏ ولا يرحم القانون الياباني الغني أو الفقير‏،‏ الوزير أو الغفير‏،‏ فحينما تكتشف المخالفات‏،‏ تدرس أسباب حدوثها،‏ ويحاسب مرتكبوها‏,‏ وتمنع تكررها‏.‏ بالإضافة إلى أن القيم المجتمعية اليابانية تفرض على الشخص الاعتذار‏.‏ لذلك يعتذرون ويعترفون بأخطائهم في معظم الأحيان‏.‏ ولقد حاولت الثقافة الأمريكية تعزيز الشخصية الفردية والقيم الفردية في الإنسان الياباني من خلال الدستور وقانون التعليم‏،‏ والذي يخالف تماما القيم اليابانية الأخلاقية والدينية في التأكيد على أهمية المجتمع والطبيعة والتناغم الجميل بينهما‏.‏وفي عام‏1989‏ نجح اليابانيون في مراجعة البرامج التعليمية وتطهيرها من القيم الفردية المستوردة‏،‏ وأضيفت برامج السلوك والأخلاقيات بصيغة متكاملة على أن تراجع كليا كل عشر سنوات‏.‏ وقد أدخلت مادة السلوك والأخلاقيات بتناغم في جميع المواد المدرسية ونشاطاتها بالإضافة لبرنامج متخصص في الأخلاقيات يقدم ساعة كل أسبوع على مدار السنة وفي جميع السنوات الدراسية‏.

المعلم الياباني: يعكس دور المعلم في اليابان في مختلف المراحل اهتمام اليابانيين بالتعليم وحماسهم له، ومدى تقديرهم له، فالمعلمون يحظون باحترام وتقدير ومكانة اجتماعية مرموقة، ويتضح ذلك من خلال النظرة الاجتماعية المرموقة لهم، وكذلك المرتبات المغرية التي توفر لهم حياة مستقرة كريمة، ويتساوى في ذلك المعلمون والمعلمات. ويتضح كذلك من خلال التهافت على شغل هذه الوظيفة المرموقة في المجتمع. فمعظم هؤلاء المعلمين هم من خريجي الجامعات، ولكنهم لا يحصلون على هذه الوظيفة إلا بعد اجتياز اختبارات قبول شاقة، تحريرية وشفوية. وبالطبع نسبة التنافس على هذه الوظيفة شديدة أيضًا، وهم بشكل عام يعكسون أيضًا نظرة المجتمع إليهم، ويعكسون أيضًا صورة الالتزام وروح الجماعة والتفاني في العمل عند اليابانيين. فهم إلى جانب عملهم في المدرسة وقيامهم بتدريبات ودراسات لرفع مستوياتهم العلمية، فهم يهتمون بدقائق الأمور الخاصة بتلاميذهم، كما يقوم المعلمون بزيارات دورية إلى منازل التلاميذ أو الطلاب للاطمئنان على المناخ العام لاستذكار التلاميذ من ناحية، ومن ناحية أخرى يؤكدون التواصل مع الأسرة وأهمية دورها المتكامل مع المدرسة.

التعليم الياباني بين المركزية واللامركزية

يمزج نظام التعليم الياباني بين النظام المركزي كأساس ونظام اللامركزية في التعليم، وتتميز اليابان بشكل عام بأن نظام تعليمها يغلب عليه طابع المركزية. ومن إيجابيات هذا المبدأ في التعليم توفير المساواة في التعليم ونوعيته لمختلف فئات الشعب على مستوى الدولة، وبذلك يتم تزويد كل طفل بأساس معرفي واحد، حيث تُقرر وزارة التعليم اليابانية الإطار العام للمقررات الدراسية في المواد كافة، بل ويُفصَّل محتوى ومنهج كل مادة وعدد ساعات تدريسها، وبذلك يتم ضمان تدريس منهج واحد لكل فرد في الشعب في أي مدرسة وفي الوقت المحدد له. والوزارة مسئولة عن التخطيط لتطوير العملية التعليمية على مستوى اليابان، كما تقوم بإدارة العديد من المؤسسات التربوية بما فيها الجامعات والكليات المتوسطة والفنية. ولكن لا يعني ذلك أن مركزية التعليم مطلقة في اليابان، فهناك قسط أيضًا من اللامركزية حيث يوجد في كل مقاطعة من مقاطعات اليابان مجلس تعليم خاص بها، ويعتبر السلطة المسئولة عن التعليم وإدارته وتنفيذه في هذه المقاطعة.

بدايات التعليم في النموذج الياباني

مع أن هذا البلد هو الوحيد الذي قصف بالسلاح النووي، واستسلم بدون قيد أو شرط، وسرح جيشه البالغ خمسة ملايين جندي، ونفض يده من كل الآلة العسكرية المخيفة التي بناها بيديه وعرق جبينه، ولكنه لم يحرر بلده بحرب تحرير فيتنامية أو جهاد أفغاني بل بطريقة امتاز بها هذا الشعب. وذلك لا يعود إلى سبتمبر عام 1945م، عندما وقع على وثيقة الاستسلام على ظهر البارجة الأمريكية ميسوري، بل يعود إلى زمن أبعد، عام 1868م عندما أصدر (العهد الميجي) في عهد الإمبراطور (موتسو هيتو) الذي بدأ حكمه في 3/11/1852م وكان شابا ذكيًا متفتحًا وسمي عهده (الميجي) أي الحكم المستنير. وبواسطة هذا العهد تم إرساء قواعد نهضة اليابان الحديثة. وأهم فقرة في هذا العهد هي الخامسة التي تنص على التعليم: (سوف يجري العمل على جمع المعارف من شتى أنحاء العالم أجمع، وعلى هذا النحو سوف ترسخ الإمبراطورية على أسس متينة).

فلا تكاد تنظر إلى أي جهة من جهات النهضة اليابانية دون أن ترى موضوع التعليم يقابلك بوضوح، وبدأت إصلاحات النظام التعليمي الحديث في اليابان في السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر، ثم انتعشت في بداية القرن العشرين. وعندما دخلت اليابان الحرب العالمية الثانية كانت لديها قاعدة صناعية وتعليمية، وبعد الحرب تحول التعليم الياباني إلى تعليم يعتمد التدريب على التفكير أكثر مما يعتمد على النقل والحفظ. ومع مرور الزمن استقرت هذه المفاهيم في نظام تعليمي مركب، أصبح يشد خبراء التعليم في العالم.. وأصبحت مناهج التربية والتعليم اليابانية اليوم من المناهج العالمية التي تنظر إليها وتحاول تقليدها الأمم الأخرى.

وفي هذا الصدد يعقد «إدوين أشاور» مقارنات غريبة جدًا في كتابه «اليابانيون»، استنتج خلالها أن الطفل الياباني يحصل على نتائج عالية في الاختبارات الدولية التي تقيس القدرات في الرياضيات والعلوم أكثر من الطفل الأمريكي والبريطاني والفرنسي وغيرهم من الجنسيات الأخرى. أما طالب المرحلة الثانوية البالغ من العمر 14 عامًا فيكون قد تعرض لتعليم ومعرفة لم يتعرض له طالب أمريكي إلا إذا بلغ من العمر 17 أو 18 عامًا، لماذا ؟ لسلامة نظام التعليم الياباني، ويقول: إن سر نهوض اليابان هو المورد البشري وتنمية هذا المورد العظيم، مما جعل اليابان تتقدم على الصعيد العالمي في نسبة العلماء والمهندسين (60.000 لكل مليون نسمة)، وينخرط نحو (800.000) ياباني في مراكز الأبحاث والتطوير، وهذا العدد تجاوز ما لدى بريطانيا وألمانيا وفرنسا مجتمعة معًا.

نظام التعليم في اليابان بعد الحرب العالمية الثانية

استسلمت اليابان وقبلت باتفاقية بوتسدام في سبتمبر (1945), ونفذت بنود الاتفاقية، وكان أولها إبعاد جميع العناصر التي كانت في السلطة أثناء الحرب, أدخلت سلطات الاحتلال الأمريكي تغييرات في النظام التربوي الياباني, منها، تسريح المعلمين الذين كانوا دعاة للتعصب والمتعاونين مع السلطات أثناء الحرب. وقد صدرت لائحة إدارة نظام التعليم في تشرين الثاني (1945). ثم أجرت البعثة التعليمية الأمريكية الأولى بعض التغييرات في نظام التعليم الياباني في آذار (1946)، حيث دعت إلى تغيير نمط الإدارة التربوية والتعليمية المركزية إلى إدارة لا مركزية، وتوسيع سلطة الإدارات المحلية في الإشراف، وإنشاء لجان تعليمية تنتخب بطريقة علنية، وكذلك دعت إلى إصلاح اللغة اليابانية واستبدال القنوات المتعددة والمنفصلة في التعليم الثانوي والعالي، وإصلاح نظام تدريب المدرسين وإجراء تغييرات أساسية في التعليم العالي من أجل توفير فرص متزايدة ومتساوية في القبول في الجامعات ومعاهد التعليم العالي.وغيرت مناهج التاريخ والجغرافية بما ينسجم وأغراض قوات الاحتلال, ودعت إلى اهتمام خاص بالتعليم المهني بجميع مستوياته.

وصدر في آذار (1947) قانونان, الأول قانون التربية المدرسية الذي تضمن مبادئ عامة لنظام التربية والتعليم ومبادئ تفصيلية تخص كل مرحلة ونوع تعليمي بما فيها إنشاء وإلغاء أقسام معينة في الجامعات, ووضع شروط تشغيل مديري المدارس والمعلمين منها؛ أن يمتلك شهادة إكمال الدراسة في مؤسسات إعداد المعلمين, وألا يكون من ذوي الشخصيات الاجتماعية الهزيلة, وسمح لهم باستخدام العقوبات تجاه التلاميذ لكنها محددة بضوابط معينة وحرم العقاب الجسدي, فرض على المدارس الخاصة وضع ميزانية للدخل وتسلم إلى السلطات المختصة.

أما القانون الثاني, القانون الأساسي للتعليم فحدد أهداف التربية، منها النمو الكامل لشخصية الفرد من أجل رفعة وتقدم الأفراد وتنمية حب الحقيقة والعدالة وتقدير قيمة الآخرين واحترام العمل وتعميق شعور تحمل المسؤولية والاعتماد على النفس والاستقلال, وكذلك تنمية الثقافة من خلال الاحترام المتبادل والتعاون واحترام الحرية الأكاديمية والحياة الواقعية... وأكد أيضا على إعطاء فرص متساوية للجميع من أجل الحصول على التعليم, والدولة سوف تعطي مساعدات مالية للذين لا يستطيعون الاستمرار في نوع التعليم الذي يلائمهم لأسباب مالية. والقانون أرغم أولياء أمور الأطفال على إرسال أبنائهم للمدارس يكملون (9) سنوات التعليم الأساسي. وأكد القانون على أن الأهداف الدينية ومكانة الدين في الحياة الاجتماعية سوف تحترم في الأنشطة التربوية, غير أن المدارس بحكم القانون تحجم أية تربية دينية لدين معين.

السلم التعليمي في اليابان

ينقسم السلم التعليمي في اليابان إلى أربع مراحل هي كالتالي:‏ المرحلة الأولى: مرحلة رياض الأطفال: من سن ثلاث سنوات إلى خمس, وتهدف إلى تهيئة الأطفال للمدرسة ومساعدتهم على النمو العقلي والجسمي السليمين من خلال تنمية قدراتهم على التفكير والسلوك، والقدرة على التعبير، وتقديم الأنشطة التي يحتاجها الأطفال. المرحلة الثانية‏: مرحلة التعليم الابتدائي: ويقيد بهذه المرحلة جميع الأطفال الذين بلغوا السنة السادسة, وتهدف تلك المرحلة إلى إتاحة الفرصة للأطفال للنمو المتكامل طبقا لقدراتهم الجسمية والعقلية والنفسية. المرحلة الثالثة:‏ مرحلة التعليم الثانوي: وتنقسم هذه المرحلة إلى مستويين (المدرسة الثانوية الدنيا) وتقابل مرحلة التعليم المتوسط (الإعدادي) في الدول العربية و(المدرسة الثانوية العليا)، أما مرحلة التعليم الثانوي الدنيا, فيدخل بها جميع الأطفال الذي أنهوا المرحلة الابتدائية إجبارا، ومدة الدراسة بها ثلاث سنوات.‏ أما المرحلة الثانوية العليا فيلتحق بها الطلاب بعد اختبار مسابقة صعب, ويضم هذا التعليم ثلاثة أنواع من الدراسة: دراسة كل الوقت، ودراسة بعض الوقت، ودراسة بالمراسلة، ويهدف هذا النوع من التعليم إلى مد الطلاب بالمعلومات الأكاديمية والفنية التي تتناسب مع قدراتهم الجسمية والعقلية، ومدة الدراسة بها ثلاث سنوات بالنسبة لمدارس الوقت الكامل، وأربع سنوات في مدارس المراسلة ومدارس بعض الوقت, والدراسة إما نهارية أو ليلية.‏ المرحلة الرابعة: مرحلة التعليم العالي: وهي المرحلة التالية للتعليم الثانوي، والدراسة بها متنوعة لمدة أربع سنوات أو خمس حسب نوع الكلية.

أما بالنسبة لإدارة التعليم فيمكن القول بصفة عامة: إن إدارة التعليم تتقاسمها الحكومة القومية والحكومات المحلية، فوزارة التعليم مسئولة عن إدارة الخدمات الحكومية على المستوى القومي وجميع المستويات التعليمية بما فيها المستوى الثالث، كما أن بعض المحافظين ومديري الجامعات الإقليمية والكليات لهم بعض المسئوليات التعليمية.‏ ويلاحظ أن عملية تعميم التعليم الابتدائي، وزيادة مدة الإلزام لم تتم بطريقة عشوائية بل تمت وفق تخطيط دقيق خلال مراحل ثلاث بدءا من عام 1886م.‏ حتى أصبح في الإمكان زيادة الإلزام إلى ست سنوات في عام 1908، ثم أخذ بالنظام الأميركي عام 1947م. فأضيفت المدرسة الثانوية الدنيا إلى التعليم الإلزامي، وبذلك أصبح التعليم الإجباري لمدة تسع سنوات، وبإمكانية استيعاب تجاوزت 99,9%.‏ وإذا كانت الإحصائيات قد أشارت إلى أن اليابان قد أسرفت في استثماراتها في التعليم بالنسبة لنصيب الفرد من الدخل القومي، فإن سرعة التنمية الاقتصادية ووصول اليابان إلى مستوى اقتصادي وتكنولوجي كبير يوحي بوجود رابطة سببية بين القوى العاملة المتعلمة والنمو الاقتصادي هو ما بدأته اليابان حينما وضعت استثماراتها الضخمة في تنمية نظامها التعليمي، فكانت نتيجة ذلك ما حققته من تقدم اقتصادي كبير.‏ كما أن ارتباط مدارس رياض الأطفال بالسلم التعليمي منذ البداية كان له تأثيره في تطوير وتنمية النظام التعليمي وبذلك كانت اليابان دولة رائدة في هذا النوع من التعليم ليس في آسيا فقط بل في العالم أجمع.‏

خصائص التربية اليابانية

من أهم ملامح وخصائص نظام التعليم الياباني ما يلي:

1- يستمد النظام التربوي الياباني أهم مقوماته من طبيعة مجتمعه وروح أمته واحتياجات وطنه، ولا يأتي انعكاسًا لنماذج تربوية خارجية.

2- يستمد النظام الياباني نهضته الحديثة من جذوره ومؤسساته وتقاليده المتأصلة والقائمة بالفعل ولم يدمرها أو يهملها بدعوى قدمها وتقليديتها.

3- يعد التعليم في اليابان خدمة وطنية عامة وواجبًا قوميًا يتجاوز أي جهد فردي أو فئوي خاص, وأنه في مناهجه ومقرراته وتوجيهاته يمثل عامل التوحيد الأهم لعقل الأمة وضميرها منذ مراحل التعليم الإلزامية الأولى, إذ لا يسمح فيه بتعددية المناهج والفلسفات التربوية.

4- لم تأخذ اليابان بالنزعات الليبرالية والسيكولوجية الغربية بل ظلت متمسكة بقيم الانضباط الموحد في الفكر والسلوك رغم الضغط المعاكس من الاحتلال الأمريكي ورغم النقد الغربي لها.

5- نقطة القوة الأساسية في النظام التربوي الياباني ليست جامعاته, إنما معاهده التقنية المتوسطة التي تمثل عموده الفقري, والممارسة العملية التدريبية هي أهم وأبرز واجبات الياباني منذ طفولته عندما يقوم بتنظيف صفه ومدرسته إلى ما بعد تخرجه عندما يبدأ من جديد التدريب الوظيفي في برامج إجبارية قبل أي منصب ثابت, أما الفتاة اليابانية فإن أهم وظيفة لها هي نجاحها في أسرتها فيقدم لها برامج تربوية عملية ضمن النظام التربوي الرسمي تعلمها كيف تصبح زوجة ناجحة.

6- استطاعت اليابان أن تجمع بين شعبية التعليم وأرستقراطيته العلمية الفكرية, بمعنى أن التعليم أتيح للجميع في قاعدة الهرم التربوي لتزويد الأمة بالأيدي العاملة المتعلمة لكنه اقتصر في مستوى القمة على القلة الممتازة عقليًا والمتفوقة في مواهبها لتخريج النخبة القيادية والقادرة على مواجهة التحديات.

7- لم تأخذ اليابان ولم تنبهر باللغات الأجنبية المتقدمة, وحسمت معركة اللغة تعليميًا وحياتيًا منذ البداية. فمن المعروف أنه لا يمكن لأمة أن تبدع علميًا إلا بلغتها الأم, ولا يستمع العالم لأمة تتحدث بلغة غيرها.

8- وفق النظام التربوي الياباني بين مركزية التوجيه ولا مركزية التنفيذ في معادلة متوازنة.

9- تعد مهنة التدريس من المهن المربحة اقتصاديًا, فمن بين خمسة يابانيين يتقدمون لمهنة التدريس يفوز واحد منهم فقط بشرف المهنة وامتيازاتها المعيشية. وقد أدى ذلك إلى الحفاظ على مستوى نوعي متفوق للتعليم الياباني, أدى بدوره إلى تنمية نوعية العملية التربوية بأسرها..

10- لم تَنْسَق اليابان وراء نزعة تحويل الثقافة العامة للأمة إلى منشط من مناشط الإعلام كما حدث في كثير من بلدان العالم الثالث, بل بقت مهمة دعم الثقافة العامة في اليابان من مسؤوليات (وزارة التربية والعلوم والثقافة).
لماذا الاهتمام بتجربة اليابان؟
بتدقيق النظر في التجربة اليابانية، فإننا لا نندهش من هذا التقدم الذي يقف أمامه العالم كله مذهولا، مندهشا ففي أميركا وأوروبا وروسيا يعكف أهل العلم والتقدم والتكنولوجيا على دراسة الإنجاز الاستثنائي لهذا البلد الشرقي الذي ينافسهم في أمضى أسلحتهم ومخترعاتهم، كما يثير تقدم اليابان دهشة الشرقيين وإعجابهم، دون أن يتمكنوا من اللحاق به على كثرة ما حاولوا وجربوا.‏ ونحن العرب نتساءل: لماذا تعنينا اليابان، وهي في شرق آسيا، وبيننا وبينها آلاف الأميال ؟‏ ويمكن القول أن لدى العرب أهمية خاصة لدراسة تجربة اليابان للأسباب التالية:‏

اليابانيون قوم شرقيون مثلنا بدأوا مسيرتهم نحو التقدم من واقع العزلة والتخلف الحضاري كما بدأنا في النصف الأول من القرن التاسع عشر الميلادي، ولكن شتان ما بين بداية وبداية, فلماذا هذا الفارق الشاسع بيننا؟!

اليابان حققت التحديث والتقدم بالمحافظة على تراثها وتقاليدها ومؤسساتها القومية والدينية الأصلية، والعرب يريدون أن يحققوا التقدم والتنمية دون التضحية بتراثهم وتقاليدهم، لكنهم لم يتمكنوا حتى الآن لا من تحقيق المطلب الأول وهو التقدم، ولا من الحفاظ على التراث كما يجب!!‏

اليابان تمثل طليعة قوة بشرية حضارية هائلة جديدة توشك أن تتسلم زمام القيادة العالمية من الجنس الأبيض, وهي قوة شرقية ليست لها أطماع بالنسبة لنا.. ونحن العرب نقف هنا موقف المتفرج المشجع !!

يذكر الدكتور حسين حمادي في كتابه «أسرار الإدارة اليابانية» أن المراقبين يفسرون حالة «إدمان العمل» التي يلاحظونها على إنسان اليابان المعاصر بأنها تعود في جزء كبير منها إلى تأثير التربية التي ركز عليها نظام التعليم منذ الصغر. فقد وفرت هذه الجرعة المؤثرة شحنة مستديمة عند اليابانيين إلى درجة تجعلهم يخشون عدم العمل، فهم يدركون تمام الإدراك أن توقفهم عن العمل يعني أن بلدهم سيتوقف عن الوجود! ومن ثم فلابد للأمة من خطة حضارية واضحة المعالم والغايات تتفق عليه الصفوة المثقفة والعقول الواعية مع الأجهزة الرسمية في الدولة، لأن مثل هذه الخطة ستكون بغير قيمة إذا انطلقت من غير أحلام الأمة أو انبثقت عن جهة غريبة عنها. ولا بد من أن تصبح الخطة التعليمية جزءًا عضويًا من الخطة الحضارية للأمة، بحيث تتمثل في مفرداتها روح هذه الخطة ويكون محققًا لها وموصلًا إليها. ولكي تحقق الخطة التعليمية الحالية الشرط السابق لا بد من مراجعة شاملة وتصحيح أساسي في المضمون والأسلوب؛ فأما في المضمون فتجدر مراجعة كل الجزئيات لتعاد صياغتها بما يخدم التوجه الجديد، وأما في الأسلوب فلا بد من نبذ الأساليب التلقينية التي تعطل ملكة التفكير وتشل القدرة على الإبداع. لا ينبغي أن يكون المطلوب من الدارسين استظهار معلومات لا يلبثون أن ينسوا أكثرها عن قريب، بل تنمية حاسة التعلم، وتطوير القدرة على البحث، وتعليم التفكير، وتنمية الإبداع والابتكار.أما تركيز التعليم على تقديم المعلومات بمعزل عن تربية القيم فسوف يقود إلى إجهاض الخطة برمتها وتفريغها من محتواها لتصبح شبحًا بغير روح. ولعل هذا التأكيد لا يكون غريبًا على المؤسسة التي آثرت أن يكون اسمها وزارة التربية والتعليم ولم يقتصر على التعليم فقط.

إن «المؤسسة التعليمية» هي أضخم تشكيل في جسم الأمة، فهي تضم نحو ثلث سكان الدولة، أما حجم الإنفاق على هذا القطاع فيكاد يصل إلى ربع موارد الدولة، فإذا عجزت هذه المؤسسة الجبارة عن أن يكون لها في خطة الأمة النهضوية الحضارية أعظم الدور وأبلغ الأثر، فحري بالأمة أن تنسى هذه الخطة، وتقنع ببقائها في الذيل من ترتيب أمم الأرض!

المصادر والمراجع



- خالص جلبي (سبتمبر: 2000): أثر التعليم في التحرر (النموذج الأفغاني والنموذج الياباني)، جريدة الشرق الأوسط، الأربعـاء 28 جمـادى الآخرة 1421 هـ 27 سبتمبر 2000 العدد 7974

-خليل حسن (مارس: 2007): مفكرة سفير عربي باليابان الأخلاقيات‏.....‏د‏.‏ علي فخرو‏.....‏التجربة اليابانية، الأهرام العربي: السبت 10 / 3 / 2007، رقم العـدد 520

رغداء زيدان: ‏التعليم والنهضة، الفسطاط، مجلة تاريخية

شهاب فارس: التعليم في اليابان: 4 ساعات تنجح.. 5

ساعات ترسب

عبد الله بن جمعان الغامدي (ديسمبر:2007): الاقتصاد السياسي للتنمية في اليابان دراسة في تحليل أسباب النهضة، المجلة العلمية - كلية التجارة - جامعة أسيوط العدد الثالث والأربعون.

مجاهد مأمون ديرانية: مرة أخرى.. كيف نجحت اليابان؟، مجلة المعرفة

محمد الرميحي: حديث الشهر حديث عن الماضي والمستقبل، مجلة العربي

-مصطفى رجب (2005): قراءة في التجربة اليابانية - التعليم أنموذجا، جريدة الثورة، الخميس 28/4/2005م

نيان نامق صابر (نوفمبر: 2005): التربية في اليابان، مجلة علوم إنسانية، السنة الثالثة: العدد 25

يحيى شراحيلي: اليابان نموذج «النهوض الملهم» من الهزيمة إلى الإنجاز، الرياض، الخميس 8 ربيع الأول 1427هـ - 6 أبريل 2006م - العدد 13800

http://www.alriyadh.com

www.asharqalawsat.com

www.arabi.ahram.org.eg

-www.fustat.com

www.bab.com

www.ulum.nl/b37.htm

www.thawra.alwehda.gov.sy

www.alarabimag.com

www.almarefah.com

www.zidan80.jeeran.com

www.aii-t.org



الرئيسة|طباعة
ارسل لصديق

علق على الموضوع



تعليقات القراء
هذا المطلوب
محمد م
أما المرحلة الثانوية العليا فيلتحق بها الطلاب بعد اختبار مسابقة صعب ياليت هذا الاختبار يطبق عندنا في السعودية على طلاب المتوسطة قبل دخولهم للمرحلة الثانوية
تطور اليابان
منتهى م
بصراحة اليابانيين أفضل الناس إلي عرفتهم لانهم يجتهدوا ويعملوا مهما كان التعب كبير


الرئيسة|أضف الموقع للمفضلة|اجعلنا الصفحة الرئيسية



#صلاح_الدين_عثمان_بيره_بابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شكلة الميزانية والمالية في اقليم كوردستان- العرايشه ي بووجه ...
- مشكلة الميزانية والمالية في اقليم كوردستان العراق
- الاثار السيئة لظاهرة الكذب على المجتمع والدولة The harmful e ...
- النموذج البرازيلي في معالجة المشاكل الاقتصادية والتخلف
- أهمية وضروأت الرقابة
- التعليم في المانيا- Education in Germany -خويتدن له ئه له ما ...
- االمانيا نموذج لوعي الشعب لمستقبله
- مشكلة النقل في اقليم كوردستان والعراق
- المكارثية M*cCarthyism
- التاريخ الحديث للولايات المتحدة الامريكية
- لتضخم في كوردستان... مظاهره واسبابه واثاره وسبل تخفيفه هه لا ...
- من أجل التخطيط لرفع القدرات الانتاجبة للقوى العاملة لكوردستا ...
- واقع السكان والقوى العاملة في كوردستان -العراق /الحلقة الثان ...
- ن أجل التخطيط لرفع القدرات الانتاجبة للقوى العاملة الكوردستا ...
- مشاكل العصر الراهن
- الأيدولوجيا والتكنلوجيا
- ما مصير الاجيال القادمة في بلداننا في ظل سيطرة الراسمال التج ...
- ازمة الكهرباء واثارها على المجتمع والاقتصاد الوطني - كيشه ي ...
- اعدة الاواني المستطرقة وتفسير التخلف الاقتصادي Communicating ...
- لقومي والوطني- Nationalist & patriotic


المزيد.....




- الدولار يستمر بالتراجع في مصر
- منذ طوفان الأقصى لا يزال قطاع البناء الإسرائيلي يعاني نقص ال ...
- شريحة -إنفيديا- B200 للذكاء الاصطناعي.. -قوة خارقة-
- ليبيا تتوقع إنتاج 1.5 مليون برميل نفط يوميا بحلول نهاية 2025 ...
- أسعار النفط تعود إلى المنطقة الحمراء
- -فايننشال تايمز-: الاتحاد الأوروبي بصدد فرض رسوم على واردات ...
- وكالة S&P تعدل نظرتها المستقبلية لمصر إلى إيجابية
- رئيس أرامكو: ذروة الطلب العالمي على النفط لن تكون قريبة
- الاتحاد الأوروبي يخصص 7.7 مليار يورو للمساعدات الإنسانية
- البنك المركزي الياباني يرفع سعر الفائدة لأول مرة منذ 17 عاما ...


المزيد.....

- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري
- كتاب - محاسبة التكاليف دراسات / صباح قدوري


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - صلاح الدين عثمان بيره بابي - تجربة اليابانية في ادارة التنمية بعد الحرب.