أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاضل خليل - ما تيسر من سفر الطيبة البصرية .. “ جبار صبري العطية ”














المزيد.....

ما تيسر من سفر الطيبة البصرية .. “ جبار صبري العطية ”


فاضل خليل

الحوار المتمدن-العدد: 6219 - 2019 / 5 / 3 - 23:01
المحور: الادب والفن
    


المطر متواضع .. والدخان مغرور[*]
جبار صبري العطية رائد من رواد الواقعية في المسرح، نسبه البصرة، اسم يقف بثقة مع الأسماء الكبيرة في المسرح العراقي. سكن المسرح وسكنه أكثر من 40 عاما، ومات مسكونا به حد العشق والوصية، فها هو في المشهد الحادي عشر من مونودراماه الشهيرة (تحت المطر) يتمنى من القائمين على تشيعه أن يصنعوا معدات موته، من مكونات المسرح خشبا وستارة، وان لا يتورعوا من دفن قلم وقرطاس معه لموضوعات سيكتب عنها بعد الموت. في قمة فرحه كنت أراه مهموما بالمسرح، ما أن ينفرج هم منها حتى تولد هموم أخرى أكثر إيلاما، ولم أفاجأ وانأ اقرأ بعضا من مذكراته التي نشرت بعد رحيله يقول فيها "أنا حزين، لأنه لم تتح لي فرصة الحياة مرة واحدة كما أريد، ولم أكن في المكان المناسب لي"(2). ورغم خجله وانزواءه في أحايين كثيرة لكنه شكل أثرا كبيرا في مسيرة المسرح العراقي. حمل هموم المسرح البصري عربيا بعراقيته. وتعمد الاقتراب من الآخرين عله يجد الحلول التي تاهت بين زحمة الحروب. مع بقية رواد المسرح في البصرة من أمثال: توفيق البصري، عبد اللطيف الرديني، عزيز الكعبي، بنيان صالح، قاسم حول، حميد مجيد مال الله، ياسين النصير، قصي البصري ـ حسب مداخلة أسبق لبنيان صالح ـ وسواهم. مارس العمل في المسرح كاتبا، ومخرجا، وباحثا، وناقدا، ومن التمثيل كانت البداية التي جمعته بالمبدع القاص محمود عبد الوهاب يوم كان طالبا في ثانوية العشار، بمسرحية (أهل الكهف) لتوفيق الحكيم، ممثلا طاولت قامته زميله في الدراسة، طعمه التميمي ـ سأعرف تفاصيل أكثر عن هذه التجربة لاحقا من صديقي الرائد الكبير محمود عبد الوهاب ـ. غادر التميمي بعدها البصرة ليحتل موقعا يليق به في بغداد، لكن العطية آثر البقاء في بصرته التي لم يرتضي عنها بديلا لا في بغداد ـ رغم جاذبيتها وأضواءها ـ ولا في سواها.
من هنا تبدأ محنة الوحدانية عنده، التي عالجها بالمونودراما التي تقدم همه الشخصي والتي خص لها عدد من المسرحيات منها: (تحت المطر)(1) التي سأنطلق منها أغنية للتم أطلقها العطية من المستشفى التعليمي بالبصرة وصية له، و(ليلة الانتظار)، و(جياع ولكن). صراع الذات في مونودراماه تلك التي خصصت فكرتها ما بين الموت نتيجة الحروب، ونتائج الحياة المعذبة كنتيجة حتمية للموت. وهي ذات الأسباب في المونودراما التي شكا منها بعض من المشتغلين بالمسرح ومنهم (بيتر بروك) من اللذين اعتبروها هروبا من صعوبة الإنتاج، ونوع من الحلول السهلة في قيام عرض مسرحي بعناء أقل. ورغم ان (المونودراما) متهمة بالتساهل مع النص وهي مثلبة تجاوزها العطية باقتدار، حين افترضوا في نصوصها السهولة التي لا تتعدى أن تكون (مونولوجا monolog) من فصل واحد، أو نص أدبي يتعكز على قصة قصيرة، أو قصيدة شعرية، أو خبر في صحيفة... الخ. لكن المؤكد أن مسرحيات (المونودراما) عند جبار صبري العطية لم تكن بطرا برجوازيا، ولا ترفا فكريا، بل هي معضلة ما بعدها معضلة حين يترك الكاتب وحيدا إلا من أدواته، حاملا مفردات العرض لسرد مشاكل النص وما يتولد عنه من الأحداث على خشبة المسرح، مثلما يتوجب على المخرج أن يخلق سينوغرافيا قبالة ممثل واحد، وعلى الممثل بوحدانيته الكبيرة أمام هول المسرح وجمهوره الذي لا يرحم أن يكون خلق وجاذبية وإلقاء جميل وصوت ساحر لا يمل. هكذا أتصور الرائد جبار صبري العطية الآن في وحدانيته التي تنتظر منا إنصافا يستحقه وهو الذي ترك إنتاجا غزيرا نفخر. لاسيما وله في الاوبريت ذات التمييز كاتبا ومخرجا، وما (نيران السلف) إلا ثالث الثلاثية البصرية (بيادر خير) و(المطرقة)، التي عرفت العراق بالفن البصري مسرحا وفنانين. ولمسرح (الأطفال) من اهتماماته الحصة الأكبر، نذكر منها مسرحية (مملكة النحل) التي قدمتها المخرجة منتهى محمد رحيم للفرقة القومية للتمثيل في بغداد في ثمانينات القرن الماضي.
في هذه العجالة، لم يكن الذي قلته إلا غيض من فيضه الذي تركه من أثرا استعرضت النزر القليل منه، كانت سماحة وجهه الجنوبي المتعب الجميل بطيبته حاضرا معي. مثلما كان المسرح البصري مشروعه الأهم الذي تماهى مع الموت من اجله هدفا أسمى استحق التضحية.

الهوامش:
*) مريد البرغوثي: منطق الكائنات [شعر]، إصدارات دار المدى، عمان – الأردن 1996، ص 76
1) جبار صبري العطية، (تحت المطر) إصدارات : دائرة الشؤون الثقافية العامة، وزارة الثقافة – بغداد.
2) هلال نافع العطية، حوار بعد الرحيل.



#فاضل_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقدمة (أعداد الممثل) – ل ( ستانسلافسكي)
- المسرح الشعبي في الوطن العربي
- ما تيسر من سفر الطيبة البصرية .... - جبار صبري العطية -
- اسماعيل خليل* ... ثقافة المسرح ، وحوار المنافي
- من يحيي مسرحاً نقش خليل شوقي ...على خشبته حكايات بغداد
- كيف نحترم الطفل في المسرح
- أعطني رداءا وتاجا... أعطك ملكا
- اخلاقيات المسرح والتنظيم الابداعي
- غياب الريبورتوار في المسرح العربي
- هاملت شكسبير ... بين التعددية والتأويل
- نجم حيدر.. وعراقية التصميم في المسرح
- التأليف المسرحي صنيع الاخراج
- لا.. للهوية الواحدة في المسرح
- دزدمونة ... والعنف ضد المرأة في المسرح
- تاريخ البذاءة في لمسرح العربي !!
- المداخل العكسية في المسرح
- التجريب ..هو التلقي ( المثير ) في المسرح
- تكنلوجيا المسرح
- الجمهور...وتطور المسرح
- جوزيف شاينا


المزيد.....




- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاضل خليل - ما تيسر من سفر الطيبة البصرية .. “ جبار صبري العطية ”