بويعلاوي عبد الرحمان
الحوار المتمدن-العدد: 6219 - 2019 / 5 / 3 - 17:17
المحور:
الادب والفن
أقصوصة
غربة
ــــــــــ
عند الساعة الثالثة صباحا ، توقفت سيارة أجرة صغيرة زرقاء ، أمـام عمارة قديمة ، في شـارع
النخيل ، ترجل منها نور ، ألقى نظرة على الشارع الطويل ، كانت أنواره بـاهتة ، وفارغـا إلاّ
من كلاب وقطط ضالة ، وريح شرقية ، مشى مترنحا ، دفع باب العمـارة بقوة ، صعد درجـات
السلم الطويل بمشقة ، أخرج مفتـاحـا من حقيبة يده البيضـاء ، فتح بـاب شقته الصغيرة ، أضـاء
المصبـاح ، أغلق البـاب وترك المفتـاح في القفل ، رمى حقيبة اليد على الأريكـة الوحيدة ، نزع
حذاءه الأسود الطويل وجوربيه الأبيضين ، خلع ملابسه الخارجية والداخلية ، جلس أمـام المراَة
تخلص من بـاروكته الشقراء ، وأزال عدستيـه العسليتين ، ورمشيـه الأسودين ، مسح مـاكيـاجـه
رمى العلك الذي كـان يلوكـه في صندوق القمـامة الصغيـر ، دخـل الدوش ، فتح المرشـة ، تدفق
المـاء السـاخن على شعره وجسده الأبيض كالشمع ، غسلـه بالصـابون ، جففـه بالفوطـة الورديـة
نظف أسنـانه بالفرشـاة والسنون ، دخل غرفة النوم ، أضاءالمصبـاح الأحمر ، تمدد على السرير
أجال بعينيه في أرجاء الغرفة الضيقة ، إنهار عليه إحساس بالغربة والضياع ، إغرورقت عينـاه
بالدموع ، أطفأ المصباح ، أغمض عينيه الدامعتين ، ونام ، ليرى أحلاما أو كوابيس .
بويعلاوي عبد الرحمان ــ بويا رحمان ــــ
وجدا ـــ المغرب ــــ
3 ـــ 5 ـــ 2019
#بويعلاوي_عبد_الرحمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟