أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف بمناسبة الأول من أيار 2006 - التغيرات الجارية على بنية الطبقة العاملة وحركتها النقابية والسياسية - سمير إبراهيم خليل حسن - ٱلأول من أيَّار















المزيد.....



ٱلأول من أيَّار


سمير إبراهيم خليل حسن

الحوار المتمدن-العدد: 1537 - 2006 / 5 / 1 - 10:08
المحور: ملف بمناسبة الأول من أيار 2006 - التغيرات الجارية على بنية الطبقة العاملة وحركتها النقابية والسياسية
    


تعود ذكرى ٱلأول من أيَّار إلىۤ أحداث ثورة عام 1902 فى ٱلولايات ٱلمتحدة ٱلأمريكية. وقد تحولت تلك ٱلأحداث بما حملته من أثار مؤلمة للعمال ٱلأمريكيين إلى موقف للتناصر بين ٱلعمال فى جميع ٱلأرض.
أما ٱليوم فقد صارت تلك ٱلذكرى ورآء ٱلعمال فى ٱلولايات ٱلمتحدة وٱلاتحاد ٱلأوروبىّ وٱليابان وٱستراليا وكندا. وذلك من بعد سيادة شرعة حقوق ٱلإنسان فى دساتير بلادهم ٱلديمقراطية ٱلتى صار فيها للعامل حقوقه ٱلمساوية لحقوق صاحب ٱلعمل.
إنّ فئة ٱلأفراد ٱلذين يعملون بأجر مقابل قوّة عملهم هى ٱلفئة ٱلأكثر عددًا فىۤ أىّ مجتمع حىّ. وأىُّ مجتمع يتوزع ٱلناس فيه إلى فئتين أساسيتين. ٱلأولى هى فئة مالكين لوسآئل ٱلعمل وٱلثانية هى فئة عاملين ينفقون قوّتهم ٱلجسمية وٱلفكرية فى عمل مأجور ويخلقون بهما وبتلك ٱلوسآئل ثروات وحاجات ٱلمجتمع.
هذا ٱلتقسيم فىۤ أىّ مجتمع حىّ هو جدليته ٱلزوجية ٱلتى تحرّك فيه قوى ٱلتطور. إلاۤ أن هذه ٱلجدلية بين ٱلزوجين ٱلاجتماعيين إن لم تكن محكومة بميثاق (دستور) بين طرفيها فإنّ طمع أصحاب وسآئل ٱلعمل يسوق إلى بؤس للفئة ٱلعاملة. وقد يسوق إلىۤ أحداث تشبه أحداث ثورة 1902 فى ٱلولايات ٱلمتحدة. فٱلميثاق يوثِّق ويشرّع حقّ كل فرد من ٱلفئتين كونه إنسان قبل كلِّ شىء. وله حقوقه ٱلتى يبينها ٱلميثاق لكلِّ فرد من ٱلفئتين من دون تمييز بينهما.
مفاهيم هذا ٱلميثاق كانت قد وردت فى ٱلكتاب ٱلذىۤ ٱستلمه موسى من ربِّه:
"لا تلتفتوا إلى الأوثان. وعندما تحصدون حصيد أرضكم، لا تكمل زوايا حقلك في الحصاد. ولقاط حصيدك لا تلتقط. وكرمك لا تعلله. ونثار كرمك لا تلتقط. للمسكين والغريب تتركه. لا تسرقوا، ولا تكذبوا، ولا تغدروا أحدكم بصاحبه. لا تغضب قريبك ولا تسلب. ولا تَبِت أجرة أجيرٍ عندك إلى الغد. لا تشتم الأصمَّ. وقدّام الأعمى لا تجعل معثرةً. لا ترتكبوا جوراً في القضآء. لا تأخذوا بوجه مسكينٍ ولا تحترم وجه كبيرٍ، بالعدل تحكم لقريبك. لا تسعَ في الوشاية بين شعبك. لا تبغض أخاك في قلبك. لا تنتقم ولا تحقد على أبنآء شعبك، بل تُحبُّ قريبك كنفسك. وإذا نزل عندك غريبٌ في أرضكم فلا تظلموه. كالوطني منكم يكون لكم الغريب النازل عندكم" سفر لاويين/ 18 و19.
وكمل بيانها فى كتاب ٱللّه ٱلقرءان:
"لاۤ إكراه فى ٱلدِّينِ قد تبيَّنَ ٱلرُّشدُ مِنَ ٱلغىِّ فَمَن يكفُر بٱلطَّٰغوتِ ويؤمِن بٱللَّهِ فقدِ ٱستمسكَ بٱلعروة ٱلوثقىٰ لا ٱنفصامَ لها وٱللَّهُ سميع عليم" 256 ٱلبقرة.
"خُذ من أموالهم صَدَقَةً تُّطهِّرُهُم وتزكِّيهِم بها وصلِّ عليهم إنَّ صلوٰتَكَ سكن لَّهم وٱللَّهُ سميع عليم" 103 ٱلتوبة.
"وٱلذّين فىۤ أموالهم حَقّ معلوم/24/ للسَّاۤۤئِلِ وٱلمحروم/25/" ٱلمعارج.
"ويُطعِمُونَ ٱلطعَامَ على حُبّهِ مسكينًا ويتيمًا وأسيرًا" 8 ٱلإنسان.
"فأمّا ٱليتيم فلا تقهر/9/ وأمّا ٱلساۤئل فلا تنهر/10/ وأمّا بنعمة ربك فحدّث/11/" ٱلضحى.
"وءَاتوا ٱليتٰمىۤ أَموالَهم ولا تَتَبدَّلوا ٱلخبيثَ بٱلطَّيب ولا تأَكلوۤا أموالَهُم إلىۤ أموالِكم إِنَّهُ كانَ حوبًا كبيرًا" 2 ٱلنساۤء.
"قل تعالوۤا أتلُ ما حرّم ربكم عليكم ألاّ تشركوا به شيئاً وبٱلوٰلدين إحساناً ولا تقتلوۤا أولٰدكم من إملاقٍ نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا ٱلفوٰحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا ٱلنفس ٱلتى حرَّم ٱللَّه إلاّ بٱلحقِّ ذلكم وصَّـٰكم به لعلكم تعقلون/151/ ولا تقربوا مال ٱليتيم إلاّ بٱلتى هىۤ أحسن حتى يبلغ أشدَّه وأوفوا ٱلكيل وٱلميزان بٱلقسط لا نكلف نفساً إلاّ وسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربىٰ ويعهد ٱللَّه أوفوا ذلكم وصَّـٰكم به لعلكم تذكّرون/152/ وأنّ هذا صرٰطى مستقيمًا فٱتبعوه ولا تتبعوا ٱلسُّبُل فتفّرَّقَ بكم عن سبيله ذلكم وصَّـٰكم به لعلكم تتقون/153/" ٱلانعام.
"يـٰبُنىَّ أقمِ ٱلصّلوٰة وَأْمُر بٱلمعروف وانهَ عن ٱلمنكر وٱصبر على ماۤ أصابك إن ذلك من عزم ٱلأمور/17/ ولا تصعّر خدّك للناس ولا تمشِ فى ٱلأرض مَرَحًا إنّ ٱللَّه لا يحب كلَّ مختال فخور/18/ وٱقصد فى مشيك وٱغضض من صوتك إنّ أنكر ٱلأصوات لصوتُ ٱلحمير/19/" لقمان.
"وأحلّ ٱللَّه ٱلبيع وحرّم ٱلرِّبوٰا" 275 ٱلبقرة.
"كُتب عليكم إذا حضر أحَدَكمُ ٱلمـوتُ إن تـرك خيرًا ٱلوصيَّةُ للوٰلديـن وٱلأقربيـن بٱلمعـروف حقّاً على ٱلمتقين" 180 ٱلبقرة.
"يـٰۤأيها ٱلذين ءامنوۤا إذا تداينتم بدينٍ إلىٰۤ أجل مسمّىً فأكتبوه وليكتب بينكم كاتب بٱلعدل" 282 ٱلبقرة.
"إن ٱللَّه يأمركم أن تُؤَدّوا ٱلأمٰنٰت إلىۤ أهلها وإذا حكمتم بين ٱلناس أن تحكموا بٱلعدل" 58 ٱلنسآء.
"وٱعبدوا ٱللَّه ولا تشركوا به شيئاً وبٱلوٰلدين إحسٰنًا وبذى ٱلقربىٰ وٱليتٰمىٰ وٱلمسٰكين وٱلجار ذى ٱلقربىٰ وٱلجار ٱلجُنُب وٱلصاحب بٱلجنب وٱبن ٱلسبيل وما ملكت إيمٰنُكُم إنّ ٱللَّه لا يحب من كان مختالاً فخورًا/36/ ٱلّذين يبخلون ويأمرون ٱلناس بٱلبخل ويكتمون ماۤ ءاتٰهم ٱللَّه من فضله وٱعتدنا للكٰفرين عذابًا مُهينًا/37/ وٱلّذين ينفقون أموٰلهم رئآء ٱلناس ولا يؤمنون بٱللَّه ولا بٱليوم ٱلأخر ومن يكنِ ٱلشيطٰن له قرينًا فسآء قرينًا/38/" ٱلنسآء.
"يـٰۤأيها ٱلّذين ءامنوۤا أوفوا بٱلعقود"1 ٱلماۤئدة.
"ويٰقوم أوفوا ٱلمكيال وٱلميزان بٱلقسط ولا تبخسوا ٱلناس أشيآءهم ولا تعثوا فى ٱلأرض مفسدين" 85 هود.
"ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تُبسطها كُلَّ ٱلبسط فتقعد ملومًا محسورًا" 29 ٱلإسرآء.
"يـٰۤأيها ٱلذين ءامنوا لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتُسلّموا علىۤ أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكّرون/27/ فإن لم تجدوا فيهاۤ أحدًا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم ٱرجعوا فٱرجعوا هوۤ أزكى لكم وٱللَّه بما تعملون عليم/28/" ٱلنور.
"يـٰۤأيها ٱلذين ءامنوا إذا قيل لكم تفسّحوا فى ٱلمجٰلس فٱفسحوا يفسحِ ٱللَّه لكم وإذا قيل ٱنشزوا فٱنشزوا يرفع ٱللَّه ٱلذين ءامنوا منكم وٱلذين أوتوا ٱلعلم درجٰتٍ وٱللَّه بما تعملون خبير" 11 ٱلمجادلة.
"يـٰۤأيها ٱلذين ءامنوا لا يسخر قوم من قومٍ عسىٰۤ أن يكونوا خيرًا مِّنهم ولا نسآء من نسآء عسىٰۤ أن يكُنَّ خيرًا مِّنهن ولا تلمزوۤا أنفسكم ولا تنابزوا بٱلألقٰب بئس ٱلاسم ٱلفسوق بعدَ ٱلإيمٰن ومن لم يتُب فأولـٰۤئك هم ٱلظٰلمون/11/ يـٰۤأيها ٱلذين ءامنوا ٱجتنبوا كثيرًا مِّن ٱلظّنِ إنّ بعض ٱلظَّنّ إثم ولا تجسَّسوا ولا يغتب بعضكم بعضًا/12/" ٱلحجرات.
"ولا تُسرِفوا إنَّهُ لا يُحِبُّ ٱلمُسرفين" 141 ٱلأنعام 31 ٱلأعراف.
"ولا تُطِيعُوا أَمرَ ٱلمسرفينَ/151/ ٱلَّذين يُفسدُون فِى ٱلأرضِ ولا يُصلِحُون/152/" ٱلشعرآء.
هذه ٱلمفاهيم ٱلمبيّنة فى بلاغ ٱللّه ٱلعربى هى مفاهيم لعهد وميثاق يحكم عيش ٱلناس إن هم أرادوا ذلك "وأنّ هذا صرٰطى مستقيمًا فٱتبعوه ولا تتبعوا ٱلسُّبُل فتفّرَّقَ بكم عن سبيله ذلكم وصَّـٰكم به لعلكم تتقون". إلاۤ أنّهم لم يتبعوا ٱلصراط وظنوا به ٱلظنون. وقد أبعدته عنهم مفاهيم ظنٍ صدرت عن متطرفين من ٱلفئتين فتفرقوا عن سبيل ٱللَّه. وقد ظنوا بفصل ٱلجدلية ٱلزوجية ٱلاجتماعية عن وحدتها ٱلميثاقية. وكان لمتطرفين من فئة ٱلمالكين ظنونهم ٱلتى تسوقهم ليستأثروا بٱلثروة ويستأثروا بٱلسلطة. وفى ٱلمقابل كانت لمتطرفين من ٱلمناصرين للعمال ظنون تقابلها فى مفهومهم ٱلشهير "دكتاتوريّة ٱلبروليتاريا". وكان لأصحاب هذا ٱلمفهوم فعله ٱلثورىّ ٱلذىۤ أبطل علاقات ٱلعمل وأبطل ميثاق ٱلحقِّ لصالح طرف واحد.
لن أعرض لتاريخ ذلك ٱلفعل بٱلتفصيل لأنه قآئم فى ذاكرة ٱلجميع. إلاۤ أننى سأركز على ما يتعلق بتطرف فئة من ممثلى ٱلعمال هى تلك ٱلتى زعمت بأنها تنطلق من فكر مادىّ علمىّ يقوم على مفهوم وحدة وصراع ٱلأضداد. وهى ٱلتى ما ٱنفكّت تعمل على ٱلفصل بين طرفين ماديين لا يمكن للوجود ٱلمادى ٱلاستمرار من دون وحدتهما. وقد بيَّنت بفكرها هذاۤ أنها تتبع فلسفة أكثر ظنًّا وتخريصًا من ٱلفلسفة ٱلتى تعرف بٱلمثالية.
هذه ٱلفئة هم ٱلماركسيون وأحزابهم ٱلسياسية. وهؤلآء قاموا بفعلهم ٱلثورى فىۤ أماكن من ٱلأرض وٱستولوا على ملكية أصحاب وسآئل ٱلعمل وخلقوا بفعلهم مجتمعًا هيوليًّا لا تقسيم فيه للعمل ولا جدلية زوجية تسعىۤ إلى ميثاق ٱجتماعى.
وأريد أن أذكّر بدليل ومفهوم كلمة "ثورة" كما عرضته فى كتابى "ٱلحكم ٱلرّسولى": (إنّ كلمة "ثور" تدلُّ على ذكر ٱلبقر ٱلهآئج. وهى ٱسم حصرىّ بٱلذكر ٱلهآئج من لون ٱلبقر. وأنَّ أُنثى ٱلبقر ٱلَّتى فى مثل هيجانه هى "ثورة". ولها ذات ٱلاسم ٱلمؤنث بٱلتَّآء ٱلتى تفرق بين ٱلذكر وٱلأنثى. فٱلثور هو ذكر ٱلبقر ٱلهآئج. وٱلثورة هىَ أنثى ٱلبقر ٱلهآئجة. وٱلاسم يشير إلى هيجان ذكر وأنثى ٱلبقر وليس ٱسم لون لهما.
أمّا ٱلإنسان فهو ٱسم دليلُه فى ٱلفعل ٱلثلاثى "أَنَسَ" ٱلذى يدلّ على (ٱلسَّكن وٱلألفة وٱلاجتماع ٱلطوعىّ فى ٱلمكان وٱلاطمئنان وٱلفرح وٱلعلم وٱلسعى). وأنَّ ٱلفعل "ثار" يعبث ويذهب بهٰذا ٱلدَّليل من حياة ٱلناس).
لقد قام ٱلماركسيون بثورتهم فحلّت ٱلمفاهيم ٱلثوريّة فى جميع أماكن ٱلمفاهيم. وتكونت فئة مالكين للسلطة وٱلثروة وٱلمال من هؤلآء ٱلثوريين من دون أن تكون لهم ٱلقدرة على تأسيس ملكية لوسآئل عمل جديدة. تقابلها فئة أكثر عددًا من ٱلعمال ٱلفقرآء ٱلذين يساقون إلى ٱلعمل من دون أجر فيما سمِّىَ بٱلسُّبوت ٱلشيوعيّة (جمع سبت) وهذا يخالف ما يبيِّنه ٱحتجاج موسى على ما عمله عبد ٱللَّه من دون أجر:
"قال لو شِئتَ لَتَّخَذتَ عليه أجرًا" 77 ٱلكهف.
فما يسمّى عمل طوعىّ من دون أجر لم يقبله رسول ربِّ ٱلعالمين موسى بفعل ما لديه من رسالة تمنع ذلك "ولا تَبِت أجرة أجيرٍ عندك إلى الغد".
وإلى جانب هؤلآء ٱلعمال ٱلفقرآء كثير من أولادهم ٱلعاطلين عن ٱلعمل وٱلفاقدين لأىّ فرصة لعمل مأجور.
وأول ما ينجم ويظهر عن ٱلمفاهيم ٱلثوريّة هو ٱلفكر ٱلظَّنىّ وٱلحلم بعيش رغيد. وتلك ٱلمفاهيم ترغم ٱلعمال ٱلشباب على خدمة ٱلظنون ٱلثورية وتجعلهم يخضعون لسلطة لا يؤمنون بها على ٱلرّغم من خضوعهم لها. وهو ما ظهر من موقفهم يوم سقط ٱلاتحاد ٱلسوفياتى.
لقد تسلط ٱلثوريون ٱلماركسيون فى ٱلماضى على عمال روسيا وشرق أوروبا وشرق أسيا. وجعلوهم طرفًا يختار ٱلفصل بين نقيضين ويقطع صلته بٱلطرف ٱلأخر. وقد ٱستولى هؤلآء على ملكيات صناعية كبيرة ومراكز علمية متعددة وحوّلوها إلى ملكية دولة. وقد ٱستمدوا منها عيشهم ٱلظنى حتى ٱستهلكت تلك ٱلملكيات. فتوقف أملهم بٱلعيش ٱلرّغيد. ووجدوۤا أنفسهم ضد أحلامهم ٱلظنية فٱنقلبوا علىۤ أنفسهم لا يدرون فىۤ أىِّ سبيل يتوجهون.
وأوّل ما فعله أولئك ٱلثوريون ٱلماركسيون هو نقض ما زعموا به من مفاهيم هيجلية عن وحدة ٱلنقيضين بما فعلوه من فصل بينهما ٱجتماعيًّا. وبيّنوا بما فعلوۤا أنهم من أكثر أعدآء تلك ٱلجدلية.
لقد جعلت أحزاب ٱلماركسية من أفكار ماركس أساسًا لِّدين كٱلكاثوليكية وٱلأرثوذكسية ٱلسياسية وٱلإسلام ٱلسياسى. وعملت هذه ٱلأحزاب على تلقيم فئة ٱلعمال مفاهيم متطرفة ومعادية للفئة ٱلمتوسطة (ٱلبورجوازية bourgeoisie). وهى ٱلفئة ٱلتى تتكون من أفراد هم أصحاب مبادرات فردية صناعية وتجارية وزراعية تجدد وفق حاجات ٱلسوق. وبمبادرات أفراد من هذه ٱلفئة وفى ظل ميثاق ٱجتماعى يحمى حقوق ٱلإنسان (عامل بأجر ومالك لوسآئل ٱلعمل) ٱرتبط تطور ٱلمجتمع فى ٱلولايات ٱلمتحدة وفىۤ أوروبا وكندا وٱستراليا وٱليابان لاحقًا.
لقد جعلت ٱلأحزاب ٱلعمالية وٱلاشتراكية من فئة ٱلعمال قوة ٱجتماعية يحذرها جميع ٱلأفراد وٱلجماعات ٱلذين يفكرون فى خلق عمل جديد. وهذا ٱلأمر دفع بأصحاب ٱلمبادرات فى ٱلعمل للهجرة إلىۤ أماكن تخلو من أديان حزبية. وقد خلّفت هذه ٱلهجرة عزلة للعمال عن قوى ٱلعمل ٱلجديد ودفعتهم فى عيش متخلف ومحدود.
وكان ٱستملاك أحزاب ٱلثوريين لوسآئل ٱلعمل وٱلصناعة وجعلها ملكية للدولة هو ٱلذى جعل هذه ٱلملكية ملكًا غير مشروع لمن يتسلط عليها من دون أن ينظر فى وسآئل تطويرها وتطوير أجر ٱلعاملين فيها. وهؤلآء حشروۤا أعدادًا كبيرة من ٱلعاطلين عن ٱلعمل فى ٱلأماكن ٱلمستولى عليها بأجر دآئم. وهذا جعل من سلطتهم تقوى بفعل مساندة هؤلآء ٱلعمال ٱلذين يأخذون أجرًا ولا يعملون.
وفى ٱلاجابة على ٱلسؤال ٱلمتعلق بٱلمحور ٱلأول للحوار ٱلمتمدن أرىۤ أنّ ٱلأحداث ٱلمؤلمة فى جميع ٱلبلدان ٱلاشتراكية تبيّنه. وكذلك فى ٱلبلدان ٱلتى سارت مقلدة لمنهاجها ومنها بلادنا. وهى ٱلتى شوهت معيشة جميع فئات ٱلمجتمع وأولهم فئات ٱلعمال.
ولهذا فإننىۤ أرىۤ أنّ ٱلفصل بين ٱلحزب ٱلسياسى وفئة ٱلعمال هو ٱلأمر ٱلذى يجعل ٱلعمال قادرين على حماية مكاسبهم فى ٱلعمل سوآء ءكانت مكاسبهم فى ٱلأجر أم فى حصتهم ٱلسياسية وٱلتشريعية فى ٱلمجتمع. وٱلحزب ٱلسياسى ٱلفئوىّ ما هو إلا وسيلة للفصل بين فئات ٱلمجتمع ووضعها فى مواجهة بعضها. ووسيلة لاستعباد ٱلفئة ٱلتى يزعم تمثيلها وتشويه مفاهيمها ووضعها فى موقف معادى لغيرها من فئات ٱلمجتمع. فى ٱلوقت ٱلذى تكون فيه حاجة ٱلمجتمع تقوم علىۤ أحزاب تجمع فى صفوفها جميع فئات ٱلمجتمع وتعمل على ٱلتنافس فى تطوير مصالح فئاته بموجب ميثاق يجعل للعمل قيمته ٱلإنسانية. فٱلحزب ٱلسياسى ٱلفئوىّ هو مرض فى ٱلمجتمع مهما كانت شعاراته براقة ووسيلة لزرع ٱلعدآء بين فئات ٱلشعب. وٱلحزب ٱلفئوىّ هو تجمّع لأشخاص ٱحترفوا ٱلانتهازية ومصالحهم ٱلشخصية على حساب ٱلجميع.
وأرىۤ أنّه على ٱلعمال فى بلادناۤ أن يبحثوا مع مَن بقى من أصحاب ٱلعمل عن ٱلوسآئل ٱلتى تعود على ٱلطرفين بٱلمكاسب ٱلخيّرة لهما وأن يبتعدوا عن فلسفة ٱلعدآء فيما بينهما من تناقض جدلى لا عدآء فيه. فلولا هذا ٱلتناقض ٱلجدلى لا وجود لطرفيه. وٱلأمر ٱلمطلوب عند ٱلعمال وأصحاب ٱلعمل هو ٱلميثاق ٱلذى يبين لكل طرف منهما حقوقه فى وحدتهما ٱلتناقضية.
وفى ٱلجواب ٱلمتعلق بٱلمحور ٱلثانىۤ أقول أنّ ٱلحزب ٱلسياسى ٱلفئوىّ قد جعل ٱلعمال وسيلة قمع فى يد ٱلسلطة. وهذا هو ما تستطيعه وتريده ٱلانتهازية ٱلطفيلية من قيادات عمالية وحزبية. وكل حزب فئوىّ هو تكوين طفيلى مريض لا حاجة لفئة ٱلعمال به. وكل ما يحتاجه ٱلعمال هو ٱلميثاق ٱلاجتماعى مع أرباب ٱلعمل ٱلذى يقوم على شرعة حقوق ٱلإنسان. وتأسيس مؤسسات للتأمين ٱلاجتماعى يُساهم فيهاۤ ٱلجميع لتطوير معيشة ٱلعاملين بعيدًا عن ٱلصدام وٱلحرب ٱلطبقية ٱلتى تسعىۤ إليها ٱلانتهازية ٱلفئوية.
أما "ٱلأهداف ٱلسياسية وٱلاجتماعية" ٱلتى على ٱلعمال أن يسعوۤا إليهاۤ أفرادا وجماعات فيأتى فىۤ أولها ٱلعمل من أجل مجتمع يُحكم بوسآئل ٱلديمقراطية ويفتح ٱلسبيل لمفاهيمها لتنتشر فيه. وأن يسعوا مع أرباب ٱلعمل للتخلص من ٱلفقر وٱلجهل فى صفوفهم. فٱلعمال بسيرهم خلف أحلام ٱلثوريين ٱلاشتراكيين وٱلقوميين فيما مضى لم يحققوا شيئًا إلا زيادة فى فقرهم وتخلفهم وجرجرتهم فى خدمة مجانيّة للحالمين من ٱلأحزاب ٱلسياسية شيوعية كانت أم قومية ٱشتراكية. كماۤ أنّ ٱلعمال لا يحتاجون للسلطة كفئة ٱجتماعية ولن يكون لهم وحدهم ٱلعلم وٱلمعرفة فى تحريكها لصالح تطور ٱلجميع. وٱلمسألة ليست فى جلوس عامل جاهل على كرسى وزير ثم لا يجد نفسه إلا وقد سقط فريسة جهله فىۤ أيدى ٱلانتهازيين ٱلحزبيين وفسادهم ٱلذى لا حدود له. وحقوق ٱلعامل لا يحقَّق إلا فى تشريع إنسانىّ وفىۤ أجر مجزٍ وفى تعليم مفتوح لمن يريده وفى تأمين ٱجتماعى كافٍ. وهذا ما يجب أن يعمل ٱلعمال من أجله مع أرباب ٱلعمل ويوثقوه معهم بموجب ميثاق عام (دستور). أما مقاعد ٱلسلطة فليشغلها ٱلذين يفوزون فى ٱلانتخابات وسيكون للعمال دورهم فى ذلك ترشيحا وٱنتخابًا. وهذا يبيّن ما للديمقراطية من منافع على ٱلجميع.
وفيما يتعلق بٱلمرحلة ٱلراهنة فى بلادنا ٱلتى ما زال ٱلاستبداد (بصوره ٱلقومية وٱلاشتراكية وٱلإسلامية) هو ٱلمهين فيها على حياة ٱلناس. وهو ٱلذى خلق ويخلق ٱلأزمات بكلِّ ألوانها. وقد ساعدته فى صناعتها قوى ٱلانتهازية ٱلحزبية ٱلكهنوتية (شيوعية وٱشتراكية وقومية وإسلامية) ٱلتى تحرص على ٱستمرار ٱلعمل بمفهوم فئوىّ "فرق تسد". فليس للعمال أىّ نفعٍ بمفاهيم ٱلقومية وٱلدينية وٱلعرقية وٱلطبقية ٱلتى خلقهاۤ أول مرّة ٱلنازيون. وهم ٱلذين خلطوا مفاهيم عن ٱلاشتراكية وٱلقوميّة ٱلمعتدية ٱلقاتلة. وهى جميعها أفكار ظنية كاذبة يصنعها حالمون نكبوا عن ٱلصراط. فٱلعامل إنسان قبل أىّ أمر وعليه أن يتابع بنآء إنسانيته وشخصيته كفرد. فلا قومية ولا دين ولا فلسفة نقابية وغيرها تنفعه. وما عليه إلا ٱلعمل من أجل تشريع يتوافق مع لآئحة حقوق ٱلإنسان وٱلحصول علىۤ أجر مجزٍ وراحة أسبوعية وتعليم جيد وتطور فى خبرته وتأمين تعطله وشيخوخته ٱلمحترمة. وهذا ٱلأمر مقبول فىۤ أىّ بلد يهاجر إليه أو من أىّ وجهة تأتيه به. فليس على ٱلعامل ٱلإنسان أن يهتم بمسآئل حزبية فئويّة حربية عدوانية كمفاهيم ٱلقوم وٱلطبقة وٱلدين. وعليه ألا يلتفت لمثل هذه ٱلمسآئل ٱلتى تلهيه عن تطوره ٱلشخصى ومسئوليته عنه كما يبيّن له بلاغ ٱللّه ٱلعربىّ:
"كلُّ نفسٍ بِما كَسَبَت رهينة" 38 ٱلمدَّثر.
"وٱتَّقوا يومًا لا تَجزِى نفس عَن نفسٍ شيئًا" 48ٱلبقرة.
"وٱتَّقوا يومًا تُرجَعونَ فيه إلى ٱللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كلُّ نفسٍ مَّا كَسَبَت وهُم لا يُظلمونَ" 281 ٱلبقرة.
"وكُلُّهُم ءَاتِيهِ يَومَ ٱلقِيٰمَةِ فردًا" 95 مريم.
"ولقد جِئتُُمونا فُرَٰدَىٰ كَما خلقنٰكم أوَّل مرَّة" 94 ٱلأنعام.
"إنَّاۤ أنزلنا عليك ٱلكتٰبَ للناسِ بٱلحقِّ فَمَن ٱهتدىٰ فلِنَفسِهِ ومَن ضَلَّ فإنَّما يضُلُّ عليها ومآ أنت عليهِم بوكيلٍ" 41 ٱلزُّمر.
فٱلحديث ٱلنافع هو عن حقوق ٱلإنسان عامل كان أم صاحب عمل. فكلاهماۤ إنسان وحقوقهما واحدة. وعليهماۤ أن يتواثقا لحماية حقوقهما من ٱلقوى ٱلشيطانية ٱلتى تمثلها ٱلأحزاب وٱلنقابات ٱلفئويّة ٱلتى تتاجر بمصالح ٱلعمال وغيرهم من أبنآء ٱلبلاد.
أما دور ٱلمرأة فهو مثل دور ٱلمرء. كلاهماۤ إنسان وكلاهما يجرى ٱستغلاله من قبل ٱلمتاجرة بمفاهيم حزبية فئويّة قومية ووطنية وطبقية ودينيّة.
ومن ٱلأمور ٱلتى علينا ٱلعلم بها وٱلعمل عليهاۤ أنّ ٱلعمال فى بلادنا ٱلشامية هم من دون حقوق إنسان وهم ٱلأكثر فقرًا وٱلأقل حظًّا من ثروة بلادهم. وسبب ذلك يعود إلى ٱستمرار سلطة ٱلاستبداد غير ٱلميثاقيّة ٱلتى ٱتخذت لنفسهاۤ مفاهيم ثورية وخلطتها بمفاهيم ماركسية وقومية وإسلامية كما فعلت ٱلنازية. وتابعت بها تسلطها على جميع فئات ٱلشعب إلى يومنا هذا تساندهاۤ أحزاب ونقابات تزعم تمثيل ٱلعمال. وجعلت هذه ٱلسلطة مجتمعاتنا تنقسم إلى فئتين. ٱلأولى تملك جميع ٱلسلطة وٱلثروة وٱلمال وٱلإرادة. وهى لا تسعى لملك وسآئل عمل جديدة ولا تريد خلق فرص عمل جديد للشباب. وهى تحكم وتتسلط من دون ميثاق بينها وبين ٱلعمال. وٱلثانية وهم أكثرية ٱلسكان ٱلملحقين بٱلمالكين للسلطة وٱلثروة وٱلمال كملكية لهم لا وزن ولا قيمة لها.
وبسبب هذا ٱلتقسيم ٱزداد فقر وتخلّف ٱلفئة ٱلثانية ونقصت فرص ٱلعمل لأولادهم فى بلادنا ونشأت فئة كبيرة من ٱلعاطلين فى بيوتهم. وعلى ٱلرّغم من كثرة عدد ٱلعاطلين فى بيت ٱلعامل ٱنخفض أجره ولم يعد يخضع إلى قيمة ما يقوم به من عمل. وصار عيشه مع أهل بيته عيش ضنك. وصار ٱلعمال ٱلذين يعملون فى مؤسسات ومصانع ٱلدولة من وسآئل سلطة ٱلاستبداد ٱلتى تساندهاۤ أحزاب عمالية وٱشتراكية ونقابات وكهنوت دين. وكانت هذه ٱلأحزاب وهذه ٱلنقابات وهذا ٱلكهنوت يعملون على منع ٱلعمال من ٱلمطالبة بحقوقهم فى ٱلعمل وفى ٱلأجر كما منعوهم من ٱلمطالبة بحقوقهم ٱلإنسانية. وبثّوا فىۤ أنفسهم مفاهيم ظنية وكاذبة عن مسئولية خارجية ورآء سلب تلك ٱلحقوق. وما زالوا يبثّون هذه ٱلمفاهيم ويشاركون ٱلسلطة ٱلمستبدّة فى ٱستبدادها.
لقد كانت ٱلماركسية وأحزابها ٱلشيوعية هىۤ أهم قوى ٱلتطرف ٱلتى لقّمت ٱلعمال مفاهيم عن ٱلعدآء ٱلطبقى وحقّهم فى ٱبتلاع ٱلبورجوازية. وقد زعم مؤسسوها بأنها فلسفة علمية.
وأقول لمن يزعم أن ٱلماركسية علم. أن ٱلعلم فى ٱلشىء هو ٱلنظر فيه وتلاوته ودرسه ثمّ توصيفه وتحديد معالمه ولونه وهيئته ومكوناته. ثمّ قرءه لما فهمه وفقهه وجعله بيانًا يمكن لعالم أخر ٱلتّثبت منه بٱلاختبار. وعلمُ ٱلعالم يبيّن أنّ ٱلكلمة (أو ٱلفكرة كما يقول هيجل) هى ٱلتى صارت شيئًا. وهو ٱلذى يبيّن حركة ٱلكلمة بين ٱلمقدار وٱلشىء. وبذلك يبيّن كيف تنشأ ٱلجدلية بينهما "ٱلديالكتيك". وبهذا ٱلأسلوب يسير على سبيل ٱلعلم فى كيف بدأ ٱلخلق.
وكان كلّ من ماركس وأنجلز قد ٱستعار مفهوم ٱلجدلية هذا من هيجل. إلاۤ أنهما لم يفكراۤ أنّ ٱلفصل بين مكونىّ ٱلجدلية يبطلهما. وهما ٱلذين أسسا للماركسيين عن ذلك ٱلفصل قولهم أنّ "ٱلبروليتاريا بعد أن تبتلع ٱلبورجوازية فى جوفها تنجز ٱلمجتمع ٱللاطبقى". وهو قول يبيّن أن ٱلماركسيين لم يفكروۤا أنّ هذا ٱلبلع سيشمل ٱلبروليتاريا وأنه لن يكون لفكرهم من بعد ٱلبلع أىّ حاجة أو وجود. وبهذا يبين ٱلماركسيون أنهم لم يفهموا ما عرضه هيجل عن "نفى ٱلنفى". وهم لم يعلموۤا أنّ تفكيرهم ينفى نفسه. لم يفكروا بذلك ولم يقبلوا بزوال فكرهم من بعد زوال فعله ٱلبالع وٱلحاجة إليه. لقد خلقوا بطنونهم مجتمعًا لا جدل فيه. وما فعلوه بخلقهم هذا هو توقيف لحركة ٱلتطور فى ذلك ٱلمجتمع.
لقد زعم أنجلز علمًا فيما قدَّمه من مفاهيم ظنيّة حول "جدلية ٱلطبيعة". وما زعم به لم يكن أكثر من ٱحساس بسيط بسنّة ٱلتكوين ٱلزوجية وجدليتها "ٱلديالكتيك". وقد رأى ظنًّا فى حركة ٱلمقدار ليكون شيئًا تقدمًا (تحوّل ٱلكم إلى كيف). وهذا لم يكن ولن يكون إلا حركة بين عدّة هى مقدار ونهاية هى شىء ثمّ عودة إلى مقدار. أما فى ٱلحقِّ فإن حركة ٱلمقدار (ٱلكم) تبيّن أنّ ٱلأشيآء ليست غير ٱلمقادير ٱلتىۤ أعلن عنها فى بلاغ ٱللّه ٱلعربىّ:
"وكُلُّ شىءٍ عِندَهُ بمقدارٍ" 8 ٱلرعد.
وعندما يتحدث ٱلعالم عن ٱلتطور فهو يكشف عن أطوار ٱلتحرّك ٱلمقدارىّ فى صورة شىء (كيف). إذ يتحول ٱلشىء ٱلمتكون إلى مقدار لشىء لاحق إلىۤ أن تكمل ٱلأطوار ٱلتى تعود بٱلشىء ٱلأخير إلى طوره ٱلمقدارىّ ٱلأول.
كماۤ ٱستخدم ٱلماركسيون كلمة "تقدم" بدلا من كلمة تطوّر. وما تدلّ عليه كلمة تقدم هو ٱلسير على ٱلأقدام من دون بيان لوجهة ٱلسير هل هىۤ إلىۤ أمام أوۤ إلى خلف. وهى لا تدل على حركة ٱلتطور بما يحمله من ٱصطفاف ٱلمقادير ٱلذى يوصلهاۤ إلى طور لاحق.
لقد قال أنجلز عن ٱلطبيعة أنهآ أشيآء مفصولة ميكانيكيا. وقد صدّقه ٱلمؤمنون ٱلمشركون وحوّلوا تخريصه فى ٱلعلم إلى مفاهيم عن ٱلعلم وما هىۤ إلا ظنون. فٱلعالم هو ٱلذى ينظر ويتلوا ويدرس ويبحث فى ٱلأشراط ٱلعامة للكون substantive law مثل ظاهرة ٱلنور وظاهرة ٱلحرّ وظاهرة ٱلشّدِّ (ٱلجاذبية) وظاهرة ٱلشَّجر (ٱلانفلات من ٱلجاذبية) وعلاقة ذلك بٱلأشيآء.
كذلك ءامن ٱلماركسيون بأفكار ستالين ٱلتى تدعوۤ إلى ٱلإيمان بٱلمشروع ٱلحلم ٱلذى يريد أصحابه تغيير "ٱلعالم" به. وهو يجيز لأصحاب ٱلمشروع أخذ ٱلسلطة لهذه ٱلغاية ويجيز لهم ٱلاحتفاظ بها إلى ٱلنهاية تحت تأثير ٱلإيمان ٱلظنىّ بأن أفكار ستالين يقين ودين. وهم يؤمنون كما يؤمن عامّة ٱلمسلمين بٱلفقهآء ٱلأربعة ٱلموتىۤ أنّ ٱلموتى ماركس ولينين وستالين قادرون على توجيه ٱلأحيآء إلى ٱلحقِّ. وجميع ٱلشيوعيين يؤمنون ولا يفكرون بما يؤمنون. وهم كٱلذين قال عنهم ٱللّه فى بلاغه ٱلعربىّ:
"وما يؤمن أكثرهم بٱللَّه إلاّ وهم مشركون" 106 يوسف.
وقد بين ٱلبلاغ أنّ طاعة هؤلآء تُضل عن ٱلسبيل:
"وإن تطع أكثر من فى ٱلأرض يضلّوك عن سبيل ٱللَّه إن يتبعون إلاّ ٱلظنَّ وإن هم إلاّ يخرصون" 116 ٱلأنعام.
وهؤلآء لا يجدون لأنفسهم ٱلوقت للتفكير بما يؤمنون. وهم فى عجلة من أمرهم. وخضوعهم يحدث بما يسمّونه "ديسبلين". وهم يجيزون أخذ ٱلسلطة من دون ميثاق. ويغلِّبون إيمانهم على جميع ٱلأفكار ٱلتى تعترضهم. معللين موقفهم بضيق ٱلوقت وٱلحاجة إلى ٱلسرعة فى ٱلعمل من أجل ٱلثورة. وما يقدمونه من تعليل يبيّن أنهم من ٱلذين يعبدون ٱلعجل ٱلذين لا يتفكرون. وهؤلآء يرمون بأخطآئهم وعثراتهم على عدو يخلقونه بظنونهم ويطلقون عليه أسمآء "ٱلامبريالية" و"ٱلصهيونية" و"ٱلرجعية". لكن كيف؟ فهذا يتطلب ٱتباع ما قاله موتى ولا يتطلب تفكيرًا ولا بيانًا. وما يهمّ هو ٱلإيمان بفكرة لا دليل عليها. وإذا برز واحد منهم ليبحث فى صواب ٱلفكرة قاموا عليه مجتمعين ينكرون عليه ما يفعل. فإن أصرّ على مواصلة ٱلبحث خرجوا عليه وٱتهموه بٱلخيانة وٱلانشقاق وٱلعمالة وٱلارتداد وغيرها من ٱلتهم ٱلجاهزة.
ومثل هؤلآء ٱلمؤمنين ٱلمشركين لا حاجة للعمال بهم ولا بأفكارهم ٱلظنية. وما على ٱلعمال إلا ٱلسعى مع جميع مَن يعمل من أجل مجتمع فيدرالىّ ديمقراطىّ ميثاقىّ وأحزاب تماثله تحمى وتعمل على تطوير حقوق ٱلفرد كإنسان من دون ٱلنظر إلى ٱلفئة ٱلتى هو منها.
كما على ٱلعمال أن يتركوا ٱلأول من أيّار ورآء ظهورهم ليرفعوا بدلا عنه أعلام شرعة حقوق ٱلإنسان وميثاق عيش ديمقراطىّ وفيدرالىّ فى بلادهم.
وأدعوا ٱلجميع عمالا وأصحاب عمل لتأسيس حزب فيدرالىّ ديمقراطى يتخذ من شرعة حقوق ٱلإنسان أساسًا لميثاقه ٱلاجتماعى. وأرى فى ٱلتوقيع على هذا ٱلمقال موافقة على دعوتى.



#سمير_إبراهيم_خليل_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار كهنوت لا حوار أديان
- بداية طيبة
- تعليق على رسالة
- ٱلديمقراطية حاجة إنسانيّة
- ٱلاتهام: قرءانيون
- ٱللّغة ٱلفصحى لسان باطل
- ما يسمّى شريعة إسلاميّة هو شريعة شيطان
- مَن هو ٱلأمىّ؟
- مَن هو ٱلذى يقرأ؟
- لماذا هذه ٱلقمة يا ملوك قوم ٱلرسول؟
- فى فقه ٱلدليل بيان
- أوقفوا ٱلإسآءة للنّبى
- فصل ٱلدولة عن ٱلدِّين
- حجب أم كفر؟
- تعقيب على سؤال مَن هو ٱلمسلم؟
- مَن هو ٱلمسلم؟
- حقّ ٱلمرأة وحقّ ٱلمرء واحد فى كتاب ٱللّه
- هل يقبل ٱللّه بٱلتجنيد ٱلإلزامى فى ٱ ...
- ٱلإنآء ينضح بما فيه
- تطور يستحقّ ٱلاحترام


المزيد.....




- هل كان بحوزة الرجل الذي دخل إلى قنصلية إيران في فرنسا متفجرا ...
- إسرائيل تعلن دخول 276 شاحنة مساعدات إلى غزة الجمعة
- شاهد اللحظات الأولى بعد دخول رجل يحمل قنبلة الى قنصلية إيران ...
- قراصنة -أنونيموس- يعلنون اختراقهم قاعدة بيانات للجيش الإسرائ ...
- كيف أدّت حادثة طعن أسقف في كنيسة أشورية في سيدني إلى تصاعد ا ...
- هل يزعم الغرب أن الصين تنتج فائضا عن حاجتها بينما يشكو عماله ...
- الأزمة الإيرانية لا يجب أن تنسينا كارثة غزة – الغارديان
- مقتل 8 أشخاص وإصابة آخرين إثر هجوم صاروخي على منطقة دنيبرو ب ...
- مشاهد رائعة لثوران بركان في إيسلندا على خلفية ظاهرة الشفق ال ...
- روسيا تتوعد بالرد في حال مصادرة الغرب لأصولها المجمدة


المزيد.....

- خزريات بابل ينشدن الزنج والقرامطة / المنصور جعفر
- حالية نظرية التنظيم اللينينية على ضوء التجربة التاريخية / إرنست ماندل
- العمل النقابي الكفاحي والحزب الثوري / أندري هنري


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ملف بمناسبة الأول من أيار 2006 - التغيرات الجارية على بنية الطبقة العاملة وحركتها النقابية والسياسية - سمير إبراهيم خليل حسن - ٱلأول من أيَّار