أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالرحمن مطر - ليبيا: نحو باغوز جديدة !















المزيد.....

ليبيا: نحو باغوز جديدة !


عبدالرحمن مطر
كاتب وروائي، شاعر من سوريا

(Abdulrahman Matar)


الحوار المتمدن-العدد: 6214 - 2019 / 4 / 28 - 21:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يشجع الرئيس ترامب المشير خليفة حفتر، للعمل على " مكافحة الإرهاب وتأمين موارد ليبيا النفطية ". تصريح البيت الأبيض، الجمعة الماضية، يكشف بوضوح تدخلاً أميركياً مباشراً في الحدث الليبي اليوم، قد لا يفصح عن حقيقته أحد، لكن مؤشراته دالّة على أن التدخل الدولي، عاد الى " العسكري " مجدداً، بجناحيه الفرنسي والأميركي، مع دور روسي ينحصر حالياً في تقديم الدعم السياسي، وبيع السلاح، عبر إحياء اتفاقات قديمة مع نظام العقيد القذافي. يأتي ذلك، بعد أيام قليلة من إدانة وزير الخارجية بومبيو لزحف الجيش الوطني الليبي، نحو طرابلس، والقصف العشوائي ضد السكان المدنيين، ليعيد إلينا صورة الاختلاف في أداء المؤسسات الأمريكية تجاه قضايا المنطقة، كما يحدث بالنسبة لليبيا اليوم، ومسألة الانسحاب الامريكي من الشمال السوري، قبل عدة اشهر.
ثمة مسألتان أساسيتان إذن، تجذبان الاهتمام الأمريكي الأخير فيما يتصل بليبيا، هما: " قضية مكافحة الإرهاب، وتأمين موارد النفط ". وخلاف ذلك، وعلى مدار ثماني سنوات، تبدو الإدارة الأمريكية، غير معنية بتطورات الاحداث المأساوية التي يذهب ضحيتها المدنيين، جراء الصراعات المسلحة على السلطة والثروة معا، في ليبيا الغنية بموارد شتى، وليس النفط فقط. وفي تصريحات البيت الأبيض الأخيرة، بدا واضحاً أن واشنطن، تعتزم الدخول على خطوط الأزمات الليبية، ليس لفض الاشتباكات المسلحة بين الفرقاء، بل لمساندة طرف هو المشير حفتر قائد الجيش الوطني، في عمليته الأخيرة طوفان الكرامة، في طرابلس، دون الآخر " حكومة الوفاق الوطني بقيادة فائز السراج " وهي الحكومة المعترف بها دولياً. هذا بلا شك يؤجج النزاعات، ويزيد في الأمور تعقيداً، وهي بكل الأحوال، أضحت عصية على إيجاد الحلول دون تدخلات خارجية.
حفتر والجيش الوطني
دون أدنى شك، استطاع القائد العسكري خليفة حفتر أن يكوّن نواة صلبة لما أصبح يُعرف بالجيش الوطني، وهو القادم من المعارضة الليبية، بعد ربع قرن، من انشقاقه عن نظام القذافي، في معتقله التشادي كأسير حرب، إبان الحرب الليبية – التشادية (1978-1987 )، ومكوثه في الولايات المتحدة لعقدين نشط خلالهما في معارضة القذافي، بما فيها محاولة الإنقلاب عام 1993، التي يُشار إلى ضلوعه في إفشاء أسرارها، ومن ثم ليعود الى ليبيا وينضم إلى ثورة 17 فبراير، وتبرز فاعليته المؤثرة، بعد سقوط نظام القذافي.
وخلال سنوات الفوضى الأخيرة في ليبيا، استطاع حفتر أن يلعب دوراً بارزاً في محاربة الجماعات الإرهابية المتشددة، بما في ذلك تنظيم داعش، في شرق ليبيا، وحقق استقراراً فعلياً في المناطق الممتدة من اجدابيا حتى الحدود مع مصر. لكن دوره ظل محاطاً بتساؤلات مهمة، تتصل باستراتيجياته بشأن المستقبل، وبروز دور العسكر مجدداً في الحياة العامة الليبية. يضاف إلى ذلك، مصادر دعمه وعلاقاته المميزة مع مصر، وبالطبع المحور الذي تنخرط فيه السعودية والإمارات، من جانب، و روسيا وفرنسا من جانب آخر، في ظل علاقات لم تخلُ من التجاذب مع واشنطن. كما يؤخذ عليه، تهريب سيف الإسلام القذافي، المتهم بجرائم حرب، من معتقله، عبر كتيبة تابعة له.
تراجع دور الجماعات الإرهابية بشكل ملحوظ، وانكفأت نحو الصحراء، بما فيها أعداد المقاتلين الليبيين والمغاربيين، الذين عادوا من سوريا، بسبب الحملة الدولية لمحاربة داعش. لكن استمرار الصراعات على السلطة في ليبيا، أدى الى تعميق النزاعات واستعصائها على الحلّ على الرغم من الجهود الكبيرة، التي حاولت فيها أطرافاً عربية ودولية كالجزائر وفرنسا، إضافة الى الأمم المتحدة، إنجاز تسوية سياسية، تم التوصل إليها مراراً، لكنها لم تجد طريقاً الى التطبيق، فأضحت ليبيا تحت حكم سلطات الأمر الواقع، بين حكومتان، في الغرب والشرق، وبرلمان انتهت ولايته، وجيش وطني لا يحظى باعتراف الجميع، ولا يتمتع بعلاقة طيبة مع الحكومة التي شرعنته!
لعنة الجغرافيا والنفط
تتموضع ليبيا في موقع جغرافي فريد، بين الشرق العربي والمغاربي، وبين الشمال المتوسطي، شمال العالم، وجنوبه: جنوب الصحراء، عالم افريقيا السوداء، ويمكننا إحالة التوصيفات الجغرافية اعلاه، الى دلالات سياسية، اجتماعية، وإثنية، حادة التباين. ليبيا متأثرة بهذا الاختلاف الكبير بحسب موقعها بين كل القوى والأطراف، خاصة ذات الدور المؤثر في المنطقة: مصر والجزائر، إيطاليا وفرنسا، ومصالح الأخيرتين في المنطقتين المغاربية وجنوب الصحراء.
بعد سنوات الاستقلال عن إيطاليا والنزاع الفرنسي مع ليبيا بشان التدخل في افريقيا، عمّ الفراغ السياسي ليبيا، مشرعاً الأبواب أمام تدخل الدول الحالمة باستعادة المكانة والدور في المنطقة، من هنا نعرج للإشارة الى دعم فرنسا الوثيق للجنرال حفتر، خاصة في عمليته الاخيرة، بشأن السيطرة على العاصمة الليبية، ( والتي يُفترض أن يتيح له حال نجاحها، إحداث تغيير جوهري وشامل في الواقع الليبي ) وهو دعم سياسي وعسكري، تشير تقارير الى مشاركة طائرات فرنسية بلا طيار في العمليات العسكرية الأخيرة، تمت التغطية عليها. فيما تدعم روما حكومة السراج، وتبدي اعتراضها وقلقها من تدخل الإليزيه.
تبدو الأطراف الخارجية، منخرطة في سباق الضرورة، لإيجاد موضع قدم، في البلد القلق حتى اليوم، مشاريع التنمية قادمة، وسوف تضع حروب الأخوة أوزارها، في بلد عائم على بحار النفط العظيمة. لكن باريس لها حكاية اخرى، فالجنرال الذي هزمها في تشاد، هو حليفها اليوم، ومعه يمكن أن تحظى فرنسا بمكانة الألوية في العلاقات البينية والشراكات المؤملّة، خاصة وأن ماكرون قد ورث دوراً فرنسياً مهماً في اسقاط نظام القذافي، وفي تصفيته أيضاً.
استناداً الى الجغرافيا، يبرز دور الجزائر المحوري، في تبني الحوار بين فرقاء الإختلاف الليبي، وفي منع الوصول الى مواجهات مسلحة. يتقاطع هذا الاستنتاج مع وجهات نظر، تقلل من اهمية الجوار الجزائري، وفي اعتقادنا، أن المشير حفتر لم يكن بإمكانه التقدم نحو طرابلس، لو أن السلطة في الجزائر مستقرة! ومن الطبيعي أن يتم استغلال فرص تاريخية، لا تُعوّض كهذه، وقد لا تتكرر.
الاستقرار الأمني في ليبيا، مرتبط باستقرار المنطقة المغاربية، بشكل أساسي الجزائر وتونس، ومصر أيضاً، وهذا مردّه الى أن الجماعات الإرهابية، منتشرة في الحزام الصحراوي الممتد بين الجزائر وليبيا وشمال الدول الافريقية المتاخمة جنوب الصحراء، ويتطلب السيطرة عليه، تعاوناً وثيقاً للحد من نشاطها ومنع أخطارها.
لكن الهدف الأساس لا يكمن فقط في خطر الإرهاب، لكنه يمضي باتجاه النفط، تأمين استمرار تدفقه الى إيطاليا وفرنسا والولايات المتحدة. وبالنسبة لأطراف أخرى مثل الإمارات، فإنه يعني بلداً بكراً واعداً بمشاريع المستقبل الإستثمارية الضخمة. وفوق ذلك، فإن إشكالية اخرى تطل برأسها: مشكلة الأخوان المسلمين التي تقض مضجع التحالف السعودي –الإماراتي – المصري.
واشنطن وقسد ليبية!
تنتظر واشنطن، بتأن، تطورات الأحداث في ليبيا، ثم يأخذ تدخلها شكل الانقضاض، الذي يريد أن يضع يده على الكعكة بأكملها، حاصداً جهود الأطراف الأخرى. انها الترامبوية: فهلوية البيت الأبيض وقرصنته، التي لا تقيم وزناً لاعتبارات المصالح والسياسات المشتركة، والتحالفات مع الأطراف الأخرى.
أنه النفط، والثروات الباطنية الهائلة الغير مستثمرة في ليبيا الشاسعة، ومشروعات الاستثمار في إعادة الإعمار، والأموال التي تتوفر لهذا البلد، هي الدوافع الحقيقية وراء اتصال ترامب بقائد الجيش الوطني خليفة حفتر/ المواطن الأمريكي. وحثه على المضي قدماً في محاربة الإرهاب وحماية إمدادات النفط. المهمة محددة واضحة. وثمة جانب آخر، تتصل بالتحديات التي واجهتها حملة حفتر للاستيلاء على طرابلس، منعت تحقيق ذلك وفقاً لما خُطط له، و أوقفت تقدمه، وحالت دون نجاح " طوفان الكرامة "، ما وضع حفتر في مأزق حقيقي، استلزم دعماً أميركياً عاجلاً.
لم يكترث ترامب الى الضحايا المدنيين، ولن يكترث يوماً بها، ولا يشعر بأية مسؤولية في هذا الإطار. وهو يعبر بكل الوسائل عن احتقاره للمبادئ الدولية، في الحقوق والحريات، الحرب والسلام، ويتعمد انتهاكها، دون رادع!
نحن مع محاربة الإرهاب، وتفكيك قواه، ومنع انتشاره، حيثما وجد في ليبيا وفي غيرها من الأماكن، ومع جمع السلاح، وحل جميع الميليشيات والفصائل العسكرية، والذهاب الى تسوية سياسية حول الحل الحقيقي والمناسب، وهذا ما يجب أن تذهب إليه القوى المتنازعة في ليبيا، وخاصة حكومتي الثني والسراج، وأن تلتزم القوى الخارجية دعم الحوار الوطني، وتمكين الأطراف من الاتفاق وتنفيذ التعهدات المشتركة، ويشترط ذلك وقف الدعم العسكري، ووقف المساندة السياسية للعمليات العسكرية، بين مختلف الأطراف.
تدخل ترامب، قد لا يغير من النتائج على الأرض، على الرغم من حملة مستشاره كوشنير، ولكنه بكل الأحوال، يثير القلق والريبة معاً، ولا يمكن الوثوق به مطلقاً. فهو لم يتحدث عن تسوية أو حل سياسي، ولكنه يطالب المشير حفتر بالاستمرار في الحرب لمواجهة الإرهاب و حماية النفط. وما نخشاه، أن ترامب، سوف يعيد ما فعله في شمال سوريا، أن يدفع الفرقاء الليبيين الى حرب إلغاء طاحنة، يأخذ فيها حفتر دور " قسد " ويجعل من طرابلس باغوز أخرى، يُحرق فيها الأخضر واليابس، ويستقيظ الليبيون على تدفق القوات الأميركية الى قاعدة هويلس مجدداً، وتطيح بكل تسوية ممكنة إلى أجل غير معلوم، فيما تتحول طرابلس الى مدينة أشباح !
قليل من الحكمة، يمنع وباء ترامب من تدمير كل شئ، بما فيها مكتسبات ثورة 17 فبراير، والعودة الى طاولة التفاوض، لا يحقن الدماء فحسب، ويحمي المدنيين، ولكنه أيضاً يحمي حقوق الأفراد والجماعات، ويصونها، من أجل دولة مدنية، لا يريد لها الآخرون أن تقوم في ليبيا.



#عبدالرحمن_مطر (هاشتاغ)       Abdulrahman_Matar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نتنياهو والتطرف الأسدي
- ربيع الجزائر .. رياح النور !
- الثورة والعقاب !
- الغائبون قسراً: بعد داعش قبل رحيل قسد!
- المغيبون بين داعش وقسد
- العرب والشراكة الأورومتوسطية
- التسوية والدستور في المسألة السورية
- قانون قيصر، ومحاسبة النظام السوري
- الشمال السوري: المنطقة الآمنة واتفاق أضنة
- السلطان ترامب
- إرهاب جبهة النصرة واستئصال الجذور
- ترامب وإرث قسد في الجزيرة السورية
- واشنطن والشمال السوري
- الدرس الفرنسي والاستبداد الأسدي
- نشطاء بلا حماية !
- غزة: صراع على الاستحواذ
- سياسات الحلّ في سوريا
- ترامب وعرش الدم
- داعش وقسد واستهداف المدنيين مجددا
- تغييب خاشقجي: اغتيال لحرية الكلمة


المزيد.....




- إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟ ...
- الرئيس السابق للاستخبارات القومية الأمريكية يرد على الهجوم ا ...
- وزير خارجية الأردن لنظيره الإيراني: لن نسمح لإيران أو إسرائي ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع أنبا ...
- حرب غزة| قصف مستمر على القطاع وأنباء عن ضربة إسرائيلية على أ ...
- انفجارات بأصفهان بإيران ووسائل إعلام تتحدث عن ضربة إسرائيلية ...
- في حال نشوب حرب.. ما هي قدرات كل من إسرائيل وإيران العسكرية؟ ...
- دوي انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول ...
- أنباء عن -هجوم إسرائيلي محدود على إيران- وسط نفي إيراني- لحظ ...
- -واينت-: صمت في إسرائيل والجيش في حالة تأهب قصوى


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالرحمن مطر - ليبيا: نحو باغوز جديدة !