|
الأزمة الليبية واستراتيجيا السلطة التونسية .
فريد العليبي
الحوار المتمدن-العدد: 6213 - 2019 / 4 / 27 - 14:33
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تشتد المعارك في طرابلس منذ 4 أفريل الماضي ، تاريخ بدء هجوم الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر، وتستعمل فيها شتى أنواع الأسلحة ، بما في ذلك الطائرات ، ويتهم كل طرف الطرف المقابل بقصف المدنيين ، واستعمالهم دروعا بشرية ، والإستقواء بقوى خارجية . ويؤكد كل طرف أيضا أنه كبد الطرف المقابل خسائر جسيمة ، وأن المجتمع الدولي يقف الى جانبه ، وأن النصر سيكون حليفه ، وفي الأثناء تغرق ليبيا في الدم . كما يشتد الصراع بين القوى الدولية والإقليمية والعربية على ليبيا ، وتستعمل فيه هو الآخر أسلحة مختلفة ، وإن كان الظاهر منها حاليا التصريحات والتصريحات المضادة ، فإن المخفي قد يكون التورط عسكريا ، ليس فقط بتزويد المتحاربين بالسلاح ، وإنما أيضا المشاركة في القتال ضمن هذا الخندق أو ذاك . وفي خضم ذلك تجد تونس نفسها في دوامة الأحداث ، وهي البلد الذي له حدود جغرافية طويلة مع ليبيا ، وتاريخ لا يقل طولا ، حتى أن رئيسها كثيرا ما كرر أن الليبيين والتونسيين يكونون شعبا واحدا ولكن في بلدين مختلفين . ومع اشتداد المعارك طفت على سطح الأحداث الكثير من الوقائع ، التي تشير الى ارتداداتها التونسية ، من وصول أوربيين مسلحين برا وبحرا الى منافذ حدودية ، ورواج خبر هبوط طائرة عسكرية قطرية في مطار جربة ، وتصريحات وزارية تطلب وقف المعارك فورا ، فهم منها مناصرتها لحكومة الوفاق ومعاداتها للجيش الوطني الليبي ، وهي التي سرعان ما وجدت صدى لها في ليبيا ، فبينما ثمن الناطق باسم وزارة الداخلية في حكومة الوفاق مبروك عبد الحفيظ الدور التونسي ، قال طلال الميهوب رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان الليبي القريب من حفتر إن "الموقف التونسي تجاه الأزمة في ليبيا يثير علامات الاستفهام ، خاصة أنها تريد أن تدفع الجماعات الإرهابية خارج أراضيها ، بمحاولة مداهنة من يسيطرون على مفاصل الدولة في طرابلس ". داعيا تونس الى رفع يدها عن تلك الجماعات ، موجها تهديدا صريحا للسلطة التونسية ، ففي حال ثبت نقل الطائرة القطرية أسلحة سيكون هناك رد . ويطرح السؤال عن مدى وجود استراتيجيا تونسية في التعامل مع الأزمة الليبية و ما إن كانت تلك الاستراتيجيا تقوم فعلا على دعم حكومة الوفاق في طرابلس ، أولا بالنظر الى نفوذها في المنطقة المحاذية للحدود التونسية ، بينما ظلت سلطة خليفة حفتر بعيدة طيلة السنوات الماضية ، ومتمركزة رئيسيا في الشرق ، وثانيا لتأثير حركة النهضة الاسلامية داخل السلطة ، وهي التي لها علاقات وطيدة بالجماعات الاسلامية المتحالفة مع السراج . وإذا كانت تلك هي استراتيجيا السلطة ، فإنها أضحت في مواجهة مأزق لا تحسد عليه ، مع بداية فقدان حكومة الوفاق لمناطق في غرب ليبيا ، ورفع الغطاء عنها من قبل الأمريكيين والفرنسيين ، بتفاهم مع الروس ، حيث يريد الجميع فضلا عن تقاسم المصالح ، التخلص من الاسلام السياسي الليبي ، بعد أن انتهى دوره ، ومن ثمة كان اندفاع الجيش الوطني حتى أبواب طرابلس ، وإذا ما نجح في مهمته فإن الجماعات الاسلامية المسلحة ستتجه غربا ، لتجد في تونس ملاذا لها ، وهو ما سيقوي ساعد الجماعات الارهابية التكفيرية المتمركزة في الجبال ، التي أصبح انتشارها العسكري يمتد من الحدود الجزائرية حتى الوسط ، مقتربة أكثر فأكثر من سلسلة الجبال المحاذية للحدود التونسية الليبية . ومن هنا فإن استراتيجيا السلطة حيال ليبيا لم تكن مبنية على المصلحة الوطنية ، بقدر ما كانت خاضعة لاعتبارات إيديولوجية ، متصلة بإستراتيجية أشمل ، تتداخل في رسم معالمها دول مثل تركيا وقطر وجماعة الاخوان المسلمين . وإذا كانت تونس جراء الأزمة الليبية قد خسرت سوقا لبضائعها ، ومشغلا لعمالتها ، وموردا لسلعها ، التي كانت تملأ " أسواق ليبيا " ، المنتشرة في أغلب المدن الجنوبية ، فإنها اليوم مهددة بمواجهة خسارة أكبر ، ليس على صعيد التجارة هذه المرة ، وإنما على صعيد الأمن ، بما قد يحول بعض جهاتها الى قواعد عسكرية للإرهاب التكفيري ، ويفتح المجال أمام حضور عسكري أجنبي وهو ما سيفاقم من معاناة التونسيين ، وقد يطلق شرارة حرب لن تنتهي بسهولة .
#فريد_العليبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حول السودان والجزائر .
-
تونس والكارثة المنتظرة.
-
نفاق الفلاسفة !! برنار هنري ليفي بين مظاهرات السترات الصفراء
...
-
الجبهة الشعبية التونسية في مواجهة مصيرها .
-
تونس التي تستيقظ .
-
تونس : حزب الرئيس القادم .
-
السياسة ... خساسة !
-
صراع على صالح بن يوسف في تونس
-
الاضراب والحرب الأهلية والانقلاب.
-
ماذا حدث يوم 14 جانفي2011 في تونس ؟
-
عرب عارية
-
الانقلاب التونسي
-
تونس المتسولة !
-
الاحتجاج بالموت حرقا.
-
خطاب منتحر .
-
تونس : رئيس تحت التهديد.
-
راعية المواشي ،المجازة في الانكليزية ،مفجرة جسدها !
-
خاشقجي وثروة السعودية.
-
أسئلة خاشقجي وأجوبة أمريكا المعلقة .
-
عودة كارل ماركس .
المزيد.....
-
شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف
...
-
احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين تمتد لجميع أنحاء الولا
...
-
تشافي هيرنانديز يتراجع عن استقالته وسيبقى مدربًا لبرشلونة لم
...
-
الفلسطينيون يواصلون البحث في المقابر الجماعية في خان يونس وا
...
-
حملة تطالب نادي الأهلي المصري لمقاطعة رعاية كوكا كولا
-
3.5 مليار دولار.. ما تفاصيل الاستثمارات القطرية بالحليب الجز
...
-
جموح خيول ملكية وسط لندن يؤدي لإصابة 4 أشخاص وحالة هلع بين ا
...
-
الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري خاسرا أمام نهضة بركان الم
...
-
الكويت توقف منح المصريين تأشيرات العمل إلى إشعار آخر.. ما ال
...
-
مهمة بلينكن في الصين ليست سهلة
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|