أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - محمد مسافير - ماساة طالبة!














المزيد.....

ماساة طالبة!


محمد مسافير

الحوار المتمدن-العدد: 6208 - 2019 / 4 / 22 - 18:22
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


لم يتبق لها سوى أيام معدودات لتجمع أغراضها وتنتقل إلى شقة جديدة، مع رفيقات جدد، لقد تغير كل شيء في حياتها، وها هي الآن تحاول الاستعفاف، لقد قررت أخيرا أن تقطع مع ماضيها، أو على الأقل مع الجزء الأخير منه... صحيح أنها كانت تحسد كثيرا زميلاتها على الاهتمام الكبير الذي كن يحضين به من طرف الشباب، وفي نفس الوقت، كان يحز في نفسها كثيرا تجاهلهم لها، لم تكن آية من الحسن والجمال، ولكنها لم تكن أيضا قبيحة المنظر، كانت ملامحها تخفي في الحقيقة حسنا راكدا، علمت ذلك من صديقاتها، وهن من أثاروا في نفسها مسألة الاهتمام بالذات، طالما قاومت إصرارهن، فتراها تهز منكبيها لا مبالية، أو متظاهرة باللامبالاة، لكنها حين تنزوي إلى فراشها، تغرق في دنياها الخفية، تتألم بقسوة يعقبها تأوه عريض مرتفع، ما يلبث أن يهبط إلى درجة الأنين، ثم تنداح إلى الصمت...
وكان مما كن يعبنها عليه، نحافتها المفرطة، وملابسها الذكورية، لكنها قررت بعد طول جحود، أن تنصاع لنصائحهن، لتنعم ولو بالقليل من الاهتمام..
كانت طالبة حقوق سنة أولى، قدمت من ضواحي مدينة تزنيت إلى أكادير حيث الكلية، كانت في خفة النحلة ولا تمسك عن الحركة، لكنها عدلت عن ذلك منذ أن رغبت في الامتلاء، فطفقت تنام النهار كله، وتأكل أكثر من القدرة، إضافة إلى استعمال بعض الأعشاب وبعض الطرائق الصحراوية التي تسمن أجزاء من الجسم دون غيرها، واستمرت على ذلك الحال أشهرا، ثم شرعت في ارتداء ملابس رفيقاتها في الشقة، لكن جاءت العطلة...
لاحظت أمها امتلاءها فسعدت بذلك، حيث كانت نفسها تتمنى أن تراها على ذاك القوام، عل عريسا يأتي فيطلب يدها ويخلصهم من تكاليف دراستها، أو يقعدها في البيت... ولعوز الأسرة الشديد، فقد كانت ترسل ابنتهم مع جاراتها من الفتيات إلى الطريق الرئيسية لبيع التين الهندي (الشوكي)، وكن يسعدن كثيرا بذلك، حيث تتاح لهن فرصة الانتشاء ببعض الغزل من المارة...
توقفت سيارة بقرب بضاعتها، سألها صاحبها عن الثمن فأجابته، وقرر أن يشتري منها كل ما بحوزتها، سعدت كثيرا لذلك، وهبها نظرة غير قصيرة ولا بريئة أثملتها فترنحت بعيدا عن تيار الزمان، وأفعمت قلبها بهجة ظافرة، تبادلا أطراف الحديث، علم منها أنها طالبة تكتري شقة بحي السلام، تبادلا أرقام الهاتف، ثم تواظبا على المحادثة..
سعدت كثيرا برفقته، كان يغدقها بالمال والاهتمام، وكانت تحوطه هالة من الفخامة مصدرها بدانته المتناسقة، وشاربه المرتب أبدا، فهامت على وجهها في مظان الهوى في الحدائق والمقاهي والشقق الفاخرة، يسكب في أذنيها بين الفينة والأخرى الثناء الجميل، فتغرق في النشوة التي لا يضاهيها ثمن..
لكنها سرعان ما استفاقت من الحلم الجميل، حيث تحول إلى كابوس قض مضجعها أسابيعا، بعد أن تلقت مكالمة هاتفية من زوجة فارس أحلامها، تهددها بالفتك إن لم تبتعد عن زوجها، لم تكن أصلا على علم بزواجه، ولم يتبادر إلى ذهنها لحظة أن تسأله، حطمت بطاقة الهاتف، ثم قررت طي صفحته إلى الأبد، وفي عينيها استكنت نظرة خاملة لا تنشد إلا السلامة...
انكسر قلبها فعلا، لكنها استجمعت قواها أخيرا بعد أن طوقتها الوحشة داخل الغرفة، فغادرتها ذات مساء، والسماء مجللة بسحب الخريف وكأنها تقطع الحبال مع كل أمل، لقد ألفت وجوده بجنبها، وهي الآن في أمس الحاجة إلى رفيق يقوم مقامه... أخذت مجلسها على أحد كراسي المقهى الذي كانت ترتاده وإياه، فلاحظ شاب وحدتها ثم دنا إليها، وبعد بضع دقائق، غادرا بيدين مشتبكتين...
مرت السنة الأولى والثانية دون أي أداء دراسي يذكر، لكن علاقاتها غدت أكثر توسعا وتعددا، تغادر شقتها في منتصف الليل، ولا تعود إلا بعد الظهر، فتغرق في النوم إلى وقت العشاء، تستيقظ وتقضي الساعات الطوال أمام المرآة حتى تضمن أعلى منسوب من الإثارة...
لكنها بدأت تستشعر الضياع وقتامة المستقبل، أحست ذات ليلة بتأنيب ضمير منقطع النظير، فغرقت في البكاء والعويل إلى الفجر، عندئذ قررت حزم حقائبها إلى شقة جديدة، مع رفيقات جدد، طالبات مجدات لا يرغبن إلا في التحصيل والنجاح، عزمت على أن تقطع مع ماضيها، أو على الأقل، مع الجزء الأخير منه..
كانت لها أخت متزوجة تقطن في عين القليعة، وفي آخر زيارة لها، بعد أن قررت الرجوع إلى رشدها، أُعجِب زوج أختها بلوحة إليكترونية كانت قد أهداها لها صديقها الأول، فقررت أن تبيعها له بثمن رمزي، فقد يساعدها ذلك أيضا في القطيعة الكلية مع كل تفاصيل الماضي، مسحت كل أسرارها منها: مكالمات صوتية وصور وفيديوهات، ثم سلمتها له...
بعد أسبوع تقريبا من الزيارة، اتصل بها زوج أختها يستعجل رؤيتها، كان بانتظارها في مقهى بالحي الذي تقيم به، جلست إلى جانبه، ثم صعقها بماضيها...
لقد علم بأمرها بعد أن تمكن من استعادة كل ما مسحت، انهال عليها بوابل من الشتائم المنحطة، توسلت منه السترة، لأن الفضيحة قد تكون رقبتها هي الثمن الوحيد الذي قد يمسح العار عن والدها، استغل حرج موقفها، فآثر ابتزازها في ارتشاف أنوثتها ...



#محمد_مسافير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يكفي الشيطان فخرا، أن جعله الله ندا
- قبل العاصفة بقليل!
- السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما!
- رأي في إدراج مصطلحات عامية في المقررات الدراسية المغربية
- واقع الشغل بالمغرب!
- إننا مختلفون... رغما عن أنوفكم!
- متفرقات في قصف السماء!
- أتفاءل خيرا بالأجيال الصاعدة!
- لماذا نهرب من أوطاننا؟
- البؤساء!
- أنصتوا لبناتكم!
- دروس ثورة سبارتاكوس على ضوء أحداث اليوم
- إبني البكر: نزيف القبلات
- العدالة الإلهية!
- الإله في حرج!
- من لم يرض برغيف رضي بنصفه!
- ويسألونك عن الوطنية!
- اعتداء على زوجين من طرف متحرش ورجل أمن!
- فرحة ملغومة!
- لا مفر من الخرافة!


المزيد.....




- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...
- هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟
- اغتصاب وتحويل وجهة وسطو وغيرها.. الأمن التونسي يوقف شخصا صدر ...
- “الحكومة الجزائرية توضح”.. شروط منحة المرأة الماكثة في البيت ...
- جزر قرقنة.. النساء بين شح البحر وكلل الأرض وعنف الرجال
- لن نترك أخواتنا في السجون لوحدهن.. لن نتوقف عن التضامن النسو ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - محمد مسافير - ماساة طالبة!