أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - كاظم حبيب - نظرة في كتاب -الاقتصاد العراقي – الأزمات والتنمية للسيد الدكتور علي خضير مرزا الحلقتين الحادية عشرة والثانية عشرة - قراءة في الفصل العاشر: التصنيع: نشاط متدهور (الفترة 1968-2002) و(الفترة 2003-2017)















المزيد.....



نظرة في كتاب -الاقتصاد العراقي – الأزمات والتنمية للسيد الدكتور علي خضير مرزا الحلقتين الحادية عشرة والثانية عشرة - قراءة في الفصل العاشر: التصنيع: نشاط متدهور (الفترة 1968-2002) و(الفترة 2003-2017)


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 6207 - 2019 / 4 / 21 - 22:35
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


نظرة في كتاب "الاقتصاد العراقي – الأزمات والتنمية للسيد الدكتور علي خضير مرزا
الحلقة الحادية عشرة
قراءة في الفصل العاشر: التصنيع: نشاط متدهور (الفترة 1968-2002)

وزع مؤلف كتاب الاقتصاد العراقي هذه الفترة الطويلة الممتدة بين 1968-2017، أي أكثر من 46 سنة، والتي لا تزال مستمرة (2019) إلى عدة فترات تبدأ بالفترة 1968-1980 حيث وضعت فيها خطتان خمسيتان، ثم الفترة الواقعة بين 1980-1990 حيث كانت الحرب العراقية الإيرانية، ثم الفترة الواقعة بين 1991-2002 حيث كان اجتياح الكويت والحرب الخليجية الثانية، ثم الفترة التي أعقبت الحرب الدولية غير الشرعية ضد العراق في 2003 حتى عام 2017 حيث تنتهي الدراسة التحليلية للدكتور علي مرزا.
البعث والتنمية والحروب والموت وخراب العراق
بعد أن استولى حزب البعث العربي الاشتراكي على حكم العراق ثانية في عام 1968 عمد في 1970 إلى إلغاء المؤسسة العامة للصناعة وإصدار القانون رقم 90 لسنة 70 حيث تأسست بموجبه مجموعة من المؤسسات الصناعية العامة التي تم ربطها بوزارة الصناعة وفيما بعد بوزارة الصناعة والمعادن في عام 1974. وخلال السنوات الأولى وقبل تأميم مصالح شركات النفط الأجنبية لم تتحرك الدولة صوب التصنيع، وكانت قد بدأت بحرب ضد الكرد والتي توقفت في أذار 1970 على وفق اتفاقية الحكم الذاتي التي وقعت بين الحكومة والحركة الكردية التحررية المسلحة، إضافة إلى سعيها لتصفية أو احتواء أو التحالف مع المعارضين والمناهضين للحكم البعثي. إلا إن التأميم الذي تم في ربيع عام 1972 وبدء تنامي عوائد تصدير النفط الخام دفع الحكم في عام 1974 إلى تبني المؤتمر القطري الثامن لحزب البعث "شعار "التنمية الانفجارية"، وكما يصفها الدكتور مرزا، من خلال "حرق المراحل" التي لا تلتزم بالضرورة بمبدأ استدناء الكلف في إقامة الصناعات والمشاريع أو الآثار التضخمية للإنفاق."، وثم يؤكد ذلك في الفصل 14من الكتاب بقوله: "وكانت الانفجارية تعني تنفيذ استثمارات على جبهة واسعة من مشاريع البنية الأساسية والاجتماعية والإنتاجية/التوزيعية بدون التحوط للآثار التضخمية، التي تفاقمت نتيجة لتخطي قيود الط-اقة الاستيعابية، أو الالتزام باعتبارات تخفيض الكلف". (أنظر: مرزا، الكتاب ص 243 و333). غم وجود خطة خمسية فأن التنمية الانفجارية كانت تعني باختصار شديد سيادة الفردية والرغبة الشخصية والفوضى الفعلية والتفريط الهائل في الموارد المالية بسبب عدم الالتزام بالمناقصات الدولية وأخذ الأكثر عقلانية وتناغماً مع حاجات وإمكانيات العراقي التقنية والإدارية والكوادر الفنية والأقل كلفة. وهذا الانفجار لم يحصل في إقامة المشاريع الصناعية، بل وكذلك في قطاع التجارة الحكومية. فما زالت في ذاكرتي بعض التصرفات التي عبرت عن نزعة فردية غير عقلانية أشير إلى ثلاث وقائع:
بعد فترة وجيزة صدور قرار اعتماد التنمية الانفجارية نظمت موعداً مع الفقيد الدكتور فخري قدوري، وكان رئيس اللجنة الاقتصادية في مجلس قيادة الثورة، لإبداء رأيي بشأن مفهوم التنمية الانفجارية وعواقبها على الاقتصاد الوطني وموارد الدولة والمجتمع العراقي، وأنها ستسير في درب غير سديد وستكون له عواقب وخيمة. لم يؤيدني الدكتور قدوري في حينها وأشار لي بما يلي: "نحن نعمل على تقديم نموذج للدولة العربية المتقدمة والمزدهرة، نريد أن نقدم نموذجاً استثنائياً متقدماً وفعالاً للأقطار العربية والدول النامية يحقق معدلات نمو عالية وتنمية تعتمد على الذات". عارضته في ذلك وقلت لنرى ما يحصل. وبعد مرور ثلاثين عاماً تقريباً تحادثنا عبر الهاتف، وكان يعيش في مدينة كولون بألمانيا، ذكرني باللقاء وأشار من جانبه، دون أن أذكره باللقاء بـ "أن ما طرحته عليّ وناقشتني بشأن التنمية الانفجارية في عام 1974 كان صائباً وفي محله، ولكن لم أكن أتوقع أن تسير الأمور كما سارت فيما بعد". ومن تابع تلك الفترة يمكن أن يكون قد سمع أو قرأ ما تحدث به طه ياسين رمضان في مؤتمر صحفي: نحن نملك المال ونريد الأفضل". كما إن أحمد حسن البكر قال فيما بعد لوزير التجارة حسن العامري: "الناس تذهب إلى لندن للتسوق من شارع أكسفورد وتصرف ملايين الدنانير، عليك أن تعمل لنقل ما في شارع أكسفورد إلى بغداد ليصرفوا الأموال هنا"، فأغرق وزارة التجارة أسواق العراق، ومثالها أروزدي باك (المؤمم)، بالسلع الاستهلاكية والكمالية ونشطت النزعة الاستهلاكية في المجتمع بشكل غير معقول، ثم كان ما كان!
رغم ذلك فقد أنجزت مشاريع صناعية كثيرة، كما يشير إلى ذلك الدكتور مرزا، حيث كتب: "لقد اعتمد تنفيذ هذه الاستراتيجية أساساً، وخاصة في المجال الصناعي، على اتفاقيات التعاون المتعددة مع الدول الاشتراكية (الاتحاد السوفييتي، بلغاريا، هنغاريا، تشيكوسلوفاكيا، رومانيا) وبدرجة ثانية مع الدول الأخرى (الهند ودول أوروبية واليابان ودول عربية). واشتملت الاتفاقيات على قوائم تفصيلية بالوحدات المتفق على إقامتها على جبهة واسعة من الصناعات، مثل الصناعات الغذائية والنسيجية والنفط والغاز والإنشائية والمعدنية.. إلخ). (أنظر مرزا، اكتاب، ص 243). كما تم تشغيل الكثير من الأيدي العاملة العاطلة، بل واستورد العراق المزيد من الأيدي العاملة من الدول العربية، وخاصة من مصر، ومن بلدان أخرى. وقد أدى ذلك، كما يشير الزميل مرزا، إلى زيادة نصيب الصناعة التحويلية في الناتج المحلي الإجمالي من 1.8% في 1970 إلى 3.2% في 1980 (ص 244). كما إن النظام قد توجه وبشكل مكثف إلى عقد اتفاقيات لبناء صناعات عسكرية في العراق واتفق مع الكثير من الدول الغربية والشرقية التي بدأت تتسابق، التي كانت تأمل في الحصول على جزء من الكعكة العراقية، لإقامة منشآت الصناعة العسكرية، والتي كانت تديرها المنظومة التكنوقراطية، إذ كانت الأموال في العراق وكأنها سائبة. وقد عمل النظام على إنتاج السلاح الكيماوي والجرثومي والصواريخ .. إلخ. وقد "كشف المدير العام السابق في التصنيع العسكري سعدي أبو رگيبة، عن أن الكوادر العلمية والهندسية العراقية نجحت في تطوير العديد من الأسلحة والمعدات، ومثال ذلك تطوير منظومة صواريخ ارض أرض التي كان مداها التصميمي 270 كم، فقد نجح الخبراء العراقيون بزيادته الى 600 كم. وذلك بتعديل صواريخ السكود تحت مسميات "الحسين والعباس" بعد أن زادت مدى طيرانها وذلك عن طريق تقليل حجم الرأس الحربي، وقامت أيضا بإنتاج منصات إطلاق محليه لها ملحقه بشاحنات "سكانيا" السويدية." (أنظر: التصنيع العسكري، حوار مع سعدي أبو رگيبة، إذاعة العراق الحر، 3 نيسان/أبريل 2015). يشير الدكتور علي مرزا إلى أن تنفيذ المشاريع الاستثمارية الصناعية وغير الصناعية التي انطوت عليها الخطتان الخمسيتان 1970-1974/1975 و1976-1980 إلى ظهور محددات الطاقة الاستيعابية نتج عنها تأخير تنفيذ المشاريع بشكل كبير. وقد تسبب ذلك الاختناقات الكبيرة في النقل والتشييد والتنفيذ وتأخير استيراد متطلبات المشايع والسلع، ... إضافة إلى الحماية الكمية التي كانت سائدة في حينه في عرقلة استراد السلع الاستهلاكية." (أنظر: مرزا، الكتاب، ص 244).
إن تساقط إيرادات النفط المالية، منذ بداية النصف الثاني من العقد الثامن (السبعينيات) من القرن العشرين، كزخات مطر أو صقيع، أو كالصاعقة على رؤوس قادة نظام البعث قد أعمت فيهم البصر والبصيرة وأفقدتهم صوابهم تماماً، إضافة إلى تهافت الدول والشركات الأجنبية على كسب ود العراق للحصول على عقود إقامة المشاريع الاقتصادية الباذخة والمغرية مالياً صعَّد فيهم روح الغرور والتعالي والنرجسية المرضية، ولاسيما عند صدام حسين، كما أدى نشوء ترسانة هائلة من السلاح والعتاد المنتج محلياً والمستورد للأغراض الدفاعية والهجومية، بما فيها الأسلحة الكيماوية والجرثومية والصواريخ والطائرات العسكرية، قد أنعش فيهم الروح العسكرية والقناعة بأن القوة وحدها هذ القادرة على حل المعضلات الداخلية والخارجية لصالح النظام، وأن القوة مساوية للحق، يضاف إلى ذلك الهدف المركزي الذي كان يعتمل في نفوس قادة البعث، وأعني بهم إقامة الوحدة العربية تحت قيادة حزب البعث، والذي تجلى في المقالات التي نشرت في جريدة حب البعث الداخلية " الثورة العربية"، واليكم نموذجاً من هذه المقالات: إذ كان حزب البعث يسعى إلى تكوين الدولة البعثية القوية ذات الشروط التالية: "دولة قوية بقيادة حزب قائد يمتلك أيديولوجية رائدة وقائدة ووحيدة وينفرد بالسلطة؛ ويمتلك القائد التاريخي، قائد الضرورة التاريخية، وجيش موحد ومسلح أحسن تسليح ومهيأ لتنفيذ المهمات". وبهذا الصدد كتبت المجلة المذكورة ما يلي: "لقد حدد الرفيق صدام حسين عناصر قوة الدولة والأمة، حين قال "منذ مئات السنين أيها الأخوة حرم العراق وحرمت الأمة العربية من بعده، الأمة العربية بكاملها أن تتحد الثروة والقيادة المخلصة والمقتدرة والعقيدة الحية، فجاء الوقت بعد مئات السنين لكي تكون لكم عقيدتكم المشرفة وأن يكون لكم حزبكم العظيم وعقيدته قيادة منكم وأن تكون لكم قيادة منكم عراقية وعربية صميمية، هذه هي أيها الأخوة العراقيون في كل مكان بهذه الكلمات الثلاثة الموجزة، العقيدة الحية الصميمية، تنظيم قوي وقيادة مخلصة من ذات البلد، وثروة حقيقية". (أنظر: د. كاظم حبيب، ملف خاص في الذكرى الثلاثين لمجازر الأنفال وحلبچة باعتبارها جرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية" في حلقات، موقع مركز أنور، شهر نوفمبر 2018).
ومن هنا بدأت كوارث العراق وما بني في السبعينيات وحتى أوائل الثمانينيات قد أتت عليه ثلاث حروب خارجية متلاحقة.
لقد كانت لدى قيادة حزب البعث في العراق رؤية سياسية مسبقة عن التوسع العربي في المنطقة، كما حصلت ضغوط متنوعة من نظم عربية والولايات المتحدة الأمريكية على النظام العراقي للتصدي لإيران، وكان النظام ينتظر أي هفوة من إيران بعد سقوط الشاه ليشن حرباً ضد إيران للحصول على موقع متميز في منطقة الشرق الأوسط و"تحرير" المحمرة أو خوزستان أو عربستان، وكذلك تحرير الجزر الخليجية الثلاث التي احتلها الشاه. وجاءت الهفوة من النظام الإيراني الذي كان يسعى إلى تصدير الثوة الإيرانية والتوسع "الشيعي" في المنطقة، من خلال التفجيرات في بغداد ومحاولة اغتيال طارق عزيز. فكانت الحرب. ومع الحرب توقفت التنمية عملياً. يشير الدكتور علي بصواب بأن البعث كان يعتقد بان الحرب ستنتهي بسرعة بسبب قدراته العسكرية وبسبب كون الثورة الإيرانية لم تثبت أقدامها بعد وأن العالم كله ضد إيران، وبالتالي فهي لن تكون سوى حرب قصيرة الأمد يخرج منها منتصراً. فكان ما كان وما هو معروف لنا جميعاً. لقد استغرقت الحرب طوال ثماني سنوات عجاف ومريرة استنزفت موارد النفط المالية والكثير من احتياطي العملة الصعبة وتراكمت الديون على العراق، سواء بالصرف على استيراد السلاح والعتاد أو إنتاجه، أو على العمليات العسكرية وتأمين الغذاء للقوات المسلحة في جبهات القتال، إضافة على تأمين الاستيراد السلعي لإشباع حاجة السكان للغذاء. ومن هنا يشير الدكتور علي مرزا إلى ذلك فيقول: "غير أن تدهور الاحتياطيات الدولية بعد 1982 وعدم كفاية العوائد النفطية، من ناحية، وإدراك أن هذه حرب طويلة الأمد، من ناحية أخرى، قاد إلى التخلي عن الشعار الحماسي "الحرب والتنمية" والتركيز على ديمومة حد أدنى من النفقات الجارية في الميزانية العامة، خاصة تمويل العمليات العسكرية" فكانت النتيجة وكما يشير الزميل مرزا " وقاد ذلك إلى انخفاض في تكوين راس المال (بنسبة -12.4% سنوياً بين 1980 و1987، مقاساً بالأسعار الثابتة". (أنظر: مرزا، الكتاب، ص 245/246). ويبدو إن الصناعة التحويلية خلال هذه الفترة لم تتأثر تماماً بالحرب ولم يتم تدميرها مما ساعد على استمرار مساهمتها في تكوين القيمة المضافة بمعدلات مناسبة بين 1982-1987، ويفسر مرزا ذلك "بالجهود التي بذلت، خلال الفترة 1982-1987، لاستغلال الطاقات الإنتاجية التي توفرت نتيجة النشاط الاستثماري للعقد السابق وللتعويض عن بعض الاستيرادات التي أصبحت تستنفذ إيرادات العملة الأجنبية المحدودة" ثم يبدي الدكتور مرزا استغرابه بسبب الانخفاض الشديد للقيمة المضافة في الصناعة التحويلية بشدة في عامي 1987 و1988 بمعدل 11.5% سنوياً (مقاساً بالأسعار الثابتة). في حين يطرح بصواب سببين لهذا الانخفاض، وهما انخفاض إنتاج الصناعات العسكرية وبيع 67 مصنعاً من مصانع القطاع العام للقطاع الخاص، كما يمكن إضافة إن بعض المشاريع الصناعية قد تأثرت بالحرب التي انتهت في الشهر الثامن من عام 1988، إضافة إلى تفاقم صعوبات توفير المواد الأولية لتلك الصناعات وخسارة الكثير من الأيدي العاملة، ثم احتمال كبير بأن تكون أرقام معدلات النمو السابقة أو التي تلتها غير دقيقة، كما هو حال مجمل الأرقام الإحصائية العراقية. لقد كان الدكتور علي مرزا على علم بما كان يجري في العراق، وبالتالي فلم يكن هناك من الاقتصاديين الموظفين في الدولة من يستطيع ان يخبر قادة النظام، ولاسيما صدام حسين، وهو المشرف على مجلس التخطيط، بالقوانين الاقتصادية وفعلها وعواقب الإخلال بها. وكان قادة النظام بعيدين كل البعد عن وعي الاقتصاد وقوانين وفعل هذه القوانين والنتائج أو العواقب المترتبة على الإساءة إليها والتعامل الخاطئ معها، وهو ما كان يحصل في عقد السبعينيات وعقد الثمانينيات من القرن الماضي. ولهذا وقفت متأملاً ما كتبه الدكتور مرزا "ولا أدري ماذا كان شعور متخذ القرار في حينه، هل كان يعتقد إن التقدم يحصل بعقد واحد فقط من خلال "حرق المراحل" (1970-1980)، خلافاً للتجربة العالمية، بحيث يتيح للعراق التمتع بثماره في العقد الذي يليه؟" الاقتصاديون الذي كانوا يعملون في العراق حينذاك وفي وزارة التخطيط كانوا يدركون بأن هذا لن يحصل، ولكن القادة السياسيين الجهلاء كانوا يعتقدون ذلك دون أدنى ريب. ولكن الاقتصاديين كانوا عاجزين عن مواجهة النظام ورأسه حينذاك ولم يكونوا في موقع من يتخذ القرار. أروي للقارئات والقراء الكرام الحادثة التالية: في تموز/يوليو 1978 نشرت مقالاً في جريدة طريق الشعب بحثت فيه حركة وفعل القوانين الاقتصادية في عملية التنمية في البلدان النامية ومنها العراق. ووجهت نقداً لسياسة التنمية التي تمارس في هذه البلدان والإساءات التي تلحق بفعل القوانين الاقتصادية والعواقب المترتبة عليها نتيجة عدم الوعي بها والتعامل الواعي معها. وما أن ظهر المقال في صباح يوم الجمعة حتى كان الأمن العراقي يدق جرس الدار ويتم اعتقالي لأسبوعين جرى فيهما التحقيق والتعذيب الهمجي والشرس، الذي كما أكد الطبيب الذي فحصني بأني كنت على شفا الموت، بسبب فقداني للماء في الجسم والضرب على الرقبة، لا لشي إلا لنقدي للسياسات الاقتصادية التي تمارسها الدولة حينذاك، وكان صدام بنفسه قد كتب 12 فقرة كيف يتعاملون معي في الاعتقال حتى تاريخ إطلاق سراحي، كما أخبرني بذلك واراني الورقة التي كتبها صدام حسين بخط يده ما ينبغي فعله، مدير الأمن العام فاضل البراك. وقد فشلوا في إجباري على شيء وخرجت نظيفاً وحافظت على شرف الكلمة والكرامة والحزب الذي انتمى إليه. كما إن الحصيلة هي إحالتي على التقاعد وإنزالي درجتين وظيفيتين، ثم بدون راتب تقاعدي! هكذا كانت الأمور تجري في العراق، فلا غرابة مما كان يحصل في عراق البعث وصدام حسين.
أين تكمن الخسائر الحقيقية للاقتصاد والمجتمع في العراق من جراء سياسات البعث خلال الفترة الواقعة بين 1980-1989 والتي كان لا بد لأي بحث اقتصادي أن يمرّ عليها ويضعها أمام أنظار القارئات والقراء، لأنها تؤشر التأثيرات السلبية لتلك الخسائر على الاقتصاد والمجتمع مباشرة وبشكل غير مباشر. فخسائر الحرب العراقية الإيرانية لا تدمي القلوب فقط، بل أدمت الاقتصاد العراقي ومستوى معيشة السكان والتقدم الاقتصادي الذي كان مؤملاً لو استرت عملية التنمية. فالحرب عطلت التنمية في العراق أولاً، وحملته خسائر مادية وبشرية هائلة ثانياً، إضافة إلى خسائر حضارية ومدنية ثالثاً، نشير إلى بعضها فيما يلي:
تقدير الخسائر البشرية: 340000-450000 جندي وضابط صف وضابط ومدنيين، بلغ عدد قتلى معارك الفاو وحدها 52899 قتيل، وعدد الجرحى والمعوقين 208677 شخصاً، على حسب الإحصاء العسكري؛ تقدير الجرحى: 700000-1000000 جندي وضابط صف وضابط ومدنيين؛ تقدير الأسرى: 70000 – 80000 أسير؛ وعدد المفقودين 52000 شخصاً؛ وتقدير عدد اللاجئين 400000-800000 لاجئ في الدول العربية والأوروبية وغيرها، إضافة إلى نزوح من المدن التي فيها كثافة المعارك إلى مناطق مثل كربلاء والنجف والكاظمية وسامراء، حيث لم تتعرض إلى ضربات جوية إيرانية. التقديرات متباينة بشأن هذه الخسائر، وهنا نجد أدنى وحد أعلى لها.
الخسائر المالية: قدرت بـ 220 مليار دولار زائداً 500 مليار دولار عن الخسائر النفطية والمنشآت الاقتصادية. (أنظر: عباس النصراوي، الاقتصاد العراقي، مصدر سابق؛ الدكتور رعد البيدر، الإطار العام لمقاييس الخسائر و(الأرباح) في نهاية الحرب العراقية – الإيرانية، 30 أيلول/سبتمبر 2016؛ فاضل مشعل، ملف أسرى العراق مفتوح رغم التجاهل، الجزيرة،24/9/2009 ، ومصادر أخرى كثيرة).
الخسائر الحضارية: عبر عنها الكاتب الفقيد الدكتور فالح عبد الجبار بقوله: "دقت المسمار في نعش المجتمع المدني في العراق التي أنهت الدولة العراقية وحولتها إلى مزرعة شخصية، وحطمت 130 عاماً من التراكم الحضاري في وقت قصير. (أنظر: أحمد الدباغ، بعد 29 عاماً على نهايتها، ماذا تعرف عن حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران، موقع ساسه، 29 أغسطس 2017). وعلينا أن نقدر العواقب الوخيمة لهذه الحرب على الأوضاع النفسية والعصبية للفرد والمجتمع عموماً، ولاسيما الأسرى، وتأثيرها المباشر على الحياة اليومية للعائلات العراقية وعل الحياة الاقتصادية والاجتماعية والتي يستحيل قياسها بالمال.
أما الفترة 1989-2002 التي يبحث فيها الدكتور علي مرزا فقد وقعت فيها أحداثاً هزَّت المجتمع العراقي من الأعماق وأتت على كل ما بناه الشعب العراقي طيلة عقود كثيرة ولاسيما في أعقاب الحرب العالمية الثانية، كما أتت على ما تبقى من بعض صور المجتمع المدني في ظل الدكتاتورية البعثية. فخلال فترة وجيزة استطاع النظام البعثي إعادة بناء الكثير من البنية الأساسية التي خربتها الحرب العراقية الإيرانية، وبدأ الشعور وكأن النظام بدأ يستعيد عافيته. ولكن لم يكن هذا المطلوب دولياً وإقليميا، أن يخرج صدام حسين من الحرب منتصراً وليس خاسراً تماماً لاسيما حين أعلن الخميني " لقد تجرعت كأس السم"، إذ كانت الدول الكبرى والدول الإقليمية تنتظر خسارة الطرفين والانتهاء منهما معاً. فكانت المطالبة بالديون الكويتية والعربية، وكانت زيادة تصدير النفط في الأسواق العالمية من الكويت وغيرها وتراجع أسعاره، وكانت السياسة المغامرة والمجنونة لصدام حسين في غزو الكويت 1990 ورفض الانسحاب منها وفرض الحصار الاقتصادي الدولي، وتراجع هائل لمبيعات النفط وإيراداته السنوية، ومن ثم تحرير الكويت عام 1991، وما رافق حرب الخليج الثانية من تدمير كبير للبنية التحتية والكثير من المشاريع الصناعية، إضافة على استخدام العتاد المخصب باليورانيوم 38، بتلويث الماء والهواء والأرض العراقية، إضافة إلى إعادة العراق لفترة ما قبل التصنيع. ورغم التوصل إلى اتفاق النفط مقابل الغذاء وممارسته ابتداءً من 1996 بأن المآسي التي عاشها شعب العراق لا مثيل لها ولا يمكن التعبير عنها بكلمات. فالجوع والحرمان والموت بسبب نقص الدواء والمعالجة الطبية وبسبب التلوث حيث انتشرت الأمراض السرطانية، وبدأ الناس يبيعون ما يملكون ومكتباتهم الشخصية، واتسعت البطالة ونزح الكثير من الناس إلى الريف والزراعة ليجدوا لقمة عيشهم اليومي فيه، وعاد التكافل الاجتماعي العشائري السابق إلى المجتمع العراقي. إنها المحنة والأزمة المستديمة.
لقد عمد نظام البعث على القيام بكل شيء من أجل البقاء في السلطة، فسخر المجتمع لإعادة تعمير المنشآت ومشاريع البنية الأساسية ولاسيما الماء والكهرباء والمواصلات، كما عمد إلى استخدام بعض الموارد المالية المتأتية من قرار "النفط مقابل الغذاء" في فترة تنفيذ العقوبات الاقتصادية الدولية لتنشيط الصناعة التحويلية. فقد كتب الدكتور علي مرزا يقول:
".. لقد قادت هذه العقوبات، من ناحية، وتأخير تطبيق النفط -مقابل- الغذاء، من ناحية أخرى، إلى زيادة العراقيل التي أدت إلى انخفاض الناتج الصناعي (القيمة لمضافة مقاسة بأسعار 2005) بنسبة 6.6% سنوياً بين 1989-1996. ولكن بعد توفر العوائد النفطية، بتطبيق برنامج النفط مقابل الغذ1اء، فأن الصناعة التحويلية نمت بنسبة 5.6% سنوياً بين 1996 و2002. ولقد كانت محصلة الانخفاض خلال العقد الممتد بين 187-1996 والنمو خلال الفترة 1996-2002 إن مستوى الناتج الصناعي في 2002 بلغ حوالي ثلثي مستواه في عام 1987." (أنظر: مرزا، الكتاب، ص 249/250). وزاد في الطين بلة ما كانت تقوم به لجان التفتيش التابعة للأمم المتحدة عن أسلحة الدمار الشامل وقوائم منع استيراد الكثير من السلع والمواد الأولية بذريع احتمال استخدامها في إنتاج أسلحة الدمار الشامل. ويشير الدكتور مرزا إلى نمو القيمة المضافة المنتجة في القطاع الزراعي خلال 1987 و1989 ومن ثم في الفترة 1996و2002، في حين شهد النمو انخفاضاً بين 1989 و1996.

الحلقة الثانية عشرة
قراءة في الفصل العاشر: تدهور التصنيع (الفترة 2003-2017)
أُسقِط النظام الدكتاتوري عبر الحرب الخارجية، في وقت لم يكن العامل الذاتي للحركة السياسية والشعبية العراقية ناضجاً وفاعلاً وجاهزاً بما فيه الكفاية لتحمل أعباء الحكم، في وقت كان العامل الموضوعي ناضجاً ومهيئاً لسقوطه. ولو كان قد استمر وجود النظام فترة أخرى لنضج العامل الذاتي ولأمكن الإطاحة به على الطريقة السلمية التي جرت في تونس أو ما يجري الآن في الجزائر أو السودان، ولما سقط العراق تحت الاحتلال وتم تسليم العراق للقوى الإسلامية السياسية الطائفية ولإيران. لم تكن الحرب يوماً طريقاً لحل المعضلات ومشاكل الشعوب، بل كانت دوماً منتجة لمشكلات جديدة وأكثر من السابق، كما يمكن أن تلد الحرب حروباً أخرى. كما حصل في العراق طيلة الفترة الواقعة 1980-2003، ولا يعرف الإنسان ما يمكن أن يحصل لاحقاً وفي ظل التوترات الجارية في العراق والمنطقة. وإذ عجزت المعارضة عن رؤية سبيل ثوري وعقلاني للإطاحة بالنظام بقواها وقوى الشعب الذاتية، استنجدت، كأي متسول عاطل عن العمل وفاقد للثقة بنفسه وبقدرته على الحصول على لقمة عيشه، بالخارج الذي له أطماعه ومصالحه وأهدافه التي لا تتناغم بأي حال مع أهداف الشعب ومصالحه وإرادته وأهدافه، وخاصة ما كانت تسعى إليه الولايات المتحدة الأمريكية، أي مراكز القوى في الولايات المتحدة ابتداءً من البيت الأبيض والسينات ومروراً بالبنتاغون وانتهاءً بوكالة المخابرات المركزية، التي كانت متعطشة للحصول على مثل هذا الاستجداء، حتى لو كانت الوسيلة كذبة والحديث عن وجود سلاح نووي في العراق.
حين انتهيت من قراءتي الأولى للجزء الأخير من الفصل العاشر الخاص بالصناعة التحويلية في الفترة 29003-2017، وقبل أن أبدأ بالقراءة الثانية لتسجيل الملاحظات واجهتني الأسئلة الآتية التي سعيت للتحري عن إجابات لها في هذا القسم من كتاب الزميل علي مرزا:
** كيف تعاملت القوات العسكرية الأمريكية في الحرب وأثناء احتلالها للعراق مع الاقتصاد المجتمع في العراق؟ ** وما هي السياسة الاقتصادية التي مارستها الإدارة الأمريكية عبر بأول بريمر في العراق؟ ** وما هو دور الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID؟ ** ما هو دور البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في التوجيه الاقتصادي والاجتماعي للنخب الحاكمة؟ ** ما هي حقيقة الوضع الصناعي وبنية القطاع الصناعي في العراق؟ وما هو دور إيران وتركيا في إعاقة التنمية الصناعية وإعادة تأهيل وبناء البنية التحتية، وخاصة منشآت الطاقة الكهربائية؟ ** وهل هناك نهب من الباطن في قطاع الدولة الاقتصادي؟ وهل هناك تهريب للدولار العراقي عبر مزاد البنك المركزي؟ وأخيراً هل اللبرالية هي الطريق المناسب والضامن للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بما فيها التصنيع وتنمية القطاع الخاص في العراق؟ فيما يلي محاولة لالتقاط الإجابات أو طرح وجهة نظر استكمالية أو رأي بشأنها.
لقد كانت الضربات العسكرية الدولية ولاسيما الأمريكية، ذات وجهة تدميرية انتقامية ضد المجتمع العراقي والاقتصاد الوطني، وهي مماثلة للضربات التي نفذت في حرب الخليج الثانية 1991 للمنشآت الاقتصادية والبنية التحتية، بحيث أصبح من الصعب تصليح وإعادة إعمار البنية الأساسية بالسرعة الضرورية، كما تُركت حدود البلاد مفتوحة أمام كل قوى الإرهاب الإسلامية السياسية المتطرفة لدخول العراق من أوسع أبوابه وتأسيس تشكيلاتها السرية شبه العسكرية، وخلاياها النائمة. كما إنها حلت القوات المسلحة العراقية وخلقت فراغاً أمنياً كاملاً في البلاد ولم تحرك ساكناً لمواجهة ما كان يجري في شوارع ومحلات العراق، ولاسيما بغداد. لقد كان هدف الولايات المتحدة من حربي أفغانستان والعراق هو تحويل معركة القاعدة وأخواتها ضد الولايات المتحدة وعموم الغرب من داخل بلدانهم التي كانت قد بدأت لتوها، إلى كل من العراق وأفغانستان لتجري على ارضيهما المعارك والقتال ضدهم بالبشر العراقي والأفغاني فيهما. وهذا ما حصل فعلاً.
وفي الوقت الذي تركت العراق كله مفتوحاً أمام قوى الإرهاب والنهب والسلب والفساد، عمدت إلى حماية وزارة النفط والمصالح النفطية فقط، في حين كان التراث الحضاري الإنساني في البلاد عرضة للنهب والسلب والتهريب حتى من قبل أفراد القوات الأجنبية، إضافة إلى البنوك العراقية والقصور الرئاسية والوزارات والمنشآت الصناعية والمؤسسات. وبوجود فراغ أمني فعلي سادت الفوضى في سائر أرجاء العراق، عدا محافظات إقليم كردستان العراق. يشير الدكتور علي مرزا إلى هذا الواقع باختصار شديد: "لقد قاد التخريب والإهمال والتفكيك للعديد من المشاريع الصناعية، إضافة لفوضى الإدارة المباشرة لسلطة الائتلاف المؤقتة، إلى انخفاض شديد في القيمة المضافة للصناعة التحويلية التي كانت منخفضة أصلاً، حيث انخفضت بنسبة 25% سنوياً بين 2002 و2004." يقتصر جواب الزميل مرزا في بحثه هنا عن منشآت الصناعية التحويلية وفوضى الإدارة فيها.
إن هذه النقطة ترتبط عضوياً بما رسمته سلطة الاحتلال الإدارية بقيادة پاول بريمر من سياسات وما اتخذته من إجراءات قادت إلى تكريس رؤية لبرالية جديدة موجعة لاقتصاد العراق وشعبه. لقد رُسمت السياسة الاقتصادية من قبل مجموعة مالية بقيادة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID من جهة، والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي من جهة أخرى، بالتعاون مع مجموعة صغيرة تربت وحافظت على أهداف السياسة الأمريكية المنشودة في العراق، التي حددت في رؤيتهم وجهة التطور الاقتصادي والسياسة المالية والنقدية في العراق وتجلت في عدة محاور أساسية:
1. التركيز النظري على القطاع الخاص واعتباره أساس التنمية دون تقديم أي دعم له لتحقيق هذا الهدف فعلياً ولآماد طويلة.
2. إبعاد الدولة كلية عن التوظيف في القطاع العام وإهمال المشاريع القائمة والعمل على خصخصتها، دون بذل الجهود لبيعها أو إعادة تأهيلها، بل تركت تلك المشاريع الصناعية لتهرم وتندثر كلية.
3. إعاقة توظيف الاستثمارات الرأسمالية في القطاع الصناعي والحديث عن أهمية اقطاع الزراعي بدون تقديم أي دعم ضروري وفعلي لهذا القطاع.
4. تنشيط تجارة الاستيراد للسلع الاستهلاكية الأساسية والكمالية دون التوجه لتلبية حاجات البلاد للتنمية الإنتاجية والبنية التحتية. وبهذا تواصل وتعمق انكشاف الاقتصاد العراق تصديراً واستيراداً على الخارج، وما في ذلك من مخاطر على الأمن الغذائي والاقتصادي في آن واحد.
5. أتباع سياسة جمركة تسمح بمنافسة الإنتاج المحلي للسلع الصناعية والزراعية والإنتاج الحرفي أو السلعي الصغير، وقد كان لـ تخفيض "التعرفة الجمركية بـ 5% فقط (حسب أمري سلطة الائتلاف المؤقتة رقم 38 في 2003 ورقم 54 في 2004) أثر كبير في كبح نمو الصناعة" (أنظر: مرزا، الكتاب، ص 251).
6. البدء بإرشاء كبار النخبة السياسية العراقية من خلال منح رواتب عالية جداً للرئاسات الثلاث والوزراء وكبار موظفي الدولة والنواب والقضاء العراقي والهيئات المستقلة، بما يسهم في تقبلهم لسياسة باول بريمر الاقتصادية والمالية والاجتماعية. وقد نجح في ذلك ايما نجاح، إذ ساهم في تسميد الأرضية الفاسدة في الدولة العراقية لتزهر فساداً سائداً في جميع أنحاء العراق.
يشير الدكتور مرزا إلى الفترة موضوع البحث بما يلي: "إن عدم الاستقرار السياسي في العراق وعدم اهتمام النخبة السياسية بالسياسات الاقتصادية عموماً واعتمادها على منظمات لبرالية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي فقط، دون استكمالها بخبرات أخرى، يدفعها إلى الاعتماد على التوصيات والوصفات السريعة، وغالباً بدون وجود نظراء وطنيين مهتمين أو فعالين في المشاركة بوضع السياسات." (أنظر: مرزا، الكتاب، ص 257). إنه استنتاج واقعي وموضوعي سليم يؤكد ما جرى ويجري في البلاد في ظل النظام السياسي الحالي ومنذ العام 2003 حتى الآن. إن وصفات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي التي هلل لها البعض من النخبة الحاكمة ومن قبل ببعض الأوساط السياسية والاقتصادية اللبرالية أدت إلى ما هو عليه العراق حالياً، وهو ليس بأمر محزنٍ ومأساوي فحسب، بل وفيه من الإساءة الكبرى للاقتصاد والمجتمع والتي يستحق من ساهم فيها محاسبته عبر قضاء مستقل ونزيه غير متوفر حالياً في العراق. والمهم أن أشير إلى تقدير الدكتور مرزا حول الوصفات اللبرالية إذ كتب: "إن الاعتماد على الحل اللبرالي فقط (مع أهميته) لا يستند إلى أساس تاريخي لمعظم الدول بما فيها الدول الرأسمالية المتقدمة. فلقد اتبعت هذه الدول سياسات صناعية استهدفت إسناد الصناعات الوطنية في الداخل وفي الخارج سواء كان ذلك عن طريق التعرفة الجمركية، أو الحفاظ على سعر صرف مناسب، أو تقديم إسناد مباشر في إتاحة الائتمان الميسر والمساعدات الفنية والمادية إلى حد فرض كمتطلبات فنية على الاستيراد مبالغ فيها في بعض الأحيان؛" (المصدر السابق نفسه). كم كان بودي أن يقدم الكاتب للقارئات والقراء لوحة ناطقة عن بنية المشاريع الصناعية القائمة في العراق في القطاعين الخاص والعام ليتعرفوا على ضآلة المشاريع المتبقية وعن حجم العمالة فيها، لا أن يتم الاكتفاء بحجم الناتج الإجمالي، إذ إنها تقدم صورة مناسبة، ولكنها غير كاملة، عن هذا القطاع الخائب حتى الآن في العراق.
إن من الإشكاليات الكبيرة التي واجهت ولا تزال توجه شعبنا واقتصاده الوطني أشير إلى دور كل من إيران وتركيا في التأثير السلبي الكبير من خلال اللوبيين الإيراني والتركي المؤثرين بقوة كبيرة على وجهة التطور الاقتصادي في العراق منذ إسقاط الدكتاتورية، ثم تفاقم بعد إنهاء الاحتلال الأمريكي الرسمي للعراق حتى الآن. إنهما الدولتان اللتان تمنعان بوضوح ولا مواربة عدة مسائل جوهرية منها:
** استخدام الأحزاب الإسلامية السياسية وبعض القوى القومية في منع اتخاذ قرارات تسهم في إعادة سريعة لتأهيل البنية التحتية وإعادة إعمار العراق، وبشكل خاص في مجال التصنيع، والذي يتجلى في موقف مجلس الوزراء ومجلس النواب في البرامج التي تطرح وتفي وزيع الموارد المالية على الميزانية العامة.
** منع تحقيق أي عملية تنمية صناعية في العراق، لأنهما تريدان استمرار هيمنتهما على السوق العراقي باعتباره موقعاً مهماً لتصريف سلعهما الاستهلاكية الغذائية وغيرها ومواد البناء.. إلخ، من مستويات متدنية ووسط وعلى نطاق واسع، بحيث أُغرق السوق العراقي كله بها ولا يزال بسلع هذين البلدين، إضافة إلى حصولهما على عقود البناء.
** منع الإسراع بإنجاز مشاريع البنية التحتية، وخاصة إيران، لدورها في بيع الطاقة الكهربائية للعراق وبأسعار خيالية تفرضها إيران لحاجة العراق لها.
** التأثير المباشر على القطاع الزراعي من خلال التحكم بضآلة ما يصل إلى الأراضي العراقية من مياه نهري دجلة والفرات، وهما بنبعان في الأراضي التركية، ومن الأنهر الإيرانية التي تصب في الأراضي العراقية.
وبصدد هذه النقاط لم يتطرق الدكتور مرزا إلى دور إيران وتركيان بشكل مباشر بشأن السياسة العامة والقطاع الصناعي، فيما عدا ما كتبه بوضوح وصراحة حول دورهما في مجال المياه، بل أشار بملاحظة عامة مهمة تقول بأن تخفيض التعرفة الجمركية إلى 5% قد أدت إلى "تعريض الصناعة المحلية بانكشافها فجأة ودون إعداد أو إسناد تجاه السلع المستوردة التي غزت الأسواق العراقية من مختلف المناشئ وساهمت مجدداً في تدهور الصناعة المحلية". (الكتاب، ص 256).
علينا هنا أن نشير إلى أن جميع الدول، وليس إيران وتركيا وحدهما، تسعى لتحقيق مصالحها الخاصة، وليس في ذلك عيب، إلا إن العيب كل العيب يأتي من جانبين، أولهما تدخل البلدين المباشر والفعلي في جميع الشؤون العراقية الداخلية، السياسية منها والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والدينية والجغرافية، وثانيهما وهو العيب الأكبر الذي يأتي من الموقف المخزي للنخب السياسية العراقية الحاكمة التي ارتضت، ولا تزال، لنفسها أن تكون لوبياً لدولة أجنبية، لوبياً مناهضاً لاقتصاد وشعب بلدهم العراق.
لدي القناعة التامة، ولا أمتلك معلومات دقيقة، بأن ما يجري في قطاع الدولة، يجسد محاولة هادفة إلى تصفيته بكل الطرق، ومنها نهبه والإساءة له ولإنتاجه من الباطن، أي إن القائمين عليه يساهمون في تدميره وفي جعله عاجزاً عن النهوض ثانية أو إعادة تأهيله لتسهيل عملية بيعه للقطاع الخاص. ووجوده بهذه الصورة نفع لها واستمرار وجودها وعملها وتأمين رواتب المسؤولين عنها. إنها محنة الصناعة العراقية وعموم الاقتصاد الوطني بمن يتحكمون بالبلاد كلها.
في 6 أذار/مارس 2004 أصدر الحاكم المدني المستبد بأمره بأول بريمر قانون البنك المركزي رقم 56 الذي تضمن في مادته الـ 28 من الباب السادس ما يلي:
"يجوز للبنك المركزي العراقي، وسعيا لتحقيق أهدافه 1 انجاز عمليات السوق المفتوحة مع المصارف التجارية المرخصة او التي تحمل اجازات صادرة من قبل البنك المركزي العراقي وفق قانون المصارف او حسب اختيار البنك المركزي العراقي والخاضعة للوائح التنظيمية الموضوعة من قبل البنك المركزي العراقي وشركات توسط مالية مجازة أخرى، 2 وتوفير التسهيلات الدائمة للمصارف التجارية المجازة او التي لديها ترخيص صادر من قبل البنك المركزي العراقي وفق قانون المصارف والخاضعة للوائح الموضوعة من قبل البنك المركزي العراقي.
ا – شِراء او بيع مباشر فوري ولأجل أو على اساس اتفاقيات اعادة الشراء او ادوات مالية مشابهة اخرى، اوراق مالية لدين صادرة من قبل البنك المركزي العراقي او من قبل الحكومة تحمل عوائد للسوق شرط ان تتم الشراءات للأوراق المالية لدين الصادرة من قبل الحكومة من خلال عمليات السوق المفتوحة فقط في السوق الثانوية. ب – شراء او بيع مباشر فوري ولأجل للنقد الأجنبي..." (أنظر: قانون البنك المركزي رقم 56 لسنة 2004، موقع كلية القانون، جامعة بغداد، 27/11/2017). هذا القانون ولأول مرة في منطقة الشرق الأوسط يسمح ببيع العملة الأجنبية في مزاد العملة في العراق. واستناداً إلى هذا القانون جرى بيع مليارات الدولارات الأمريكية في سوق العملة خلال الفترة الواقعة بين 2004 حتى الوقت الحاضر.
وفي معرض بحثه عن القطاع الخاص الصناعي أشار الدكتور علي مرزا إلى ما يفهم منه عدم وجود عمليات تهريب للعملة الصعبة في العراق حين كتب ما يلي: "ورد في المادة 25 من دستور 2005 ما يلي: "تكفل الدولة إصلاح الاقتصاد العراقي وفق أسس اقتصادية حديثة وبما يضمن استثمار كامل موارده وتنويع مصادره، وتشجيع القطاع الخاص وتنميته". ولكن لا زال العديد من القوانين والممارسات التي تُقَّيد عمل القطاع الخاص ونظام السوق مستمرة. ولا أدل على ذلك من النظرة السائدة للعديد من طلبات تحويل الدينار، من خلال مزاد/نافذة البنك المركزي، إلى الدولار بأنه "تهريب" للعملة الأجنبية. وهذه النظرة هي امتداد للتمييز الذي تعرض له القطاع الخاص منذ الستينيات والسبعينيات". (أنظر: مرزا، اكتاب، ص 252). أتفق من حيث الواقع بأن النظرة إلى القطاع الخاص لم تكن إيجابية في العراق، سواء أكان هذا في الستينيات أم السبعينيات، إذ كان هذا هو الموقف العام، وكانت الدعوة اساساً للقطاع العام. ومن جانب أخر فقد مارس القطاع الخاص خلال المرحلة التي أعقبت إسقاط الدكتاتورية البعثية والصدامية، ما يساعد على عدم الارتياح له ولتصرفاته. فالدلائل الموثقة التي قدمها الدكتور أحمد الجلبي (1944-2015)، وعشرات التقارير الدولية والإقليمية والمحلية، وما طرح في مجلس النواب العراقي، على الواقع المرضي لهذا المجلس، وما حققت به وتحقق حتى الآن لجنة النزاهة العراقية، رغم المصاعب التي تواجهها، وما نشرته منظمة الشفافية الدولية، التي تصلني موادها باستمرار، كل هذه الجهات تشير إلى عمليان نهب وغسيل أموال هائلة تص إلى مئات المليارات من الدولارات الأمريكية عبر مزاد/نافذة البنك المركزي، وقسم كبير منها قد حَطَّ بشكل غير مشروع في البنوك الإيرانية. والدكتور علي مرزا يشير إلى هذا أيضاً في الهامش رقم 10 على الصفحة 252 حيث كتب ما يلي: "يبرر جانباً من هذه النظرة استخدام بعض تحويلات المزاد/النافذة في تهريب أموال الفساد. وكذلك فيمت نقل أخيراً عن استخدامها من قبل داعش" (أنظر، مرزا، الكتاب، هامش 10، ص 252).
بودي أن أشير هنا إلى التقارير الموثقة للدكتور أحمد الجلبي، التي احتفظ بها في مؤسسة المدى ونشر بعضها في تواريخ مختلفة ومنها بتاريخ 05/05/2018، العدد 4286 تحت عنوان " للتذكير.. (المدى) تُعيد نشر الملفّات الخاصة بعمليّات تهريب العملة وغسل الأموال.. أكبر المتّهمين في "ملفات الجلبي" على رأس قائمة انتخابية.. ولا اعتراض! وأخيراً نشرت المفوضية الاوروبية (القائمة الأوروبية) الدول المقصرة في محاربة غسيل الأموال والتي شملت 23 دولة، وبضمنها العراق، وعبر سبل كثيرة بما في ذلك مزاد العملة الأجنبية، كما اعترف العراق بوجود تهريب واسع للعملة الأجنبية بعد تهديدات دولية بوضع العراق ضمن القائمة السوداء.
وأخيراً اعتقد جازماً بأن الاقتصاد العراقي لا يواجه مرحلة بناء اشتراكي، بل يواجه مرحلة الخلاص من العلاقات الإنتاجية البالية ما قبل الرأسمالية ومن الرثاثة الفكرية والسياسية والفكر الاقتصادي المتخلف من أجل بناء اقتصاد وطني يستند إلى ركائز ثلاث من حيث الملكية في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولاسيما عملية تنمية القطاعات الإنتاجية وتنويعها وتغيير بنية الاقتصاد الريعية النفطية وتغيير بنية أو مكونات الدخل القومي وكذلك تغيير بنية المجتمع الطبقية والوعي الاجتماعي، وهي، قطاع الدولة والقطاع الخاص والقطاع المختلط، وما يمكن أن يستعين به من استثمارات عربية وإقليمية أو دولية عند الحاجة والضرورة، إذ في تكاملها وتعاونها وتأمين مستلزمات تطورها وتقدمها ضمانة أساسية لتطور الاقتصاد العراقي. ويستوجب هنا استخدام فعال للتجارة الخارجية استيراداً وتصديراً (النفط الخام) لصالح تنشيط عملية التنمية الإنتاجية واشباع حاجات السكان للسلع الغذائية والأساسية وإيجاد موازنة عقلانية في هذا الصدد. وفي هذا يفترض أن تلعب السياسيات المالية والنقدية والجمركية والتأمينية والبنك المركزي والمصارف عموماً ومنها التجارية، دوراً فاعلاً ومؤثراً لصالح تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وبالتالي فأن السياسة اللبرالية الجديدة، التي برهنت على توجهها الصارم في تشديد استغلال الشعوب وفي إعاقة عملية التنمية المعجلة والإنتاجية في الدول النامية، التي تقترحها المؤسسات المالية الدولية، البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، أو الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ليست هي المناسبة للاقتصاد العراقي بأي حال، وبالتالي لا بد من وضع سياسة اقتصادية-اجتماعية جديدة لا يمكن أن نتوقعها من النظام السياسي الطائفي والفاسد السائد في العراق. كم كان الدكتور علي مرزا على حق حين كتب في نهاية هذا القسم ما يلي: "لذلك يجب تبني سياسة صناعية تستخدم وسائل جُرِبَت في العديد من الدول، ومن بينها جنوب شرق آسيا والصين، في إسناد صناعتها ومن ثم اختيار صناعات تستطيع المنافسة في السوق الدولية. وفيما عدا ذلك سيستمر ضمور نصيب القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي أو يركد عند مستواه المتدني الحالي. فبعد مسيرة تسعة/عشرة عقود أصبحت القيمة المضافة للصناعة التحويلية خلال 2006-2014 تُكوِّن 1,6% فقط من الناتج المحلي الإجمالي (مقاساً بأسعار 2005) مقارنة مع 5,0% في 1981-1989و2.2% في 1970-1978." (أنظر: مرزا، التاب، ص 257).
انتهت الحلقة الثانية عشرة وتليها الحلقة الثالثة عشرة والأخيرة التي تتضمن تعليقاً عاماً على الكتاب وخاتمته
كاظم حبيب








#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرة في كتاب -الاقتصاد العراقي – الأزمات والتنمية للسيد الدك ...
- هل من جديد في العراق؟ نعم، تمخض الجبل فولد فأراً!
- لتكن خبرات عام 1971 و1985/1986 دروساً بليغةً للشعب والأحزاب ...
- نظرة في كتاب -الاقتصاد العراقي – الأزمات والتنمية للسيد الدك ...
- نظرة في كتاب -الاقتصاد العراقي – الأزمات والتنمية للسيد الدك ...
- الشعب السوداني على طريق النصر رغم المناورات
- نظرة في كتاب -الاقتصاد العراقي – الأزمات والتنمية للسيد الدك ...
- رؤية حوارية حول وعي المجتمع ودور الدولة العراقية
- نظرة في كتاب -الاقتصاد العراقي – الأزمات والتنمية للسيد الدك ...
- نظرة في كتاب -الاقتصاد العراقي – الأزمات والتنمية للسيد الدك ...
- صفعة الشعب التركي لسلطانها المستبد الجديد
- نظرة في كتاب -الاقتصاد العراقي – الأزمات والتنمية للسيد الدك ...
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
- نظرة في كتاب -الاقتصاد العراقي – الأزمات والتنمية للسيد الدك ...
- نظرة في كتاب -الاقتصاد العراقي – الأزمات والتنمية للسيد الدك ...
- نظرة في كتاب -الاقتصاد العراقي – الأزمات والتنمية للسيد الدك ...
- هل من علاقة بين ضحايا العبارة وطبيعة النظام السياسي العراقي؟
- هل أخفق تكتل سائرون باختيار عادل عبد المهدي لرئاسة الوزراء؟
- فنزويلا شوكة ناخزة في عين ترامب وعيون اللبراليين الجدد
- دكتاتور تركيا يعيد ممارسة سياسات السلطنة العثمانية البائدة


المزيد.....




- -أباريق الشاي- و-أسطول الظل-.. كيف تهرب الصين النفط الروسي و ...
- الحذاء الذهبي.. ترتيب هدافي الدوريات الأوروبية الخمسة الكبرى ...
- واتساب عمر الذهبي “تحديث جديد + نسخة مجانية ” .. مميزات مذهل ...
- روسيا تستثمر 1.8 تريليون روبل في مشروع -البحار الخمسة- الاق ...
- يوتيوب الذهبي تنزيل اخر اصدار بميزة جديدة احصل عليها انت فقط ...
- مقطع فيديو يظهر لحظة وقوع انفجار بمسجد في إيران (فيديو)
- السجن 25 عاما لمؤسس بورصة FTX للعملات المشفرة في الولايات ال ...
- يباع بنحو ألف دولار.. باحثون: أوزمبيك يمكن إنتاجه بكلفة 5 دو ...
- عباس يصادق على حكومة فلسطينية جديدة من 23 وزيرا برئاسة الاقت ...
- بلومبيرغ: انحسار جاذبية دبي لأثرياء روسيا


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - كاظم حبيب - نظرة في كتاب -الاقتصاد العراقي – الأزمات والتنمية للسيد الدكتور علي خضير مرزا الحلقتين الحادية عشرة والثانية عشرة - قراءة في الفصل العاشر: التصنيع: نشاط متدهور (الفترة 1968-2002) و(الفترة 2003-2017)