أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود الصباغ - Il Postino ساعي بريد نيرودا: مجاز الوعد بوصفه خذلان















المزيد.....



Il Postino ساعي بريد نيرودا: مجاز الوعد بوصفه خذلان


محمود الصباغ
كاتب ومترجم

(Mahmoud Al Sabbagh)


الحوار المتمدن-العدد: 6206 - 2019 / 4 / 20 - 06:35
المحور: الادب والفن
    


هذا فيلم* يقول عنه مخرجه (مايكل رادفورد) أنه يتحدث عن رجل يعيش حياة بسيطة غير متكلفة في جزيرة منسية يعيش أهلها من الصيد-المهنة التي لا يحبها- "يكتشف نفسه من خلال الشعر", يجمعه عمله كساعي بريد مع شخصية "تاريخية حقيقية" وهو الشاعر بابلو نيرودا. وطالما الحديث هنا عن شاعر مثل نيرودا بحجمه السياسي و الثقافي, فينبغي القول أن الفيلم -لمن شاهده , والرواية لمن قرأها- لا يتحدثان عن الثقافة و المثقفين , أو عن هيمنة السياسي على الثقافي, ولا هو رسالة إيديولوجية من أي نوع , بل هو فيلم المشاعر العميقة ببساطتها (لعل هذا أحد أسباب نجاحه وأن البعض منا مازال يتذكره رغم مرور زمن على إنتاجه) .
هو فيلم إذن يتخذ هيئة قصيدة رقيقة يكثر فيها المجاز حتى تكاد لاتميزها عن الصور الحقيقية, مجازات نستشعرها دون الغوص في متاهات التحليلات النظرية و التنظيرية, أليس هذا ما يقوله الشاعر لساعي البريد "يفقد الشعر معناه حين تفسره و يصبح مشابها للكلام العادي" والتجربة-كما يقال- معيار المعرفة وهذا يعني أن على ساعي البريد أن يتجول في الجزيرة و يتلفت حوله كي يلتقط تلك "اللحظة الشعرية" التي يقصدها نيرودا.
في الواقع تنطوي هذه النظرة الإخراجية للشعر رغم رقتها على تجريبية لاتخلو من السطحية مما يقتل جمالية المعاني وراء الحوار بين الشاعر و ساعي البريد, فالدعوة للسير على شاطئ البحر لاتعبر عن رؤية درامية عميقة و لا عن شغف بالشعر, وحتى إن بدى لنا الفيلم في نهاية المطاف قصة جميلة و مؤثرة لصداقة نادرة الاحتمال بين رجل بسيط و شاعر عميق, فلم يستطع المخرج أن يقدم المغزى من وراء الأحداث المتراكمة لمواضيع مختلفة مثل الحب و القيمة البشرية و الجمال و السياسة و التمرد و اكتشاف الذات و الخذلان و التعالي و التواضع, وهي مواضيع اكتفى المخرج بخدش سطحها فقط, قد نجد عذرا له بأن هذه الأشياء الحساسة و الدقيقة و شديدة الانفعال لاتحتاج إلى كثير جهد لملا حظتها و لا إلى عميق كلام لفهمها, بل لاتحتاج أكثر من أن نشعر بها حتى نفهمها. وأن نضع في حسباننا أن الكلمة الشعرية ليست على الدوام مجازا, و ماريو حين يلتقط جمال الكلمة بحثا عن الحب يقع في فخ السياسة الذي سيقوده نحو هلاكه. و إذن ما نفع القصيدة هنا؟
البداية في العام 1952, سنوات قليلة بعد الحرب, إيطاليا ما بعد الفاشية حيث جلبت الهزيمة تغيرات سياسية واقتصادية هامة. وفي خليج نابولي, يعيش ماريو في جزيرة صغيرة تسودها العلاقات الأبوية"البطريركية" حيث الفقر يحد من فرص البقاء وحيث تبدو حياة الرجال و النساء فيها تقليدية للغاية ,فالرجال هم رواد المطعم الوحيد في البلدة, وتقوم على خدمتهم صاحبة المطعم دونا روسا و ابنة اخيها باتريشا -وهما إلى جانب ماتيلدا زوجة نيرودا النساء الوحيدات اللواتي يظهرن في الفيلم تقريبا- و رغم أن ماريو لايبدو أنه يؤدي دور الذكر التقليدي تظهر دونا روسا على أنها "أم " إيطالية نمطية بامتياز , فتشعر بالخوف على قريبتها باتريشا من تقرب ماريو منها و محاولته إغواءها بمجاز الكلام, وباعتبارها أرملة فهي لا تتردد -مثلها مثل معظم النساء - في اتخاذ دور نشط " أي ذكوري" للحفاظ على عائلتها, فهي تهدد ماريو بالقتل أن اقترب من باتريشا( يختلف الأمر بعد زواجهما فيصبح ماريو -في نظر دونا روسا- "رجل المنزل".ولكن المفارقة هنا أن هذا لا يحدث فرقا في الأدوار الاقتصادية فمازالتا دونا روسا وباتريشا تديران المطعم، بينما ينتهي الحال بماريو في المطبخ.)
في هذا المكان المنسي من العالم سيحط الشاعر الكبير بابلو نيرودا رحاله برفقة زوجته ماتيلدا منفيا من وطنه تشيلي بسبب مواقفه السياسية. ثم , و في مكان ما على الجزيرة يقرأ ماريو أثناء عودته إلى البت إعلانا عن وظيفة ساعي بريد مؤقت , فيخبر أباه عن الوظيفة و عن رغبته في الهجرة إلى أمريكا, يبدو المنزل متواضع و مظلم, وفي لقطة مقربة حيث يجلس ماريو و والده نلاحظ بطاقة بريدية لسيارة أمريكية لامعة تناقض الإحباط المحيط بماريو, وعندما يخبر والده بذلك, يهز الأب رأسه و يقول نزولا عند رغبة ابنه" اختر ما تريد, اقبل الوظيفة أو هاجر. ولكن عليك أن تكبر قليلا فأنت لم تعد طفلا بعد الآن", ينطلق ماريو باتجاه مكتب البريد و يقابل مدير المركز الشيوعي (جورجيو) و يخبره بقبوله العمل كساعي بريد, و لدهشته يكتشف أنه سيكون ساعي بريد لعنوان واحد فقط, البيت الذي يسكنه الشاعر بابلو نيرودا, و يحذره جورجيو من أنه سوف بتعامل مع شخصية مرموقة سواء في الأدب أم في السياسة و لذلك عليه أن يكون لطيفا و مؤدبا, مضيفا بلغة الواثق أن الشاعر العظيم يمتلك قلبا كبيرا مليئا بحب الفقراء, وحين يقول ماريو بأن النساء هن أكثر المعجبين بقصائده, ينهره جورجيو معترضا بأن نيرودا هو الشاعر الذي "يحبه الناس...(ولكن هذا لا يمنع أن النساء في تشيلي لديهن اهتمامات سياسية ), فيبادره ماريو بالقول " الناس... و النساء أيضا", لايرى ماريو ضيرا في هذا, فأي من الرجال لا يحب أن تحبه النساء؟ ..من؟ .
يبدأ ماريو بتصيل البريد يويما إلى منزل الشاعر نيرودا, وأثناء إحدى زياراته يشاهده يرقص مع زوجته و الشهوة تنضح من عينيه على أنغام أغنية تانغو, فيستنتج -هكذا ببساطة- أن السبب هو الشعر , فيقرر أن يصبح شاعرا ولكن حين يطرح الموضوع على نيرودا يرفض الفكرة ويطلب منه أن يبقى ساعي بريد , ولكن ماريو ييطرح سؤالا أكثر دقة عن الطريقة التي صار فيها نيرودا شاعرا, ماذا يعني أن تكون شاعرا؟ فيرد عليه نيرودا بسخرية يعني أن تكتب الشعر , فيتابع ماريو وما هو الشعر؟ فيرد عليه نيرودا بنبرة فيها بعض من التعالي " تعال في الغد و سوف أشرح لك ", ولكنه ينسى في اليوم التالي أن يجيبه, ولايفطن للموضوع إلا بعد أن يلاحظ أن ماريو لم ينصرف بعد أن أعطاه بريده, فيقول " آه... لحظة , لحظة, تذكرت, وعدتك بأن أحدثك عن الشعر ... , يمكنك أن تقول أن الشعر هو "استعارات" كأن تقول لفتاة تحبها " إن ابتسامتك تنتشر على وجهك مثل فراشة" , أي أنها جميلة مثلما الفراشة جميلة و ابتسامتها حلوة مثلما رفرفة فراشة زاهية ,و كما ترى, إنه" المجاز"..يكفيك أن تقوم بجولة على الشاطئ و تتأمل ما حولك حتى تكتشف هذا "المجاز", وعندها ستصبح شاعر, تظهر الدهشة الممتزجة بعدم التصديق على وجه ماريو فيندفع بسؤال جديد" آآآآه , وعندها سوف يأتي هذا الشيء؟...ما هو؟ آه المجاز؟ و الاستعارات؟ فيجيبه نيرود بثقة المعلم. أجل سوف ينهال عليك المجاز.
من الواضح أن ماريو يتعامل مع الأمور (الشعر هنا) ببساطة و سذاجة, فهو لايعرف معنى كلمة "استعارة" حتى أن هذه الكلمة الصعبة يبدو كأنه يسمعها للمرة الأولى في حياته, فيسأل عن معناها بحذر, فيجيبه نيرودا بأسلوب المعلم المتحفظ أن الإستعارة هي الصورة الشائعة عند المقارنة بين شيئين مختلفين وكثيرا ما يستخدمها الشعراء في قصائدهم , مثل قولنا "السماء تبكي؟" لم يفهم ماريو في البداية معنى "المجاز" بسبب من مقاربته للمعنى معرفيا و لكن ما إن يقترب من معنى الاستعارة بصورة حدسية بتشجيع من معلمه حتى يفهم على الفور التماثلية بين الدموع و المطر , وهنا يكتسب المشهد دفقا عاطفيا يطغى على العلاقة القائمة يين المعلم و تلميذه , و رغم ذلك يلازمه الشعور بالإحباط ولو مؤقتا لعدم قدرته على خلق مجازه الخاص, يقترب أكثر فأكثر لكنه يفشل, ( لا ينتظر ماريو كثيرا قبل خلق :استعارته" بعد بضعة أيام من حديثه مع صديقه الشاعر , يجلس ماريو و نيرودا على الشاطئ و يلقي نيرودا إحدى قصائده فيجيبه ماريو بدهشة "أن الكلمات تموج ذهابا و إيابا مثل البحر بينما كنت تقولها، في الواقع شعرت وكأني قارب يركض بين تلك الكلمات " ينظر نيرودا نحوه بدهشة ويقول" ..انظر لنفسك, ها أنت قمت بمجاز هنا ", وهكذا تنزلق الاستعارات و التشابيه منه بتلقائية فيعتقد جازما أن المجاز حكر على الكتّاب والشعراء فيخضع ماريو لإلهام معلمه و يصبح أكثر انفتاحا و يتعامل مع المجاز بشقين : بوصفه بداهة طبيعية" أي السليقة كما يقال"و بوصفه إدراك معرفي، فإذا كان وعي ماريو محدودا بطبيعته (بسبب تكوينه الثقافي و درجة تعليمه) فقد استطاع في نهاية المطاف بناء استعارة قابلة للفهم حدسيا.
يتغير الموقف حين يلتقي بباتريشا في المطعم , فبينما كانت علاقته مع نيرودا تتمحور حول الشعر و صوره و مجازه, يصبح هذا المجاز بوحا حسيا و بوابة عبور لقلب باتريشا , فعندما يراها في المطعم يؤخذ بجمالها فيبقى مشدوها و مشدودا, لا ينطق ولو بكلمة واحدة, إذ لا يملك من المفردات ما يكفي ليعبر بها عن نفسه في تلك اللحظة( ربما شعر هنا بأهمية وجود شخص مثل نيرودا في حياته ) , عندما تمارس باتريشا سطوتها عليه بجمالها , لايجد مناصا من القول -بمجاز نيرودا-" أحب صمتك لأنه يجعلك تبدين غائبة" تذهل باتريشيا بهذه الكلمات فيتابع ماريو بمجاز أكثر بلاغة و حسية " تنتشر ابتسامتك على وجهك مثل فراشة". وهكذا يختبر ماريو شيئا لم يكن يعرفه من قبل حين يرى وقع تشابيهه في لمعان عيون باتريشا, فالمجاز كأحد أكثر التعابير الإنسانية تنوعا لوصف المشهدية الواحدة بعدة صفات يمكّن ماريو أن يظهر ما يحسه تجاه باتريشيا-وهي أحاسيس يحتاج لتحويلها إلى "كلمة" كي تكون أكثر قوة و إقناعا -و نحن نعلم أن المجاز أمر جوهري لنيرودا بحكم أنه شاعر , وهو ضروري لماريو لأنه يمنحه جرأة في الاحتيال على خجله للتعبير عن مشاعره, بينما ترى دونا روسا في المجاز خيال لا قيم له, بل خطر, فمجاز ماريو ليس سوى إغواء لباتريشا و مقتها للمجاز نابع من خوفها من المجهول, وهي مثل مايو ربما لم تسمع في حياتها فقط بكلمة مجاز من قبل, كل ما تعرفه أنها كلمة إيطالية طويلة لكنها تقر بقوتها -ربما ليس بالطريقة نفسها التي يعرفها ماريو و نيرودا و باتريشا- وعندما تسأل باتريشا أين كانت؟ تجيبها باتريشا على شاطىء البحر مع ماريو
دونا روسا:وماذا فعلتم
باتريشا:لاشيء تمدننا على الرمل و تحدثنا
دونا روسا:تحدثتم عن ماذا؟ ماذا قال لك؟
باتريشا:قال لي مجازات
دونا روسا: مجاز؟ مثل ماذا؟
باتريشا: "تنتشر ابتسماتك على وجك مثل فراشة"
دونا روسا: عندما يلمسك الرجل بكلماته , لن تكون يديه بعيدة عن لمسك .
باتريشا : لا حرج في الكلمات.
دونا روسا: الكلمات هي أسوأ الأشياء على الإطلاق. أفضّل أن يلمس مؤخرتك سكير في الحانة على أن يقول لك أحدهم "ابتسامتك تطير مثل الفراشة!"
باتريشا: تنتشر مثل فراشة!
دونا روسا: الذباب، ينتشر، نفس الشيء! فقط انظري لنفسك, بإشارة واحدة من إصبعه تقلبين على ظهرك في الحال .
باتريشا : أنت مخطئة. إنه شخص محترم
دونا روسا: أوووو ..كفى ..كفى ...لا فرق بين الشاعر أو الكاهن أو حتى الشيوعي عندما تصل الأمور إلى السرير
ثم تختم دونا روسا القول بأن "الكلمات هي أسوأ شيء على الإطلاق". ... و يا ويلي , تلطم دونا روسا ,هذا كلام خطير , حيث تتأكد من مخاوفها و تفترض أنه أقام علاقة معها( في الحقيقة ماريو لم يكتب, بل "سرق" مجازات نيرودا التي كتبها لماتيلدا, وعدم خوض ماريو علاقة جسدية مع باتريشا -حتى الآن- ربما يعني من ضمن ما يعنيه أن المجاز مازال حتى الآن هو مجاز نيرودا وليس مجازه هو الذي ينبغي أن ينبع من داخله باستخدام الصور التي يمر بها على سبيل التجربة , أي أنه لا يمكن بسهولة سرقة المجاز دون أن يخسر معناه الأصلي, و لا ننسى أن ماريو كان قد أخبر نيرودا عن باتريشا و طلب منه أن يكتب لها قصيدة , الامر الذي يرفضه الشاعر بشدة. يعتقد ماريو أن الشاعر هو الوحيد القادر على العبير عن الحب " لا أحد يستطيع مساعدتي سواك , فالجميع هنا كما ترى صيادي سمك" فياتيه جوا الشاعر المفعم بعمق التجربة " حتى صيادوا السمك ييحبون يا ماريو, و يبثن مشاعرهم لمن يحبون و في نهاية المكاف يتزوجون بعضهم البعض , لو سأل أحدهم ماريو قبل أن يلتقي بالشاعر كيف يحب الناس بعضهم البعض لما وجد جوابا , ولذلك حين يتعرف على الشاعر , يشعر أنه يمتلك مفاتيح الكون , و يصل إلى نتيجة أن مجاز الشاعر هو الوحيد القادر على فك ما استغلق من المعاني الوجودية العصية على شخص مثل ماريو أن يفككها ولكن يؤلمه أن الشاعر لا ينظر له كما يراه هو , فحين يطلب من نيرودا أن يكتب له إهداء ,يوقع الشاعر و يكتب "مع تحياتي" دون أن يذكر اسم ماريو , الأمر الذي اعتبره ماريو بلا معنى, وحين يتحدث مع جورجيو و يقول له أنه سوف يعود غدا و يطلب منه تغيير الإهداء ينهره جورجيو و يقول له " هل تظن أن الشاعر يعجز عن التفكير و هو ممسكا ببصلة"؟ ثم يتابع توضيح الأمر بعيدا عن المجاز بأن نيرودا رجل له اهتمامته و مشاغله العديدة و لايمكنه أن يفرغ نفسه من أجل تحقيق متعة فلان أو فلان , لكن ماريو لا يفهم الأمر هكذا فيقول لصديقه بصيغة تهكمية " لكنه شيوعي ... ألم تقل قبل قليل أن الشيوعيون يحبون الناس؟".
تدور أسئلة ماريو في خانة الأسئلة التي ربما يخجل الجميع من طرحها على الشعراء , لاسيما عندما تغرق قصائدهم بالمجاز و التجريد العالي, فعندما ردد ماريو بعض الأبيات من ديوان " أغنيات بدائية" [ أول ديوان مطبوع للشاعر بابلو نيرودا] و يبدأ الشاعر في الحديث عن معنى الأستعارات و المجاز , يسأله ماريو معنى قوله "سئمت كوني رجلا" .. ثم يستفسر منه عن السبب الذي يجعل شاعرا بحجم نيرودا يتساءل عن الدافع الذي من أجله " تجعلك رائحة دكاكين الحلاقة تتنهد"؟ ..لا يدرك ماريو المعاني الضمنية الخفية هنا , فقبل هذا كانت حياة ماريو واضحة , ثمة بحر و شاطىء و قوارب صيد و سمك .. وهذه أمور لا تحتاج إلى مجاز لفهمها أو التعامل معها , وحتى هذه الكلمات لا تحتاج إلى شعر لكي نفهمها , و إن استحالت شعرا بطريقة ما فلا ينبغي تفسيرها بعمق كي لا تفقد معناها الأصلي , فالشرح يفقد الشعر جوهره و يحوله إلى كلام عادي ... لم ينتبه ماريو هنا إلى أنه حتى الكلام العادي يحمل من المجاز ما يفوق أحيانا مجاز الشعر. فإذا كان هذا الكلام صحيحا , فلمن ينتمي الشعر إذن؟ ؟ لمن يكتبه أم لمن يحتاجه؟ رغم بساطة ماريو , إلا أنه في سؤاله هذا يضع إصبعه على الإشكالية التي لا حل لها عن معنى الشعر و وظيفته, و لأن رسالة الفيلم عن المجاز وجوانبه المختلفة, يصبح الفيلم برمته صورة مجازية من خلال الصور المتعددة لماريو, ولكن ينبغي الحذر هنا من الإفراط في تحليل الفيلم على أنه استعارات فقط, فالجبل في نهاية المطاف يبقى جبلا و الشاطئ لن يكون شيء آخر و لن يكون الجبل شيخا جليلا ولا رمل الشاطئ ذهبا, وحتى الصورة التي رسمها الشاعر لعامل منجم الفحم " لقد كان قناعا من غبار الفحم و العرق" عاشها ماريو واقعا و ليس مجازا ,حين يتحول في النهاية إلى أسطورة بطريقة ما, يتلاشى اللون إلى الأسود والأبيض والرمادي مثل غبار الفحم. يتحول ماريو من ابن صياد و ساعي بريد شبه أمي إلى شاعر وجد هدفه في الحياة و شهيد القضية, وهو بالتالي يقوم عمليا بما يكتبه الشعر كاستعارات في قصائده , فهو شجاع بما فيه الكفاية لأن يتحدى السلطة و يدرك أخيرا انتمائه للمكان, فيموت في سبيل قضيته , مطارد من قبل رجال الشرطة و ليس من نساء معجبات بقصائده يتزاحمن على تحيته .
نحن إذن أمام مشهدية المعلم و تلميذه ( يتعامل الفيلم ببراعة مع هذه العلاقة عبر التركيز على الشغف الشديد عند ماريو للتعلم و على تعالي المعلم المشوب بالحنان), مشهدية تجمع بين السياسي و الشاعر وبين الحزبي و العادي قوامها عالم اللغة و المجاز و الاستعارات , مشهدية الوعي السياسي التلقائي التي تدفع رجل بسيط مثل ماريو على التفكير في قيمته كإنسان و دوره المكرس على الأرض وهو هنا بطريقة ما في تعارض مع والده _"الجيل السابق؟, الجيل الذي صفق لصعود الفاشية وحلم بإعادة مجد روما , لكنه انهار أمام سطوة الاستبداد فلاذ بالصمت, و لعل الملاحظات التي يبديها ماريو عن صمت أبيه هي أحد التأويلات هنا, رغم أن الفيلم لا يتحدث بصورة مباشرة عن إيطاليا ".
أثناء زفاف ماريو و باتريشا يتلقى نيرودا برقية تخبره أن نفيه قد انتهى. فيقرأ واحدة من قصائده للعروسين، ثم يعلن أنه سيعود إلى تشيلي و يطلب من ماريو أن يعتني بحاجياته التي سيبقيها في الجزيرة تحسبا لما يخبئه المستقبل, يغادر نيرودا و يبقى ماريو وحيدا, منقطعا عن رمزه و وحيه الشعري, ويبقى على أمل أن تصل إليه رسالة من صديقة الشاعر, و لكن بلا فائدة, و يمر الوقت و يغرق مارو في روتين الحياة كزوج وحبيب و مناضل شيوعي و شاعر فطري و عامل مطبخ في مطعم دونا روسا, يعرف ماريو شيء واحد, أنه يحب باتريشا و لايستطيع أن يبتعد عنها "يلغي فكرة الهجرة", ولا جواب من الشاعر ولا حتى كلمة واحدة لماريو" لنتذكر أن الشاعر لم يكتب اسم ماريو على الكتاب الذي وقعه له و أهداه إياه", وبعد انتظار لنحو عام تصل أخيرا الرسالة المنتظرة, لكنها للأسف ليست من الشاعر بل من سكرتيرته تطلب منه بلغة رسمية و محايدة أن يجمع متعلقات الشاعر و يرسلها إلى عنوانه في تشيلي.
هذه أصعب اللحظات على ماريو , فالرسالة أتت واضحة وبدون أي تلميحات أو مجازات على عدم أهميته بالنسبة للشاعر, لكنه يرفض اتهام الشاعر بالانتهازية و يستنتج أن عدم اهتمامه كونه شخص عادي, ساعي بريد لا أكثر و لا أقل, لاقيمة له في حياة شاعر عظيم و مشهور مثل نيرودا ,فماريو ليس شاعرا و لا مرشحا لجائزة نوبل و لا تتهافت عليه المعجبات, وهو لا بالسياسي المخضرم, إنه مجرد صياد عاطل عن العمل اشتغل مؤقتا ساعي بريد وها هو الآن يدفن حياته في مطبخ دونا روسا و يكرس حياته للعناية بباتريشا و مولوده القادم..هذا هو ماريو باختصار, وهو حتى عند شعوره بالخذلان , لايتردد في الدفاع عن الشاعر فيقول عن نفسه أمام هجوم دونا روسا و باتريشا على صديقه الشاعر " أنا من كان يزعجه..هو لم يزعجني قط , كنت أسلم له بريده و لكني كنت أزعجه بأمور أخرى , كان يعلم إني لست شاعرا , ومع ذلك لم يتذمر بل كان متسامحا معي ...." , يحفظ ماريو الجميل لنيرودا كمعلم قدمه إلى عالم الشعر و أرشده كيف يستخدم المجاز و الاستعارات ليفوز بقلب المرأة التي يحبها ,كما علمه أيضا أن يكون له موقف سياسي. لا يرى ماريو في نفسه رجلا مهما حقا, بل شخص عادي ابن صياد بسيط, ويضعنا الفيلم أمام مفارقة واقعية ترى أن ليس بالضـرورة أن يتساوى شخص مشهور مع شخص آخر معجب به. في الحقيقة هذا تتويج واقعي و ليس مجازي لمآلات شخصية ساذجة مثل ماريو حين يتمسك بضعفه و عجزه عن مواجهة عبء التراتبية الاجتماعية, وهو ما ترفضه باتريشا التي تصف ماريو بالشاعر "الجيد" وهي لن تسمي ابنها بابليتو على اسم نيرودا, هي تحب ماريو وهذا ما يعنيها بالدرجة الأولى و "الحب شيء أكبر من الصداقة " على حد قولها .
من المفارقات التي تكسر من حدة المجاز أن الشاعر لا يعرف شيئا عن "واقع " ماريو هذا حتى يعود بعد بضعة سنوات ويكتشف أن ماريو قتل في المظاهرة, أصلا يظهر نيرود في الفيلم شخص نخبوي بخلاف معتقداته السياسية, يتم التعامل معه بطريقة خاصة فيعطى منزل"فخم" في الجزيرة الفقيرة, و يفرز له ساعي بريد خاص به, و رغم عجز العديد من سكان الجزيرة عن تغيير وضعهم الاقتصادي و السياسي إلا أن البعض منهم -مثل جورجيو مدير مكتب البريد- يمتلك وعيا سياسيا يؤهله لأن ينخرط في صفوف الشيوعيين, ( يصف جورجيو نيرود بأنه " الرفيق و الأخ" ) , يشعر ماريو أيضا بخيبة الأمل من نيرود حين يقرأ ما يقوله عن جزيرتهم" : "لقد أمضيت أياما سعيدة بين أكثر الناس بساطة ،" في إشارة إلى الفترة التي قضاها في الجزيرة, بماذا يختلف نيرودا هنا عن رجال السياسة المنافقين؟ للوهلة الأولى يبدو أنهم يشبههم لكنه يتلطى وراء قناع جميل من الاستعارات المبثوثة في قصائده, لا يستذكر سوى "جمال الجزيرة" فالناس هناك يحبون المناظر الجميلة التي تناسب قصائده ,دون أي ذكر لماريو و علاقتهما مع بعض, فماريو في الحقيقة ليس محطة مهمة بالنسبة لشاعر بأهمية نيرود و إنما مجرد حلقة من حلقات الحياة , تجربة قد تتجسد ذات يوم في قصيدة و قد لا , و ليس من المنطقي أن يتذكر المرء كل حلقات حياته, بالأحرى لا يستطيع أحد أن يفعل ذلك, وربما فهم ماريو هذه المسألة بصورة عفوية, حين يرفض التهجم على صديقه الشاعر, و لعلنا نتذكر خلال زيارات ماريو لنيرودا و الحديث المتشعب بينهما , لاسيما عن الشعر و رغبة ماريو في أن يصبح شاعرا و كيف يخبره نيرودا أن سبب كتابته للشعر إنما تعود ". "لمساعدة الإنسان في نضاله". و يسترسل في حديثه عن عمال المناجم في تشيلي، ويصف ما قاله أحدهم: "أينما تذهب، تحدث عن أخيك الذي يعيش تحت الأرض في الجحيم. "
قد يكون وصول ماريو إلى هذه النتيجة هو ما دفعه للقيام بشيء ما جديد, تسجيل الحياة في جزيرته, صوت الحياة الحقيقي, الحاضر و الأزلي المتمثل في الريح و موج البحر و الطمأنينة في صوت جرس الكنيسة و المستقبل المتمثل بنبضات قلب ابنه الذي لم يولد بعد, هذه كلها مجازات تدل على أن ماريو لم يزل حيا و لم يمت أو لم ينسى, فيكتشف من خلال هذه الأصوات عمق انتمائه للمكان (ربما بسبب وجود باتريشا) فيكتب قصيدة و يهديها لشاعره و معلمه و يسميها" نشيد إلى بابلو نيرودا" تعجب شخص فيطلب منه أن يلقيها أمام الجمهور في نابولي , لتكون نهايته هناك , و إذن نيرودا الذي استولد الشاعر في ماريو, كان هو السبب في موته ككائن بشري , وهذا لا علاقة له بالمشاعر و العواطف و لا بالشعر, موت ماريو كان سياسيا بالدرجة الأولى نتيجة ولائه و انحيازه للناس البسطاء و القصيدة كان مفتاح انحيازه لمعلمه.
ها هو ماريو يقف سعيدا أمام جمهوره لأول مرة, جمهور لا ينظر له كشاعر فحسب, بل كمناضل يدافع عن قضاياهم..( في الحقيقة يموت ماريو لهذا السبب, وليس لأنه شاعر), يرغب ماريو أن يسمع الجمهور قصيدته المهداة إلى معلمه, يرغب في سماع تصفيق الناس عند ذكر اسم معلمه, و للأسف لابد للمجاز أن يستكمل دورته هنا أيضا , فقبل أن يلقي ماريو قصيدته, تقتحم الشرطة المكان,و يقتل ماريو قبل أن يسمع الناس نشيده الخالد المكرس لمعلمه الشاعر و تطير أوراق القصيدة لتسقط تحت أرجل المتظاهرين.
يعود نيرودا للجزيرة مرة ثانية بعد خمس سنوات من مغادرتها يستمع إلى صوت ماريو بعد أن يكون عرف بقتله و يستمع إلى الأصوات الأخرى التي سجلها ماريو مع صديقه جورجينو , صوت الموج يضرب شاطئ الأبدية بلا هوادة و لا كلل , أصوات النوارس القبيحة التي يشبع زعيقها لسعات هراوات رجال الشرطة وهي تنهال على أجساد المتظاهرين , صوت جرس الكنيسة الذي يستحيل هنا توترا و نذيرا بما هو سيء, و أخير ينغلق المجاز على صوت رجال الشرطة و صراخ المتظاهرين و أصوات الرصاص, يمضي نيرودا وحيدا نحو الشاطئ, فنرى ماريو على وشك أن يلقي قصيدة للجمهور, وتبدأ الشرطة بمهاجمة الناس, يحاول ماريو أن يشق طريقه وسط الحشد, فيسقط على الأرض ثم يختفي.
يشير مشهد النهاية حيث يظهر نيرودا يتطلع صوب البحر، إلى أنه يعترف ويحترم ماريو كزميل شاعر وصديق. و لكن المفارقة الأهم في الفيلم تكمن في تخلي ماريو عن المجاز قرب نهاية الفيلم حين يحاول وصف الجزيرة لصديقه الشاعر, فلايجد أي كلمة مناسبة فيستعيض عن ذلك بـ" أصوات الجزيرة نفسها" لاعتقاده أن هذه الأصوات وحدها قادرة على نقل الجمال الحقيقي للجزيرة صوت الموج و الرياح, وجرس الكنيسة, و شبكات الصيادين, و ضربات قلب الجنين بابليتو, هذه صور حقيقية و لست مجازا , ليس هذا فحسب بل أن موت ماريو هو موت حقيقي أيضا و لس مجازا , ترتبط الاستعارة بالكلمة بصورة وثيقة, غير أن الصورة تقترب من "الملموس" اكثر, فتثبت الزمن, قد لا تثنيه لكنها تكسر إيقاعه عند لحظة ما لايستقيم فيها المجاز( لعل هذا يفيد معنى آخر للمجاز حين تعطي الصورة قوة داخلية للتعبير عن"الأشياء" بدلالة السردية البصرية و ليس بدلالة الكلمات و الإشارات, فتصبح الصورة بحد ذاتها مجازا بطريقة ما, وتعكس جمال الجزيرة التي يريد ماريو أن ينقلها لصديقه الشاعر, بل ربما تكون الاستعارة البصرية ارقى من استعارة الخطاب لأنها لا تحوي أي ازدواجية في المعنى أو تداخل في المترادفات, الصورة أمامنا لا تخدع , نعلم أن نيرودا طلب ن ماريو ذات يوم أن يخبره عن أجمل ما في الجزرة , فيجيب ماريو بلا تردد و دون مجاز "باتريشا روسو", لا مجاز هنا, لا مجاز لوصف باتريشا, على الأقل في ذهن ماريو, من المؤسف حقا أن يموت ماريو قبل أن يسمع مع صديقه الشاعر شريط " الأصوات" .
ينتهي الفيلم إذن, من حيث بدأ, على الجزيرة و لكن بدلا من ضجيج الصيادين , نرى نيرودا وحيدا يقف على الشاطئ يستمع إلى الأصوات التي سجلها له ماريو, ينتبه نيرودا إلى تلك التفاصيل و كأنه يراها أو يسمعها لأول مرة وهو الذي تكاد تقتلع التفاصيل بسبب امتلاكه ناصية اللغة, تنسحب الكاميرة بعيدا عن الشاطىء في لقطة واسعة بحيث يصغر الشاعر معها و يتضاءل و يتضاءل و يتسع في ذات الوقت البحر و المنحدرات.
أليست هذه هي الصورة التي سجلها ماريو ؟ هل تفوق التليمذ على معلمه حين استعاض عن المجاز بالصوت بدلا من الكلمة؟ "هل هذا العالم كله مجاز لشيء آخر"؟ ربما , وربما لا و فالفيلم في النهاية مجاز الكلمة بلاشك و بها ينتهي:
وكان أن جاء يوم أتى فيه الشعر يبحث عني
لست أدري من أين أتى و كيف ,
أمن النهر أتى ؟ أم مع الشتاء؟
لا أعرف كيف أو متى.
ولكن ..لا , لم ليس على هيئة أصواتا , ولا كلمات , ولا حتى سكون.
بل استدعتني ساعات الليل من الطرقات
هكذا , انتشلتني , على حين غرة, من مواعيدي
هناك ,حيث كنت
هناك كنت بلا وجه... حين لامسني [الشعر].
دون بابلو نيرودا
......................
* الفيلم "مأخوذ بتصرف حر " من رواية "الصبر المحترق " للكاتب التشيلي أنطونيو سكارميتا ، التي نشرت لأول مرة في عام 1985. العنوان الأصلي عبارة عن اقتباس من نيرودا نقلا عن بيت شعر من أحد قصائد الشاعر الفرنسي أرتور رامبو: A l’aurore, armés d’une ardente patience, nous entrerons aux splendides villes "عند الفجر ، مسلحين بصبر محترق ، سوف ندخل إلى المدن الرائعة ". و كان المؤلف قد قام قبل ذلك بكتابة و إخراج فيلم بنفس العنوان سنة 1983 . ومن الجدير ذكره أن بطل الفيلم , الممثل الكوميدي الإيطالي ماسيمو ترويسي و ابن مدينة نابولي الذي شارك أيضا في الإخراج و في كتابة السيناريو توفي بعد نحو 12 ساعة فقط من انتهاء التصوير إثر نوبة قلبية بعد تأجيله لعملية جراحية في القلب حتى نهاية التصوير.



#محمود_الصباغ (هاشتاغ)       Mahmoud_Al_Sabbagh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علم الآثار السياسي و النزعة القومية المقدسة(3)
- علم الآثار السياسي و النزعة القومية المقدسة(2)
- المملكة المنسية: تاريخ مملكة إسرءيل في ضوء علم الآثار(7)- ال ...
- المملكة المنسية: تاريخ مملكة إسرءيل في ضوء علم الآثار(6)- ال ...
- المملكة المنسية: تاريخ مملكة إسرءيل في ضوء علم الآثار(5)- ال ...
- علم الآثار السياسي و النزعة القومية المقدسة(1)
- المملكة المنسية: تاريخ مملكة إسرءيل في ضوء علم الآثار(4) -ال ...
- المملكة المنسية:تاريخ مملكة إسرءيل في ضوء علم الآثار(3)-الفص ...
- المملكة المنسية:تاريخ مملكة إسرءيل في ضوء علم الآثار(2)-الفص ...
- المملكة المنسية: تاريخ مملكة إسرئيل في ضوء علم الآثار(1)
- الطلقة41: الحب أم الثورة؟ قلب من لاقلب له
- الصهيونية الدينية وسياسات الاستيطان الإسرائيلية
- الحاجز:هندسة خوف و متلازمة رعب و ردع .
- الفاتيكان و الحركة الصهيونية: الصراع على فلسطين
- كرونولوجيا الثورة السورية ,من آذار 2011 حتى حزيران 2012 : وث ...
- الاستراتيجية الروسية في سوريا: أهداف متعددة
- خلي البسط أحمدي
- ربيع عربي أم شتاء إسلامي:روجيه نبعة في تجدد المسألة الشرقية
- عطر: قصة قاتل ينتمي الى عالم لم يعرفه أحد غيره
- -تحيا الفوضى- من متاريس الكومونة إلى المولان روج


المزيد.....




- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود الصباغ - Il Postino ساعي بريد نيرودا: مجاز الوعد بوصفه خذلان