أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - مهند البراك - ربيع باليسان و الضربة الكيمياوية ! 1















المزيد.....

ربيع باليسان و الضربة الكيمياوية ! 1


مهند البراك

الحوار المتمدن-العدد: 6201 - 2019 / 4 / 15 - 20:45
المحور: القضية الكردية
    


في يوم نكبة اول ضربة كيمياوية في 16 نيسان 1987
الى الشهداء الخالدين و الى المصابين المعذبين
د. مهندالبراك
[email protected]

منذ سنوات كانت تنتابني بين حين و آخر حالات من الدوار و ضعف التركيز و البصر، و ضعف عام يجعلني لا استطيع الوقوف على قدميّ، حالات لايجمعها تفسير طبي . . اضافة الى اختلال هرموني تسبب لي بزيادة وزن ثم بمرض السُكّر ، اضافة لأعراض لايجمعها جامع، كانت قمّتها قبل ستّ سنوات حين اصبت بحالة من التقيؤ الشديد الذي كان نزيفاً شديداً فقدت فيه نصف دمي بتقرير مستشفى طوارئ برلين.
و بعد انقاذ الحياة و نقل الدم و العملية الجراحية لايقاف النزيف اجريت لي فحوص متنوعة اشارت الى تزايد الضغط في الكبد و تشمّعه، الذي تسبب بانفجار الاوعية الدموية ذات الصلة و المحيطة بالمرئ و ان الاسباب تتركز باصابة الكبد بسموم غير مألوفة ثم شُخّص قسم منها، و انها التي تسببت باختلال هرموني و بزيادة الوزن . . و يجري علاجي في المستشفى المركزي في برلين بمراقبة دورية خوفاً من تفجّر نزيف مفاجئ كما مرّ، في حياة . . . ؟؟

* * *

في ربيع 1987، وكانت الثلوج تذوب مشكّلة غدراناً، والخضرة قد بدأت تكسو الروابي، استلم مكتب الفوج 31 الذي كنت مسؤوله الحزبي، برقية معممة الى وحدات البيشمه ركةالأنصار افادت باستعداد عشائر بشدر و عشائر منطقة رانية، جوارقورنة، بتوين التي كانت ساحة عمليات فوجنا، استعدادهم لإعلان انتفاضة عارمة ضد الدكتاتورية الشوفينية ومعاقبة رجالها على حملة التهجير الدموية التي كانت تقوم بها وحداتها بحق قصبات وقرى كردستان العراق، متسببة بقتل وتشريد عشرات الآلاف من سكانها المدنيين العزّل رجالاً ونساءاً، شيوخاً واطفالاً .
ولابد من الأشارة هنا، الى ان منظمات البيشمركة والأنصار في ذلك الوقت بكل فصائلها ومنظماتها كانت ملتزمة بعدم ضرب الجيش الذاهب او القادم من جبهة الحرب العراقية ــ الإيرانية، وسارت في عملياتها واعمالها السياسية والعسكرية بوجهة تحييد ومحاولة كسب الجيش وودّه . . و كانت امينة للشعار الذي رفعته الجماهير منذ انتفاضة ربيع 1982 " نحن اخوان الجنود واعداء الدكتاتورية الفاشية " .
الاّ ان الدكتاتورية كانت تحاول وبكل الطرق تدمير تلك الوجهة، في محاولات جرّ البيشمركة الى مواجهات عسكرية مع الجيش، فكانت تقوم بخطط مرسومة تزج فيها بوحدات عسكرية خاصة للقيام باخس الأعمال العسكرية ضد الجماهير، من حرق وتدمير وتهجير ونسف الأحياء السكنية، اضافة الى زجها بكل اصناف القوة الجوية وكل اصناف اسلحة الجيش، لإستثارة البيشمركة ضد الجيش و لتحقيق تلك الأهداف الشوفينية .
خالقة بذلك معادلة متوحشة لأمرار سياساتها باشعال الحروب، ولأمرار محاولاتها لكسر الحركة الشعبية الكوردستانية وعموم الحركة الشعبية العراقية بكل الوسائل، ولأظهارها بكونها كما لو كانت حركات تخريبية هدفها تحطيم الجيش العراقي واعاقته عن (اداء دوره في الدفاع عن الوطن) على حدّ تعبيرها . .
اثر البرقية، تم اعداد مفرزة صغيرة لمرافقتي وعلى عجل لأبلاغ سرية ملا عثمان/ خوشناوتي المنتشرة في مناطق حرير وشقلاوة وخوشناوتي تلك الأنباء ، ولمناقشة مدى امكانياتهم للمساهمة وكيف . . لعدم وجود اتصال لاسلكي معهم، بعد ان قررت قيادات بيشمه ركة الأحزاب المتواجدة هناك (1)، اسناد الأنتفاضة والتفاعل معها وتطويرها الى نجاحات اكبر، ووضع خطط جديدة للحركة بتلك الوجهة .
وصلت مفرزتنا الى قرية " كاني جيز" حيث شجرة جوز القرية العملاقة المتفردة قائمة على نبع الماء الذي كان مستمراً بالتدفّق رغم محاولات الوحدات الخاصة تفجيره و سدّه اثناء تهجير القرية وتهديم بيوتها ومسجدها !
وبعد ان انتهينا من تناول شئ من طعام محفوظ، اخذنا نستعد لقضاء الليلة هناك ونحن مبللين نرتعد من البرد و لأن المطر لم يتوقف، و كنا لانستطيع ان نشعل ناراً كي نتدفأ بها، في منطقة مكشوفة تشرف عليها ربايا عسكرية جاشية عدة . . فبعد ان نظّمنا الحراسة وتمددنا منهكين، كلٌّ في مكان اعدّه لنفسه من الأعشاب الأقل رطوبة . . مرّت بنا مجموعة من سرية خوشناوتي، كانت متوجهة الى قوتها المنتشرة في مدينة شقلاوة في ذلك الوقت، فاخبرناهم بالمستجدات و كتبت لهم بسرعة فحوى البرقية، لإخبار انصار سريتهم والتهيؤ وفق ظرفهم، و كنت شبه متأكد بانهم متهيئين.
وبينما كان الظلام يرخي سدوله وفي حدود الثامنة مساءاً . . . شقّ السكون هدير سمتيات كان يتصاعد بشكل سريع متواصل، فاسرع كلّ منّا الى سلاحه متخذاً وضع القتال، الاّ ان السمتيات الأربعة التي كانت احداها تكشف مسافة طويلة من الفضاء الذي امامها بضوئها الكاشف القوي، واصلت طيرانها السريع واجتازتنا بسرعة لتليها اربع سمتيات أخرى ثم أخرى ، قادمة من جهة شقلاوة نحو ماوراء جبل " هه وري " . . . الى " دولي باليسان " .
ولمّا كانت قواعد البارتزان تشدد بعدم اطلاق النار وعدم كشف موقع القوة الصغيرة وخاصة تلك التي ليس بحوزتها مضاد للدروع ولامضاد للجو، و عليها الإكتفاء بالإختفاء والسكون لتتوقى التدمير والفناء الكامل ان كشفتها اعداد السمتيات تلك، او قامت بانزال جويّ عليها . . فاحكمنا استعدادنا على الأرض واخذنا مواقع القتال خشية تقدم بريّ، قد يترافق معها ويستتر بالظلام، في تلك المنطقة المهجورة الواسعة التي أُخليت من القرى والبشر بحملات التهجير الوحشية تلك.
حاول أحد انصار المفرزة التنصت على احاديث طياري السمتيات، بالترانزستور الجيد الذي كان بحوزته، بعد ان حوّل الموجة التي كان يتسمّع عليها بصوت خافت لأغاني المطرب الكردي الشهير " طاهر توفيق " ، الى موجة FM ، ولكن بلا جدوى . . لاصوت ! فيما لفّ الصمت كل ما احاط بنا ، عدا هدير السمتيات المتنوّع الشدة !!
وبينما كان الوقت يمرّ ، لم يظهر ايّ تقدّم او هجوم ارضي يستهدفنا . . فيما كان عدد السمتيات التي كانت تطير ليلاً، بارتفاع منخفض وبسرعة غير اعتيادية، يتزايد ! لم يمرّ احد منّا حتى ذلك الزمان بمثل ذلك الموقف،وتوالت تصوراتنا :
ـ قد تكون مهمة سريّة ؟ ! . .
قال مام رستم، الذي كان عريفاً سابقاً في الجيش وعاش ظروفاً قتالية متنوعة كبيشمركة .
ـ ولكن ماهي ؟ ! !
ـ اسمع ! ! هل هي قنابل ام ماذا ؟ !
كانت اصوات انفجارات مكتومة لم يسمع مثلها أحد منّا سابقاً، وكانت تتوالى ببطء، آتية من ماوراء جبل " هه وري " !! وبعد حوالي الساعة رجعت السمتيات مسرعة الى الجهة التي اتت منها، التي قيل بعدئذ انها كانت " معسكر كومسبان " (2) .
بقينا يقظين حتى مطلع اول خيوط الفجر الذي يساعد على الرؤية، حيث لم يكن معنا من يعرف ممرات جبل " هه وري " من تلك الجهة الكثيرة الوعورة، و بدأت المفرزة الصغيرة سيرها الحذر، الذي قررنا ان يكون اتجاهه نحو باليسان لكوني طبيب لمساعدة الجرحى وتفقّد ماجرى، في منطقة هي جزء من ساحة عملياتنا و من ساحة الانتفاضة المرتقبة كما مرّ . . بعد وقت غريب لم نسمع فيه ايّ صوت لقتال او لمقاومة ارضية في الليلة الفائتة، فقط الصمت الوحشي غير المعروف، وقدّرنا انه قد لاوجود لوحدات بيشمه ركة في ذلك الوقت هناك لإنشغالها في مواقع اخرى او لأي سبب لم يكن معروفاً لنا على الأقل وقتذاك . .
لأن التهجير كان جارياً على قدم وساق، كوحش منفلت، وكان البيشمركةالأنصار يحاولون الدفاع عن القرى، ويحاولون ايقاف ذلك الوحش باذلين غاية ما استطاعوا لذلك سبيلا . . فيما كانت وحدات أخرى منشغلة بتأمين طرق للذوبان في المدينة، للأحتماء الوقتي بها او للقيام بعمليات فيها . . ثم الأنطلاق او التحرك منها، حيث ان تهديم القرى كان جارياً بشكل فضيع محوّلاً ذلك الريف العريق المترامي، الى ارض محروقة خالية من الحياة ! (يتبع)

15 / 4 / 2019 ، مهند البراك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كانت الفصائل المتواجدة في المنطقة آنذاك تابعة للأحزاب ؛ الحزب الديمقراطي الكوردستاني، الأتحاد الوطني الكوردستاني، الحزب الشيوعي العراقي، الحزب الأشتراكي الكوردستاني .
معسكر يقع في سفح جبل صلاح الدين من جهة مدينة اربيل، عرف عنه آنذاك انه كان معسكراً للقوات الخاصة، ثم اقيم فيه مخزناً للأسلحة الكيمياوية .



#مهند_البراك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في انقاذ المناضل - عمر سيد علي - 2
- في انقاذ المناضل - عمر سيد علي - 1
- - ام حسن كانت ام ابو زهرة ايضآ -
- مأثرة جراحية انصارية : يوسف هركي 2
- مأثرة جراحية انصارية : يوسف هركي 1
- السيادة الوطنية و الحشد و الميليشيات 3
- السيادة الوطنية و الحشد و الميليشيات 2
- السيادة الوطنية و الحشد و الميليشيات 1
- جماهير كردستان تلقّن الغزاة الاتراك درساً !
- هل يحوّل الإهمال مآسي البصرة الى قضية دولية ؟
- وداعاً ابو ناصر ! 2
- وداعاً ابو ناصر !
- المحاصصة والفساد عمّقا تشوهات المجتمع 3
- المحاصصة والفساد عمّقا تشوهات المجتمع 2
- المحاصصة والفساد عمّقا تشوهات المجتمع* 1
- اغتيالات النساء، خطة لإرهاب المجتمع
- نادية مراد، رمز نضالي نسائي عراقي !
- بقاء (الدعوة) حاكماً ضربة للاصلاح !
- البصرة حال العراق ان لم تتغيّر معادلة الحكم !
- مطالبة بتعويضات ام ضغوط للزج بحرب ؟ (*)


المزيد.....




- واشنطن تريد -رؤية تقدم ملموس- في -الأونروا- قبل استئناف تموي ...
- مبعوث أمريكي: خطر المجاعة شديد جدا في غزة خصوصا في الشمال
- بوريل يرحب بتقرير خبراء الأمم المتحدة حول الاتهامات الإسرائي ...
- صحيفة: سلطات فنلندا تؤجل إعداد مشروع القانون حول ترحيل المها ...
- إعادة اعتقال أحد أكثر المجرمين المطلوبين في الإكوادور
- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي للاشتباه في تقاضيه رشوة
- مفوض الأونروا يتحدث للجزيرة عن تقرير لجنة التحقيق وأسباب است ...
- الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضي ...
- إعدام مُعلمة وابنها الطبيب.. تفاصيل حكاية كتبت برصاص إسرائيل ...
- الأونروا: ما الذي سيتغير بعد تقرير الأمم المتحدة؟


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - مهند البراك - ربيع باليسان و الضربة الكيمياوية ! 1