أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي الذيب - فلسطين والنازية اليهودية - حلقة 6















المزيد.....

فلسطين والنازية اليهودية - حلقة 6


سامي الذيب
(Sami Aldeeb)


الحوار المتمدن-العدد: 6201 - 2019 / 4 / 14 - 09:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هذه هي الحلقة السلدسة من سلسلة مقالاتي عن فلسطين والنازية اليهودية
واصدر حلقاتي عن فلسطين والنازية اليهودية بالصوت والصورة
باللغة العربية والفرنسية في قناتي
https://www.youtube.com/user/samialdeeb/videos
ومن المنتظر ان تكون في 10 حلقات متتالية. فأرجو المتابعة والإشتراك في قناتي

واكرر هنا بأن عبارة اليهودية النازية ليست مني. فهي عبارة الفيلسوف الإسرائيلي اليهودي، استاذ في الجامعة العبرية في القدس، Yeshayahou Leibowitz يشعياهو ليبوفيتش، الذي توفى عام 1994، وكان ناقدًا شديدًا جدًا لسياسة اسرائيل التي وصفها بأنها يهودية نازية Judeo-Nazi

سوف نتكلم في هذه الحلقة عن طرد غير اليهود وتدمير قراهم وبيوتهم بعد عام 1967

1) طرد
-----
خلال حرب السّتَّة أيَّام، كانت الطّائرات الإسرائيليَّة تطير على ارتفاع منخفض فوق المُخيَّمات الثّلاث للاَّجئين في سهل أريحا، فتسبّبت بهروب 70000 لاجئ فلسطيني باتِّجاه الضّفَّة الأخرى من نهر الأردن. لكنْ بعد الحرب لم يُسمح لهم بالعودة.
ويجب الإضافة إلى أنَّ 140000 فلسطيني قد غادروا الأراضي المُحتلَّة عام 1967. وأسباب رحيلهم مُتعدِّدة. فبعضهم ذهب للالتحاق بأعضاء عائلاتهم الذين كانوا مُتواجدين على الضّفَّة الأخرى من نهر الأردن، وكانوا يخشون الافتراق عنهم. وبعضهم الآخر، على العكس، أُجبر على الرّحيل قَسْراً. ولا نعرف إلا القليل عن هذا الرّحيل. وقد صرح الرّئيس الإسرائيلي هيرتسوك، وكان وقتها حاكم الضّفَّة الغربيَّة، أن رحيل الفلسطينيِّيْن كان طوعيَّاً. وقد خالفه جندي إسرائيلي كان مرابضاً خلال أربعة أشهر على الحدود التي تجتاز جسر اللنّبي على نهر الأردن. كان عمله هو جمع تواقيع اللاَّجئين الذين كانوا يرحلون. فكان يأخذ إبهامهم، ويغطسه في الحبر، ويطبعه على الوثيقة التي تحوي بنداً فحواه أنَّ الموقِّع يغادر البلد طوعيَّاً، ويتنازل عن مواطنيَّته، وليس له أيّ مطالبة تجاه دولة إسرائيل. وكان كُلُّ يوم يصل عشرات الباصات. وقال الجندي إنَّه من بين المغادرين كان هناك بالتّأكيد مَنْ كان يغادر طوعاً، لكنَّه أضاف أنَّ قسماً كبيراً كانوا مطرودين وكان عليهم أنْ يُوقِّعوا أنَّهم مغادرون طوعاً. أمَّا الذين كانوا يرفضون المغادرة، فقد كانوا يُجرّون خارج الباصات بضربات أخمص البندقيَّة وبلكمات الأيدي ويجبرون على بصم وثيقة الخروج. وعندما كان أحدهم يرفض أنْ يعطي يده لكي يُوقِّع، تأتي عصابة من حُرَّاس الحدود وفصائل المظلِّيِّيْن، ويبدأون بضربه. عندها يأخذ الجندي إصبعه بالقُوَّة ويغطسه بالحبر، ويجعله يبصم.

ومن بين الإجراءات الإسرائيلية لتفريغ البلد من سُكَّانه غير اليهود ترحيل نساء بدون هويَّات عسكريَّة إسرائيلية، مُتزوِّجات من فلسطينيِّيْن من الأراضي المُحتلَّة. وغالباً ما تكون النّساء قد وُلدنَ في الضّفَّة الغربيَّة، لكنَّهنَّ لم تَكُنَّ موجودات عندما احتلَّتها إسرائيل عام 1967. فَهُنَّ إذن لم يُحصَينَ من قِبَلِ السّلطات الإسرائيليَّة. وبعد ذلك كانت تعود بعض من تلك النّساء إلى قراهن الأصليَّة حين يتزوَّجن أبناء عمومتهنَّ حسب التّقاليد. إلا أن إسرائيل لا تَعُدّهنَّ إلا كزائرات عاديَّات بموجب إذن إقامة مُدَّته ثلاثة أشهر يُحصل عليه بعد دَفْع مبلغ معلوم. وفي أثناء ذلك تتَّخذ النّساء خطوات من أجل لَمِّ شمل العائلة، لكنَّ قليلاً منهنَّ يحصل على لم الشمل للبقاء مع أزواجهنَّ. وبعد الإخفاق الأوَّلي تحاول النّساء البقاء في البلد مُتأمِّلات الحصول على لم شمل العائلة لاحقاً. وتَعُدُّ إسرائيل مثل هذه الإقامة غير شرعيَّة. فَتُرحَّل النّساء مع أولادهنَّ، مُفرِّقة بذلك أعضاء العائلة الواحدة ذاتها. وهذا يحدث غالباً في الليل. فيُفرض مَنْع التّجوُّل وإطفاء الأنوار على القرية، ويحضر الجيش ويعطي المرأة عشر دقائق كي تُجَهَّز للرّحيل مع أولادها. ويُفرض عليها غرامة كبيرة بسبب الإقامة غير الشّرعيَّة. فتصل على جسر اللنّبي ليلاً حيث تنتظر حتَّى الصّباح لكي تمرَّ إلى الضّفَّة الأخرى من نهر الأردن.

ومع أنَّ الرَّقْم الدّقيق للطّلبات المرفوضة منذ 1967، هو رَقْم مجهول، فهناك إحصائيَّات من عام 1990، صدرت عن وزارة الدّفاع تشير إلى أنَّ على الأقلّ 64000 طلباً للجَمْع العائلي قد رُفضوا. وحسب مصادر مختلفة قد طال التّرحيل حوالي 200000 امرأة فلسطينيَّة مع أولادهنَّ.

2) تدمير
------
بعد حرب 1967، عملت إسرائيل على تدمير قرى غير يهوديَّة، لكنْ بعدد أقلّ ممَّا فعلته عند تأسيسها.
ففي منطقة اللطرون، أُجبر سُكَّان بيت نوبا ويالو وعمواس على مغادرة قراهم قبل أنْ تسحق الجرّافات المنازل كُلَّها. أمَّا العجائز والمرضى الذين لم يستطيعوا المغادرة فقد قُتلوا أحياء تحت أنقاض بيوتهم. وسُلِّمت أراضيهم وآلاتهم الزّراعيَّة إلى الكيبوتزات المجاورة. وفي مكان هذه القرى زرعت إسرائيل غابة أسمَتْها منتزه كندا من أجل المُتنزِّهين، ومُوِّلت من كرم الاتِّحاد اليهودي الكندي. كَلَّف هذا المنتزه 15000000 دولار حسب البيان الذي يُوزَّع على الزّائرين. أمَّا بالنّسبة للسُّكَّان فلا يُسمح لهم بدفن أمواتهم بالقرب من أجدادهم. بعضهم اتَّخذ درب المنفى باتِّجاه الأردن، وآخرون وُضعوا في مُخيَّمات اللاَّجئين.

هذا ويجد القارئ في آخر الكتاب ثلاث صور لقرية عمواس قبل وبعد الهدم أخذها المرحوم الكاهن الفرنسي بيير ميديبييل من الإكليريكية اللاتينية في بيت جالا. كما يجد على الأنتيرنيت صور للجرّافات الإسرائيلية وهي تهدم البيوت وصور أخرى لأهل عمواس وهم يتركون بيوتهم. وقد أخذ هذه الصور جندي إسرائيلي شارك في العركة اسمه جوزيف عونان يسكن في كيبوتز قرب عمواس.

ولا تزال إسرائيل اليوم مُستمرَّة بسياستها في تدمير بيوت الفلسطينيِّيْن. وقد خصّصت "لجنة العدل والسلام" في القدس نشرتها في تموز 1989، لهذا الإجراء العقابي. ونورد هنا بعض المقتطفات من هذه النشرة:
بين 9 كانون الأوَّل عام 1987، (بداية الانتفاضة) و31 أيار 1989، يجد في مناطق فلسطين المحتلة ( الضفة الغربية وقطاع غزة )، ما يقارب 8000 شخص أنفسهم بغير مأوى نتيجة لهدم منازلهم أو إغلاقها. وهذه من أقسى الإجراءات التي يتخذها جيش الاحتلال الإسرائيلي كي يضع حدا للانتفاضة الفلسطينية.

وهذه هي الحجج التي تتذرع بها السلطات الإسرائيلية:
1) إن الحجّة الأولى لتبرير هذه الممارسة هي "الأسباب الأمنية". ولقد هدم استنادا إلى هذه الحجّة ما لا يقل عن 199 بيتا، وهذا ما يساوي 28% من الحالات المسجلة من بداية الانتفاضة.
و قد لغمت هذه البيوت أو هدمت بالآليات لان احد الساكنين فيها اتهم أو اشتبه بأنه ألقى قنبلة مولو توف – أو حجرا فقط في بعض الأحيان حتى في حالات لم ينجم عنها أية ضحايا أو أضرار مادية. ولقد هدمت بيوت في بعض الأحيان لا لسبب إلا لان زجاجة حارقة ألقيت بالقرب منها على سيارة عسكرية من غير أن يكون لأصحابها أو للساكنين فيها أية علاقة بالحادث. ولقد نسفت بيوت أخرى لان احد الساكنين فيها اتهم "بالتحريض" من غير أن يحدد مضمون هذا الاتهام تحديدا واضحا. وفي بعض الحالات نفذت بعض عمليات الهدم من غير أن يوقف المتهمون أو بالاحرى من يعتبرون كذلك أو كوسيلة ضغط على العائلات لإرغامها على الإبلاغ عن احد أفرادها الفارين. وفي كثير من الحالات أعطيت أوامر الهدم قبل أن يوجه أي اتهام للمشبوه بهم، لا بل قبل محاكمتهم. وإن مثل هذه الأوامر تنفذ بسرعة للحيلولة دون أي استئناف محتمل. وان هذه السرعة أدت بالفعل إلى ارتكاب عدة "أخطاء" لا يمكن تعويضها.
إن أكثر الحالات وضوحا هي حالة حمد بني شمس من قرية بيتا، وهي القرية التي قتلت فيها فتاة من مستعمرة أيلون مورية برصاصة بندقية احد الحراس الإسرائيليين في السادس من نيسان 1988 أثناء مواجهة بين مجموعة من المتجولين الإسرائيليين القادمين من المستعمرة وسكان القرية. لقد اتهم الرجل وسجن بالرغم من احتجاجاته على انه بريء وقضى في السجن 14 شهرا قبل أن تقبل المحكمة إثبات التغيب عن مكان الحادث الذي قدمه مستخدمه اليهودي والذي أكد أن المتهم كان في مكان عمله لديه عند وقوع الحادث ولقد أخرج أخير من السجن في حزيران 1989 ليجد عند عودته إلى زوجته وابنيه أن بيته نسف حالا بعد الحادث أسوة باثني عشر بيتا من القرية نفسها. من يستطيع أن يعوض وكيف يمكن أن تعوّض مظالم وألام من هذا النوع؟

2) إن الحجة التي كثيرا ما تتذرع بها السلطات الإسرائيلية لتبرير هدم المنازل هي عدم وجود رخصة بناء. في الثمانية عشر شهرا المذكورة لقي 479 بيتا هذا المصير وهذا ما يساوي 67% من الحالات المسجلة.
إن الازدياد الكبير لعدد البيوت التي هدمت بحجة بنائها من غير ترخيص يتسم، قبل كل شيء بالطابع السياسي. لنأخذ على سبيل المثال حالة عبد العزيز شحاتيت من خرسا (منطقة الخليل). إن المذكور هو عامل بناء يناهز عمره الثلاثين، ويعمل مع شركة بناء إسرائيلية في بئر السبع. بعد أن حصل على رخصة بناء لنفسه سنة 1983 راح عبد العزيز وهو أب لخمسة أولاد، يبني بيتا عائليا أثناء عطله فاستغرق البناء خمس سنوات وفي تموز 1987 تلقى رسالة من قسم التخطيط في الخليل بواسطة احد المستوطنين الإسرائيليين واسمه ماركوس، من المستعمرة المجاورة، تأمره بوقف البناء بحجة انه يقع ضمن محيط الأمن لهذه المستعمرة. فاستأنف لدى الإدارة المدنية الإسرائيلية في رام الله التي عينت له محاميا. بعد سنة من الإجراءات حصل المحامي على رفع القضية إلى محكمة العدل العليا. ومع ذلك فقد نسف بيته دون انتظار بدء الدعوى. وفي الخامس والعشرين من نيسان 1988 دفن عمله الذي استغرق خمس سنوات، في 15 دقيقة.
إن التهديد بهدم البيوت غير المرخصة يلّوح به بسهولة لتخويف أو لمعاقبة القرى الملتزمة بالانتفاضة التزاما نشطا. ففي قرية أدنا، في منطقة الخليل – و هي قرية نشطة سياسيا هددت السلطات الإسرائيلية "بكسرها" – تلقت 112 عائلة في أيار 1988 إشعارا بأن بيوتها ستهدم لأنها بنيت "من غير ترخي"

3) أخيرا، هدمت 5% من البيوت "لأسباب غير معينة".
كل هذا يؤدي إلى مجموع 706 بيت هدم و55 بيت شمع أو أغلق ما بين 9 كانون الأول 1987 و31 أيار 1989. بالإضافة إلى ذلك يجب ذكر أكثر من 45 منزلا هدمت بسبب وجودها بالقرب من المنازل المنسوفة.
ويستمرُّ التّدمير دون انقطاع. فحتّى 30 حزيران 1991، دمَّرت السّلطات الإسرائيليَّة بشكل كامل 467 منزلاً أو مبنى فلسطينيَّاً لدواعٍ أمنيَّة، وذلك جزئيَّاً أو بشكل كامل، وسدَّت 323 آخرين، ونسفت بالدِّيناميت 1108؛ لأنَّها كانت غير قانونيَّة.
ومنذ بداية الانتفاضة الثانية حتى شباط 2002 تم هدم 720 بيت وإلحاق الضرر في 11553 بيت وقد تضرر من هذا الهدم 73600 شخص منذ الانتفاضة الثانية حتى شباط 2003 . كما تم وقلع 34606 شجرة زيتون وأشجار مثمرة أخرى
وخلال الاجتياح الإسرائيلي في شهري آذار ونيسان 2002 تم هدم 881 بيت في المخيّمات وإلحاق الضرر في 2883 بيت وقد تضرر من هذا الهدم 22500 شخص.

وقد جاء في التقرير السنوي الثامن من الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن لعام 2002:
لقد بالغت قوات الاحتلال خلال عام 2002 في تدمير الممتلكات الفلسطينية، الخاصة والعامة. فقامت بإلحاق الأضرار بما لا يقل عن 2000 وحدة سكنية، هدم منها بشكل كلي أكثر من 900 وحدة. كما هدمت قوات الاحتلال 80 منزلاً تملكها عائلات أشخاص قاموا بتنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية أو مطلوبين لقوات الاحتلال. واقتحمت قوات الاحتلال أيضاً أغلب مباني وزارات ومؤسسات السلطة الفلسطينية. فتم خلع أبواب البنايات وتخريب وسرقة محتوياتها. وطال الإعتداء أيضاً مؤسسات المجتمع المدني، التي تعرضت بدورها للاقتحام. كما الحق سير الدبابات والمدرعات على الشوارع والأرصفة أضراراً كبيرة بالبنية التحتية. وتم تدمير آلاف السيارات العامة والخاصة. واستهدف القصف الإسرائيلي المصانع والمنشآت الحرفية، بالإضافة إلى المحلات التجارية. كما دمّر القصف مقرات الأجهزة الأمنية الفلسطينية، بما فيها مقرات الرئاسة، الشرطة، القوات الـ 17 (أمن الرئاسة)، الشرطة البحرية، الأمن الوطني، المخابرات العامة، الأمن الوقائي، والسجون ومراكز التوقيف.

3) مُخطَّط للتّرحيل العامّ
----------------
ترتفع الآن أصوات عديدة في إسرائيل مطالبة بطرد الفلسطينيِّيْن كُلِّهم من الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967. كانت هذه الأفكار قد تطوَّرت سابقاً في صحيفة "دافار" في 29 أيلول 1967، من قِبَلِ "جوزيف فايتس" نائب رئيس مجلس إدارة الصّندوق القومي اليهودي من عام 1951 إلى عام 1973. بالنّسبة له تتألَّف دولة إسرائيل أيضاً من الضّفَّة الغربيَّة وقطاع غزَّة وسيناء ومرتفعات الجولان، ويجب هذه أنْ تبقى دولة يهوديَّة مع أقلِّيَّة بسيطة غير يهوديَّة لا تتجاوز الـ 15%. وأضاف:
بصريح العبارة، يجب أنْ نكون واضحين، إنَّه لا يوجد مكان في البلد لشعبَيْن معاً. فمع العرب لا يمكن لنا أنْ نبلغ هدفنا بأنْ نكون شعباً مُستقلاً في هذا البلد. الحلُّ الوحيد هو أن تكون أرض إسرائيل بدون عرب، على الأقلّ في القسم الغربي من أرض إسرائيل. ولا يوجد وسائل أخرى إلا ترحيل العرب من هنا إلى البلاد المجاورة، ترحيلهم كُلّهم، جميعاً دون أنْ نترك قرية واحدة أو عشيرة واحدة. والتّرحيل يجب أنْ يتمَّ به نحو العراق وسوريَّا وشرق الأردن. ومن أجل هذا الهدف يجب إيجاد المال، كثير من المال. وبمثل هذا التّرحيل فقط يمكن للبلد أنْ يستوعب ملايين من إخواننا اليهود. لا يوجد بديل آخر.

لدى يوسف فايتس تسلسل في الأفكار. فهو منذ أيلول 1948، كان يعلن أنَّه يجب التحرش باستمرار باللاَّجئين الفلسطينيِّيْن حتَّى يتم إبعادهم أكثر ما يمكن عن أراضيهم.
وفي اجتماع أُقيم في تلِّ أبيب في شباط عام 1988، اقترح الجنرال الإسرائيلي زئيفي لحلِّ قضيَّة فلسطينيِّي الأراضي المُحتلَّة بترحيلهم إلى البلاد العربيَّة المجاورة مُؤكِّداً أنَّه لا يوجد حلٌّ أعدل وأكثر إنسانيَّة من هذا الحلِّ. وقد كَرَّرَ هذا الجنرال مقترحاته عبر الإذاعة الإسرائيليَّة في 28 حزيران 1988. لكنَّه لم يقل كيف ينوي إجراء ذلك إذا رفض الفلسطينيُّون مغادرة بلدهم. كما أنَّه لم يقل أيضاً ما هو الجُرْم الذي ارتكبه هؤلاء الفلسطينيُّون حتَّى يُرحَّلوا من بلدهم الأصلي، كما أنَّه لم يقل ماذا ينوي فعله بأراضيهم وأموالهم. وقد أغتيل زئيفي في 17 تشرين الأول 2001 عندما كان يشغل منصب وزير في حكومة شارون. وما زال حزب "موليديت" الذي أسسه هذا الجنرال يدرج ـ وبوضوح ـ في برنامجه السّياسي ضرورة ترحيل الفلسطينيِّيْن كُلِّهم الذين يعيشون في الضّفَّة الغربيَّة وغزَّة إلى البلاد العربيَّة.

وقد تناقلت الأخبار أن لدى مصر تقارير عن تخطيط المسؤولين الإسرائيليِّيْن لتنشيط وتشجيع العمل اليهودي المُتطرِّف ضدّ الفلسطينيِّيْن في الضّفَّة الغربيَّة وغزَّة. وقد اجتمع رئيس الوزراء شامير ووزير الدّفاع رابين مع قادة وجنود مُنظَّمات مثل كاخ، وغوش أمونيم، وأبناء اليهوديَّة، ومجموعة غاد، ومجموعة عنف ضدّ عنف. وقد ناقشوا مُخطَّطات عمل لتخويف الفلسطينيِّيْن وترهيبهم. وقد حصلت هذه المجموعات على ضمانات من جهة السّلطات بأنَّها لن تُلاحَق، حتَّى لو استخدمت العنف لإتمام مهمَّتها. فالموضوع إذاً هو تكرار الاتِّفاق المُبرَم عام 1948، بين مجموعة الإرغون الإرهابية والوكالة اليهوديَّة بغية طَرْد الفلسطينيِّيْن. هذا يُفسِّر كيف أنَّ المستوطنين الإسرائيليِّيْن يقتلون ويجرحون الفلسطينيِّيْن بأسلحة ناريَّة وضعت تحت تصرُّفهم من قِبَلِ الجيش الإسرائيلي.

وتتزايد المخاوف من قيام إسرائيل بطرد العرب من الضفة الغربية يوماً بعد يوم. فسياسة هدم البيوت وقلع الأشجار وتجريف الأرض وتوسيع المستعمرات الموجودة حالياً وبناء مستعمرات جديدة لليهود في الضفة وقطاع غزّة ما هو إلا خطوات تحضيرية تكاد تكون يومية الهدف منها تفهيم غير اليهود بأن لا مكان لهم في هذا البلد وأن عليهم عاجلاً أم أجلاً الرحيل عنها. فنحن إذن على مشارف نكبة جديدة للشعب الفلسطيني. وفي غياب أي رادع عربي ودولي يصد إسرائيل عن تنفيذ سياسة الطرد وبفضل الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري الذي تؤمِّنه لها الولايات المتحدة، فلا أحد يعرف إلى أي مدى سوف تذهب إسرائيل في سياسة تفريغ فلسطين من غير اليهود.

هذا ومخطط الترحيل لا يخص فقط الفلسطينيين من الضفة والقطاع بل قد يطول أيضاً عرب إسرائيل الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية. فقد قال الوزير افيقدور ليبرمان في كانون الأول 2001 في التلفزيون الإسرائيلي أنه يجب عدم تجاهل الحقيقة التي تكمن في كون عرب إسرائيل يشكلون المشكلة رقم 1 في إسرائيل. وقد طالب بترحيل كل مواطن عربي من إسرائيل إذا ما اعتبر نفسه فلسطينياً. وأضاف أنه لا يعتبرهم مواطنين إسرائيليين. وقد شبّه الجنرال الإسرائيلي العرب في إسرائيل بالسرطان وقنبلة موقوته وتهديد لوجود إسرائيل. وفي 18 كانون الثاني 2001 نشرت صحيفة ههاريتس مقالاً يطالب بخصي عرب إسرائيل وتقديم مبلغ من المال لكل شاب عربي يقبل أن يخصى. كما يطالب بخصي كل موقوف فلسطيني من قِبَل الجيش الإسرائيلي وذلك لجبرهم على الرحيل من وطنهم. ويقترح على الحكومة تطبق سياسة تحديد نسل العرب بطفل واحد كما تفعل السلطات الصينية للحد من عددهم.
.
النبي د. سامي الذيب
مدير مركز القانون العربي والإسلامي http://www.sami-aldeeb.com
طبعتي العربية وترجمتي الفرنسية والإنكليزية والإيطالية للقرآن بالتسلسل التاريخي وكتابي الأخطاء اللغوية في القرآن وكتبي الأخرى: https://sami-aldeeb.com/livres-books
يمكنكم التبرع لدعم ابحاثي https://www.paypal.me/aldeeb



#سامي_الذيب (هاشتاغ)       Sami_Aldeeb#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يدعوني للإسلام مشكورا، وهذا ردي عليه
- فلسطين والنازية اليهودية - حلقة 5
- فلسطين والنازية اليهودية - حلقة 4
- فلسطين والنازية اليهودية - حلقة 3
- فلسطين والنازية اليهودية - حلقة 2
- فلسطين والنازية اليهودية - حلقة 1
- ماذا يعتقد سامي الذيب؟
- معلومات خطيرة عن الجزائر: عائلة يهودية وراء ما يجري؟
- سبب المسبات في التعليقات - وسبب شربي الخمر
- الجزائر: إحذروا الفتنة
- مقابلة مع صحفية عن الجزائر: وضع دستور جديد أهم من تغيير الرئ ...
- هناك مؤامرة على الجزائر
- خرافات الإعجاز في القرآن
- إلى اخوتي الجزائريين: لا يلسع المؤمن من جحر افعى مرتين
- حوار مع منكر لحد الردة في الإسلام
- ما هو الحل لمأساة غزة؟
- حوار مع مسلمة حول شريط للشعراوي بقتل تارك الصلاة
- سؤال من فلسطيني من إسرائيل: هل نحن عرب؟
- نافذة أمل ... ونقاش مع متصهين
- سامي الذيب - انا أفضل من إمام. أنا نبي


المزيد.....




- -التعاون الإسلامي- يعلق على فيتو أمريكا و-فشل- مجلس الأمن تج ...
- خريطة لموقع مدينة أصفهان الإيرانية بعد الهجوم الإسرائيلي
- باكستان تنتقد قرار مجلس الأمن الدولي حول فلسطين والفيتو الأم ...
- السفارة الروسية تصدر بيانا حول الوضع في إيران
- إيران تتعرض لهجوم بالمسّيرات يُرَجح أن إسرائيل نفذته ردًا عل ...
- أضواء الشفق القطبي تتلألأ في سماء بركان آيسلندا الثائر
- وزراء خارجية مجموعة الـ 7 يناقشون الضربة الإسرائيلية على إير ...
- -خطر وبائي-.. اكتشاف سلالة متحورة من جدري القرود
- مدفيديف لا يستبعد أن يكون الغرب قد قرر -تحييد- زيلينسكي
- -دولاراتنا تفجر دولاراتنا الأخرى-.. ماسك يعلق بسخرية على اله ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي الذيب - فلسطين والنازية اليهودية - حلقة 6