أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سلمان رشيد محمد الهلالي - الانتفاضة الشعبانية في العراق عام 1991 (القسم الثاني)(مقاربات عامة وشبهات)















المزيد.....



الانتفاضة الشعبانية في العراق عام 1991 (القسم الثاني)(مقاربات عامة وشبهات)


سلمان رشيد محمد الهلالي

الحوار المتمدن-العدد: 6198 - 2019 / 4 / 11 - 21:17
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الانتفاضة الشعبانية في العراق عام 1991 (القسم الثاني)(مقاربات عامة وشبهات)
(عند الثورة الفرنسية كادت النجوم في السماء ان تنزل الى الارض) هيغل
(عند الانتفاضة الشعبانية كادت النجوم في السماء ان تنزل الى الارض) الدكتور سلمان الهلالي
تعرضت الانتفاضة الشعبانية المجيدة في العراق عام 1991 ضد النظام البعثي الديكتاتوري الى حملات لاحصر لها من الشبهات والاشكالات والاتهامات , وهذه الاشكالات والاتهمات لم تاتي من الكتاب البعثيون والطائفيون والماجورين العرب فحسب , بل جاءت للاسف حتى من المثقفين والكتاب الشيعة المخصيين الذين اثاروا عن الانتفاضة شبهات , الظاهر منها هو النقد والتحليل والتقويم , ولكن الواقع هو الاحساس بالعجز والجبن امام الانتفاضة وعدم المساهمة بها من جانب , وجراتها على الاب الميت من جانب اخر . واما اهم المقاربات والاشكالات التاريخية والاجتماعية والسياسية العامة التي اثيرت حول الانتفاضة والتي سندرجها خدمة للمؤرخين والباحثين الاكاديميين فهى :
اولا : اطلق النظام البعثي الحاكم تسمية صفحة الغدر والخيانة على الانتفاضة الشعبانية على اعتبار انها حصلت في الوقت الذي كانت السلطة في حالة حرب مع التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة , وان من المفترض ان لاينتفض الشعب العراقي في تلك المرحلة ضد حكومته الديكتاتورية ويقف معها في حربها ومحنتها التي وضعت نفسها فيها. وكالعادة فقد جارها بهذا الراي الغريب ليس الاعلاميين والكتاب البعثيون والطائفيون السنة فحسب , وانما حتى بعض المثقفين الشيعة المخصيين المتضررين اصلا من هذا النظام الاستبدادي , لاسباب تتعلق بطبيعة الترويض والتدجين الذي تعرضوا له تاريخيا وثقافيا على ايدي تلك السلطات والخضوع لتوجهاتها السياسية والاعلامية . ويمكن الرد على هذا الراي بالنقاط الاتية :
1 . ان اغلب الثورات في العالم حصلت اثناء ضعف السلطة الحاكمة او انشغالها بالحروب والتمردات والفتن والمشاكل الداخلية او الخارجية , وكما قال لينين (ان الثورات تحصل في البنى الضعيفة) . وابلغ دليل عندنا الثورة الفرنسية عام 1789 التي حصلت ابان حكم الملك المستضعف لويس السادس عشر , فيما لم تحصل تلك الثورة ابان حكم الملك لويس الرابع عشر الذي كانت الاوضاع في عهده مثالا للسوء والاستبداد والحرمان . والثورة البلشفية الشيوعية بقيادة الزعيم فلاديمير ايليتش اليانوف (لينين) التي حصلت عام 1917 ابان انشغال روسيا في الحرب العالمية الاولى (1914-1918) ضد دول المحور وعلى راسها المانيا . وربما تكون الثورة الايرانية عام 1979 هى الاستثناء ولكنها – مع ذلك - قد حصلت ابان الاصلاحات والانفتاح الذي قام به الشاه رضا بهلوي في منتصف السبعينات .
2 . ان الحرب التي افتعلها نظام صدام حسين مع التحالف الدولي بسبب احتلاله دولة الكويت عام 1990 لم تكن حربا عادلة او دفاعية او وطنية حتى يتضامن معها ابناء البلد وعامة الناس , وانما كانت حربا قذرة لاناقة للعراقيين فيها او جمل , ومغامرة غبية غير محسوبة العواقب , تشبة الحرب الغبية التي شنها على ايران سابقا , دفع ثمنها المدنيون غاليا من دماء ابنائهم وارواحهم وممتلكاتهم ومصير بلدهم . وبالتالي فان الانتفاضة هى رد فعل قانوني وشرعي وعقلاني ضد هذه الحرب العدوانية والاجرامية التي سببها النظام الصدامي , وليس عملا غادرا او جبانا , كما صور ذلك اعلام السلطة البعثية الحاكمة واتباعها وكتابها الماجورين .
3 . ان العلاقة بين اغلبية الشعب العراقي (وخاصة الشيعة والكورد) والنظام البعثي الصدامي الديكتاتوري الحاكم لم تكن علاقة ودية او ايجابية حتى نقول ان الشعب غدر بالسلطة والحكومة القائمة , بل العكس , كانت العلاقة حذرة ومازومة وفيها الكثير من التوتر والكراهية والحقد بين الطرفين , بل والتربص بالاخر واستغلال الفرص لقمعه وتركيعه , سواء اكان من جانب السلطة او الشعب . كما ان الشيعة والكورد تعرضوا خلال العقد الثمانينات الماضي الى حملات لاحصر لها من الابادة المنظمة والقمع والاعدامات والتهجير - ولاحاجة الى ذكر ضرب مدينة حلبجة الكوردية بالسلاح الكيمياوي وعمليات الانفال والاعدامات ضد الشيعة - لذا كان من الطبيعي ان احس الشيعة والكورد ان وقت المحاسبة والتحرر والقصاص قد حان اوانه .
ثانيا : ان العامل الخارجي الاول في افشال الانتفاضة الشعبانية والتحريض عليها واقناع الامريكان بالسماح لصدام حسين بقمعها وابادتها هى المملكة العربية السعودية , والسبب هو الغدة الطائفية الحقودة التي تحرك التوجهات السياسية والدينية للسعودية , وخوفا من تسلم الشيعة السلطة او الهيمنة عليها . وقد اعترف الجنرال الامريكي نورمان شوارتسكوف قائد قوات التحالف الدولي لتحرير الكويت بتحريض السعودية على افشال الانتفاضة في مذكراته (الامر لايحتاج الى بطل) بالقول : (عندما اعلن وقف اطلاق النار من واشنطن , كان ذلك نتيجة تدخل روسي بعد اعلان طارق عزيز من موسكو القبول بالشروط الامريكيه لوقف اطلاق النار ... ولكن المثير في الامر انه اتتنا الاوامر بتمديد اطلاق النار لمدة 24 ساعه لمنع وصول القوات العراقيه المنسحبه من الكويت , وكان ذلك على الطريق الواصله الى البصره , حيث ارتكبت مجزرة طريق الموت التي ذهب ضحيتها آلاف الجنود العراقيين الذين ضربوا باليورانيوم المنضب ... وعند اعتراضي على الامر , اجابني كولن باول (رئيس الاركان الامريكي) : ان هذا يخدم السياسه العليا للولايات المتحده ... وقد تبين لي فيما بعد انه تدخل سعودي للقضاء على القوات المنسحبه والتي تتألف معظمها من الشيعه لكي يتم منعهم من الانضمام الى الثوره الشيعيه التي كانت قد بدأت حينها ضد صدام ...) . وفي مفاوضات وقف اطلاق النار التي جرت في صفوان داخل الأراضي العراقية , وافق الجنرال شوارزكوف على طلب العراقيين السماح لمروحيات صدام بالتحليق في جنوب العراق نظرًا لتدمير العديد من الجسور , ولكن قوات صدام استغلت هذه الموافقة باستخدام المروحيات ضد المنتفضين. ولم تفرض الولايات المتحدة - ومعها بريطانيا وفرنسا - منطقة حظر جوي في جنوب العراق إلا في آب/اغسطس 1992، بعد اخماد الانتفاضة , والتي تم قمعها بدمويه كامله .... وللاسف اصبح المثل الانكليزي الشهير (الشيطان الذي تعرفه خيرا من الشيطان الذي لاتعرفه) يسمع باستمرار من الاذاعات الغربية للدلالة على تفضيلهم للشيطان صدام حسين على الشيطان الشيعي المرتقب .
ثالثا : اتهام الانتفاضة الشعبانية بالطائفية : وهى من اهم الاتهامات التي روج لها الاعلام العربي والبعثي الطائفي , على اعتبار ان الشيعة وحدهم من قام بالانتفاضة , وبما السنة لم يشاركوا فيها فان صفة الوطنية انعدمت منها . وهو بالطبع من اغرب الاراء والطروحات لاسباب عدة اهمها :
1 . ان انتظار السنة العرب للمشاركة بالانتفاضة هو شبيه بانتظار (غودو) في مسرحية (صموئيل بيكت) . فهم لايشاركون باي عمل احتجاجي وتمرد عسكري وشعبي ضد النظام السني الطائفي . فالمصلحة المذهبية العليا هى التي تحدد توجهاتهم وتحركاتهم وليس النزعة الانسانية او الوطنية , وهم قاعدة السلطة البعثية وسلاحها الضارب . وقد فصلت ذلك في مقالتي في موقع الحوار المتمدن (سنة العراق من فقه الطاعة الى فقه العصيان) . وبالتالي فان القول بان الانتفاضة ليست وطنية لان السنة لم يشاركوا بها , انما هو حكما ظالما ومجحفا , وقلب للمفاهيم وخلط للاوراق . فالشيعة والكورد الذين قاموا بالانتفاضة - ويشكلون اكثر من ثلاث ارباع المجتمع العراقي - يعطيها سمة الوطنية والمحلية , وليس بالضرورة مساهمة السنة حتى تحصل على صك الوطنية , كما يشترط ذلك عادة الكتاب الطائفيون والمثقفون الشيعة المخصيون .
2 . ان القول بطائفية الانتفاضة الشعبانية - لان الشيعة هم من قاموا - يحيلنا الى تلك الاطروحة الغريبة التي انتشرت بعد ثورات الربيع العربي عام 2011 وهى : ان من حق جميع الشعوب والمجتمعات والفئات ان تنتفض ضد الاستبداد والطغيان - كما في تونس ومصر وليبيا وسوريا - ولكن عندما انتفض البحرينيون واليمنيون الذين يشكل الشيعة النسبة الاكبر من عدد السكان , اتهموا بالطائفية والتبعية لايران , وكأن الشيعة في العالم العربي او الاسلامي لايحق لهم الانتفاض ضد التمييز والظلم والاستبداد – مثل سائر البشر- وانما يجب عليهم الخنوع والذل والاستسلام للسلطات الطائفية الغاشمة والرضوخ لها والركون اليها حتى يحصلوا على سمة الوطنية . والمفارقة ان هذا الامر سبق ان طرح خلال الانتفاضة الشعبانية المجيدة في العراق قبل عشرين عاما من ثورات الربيع العربي , وهو ان الشيعة لايحق لهم الانتفاض ضد الظلم والطغيان والابادة والحروب والفتن والحصار والطائفية والتهميش والقمع الذي عانوا منه ابان التسلط البعثي والقومي , والا فان صفة الوطنية سوف تنتفي منهم , وان تهمة الخيانة والغدر والشعوبية والعمالة سوف تلاحقهم في الاعلام العربي والطائفي ليل ونهار .
3 . استند الكتاب الطائفيون واتباعهم المخصيون في طائفية الانتفاضة الشعبانية الى الشعار الشيعي المعروف (ماكو ولي الا علي ونريد قائد جعفري) الذي رفعه بعض الثوار فيها , فيما هم تجاوزوا الشعارات الطائفية البغيضة التي كتبها نظام صدام حسين على دبابات الحرس الجمهوري التي قمعت الانتفاضة في الجنوب (لاشيعة بعد اليوم) . او شعار (لاشيعة ولاشروال) في الشمال . (والشروال للدلالة على الزي الكوردي المعروف) ويعنون به لاشيعة ولااكراد . بل ان هؤلاء الكتاب تجاوزوا الاستهداف والتحريض الطائفي الذي قامت به السلطة البعثية عندما استثارت المخيال السني ضد الشيعة , واعلنت النفير العام لابنائها من الجنود والضباط والعشائر - وحتى المدنيين – السنة ضد مااسمته الخطر الشيعي , فشكلت قوى عسكرية وميليشيات انضمت للقوات المسلحة النظامية من الحرس الجمهوري والحرس الخاص , ترجع في اصولها الطائفية والاجتماعية الى المحافظات السنية الثلاث (الموصل وصلاح الدين والانبار) , الذين قاموا باكبر عملية ابادة منظمة ضد الشيعة والكورد - ليس المنتفضين فحسب - بل حتى المدنيين من الشباب والنساء والاطفال الابرياء الذين قبض عليهم ابان قمع الانتفاضة , عثر على رفاتهم بعد سقوط النظام البعثي عام 2003 في مقابر جماعية , وصل عددها الى اكثر من (400) مقبرة جماعية في المحافظات الشيعية والكوردية .
في الواقع ان الشعار الذي كان يردده الشيعة في العراق ابان الاستبداد والتمييز الطائفي (ماكو ولي الا علي ونريد قائد جعفري) انما هو نتيجة لسياسية التهميش والاقصاء عن الادارة والحكم الذي قامت به السلطات المتعاقبة في الدولة العراقية منذ تاسيسها الاول عام 1921 وحتى سقوطها عام 2003 . فهذا الشعار يشكل رمزية طائفية اذا كان الشيعة في العراق اقلية عددية , وبما انهم يشكلون الاغلبية الاجتماعية في البلد , فمن الطبيعي ان يكون لهم احتجاجات ورمزيات وتصورات خاصة لمواجهة هذا الاقصاء والتهميش , قد تتمظهر من خلال شعارات او سرديات خاصة , او ميكانيزمات دفاعية لمقاومته واسقاطه . لذا فان الهجوم والنقد يجب ان يوجه للمسبب الاول في عملية الاقصاء والابعاد وليس الفئات التي تقاومه , بحسب القاعدة التي استخلصها ميشيل فوكو (ان كل سلطة تفرز مقاومة) . فضلا عن ذلك ان هذا الشعار يطالب ان يكون الحاكم من جنس المحكومين , وهو بالطبع المبدا الذي توصلت اليه الافكار والنظم الديمقراطية الحديثة . فالدول والحكومات الليبرالية والديمقراطية تعكس النمط الاجتماعي والديني - وحتى المذهبي - السائد عند الاغلبية في البلد (كما في امريكا حيث ان جميع الرؤساء من البروتستانت - عدا الرئيس جون كيندي) , واما اذا تسلم الرئاسة احدا من غير النسق الاجتماعي السائد من المهاجرين وغيرهم , فان ذلك الاستثناء وليس القاعدة . وربما يكمن الاعتراض ان هذا الشعار يطالب ضمنيا بحكم شيعي – ديني وليس شيعي ديمقراطي اجتماعي , على اعتبار ان ورود اسم الامام علي في مقدمته يعطي الدلالة الواضحة على ذلك . في الواقع ان هذا الشعار اذا كان القصد او الهدف منه المناداة بالدولة الاسلامية الشيعية , فانه لايشكل شعارا طائفيا ضد السنة فحسب , وانما يشكل شعارا قرو – سطيا وبدائيا واقصائيا ضد الليبراليين والعلمانيين الشيعة انفسهم , وتراجعا في الوعي السياسي والحرية والتنوير الذي ضحى من اجل الكثير من العراقيين , ولكنه في الواقع لايطالب بالدولة الدينية الاسلامية , لان مناسبة اطلاقه في الستينات لم تكن هذه المطالب والافكار قائمة او متداولة عند الشيعة ومراجعهم , وانما كانت تقتصر على المطالبات المساواتية والعدالة الاجتماعية والتعددية السياسية والحريات العامة .
وقد يطرح احدهم السؤال : اليس الاولى ان يطرح الشيعة في الانتفاضة الشعبانية الشعارات الوطنية بدل هذا الشعار الاشكالي ؟ في الواقع ان الشيعة - وبعد تاسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1921 قد تبنوا الفكرة الوطنية الجامعة وانضموا الى جميع التوجهات الليبرالية والماركسية والقومية العابرة للهويات التقليدية , وحملوا جميع التصورات الوطنية والحكومية باخلاص وتفاني, رغم معرفتهم بسياسة التمييز وواحساسهم بالتهميش الصريح عن الادارة والحكم . واستمروا على هذا الحال حتى انقلاب شباط 1963 الذي شكل حدثا مفصليا في تاريخ العراق الحديث , عندما بدات مرحلة جديدة من الطائفية العلنية , تمثلت بالاستهداف المادي والرمزي من قبل السلطات القومية (الناصرية والبعثية) الرسمية , حيث انبعثت المصطلحات التخوينية والاقصائية الصريحة مثل الشعوبية والشروكية والصفوية وغيرها ضد الاغلبية الشيعية , عندها اخذ التمركز الشيعي نحو الذات والهوية منحى اخر اكثر قوة ومقاومة , كان من ضمنها ظهور هذا الشعار الذي يطالب ان يكون الحاكم من جنس المحكومين (ماكو ولي الا علي ونريد قائد جعفري) . وقد يكون هذا الشعار رد فعل شعبي على اسقاط عبد الكريم قاسم الذي يعتبره المخيال الشعبي شيعيا , ومجاراة للشعار السائد في عهده (ماكو زعيم الا كريم) الذي كان يروج له الشيوعيون في العراق , واذا عرفنا ان اغلبية الشيوعيين انذاك من الشيعية لعرفنا فحوى هذا التخاطر والتطابق بين الاثنين , وربما تكون احدى الرويات التي تقول ان الشيوعيين الشيعة كانوا يهزجون (ماكو ولي الا علي وماكو زعيم الا كريم) - (ان صحت طبعا) - فانها تعطي دلالة ورمزية اكثر واقعية عن الموضوع وتطوره التاريخي .
تعرض هذا الشعار بعد السقوط عام 2003 الى حملة من السخرية والاستهزاء من قبل الاعلام الطائفي والبعثي من جانب , والكتاب والمعلقين الشيعة المخصيين بالفيس بوك وغيره من جانب اخر , على اعتبار ان الحكم بعد السقوط هو حكما شيعيا , وبما ان هذا الحكم ارتبط في الاعلام الطائفي والمخصي بالفساد ونقص الخدمات والتسيب الامني والاداري, فان المسبب له هو ذلك الشعار , وانه البقاء تحت الحكم الديكتاتوري والاستبدادي والطائفي افضل بكثير من هذا الحكم .
في الواقع بان كثير من الاختلالات والسلبيات والاشكالات قد صاحبت طبيعة الحكم في العراق بعد عام 2003 من حيث الفساد المالي والتسيب الامني والفوضى الادارية وانعدام الخدمات وغيرها , الا انه يمكن القول ان امام هذا القول اشكالات ومقاربات عدة اهمها :
1 . ان بعض هذه الامور هى طبيعية في عملية التحول المفصلي في البلاد من حكم ديكتاتوري مركزي وشمولي الى حكم ديمقراطي تعددي لامركزي . فالمجتمع العراقي اعتاد المسير والعمل الاداري والحكومي والتربوي والامني تحت العصا والضغط والعقوبات , وبما ان تلك السلوكيات الحكومية قد ضعفت – او حتى تلاشى بعضها – فان من الطبيعي ان يحصل تقصير عند فئات المجتمع العراقي وتسيب في الجهاز الاداري والحكومي .
2 . ان تلاشي الدولة العراقية السابقة التي اسسها الانكليز عام 1921 وتاسيس الدولة العراقية الجديدة من قبل الامريكان عام 2003 قد ادى الى فقدان الدولة للعصبة الاجتماعية والسياسية والحزبية التي تعتقد ان هذه الدولة دولتها , مما ادى الى تركيز السلبيات وعدم ترويج الايجابيات . وقد فصلت ذلك في مقالتي في موقع الحوار المتمدن (الدولة العراقية التي لاعصبة لها) .
3 . ان من الخطا والسذاجة والظلم اعتبار الحكم في العراق بعد 2003 شيعيا , بل هو حكما ديمقراطيا تعدديا لامركزيا يضم جميع اطياف المجتمع العراقي من الشيعة والسنة والكورد , وفي جميع السلطات التنفيذية والقضائية والتشريعية والهيئات المستقلة والقوات المسلحة والاجهزة الامنية , بل ويضم حتى الاقليات الدينية والاثنية الاخرى من التركمان والصابئة والكورد الفيلية والمسيحيين والايزيدية والشبك وغيرهم , وهى اوسع عملية تمثيل سياسي , ليس في تاريخ العراق فحسب , بل وحتى في تاريخ العالم العربي والاسلامي الحديث والمعاصر . والمفارقة ان الكثير من الذين يصفون الحكم شيعيا يرجعون وينتقدونه بسبب المحاصصة المذهبية والدينية , فكيف يكون شيعيا احاديا من جهه , ونظاما متعددا بحسب المحاصصة من جهة اخرى ؟؟!!
4 . ان سلبيات واختلالات العهد الجديد بعد 2003 يتحملها جميع الفرقاء والشركاء والتيارات والتوجهات السياسية والاجتماعية والمذهبية والدينية والعلمانية من الفساد والتسيب والفوضى , فلماذا يتم اقتصار الهجوم على الاحزاب والكتل الشيعية فقط ؟
5 . ان النقد الحقيقي الذي يوجه للنظام السياسي بعد 2003 هو التهرب من المسؤولية وعدم تصدي الطبقة السياسية للمهام الملقاة على عاتقها في ترسيخ الايجابيات التي برزت بعد السقوط من قبيل الحرية والديمقراطية والحريات العامة وتحسن مستوى المعيشة وغيرها , ومكافحة السلبيات من قبيل الارهاب والفوضى والفساد والتسيب وغيرها , اي عدم اعتبار انفسهم عصبة الدولة الاجتماعية والسياسية والحزبية , والانشغال بدلا من ذلك بالصراعات والمكاسب والمغانم .
6 . ان اعترافنا القاطع ان الكثير من الاختلالات والسلبيات قد صاحبت طبيعة نظام الحكم في العراق بعد 2003 واعترافنا ان الاغلبية الساحقة من السياسيين المتصدين للسلطة في هذه المرحلة من الشيعة والسنة والكورد وغيرهم من الاقليات الاخرى هم مجموعة من الحثالات والاوباش والفاسدين , سواء اكانوا في السلطتين التشريعية والتنفيذية ام في غيرها من الهيئات المستقلة , ولم يكونوا رجالا حقيقيين يتحملون عصبة الدولة ومسؤولياتها ومعالجة اختلالاتها وسلبياتها ومواجهة تحدياتها الاعلامية والامنية الاعرابية والخليجية , لايعني من جانب اخر عدم الاعتراف بان المجتمع العراقي - وخاصة الجنوبيين منهم والشيعة بعامة - لم يعيشوا التحول الايجابي والمفصلي في نمط الحياة العام في ظل هذا الحكم الديمقراطي التعددي (ولااقول الجعفري) الذي تبلور بفضل التحرير الامريكي من الطغمة البعثية الطائفية الحاكمة في نسيان عام 2003 . وهذا الامتياز لايقتصر على الحريات العامة والتعددية السياسية والديمقراطية الليبرالية والانعتاق من الديكتاتورية القومية والطائفية البغيضة والعنصرية التي حصل عليها (الصعاليك) من الجنوبيين والشيعة , لانها – بصراحة - لاتشكل قيمة رمزية ايجابية او هاجسا ملحا في نظامهم المعرفي والثقافي الذي تهيمن عليه القيم البدوية والريفية , وانما يشمل جميع المسارات المادية التي حصل عليها – ولاول مرة في تاريخهم – الصعاليك في الجنوب . فلم يتلاشى القمع والاستعباد والاذلال والخوف من الدولة الا في هذا الزمن , ولم يتلاشى الخصاء والتدجين والترويض عن المثقفين والمتعلمين الا في هذه الدولة , ولم يذق الصعاليك طعم الحرية والكرامة والديمقراطية الا في هذا الزمن , ولم يتسنم الصعاليك المناصب العليا في الدولة من قبيل رئيس الوزراء والوزراء واعضاء مجلس النواب واعضاء مجالس المحافظات ووكلاء الوزراء والمدراء العامون ورؤساء الجامعات والعمداء ورؤساء الاقسام والمحافظون والمستشارون والاركان والضباط والطيارون والمخابرات والامن والقضاة والمدعون العامون ومدراء الوحدات الادارية الاخرى والسفراء والقناصل الا في هذا الزمن , ولم يسكن الصعاليك في هكذا منازل مثل القصور والفلل , ولم يركبوا هكذا سيارات مكيفة من احدث الموديلات , ولم ياكلوا هكذا انواع من الاطعمة والفاكهة والخضر واللحوم وغيرها , ولم يحصلوا على هذا المقدار الكمي من الرواتب وهذا العدد من الذين يحصلون عليها , ولم يرتدوا احدث الموديلات والماركات من الالبسة الرجالية والنسائية , ولم يعرفوا الدولار او يروه باعينهم , ولم يناموا على التبريد والمكيفات , ولم يحصلوا في منازلهم على هذا النوع من الاثاث الراقي والحديث , ولم يسافروا للخارج للسياحة والعمرة والعلاج والدراسة وباعداد مليونية سنويا , ولم يحصل الصعاليك على الشهادات العليا والزمالات والبعثات , ولم يعش اهل الريف هذا النوع من المنازل والاثاث والملابس والرواتب والسفر للخارج , الا في هذا الزمن (الحكم الجعفري) كما يقولون .
ان الطبقة الوسطى (البرجوازية) التي تشكل اكثر من ثلاث ارباع المجتمع العراقي بعد عام 2003 تميزت بعدة خواص ايجابية لم تظهر في البرجوازيات السابقة اهمها :
الخاصية الاولى : انها اكثر البرجوازيات عددا في تاريخ العراق الحديث والمعاصر . حيث ذكرت تقارير حكومية ودولية ان عدد المستفيدين الذين يتلقون رواتب واعانات شهرية من الدولة وصل الى مايقارب السبعة مليون مستفيد في نهاية عام 2016 متوزعين تحت عناويين مختلفة بين موظف مدني وعسكري ومتقاعد مدني وعسكري ومؤسسة الشهداء ومؤسسة السجناء السياسيين وشبكة الرعاية الاجتماعية التي تشمل اعانات العاطلين والارامل والمطلقات والمعوقين وغيرها . وقد بلغت قيمة الرواتب التي يلزم على الدولة ان توفرها شهريا للموظفين والمستفيدين عامة هو (4) تريلون دينار عراقي , وهو مايقارب (3,5) مليار دولار, (40 مليار دولار سنويا) . واذا فرضنا ان كل مستفيد يعيل خمسة من افراد عائلته فان حاصل سبعة مليون مضروبا في خمسة يكون المجموع الكلي خمسة وثلاثين مليون مستفيد بصورة مباشرة او غير مباشرة من الدولة , وهو في الاجمال عدد السكان حاليا في العراق .
الخاصية الثانية : انها اكثر البرجوازيات (تبرجزا) ورفاهية وتماهيا مع السلوكيات المادية بالقياس الى البرجوازيات السابقة . وهذا يرجع الى الرواتب الكبيرة نسبيا التي يحصل عليها الموظفون وباقي المستفيدين من الدولة بصورة عامة , وهى الاعلى بتاريخ القطاع العام في العراق .
الخاصية الثالثة : تمدد البرجوازية الى الريف بعد ان كانت مقتصرة على اهل المدن او المتريفين المهاجرين للمدن . فالزائر الى الريف والقرى سابقا يجد انه يتنقل بين عالمين مختلفين (عالم العصور الحديثة وعالم العصور الوسطى) فرغم بؤس المدن وتريفها وتاخرها في العراق , الا انها كانت بالمقارنة بالريف والقرى احسن حالا بكثير من حيث المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي , فيما ان البؤس والشقاء والجوع والبطالة يضرب اطنابه في الريف والقرى العراقية . اذن نحن امام امتين مختلفتين – حسب تعبير لينين - وكان تمدد البرجوازيات السابقة الى الريف يتميز بالبطء الشديد جدا , وبقى محافظا على نمط (الغرب الوحشي) واسواره العالية , ولم تخلق البرجوازية بالتالي (عالما على صورتها) - كما قال البيان الشيوعي - وربما كانت القرى القريبة من المدن هى الاكثر تاثرا بالمظاهر البرجوازية , بسبب الاحتكاك والتاثر بالمجتمع المدني النسبي هناك , ووصول بعض الخدمات الحكومية اليها كالتعليم مثلا . الا انه وبعد عملية التغيير السياسي واسقاط النظام البعثي الحاكم , حصل تحول جذري في النمط المعيشي للريف العراقي , تمثل بتمدد الطبقة الوسطى اليها وانتشار مظاهر (التبرجز) فيها , وهى خاصية انفردت بها البرجوازية الاسلامية والديمقراطية الاخيرة , والسبب الاساس هو تضخم عدد الموظفين الذين يسكنون في الريف والقرى البعيدة في الدولة العراقية الجديدة بعد 2003 .
واما سبب عدم اعتراف اغلبية العراقيين من الصعاليك بهذه التحولات الايجابية فان الامر يرجع الى اسباب عدة اهمها :
1 . القيم البدوية والريفية التي يحملها العراقيون في سرائرهم وضمائرهم التي تعد الفقر والعوز والجوع والحرمان عيبا كبيرا واختلالا في الشخصية وعارا في التاريخ , لانه رديف النقص والذل . وهذا النمط الاجتماعي هو من غرائبيات المجتمع العراقي – وخاصة الجنوبي والشيعي – فرغم ان الفقر والعوز هو الثابت الوحيد في تاريخ العراق منذ ايام السومريين الذين اشاروا اليه بامثالهم الشعبية وحتى عام 2003 الا انه يعتبر مرحلة الفقر والعوز عارا ومنقصة يجب التبرء منها او اسدال الستار عن ذكرها , والسبب – كما ذكرنا – وبحسب منهجية الدكتور علي الوردي – هو القيم البدوية التي تشكل الجانب الاخر والمخفي – او الحقيقي - من شخصيته . وبما ان الاغلبية الساحقة والتي تشكل مايقارب 80% من اعداد المجتمع العراقي كانوا يعيشون تحت خط الفقر قبل التغيير عام 2003 فانهم سيتبرؤن حتما من ذلك الواقع اوتوماتيكيا , وينفون وجوده , ويعتبرون اوضاعهم الاقتصادية والمعيشية هى مثال الرفاه والبحبوحة , وان الاوضاع بعد هذا التاريخ لم تشكل اي تحسنا او تطورا , وربما يتجرأ البعض من المخصيين والجوعية بالقول ان الاوضاع المعيشية عند العراقيين كانت افضل بكثير , وذلك خلال من تصورات واساطير واكاذيب يعرفون جيدا عدم صحتها.
2 . ان الاغلبية الساحقة من الصعاليك لايقبلون الاعتراف بتلك التحولات الايجابية التي حصلت بعد 2003 ليس لانهم في الاساس لايريدوا الاعتراف بالفضل الذي قد تحصل عليه السلطات الحاكمة بسبب تلك التحولات الايجابية فحسب , وانما لانهم يعتقدون ان المكاسب والمغانم والرواتب الكبيرة التي حصلوا عليها , انما هى استحقاقهم الشخصي والوظيفي من النفط . وربما تكون مقولة عالم الاجتماع الالماني (ماكس فيبر) افضل وصف لهذه الحالة (ان المحظوظ نادرا مايرضى بحقيقة كونه محظوظ . بالاضافة الى ذلك , انه يحتاج الى ان يعرف ان لديه الحق بثروته الفائقة , ويريد ان يقنع الاخرين انه يستحق مايملك) .
3 . الجهل بالواقع الاقتصادي والسياسي والتحولات المعيشية التي انتابت تلك الطبقة الوسطى البرجوازية في العراق , والفشل في استحضار التاريخ الحديث والمعاصر , او القصور في اعتماد المنهج المقارن بموضوعية بين تلك المراحل .
4 . الايديولوجيا التي تمنع المثقف والمتعلم من رؤية الواقع كما هو , وتجعله يرى ذلك من خلال نافذتها فقط . فالايديولوجيا وجدان كاذب وحجاب عن الواقع – كما يقول ماركس – واذا كان علي الوردي يقول ان ثورة تموز 1958 قد حولت العراقي الى (حيوان سياسي) فانها من جانب اخر حولت الانسان العراقي الى (حيوان ايديولوجي) .
5 . السياسة او الغرض السياسي في الحكم والتقييم على مختلف التصورات الاجتماعية والمطارحات الاقتصادية . فلايوجد اليوم في العراق رايا او موقفا الا وطرح ضمن سياق حزبي او غرض سياسي محدد , هدفه اما الانتقاص من الحكومة والنيل منها , او امتداح النظام السياسي السابق وتبييض صفحته , دون الاعتبارات الذاتية والموضوعية والتاريخية التي يجب الاخذ بها في عملية التقييم او النقد .
6 . الانسياق والخضوع للاعلام العربي (الطائفي والعنصري) المعادي للعراق الجديد , الذي اطلق اكبر هيستريا من الاكاذيب والاساطير والتضليل حول الاوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في الداخل , وتهميش التحولات الايجابية واقصائها من الاعلام , وتضخيم السلبيات وابرازها للعلن . وبما ان العراقي قد عرف عنه الخضوع الكلي للاعلام والتماهي مع الخطاب العربي الذي يتلائم مع شخصيته المازومه وذاته المخصية , فانه حتما سيصدق مايذكره من اساطير وتهويلات وكانها حقائق مسلم بها لاتقبل الجدال والنقاش . عززها القصور الحكومي الواضح في الخدمات , والصراعات السياسية بين الاوباش والحثالات من الاحزاب الحاكمة .
7 . يمكن وصف المجتمع العراقي – بحسب منهجية هيغل ايضا – بانه هويته كانت على الدوام تندرج ضمن خانة (الوعي الدنيء) او (المتمرد والوضيع) الذي هو مظهرا للوعي الساخط الذي لا ينسجم مع ذاته مطلقا ، ولا يرضى عن وضعه القائم باي حال من الاحوال ، فاننا هنا ازاء (وعي سالب) يلقى كلا من السلطة والثروة بروح السخرية والاستهزاء ، لانه يضمر في طوايا شعوره احساسا دفينا بالثورة والتمرد . لذا فهو لم يستطع ان يحقق الهوية او التطابق ، بسبب الحركة المستمرة التي ملؤها التمزق والتناقض والتوتر . ولا حاجة الى القول ان الانتلجنسيا العراقية كان لها الدور الكبير في ترسيخ مفهوم (الوعي الدنيء) في المجتمع العراقي .
8 . ليس كل الناس تقدر الحرية او تقدس الكرامة . فكلنا يعلم ان جميع الصعاليك من الشيعة والجنوبيين كانوا يعيشون الذل والعبودية والانتهاك في شخصياتهم واحوالهم , بسبب طبيعة السلطات الديكتاتورية الطائفية الحاكمة , وان مجرد زوال تلك الانظمة بحد ذاتها - ودون اي تحسن اقتصادي وتحول ديمقراطي ايجابي - فهو مكسب كبير ومفصلي وتاريخي , الا ان سايكولوجية العبيد واستمراء الذل والعبودية للاسف هو المستحكم على ضمائرهم وسرائرهم .
9 . الظاهرة الجوعية وعدم القناعة تجعل الاغلبية من العراقيين في حالة من الاستنفار المادي والرغبة بالمزيد من الاموال والمغانم والمخصصات والعلوات والمكاسب من الدولة . والسبب هو طول عهود الجوع والحرمان والفقر التي تجعل الفرد في حالة من النهم والخزن والجمع المستمر والدائم من اجل سد ذلك الجوع الاسطوري القادم من خلف اسوار التاريخ في شخصيته . وكما يقال بالمثل الشعبي الدارج عندنا في وصف الانسان الفقير والمحروم ويتصرف بنهم وبخل شديد رغم تحسن اوضاعه المالية وزيادة رواتبه الشهرية (الجوع بعده بحلكة) .
10 . الذكريات اللاشعورية التي رافقت مراحل الحياة السابقة من عهود الاستبداد والديكتاتورية , وماصاحبها من الم وحرمان وفقر واذلال , تجعل الفرد العراقي في حالة من الهروب والتسامي او التجاوز عن تلك الذكريات , باعتبارها مرحلة ارتبطت بالعبودية والانتهاك والعار . فكان الحل الاوحد عند الصعاليك هو تناسي تلك المرحلة والعهود السالفة , واسدال الستار عنها سياسيا واقتصاديا ونفسيا من اجل ازالة التوتر والارتباك التي تصاحب ذكرها . وكان من اهم تلك الذكريات السلبية التي يجب التسامي عنها هو الجانب المعيشي والاقتصادي والفقر الذي – كما قلنا – يشكل الحيز المظلم والمؤلم من الذكريات اللاشعورية السلبية للصعاليك في المجتمع العراقي , فكان الحل النفسي لذالك الجانب الذي ترسب ضمن قاع اللاشعور هو تناسيه والتعمية عنه والتستر عليه واسدال الستار عنه كليا من التاريخ الشخصي والعائلي والعشائري . وبما ان الاغلبية من الصعاليك وجدوا انفسهم وقد حازوا الرواتب العالية والاموال السهلة , فقد عملوا جاهدين على اسدال الستار عن ذلك التاريخ , وربما قام بعضهم باعادة كتابة تاريخ اهله وعائلته وعشيرته واظهرهم - زورا وكذبا - بمظهر الاغنياء المترفين , وتحولوا بقدرة قادر الى برجوازيين اصلاء - بل وحتى الى ارستقراطيين نبلاء - وتقمصوا الدور جيدا من حيث السلوك والتصرفات .
وقد ينتقد احدهم اختيار كلمة الصعاليك لوصف اهل الجنوب والجماعة الشيعية في العراق . والجواب على ذلك ان هذا الوصف التهكمي هو للجماعة التي كانت تعيش العبودية والاذلال والانتهاك والحرمان والفقر , وينكرون ذلك كذبا وزورا . او الجماعة التي تريد تبييض صفحة الحكم الاستبدادي والديكتاتوري الطائفي الذي كانوا يعيشون في عهده نمط الاستعباد السياسي والثقافي والاقتصادي بدافع الخصاء والتدجين او نكاية بالعراق الجديد بعد 2003 او حقدا على المجتمع الشيعي في البلاد . وقد فصلنا هذا النمط في مقالنا (ظاهرة الحقد في المجتمع العراقي - القسم الثالث) . كما يجب الاعتراف ان المجتمع الجنوبي والشيعي في العراق كانت تنظر اليه السلطة البعثية الحاكمة , ليس كمجموعة من الصعاليك والخدم فحسب , بل والى مجموعة العملاء والخونة والكاولية , حتى ان رئيس الجمهورية صدام حسين نفسه وصفهم بالغجر والهنود في مقالات جريدة الثورة التي نشرها بعد قمع الانتفاضة الشعبانية عام 1991 . واختيار كلمة الصعاليك المعتدلة في هذه المقالة هو للتذكير بهذا التاريخ او الواقع الذي يريد البعض من الخصيان ليس نسيانه والتعمية عليه فحسب بل وانكار وجوده وتاثيره السلبي والكارثي على المجتمع العراقي .
وقد يذكر احدهم انك قد خالفت المالوف والسائد عند الناس في الترويج للظلامية والشكوى , والهجوم على الدولة , والبكاء على الاوضاع السياسية والاقتصادية والتربوية الرائجة عند اغلب العراقيين . واقول : اليس خصوصية المثقف الحقيقي والمتفرد التسامي عند السديم الثقافي والاعلامي السائد والقطيع الرائج عند الناس ؟ (فالاسمالك الميتة هى فقط من تنجرف مع التيار) واما الاسماك الحية فانها تواجه التيار الجارف وتذكر الحقائق كما هى , دون اعتبار للقطيع وانثيالاته الموتورة وانزياحاته العصابية وعقده النفسية واساطيره الببغائية . واذا كان الناس يرفضون الاعتراف بهذه التحولات الايجابية اليوم , فانهم سيذكرونها غدا عندما ينقشع الضباب وتبرز الرؤية وتتلاشى الايديولوجيا ويندثر الاعلام وتهدا الانفس , كحقائق تاريخية موضوعية تكون مرجعا للباحثين والمؤرخين . كما ان الاشكال في التحولات الايجابية السائدة , بانه لاتوجد عصبة للدولة حتى تذكرها وتعلنها امام الملا , وانما تستقصى من خلال دراسة التحولات الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد . وقد كتبت عن هذه التحولات دراسات عدة في موقع الحوار المتمدن اهمها (تطور الطبقة الوسطى البرجوازية في العراق خلال مائة وخمسون عام 1869 – 2019) . وكما قال الكاتب سليم الوردي (ان الارقام تستنطق ولاتنطق وحدها) , وبالتالي فلايوجد في العراق بعد 2003 من عصبة اجتماعية وسياسية وحزبية تقوم باستنطاق الارقام الكبيرة التي حصل عليها العراقيون . وكنت سابقا اعتقد انني الوحيد الذي تجرأ وذكر هذه الحقائق التي لايعترف بها اغلب العراقيين - ولاسيما الصعاليك منهم - ولكن ظهر لنا بالفيس بوك الاستاذ طالب الشطري المغترب في المانيا , والذي جاء للعراق زائرا ووجد هذه التحولات الايجابية والمفصلية في نمط الحياة عند اغلب العراقيين , وذكر ذلك في منشورات عدة , رغم تعرضه المستمر والدائم للنقد والسخرية والاستهزاء من القطيع الثقافي والسديم السياسي والايديولوجي في البلاد . ونقتبس هذا النص الذي ادرجه الشطري ويعبر اصدق تعبير عن تلك التحولات (لم يحصل في تاريخ العالم ان جاع شعب حد التضور وشبع حد التخمة بوقت قياسي - كما يحصل معنا في العراق بعد 2003 - مامن بيت الا وتجدد بناؤه , فيما تراصت القصور الجديدة , قصر على قصر من قصر شيرين حتى ام قصر , ومن قصر العاشق حتى قصر الاخيضر ...بيتنا فقط لايزال يشكل ثنائية الكوخ والقصر مع مايجاوره من قصور حولت الشطرة من ام البلوك الى ام القصور . ماعادت الثلاجة تسمى سلعة معمرة , ولا عادت الفواكه تاتي مع الخطار ومابقيت الثياب الجديدة تاتي مع العيد . ايه يابنات العراق...هذا اوان الهلاهل...هلهلن...هلهولة للاسلامي الخير . اول مرة في تاريخ العراق يتمكن المواطن من الذهاب للمعرض لشراء سيارة , بعد ان كان نايب ضابط جحيل يحصل السيارة لو قاتل لو مقتول . وبالنتيجة هي فولغسواغن صنع البرازيل , اذا ركبها حيا تجعله ميتا . فلوس فلوس فلوس...بكل مكان...تمطر فلوس على الشعب العراقي , ناس بالهند تشفط شحومها...وناس بايران تزغر خشومها...وناس تنفخ شفايفها بتركيا...وناس بمرابع لبنان وناس بشواطيء المغرب . العراقي كان يحلم يشوف الفاكس...وقوطية دهن المشك والفكس تعتبر رمز الترف . مركة هوا...وزوري...ومحروك اصبعه... وعرك وي الكصاب على الطحال...والكرشة والكراعين اللي يغوغي عليهن الذبان) .
رابعا : الاشكال التاريخي حول انطلاق الانتفاضة . حصل اشكال تاريخي لم يحسم حتى الان حول المكان الاول لانطلاق الانتفاضة الشعبانية المجيدة عام 1991 . او تحديدا في اي محافظة انطلقت الشرارة الاولى للانتفاضة ؟ ويمكن حصر الاراء حول ذلك في المحافظات الاتية :
1 . الراي الشائع عند الكتاب - ومن ينقل عنهم دون تمحيص او تاكيد - ان الانتفاضة بدات في البصرة , بحسب الاسطورة والقصة الشائعة عن الضابط المجهول الذي اطلق صاروخا على صورة كبيرة لصدام حسين في (ساحة سعد) ابان الهزيمة والانسحاب من الكويت . وهى - كما ذكرنا في القسم الاول - ان هذه الحادثة او الاسطورة لااصل لها او مصداقا موضوعيا لتاكيدها , فحتى الان لم يعلن هذا الضابط او الجندي مثلا عن اسمه , ولم نسمع احدا شاهد هذه الحادثة بعينه او عاصرها , او دونها في مذكراته او ادرجها في كتاب او مقالة . بل لم نرى احدا ذكر الحادثة من الكتاب , نقلا عن احد المعاصرين للحادثة كشاهد عيان . فليس من المعقول ان الجميع - ورغم مرور اكثر من ربع قرن - ملتزم بالصمت حيالها . فيما يذكر اخرون ان الانتفاضة بدات في البصرة فعلا , ولكن ليس من قبل ذلك الضابط المجهول واسطورة رمي صورة الديكتاتور صدام حسين بصاروخ من دبابته , وانما في منطقة (الحيانية) الشعبية يوم الثاني من اذار عام 1991 الساعة الرابعة فجرا , ثم انتشرت كالنار في الهشيم في باقي مناطق البصرة .
2 . الراي المؤكد والواقعي والموضوعي الذي يقول ان شرارة الانتفاضة الشعبانية قد اندلعت في محافظة الناصرية (ذي قار) , وتحديدا في الاقضية والنواحي الجنوبية الشرقية في منطقة الاهوار , مثل الجبايش والطار والعكيكة والفهود وسوق الشيوخ , ومن ثم تمددت الى مركز المحافظة والاقضية والنواحي في شمالها كالشطرة والنصر والرفاعي وقلعة سكر والفجر وغيرها .
3 . الراي الضعيف والمتفرد الذي يذكر ان الانتفاضة بدات في محافظة كربلاء ثم انتقلت الى النجف . وهذا الراي انفرد بذكره احد الكتاب الكربلائيين وادرجه في كتاب مطبوع . وهو طبعا راي غريب وشاذ لان كربلاء في الاصل لم تنفض الا بعد اسبوع من اندلاع الانتفاضة في الجنوب , بل ان الحرس الجمهوري الموالي للديكتاتور صدام حسين قد قمع الانتفاضة وسيطر على الكثير من مدن الجنوب وكربلاء والنجف لم تحصل فيهما اي تحركات شعبية او عسكرية .
4 . الراي الذي ادرجته السلطة البعثية الحاكمة من خلال كتابها (المنازلة الكبرى وقائدها المقدمات والوقائع) الذي صدر عام 1998 بقلم حميد سعيد وعبد الجبار محسن وعبد الامير معلة الذي ذكر فيه - مستندا الى تقرير مخابراتي امني - ان الانتفاضة الشعبانية او صفحة الغدر والخيانة بحسب تعبيرهم , قد اندلعت شرارتها الاولى في مدينة الحي في جنوب مدينة الكوت (محافظة واسط) من خلال افراد قدموا من اهوار ميسان القريبة من ايران . ويبدو ان النظام استغل المتخيل البعثي التاريخي ضد هذه المدينة المعروفة بتوجهاتها الشيوعية السابقة , حتى انه اشاع هذه العبارة عن مدينة الحي (ان الكوت محافظة بيضاء فيها نقطة سوداء) .
5 . الراي الذي يقول ان الانتفاضة قد اندلعت شرارتها الاولى في كردستان العراق من قبل الثوار الكورد , وهذا الراي ادرجه بعض الكتاب المتعصبين من الكورد , وليس الباحثين المحايدين , الذين يؤكدون اسبقية محافظات الجنوب في الثورة والانتفاضة ضد النظام البعثي الديكتاتوري عام 1991 .
خامسا . الاشكال التاريخي حول اي المحافظات والمدن التي واجهت القوات الموالية للنظام البعثي بقوة ومطاولة كبيرة ابان قمع الانتفاضة من قبل الحرس الجمهوري . في الواقع لانستطيع ان نخرج برؤية مؤكدة حول ذلك , ولكن من خلال الاطلاع واستقصاء المعلومات وجدنا ان مدينة كربلاء هى اكثر المدن التي واجهت القوة العسكرية للنظام الطائفي البعثي . وما لدمار الهائل الذي حل بالمدينة وخاصة قرب مرقدي الامامين الحسين والعباس , الا دليل على قوة المواجهة الضارية التي قام بها الثوار ضد القوات المهاجمة . واعتقد ان الرمزية التي تميز هذه المدينة باعتبارها حاضنة مرقد الامام الشهيد والثائر الحسين بن علي , ربما ساهمت بصمود الثوار ومقاومتهم النادرة امام الالة العسكرية الثقيلة من الدبابات والمدافع والطائرات التي كان يشرف على قيادتها اعتى المجرمين وهو حسين كامل التكريتي زوج بنت صدام حسين الكبرى رغد . وقد ذكرت الروايات مدى جراة وصفاقة هذا المجرم , وكيف انه خاطب مرقد الامام الحسين متوعدا ومتحديا وهو على مشارف مدينة كربلاء (انت اسمك حسين وانا اسمي حسين ونشوف منو الاقوى) , ولانستطيع – بالطبع - تاكيد صحة هذه الرواية ومدى صدقيتها , ولكن من يعرف مبلغ الحقد الطائفي الذي يحمله هؤلاء الاوباش من اهلهم وعوائلهم وبيئتهم , فانه لايشك ابدا في صحتها ومصداقيتها . واما المحافظة الثانية التي تميزت بقوة مواجهة قوات النظام واجهزته العسكرية والامنية فهى الناصرية , فقد استمرت المقاومة في جنوبها مدة قاربت الاسبوعين تقريبا .
سادسا : حول عفوية الانتفاضة . يمكن القول وبشكل قاطع ان الانتفاضة الشعبانية المجيدة قد اندلعت بصورة عفوية ودون تخطيط مسبق , وان التاثير والاستلهام الذي حصل , انما هو تاثير داخلي وليس خارجي , اي محافظة تؤثر بمحافظة او مدينة باخرى . وهذا الكلام هو رد على الاصوات المغرضة والمغفلة التي تذكر ان الانتفاضة اندلعت بتخطيط وتحريض خارجي , سواء اكان من ايران او امريكا . فقد ذكر وفيق السامرائي في كتابه (حطام البوابة الشرقية) ان الانتفاضة حصلت ضمن تخطيط مسبق من قبل ايران التي دفعت رجالها ومخابراتها للانتفاض ضد السلطة البعثية . ومن الطبيعي ان يقول السامرائي ذلك , لانه كان مديرا للاستخبارات العسكرية في حكومة صدام حسين , وبالتالي يجب ان يبرر قمع الانتفاضة والنيل منها. الا ان الغريب ان المعارض توفيق الياسري يذكر ان الانتفاضة الشعبانية حصلت بعد تحريض الرئيس الامريكي بوش الاب للشعب العراقي اثناء العمليات العسكرية لتحرير الكويت للانتفاض ضد نظام صدام حسين واتخاذ زمام المبادرة , وهو بالطبع تصريح مغفل وغير مسؤول من قبل الياسري , ولانعرف القصد منه , وربما اراد اتهام الامريكان بخذلان الانتفاضة ومن ثم تحميلهم مسؤولية القمع والابادة والمقابر الجماعية التي قام بها صدام حسين ضد الابرياء والمنتفضين على حد سواء . او ربما اراد القول ان الامريكان لم يدعموا الانتفاضة وسمحوا لصدام حسين بقمعها وتصفيتها , وهو كلام صحيح وواقعي , ولكن ان يكون للامريكان دور باثارتها وانطلاقها فهو كلام غير منطقي او صحيح . وبهذا الصدد ذكرت صحيفة نيويورك تايمس الامريكية : ان السفير الاميركي في بغداد (جيمس جيفري) اعتذر باسم الحكومة الامريكية للشعب العراقي عن عدم دعم حكومة بلاده لانتفاضة عام 1991 ضد نظام صدام حسين . وان الاعتذار كان خطوة غير عادية للغاية من دبلوماسي رفيع المستوى عندما قدم السفير جفري الاعتذار مؤخرا للساسة وزعماء العشائر العراقية في جنوب العراق من موقف ادارة بوش الاب خلال الانتفاضة التي وصفتها الصحيفة بانها بداية الربيع العربي , واضافت الصحيفة : ان موقف بوش الاب كان شديد القسوة بالنسبة للعراقيين عندما شجع علنا الثورة ضد نظام صدام ثم امر القوات الأمريكية بالوقوف جانبا حين قمعت من قبل طائرات صدام حسين وفرق الاعدام في حمام الدم الذي حصد عشرات الآلاف من الأرواح . ومضت الصحيفة الى القول : ان الثورات العربية هذا العام قد فتحت جرح العراقيين في عام 1991 وجعلتهم يتساءلون : ماذا كان يحدث لثورتهم لو لقيت نفس الدعم الذي لقيته الثورة الليبية ضد القذافي ؟
سابعا : حول الاعمال الصبيانية التي رافقت الانتفاضة الشعبانية . تعرضت الانتفاضة الشعبانية الى حملات اعلامية منظمة من التشويه والاستهزاء بسبب الاعمال الصبيانية التي قام بها البعض من العامة والسوقة من قبيل الحرق والسرقة والتدمير لدوائر الدولة والممتلكات العامة , او بسبب عمليات القتل والاعدام التي حصلت لبعض الرفاق البعثيين والضباط والمسؤولين الكبار في الدولة مثل محافظ الناصرية وغيره . في الواقع ان هذا من اغرب الماخذ والاعتراضات ان تطالب شعبا تعرض للظلم والاستبداد والاذلال والقمع والتصفية والابادة المنظمة بالعقلانية والهدوء والاعتدال اثناء ثورته ضد من قام بتلك الاعمال الديكتاتورية والطائفية والعنصرية , بل ان هناك ثورات لشعوب ومجتمعات لم تتعرض مثلما تعرض له العراقيون , وقاموا باعمال وسلوكيات ثورية وعنيفة لامثيل لها كما حصل في الثورة الفرنسية والبلشفية وغيرها . واذا احتسبنا حالات القتل التي قام بها المنتفضون بحق الرفاق البعثيون والاجهزة الامنية من المخابرات وغيرها , فانها قليلة جدا ولاتكاد تذكر , والسبب الطبيعة العشائرية للمجتمع العراقي وهروب اغلب البعثيين ولجوئهم الى مواطن عشائرهم . واما اذا احتسبنا تلك الحالات بالقياس الى التصرفات الاجرامية والانتهاكات الطائفية التي قامت بها السلطة البعثية الحاكمة , فانها قد لاتقارن ابدا بذلك . واما حالات التجاوز على الممتلكات العامة وحرق دوائر الدولة وسرقتها فانها سلوكيات لم يقم بها المنتفضون ابدا , وانما بعض العامة والسوقية والبسطاء من الناس الذين تحركهم القيم البدوية والريفية التي تنظر للسلطة بعين الثار والانتقام والفرهود , او بعض الافراد الذين يحركهم العقل الجمعي الذي تسيره العصاب والذهان والانقياد للعاطفة .



#سلمان_رشيد_محمد_الهلالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانتفاضة الشعبانية في العراق عام 1991 (قضاء النصر انموذجا)( ...
- تاريخ العمارة وتخطيط المنازل في مدينة النصر
- ظاهرة الحقد في المجتمع العراقي (القسم الرابع والاخير)
- ظاهرة الحقد في المجتمع العراقي (القسم الثالث)
- ظاهرة الحقد في المجتمع العراقي (القسم الثاني)
- ظاهرة الحقد في المجتمع العراقي (القسم الاول)
- لماذا يشعر العراقيون بالنقص امام العرب ؟
- الدوافع الايديولوجية والسياسية والذاتية في الهجوم على الدكتو ...
- الدوافع الايديولوجية والسياسية والذاتية في الهجوم على الدكتو ...
- الدوافع الايديولوجية والسياسية والذاتية في الهجوم على الدكتو ...
- الدوافع الايديولوجية والسياسية والذاتية في الهجوم على الدكتو ...
- ماهية الفتاوي الغريبة عند اهل السنة ..
- القاص علي السوداني قوميا متطرفا !!
- من اسس حزب البعث : زكي الارسوزي ام ميشيل عفلق ؟؟
- ظاهرة (الفطارية) في المجتمع العراقي
- عدوى الطائفية من سعدي يوسف الى طالب عبد العزيز
- فايروس الطائفية عند سعدي يوسف
- متى تبلورت اللهجة البغدادية الحديثة والجامعة ؟؟
- عقدة كيس الحاجة عند المثقفين الشيعة والكورد والمسيحيين (ادوا ...
- هل خالف الشيعة مبدا العدل في احكامهم الفقهية ؟؟


المزيد.....




- نقل الغنائم العسكرية الغربية إلى موسكو لإظهارها أثناء المعرض ...
- أمنستي: إسرائيل تنتهك القانون الدولي
- الضفة الغربية.. مزيد من القتل والاقتحام
- غالانت يتحدث عن نجاحات -مثيرة- للجيش الإسرائيلي في مواجهة حز ...
- -حزب الله- يعلن تنفيذ 5 عمليات نوعية ضد الجيش الإسرائيلي
- قطاع غزة.. مئات الجثث تحت الأنقاض
- ألاسكا.. طيار يبلغ عن حريق على متن طائرة كانت تحمل وقودا قب ...
- حزب الله: قصفنا مواقع بالمنطقة الحدودية
- إعلام كرواتي: يجب على أوكرانيا أن تستعد للأسوأ
- سوريا.. مرسوم بإحداث وزارة إعلام جديدة


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سلمان رشيد محمد الهلالي - الانتفاضة الشعبانية في العراق عام 1991 (القسم الثاني)(مقاربات عامة وشبهات)