أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - جواد بشارة - الواقع وما حوله في الكون المرئي 1















المزيد.....

الواقع وما حوله في الكون المرئي 1


جواد بشارة
كاتب ومحلل سياسي وباحث علمي في مجال الكوسمولوجيا وناقد سينمائي وإعلامي

(Bashara Jawad)


الحوار المتمدن-العدد: 6193 - 2019 / 4 / 6 - 16:01
المحور: الطب , والعلوم
    


الواقع وما حوله في الكون المرئي 1
د. جواد بشارة

هل هناك حقاً واقع مادي ملموس وحقيقي غير قابل للدحض والتشكيك بوجوده في الكون المرئي؟ هل حواسنا البشرية الخمسة أو الستة أو أكثر، كافية لإثبات وجود مثل هذا الواقع المادي؟ وهل هناك إحتمال أن يكون هذا الواقع المادي ربما مجرد وهم على حد قول بعض الفيزيائيين؟ وماذا نقول بخصوص المكونات الأولية الأساسية للمادة المعروفة لدينا بأسماء علمية كالكواركات أو المجالات الفيزيائية والظواهر الكمومية أو الكوانتية التي تشكل عالمنا المادي وهي أساس مادة الكون المرئي؟ هل يمكن أن يكون الكون المرئي برمته مجرد معلومة حاسوبية تتجسد عملياً كوجود ظاهري بمجرد التفكير بها ووعيها أو إدراكها بواسطة الوعي البشري؟ هل هناك وهم جماعي لفهم ما يحدث بين الأشياء والمجودات من علاقات رياضياتية وحاسوبية معلوماتية واعتبارها حقيقية واقعية موجودة وملموسة نعيش فيها؟ فالمعلومة الحاسوبية والرياضياتية موجودة لوصف وتفسير العالم المادي المحسوس وقد تكون هي وحدها الشيء الحقيقي وليس التجلي المادي لها.
طرحت هذه الفكرة عندما تصدى علماء مرموقين لفكرة ما قبل البغ بانغ Big Bang أو الانفجار العظيم، الذي يسجل البداية المفترضة لكوننا المرئي والمنظور القابل للرصد والحساب والقياس والتجريب. ماذا كان يوجد قبل انبثاق الكون بعملية الانفجار العظيم؟ لايوجد معنى لمثل هذا السؤال من الناحية العلمية لأنه مرتبط بمفهوم الزمن ككيان منفصل ومستقل حيث توجد مفاهيم ما قبل ومابعد ومابين الخ.. والحال أن الزمن النسبي الذي نعرفه وندركه بدأ مع الانفجار العظيم . لذا فإن المشكلة لا تحل بالقول أنه لاشي قبل الانفجار العظيم بل هو غير موجود بالنسبة لعالم كونيات كلاسيكي لايوجد شيء إسمه ما قبل البغ بانغ ، ومع ذلك تصدى العديد من العلماء لهذه المقاربة وناقشوا مسألة ماذا كان يوجد قبل حدوث الانفجار العظيم في حدود نظرية آينشتين النسبية. المشكلة هي أن نظرية آينشتين صالحة للتطبيق في كل مكان وزمان عدا لحظة حدوث الانفجار العظيم البغ بانغ ، أي الفرادة، وهي تقع في دائرة اللامتناهي في الصغر وفي العالم مادون الذري أو العالم الكمومي أو الكوانتي؟ يحتاج الأمر إذن العثور على نظرية أكمل وأفضل من النسبية العامة والخاصة لآينشتين وإعادة تعريف وتفسير وتأويل جديد لمفهوم الزمكان ولسرعة الضوء وللكثير من الثوابت الكونية. وهذه النظرية تسمى في الوسط العلمي " نظرية الثقالة الكمومية أو الكوانتية la gravitation quantique ، والتي لم يتوصل إليها العلماء بعد. ربما نفترض وجود " قفزة كونية " أو إنطلاقة جديدة بعد حدوث ارتداد أو إنكماش عظيم سابق في حالة من التعاقب الدوري حيث يصل الكون في توسعه الحالي إلى حد أقصى لم يعد بإمكانه تجاوزه فيحصل إنكماش أو تقلص شديد ، ومن ثم يثب من جديد على صورة انفجار عظيم ويبدأ بالتمدد والتوسع وهكذا دواليك. لكن هذا الاحتمال الثاني يعتمد على نظرية افتراضية غير مثبت علمياً بعد وهي نظرية الأوتار الفائقة أو نظرية الكون التعاقبي الدوري أو الحلقي la gravitation quantique à boucle ، أو الثقالة الكمومية الحلقية ، وبالتالي فهي ليست بالضرورة صحيحة؟ المحك الوحيد لذلك هو التجربة والبرهان العلمي والمختبري والمشاهدة والرصد الذي قد يعطينا الجواب اليقيني بعد بضعة عقود من الآن؟ وهما نظريتان يحاولان الجمع بين النسبية الآينشتينية والميكانيك الكمومي أو الكوانتي من أجل التوصل إلى نظرية كل شيء théorie du Tout ، ولكن هناك عقبات لايمكن تجاوزها أو الالتفاف عليها في الوقت الحاضر، من قبيل ضرورة توفر انسجام واتساق ذاتي ورياضياتي للنظرية، وهو أول القيود التي ينبغي أخذها بالاعتبار. وإذا كانت عقول جبارة لعلماء فطاحل اقترحوا نظريات في هذا الميدان فمن البديهي الاعتقاد بأنها أنيقة ومتجانسة ، والحال نجد أن هذا ليس هو واقع الحال وليس بهذه السهولة. فللتوصل إلى نظرية الثقالة الكمومية أو الكوانتية ، والجمع بين دعامتي الفيزياء الرئيسيتين النسبية العامة والزمكان الآينشتيني مع الميكانيك الكمومي أو الكوانتي، الذي يصف الجسيمات الأولية ، فإن القيد الرياضياتي اللازم لنظرية مقبولة ومتسقة تجمع بين العالمين، لهو أمر بالغ الصعوبة. فالعثور على إمكانية رياضياتية مقبولة هو بحد ذاته أمر رائع بعيداً عن أي تجريب أو اختبار مختبري أو تجريبي وهذا هو السبب في عدم وجود نظريات أخرى في الثقالة الكمومية أو الكوانتية تنافس ما حققه الباحثين في هذا المجال لحد الآن . فحتى نموذج الانفجار العظيم الذي تبلور قبل قرن من الزمن فهو لم يتمركز ويفرض نفسه بين ليلة وضحاها : فهناك كم من المؤشرات والمقدمات المتراكمة ، من وجهة النظر التجريبية ومن وجهة النظر التنظيرية في آن واحد، وعندما يتم تفسير كل المؤشرات التجريبية من قبل نفس النظرية المقترحة، نجد أنها باتت تتمتع بميزات وتخلوا من الأخطاء والنواقص والخلل، عندها نقر بوجود تطور علمي ، قد يقود لانبثاق صورة جديدة عن العالم. و لا يوجد احتمال حول إجراء تجرية تثبت ، على نحو حاسم، صحة نظرية الأوتار الفائقة أو نظرية الثقالة الكمومية أو الكوانتية الحلقية. علماً بأن هاتين النظريتين بدأتا بفرز عدد من التوقعات والتنبؤات ، وإن لم تكون بعد واضحة . فمن الصعب والمعقد جداً القيام بحسابات لكي نقول لأنفسنا " هذا ما سنقوم بقياسه وحسابه غداً بواسطة تلسكوباتنا ؟ فليس بوسع أي شخص القيام بذلك ، ولكن لدينا شعاع افتراضي عما يمكن أن تتوقعه النظريات ولدينا ما يكفي عن تنبؤات هاتين النظريتين. والتجربة هي التي ستحسم صحة أي منهما أو ربما دحض الإثنين معاً. علينا أن ندرك أن موضع الرهان يكمن في المستوى أو النطاق اللامتناهي في الصغر.أفضل أداة بحثية لدينا اليوم هو مصادم الجسيمات الأولية LHC ، الذي يساعدنا في رؤية أصغر المسافات الممكنة بين مكونات المادة . فإلى أي درجة يجب أن نكبر لكي ننجح في رؤية الأبعاد المرتبطة بالثقالة الكمومية أو الكوانتية؟ LHC ذو قوة 104 جيغا إلكترون فولت Giga électronvolts ، في حين إن القوة اللازمة للثقالة الكمومية أو الكوانتية هي 1019Giga électronvolts . ما يعني وجوب توفر مسافات بنسبة 1015 أصغر من المسافات المعلومة لدينا ، أي مليون مليار مرة أصغر مما نراه اليوم في مصادم ومسرع الجسيمات الأولية LHC. وهناك تخطيطات لإنشاء مسرع ومصادم جسيمات أولية جديد بقوة 107 جيغا إلكترون فولت Giga électronvolts من الطاقة لكنه لن يفي بالغرض . في حين تصل حاجتنا إلى مختبر أو جهاز أقوى مليون مليار مرة ، لأننا لا يمكننا رؤية ما تتنبأ به النظريات نظرياً ورياضياتياً ، وإن أفضل مختبر لسبر أسرار عالم اللامتناهي في الصغر هو الكون المرئي نفسه وليس مسرعات و مصادمات الجسيمات الأولية مهما كانت قوية وكبيرة. وبتمعننا وغوصنا في شساعة الفضاء يمكننا حصد الكثير من المعلومات عما حدث في نطاق اللامتناهي في الصغر وفي المستويات الصغيرة جداً. تمكن التلسكوب الفضائي الأوروبي بلانك مؤخراً من حصد معلومات غاية في الدقة عن إشعاع الخلفية الكونية الأحفورية الميكروية المنتشرة ، ولكن ما تزال هناك إشارات ومعلومات خفية داخل هذا الإشعاع لم يتمكن تلسكوب بلانك رصدها لأنها حدثت في فترة أبكر بكثير من عمر الكون المرئي ولكي نكشف سر ماحدث علينا رصد تلك الإشارات الخفية من أجل اختبار صحة النظريات المطروحة .هناك لحظة غامضة في تاريخ الكون محصورة بين نقطة الصفر للانفجار العظيم وجدار بلانك الواقع على بعد 10- 44 من الثانية الأولى ، فالزمن الذي يقل عن هذا الرقم يجعلنا نكون في وضع لايسمح لنا بوصف العالم بنظريات نمتلكها حالياً، ومع ذلك لايشكل ذلك حداً مطلقاً للمعرفة. فكلما قرر العلم حداً لا يمكن تجاوزه ، يتمكن فيما بعد، بفضل تقدم العلوم والتكنولوجيا، أن يتجاوزه، ولكن " في الوقت الحاضر" يستحيل علينا تجاوز " جدار بلانك"، ولكن ربما سنتمكن من ذلك عند امتلاكنا لنظيرة صلدة ومثبتة في الثقالة الكمومية أو الكوانتية لأن الزمكان نفسه في تلك اللحظة الحرجة يتحول إلى كمومي أو كوانتي أي لا مستمر وعشوائي . فالميكانيك الكمومي يخبرنا أنه " في الواقع" هناك علاقات وعوامل وقيم لايمكن أن تكون مستمرة وبالتالي لايمكن التنبؤ بها أو توقعها والتكهن بها. فليس هو مجرد جدار تصطدم به وتتحطم عنده، حدود معارفنا، لكنه في الوقت الحاضر يشكل حدود معرفتنا. ولو تبنينا أطروحة القفزة الدورية الحلقية المفترضة للكون ، بين الانفجار العظيم والإنكماش العظيم، فليس مستبعداً أن نجد بالتجارب دليلاً على ما حدث قبل الانفجار العظيم ، أي ما وراء جدار بلانك، لذلك فهو ليس غير قابل للتجاوز على الإطلاق تجريبياً لكنه موجود اليوم كعقبة كأداء. فالانفجار العظيم هو عبارة عن " نقطة فرادة كونية singularité" واتضح أخيراً أن في قلب الثقوب السوداء توجد أيضاً " فرادة كونية أو فرادات، مما يسمح لنا بأن نتخيل بأن الكون قد ولد في قلب ثقب أسود كوني عملاق . المشكلة تكمن في مفهوم " الفرادة singularité حيث أن القيم الفيزيائية لمكان أو زمن ما تغدو لا نهائية infini، وعندما تصبح القيم لانهائية فذلك يعني أن مايبنى عليها كالحرارة، والإنحناء والطاقة تغدو هي الأخرى لانهائية ، أي بعبارة أخرى ، فإن النظرية التي نطبقها ونستخدمها تنهار عند حدود الفرادة واللانهائيات. فليس الزمكان هو الذي يصبح فرادة بل النظرية هي التي لم تعد صالحة ولا تعمل عند وجود فرادة، وهناك فعلاً تشابه بين فرادة الانفجار العظيم وفرادة الثقب الأسود ولكن، من وجهة نظر الرياضيات، لايمكننا القول أنهما شيء واحد أو إنها نفس الظاهرة الكونية لكن التشابه بين الفرادتين من الدقة بمكان ما يسمح أن نقول أننا بفهمنا لإحدى الفرادات سوف نفهم الثانية أيضاً . ويترتب على ذلك ، عند بعض العلماء ، افتراض أن الثقوب السوداء في الكون هي عبارة عن أكوان طفولية وليدة bébés univers أو بمثابة دور الحضانة ،لأكوان في دور الصنع، وهي فرضية وضعها علماء مشهورين ومرموقين ، ولكن ليس بالضرورة أن يكون وجود فرادة في الحالتين، الانفجار العظيم والثقوب السوداء، يعني بالضرورة ولادة أكوان. وليس مستبعداً بالمرة أن يكون كل ثقب أسود عبارة عن كون مصغر. فيمكننا تخيل ثقب أسود يكون قطره من الخارج كلم مكعب واحد، في حين أن حجمه من الداخل مليارات المليارات من الكيلومترات المكعبة ، وهي إحدى الغرائب التي تحتويها النسبية العامة لآينشتين ، وبالتالي ليس مستحيلاً تصور أن بعض الثقوب السوداء هي أكوان على غرار كوننا المرئي لكنها غير مرئية في الوقت الحاضر. فهناك ما يشبه عملية التطور والانتخاب الطبيعي الداروينية ولكن في الفيزياء الكونية وليس في البيولوجيا ، حيث أن كل كون يولد كوناً آخر من خلال الثقوب السوداء التي يخلقها في طياته. لكنها مجرد فرضية علمية من بين عدد كبير من الفرضيات في هذا الميدان ولم يتم إثباتها أو تجريبها بعد بالرغم من كونها أنيقة ومثيرة وجذابة لكنها ليست سوى فرضية فحسب. على أية حال إن الثقوب السوداء هي أجسام فضائية افتراضية لم يرصدها أحد بعد وهناك محاولات لتصويرها قود تنجح إحداها في التقاط صورة في 10 نيسان 2019 ، وهي كذلك فكرة لم يختلقها أو يبتكرها آينشتين فهي فرضية معروفة منذ القرن الثامن عشر، ولكن بتسميات أخرى، وصيغت على يد بيير سيمون دو لابلاس وجون ميتشيل ، حيث تحدثا عن جرم أو جسم في غاية الكثافة إلى درجة أن الضوء لا يمتلك السرعة الكافية لكي يهرب منه، فكل شيء حبيس هذا الجسم المخيف حتى الضوء، لذلك فهي فكرة قديمة. وعلى مدى سنوات طويلة كان العلماء يعتقدون أن الثقوب السوداء هي مجرد إمكانية نظرية في الفيزياء المعاصرة لكنها غير موجودة حقاً في الواقع الحقيقي لأن وجودها يبدو غير معقول وغير قابل للتصديق. فلو أخذنا الأرض كمثال فعلينا تكثيف كتلتها في كرة لا تتعدى بضعة ملليمترات لكي تتحول إلى ثقب أسود، قد يكون مسموحاً بوجوده رياضياتياً ولكنه غير متحقق أو منجز في واقع الكون المرئي ، أي لا يتعدى أن يكون مجرد مفهوم نظري محض. ولكن منذ بضعة عقود تغير الوضع، عندما أدرك العلماء أن نجوماً عملاقة أكثر حجماً بملايين أو مليارات المرات من شمسنا، تنهي حياتها عندما تنفجر وتنهار على نواتها الصلبة لتصبح ثقباً أسود، عند ذلك تخصص العديد من العلماء في الثقوب السوداء كالبريطاني الراحل ستيفن هوكينغ والفرنسي جون بيير لومينيت والأمريكي من أصل روسي ليونارد سيسكند، وصاروا يتنبئون بوجود الثقوب السوداء على نحو جدي مع بعض النتائج والمؤشرات التجريبية الملموسة التي تبرهن على وجودها وآخرها الموجات الثقالية الناجمة عن تصادم ثقبين أسودين والتي اكتشفها وحسبها مختبر ليغو LIGO، وباتت تشكل فرعاً مهما للدراسة لدى علماء الفيزياء الفلكية ، لم تعد الثقوب السوداء أجساماً نادرة بل موجودة في كل المجرات فهناك ما بين 100 إلى 200 مليون ثقب أسود في مجرتنا درب التبانة لوحدها.أما فكرة الثقوب البيضاء فهي أقرب للفلسفة منها للفيزياء، فبالنسبة لمنظر فيزيائي ، إن الثقب الأبيض ما هو إلا تناظر زمني للثقب الأسود le symétrique temporel d un trou noir ، فالثقب الأسود يحتل منطقة من الزمكان الكوني يمكن أن ندخله ولكن لايمكن الخروج منه في حين إن الثقب الأبيض الافتراضي فهو على العكس أي حيز فضائي يمكن الخروج منه ولكن لايمكن الولوج إليه ، وينتظر العلماء العثور على تدفقات ضوئية أو إشعاعية ومادية تنبثق من اللامكان ، المسمى ثقباً أبيض. فهو مجرد قيمة رياضياتية ولكن ليس هناك دليل عملي وعلمي على وجوده الحقيقي في الواقع الفيزيائي ، ومع ذلك فإن الثقوب البيضاء غير ممنوعة في نظرياتنا عن الثقالة أو الجاذبية. فهناك الكثير من الأشياء المسموح بها رياضياتياً لكنها غير موجودة على أرض الواقع. هناك دراسات جادة يقوم بها علماء مثل كارلو روفيللي Carlo Rovelli و أورليون بارو Aurélien Barrau، حول نموذج اقترحه روفيللي تكون فيه الثقوب السوداء في طريقها لكي تتحول إلى ثقوب بيضاء .
لماذا لايمكننا رؤيتها ورصدها وتصويرها ونتساءل لماذا؟ لأن ذلك يستغرق وقتاً طويلاً فلو أخذنا ساعة مربوطة بثقب أسود فإن الارتداد سوف يستغرق جزء من ألف من الثانية، ولكن نفس الارتداد منظور له من خارج الثقب الأسود فإن سيحتاج لمليون مرة أكبر عمر الكون كله، وهذه إحدى غرائب النسبية العامة على غرار مبدأ تباطؤ الزمن مع السرعة ومع الثقالة أو الجاذبية وبما أننا نراقب ونرصد ونشاهد من بعيد تلك الظواهر فإن الارتداد السريع يبدو لنا بطيئاً جداً. وقد يكون ذلك أحد الأسباب التي تجعلنا لانرى الثقوب البيضاء بسبب التمدد الثقالي للزمن la dilatation gravitationnelle du temps.
هناك من افترض أن العديد من الثقوب السوداء قد مات أو اختفى خلال عمر الكون المرئي البالغ 13.8 مليار سنة، ولكن اتضح أنها ثقوب سوداء خفيفة أو صغيرة وربما لم توجد أصلاً ، أما الثقوب السوداء الضخمة والعملاقة فلا يمكن أن تختفي لأنها مستقرة وثابتة والشيء الوحيد الذي يمكن أن يحدث لها هو أن تكبر وتنمو وهي نظرية أثبتها ستيفن هوكينغ، فكلما دخلت مادة جديدة للثقب الأسود أو ابتلعها من المحيد القريب من أفق الحدث، كلما تضخم الثقب الأسود وكبر ، لأن المادة الداخلة لن يمكنها أن تخرج منه، لذلك فإنها فسوف تساهم في زيادة حجمه ، ولو التقى ثقبان أسودان لتشكيل ثقب أسود واحد من دمجهما سيكون حتماً أكبر من الثقبين السابقين معاً . بيد أن ستيفن هوكينغ اثبت نظرياً ورياضياتياً أن الثقوب السوداء الصغيرة يمكن أن تتبخر وتختفي لأنها أجسام خفيفة حتى أن حضورها اقتصر على الوجود الرياضياتي بينما نجد أن الثقوب السوداء الحقيقية الفيزيائية العملاقة التي تتولد من انهيار النجوم العملاقة على نفسها والواقعة في مراكز المجرات، فهي دائمة وعمرها لانهائي. أما نموذج الكوازارات المكونة من ثقوب سوداء، امتصت أو ابتلعت كميات هائلة من المادة ، فهو نموذج تم بالتراضي بين العلماء، ورغم المشاهدات التي أكدت ذلك إلا أن اليقين هو من صفات الثيولوجيا والفلسفة وليس من صفات العلم فلا شيء مؤكد على نحو مطلق في العلم. فمسألة التوسع الكوني مثبتة علمياً ومختبرياً من خلال تحليل الأطياف الضوئية لكنها ليست حقيقة مطلقة ولا شيء يضمن أننا بعد قرنين من الآن لن نكتشف ما يدحض هذه الحقيقة العلمية أو تتوفر لنا مشاهدات ونتائج رصدية مختلفة تطيح بتلك المعلومة السائدة اليوم . فالكوازارات هي أجسام فضائية بعيدة جداً ومضيئة أو ساطعة جداً ، والتفسير الأفضل لها هو أنها نشأت من ثقوب سوداء هائلة وعملاقة super massif، تمكنت، بفضل قرص التراكم disque d accrétion من جذب كميات هائلة من المادة المحيطة بها كانت تابعة لحقل أو مجال مغناطيسي كثيف. وقد تقبل الوسط العلمي هذا التفسير وهذا النموذج المقترح لكنه ليس دليل قاطع ونهائي على صحة التفسير والافتراض المتفق عليه. فهو في هذه المرحلة، والمسستوى العلمي والتكنولوجي الذي وصلنا إليه، أفضل تفسير ممكن لظاهرة الكوازارات.
الحدس هو الوسيلة الأخرى لدى العلماء في تقديم التفسيرات والشروحات للظواهر الكونية. فهناك على سبيل المثال ثلاث أشكال أو تركيبات أو هيكليات هندسية للكون ، فيما يتعدى النماذج الرياضياتية الممكنة، فالإطار الذي يعمل فيه العلماء شبه قسري ومقيد و لا بد من الاختلاق والابتكار لنماذج جديدة ومتنوعة تتوافق مع المشاهدات ونتائج الرصد. يتبع



#جواد_بشارة (هاشتاغ)       Bashara_Jawad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكون المرئي والكون المظلم
- الأكوان الموازية 5
- الأكوان الموازية الحلقة الرابعة
- بورتريه تجريدية عن الله
- الأكوان الموازية 4
- الكون الموازي 2
- الأكوان الموازية
- رؤية مغايرة لقصة الكون المرئي
- الإنسان ما له و ما عليه في الكون المرئي 4
- الإنسان ماله وما عليه في الكون المرئي 2
- الإنسان ما له وما عليه في الكون المرئي 2
- عمر الكون ومعضلة الزمن 6
- عمر الكون ومعضلة الزمن 9
- عمر الكون ومعضلة الزمن 8
- الإنسان ماله وما عليه في الكون المرئي 1
- عمر الكون ومعضلة الزمن 7
- العراق بين مطرقة إيران وسندان الولايات المتحدة الأمريكية
- عمر الكون ومعضلة الزمن 5
- الكون الأرمل
- 6الكوزمولوجيا الفضائية غير البشرية – 6 -


المزيد.....




- الإمارات: حالات -محدودة- مرضت بسبب التأثر بالمياه الناجمة عن ...
- بوتين: النجاح في ساحة المعركة يعتمد على السرعة في حل المشكلا ...
- الجزائر.. منتدى تكنولوجيا الإعلام
- ما مشروع -نيمبوس- الذي ضحت غوغل بموظفيها وسمعتها من أجله؟
- رجل مصاب بالسرطان.. نمت رموشه بطريقة نادرة
- تبوك السعودية تحقق توصيف مدينة صحية من منظمة الصحة العالمية ...
- انتشال نحو 392 جثمانا من مجمع ناصر الطبي بخان يونس خلال 5 أي ...
- طبيبة: الكركم يبطئ الشيخوخة ويحمي من السرطان
- الناقة تحلّ محل البقرة بسبب التغيُّر المناخي
- باحثون يكشفون سر التوهجات الغامضة حول الثقب الأسود


المزيد.....

- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب
- الماركسية وأزمة البيولوجيا المُعاصرة / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - جواد بشارة - الواقع وما حوله في الكون المرئي 1