أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد نبيل - مسابقة لأجمل حمار














المزيد.....

مسابقة لأجمل حمار


محمد نبيل

الحوار المتمدن-العدد: 1534 - 2006 / 4 / 28 - 10:11
المحور: كتابات ساخرة
    


الفكرة التي أقدمت عليها جمعية قدماء تلاميذ بني عمار زرهون * والرامية إلى تنظيم كرنفال وسباقات خاصة بالحمير، تدعونا إلى المساءلة بل وإلى القلق الفكري. فخطوة من هذا النوع،تعد جريئة بكل المقاييس في مجتمع مازالت ثقافة الازدراء و الاحتقار متجذرة فيه .و الحلم بالفكرة والرغبة في تجاوز ما هو كائن لتحقيق ما يجب عليه أن يكون، دفع بأعضاء الجمعية المذكورة إلى إعلان التحدي في سبيل الاحتفاء بالحمار وإعادة الإعتبار إليه كوسيلة للتصالح مع الذات العاقلة و الحيوان في آن واحد.

أولا، تعد سباقات الحمير رسالة واضحة لخلخلة الجاهز في ثقافة الإنسان الذي يرى نفسه أرقى و أفضل من بقية الكائنات، بالمقابل يجهل نقصه اليومي و جزءه الطبيعي الذي ينكشف في لحظات عديدة يفقد فيها توازنه وعلى سبيل المثال لا الحصر، أثناء انفعاله حيث يلجأ إلى العنف المادي و الرمزي كرد على موقف معين.

ثانيا، حالة الطبيعة تفرض علينا حضورها انطلاقا مما يصدر عن الإنسان من سلوكات غير مكتسبة و أحكام قبلية جاهزة، وهذا يحفزنا أكثر على التساؤل:لماذا نحتفي بالإنسان المجرم، الجلاد، المغتصب لحقوق الآخرين،...ونكرمه و لا نحتفي بالحمار ؟ فكل أفعال الإنسان الإجرامية و العنيفة تعري غرائزه و نزوعاته الطبيعية التي دون عقلنتها تظل في مرتبة الحيوانية. فأحكام القيمة هي التي تجعل الحمار في درجة دنيا و مثالا للبلادة دون أن نتساءل عن حقوق هذا الكائن و دلالاته الصامتة التي تظل جبيسة الغرائز و النظرات اليتيمة التي يرى بها هذا العالم. إنه كائن لا يَظلم كما يفعل الإنسان، بالمقابل فهو يخدم هذا الأخير و يساهم في تنمية مجاله.

تتجاوز هذه التساؤلات والأفكار لغة الخشب التي ألف الناس استعمالها في وصف الحمار، الذي يظل مع ذلك في درجة معينة من الذكاء تختلف النظرة إليها حسب اختلاف الثقافات و المجتمعات. إن وضع الحمار ككائن حي في العالم يسائلنا ويستنطق طبيعتنا الميالة إلى الغرائز التي لا تتميز عن بقية الحيوانات إلا بحضور العقل. فعندما يلبي الإنسان حاجاته الأولية أو يغتصب أخيه الإنسان جنسيا، أو يعتدي عليه...فإننا بذلك نكون أمام كائن طبيعي يمارس حالة الحيوانية الخالصة. فالإنسان لا يدخل إلى مملكة الوجود الإنساني إلا بتوقيع من العقل المغاير للغة الغرائز. في هذا السياق، لابد من الإشارة إلى فكرة ديكارت التي تؤكد على أن وجود الذات مرهون بالتفكير و بالتالي، فالإنسان الذي لا يفكر يعتبر ذاتا غير موجودة.

إن ما يلاحظ اليوم من ظلم و جور و حروب يمكن أن يفسر تصور المدرسة الواقعية بشتى ألوانها و التي تنهل من فلسفة هوبس الشيء الكثير. هذا التصور يجعل من العودة إلى حالة الطبيعة دافعا وراء العنف الممارس بين الإنسان و أخيه الإنسان. فالوضع العالمي يرفع الحجاب عن هذا النكوص الذي لا يجعل الإنسان أفضل من بقية الكائنات على أية حال.

فتنظيم مسابقة أجمل حمار تعد سابقة في مجتمع يكرس التراتبية و التصنيف الطبقي و الذي تحول فيه الإنسان إلى موضوع بدل من ذات فاعلة لها كيان مستقل. إنها جزء من الخطاب الجمالي والحقوقي الرامي إلى الرفق بالحمار و رد الاعتبار للحيوانات عموما، بل هي فرصة لكل منا من أجل التواصل مع ذاته و استفزاز كبريائها و اعتقادها الدوغمائي في الترابية بين الكائنات بغية الارتقاء بهذا الجزء الصامت فينا إلى مرتبة الفعل الثقافي و المجتمعي. لاشك أن الأمر عبارة عن حلم حققته جمعية قدماء تلاميذ بني عمار زرهون ثلاث مرات بإمكانياتها المحدودة و هي الآن تستعد في حلة جديدة لتنظيم الدورة الرابعة الصيف المقبل. ولذلك، نوجه ألف شكر لمنظمي كرنفال الحمير على هذه الجرأة المتميزة و التي تحتاج إلى دعم خاص من لدن بني البشر من أجل بناء عالم يسوده التناغم عوض التنافر.
• الجمعية موجودة بقرية بني عمار زرهون ـ ناحية مدينة مكناس المغربية
محمد نبيل ـ صحافي مقيم بألمانيا
[email protected]




#محمد_نبيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سؤال الهجرة بمغرب اليوم
- رسالة من برلين
- من هو الألماني الصالح ؟
- سؤال الموت
- سؤال الصحافة بمغرب اليوم
- حقيقة مفهوم صراع الحضارات
- سكوت، نحن في تونس !


المزيد.....




- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد نبيل - مسابقة لأجمل حمار