أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - الفنان علاء جمعة يوثِّق الذاكرة العراقية بعين تشكيلية















المزيد.....

الفنان علاء جمعة يوثِّق الذاكرة العراقية بعين تشكيلية


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 6186 - 2019 / 3 / 29 - 16:34
المحور: الادب والفن
    


نظّم "آرت هيل غاليري" بلندن معرضًا مشتركًا للفنانَين التشكيليَّين علاء جمعة وجلال علوان انضوى تحت عنوان "ذاكرة عراقية". ونظرًا لأهمية هذا الموضوع وسعته ارتأينا أن يقتصر هذا المقال على تجربة الفنان علاء جمعة وسوف نخصّص مقالاً آخرَ لتجربة الفنان المفاهيمي جلال علوان كي نفيَ الاثنين حقهما ونغطي المحاور الرئيسة التي انغمر بها كل فنان على انفراد.
يتألف معرض الفنان التشكيلي علاء جمعة من 40 لوحة تتضمن 55 شخصية عراقية لأن بعض اللوحات يحتوي على شخصيات متعددة ذات ثيمة واحدة مثل لوحة "المطربين التسعة" فثمة صلة فنية واضحة بين هذه الشخصيات التسع التي ترسّخت في ذاكرة العراقيين جميعًا.
لا يندرج هذا المعرض في إطاره الفني فحسب، وإنما يتعدّاه إلى توثيق الذاكرة العراقية بدءًا من عام 1921 وحتى يومنا هذا. ولعل القارئ الكريم يعرف قبل غيره صعوبة الإحاطة بكل الشخصيات السياسية والعلمية والأدبية والفنية والفكرية التي أسّست للذاكرة العراقية على مدى قرن من الزمان خاصة وأنّ المجتمع العراقي مكونٌ من قوميات وأديان ومذاهب شتى، فإذا ما تناول الفنانُ عددًا من الرموز السياسية فلابدّ له أن "يتفادى" رموزًا أخرى، ليس من باب الإهمال، وإنما بسبب المساحة المتاحة في المعرض الواحد الذي لا يتحمل أكثر من العدد الذي تمّ عرضه في صالتي الـ "آرت هيل غاليري" والممرّ الضيّق الذي يفصل بينهما بحيث بدت الجدران مكتظة بالأعمال الفنية التي تُشتّت تركيز المتلقّي ولا تُتيح له فرصة التأمل والانغماس بعمل فني واحد بعيدًا عن فضاءات الأعمال الأخرى التي تقع في مرمى البصر مهما كان ضيّقًا ومحدودًا.
حظيت العائلة المالكة باهتمام كبير من لدن الفنان علاء جمعة فصوّر الملك فيصل الأول في عمل تشخيصي جميل يدلل على براعته الفنية في هذا المضمار، كما صوّر "الملك غازي فيصل، والملك فيصل الثاني، والأمير عبد الإله، والباشا نوري السعيد" في لوحة فنيّة أخّاذة تستدعي إلى الأذهان طريقة تصفيتهم الوحشية التي أغرقت العراق بحمّامات دمٍ مازال العراقيون يغتسلون بها بين أوانٍ وآخر.
وفي مواجهتهم ثمة لوحة للزعيم الركن عبدالكريم قاسم الذي أسقط النظام الملكي في العراق وفتح الباب واسعًا لحكم العسكر الذي استمر حتى أواخر السبعينات من القرن الماضي حين أجبر صدام حسين رفيق دربه المهيب الركن أحمد حسن البكر على التنحّي والتخلّي عن السلطة بذريعة حالتة الصحية الآخذة بالتدهور. وفي زاوية ميتة من القاعة عُلقت صورة أحمد الجلبي الذي ورّط الإدارة الأميركية بغزو العراق.
في كل حقبة من تاريخ العراق ثمة أناس يتلألؤون مثل الذهب المتوهج تحت أشعة الشمس، ولعلي لا أغالي إذا قلت إن المكوّنات الدينية الأخرى كاليهود، والمسيحيين، والصابئة المندائيين، والإيزيديين وغيرهم من الذين قدّموا خدمات جليلة لا يمكن أن ينساها العراقيون إلى يوم الدين ويكفي أن نشير إلى حسقيل ساسون، أول وزير مالية في العراق لازال العراقيون يذكرونه كمثالٍ نموذجي للحرص والنزاهة والأمانة، ومناحيم صالح دانيال، عضو مجلس الأعيان الذي مدحه الرصافي بقصيدة عصماء لأنه بنى دارًا لأيتام المسلمين، كما استضاف الملك فيصل الأول وعائلته في قصره حينما غرق قصر شعشوع الذي استأجره الملك قبل أن يكتمل بناء البلاط الملكي.
اختار الفنان علاء جمعة شخصيات يهودية أخرى أبرزها الشاعر والقاص العراقي أنور شاؤول، والفنان والملحن صالح الكويتي الذي أسس الأغنية البغدادية العراقية، ولحن أكثر من 700 أغنية عراقية لا تزال حيّة نابضة يرددها العراقيون وكأنها أُنجزت بالأمس القريب. وفي السياق ذاته هناك لوحة لسليم البصون، وهو من رواد الصحافة العراقية الذي سُجن ونُفي عدة مرات وذلك نشاطه السياسي، وانتقاده للحكومات المتعاقبة. أما التفاتة علاء الذكية فتتمثل باللوحة الرائعة التي جسّدها لرينيه دنكور، أول ملكة جمال في تاريخ العراق، وكانت المسابقة مقتصرة على بغداد وقد تُوجت باللقب عام 1947.
انتقى الفنان علاء جمعة خمس شخصيات عراقية مسيحية حيث رسم لوحة معبّرة للراحل يوسف سلمان يوسف (فهد)، سكرتير الحزب الشيوعي العراقي الذي أُعدم مع ثلاثة رفاق آخرين. ومن الأدباء المسيحيين رسم الفنان لوحة للروائية أنعام كجه جي التي وصلت إلى القائمة القصيرة لجائزة "بوكر" العربية ثلاث مرات آخرها رواية "النبيذة" المرشحة بقوة للفوز بجائزة هذا العام. كما أبدعت ريشة الفنان في إنجاز لوحة الشاعر سركون بولص، وأخرى للصحفي روفائيل بُطي، وثالثة لعالِم الآثار بهنام أبو الصوف. أما المكوّن الصابئي المندائي فقد حضر من خلال الدكتور عبد العظيم السبتي الذي أُطلق اسمه على كويكب الأسترويد الذي يدور بين المشتري والمريخ وذلك تثمينًا لإنجازاته العلمية في علم الفلك.
ربما تكون حصة الشخصيات الكردية قليلة لكنها حاضرة بأسماء مهمة أبرزها الشاعر عبدالله كَوران، والشاعر بلند الحيدري، والمصور الفوتوغرافي ناظم رمزي. أما الشخصيات العراقية من أصول عربية فهي الأكثر هيمنة بسبب نسبتها السكّانية الكبيرة، ففي مجال الأدب رسم الفنان لوحات معبّرة لشعراء من أجيال مختلفة تبدأ بالجواهري، والسياب، ولميعة عباس عمارة، ومظفّر النواب، وعدنان الصائغ، وتمرّ بالروائيين البارزين أمثال غائب طعمة فرمان، وجبرا إبراهيم جبرا، وتنتهي بعدد من الفنانين والمعماريين واللغويين والمؤرخين والضباط والساسة أمثال جواد سليم، محمد غني حكمت، ضياء العزاوي، فلاح محمد مهدي الجواهري، أديب نامق، محمد مكية، مهدي المخزومي، عبدالرزاق الحسني، عبد المحسن السعدون، جعفر العسكري، جلال الأوقاتي وغيرهم، مع الأخذ بعين الاعتبار الفنانة والمهندسة الكبيرة زها حديد لأن حضورها الفني والمعماري يشكّل عالمًا قائمًا بذاته، ويمكن القول باطمئنان كبير أنها أضفت بتصاميمها المعمارية جمالاً قلّ نظيره في الجهات الأربع لكرتنا الأرضية.
لا يمكن القول بأن هذه الأعمال تشخيصية واقعية فقط لأنّ الفنان علاء جمعة ذهب أبعد من ذلك كثيرًا فقد حاول في العديد من هذه اللوحات الأربعين أن يُقرن كل شخصية بمنجزها الحقيقي البارز كأن يظهر الكوكب الذي اكتشفه عبد العظيم السبتي، أو يركز على ديوان "أزهار ذابلة" للسياب، أو "للريل وحمد" لمظفر النواب، أو "انتظريني تحت نصب الحرية" لعدنان الصائغ، كما يجسّد بعض الموضوعات ذات العلاقة بمنجز كل شخصية على حدة. أما الملحوظة الأساسية التي لم يحسب لها الفنان علاء جمعة حسابًا فهي غياب بعض الأسماء الإبداعية البارزة، فعندما نتحدث عن الذاكرة الشعرية فلابد أن يحضر سعدي يوسف، وفاضل السلطاني، وفوزي كريم. كما ينبغي حضور فؤاد التكرلي، وفاضل العزاوي، وإبراهيم أحمد في الرواية، وفي حال الحديث عن الشعر الكردي فلابد أن يحضر شيركو بيكس، ولطيف هلمت، وجلال زنكَابادي وغيرهم. أما المكوِّن التركماني فقد غاب تمامًا وكان بالإمكان البحث عن شخصيات أدبية وفنية وسياسية لإدراج بعضها ضمن طيّات هذا المعرض الجميل الذي حظي بإعجاب الجمهور العراقي الذي اكتظت به صالات الغاليري الصغيرة نسبيًا، وخرج منها فرحًا ومزهوًا بهذه القامات الإبداعية الشامخة التي أحبّت العراق وأخلصت إلى أرضه ومائه وسمائه، ودوّنت بحروف من نور ذاكرته الإبداعية التي نحملها معنا مهما تغرّبنا واشتطّ بنا المزار.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أصوات سورية تضيء المشاعل، وتحنّي عَتبات البيوت
- صيف مع العدوّ رواية ترصد التحولات الكبرى في سوريا
- (شمس بيضاء باردة) رواية جريئة تُقاصص السلطة الأبوية والسياسي ...
- برنامج -أمير الشعراء- يتألق في موسمه الثامن
- بأيّ ذنبٍ رَحلَتْ؟ رواية تستبطن الشخصية المغربية المثقفة
- إدوارد بيرن- جونز. . الفنان الذي وظّف الأساطير، وعمّق لوحته ...
- سيرة الفراشة: نص روائي مطعّم بشذرات ميتا سردية
- عودة نوعيّة لمهرجان الفيلم الفلسطيني في لندن
- قصص قصيرة جدًا لمحمد حياوي بنهايات تنويرية
- جسور الحُب . . رواية لا تحمّل الأبناء وزرَ ما ارتكبه الآباء
- ليلة المعاطف الرئاسية. . رواية كابوسية مطعّمة بالسخرية السود ...
- أُنشودة حُب. . رواية رومانسية بحُلّة تاريخية
- استجواب الرئيس. . سنوات الطفولة هي المفتاح لفهم شخصية الطاغي ...
- الدكتاتور بطلاً. . الشخصية التي تقمصت سيَر الأبطال وتماهت به ...
- سيرة هجومية حادّة على الثقافة الأنكَلوساكسونية
- رواية -الخريف- لآلي سميث ومثلث الصداقة والحُب والفَناء
- ناسك في باريس . . سيرة الذات المشطورة التي تبحث عن هُوية ضائ ...
- الكُتب التي التهمت والدي.. رحلة ذهنية للولوج في عالم الأدب و ...
- نصوص القسوة. . رواية جديدة بنكهة مسرحية
- التحولات الاجتماعية وأساليب السرد في الرواية الإماراتية الحد ...


المزيد.....




- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...
- عبر -المنتدى-.. جمال سليمان مشتاق للدراما السورية ويكشف عمّا ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- يتصدر السينما السعودية.. موعد عرض فيلم شباب البومب 2024 وتصر ...
- -مفاعل ديمونا تعرض لإصابة-..-معاريف- تقدم رواية جديدة للهجوم ...
- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...
- مصر.. الفنانة غادة عبد الرازق تصدم مذيعة على الهواء: أنا مري ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - الفنان علاء جمعة يوثِّق الذاكرة العراقية بعين تشكيلية