|
من أفضل ما قرأت اليوم . قصة حقيقية من مصر:
مظهر محمد صالح
الحوار المتمدن-العدد: 6185 - 2019 / 3 / 28 - 12:31
المحور:
الادب والفن
قصة حقيقية من مصر:
القاضي (هشام الشريف) رئيس دائرة جنح مُسْتَأْنَف حُلوان في فترة أواخر التسعينات.. كان رحيما و عاِلماً في نفس الوقت .. و مُلتزِماً بآداب المَنَصَّة و وقارها .. و ودوداً مع المُحامين .. و كان المتهمون يطمئنون لأحكامه، حتى تلك التي يحكم فيها بتأييد العقوبة؛ فلقد كان المتهم يخرج من القاعة راضيا و مطمئنا بأن هذا الحُكم من هذا القاضي هو غاية المنتَظَر من العدل و الرحمة .. و في غيرها كان يخفض الكفالات للمواطنين المعسرين و في أحيان كثيرة كان يدفعها من ماله الخاص . و في جلسة من الجلسات : عُرِضَت عليه قضية اهتزت لإنسانيتها جنبات محكمة جنوب القاهرة في باب الخَلق .. حين نودي على اسم المتهمة ( و كان لا يضع النساء داخل القفص ) و كانت تُحاكَم بتهمة تبديد مبلغ عليها بإيصال أمانة ؛ و دخلت المتهمة بقاعة المحكمة و اقتربت من المنصة ، و كانت امرأة في أواخر الأربعينيات من عمرها ، و كانت محبوسة و لم يُفرَج عنها لعدم قدرتها على سداد الكفالة .. ( و كان حالها الفقير واضح بجلاء للناظرين ) فسألها القاضي : يا ست ( فلانة ) ما دفعتيش ال7000 جنيه ليه ل ( فلان ) ؟.. و بصوت أقرب للبكاء الخائف المرتعش أخبرته المسكينة أن المبلغ ليس 7000 جنيه و إنما هو في حقيقة الأمر 1000 فقط ( كانت قد اشترت بهم بضاعة من ( فلان ) التاجر ( و والد الأستاذة المحامية الحاضرة في الجلسة ) و أنها كانت تدفع له 60 جنيه كل شهر ، لكن حصل لها ظروف منعتها من السداد ، و الحاج مرضيش ينتظر و رفع عليها دعوى بإيصال الأمانة .. التفت القاضي للمحامية و سألها بأدب و هدوء : كلام الست حقيقي ؟ .. فأنكرت المحامية معرفتها بالحقيقة.. فما كان من القاضي إلا أن نظر إلى المتهمة و سألها عن حالها .. ( فعلم منها أنها أرملة و تعول 3 بنات ) .. فنظر إليها بمنتهى الشفقة و الرأفة و قال : ها تتحل إن شاء الله .. و رفع الجلسة ، و قبل أن يدخل غرفة المُداوَلَة وَجَّهَ كلامه إلى المحامين الحاضرين بالقاعة قائلاً : أعلم أنكم أصحاب فضل و مروءة و لن تتأخروا عن فِعل المعروف ، و أخرج مِنديلاً كان في جيبه و وضعه على المنصة و أشار إلى الحاجب بالقدوم ، ثم أخرج من جيبه مبلغاً من المال و قال : ( هذه 500 جنيه ) هي كل ما معي ، ولا أدري مَنْ مِنَ السادة المستشارين سيشاركني ، و هى أول مشاركة لسداد دين هذه السيدة ، و شكر الحاضرين و دخل غرفة المُداوَلَة .. و بدأ المحامون في التباري في الدفع ، فبدأ أحدهم ب 1000 جنيه ، ثم توالى الباقون حتى تجمع بالمنديل ما يتجاوز ال( 8000 جنيه )؛ و قبل ذلك كانت المحامية ابنة صاحب الدَّين قد خرجت بسرعة إلى خارج قاعة المحكمة لكي تتصل بوالدها و تخبره بما حدث.. و عادت المحامية إلى القاعة و نودي عليها حين أدخل القاضي المتهمة إلى غرفة المداولة ، و كان القاضي جالسا خلف مكتبه ؛ و أشار إلى المحامية قائلاً : فيه 7000 جنيه موجودة بالمنديل تقدري تأخذيه و تتصالحي مع المتهمة و نمشيها .. ثم أشار إليها بأخذ الفلوس.. و لكن المحامية قالت : أنها سألت أبيها و أخبرها بأن لا تأخذ أكثر من ( 500 جنيه ) هو المبلغ المتبقي على المتهمة.. فشكرها القاضي و ابتسم ناظرا للمحامين الذين ملأوا غرفة المداولة و قال: أظن أنها اخذت ال ( 500 جنيه ) بتاعتي.. فضحك الجميع ، و قاطعهم قائلاً : و أظنكم لا تريدون أن يحرمكم الله ثواب المشاركة.. وعلا صوت المحامين في الغرفة بالتأييد .. فنظر القاضي إلى المتهمة و مد يده بالمنديل و به باقي ال 8000 جنيه و قال : (و هذه من الله لكِ و للبنات).. و ضجَّت غرفة المداولة بالتهليل و التكببر و الذى سرى إلى قاعة المحكمة و هتف كل مَن فيها ، فهرول كل الحاضرون في المحكمة إلى هذه القاعة ليعلموا ماذا حدث ؛ فعلموا بأن ما حدث هو أنه كان يوجد قاضي رحيم يتق الله في خلق الله .
من أفضل ما قرأت اليوم .
#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حديث الاربعاء
-
إقتصاديات اللحوم ... الى اين ؟
-
غرائب إقتصادية...!
-
امريكا اللاتينية... اجنحة الاقتصاد القوية
-
الاسواق الناشئة..... قوة اقتصادية لا تُقهر
-
لمحات من تاريخ العالم الاقتصادي . الجزء الثالث/شجرة البن
-
لمحات من التاريخ الاقتصادي للعالم . الجزء الثاني /الضريبة ون
...
-
لمحات من تاريخ العالم الاقتصادي . الجزء الاول/اوروبا والشرق
-
حرب الخليج : اللعبة ذات المجموعة السالبة ! / الجزء الثاني
-
حرب الخليج : اللعبة ذات المجموعة السالبة!/الجزء الاول
-
الفضة..عظام الآلهة الفرعونية!
-
الهيدونية والريعية الاقتصادية
-
الماس بين الاطيان
-
قانون باركنسون ... جد أم هزل!
-
المدفع الملكي الصامت
-
فيليب هوفمان....الساعة ٢٥
-
السياسة النقدية الامريكية: صراع الصقور و الحمائم . الجزء الث
...
-
السياسة النقدية الامريكية: صراع الصقور و الحمائم
-
قصر النهاية
-
المكارثية واليسار الأقتصادي الامريكي
المزيد.....
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
-
باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح
...
-
مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل
...
-
لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش
...
-
مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
-
مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|