أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - فرضيتا -الانسايوان- و -الإنسان-؟؟















المزيد.....

فرضيتا -الانسايوان- و -الإنسان-؟؟


عبدالامير الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 6185 - 2019 / 3 / 28 - 11:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



أعلم يقينا انه لم يسبق على مر تاريخ الأفكار، ان ذهب أيا كان، لتناول احتمالية "الانسان"، واذا كان استعمالها ينطوي على مغالطة، وعلى نقيصة مفهومية عقلية شاملة، لها ابعاد وجودية أساسية، والمتوقع فيما لوكان لمثل هذا التناول ان يجري، فبحدود القرن ونصف القرن المنصرمين، باعتبار ماقد دخل على مفهوم "الانسايوان" النشوئي الارتقائي، منذ ان جاء دارون بنظريته، مغيرا اتجاه النظر المتاح عقليا للوجود البشري، فبهذه المناسبة غير العادية، تولدت بصورة غير مباشرة، أسباب تنفي صحة النظرية المستجده من حيث تعترف بصوابيتها، ففرضية النشوء، تلغي هي ذاتها نظرية النشوء بصيغتها الدارونية،من عدة مواضع.
أولا من ناحية مخالفتها الطابع التغيري واللاثباتي الدائب للظواهر الكونية الخلقية، وكينونتها المؤقتة كقاعدة عامة، فالكائنات الحية، من الخليه الأولى، لم تكن موجودة حين وجد الكوكب الأرضي، ولم يحدث هذا التطور الكبير، الابعد عشرات ملايين السنين على وجود الأرض، والكائن الحيواني خضع لعوامل تحول وصيرورة، تنقلت به الى الكائن الحيواني حامل العقل، بصفته حدثا نوعيا، ترافق مع الانتصاب على قائمتين، واستعمال اليدين. ماكان من شانه ان يولد الاعتقاد بان التطور الأخير "نهائي"،من دون الاخذ بالاعتبار كونة لايمكن لابل من المستحيل ان يكون كذلك، ومن يعتقد بالعكس، يمكن ان يجد مايحتاجه من الأسباب التي تعزز وجهة نظره، او اعتقاده، لكن من دون ان يلغي ذلك إمكانية التصور الاخر، القائل باستحالة الثبات الوجودي الابدي والنهائي، خلافا لقوة حكم قانون التغيير، المتحكم بالاشياء والموجودات وخلقيتها على المستوى الكوني.
وثانيا: ان مايخص الثباتية والنهائية من مبررات ترد في الدارونية، موكولة كما هي معروضة، الى ماقد يعتبر او يوحي ب " الكمال"، او "القمة" المبهرة، لكن من وجهة النظر البيولوجية الصرفة، فالقول بان العضو البشري بلغ اقصى ممكنات تطوره، ولم يعد ممكنا له تجاوز مابلغه، هو تقدير مغلق، لانه قائم على فرضية تمنع احتمال "التحول"، لا التطور، بما يحيل مسالة الصيرورة كلها لعامل اخر غير عضوي، فالكائن المتحول من العضية الى اللبون على سبيل المثال، لم ينتقل بين الحالتين عضويا فقط، او لاسباب عضوية جامدة، خالية من فرضية وجود عامل "تحول" غير مرئي، ربما يمكن تسميته عامل الحياة في المادة، بمعنى ان غيابه يعني توقفها عن الحياة، وهوعامل التغير المطرد، ولانقصد هنا بالطبع مايعرف ب "الروح"، بغض النظر عن المشابهات في الدلالة بينها وبين مانعتقد انه "قوة التحول الكامنة"، وهو مايجب عدم اسقاط استمراريتة ولزومه، بتبني افتراضات من نوع "غريزة البقاء" او "الانتخاب الطبيعي"* كما يهتدي دارون لها، على انها المحرك لاستمرار توالي الحلقات، وهو مالا يصح عند التطبيق على صيغ تحولية أخرى، مناسبة لحالة الصيرورة الأخيرة المتولدة عن انبثاق العقل، أي دخول عنصر جديد مغاير،على مادة الصيرورة والتحوّل، اهملته الدارونية، مركزة على ماكانت منشغلة به قبل حضوره وانبثاقه، فلم تعالج مايمكن ان يترتب على ماقد طرأمن متغيرات تتعدى العضوية الصرفة العائدة للطور الحيواني الى " الثنائية والازدواج"، ماجعلها تقع في القصور والنقص في معاينه مادة وعناصر البحث بعد المستجات النوعية الحاصلة.
وثالثا: ان تسمية "الانسان" لم تكن من مبتكرات الدارونية، وهي وجدتها جاهزة، والغريب انها ذهبت لتبنيها، مع انها ذات دلالة خاصة، كان المفترض ان تتوقف لتقول كلمتها بشانها، محددة ماتراه الأنسب كتسمية للكائن، الحيوان/ حامل العقل والمتشكل من يومها من عنصرين. وهنا يحل صدام خلاق، بين رؤية سابقة هي الرؤية التوراتية القرآنية، التي تقول بخلق الانسان من لدن الله، كاملا وعاقلا كما هو، وبين رؤية النشوئية التي تنسب الكائن الحيوان، حامل العقل الى الصيرورة الحيوانية وتحولاتها، لنصبح امام طريقيتين في الخلق: متدرجه تحولية، وأخرى آنيه تنتمي لعالم "كن فيكون"، والاثنتان تشتركان معا في التسمية الأصل، مايدل على تناقض فادح، غير محلول، الثاني النشوئي منه مستجد لكنه متبن تسمية لما يخالف مرتكزاته كمنظور"صيرورة"، وليس خلقا انيا نهائيا، كان المنتظر ان يقترح بشانه تسمية تناسب تحرياته.
المنظور التوراتي القراني تحديدا، عدا عن الاسطورى، يرى الكائن المسمى ب"الإنسان" مخلوقا كاملا و"وحدة" كيانية،على حسب سياق المسوؤلية او التكليف ضمن منظور انتقالية كونية "سماوية" أولى، تلزم "الانسان العاقل"، بما يجعله معرضا ل ومؤهلا ل"الحساب"، وكل هذا يدخل ضمن مهمة بناء "مملكة الله المفارقة لممالك الأرض، والمصممة لكي ترفع السلطة من الأرض الى القوى العليا كلية القدرة"، ولايوجد او ان النشوئية الارتقائية لم تسهم في تحري احتمالات انتقالية كونية أخرى، حتى مع اعتبار ان تلك القائمة، او التي اضطرت الابراهيمية لصياغتها، هي نوع انتقالية منتكسه، ناجمه عن تعذر صعود الكائن البشري السومري الى الاكوان، والخروج من الجسد الحالي، ومن الارضوية، بحسب ماكان قد جرى تصوره تحت طائلة اشتراطات العيش على حافة الفناء، و وماتستثيره من رؤية مجاوزة للارضوية بنيويا، مع عدم توفر الأسباب المادية الانية الضرورية للانتقال.
تضع الابراهيمة نوع "استبدال موقت"، وان كان طويل الأمد، لحين توفر الأسباب ووسائل الإنتاج المطابقة لمهمة انتقال الكائن الحي الحالي الى الاكوان العليا، كما مقرر له. وبدل الانتقال الفعلي، يجري اقتراح انتقال مناسب كسر الاستحالة الجسدية "الغلغامشية"، بإقامة "عالم مابعد الموت" الابدي، ووصله بالمعاش المتعذر، والانتقالي، والانسان بحسب منظور الانتقال الكوني المنتكس لمجتمع اللادولة السومري، هو من حيث كونه انتقال "استبدالي" فانه مطابق لمايؤمن له الحضور والفعاليّة خلال الزمن الفاصل، بين الانتكاس الأول ( البنيوي)، والصعود الثاني المنتظر،المقترن بتوفر الشروط "المادية". وهو بهذه الحالة، شكل الإشارة الأولى الكونية التحولية، ضمن ظروف التعذر الأولى البنيوية، المفتقرة لعنصر التحول المادي*.
لكن هل التحولية حتمية وسارية على الكائن الجديد؟ ذلك مالايقع في اعتبارات او اهتمام الدارونية، بحكم اشتماله على ميادين ومجالات تفكر أخرى، تاريخية ومجتمعية وفلسفية وعلمية بحته، وهذه كلها لم يسبق ان وفرت إشارات موحية يمكن للدارونية الحديثة اللاحقة ، كما المؤسسة الأولى، الاعتداد بها، فالعقل الانتقالي البشري، توقف منذ الانتكاس الأول وهيمنة الأحادية التصورية، والمجتمعية الارضوية، الماخوذة بالتابيدية وبالنهائية الجسدية والمجتمعية. وهذا كله كان جديرا بان يبقي هذاالباب من الحقيقة الوجودية، موصدا، قيظل العقل مدمجا بالجسدية، ممنوع عليه الاستقلال الافتراضي ، ناهيك عن الفعلي بنفيه كاحتمالية داله على وجهة الصيرورة النهائية، بعد الحيوانية.
يترتب على ذلك بداهة، النظر للمجتمعية وظاهرة "الاجتماع"، من زوايا "النمو"، و" التقدم الخيطي"، و "المراكمه" المادية والمراحلية، وباعتبار ان "الانسان كائن اجتماعي" بجانب "الناطق"، و "العاقل"، حيث تظل الظاهرة المستجدة محجورا عليها، فتبعد عن مجال الصيرورة، وبالأخص كونها شكل جديد مناسب من اشكال تحقق "التحوليّة"، مع تبدل عناصر ومقومات الصيرورة والتحول، بما يتناسب وظهور عنصر العقل، وهو وضع مختلف كليا عما كان هذا المسار قد عرفه في الطور التحولي الحيواني الصرف، وصولا الى القول الجازم، بان الكائن الحيواني، ومنذ انبثاق العقل، دخل زمن صيرورة ثانية، مفضية الى استقلال العقل عن الجسد، والالتحاق بالاكوان العليا، وان وجود التحولية الأول والثاني، مرتهن لاحكام استراتيجية كونية، ليس من مفرداتها إبقاء كائن حيواني عاقل، بصفته المواطن الأرضي الابدي، مع ان الأرض والمجموعة الشمسية الى زوال، ليس ببعيد، بحكم نوع مانتحدث عنه ونقصده من "ازمان".
الكائن الحالي موضوع "تحوّل" و "صيرورة" مستمرة، انتهت محطتها الأولى، الأولى الحيوانية الصائرة الى انبثاق العقل، لتبدا الثانية، المتجهة الى تسيد العقل، بعد طور من الأحادية، وتسيد احكام الجسد المؤقتة، قبل توفر الأسباب المادية، بالإضافة للمتوفر من بنية تحولية مجتمعية، لابد من تظافرها لاجل بدء الانتقال الطويل، ابتداء من مغادرة التابيدية الارضوية الأحادية وعيا، قبل الاطلال على عالم "الانسان" او مايشير نحوه، ويدل عليه، والى حينه، فان مانراه، ونعيشه، ومانحن منه، وأعضاء في ناديه الموقر، هو "الانسايوان"، السائر للتصيّر الى "الانسان".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• هذاالجانب حكم على الدارونية بالانتساب لعالم "العنصرية" على المستوى المجتمعي وحتى السياسي.
• لعل هذا التنوية يحيل العقل الى مايذكره ماركس عن "الشيوعية البدائية" مقارنة بالمرحلة الخامسه " الشيوعية العلمية"، او الشكل الأعلى منها، كمرحلة خامسة يتصورها بحسب مفهومه الطبقي للتاريخ ومراحله.



#عبدالامير_الركابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نداء الى العالم وللعراقيين بالمقدمه ؟/ب
- تعالوا نعيد اصدار- زوراء- العراق(2/2)
- يستحق العراق جريدة -زوراء- ثانية* ( 1/2)
- نداء للعالم .. وللعراقيين بالمقدمة/أ ؟؟
- اكتشاف قانون المجتمعية الكوني؟؟/4
- لنين الماركسي معادل محمد الابراهيمي/3*
- العراق الامبراطوري والوطنية الزائفة/2
- العراق الامبراطوري والوطنية الزائفة
- - قرآن العراق- .. استعادة العراق
- الانسحاب الامريكي والمتغير الاستراتيجي التاريخي
- المهدوية ايقاف ابراهيمي للاسلام/ب/
- المهدوية: ايقاف ابراهيمي للاسلام *أ
- نبوة مابعد الاسلام/ الاسلام الثاني
- النبوة وعلم اجتماع اللادولة/ ملحق 1
- الازدواجية المجتمعية و -تحوليّة- مابعد الشيوعية!
- الازدواج الكياني والعالم: مابين النهرين
- هل العراق كيان امبراطوري؟
- بيان الانتقال الى الوعي الكوني
- بدائية نظرية -الخلق- و-البدئية-الكونية
- مياه العراق الجوفية تكفيه لقرن /4/


المزيد.....




- علماء يستخدمون الذكاء الاصطناعي لحل مشكلة اختفاء -غابات بحري ...
- خبيرة توضح لـCNN إن كانت إسرائيل قادرة على دخول حرب واسعة ال ...
- فيضانات دبي الجمعة.. كيف يبدو الأمر بعد 3 أيام على الأمطار ا ...
- السعودية ومصر والأردن تعلق على فشل مجلس الأمن و-الفيتو- الأم ...
- قبل بدء موسم الحج.. تحذير للمصريين المتجهين إلى السعودية
- قائد الجيش الإيراني: الكيان الصهيوني اختبر سابقا ردة فعلنا ع ...
- الولايات المتحدة لا تزال غير مقتنعة بالخطط الإسرائيلية بشأن ...
- مسؤول أوروبي: الاتحاد الأوروبي يحضر الحزمة الرابعة عشرة من ا ...
- إصابة 3 أشخاص في هجوم انتحاري استهدف حافلة تقل عمالًا ياباني ...
- إعلام ونشطاء: هجوم صاروخي إسرائيلي جنوبي سوريا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - فرضيتا -الانسايوان- و -الإنسان-؟؟