أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خولة عبدالجبار زيدان - زوار ما قبل الفجر















المزيد.....

زوار ما قبل الفجر


خولة عبدالجبار زيدان

الحوار المتمدن-العدد: 6185 - 2019 / 3 / 27 - 23:13
المحور: الادب والفن
    


.زوار ما قبل الفجر يوم 8 شباط الأسود د.خولة عبدالجبار زيدان

زوار ما قبل الفجر

""السلام هو ضحكة طفل بريء
السلام هورائحة الطعام عند العشية
السلام هو أن لا نخا ف حين نسمع دقا على الباب حين يأتي الليل""

طرقات قوية تدق باب بيتنا بكرادة مريم....قتل فيها السلام.

جاؤوا قبل الفجر ..أصواتهم عالية وكريهة يبحثون عن والدي

لم يكن أحد من في البيت يعرف أين هو؟ربما والدتي لكنها لم تخبرنا

أخبرتهم والدتي أن عمله يشمل العراق من البصرة الى الموصل أينما تكون خطوط سكك حديد

ولا أحد يعرف أين هو تلك الساعة! وممكن أن يكون في أي مكان.

رب الدار غير موجود أذن "خلي نفتش عن الكتب التي يقتنيها هي أول ما يدينه"

وكل ما أذكر عن تلك الليلة المشؤومة ,ليلة 8على 9 شباط أن الكثير من حولنا في كرادة مريم

تعرضوا للأغتيال أو التفتيش أو الأقتياد الى حيث لا يعلم أحد.

وأنا أتكوم على نفسي تحت اللحاف من الفزع وأسمع أصواتهم تأتيني عالية من ركن مكتبة والدي الغائب عن البيت . كانوا يحاولون أصطياد أي كتاب ممنوع......!

"هذا كتاب أسمه ثمن الحرية" قال أحدهم .

"أين يقرؤونه؟" سأل أخر

"أكيد في بلاد الحرية" وهو يضحك مستهزئا

"يمعود عوفه شوف غيره هذا المؤلف مالته أمريكي مو روسى" رد أخر

"يا أبن؟؟؟؟؟أين الكتب الممنوعة؟ معقول ماكو؟؟؟!!"بدا صوته يائسا وغاضبا.

كانت والدتي منذ الصباح وقبل يوم قد أحرقت كل شيء في الحمام الغربي الجديد الذي أنفطر الى نصفين أخيرا .لقد أستعملت الحمام كي لا تصل رائحة الحرق الى جيراننا من اليمين لأنهم غير أهل للثقة .وبيتنا كان ركن لا جيران على اليسار بل الشارع.

كنت صغيرة أعتقدت أن الحمام أنفطر حزنا على الكتب المحترقة لأن بعضها دفن بالحديقة الخلفية.

نسيت والدتي أن تحرق كتاب "والفولاذ سقيناه"هو الذي كنت أخبئه تحتي وتحت اللحاف معي.

وجعلني أتظاهر بالنوم وأنا مسكونة بكل أنواع الفزع والرعب والخوف على أهلي.

وأنقذتني ظفيرتي التي يبدو أنها كانت ظاهرة صدفة فوق اللحاف.

وأنا متكومة على نفسي من الخوف سمعت أقدامهم تقترب من غرفتي المفتوحة وقفوا قليلا بالغرفة وتوقف قلبي.

وأذا يصوت "ماكو شي هنا ,هاي بنية صغيرة نايمة" . تركوا الغرفة وأنا أرتجف ولولا حجمي الصغير وأنا متكومة ولولا ظفيرتي لا أدري ما كان سوف يجري...تلك الظفيرة هي من أنقذت كل البيت لو وجدوا ذلك الكتاب. وللأن أحب الظفائر وأفرح حين أرى بنات أو نساء بظفائر.

هل كان حدس والدتي وأحساسها الشفا ف الذي ورثته عنها,حدسها هو الذي جعلها تحرق وتدفن أشياءأخرى بعد أن غلفتها بالنايلون كي لا تتأثر بالتربة في الحديقة الخلفية لأنها تواجه بيت صديقتها المدرسة أم فلاح والتي هي أبنة خالة فضيلة زوجة الشهيد جلال الأوقاتي وكان قد أغتيل أمام بيته وأمام أبنه الصغير علي . كن الثلاثة والدتي وأم علي وأم فلاح صاحبات و صداقتهن جعلت كل تبكي مصاب الأخرى.

وكان أبطال ثورة تموز وثورة 14 تموز تغتال وينقل التلفزيون كيف أغتيلوا وكيف أغتيلت .

لم تكن أي حرمة للموتى عند مجرمي وقتلة 8 شباط الأسود يا للهول.وعلى التلفاز.!!!

دفنت والدتي في الحديقة الخلفية أشياء كانت عزيزة علي وتخصني أنا و أختي, دفنتها خوفا علينا أن لبسناها صدفة. دفنتها وصبت عليها الأسمنت بالقرب من تنور البيت و بمساعدة أحد المخلصين لوالدي ,وكان يساعد بأعمال البيت.

وأسفا على مقتنياتنا الصغيرة كانت تحمل شعارات وأيضا"وطن حر وشعب سعيد"

كنا نحلم وها أنا في عام 2013 ما نزال أنا وغيري نحلم بالوطن الحر والشعب السعيد.

لماذا يرعب الأوغاد واللصوص هذا الشعار وحين يسمعونه كأن عقربة لسعت واحدهم؟؟

ويقولون عنه شيوعي!!!!.

الشارع كله والناس وكل الشعب الأن ينادي بالحرية والعدالة والمساواة والسعادة للجميع و مكافحة الفساد.

أذن هل الشارع كله شيوعي؟ نعم كل من يطالب بكل هذا هو شيوعي بدون شك وأن لم ينتمي للحزب الشيوعي فكل الشعب وكل كادحيه وفقرائه وكل من يعشق الوطن حقيقة ولا يلبس أقنعة وشعارات لا يؤمن بها الا امام القنوات والشهداء من الشيوعين وغير الشيوعيين يلتقي الكلفي حلم واحد.

لم نعرف أخبارا لأبي الا بعد فترة .كانوا قد أقتادوه حين وصل للموصل في نفس اليوم الذي داهموا فيه بيتنا بتهمة أنه مسؤول التنظيم ل5000خمسة الاف موظف وعامل من الموصل للبصرة .

حين أخذتني والدتي لرؤية والدي ,تبرأ أقرب أصدقاء أهلي منا ...ذهبنا الى ناس علاقنتا بهم ليست قوية ,أستضافوا ورحبوا بوالدتي بحفاوة و دبروا زيارتنا لوالدي مثل كل أهالي الموقوفين وكان الكل موقوف بملعب كبير في الموصل .والدتي لم تأخذ أحدا سواي لأن معالمي مثل صبية صغيرة وخافت على أختي الأكبر وأخوتي الأولاد الذي قتل البعث واحدا منهم هو عماد الدين بين نهاية عام1969و1970.

والدي الأنسان الحكيم الهادىء النبيل المؤمن بالقدر رأيته بنفس الصورة وهم ينادون على رقم عنده زيارة ...وحين جاء الرقم كان والدي وعلى باطن كفه رقم وعلى معصميه حديد.
قتلة 8شباط حولوا أصحاب الفكر الأنساني الى أرقام .
أخبر أبي والدتي يصوت هادئ أن لا يصيبها خوف أن جاءت مرة أخرى ولم تقابله و أكمل
"كل يوم ينادون أحدنا ولا يرجع أبدا كوني قوية عزيزتي نونا " هكذا كان يسميها.

أعتذر منك أبي لأني تشبت بك وبكيت كثيرا ذلك اليوم وكل الأيام كنت صديقي خسرتك أخيرا يوم 9كانون الثاني 2002 ولم يكمل حلمك برؤية نهاية هولاكو العراق.

بعد أقل من سنة لم يستطيعوا أن يأخذوا أعترافا ولا ورقة تثبت عليه شيء هو أو رفاقه. لأن من كان يعرفهم بالموصل قليل جدا ومع هذا كان هناك لا يزال ناس شرفاء و عوائل معروفةفي الموصل عملت على أخراجهم وهم مازالوا في التوقيف. والأن يطالب الأرهاب وقسم كبير من توابع مسلسل 8 شباط بحقوق الأنسان وهم لم يعرفوا حقا لأنسان.
لقد سرقوا شبابنا وصبانا الذي لن يرجعا وسرقوا أحلى أيام عمرنا لكنهم لم يستطيعوا
سرقة حلمنا.
"لا شيء يعيد للعشب أخضراره اليانع بعد يبوسه
ولا شيء للوردة أحمرارها الجميل بعد ذبولها
لاشيء لاشيء ولكن الماضي جزء منا نحن الذين عشناه"

........................................................................
د.خولة عبدالجبار زيدان

بغداد12شباط2013

شعر سبليندر أن ذ كراس



#خولة_عبدالجبار_زيدان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إمرأة عاملة
- لم تصل خط النهاية
- صعب جدا
- الهالة الشخصية وأسرارها
- هل كانت الريح
- الفحل منهم
- أوائل الرائدات العراقيات
- يوم في آذار 2018
- نوروز
- من هذا القلب اتيت
- عيد الام
- لا تتردد
- أحجية
- شغف وانتظار
- في أقصى الشمال الغربي
- من يشرب القهوةًمعي
- ما كان حبا
- وكنت زمانا مهرة برية
- رثاء
- امرأة شتائية


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خولة عبدالجبار زيدان - زوار ما قبل الفجر