أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - ابنتي.. والإرهاب














المزيد.....

ابنتي.. والإرهاب


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1533 - 2006 / 4 / 27 - 10:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يوم الاثنين الماضي كان يصادف عيد شم النسيم.. أحد أقدم أعيادنا »المصرية« التي دأبنا علي الاحتفال بها منذ ما يقرب من خمسة آلاف سنة.
وبينما قررت الاحتفال بهذه المناسبة مع اصدقائي المقربين، قررت ابنتي الكبري »هند« السفر مع صديقاتها الي منتجع »دهب« بعد ان فشلت في اقناعي بتكبد مشاق السفر والذهاب معها الي شبه جزيرة سيناء.
وفي طريق عودتي مع استاذي وصديقي الكاتب الكبير محمد عودة، من شم النسيم في المنزل الريفي الجميل لزميلتنا وصديقتنا العزيزة الاستاذة امل الشاذلي، فوجئت باتصال علي التليفون المحمول يبلغني بوقوع ثلاثة انفجارات في منتج »دهب«.
يا للهول!
نفس الشيء حدث في شم النسيم العام الماضي حيث وقعت العملية الإرهابية الخائبة في ميدان عبدالمنعم رياض بالقاهرة.
واليوم يعود الإرهاب ليطل بوجهه القبيح ويضرب من جديد.. لكن في »دهب«!
هذه المرة.. أصبح انشغالي مزدوجا، يمتزج فيه ما هو »موضوعي« بما هو »ذاتي«.
وكان طبيعيا، وإنسانيا، أن تكون الأولوية لاهتمامي بمصير ابنتي هند.
ويا لها من ساعات عصيبة يختلط فيها القلق القاتل، مع اللهفة، والخوف، والترقب، والامل، والرجاء.
حتي بعد ان نجحت في تحقيق اول اتصال تليفوني مباشر مع ابنتي واستمعت الي صوتها واطمأننت الي انها علي قيد الحياة.. بقيت نهبا للعديد من الهواجس.
هل يا تري.. قد أصيبت لا قدر الله؟
وإذا كانت قد نجت من التفجيرات الثلاثة التي وقعت.. فهل اصبحت »دهب« آمنة أم أن هناك توابع وذيولا لهذه الجريمة الثلاثية؟
وهل طريق العودة مأمون، أم أنه محفوف بالمخاطر، خاصة أن ابنتي ستعود مع صديقاتها بالسيارة؟!
وأدركت بطبيعة الحال أني لا احتكر هذه الحالة البائسة من التوتر القاتل، بل ان المئات والآلاف يعانون منها مثلي وربما اكثر بحكم امكانياتي الاكبر - نظرا لوظيفتي الصحفية - في إجراء الاتصالات والحصول علي المعلومات.
وإذا كنت قد اطمأننت علي حياة ابنتي.. فتصوروا حالة من فشل في معرفة مصير ذويه، او ما هو اسوأ.. من عرف ان الشخص الذي يهمه قد لقي مصرعه او تمزق جسده الي أشلاء، أو أصيب إصابات بالغة.. لا لذنب جناة، وانما لمجرد تواجده بالصدفة البحتة في هذا المكان الذي قرر البعض تحويله الي جهنم!
وهذا هو احد الاسباب التي تسوغ مناهضتنا للارهاب، أيا كانت الشعارات التي يرفعها أو الاهداف التي يسعي الي تحقيقها.
وهو في رأيي سبب له الأولوية علي الاسباب التي تتسابق الكثير من الجهات والهيئات التي تتعلق بهذا الصدد، كالأضرار الاقتصادية علي سبيل المثال.
فليس من المعقول ان يتم السكوت علي هذا الثمن الباهظ.. ألا وهو الثمن الانساني.. ثمن حياة البشر وسلامتهم.
في ذنب أناس أبرياء، يذهبون لقضاء عطلة، أو يجلسون علي مقهي، أو يتسوقون، أو يشاهدون فيلما سينمائيا أو مسرحية، أو غير ذلك من الأنشطة الانسانية البريئة، ثم يجدون أنفسهم وسط جحيم يضرم بعض الاشخاص نيرانه لأي سبب كان؟
ما ذنب أشخاص عاديين، مثلي ومثلك، يركبون مترو الانفاق في لندن، وربما كانوا بالأمس يسيرون في مظاهرة حاشدة في قلب العاصمة البريطانية لندن تندد بالتورط الانجليزي في الحرب الامبريالية علي العراق، ثم تصيبهم نيران تفجيرات أشعل فتيلها اشخاص يبررون فعلتهم الارهابية بمقاومة الاحتلال البريطاني للعراق؟!
ما ذنب اشخاص عاديين منهم فتيات في ريعان الشباب مثل ابنتي أو ابنك، يجلسون في قطار في العاصمة الاسبانية مدريد.. ثم تنقض عليهم غربان الارهاب وتخنق أحلامهم وطموحاتهم وحياتهم، في عملية لتصفية حسابات ليسوا طرفا بها بأي حال من الأحوال؟
ما ذنب أشخاص عاديين، جاءوا من داخل مصر أو من خارجها، لقضاء عطلة شم النسيم في منتجع دهب أو شرم الشيخ او طابا.. ثم تتحول عطلتهم الي رحلة عذاب فيموت منهم من يموت، ويعود بعضهم الي ذويه مبتور الذراع او الساق، او مصابا بصدمة نفسية تلازمه طوال حياته وتملأ لياليه بالكوابيس.
ولماذا؟!
لأن بعض الأشخاص قرروا أن ينصبوا أنفسهم قضاة وجلادين.. فهم الذين يحتكرون تحديد ما هو »صواب« وما هو »خطأ«. ما هو »حلال« وما هو »حرام«. ما هو »مسموح« وما هو» ممنوع«. ثم يقررون محاكمة خلق الله بموجب معاييرهم.. وينفذون أحكامهم بأنفسهم دون أن يسمحوا لأجد حتي بالدفاع عن نفسه.
هذه »الحالة« ليست جديدة.. بل هي قديمة ولها ممارسات عديدة.. وربما كان ألبير كامي من أفضل من عبر عنها في روايته »العادلون« أولئك الذين قرروا اقامة العدل علي طريقتهم، فملأوا الدنيا ظلما، وتحولوا الي طغاة أكثر استبدادا من خصومهم الفاسدين.
ولهذا فإن الإرهاب، الذي هو ناتج عن تفكير متعصب ومتطرف ينتحل العصمة ويدعي احتكار الحقيقة، لا يمكن تبريره.
وعلي من يبرر هذا الارهاب الأعمي، او يجد له مسوغا من مظالم الواقع، أن يتصور نفسه شخصيا، أو احدا من ذويه أو أصدقائه، وقد ساقه حظه العاثر، بالصدفة العمياء، إلي التواجد في مكان بريء قرر الارهابيون تحويله إلي ساحة لإقامة »عدلهم« القاتل!



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قبطى ... لامؤاخذه!
- هؤلاء يجب إقالتهم .. والمحافظ المحبوب اولهم
- الطموح الإيراني والغيبوبة العربية
- أحزاب -تجارية- !
- تريدون القضاء علي بعوض الكراهية.. جففوا مستنقعات التطرف الدي ...
- رسالة من رئيس وزراء فرنسا .. إلى الدكتور نظيف
- عندما تساوي حياة المواطن.. ثمن وجبة كفتة!
- تقرير مهم لمجلس غير مشكوك في مصاهرته للحكومة
- حوار ساخن مع الجنرال جون أبى زيد
- معاقبة السعودية بسبب إسرائيل.. ومصر بسبب نور.. والسودان بسبب ...
- فضيحة خطيرة
- الوزراء .. مطالبون بصوم ربيع الأول والآخر!
- من الذى أضرم النار فى معقل الليبرالية المصرية ؟
- المهندسون يرفعون شعار: الضغوط الأجنبية هى الحل!
- تونس الخضراء .. ثنائية السياسة والاقتصاد
- نصف قمة
- عفواً يا فضيلة المفتي: أرفض تطليق ابنتي
- »عمر أفندي« يستنشق أولي نسائم الشفافية
- استقلال تونس .. بدون عدسات الحكومة اللاصقة .. والملونة
- ! أرباب الصناعة.. وأرباب السوابق


المزيد.....




- فيديو يُظهر ما يبدو آثار انفجارات بقاعدة الحشد الشعبي المدعو ...
- من استهداف إسرائيل لدعم حماس.. نص بيان مجموعة السبع حول إيرا ...
- استهداف مقر للحشد الشعبي في بابل وواشنطن تنفي شن هجمات جوية ...
- جهاز العمل السري في أوكرانيا يؤكد تدمير مستودعات للدرونات ال ...
- HMD تستعد لإطلاق هاتفها المنافس الجديد
- الذكاء الاصطناعي يصل إلى تطبيقات -واتس آب-
- -أطفال أوزيمبيك-.. هل يمكن لعقار السكري الشهير أن يزيد من فر ...
- أطعمة تسبب التهابات المفاصل
- ماذا تعني عبارة -أمريكا أولا- التي أطلقها الرئيس السابق دونا ...
- لماذا تعزز كييف دفاعها عن نيكولاييف وأوديسا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - ابنتي.. والإرهاب