أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عقيل الناصري - الجذور التاريخية للفتوى الدينية في ملاحقة اليسار بالعراق المعاصر *** (10- 7):















المزيد.....


الجذور التاريخية للفتوى الدينية في ملاحقة اليسار بالعراق المعاصر *** (10- 7):


عقيل الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 6184 - 2019 / 3 / 26 - 01:00
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الجذور التاريخية للفتوى الدينية في ملاحقة اليسار بالعراق المعاصر *** (10- 7)
نص الفتوى:
بسم الله الرحمن الرحيم
ولله الحمد لا يجوز الانتماء إلى الحزب الشيوعي فإن ذلك كفر وإلحاد أو ترويج للكفر والإلحاد، أعاذكم الله وجميع المسلمين من ذلك، وزادكم إيمانا ًوتسليماً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
محسن الطباطبائي الحكيم 17 شعبان 1379
هذا الفتوى جاءت كإستفسار من أحد المقلدين للسيد الحكيم، ومن قبل السيد محمد شندل، الذي هو: بسم الله الرحمن الرحيم
حضرة مولانا حجة الاسلام السيد محسن الحكيم
بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أسأل الباري أن يديمكم ذخراً للمسلمين
مولاي- انني من مقلديكم ولكنني منتم الى الحزب الشيوعي افتونا امركم وانني انتظر الجواب وللسير عليه والسلام عليكم ورحمة الله
النعمانية 17 شعبان سنة 1379 المخلص السيد محمد السيد شندل
"... وأعقب الأمام الحكيم فتواه بفتوى ثانية بعد أكثر من شهر بقليل من صدور الفنوى الأولى، أوضح فيها معنى قوله : كفر وإلحاد أو ترويج للكفر والإلحاد، فقد كتب إليه أحد المقلدين يستوضحه عن الفتوى الأولى، فأجابه في 5 شوال 1379 هـ بالتالي: الذي كتبناه في جواب السؤال الصادر من النعمانية، إن الانتماء إلى الحزب الشيوعي كفر وإلحاد أو ترويج للكفر والإلحاد، يعني أن الانتماء تارة يكون كاملاً، وأخرى يكون من بعض الجهات، فإن كان كاملاً كان كفراً، وإذا كان ناقصاً كان فسقاً ومعصية لله تعالى لأنه ترويج للكفر وتأييد له، ولله سبحانه العاصم ... ".
لم يكن السيد الحكيم يبدي المعارضة المباشرة "... لكلا القانونين (الاصلاح الزراعي و الأحول الشخصية - الناصري) إلى الطبيعة الحذرة ورغبته في أن ينأى بنفسه عن أمور حساسة كهذه كانت تؤثر على حياة ورفاه ما يقرب من ربع مليون عائلة فلاحية، كان معظمها من الشيعة... ولعل ارتباط الحكيم بالشاه كان عاملاً آخر وراء موقفه المتكتم الحذر... ولم يكن الحكيم صريحاً إلا في مواجهة الحزب الشيوعي. فقد كانت فتواه تحرم الشيوعية وتضعها بمنزلة الكفر... ". وقد تكلف في إعلان المعارضة ابناء السيد الحكيم بمن فيهم أكبرهم محمد يوسف الحكيم، وبعض المجتهدين من ذوي الحضور الأدنى. وفي الوقت نفسه فإن "... العلماء المسلمون السنّة فقد كانت الفتوى التي أصدرها الشيخ حسن البنّا جاهزة لديهم منذ حين، حيث كان البنّا قد اعتبر أن ” الشيوعية مذهب مادي يهتم بكل ما هو محسوس على حساب الجانب الروحي، ولذا فقد أنكرت وجود الله ومحت العقيدة ورفعت الأخلاق” ويعتبر البنّا الشيوعية إلحاد وإباحية لا بدّ من محاربتها، وقد كانت وجهات النظر هذه تمثّل خلفية لما اتخذه بعض علماء الدين السنّة مثل محمد محمود الصوّاف وعبدالكريم زيدان وعبد الرحمن السيد محمود، الذين فرّوا إلى المملكة العربية السعودية بعد أحداث الموصل، ومن هناك شنّوا حملة ضد حكم قاسم والشيوعية، علماً بأن جماعة الأخوان المسلمين (الفرع العراقي) كانوا قد تقدّموا بالحصول على ترخيص لممارسة العمل العلني والقانوني تحت اسم “ الحزب الإسلامي” في العام 1960. وفي حينها رفضت وزارة الداخلية طلبهم، ولكنهم استأنفوا وكان قرار محكمة الاستئناف قد صدر لصالحهم فحصلوا على الحق في العمل القانوني العلني، وكانوا قد وضعوا اسم السيد محسن الحكيم بصفته راعي الحزب، تأكيداً على تضامنهم ضد الشيوعية... ". ويشير علي العاملي إلى علماء السنة بالقول : "... وكان ثقلهم في الموصل بزعامة الإخوان المسلمين، وفي الأعظمية ببغداد بزعامة المفتي ورجال الدين، لكن مقاومتهم كانت خفيفة، جاءت على هامش مقاومة المرجعية وعلماء الشيعة وجمهورها المتحمس، فكنا نرى في النجف وفود مشايخ من الأعظمية وغيرها، يزورون المرجعية مؤيدين متضامنين، كما زاروا المرجع السيد الحكيم ( رحمه الله ) في سفرته إلى بغداد وسامراء.. ".
ويقال "... ان الذي نشرها ( الفتوى – الناصري) في العراق هو الخطيب المعروف السيد جواد شبر – كما ذكر الرفاعي ذلك – في اماليه (أو الاصح مغامراته) اذ ما ان علم بها السيد شبر حتى سافر من النجف الى النعمانية وطلب من صاحب الاستفتاء استنساخها, واعطاها له, وذهب بها الى بغداد ونشرها في الصحف والمجلات, وعلقت في الاسواق والساحات العامة, وساهم القوميين والبعثيين في نشرها في ارجاء مدن العراق المتعددة نكاية بالحزب الشيوعي المنافس الاول لهم في الساحة السياسية والعقائدية ... ". وتكررت ذات الفتوى بعد انقلاب شباط 1963 الأسود، حيث أمر السيد محسن الحكيم "... ولده بالكتابة وهو يملي عليه: الشيوعيون مرتدون وحكم المرتد هو القتل وان تاب, والشيوعيون نوعان الاول من آمن بها وحمد بها ولا يرجع عنها, فحكمه كما جاء اعلاه والنوع الثاني من اعتبرها تقدمية ومعاونة المحتاجين, وهؤلاء يحجزون ويفهمون ويعلمون الصح من الخطأ. فأن تابوا يطلق سراحهم. وان اصروا عليه فحكمهم كما جاء اعلاه ... ". في الوقت نفسه فأن الباحث المثابر فايز الخفاجي، وإستناداً إلى طالب الرفاعي، ينفي مثل هذا الادعاء إذ يقول: "... لأن الذين كتبوا ونشروا عن هذه الفتاوى المزعومة، إعتمدوا على السماع وما كتب فهو بلا دليل، حيث لم تحصل مقابلة بين هؤلاء والمراجع اللذين نُسبت إليهم الفتاوى وهذا يجعلهم بعيدين عن الحقيقة ...". كما أن عبد الغني الراوي، كما يذكر القيادي البعثي الطبيب تحسين معلة "... يفتقد في كثير مما يطرحه عن القضايا التي عاصرها بعد شباط 1963، إلى عدم المصداقية وأنه يدعي أموراً لم يكن له بها أي دور بارز... ". ومن إدعائته بأنه ترأس المحكمة التي حاكمت عبد الكريم قاسم ورفاقه في الإذاعة يوم 9 شباط، فحين لم تكن هناك أية محاكمة وكذبها القادة المحوريين للانقلاب أمثال طالب شبيب وزير خارجية حكومة الانقلاب وحازم جواد وعلي صالح السعدي وهاني الفكيكي وعبد الستار الدوري وغيرهم.
لكني لا أميل إلى ما ذهب إليه الباحث فايز الخفاجي، حيث أوردتها عدة مصادر، أحدهم الباحث الجاد د. رشيد الخيون حيث يقول:"... تحدثت فيه عن فتاوى أخذها اللواء عبد الغني الراوي من علماء الدين، فتحدث معي السيد طالب الرفاعي حولها، وهو يعتقد أن السلطة آنذاك قد فبركتها ونسبتها إلى علماء الدين. كان الراوي قد نشر نصوصها سابقاً في جريدة الزمان في عددها المؤرخ 9 نيسان/ ابريل1999، وهو شخصياً أخذها من الشيخ الخالصي والسيد الحكيم ونجم الدين الواعظ. ونشر النص الذي حصل عليه من الخالصي والحكيم: (الشيوعيون مرتدون وحكم المرتد القتل، وإن تاب، وإن كان متزوجاً وحكم الزوجة والأولاد، وإن كان لديه أموال منقولة أوغير منقولة وحصة الإمام)، أما الحكيم فصنّف الشيوعيين إلى عقائدين وغير عقائدين، وأن الفتوى تنفّذ بالعقائديين... من جانبي حققت أمرها من أربع جهات: عبد الغني الراوي مما كتب وما تكلم به. وكنت قد زرته بالرياض (نيسان/ أبريل 2011) ؛ واتصلت بطه العلوان وأكد شفاهة ما أثبته في كتابه الردة والمرتدون ؛ ثم ما كتبه هاني الفكيكي في أوكار الهزيمة ؛ وما سمعته مباشرة من أحد أقطاب تلك الفترة محسن الشيخ راضي... ".
وإستدلالاً حول صحة الفتوى وذهاب المكلف عبد الغني الراوي إلى الداعي الديني طه جابر العلواني، الذي أعلن رفضه لثقافة العنف، لأنه حسب فهمه لحزب البعث أنه ذو "... تاريخ طويل في عمليات الاستغلال والتوظيف السياسي للقضايا الكبرى كالوحدة والحرية والدين، وأراد البعثيون أن يوظفوا الدين في القضاء على منافسيهم، وهم على الترتيب الشيوعيون ثم القوميون الناصريون ثم الإسلاميون. وكان البعثيون ذوي مكر ودهاء، وتوصلوا إلى أنهم يتخلصوا من خصومهم بأن يضربوا الشيوعيين بالإسلاميين ثم يتخلصوا بعد ذلك من الإسلاميين بزعم أنهم رجعيون وظلاميون... وأتخذ مجلس قيادة الثورة... قرارا بضرورة إعدام جميع أعضاء الحزب الشيوعي، وقد عضدوا قرارهم بثلاث فتاوى من كبار العلماء ومنهم السيد محسن الحكيم (ت. 1970 م) المرجع الشيعي البارز، والسيد نجم الدين الواعظ (ت: 1976 م) وضم إليهما الشيخ الخالصي في الكاظمية فأفتوا- جميعا- بإعدام الشيوعيين... وفي هذه الأثناء، جاءني السيد الراوي المكلف بإعدامهم يسألني رأي في الفتاوى التي أصدرها العلماء الثلاثة، وأخبرني بأنه مكلف بإعدامهم جميعاً بأمر قيادة الثورة ورئيس الجمهورية، وأن وعليه مهمته على وجه السرعة ... وطلب مني رأي في هذه المسألة، وأضاف أنه أيا ما كان فإنه سيعمل وفقاً له ... فأتيت بدستور حزب البعص الذي لم يكن قد عدّل بعد. وقرأت له المادة الأولى منه وكانت تنص على( أن حزب البعث يؤمن بالماركسية اللينينية بتطبيق عربي) والمادة التاسعة منه تشير إلى أن الأرث يعتبر كسباً غير مشروع، وقلت له : يأخي هذا الحزب الذي كلفك بإعدام الشيوعيين بتهمة الردة هو حزب شيوعي – ايضاً- ولكنه يرتدي الكوفية واليشماغ، فهو شيوعي بتطبيق عربي ويلتزم بتطبيق الماركسية- اللينينية في أطار عربي لا غير... وذهب عبد الغني الراوي من بيتي إلى القصر الجمهوري وقابل عبد السلام عارف، واعتذر له عن القيام بالمهمة... ".
وعوداً إلى ذات فتوى االحكيم وتأسيسا عليها فقد أصدر جملة من العلماء بفتوى تحريم الانتماء إلى الحزب الشيوعي، وهم كل من:
- السيد ميرزا عبد الهادي الشيرازي: ( الشيوعية ضلال وإلحاد فلا يجوز الإنتماء إليها) ؛
- والسيد محمد مهدي الحسني الشيرازي: ( نعم الإنتماء إليها حرام والدعوة إليها حرام آخر وهي كفر وإلحاد والله العاصم) وقد ( قضى في الشهر نفسه بأن صلاة وصيام المسلمين الذين كانوا قد اعتنقوا الشيوعية غير مقبولين بسبب إفتقارهما إلى الإيمان. وفي وقت لاحق أكد الشيرازي في شهر حزيران/ يونيو بأن من غير الجائز للمسلمين أن يشتروا لحماً من قصاب يعتنق المبادئ الشيوعية، وبأن من يحمل مثل هذه القناعات لا يحق له أن يرث أباه ؛
- والسيد محمود الحسيني الشاهرودي: (تصادم المبادئ اللادينية الشيوعية مع الدين الإسلامي من الضروريات فلا يجوز تقوية المروجين لتلك المبادئ بوجه من الوجود حتى الإنتماء إليهم ) ؛
- والشيخ عبد الكريم الجزائري: (الشيوعية هدم للدين وكفر وضلال فلا يجوز الإنتماء إليها بوجه من الوجوه كفى الله المسلمين شرها ) ؛
- وزعيم الهيئة العلمية السيد أبو القاسم الخوئي: (سبق منّا أن أجبنا على نظير هذا السؤال إجمالاً بالتفصي: إن الشيوعية كعقيدة فلسفية تناقض أصول الإسلام فهي كفر وإلحاد وإنها كنظام اقتصادي واجتماعي تناقض قوانين الإسلام التي يجب على المسلمين كافة الدعوة إليها. كما يحرم عليهم الدعوة إلى غيرها من النظم الإجتماعية لأن الإسلام وحده خيرة رب العالمين ورسالة خاتم النبيين" ومن يتبغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) ؛
- والسيد عبد الله الشيرازي: (لا يخفي أن الشيوعية كما أجبت عنها سابقاً كفر وإلحاد وعين اللادينية ويحرم على جميع المسلمين التحزب بهذا الحزب.. فإن الشيوعية تفني الآثار الدينية وكل ما حكم به العقل والعقلاء والأنبياء "ص" من حفظ الأنسان. وملكية الأشخاص حفظنا الله وجميع أخواننا المسلمين من كل ما يخالف الذين الإسلامي) ؛
- الشيخ مرتضى الياسين: أن (الانتماء إلى الحزب الشيوعي أو تقديم الدعم له من أكبر الآثام التي يستنكرها الدين ؛
- الشيخ محمد مهدي الخالصي ابن الشيخ محمد الخالصي اصدر فتوى أكد فيها (ان الشيوعيين مرتدين وحكم المرتد القتل وان تاب ) ؛
- والسيد محمد جواد التبريزي: إن الشيوعية شنيعة ليست فوقها شنيعة ورذيلة دونها كل رذيلة ونار لا تبقى ولا تبقى ولا تذر الإنتماء إليه ومؤازرتها كفر وإلحاد عصمنا الله والإسلام وجميع المسلمين من شرها ؛
- والسيد محمد علي الطبطبائي والشيخ على كاشف الغطاء وغيرهم.
- كما شارك علماء السنة في إصدار مثل هذه الفتوى على شكل إسئلة وأجوبة متمثلاً بالسيد نجم الدين الواعظ وحمدي الأعظمي وعبد القادر الخطيب وفؤاد الآلوسي: ( الشيوعية إلحاد وكفر، ومن ينتسب إليها أو يعاونها ولو يشطر كلمة فهو ملحد لجميع الأديان السماوية) ؛
- وشارك أيضاً في تأييد هذه الفتاوى علماء الدين اكراد، متمثلاً بالشيخ ملا صالح عبد الكريم والشيخ جميل المفتي والشيخ عمر عبد العزيز والشيخ عثمان عبد العزيز( لما كانت الشيوعية مبنية على عدم الإعتراف بالخالق والأديان والروح واليوم ألآخر، وهي لا تؤمن بسوى المادة، لذلك فلا شك في كفر من ينتمي إلى مثل هذا الحزب بعد العلم بمبادئه الخبيثة" ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه") .
و"... لم يتوقف الإمام الحكيم وجهازه الواسع من العلماء المنتشرين في أنحاء العراق والعالم الإسلامي عن مهاجمة القوانين الوضعية التي أخذت السلطة ومنها قانون الأحوال الشخصية، وذلك من خلال المناسبات والاحتفالات العامة التي أخذت تعقد في المدن العراقية في المناسبات الدينية، كما أنه لم يتوقف عن مواجهته للحزب الشيوعي، فقد نشرت صحيفة الحرية بتاريخ 9/5/1960 بياناً صادراً عن الإمام الحكيم يشجب فيه الأعمال الشيوعية وينتقد الحكومة نقداً لاذعاً على إغفالها للدين الحنيف وتبنيها التعاليم الشيوعية الإلحادية ... ". كما أصر المرجع الديني السيد الحكيم وأنصاره وهم يمارسون إصدار الفتاوى الدينية ذات الطابع السياسي التحريضي وجميعهم"...مشحونين بلا تعقل ضد عبد الكريم قاسم حتى أتذكر أن الأخير لما جاء إلى النجف في زيارة أصدر السيد محسن الحكيم فتوى يقضي بتحريم إستقباله... ". كما أصدر السيد الحكيم فتوى بحرمة الصلاة على الارض المغتصبة وهو يعني اراضي الاصلاح الزراعي، وافتى بحرمة شراء اللحم من القصاب الذي ينتمي للحزب الشيوعي وغيرها من التوجيهات المتخفية بطابعها الديني.
وقد أكد مضمون هذه الفتوى: "... السيد الشهيد محمد الصدر صاحب النهضة الاسلامية الشعبوية في العراق, اعلن في نهاية التسعينيات تحريمة الصلاة في الاراضي الزراعية والملكيات الخاصة التي حصل عليها اصحابها من خلال قانون الاصلاح الزراعي, وطالبهم بحصول براءة الذمة من المالكيين الاصليين. وقد اثارت هذه الفتوى جدلا محتدما في المجتمع العراقي, الا ان التطبيق لها او الالتزام نحوها كان ضعيفا جدا وباهتا, لقدم ملكية تلك الاراضي بين الناس, وتحولها الى منازل سكنية ومنشات خدمية, وتعقيد المسالة اجتماعيا واقتصاديا, فضلا عن ذلك تحول المجتمع العراقي من النمط الزراعي الريفي الى النمط الريعي النفطي المدني... ". بل والأكثر من ذلك فقد وجه السيد الحكيم رسالة إلى سكان منطقتي العاصمة ( خلف السدة الشرقية في الرصافة ) والشاكرية ( كانت بالقرب من كرادة مريم)، يدعوهم فيها إلى التصدي إلى الأفكار التي تبعدكم عن دين الله، علماً بأن الحزب الشيوعي كان له قواعد كبيرة بين ابناء هاتين المنطقتين .
وعليه فإن"... عبد الكريم قاسم كان يتعامل مع الوجه المعلن بإيجابية واضحة وهم جماعة العلماء وهي ليست واجهة لحزب الدعوة، وإنما كان الحزب يكتفي بذلك على إعتبار أن كثيراً من شخصياته القيادية كانت من جماعة العلماء أو مؤازرة للحزب، فكان الوجه الإسلامي الذي يتعامل مع الأحداث ومواقف السياسة هم جماعة العلماء، وكانت لهم الحرية في إصدار منشوراتهم وإذاعتها عبر الإذاعة العراقية ... لأن عبد الكريم قاسم كما أسلفت لك لم يكن سلبياً من المرجعية والطرح الإسلامي، فجماعة العلماء كانت تصدر منشورتها وتذيعها عبر الإذاعة الحكومية، وسمح كذلك بإقامة الاحتفالات الدينية في كل أنحاء العراق، فأقيمت الندوات التثقيفية الاسلامية في كل مكان، كما فتحت في هذه المرحلة فروعاً لمكتبة الأمام الحكيم في مختلف أنحاء العراق، وكانت هذه المكتبات مراكز لتثقيف الشباب وزيادة وعيه الحركي السياسي، ولم يحدث أن تعرضت سلطة قاسم إلى أي من هذه الانشطة والفعاليات أو أعترضت عليها، كما لم تتعرض إلى حرية الدراسة في الحوزة العلمية... ".
"... وفي أعقاب صدور قانون الأحوال الشخصية الذي ساوى في حصص الإرث بين المرأة والرجل، خلافاً لنص قرأني صريح. وفي أعقاب تنامي دور الشيوعيين وإتساع نشاطهم، بدأ معظم المراجع العلمية الكبيرة يقتصدون في منح التأييد لحكومة قاسم. ثم ما لبثوا أن وقفوا منها موقف المعارض. وقد أحدث هذا التطور انشقاقاً غير متوقع بين الأتباع الشيعية الذين كانوا يمثلون إلى وقت قريبة قاعدة (الحوزة) الشيعية. فانشطروا إلى فريقين.. فريق أصطف إلى جانب علمائه، وفريق آثر أن يخالف إتجاه العلماء... فيما تحولت جغرافيا التشيع إلى جغرافيا الثورة، كمناطق نفوذ شبه كاملة لعبد الكريم قاسم. ولم يكن أمام الأقلية الدينية التي عارضت تلك الحكومة، والأقلية القومية التي تزعمها حزب البعث في حركة المعارضة إلا أن تلتقي في تحالف غير معلن ولو أنه كان ملموسا على أرض الواقع... ".
الهوامش
103 - لقد تساءل الكاتب محمد هادي الأسدي هل أن الفتوى في 12 شباط 1960 الموافق 17 شعبان 1379 هـ، قد صدرت بالتزامن مع: "... بعد أقل من شهرين من صدور قانون الجمعيات، ولا ندري بالضبط إن كان هناك توقيت لصدور الفتوى في هذا الوقت بالذات، في الوقت الذي كانت فيه وزارة الداخلية تنظر في الطلبات التي تقدمت بها الأحزاب لنيل الإجازة بالعمل، أم أن هذا التقارن من باب الصدفة، وكانت الفتوى جواب على سؤال عن مشروعية الانتماء إلى الحزب الشيوعي...". مستل من محمد سعيد الطريحي، الشيعة والشيوعية، ص. 127، مصدر سابق. وأيضاً يشير حسن العلوي إلى أن "... فتوى تحريم الحزب الشيوعي، بعد عشرة أيام على تقديم طلب الحزب الإسلامي..." لأجازته بالعمل العلني، حسن العلوي، الشيعة والدولة، ص. 213، مصدر سابق.
104 - كاظم الحلفي، الشيوعية كفر وإلحاد، مطبعة القضاء، النجف 1960.
105 - محمد سعيد الطريحي، الشيعة والماركسية، ص. 128، مصدر سابق.
106 - د. فالح عبد الجبار، العمامة والافندي، ص. 200، مصدر سابق.
107- الأمام الحسني البغدادي، مقاربات في سيولوجيا الدين والتدين، الحلقة 7 جريدة الزمان في 14 /11/ 2017 http://www.azzaman.com
108 - علي الكَوْراني العاملي، إلى طالب العلم، ص 165، مصدر سابق.
109 - سلمان رشيد محمد الهلالي، إشكالية العلاقة، القسم الأول ، مصدر سابق.
110- راجع مذكرات عبد الغني الراوي، جريدة الزمان، بتاريخ 9/4/1999، لندن. ويعتقد أن أبناء المرجعية يلعبون دوراً في حجب المعلومات عن والديهم، فعلى سبيل المثال يعتقد أن محمد الرضا السسيستاني، كما يقول الكاتب الاسلامي سليم الحسني: ",,. يفرض السيد محمد رضا السيستاني، رقابة صارمة على والده المرجع الأعلى للشيعة، فلا أحد يستطيع أن يظفر بلقاء ثنائي مغلق مع السيد الكبير، فنجله لا يسمح بذلك أبداً، فهو الحاضر في كل لقاء.يمثل السيد محمد رضا السيستاني النموذج الأبرز لظاهرة أبناء المراجع، وهي الظاهرة التي تعاظمت في الفترات الأخيرة، وأضرّت كثيراً بالواقع الشيعي. فقد تراجع حضور المراجع في مقابل تسيّد الأبناء على شؤون المرجعية، وفرض إراداتهم وأمزجتهم على الحياة الشيعية.وقد تشجّع أبناء المراجع على توسيع مساحات نفوذهم، عندما وجدوا أن عموم الشيعة يرون صورة المراجع في صورة أبنائهم، فلا يفرقون بين الابن والمرجع، ويتعاملون معهما على أنهما شخصية واحدة حلت بجسدين... يمثل السيد محمد رضا السيستاني النموذج الأبرز لظاهرة أبناء المراجع، وهي الظاهرة التي تعاظمت في الفترات الأخيرة، وأضرّت كثيراً بالواقع الشيعي. فقد تراجع حضور المراجع في مقابل تسيّد الأبناء على شؤون المرجعية، وفرض إراداتهم وأمزجتهم على الحياة الشيعية. وقد تشجّع أبناء المراجع على توسيع مساحات نفوذهم، عندما وجدوا أن عموم الشيعة يرون صورة المراجع في صورة أبنائهم، فلا يفرقون بين الابن والمرجع، ويتعاملون معهما على أنهما شخصية واحدة حلت بجسدين. وكمثال على ذلك، فان مرجع الشيعة السيد السيستاني يتعامل بنظرة الأبوة للكيان الشيعي، لكن نجله السيد محمد رضا يتعامل بحسابات القوة والضعف، والتوازنات والمحاور في نسيج معقد من العلاقات والخطوط والاتجاهات...". راجع سليم الحسني، دولة السيد محمد رضا السيستاني، من صفحته في الفيسبوك، والمنشورة في 21/1/2019.
111 - مستل من: فايز الخفاجي، الحرس القومي، ص.237 و 235، مصدر سابق..
112 - د. رشيد الخيون، آمالي السيد طالب الرفاعي، ط. 2، هامش ص.193، دار مدارك، دبي 2012.
113 - د. طه جابر العلواني، تجربتي مع الحياة السياسية قي العراق، صص. 70-77، منتدى المعارف بيروت 2016.
114- د.فالح عبد الجبار، العمامة والافندي، ص. 201، مصدر سابق.
115 - سلمان رشيد محمد الهلالي، إشكالية العلاقة، القسم الصاني، مصدر سابق.
116 - كل هذه الفتاوى مستل من محمد سعيد الطريحي، الشيعة والشيوعية، صص. 101-123، مصدر سابق.
117- المصدر السابق، ص. 102 وما بعدها.
118 - محمد هادي الاسدي، فتوى الإمام الحكيم حول الشيوعية، مستل من المصدر السابق، ص.133.
119- د. رشيد الخيون، آمالي السيد طالب الرفاعي ص. 146، مصدر سابق. لنقارن بين هذا الموقف وموقف السيد الحكيم عندما ـتم تفتيش بيته من قبل قوى الأمن عندما وجهت سلطة نظام البعث تهمة لولده مهدي الحكيم بالجاسوسية في مطلع السبعينات. المصدر ذاته ص. 329.
120 يقول سلمان رشيد محمد الهلالي، حول الإصلاح الزراعي، بأنه "...رغم البحث المضني للعديد من الباحثين والكتاب وبخاصة من الشيوعيين , لذا عمد البعض الى التلميح بان المرجع الحكيم لم يعلن الفتوى مباشرة او علنيا مراعاة لنظام الشاة الذي اصدر قانون الاصلاح الزراعي في ايران في ايار 1960 فعمد الى تحريمه عرفيا او سريا, او من خلال الشياع بين الناس الى ان الصلاة في الاراضي التي تملكت بواسطة قانون الاصلاح الزراعي هى صلاة باطلة, لان تلك الاراضي هى بحكم المغصوبة... " إشكالية العلاقة، القسم الأول، مصدر سابق. ويشير مصدر آخر موضوعي البعد إلى أن "... بلغ الفلاحين الخبر المزعوم الذي نسب إلى الحكيم بتحريم الصلاة على أرض مصادرة بموجب قانون الإصلاح الزراعي، فإنهم طالبوا بنص مكتوب دليلاً على صحة ذلك. وفي حالات أخرى أنكر الفلاحون ببساطة أن يكون الحكيم معرضاً لنقل ملكية الأرض إليهم، ذلك لأنهم شيعة وفقراء. وكان ثمة فلاحون أكثر جرأة أنكروا صدور فتوى كهذه على الإطلاق، قائلين بأن الحكيم كان أعقل من أن يتخذ موقفاً كهذا..." د. فالح عبد الجبار، العمامة والافندي، ص. 200، مصدر سابق. وسبق وأن تطرقنا إلى الصيرورات التي أدت إلى خلق الإقطاع في العراق وكيفية إستيلاء شيوخ العشائر على الأراضي، راجع الفصل الأول من هذا الكتاب.
121-". سلمان رشيد محمد الهلالي،اشكالية العلاقة، مصدر سابق، القسم الأول، الحوار المتمدن .
122- للمزيد راجع ، محمد سعيد الطريحي، الشيعة والشيوعية، ص. 133، مصدر سابق.
123 - توفيق التميمي، شهادات عراقية ، شهادة السيد هاشم الموسوي، الأمين العام لحزب الدعوة/ تنظيم العراق، ص. 174 و 175، مصدر سابق.
124- حسن العلوي، الشيعة والدولة القومية،ص.210، و211، مصدر سابق



#عقيل_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجذور التاريخية للفتوى الدينية في ملاحقة اليسار بالعراق الم ...
- الجذور التاريخية للفتوى الدينية في ملاحقة اليسار بالعراق الم ...
- الجذور التاريخية للفتوى الدينية في ملاحقة اليسار بالعراق الم ...
- الجذور التاريخية للفتوى الدينية في ملاحقة اليسار بالعراق الم ...
- الجذور التاريخية للفتوى الدينية في ملاحقة اليسار بالعراق الم ...
- الجذور التاريخية للفتاوى الدينية في ملاحقة اليسار بالعراق ال ...
- مناسبة الذكرى الستين لثورة 14 تموز : من جدليات الثورة الثرية ...
- بمناسبة الذكرى الستين لثورة 14 تموز : من جدليات الثورة الثري ...
- بمناسبة الذكرى الستون لثورة 14 تموز-- من جدليات الثورة الثري ...
- قراءة في مذكرات من زمن الاستبداد
- من أرأسيات نقد المرحلة الملكية وأزمتها البنيوية: (2-2)
- من أرأسيات نقد المرحلة الملكية وأزمتها البنيوية: (1-2)
- عامر عبد الله ... مثقف عضوي (3-3)
- عامر عبد الله .. مثقف عضوي (2-3)
- عامر عبد الله .. مثقف عضوي (1-3)
- المكثف في العنف (4-4)
- المكثف في العنف (3-4)
- المكثف حول العنف (2-4)
- المكثف حول العنف (1-4)
- جدلية وماهية تكوين الدولة العراقية (7-7)


المزيد.....




- -بعهد الأخ محمد بن سلمان المحترم-..مقتدى الصدر يشيد بالانفتا ...
- الكشف عن بعض أسرار ألمع انفجار كوني على الإطلاق
- مصر.. الحكومة تبحث قرارا جديدا بعد وفاة فتاة تدخل السيسي لإن ...
- الأردن يستدعي السفير الإيراني بعد تصريح -الهدف التالي-
- شاهد: إعادة تشغيل مخبز في شمال غزة لأول مرة منذ بداية الحرب ...
- شولتس في الصين لبحث -تحقيق سلام عادل- في أوكرانيا
- الشرق الأوسط وبرميل البارود (1).. القدرات العسكرية لإسرائيل ...
- -امتنعوا عن الرجوع!-.. الطائرات الإسرائيلية تحذر سكان وسط غ ...
- الـFBI يفتح تحقيقا جنائيا في انهيار جسر -فرانسيس سكوت كي- في ...
- هل تؤثر المواجهة الإيرانية الإسرائيلية على الطيران العالمي؟ ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عقيل الناصري - الجذور التاريخية للفتوى الدينية في ملاحقة اليسار بالعراق المعاصر *** (10- 7):