أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عماد علي - افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (66)















المزيد.....

افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (66)


عماد علي

الحوار المتمدن-العدد: 6181 - 2019 / 3 / 23 - 13:23
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


و من هذا المنظور، فان فخري راضي في القرن السادس الهجري و في ثنايا حديثه و مدحه للشافعي يقول؛ تحدث اخرون قبل الشافعي عن اصول الفقه، و اثبتوا بدلائل و رفضوه. ولكن لم يكن لهم قانون عام كي يعودوا الى معرفة دلائل و اثباتات الشريعة الى ان جاء الشافعي و اخرج المباديء الساسية للشريعة، و بهذا حدد القانون العام حول دلائل و اثباتات الشريعة للناس. (5) و من هناك اصبحت الشريعة محكوما بعدة مباديء مقدسة و ادعى بان من يخرج منها فانه يخرج من الاسلام بذاته، لذا فان نتاجات الشافعي لم تكن شيئا يخص الشريعة فقط و انما اكثر من ذلك، فانها مؤلفات و نتاجات خاصة بمباديء المعرفة الشرعية، هو جزء من تلك الصراعات التي كانت قائمة في ذلك العصر في المجتمع الاسلامي بين الجماعات و التيارات المخالفة مع البعض، و هو بداية ظهور التيار السلفي في اطار الايديولوجية المغلقة بالنصوص المقدسة، لان في ذلك الفضاء الديني الذي كُتب فيه هذا الكتاب و النظرة، كان ذلك احتلالا للنص الديني و تحديد اطار مقدس له و بالتالي احتلال للحقيقة الدينية، و بعكسه اخراج الاخرين المخالفين من مملكة الحقيقة ( 6). و بهذا الشكل، فان هاتين الخليفتيت حلمتا حلمين مخالفين كليا للبعض من حيث المعرفة، اما من جانب الهدف السياسي هو الشيء ذاته. بالعودة الى حلم مامون، براي الجابري في مشروعه الفكري ( نقد العقل العربي) فان اهمية هذا الحلم لم يكن من جانب معرفة مصادر المعرفة، و انما في الجزء الذي قاله ارسطو بعد تحديد المباديء الثلاث للمعرفة ( وفق حلم مامون، العقل ثم الشريعة ، ثم راي الاكثرية) و يقول لم يبق بعد ذلك شيء. اي لا يحتاج مامون الى ذلك الحلم لتحديد مصادر الفصل بين الخير و الشر على المستوى الاجتماعي، و اصحيته ام لا على المستوى المعرفي. عندما يقول بعد هذا لا توجد هناك مصادر اخرى، و انما يحتاج الى ذلك الجزء من ارسطو. و الهدف من هذا الحلم ليس الشيء الذي يثبته، لان مباديء العقل و الشريعة و الاكثرية او الاجماع كانت معروفة و معلومة، و انما كان هدفه الرئيسي هو الشيء الذي يرفضه، و هذا ما جعل ان يرفضه بتلك القوة عن طريق الحلم و من ثم يقول لاشيء اخر، فانه ما يعنيه بلا شيء اخر هو الغنوصية و العرفان (7) و عليه فان نمو عملية الترجمة في عصر مامون و استخدامع كل امكانيات و قدرات الدولة لهذا العمل الذي كان في اساسها عن كتابات ارسطو، و كان هذا نتيجة لنمو حركة المعارضة للسلطة العباسية من قبل من كان يمثلون الغنوصية، و المانوية و العرفانية الشيعية، و الاثنين كانوا حركات باطنية. هذا التحليل للجابري يكون صحيحا الى حد، بشرط ان يكون عندما يقصد مامون(لا شيء اخر) في حلمه بجميع التيارات و الجماعات المخالفة و المناوئة في اعتبار العقل اول مصدر للمعرفة و ليس الغنوصية و العرفانية الاسلامية فقط، لان كما قلنا من قبل ان الشكل الغنوصي و الذي مثلهم المانويين كانوا الاخطر فكريا و في النهاية سياسيا جديا في ذلك العصر، و لكن في المراحل الثانية و بمجيء هذه التركيبة و الشكل الى الثقافة الاسلامية و معرفتها بالمعطيات الفلسفية فاصبحت جزءا من الخطاب الفلسفي. و هذه مسالة تقع في اطار اسباب الترجمة و لجوء مامون الى النصوص الارسطوية.
و في المقابل ان ما حلمه المتوكل بالشافعي، و بالاستفادة من تحليل الجابري لحلم مامون، لنا ان نقول ان ما امر به النبي للمتوكل كي يجعل من الشافعي مصدر للتدين، ليس من ذلك الوجه الذي يعتبر الشافعي هو الوحيد كصاحب للمذهب الفقهي و انما من الوجه الذي يدل على انه الوحيد كارسطو و هو صاحب مبدا محدود و مكتوب للشريعة، اي اصول الفقه، لان قبل الشافعي و في عصره ايضا و بعده، كان هناك الكثير من المشرعين و الفقهاء الاسلاميين, لكن تاريح كتابة مباديء الشريعة ابتدأ به، و لم تحصل بعده اية زيادة او نقصان في تلك المباديء العامة التي وضعها هو بنفسه، و ان كان هناك اشخاص مخالفا للمباديء الفقهية له كابن حزم الذي كان مخالفا للقياس و الاجماع مثلا، فان هذا الخلاف لم ياخذ حقه و انما اصبح بلاءا و مشكلة له، لذا ، ففي الجمع العام لتلك المباديء الشافعية، لم تؤخذ على انه هو من اقرها و انما صُورت على انه من نظمها و لا شيء اخر، و ان مصادره سمائية و جزء من الوحي الالهي و المقدس. و بهذا الشكل فان تشفع المعرفة و كما جاء في حلم المتوكل و على اعتبار ان النبي ما امره به، و عليه فانه يشمل جميع الحركات الدينية و المناوئين للسلطة العباسية، و على راسهم الشيعة و المعتزلة. و الواضح في المذهب الشافعي، فان اهل الكلام و المشتغلين بالعمل الفلسفي، على انهم اهل البدعة و الممخطئين و ان هذا العلم مخالف مع المعطيات الدينية وفق هذا المذهب، و بعكسه فانه كان يؤيد بشدة الاستسلام للمركز الظاهري النصوص المقدسة، وهو اول شخصية اسلامية رفعت السنة المحمدية الى مستوى قدسية القرآن و جعلها المصدر الثاني للشريعة و وضع الشكل و كيفية جمعها في كتابه (الرسالة)، وهو اول كتاب للاصول الفقه الاسلامي في التاريخ. فان هاتين الحكايتين و ان كانا حلمين و ليس بشرط ان يكونا صحيحين و بهذا الشكل، فان احدهما ذات توجه انفتاحي نحو عالم الفلسفة و الفكر الانساني و في النتيجة انفتاح عقل المسلم، و الاخر انغلاق بوجه هذا الفكر و بعكسه احياء المذهبية و سيطرة الخطاب النقلاني و غلق ذلك العقل بذاته، اي انه لم يكن حلما مؤقتا اثناء النوم الذي وجّه احدهما نحو الفلسفة و الاخر نحو صد الفلسفة، و انما كانت تلك حاجة و ضرورة مؤقتة للوعي و المقاومة للمناوئين السياسين، الذي تمخض لديهم هذا المشورع، انه حاجة تاسيس الايديولوجيا و الخطاب الفكري للدولة دون ايديولوجويا ارثوذوكسية، لذا فان عصر الخلافة العباسية هو عصر المحاولة الدائمة للسلطة الاسلامية لبناء نظام التفكر و الاطار الفكري المتين و المغلق للمجتمع و الدين، و هناك شكوك كثيرة حول اصحية تلك الاحلام ام لا، و لكن هناك شكوك قليلة حول الخيال و الميول السياسية من وراء تلك الاحلام. بمعنى اخر، لنا ان نقول فانه ليس احلام النوم هي التي شجعت هذه السلطة لدعم المشروعين الفكريين المخالفين و المختلفين عن البعض و انما كان ذلك حلما سياسيا لتمتين السلطة و تقوية الاعمدة االاساسية للدولة الذي جعلهم ان يحلموا هكذا. قبل مجيء مامون و متوكل، فان هذين التوجهين الفكريين (العقلاني و النقلاني ) كانا في صراع مستمر مع البعض و مع مخالفيهما كخطاب الغنوصي او اي تيارات اخرى من المعروفين بالزندقة، اي ان مامون اراد ان يواجه المانويين و الحركة الباطنية الاسلامية و الخطاب التقليدي الديني بالفلسفة و كما واجههم المهدي بالسلاح و القتل، و بعده فان المتوكل فعل الشيء نفسه بجمع الاحاديث، و في هذا الوجه، فانه لم يكن حلم مامون من اجل ارسطو و انما من اجل مواجهة ماني و التابعين له ( 8).



#عماد_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (65)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 64)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 63)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 62)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (61)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (60)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (59)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (58)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 57)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (56)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (55)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 54)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 53)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (52)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 51)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (50)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (49)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (48)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (47)
- افول الفلسفة الاسلامية بعد تجليها (47)


المزيد.....




- أحمد الطيبي: حياة الأسير مروان البرغوثي في خطر..(فيديو)
- خلل -كارثي- في بنك تجاري سمح للعملاء بسحب ملايين الدولارات ع ...
- الزعيم الكوري الشمالي يشرف على مناورات مدفعية بالتزامن مع زي ...
- الاحتلال يقتحم مناطق في نابلس والخليل وقلقيلية وبيت لحم
- مقتل 20 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على غزة
- بالصور: زعيم كوريا الشمالية يشرف على مناورات -سلاح الإبادة- ...
- ترامب يفشل في إيداع سند كفالة بـ464 مليون دولار في قضية تضخي ...
- سوريا: هجوم إسرائيلي جوي على نقاط عسكرية بريف دمشق
- الجيش الأميركي يعلن تدمير صواريخ ومسيرات تابعة للحوثيين
- مسلسل يثير غضب الشارع الكويتي.. وبيان رسمي من وزارة الإعلام ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عماد علي - افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (66)