أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد السعد - الولد البلوري- قراءه متأنيه في مجموعة الشاعر احمد جاسم محمد















المزيد.....

الولد البلوري- قراءه متأنيه في مجموعة الشاعر احمد جاسم محمد


أحمد السعد

الحوار المتمدن-العدد: 6181 - 2019 / 3 / 23 - 00:53
المحور: الادب والفن
    


الولد البلوري – قراءة متأنيه في مجموعة الشاعر احمد جاسم محمد
لايتعامل الشاعر التقدمي مع الظاهره على انها وليدة اللحظة وملابساتها بل يتخطى ذلك الى تقصي جذورها وحيثياتها في رؤيته الجدليه للآشياء والظواهر فهو يستدل ببوصلته الخاصه حلقات التاريخ ومخرجاتها ويرى رؤية الحصيف ان الواقع غير منقطع عن الظروف لتي انجبته وهو وأن اختلف في تمفصلاته وتجلياته يبقى امتدادا طبيعيا ووليدا شرعيا للظروف التاريخيه التي ظهر من رحمها لذلك لاتبهره الظواهر ولا يصيبه القنوط ان لم تسر امور حياته كما ينبغي ، الشاعر التقدمي لا يتململ او يشيح ببصره عن قبح حاضره وقتامة مستفبله بل يستشرف من فكره حقيقة آمن بها وهي ان الغد هو غد الآنسان وهو الغد الأبهى والآجمل بين الآيام وبأن الحاضر ليس سوى جسر يوصلنا الى ما نصبو اليه لكن ليس بالآماني بل بالعمل الشاق والنضال وبالكلمة الحرة .
تضم مجموعة (الولد البلوري ) سبع وستون قصيدة جميعها جاءت (مفعلة ) وهذا ما شدني الى المجموعه فأنا اقرب الى شعر التفعيله من قصائد النثر الرائجه هذه الآيام .
المجموعه تتنوع في موضوعتها ولكن يطبعها جميعا ذلك الطابع الآنساني الشفيف وهي في تناولها لموضوعاتها وثيماتها المتنوعه تجمعها صفة واحده وهي الآسلوب الذي تميزت به وهو اسلوب جميل ، انيق ، يقتصد في المفرده دونما اسهاب ودونما افاضات زائدة عن الحاجه . مرارة التجارب وقسوة الغربة وعقم الجري وراء الآحلام المؤجله :
"أتحير دوما في امر الكلمات
اذ تخرج من مرجلها لاسعة
وأراها في الآوراق البيض
باردة من دون حياة
كنت وانا اعدو في الصحراء
وأطوي البحر
تغمر قلبي اشعار دافقة الوقع
تأسرني بمصائدها المجنونه "
منطلقا من تجربة حياتية قاسيه حيث اظطره النظام البائد الى ترك وطنه ليبحث عن الرزق في بلاد الله حتى استقر في الجزائر – مدينة سيدسي بلعباس – ولكنها لم تكن بالتجربة السهله حينما تبتعد عن أهلك وأصدقاءك ومدينتك وتترك وراءك ذكرياتك وطفولتك وتصبح العودة الى حضن الوطن مجرد حلم يداعب خيالك
هذه التجربة القاسيه التي عاشها ولايزال يعيشها الكثيرون من العراقيين هي جرح نازف تلكئه الذكريات التي لاتفارق الخاطر لحظة واحده :
"آه يا (بيزوخوف )
ياعائد من هول الحرب
وموعظة الآشلاء
انا مثلك
لو كنت بلا قيد
لو لم تسحقني السنوات "
وبيزوخوف هذا هو بطل رواية (تولستوي) العظيمه (الحرب والسلام)فالشاعر عائد من حرب خسر فيها وطنه لصالح الدكتاتوريه حين كان الوطن والناس خاسران في حروب عبثيه اودت بأحلام الناس وآمالهم وكانت نتائجها اكثر قساوة ومرارة منها حيث نزف العراق ابناءه بين قتيل وهارب .
وهناك في اقاصي الذاكره تسبح مغمورة بالضلال ذكريات الطفولة والصبا لذلك (الطفل البلوري ) الذي كسرته قسوة ظروفه وظروف وطنه وكنه مازال يحمل في داخله نقاء البلور وصفاءه :
"لكن الولد البلوري
القابع في اقصى العظم
مازال هناك
يشعل في قلبي نار الغابات
لتريني كل مساء اودية جرداء
يتساقط فيها النجم
وتنهار بها الاشلاء
فيعيد الي الطفل الذاهل
بثياب واسعة
لايشبه ذاك المرسوم بكراسات الدرس "
هذا الولد البلوري هو طفولة الشاعر فهو الآن يخرج من جسد الشاعر ليستوي كائنا جديدا مازال محتفظا بنقاء البلور فيوقظ الشاعر من ذهوله ليقوده عبر اقبية الذاكرة والتاريخ الى حيث كان ، في المدينة التي كانت ملعب طفولته ومبتدأ ذكرياته وفي قصيدته (الآمس الذي يسكنني ) تتجسد هذه الأستعادات لتفاصيل صغيره تبعثرت في الذاكره ليعيد ترميم الصوره التي شوهتها وضببتها متاعب العيش والغربة والفقر . في قصائد اخرى مازال الولد البلوري ينير للآشياء والظواهر ويتنقل بين (المنفى الآختياري) وبين الوطن الذي ما ان عاد اليه حتى عاد طعم العلقم في فمه :تلك المرارة التي طبعت ايامه السود والتي دفعته كما دفعت الكثيرين الى الهجرة بحثا عن لقمة العيش والكرامه في بلاد الآخرين ، الوطن الذي ما زال يئن تحت سوط الفوضى الخراب وغموض المستقبل وعتمة الحاضر حتى تستفيق فينا احلام نا التي بدلا من ان تستشرف المستقبل تعيدنا الى الوراء ، الى الذاكرة التي اضحت كل ما لدينا وسط القفر والقحط واليباس :
"آه كم كانت تتناسل فينا
أطياف ورؤئ
تحملنا لربوع النرجس والحناء "
لم يبق سوى ان نترحم على ايامنا الخوالي ونستذكر زمنا كنا فيه نمتلك حلما كبيرا لوطن جميل ينعم فيه الناس بخيراته ويحيون مثل بقية البشر بسلام ومحبه لكن الأوغاد حولوه الى ارض يباب مستباحة فمات الحلم الكبير ولكن حلم الشاعر لم يمت فالولد البلوري الذي كسرت نضارته قسوة الزمن مازال يحلم ومازال في قلبه القروي امل بأن الغد لابد آت وسيكون افضل وأكثر بهاءا وأشراقا :
"لكن ضحايا الآمس المثقل بالقتل
ودموع اليأس المسكوبة
في كل زوايا الدنيا
وتلك الصيحات المنبئة
في قلب الكلمات
لابد لها
لابد لها
ان تمحق غدر العتمة بالآضواء"
الشاعر التقدمي لايمل من الآمل ولايستسلم لليأس فهو يرى النور الآتي من خلف الظلمة من وجع الناس ومعاناتهم ، يعلم علم اليقين أن المستقبل للآنسان وبأن الحرية قدر الناس وبأن الآوطان لا تتحرر بالكلمات ولا بالكتب الصفراء بل بالآفكار الثورية والعمل الثوري فقضية الوطن هي جزء من قضية كبرى هي قضية الآنسانيه الماضيه في طريق تحررها وانعتاقها من أنظمة القسر والقهر بكل انواعها وتجلياتها وأفكارها وأيدلوجياتها ونصوصها المبجله والتي خلفها يقف الظلم والأستهتار بالقيم الآنسانيه ، خلف مقدسات الآنظمه ونواميسها يقبع الوحش البشع للآنظمة اللاانسانيه .
في قصيدة (تساؤل) يوجه الشاعر اسئلته الى (ناظم حكمت ) الشاعر التقدمي التركي حيث يستلهم منه قصيدته التي يقول فيها :
"أجمل الآطفال من لم يولد بعد
وأجمل سني حياتنا تلك التي لم نعشها بعد
وأجمل الآماكن تلك التي لم نزرها بعد
وأجمل ما اردت قوله ما لم اقله بعد"
فيخاطب (ناظم حكمت ) بالقول :
"متى سيشب الطفل الآجمل
ونخوض البحر الآجمل
وتكون لنا ا لآيام الآروع والآكمل "
ولعل قراءات الشاعر للنصوص الشعريه التي كتبها كبار الشعراء الآنسانيين (اراغون ) و(مايكوفسكي) و(نيرودا )و(ناظم حكمت) منحته القدره على التواصل مع المخزونات الفكريه والفنيه لتلك النصوص العظيمه فمعروف عن اراغون ونيرودا وناظم حكمت انهم خلدوا عشيقاتهم في قصائدهم فكانت المرأة في شعرهم ثيمة وليست شخصا بذاته وهي قيمة رمزيه اكثر منها قيمة شعوريه او انعكاس لتجربة حسيه وشخصيه فتجلت في اكثر من صوره فأخذت شكل الحرية تارة والوطن تارة اخرى وقضية الآنسان والنضال من اجل وحدة بني البشر كل تلك التجليات لصورة المرأه نجدها في نصوص اولئك الشعراء العظام .
البساطه ورشاقة الآسلوب ووضوح الفكره هو مايطبع شعر احمد جاسم في هذه المجموعه الواعده بالمزيد القادم حيث تتجلى الآفكار الكبيره التي يكتنزهاعقل الشاعر وضميره والتي هي عصارة تجاربه الشعرية والحياتيه وهي تجليات جماليه غاية في الشفافية فلاتجد فيها وانت تقرأها اي تشتت او نأي ن المقصد او استغراق في تهويمات وخيالات وشطحات بل انك امام نصوص تكشف لك عن مكنونها بوضوح وونما لبس او مراوغه وبلا ايغال في الرمزيه وبلا تعكز على توظيفات للحكايات الشعبيه او الميثولوجيا بل تتجلى الموضوعات واضحة المعالم والسمات والدلالات ولكنك تجد ايضا في قصائد المجموعه استعادات وومضات تشتعل بها ذاكرة القارئ وتشغله الآستعادات ليستكشف العوالم التي احاطت بالنصوص وولدتها وفي مخاضات الولادة تنثال الصور الشعرية الجميله متناغمة ومنسجمة فلا يعمد الشاعر الى البحث عن الغوص في المعاني العميقه ليستظهر الفكره بل يجعلنا نستكشف ذلك من قراءتنا الآولى مأخوذين بأسلوب تعبيري انيق .



#أحمد_السعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الضياع بين دجلة والدانوب - قراءة فى قصائد مجموعة ( أطياف حال ...
- لماذا يهولون حجم حزب البعث ؟
- الشعارات والهتافات التى رددتها الجماهير يوم عاشوراء
- دور المثقف فى عملية التغيير
- خمس قصص قصيره جدا
- الحراك السياسى العراقى والولادات الجديده
- رسالة مفتوحه أسرة وكتاب وقراء الحوار المتمدن
- هل انتهى شهر عسل حكومة المالكى والأدارة الأمريكيه
- غرامة 400 الف دولار لصحفية سودانيه بسبب مقال حول لبنى الحسين
- هل تستبعد الأيادى الأمريكيه عن أنقلاب هندوراس ؟
- عن(أشرف) مرة أخرى
- يا ترانه الجميله ....أمك ما زالت تبحث عنك
- دفاعا عن حركة الجماهير الشعبيه من أجل الحقوق الديمقراطيه وال ...
- عن اشرف مرة أخرى
- بيان استغاثه
- حزب توده يفتح النار علىمرشد الثورة على الخامنئى
- من هم قراء الحوار المتمدن ؟
- حول الأسرة والمدرسة
- أنشطه ثقافية ينهض بها فرع البصرة للحزب الشيوعى العراقى
- قاسم محمد...وداعا ايها الرائع


المزيد.....




- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد السعد - الولد البلوري- قراءه متأنيه في مجموعة الشاعر احمد جاسم محمد