أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ندى مصطفى رستم - وبقي الوشاح














المزيد.....

وبقي الوشاح


ندى مصطفى رستم

الحوار المتمدن-العدد: 6177 - 2019 / 3 / 19 - 21:37
المحور: الادب والفن
    


ها هو عيدك يا أمي يلوح بالأفق ما عهدته من قبل إنه قادم يرتدي وشاحاً مزركشا يناديني بصوت أحن مما كان، ويقول من بعيد: أنا قادم يا ندى! لآخذ رسالتك لأمك فهي جالسة في فردوسها تنتظرني! هل أنا أحلم، أحقأ أمي تنتظر رسالتي يا لسعادتي! أيعقل ستقرأ ما أكتبه لها ؟عله يحملني إليها لكي أقبلها وأعتذر لها عن الألم الناتج عن بعدي عنها قسراً، فحالي كحال كثير من أبناء وطني. ثم أقدم لها ذلك الوشاح لطالما كنت حالمة به منذ صغري وأحكي لها عن أبي وأخوتي في أثناء غيابها، وكيف هرب الدمع من مقلتيّ؟ وكيف كنت أرفض الواقع؟ مؤلم غياب الأم عن مسرحية حياتي، على من أرمي حمل حناني!!؟ أصلا لا أحد يسمعني يا أمي من بعدك!! مع العلم كلي يقين سوف ترفض هديتي كعادتها لأنها كانت دوما رافضة سلفا أي شيء ولا تبرر سبب رفضها، فقد كان جوابها يسبق ضحكتها وابتسامتها الجميلة وتقول: أنا هديتي معي ولن أبارحها! بينما هداياكم زائلة كومضة عمر!!! وإذ هداياها أنا وأخوتي تضيف أنتم هديتي والهدايا التي تفرحني ابتسامات نجاحكم وأخلاقكم العالية بين أقرانكم وسلوككم الحسن بهذا المجتمع الذي لا يرحم. نعم يا أمي كنتُ هدية ثمينة فيما مضى والآن أصبحت دمية قديمة يهرب مني الأطفال منذ غيابك، كم أصبحت عتيقة من دونك وفجأة أحسست إنني في غيبوبة كنت أشعر بسعادة تنبض بداخلي وأحاكي نفسي عسى العيد يحملني إليها وينسى أمر الرسالة فلا أرغب بالاستيقاظ إلا وأنا في حضنها، أتفقد ذكرياتي الطفولة شهقة شهقة بأياد مرتجفة خائفة من رحيل أمي!! رحلتِ في وقت كنت بعيدة عنك لم أتمكن من رسم صورتي في عينيك كي أكون معك هكذا يقول علم الجنائي الحديث يا أمي! نعم لم أحمل صورتي في مقلتيك لأن من كان على الوطن زعيما أفقدني هذه الصفة في أن أكون بجانب دقات قلبك تكفكف رحيلي، حينما كنت في أحدى أقبية النظام كنت أرسمك كي أكون قوية مثلك فسامحيني يا أمي كان ﻻبد أن أحمل هوية لاجئ خوفا من مصير فظيع مكرر بأقبيته الملعونة أو ربما مرمية بمقبرة جماعية أزيل أثرها عمدا. كان بداخلي صخب وضجيج وإذ بشريط يمر أمامي عمره نصف قرن محمل بكم هائل من الصور الحزينة وبداخلها قليل لا يذكر من الصور المفرحة المبعثرة هنا وهناك، فهي دوما ضائعة أحاول أن أفتش عنها كأنك تفتش على إبرة مرمية بجبل من القش . حجمها كبير تلك الأحزان ولا يمكن تجاهلها لأنها متربعة بداخلي رغما عني كيف تسللت لا أذكر، ربما أنا موطنها الوحيد من دون البشر دوما يراودني هذا السؤال منذ زمن ، لماذا أنا !؟؟؟. وبدأ بصيص من النور يظهر من بعيد حاملا طيفك كم أنت جميلة يا أمي قلبي يرتجف ، كاد يتوقف، لا أستطيع التحكم به وبدأ يصدر ضربات غريبة ممزوجة بين الحزن والفرح لأول مرة أسمعها يا الله هل هذه حقيقة أم وهم!؟؟ صوتك يناديني يا أمي أسمعه جيدا يقول لي ماذا هناك يا ندى؟! مع العلم أني مدركة أنك رحلت دون أن أودعك آخ يا أمي ما أصعب نبأ رحيلك، أحاول أن أقترب منك إلا أن المسافة ثابتة لا تتغير، أرغب أن أرتمي بحضنك وأحكي لك فهناك كلام متراكم بداخلي منذ رحيلك، وأنت الوحيدة التي تستطيع فهمي أكثر من نفسي قبل رحيلك يا أمي أحاول أن أحكي معك أتذكرين دوما تقولين لي تعبت ياندى أو لا أسمعك بوضوح أو هناك ضيوف أو الطبيب هنا كنت أتألم لألمك ولا أستطيع أن أخفف عنك آخ آخ يا أمي أريد أن أفضفض كعادتي فأنا معتادة أن أشاركك بكل تفاصيل يومياتي وأحب أن أقف أمامك كما لو كنت صغيرة وأعترف عما اقترفته من شقاوة مازالت ترافقني في الخمسين الثانية. يا أمي كم أرهقتك كنت عندما أدخل إليك تتأهبين وتقولين لي ماذا بجعبتك اليوم يا ندى ؟! إلا أنك كنت دوما توهميننا أنا وأخوتي أن والدي اتصل بك أو أن هنالك شخص أرسل معه رسالة شفهية وخاصة كانت معظم الرسائل لي وحدي دون أخوتي وكان أخي يحتج دوما الرسائل لندى!؟ أقسم يا أمي كنت أشك بكلامك فوالدي مغلقة عليه عشرات الأبواب الحديدية وكمّ هائل من الحرس كيف سيتمكن أن يتصل فالكلام ممنوع عليه وأرجع وأقول لنفسي لا الأمهات لا يعرفن الكذب لأنهن أصدق البشر سامحيني يا أمي لأنني شككت بك أعترف كنت ماهرة وتمكنت من كبح شقاوتنا أنا وأخوتي بهذا الأسلوب الذكي كلما تذكرت كيف كنت تتكلمين بكل جدية وتحاولين رسم أي ابتسامة على ثغرك لدرجة نلمس أن الأمر صادق وصادر عن لسان والدنا وعلى أنه يعلم كل تحركاتنا، دوما هناك جملة واحدة تكررينها أمامي وأمام الناس ابنتي تشبه أباها وهنا أتوقف وأعيد ترتيب نفسي وتصرفاتي بحيث يرضى عني والداي لقد ضحكت علينا أربعة وعشرين عاما ونيف!!! ( والدكم أوصى، والدكم يقول لكم. والدكم يتمنى أن تكونوا مميزين ...و..و ...) أمي لماذا لا تتكلمين؟! أريد أن أسمع صوتك تعبت من الكلام، اليوم عيدك أيها العيد أعطني ذاك الوشاح فهو يليق بأمي دعيني ألمسك أريد أن أضعه على أكتافك أمي ما بك أريد أن أبكي على صدرك لا ترحلي أمي لا تتركيني فأنا بحاجة لك ابقي ولو قليلا لماذا أدرت وجهك هل تنوين الرحيل توقفي، أريدك أن تغفري لي في يوم عيدك فأنا لم أقدم لك إلا التعب. وبقي الشال مرميا رحلت وبدون هدية أيضا. أمي الغالية: كل عيد أنت أمي.



#ندى_مصطفى_رستم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لحد عاشق!
- آه يا ثلج
- الوضع السوري عامياً
- تساؤلات
- قراءة في كتاب -بوح-


المزيد.....




- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ندى مصطفى رستم - وبقي الوشاح