أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عماد علي - افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (58)















المزيد.....

افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (58)


عماد علي

الحوار المتمدن-العدد: 6174 - 2019 / 3 / 16 - 12:43
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الترجمة كعملية سياسية:
من المعلوم، انا كانت المرحلة الحقيقية للترجمة و التاليف في جميع مجالات النشاطات العقلية و الدينية هي عصر الخلافة العباسية. في ذلك العصر كُتبت جميع العلوم الاسلامية كالشريعة و اصول الفقه و تجميع الحديث و تفسير القران و العلوم الدينية الاخرى، و حتى العلوم الكلامية و العقلانية كالمنطق و الفلسفة و الطب والفلك و الجغرافيا، و كان العمود الفقري لتلك الترجمات هو العلوم و المؤلفات اليونانية و بالاخص العلوم اللغوية و البلاغة و الشعر و الادب و القواعد. كانت بداية الترجمة عند مجيء الخليفة منصور، و وفق المصادر التاريخية كان منصور اول خليفة قرّب الفلكيين من نفسه و اخذ برايهم، و هو اول خليفة ترجم الكتب من اللغة اليونانية الى العربية ، كالكتاب ( السند هند) و كتاب الارسطو حول المنطق و المجستي( من تاليف بطليموس و كان حول الفلك) و كتاب اقليدس و الكتب اليونانية الاخرى. و لهذا السبب فان الناس قد اطلع على هذه الكتب و التزم بها. و عندما اطلع محمد ابن اسحاق على هذا، فاجمع سيرة حياة و غزوات النبي و التي لم تُجمع من قبل. و كذلك فان المنصور هو اول من استخدم و عين الموالي في شؤون الدولة و منحهم السلطة على العرب( 28). ان اهتمام المنصور بهذه الكتب و ترجمة تلك المؤلفات بشكل عام، كان لسببين: الاول : ان الخلفاء امثال المنصور و هارون الرشيد و حتى المامون اهتموا بترجمة الكتب المختصة بالفلك و المعروفين بالفلكيين، و كان لخوفهم من ان تكون نهايتهم الهلاك كالامويين، و آمنوا بان كل ما يحدث مستقبلا فان سره مخفي في النجوم، لذا اهتموا بهذا (29). ثانيا: و كثيرا ما يُعاد و هو عبارة عن ما يُزعم بان الخليفة قد تمرض و بعد ان اجمع جميع الاطباء فهم اعجزوا عن علاجه، التجا الى طبيب ايراني – سرياني و الذي كان في حينه في مدينة جنديسابور في ايران (30) و كان اسمه ( يختشوع ابن جرجيس)، و عندما جاء اليه لقد تمكن من علاجه. ولهذا السبب طلب منصور ان يبقى في بغداد و عينه اول مدير لاول مستشفى في تاريخ الاسلام و المعروف باسمه الفارسي ( بيمارستان). و كانت البيمارستان في الحضارة الاسلامية في اساسها فكرة ايرانية و انتقلت الى بغداد، و هذه التسمية استمرت لعام 1825، الى ان افتتحت اول مستشفى حديثة في القاهرة باسم مستشفى ابي زعبل( 31).. طبيب منصور بذاته هو اول شخص من ترجم الكتب الطبية و النتاجات الفلسفية اليونانية، و بالاخص ترجم ارسطو من السريانية الى العربية، و الذي تُرجم من قَبل من قِبل السريانيين. في عصر المنصور عدا تلك المؤلفات فقد ترجمت العديد من النتاجات الاخرى من الفارسية الى العربية و الاشهر فيها هو الكليلة والدمنة. و كذلك في عصر المنصور ظهر الفيلسوف كندي، الذي شجع الخليفة باستمرارعلى الترجمة و الاستفادة من مؤلفات افكار الشعوب الاخرى، و المعروفة في تلك الادبيات بعلوم الاوائل، اي العلوم السابقة، و هناك توجهات و اراء متنوعة حول الفيلسوف كندي بين الباحثين، فهناك من يعرفه كمثقف و كاتب كما هو الدكتور مدكور (32)، و الاكثرية يعرفونه بابي الفلسفة العربية الاسلامية، وهناك من يعتقد بانه كان مترجم كبير في عصره، هنري كوربان في بحثه المبهر حول الفلسفة الاسلامية وثق و صادق ذلك على ان الكندي بنفسه لم يكن مترجما و لكن بسبب موقعه الاجتماعي و ثراءه و قربه من السلطة قد استخدم العديد من المترجمين المسيحيين، و كثيرا ما راجع الترجمات بنفسه و نظمها (33). عدا ذلك فان الكندي بنفسه في الرسالة التي تتالف من ست صفحات باسم( رسالة في حدود الاشياء و رسومها) وهو يعرّف خمسة و اربعين مصطلحا في مجال الفلسفة و الفكر (34). و ان اُشير في الكثير من البحوث الى تلك الرسائل كاقدم نصوص خاصة بتعريف و افراز المصطلحات العقلية الفلسفية و انما في الحقيقة فان جابر ابن حيان في محتوى رسالته ( كتاب الحدود) و هو من عمل هذا بحوالي مئة سنة قبل الكندي (35). و هذا اقدم نص في الثقافة الاسلامية الخاص بترجمة المصطلحات الفلسفية و تحليلها، و لكي يتمكن كل من يهتم بتلك المجالات ان يسيطر على المفاهيم . و لكن بسبب قرب الكندي من السلطة السياسية و تاثيره على الخليفة بنفسه، فكان لمشاركته في عملية الترجمة دور رئيسي و مهم جدا. و عدم خجل الكندي من الذي يطلبه في رسالته الى الخليفة منصور، هو الحقيقة التي تقول لنا ان المجتمع العربي عند اولائك الاشخاص الذين لهم الاطلاع على الفكر و حكمة الشعوب الاخرى، كان هناك نوع من الاعجاب و الخجل من علو المناقشة السياسية و الاجتماعية و الفلسفية بين الشعوب الاخرى و عدم وجوده في البيئة البدوية العربية في ذلك العصر.( الطب، الكيمياء، الفلك، الفلسفة، الجغرافيا، المنطق) و العلوم الاخرى في ذلك العصر كانوا ظاهرة و غريبة عند المجتمع الذي كان قمة اهتمامهم العقلاني هو الدوران في دائرة المسائل الدينية فقط. مع خلط المجتمع الاسلامي بجميع الاجناس و القوميات و الاديان عند السلطة الاسلامية و تعمق الحوارات الداخلية لجماعات اسلامية متنوعة، احتاج هذا الى مشاركة للثقافة العقلانية الاجنبية ( الاجناس البعيدة و الامم المختلفة)، و كما قال كندي انه برز عند تاسيس الفكر و العقل الاسلامي, و من هذا المنظور، فان دعوات الكندي للسلطة العربية الاسلامية كاول و اخر فيلسوف من العرق العربي في الحضارة الاسلامية كان لها اهمية تاريخية و حضارية اكثر من الدعوة بذاتها. و كان بشكل يفسح لنا المجال ان نقول ان بقي هذا الاحساس بالنقص و الصغر عند الكندي كما هو عند الثقافة الاسلامية و لم يتواجه في اصطدامه في المراحل التالية مع الثقافة البدوية السلفية في شكل( الشافعي و الحنبلي و الاشعري)، كان بالامكان ان يتمكن ذلك الاتجاه ان يغير كثيرا في جمع الثقافة الدينية و الدنيوية للمجتمع الاسلامي. هذا الجرح الذي يتحدث عنه الكندي و الذي هو جرح معرفي او ابستمولوجي عنده و امثاله الذين احسوا به ، لاصبح ابداعا و توجها للترجمة و تقوية البنية العقلية الداخلية، و بعكسه فاصبح التيار الفقهي و السلفي بمجيء المتوكل بحوالي مئة عام مابعد ذلك مشروعا سياسيا للدولة، و تلقى ضربة قوية و لم تتوفر فرصة للدولة بكل امكاناتها المادية و المعنوية لدعم مشروع مركزية العقل و الترجمة.



#عماد_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 57)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (56)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (55)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 54)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 53)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (52)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 51)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (50)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (49)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (48)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (47)
- افول الفلسفة الاسلامية بعد تجليها (47)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (46)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (45)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (44)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 43)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 42)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (41)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (40)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (39)


المزيد.....




- جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ ...
- الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
- وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/ ...
- غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
- رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
- أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
- ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عماد علي - افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (58)