أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - خليل عيسى - إنقلاب خميني وفكر ياسين الحافظ بعد أربعين عاماً














المزيد.....

إنقلاب خميني وفكر ياسين الحافظ بعد أربعين عاماً


خليل عيسى

الحوار المتمدن-العدد: 6173 - 2019 / 3 / 15 - 14:50
المحور: في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
    


توفي المفكر والمناضل ياسين الحافظ في منزله في بيروت يوم 27 تشرين الأول من عام 1978. قبل أكثر من أسبوعين من ذلك اليوم وصل خميني الى فرنسا قادمًا من العراق. كان العراق الذي قبل بوجود المعمم الايراني في النجف مدة ثلاثة عشرة سنة مضت قد طلب منه أخيرًا إمّا التوقّف عن نشاطه السياسي وإما مغادرة البلاد، مما دفع بخميني ومعاونيْه أبو الحسن بني صدر وصادق قطب زاده بأن يستأجروا منزلا ريفيا واسعًا في مقاطعة “نوفل لو شاتو” البعيدة مسافة ساعة بالسيارة عن باريس. منذ ذلك اليوم افتتن الاعلام الغربي بالمعمّم “الغامض” الذي سمّاه أحد الصحفيين الفرنسيين “آية الله حريّة”، والذي عندما سأله صحافي آخر “ما هي الجمهورية الاسلامية؟” أجابه: ”هي ستكون مثل الجمهورية الفرنسية”. حينها كان ياسين الحافظ بجسده المحموم قد وصل المرحلة النهائية من صراعه مع مرض السرطان يعبّر عن رأيٍ سياسي برهن الزمن فيه عن نبؤيته المبكرة، قائلا “سنشهد آخر ما تبقى من الديموقراطية في ايران”.
لم يكن هذا الجانب الالمعي من القدرة على تحليل اللحظة الراهنة غريبًا على ياسين الحافظ، فهو حتمًأ كان اوّل مفكّر عربي يلتقط بشكل مبكّر شتى أصناف المزايدات السياسية التي استخدمت القضية الفلسطين ليفضحها بلا هوادة. فقد هاجم الحافظ بعمر 32 عاما مواقف أكرم حوراني المعادية لدولة الوحدة المصرية-السورية عام 1962 بمقال طويل اشتهر في سوريا حينها بعنوان هو “قضية فلسطين بين الثرثرة الديماغوجية والواقعية الثورية”. فقد أذنت مقالة الحافظ التي انتهت بجملة “ليت الحوراني قد جعل من عبد الناصر وقودًا لتلمّس طريق جدي وثوري لإنقاذ فلسطين، ولكننا نلمس أنه يريد أن يجعل من قضية فلسطين وقودًا لإحراق عبد الناصر” ببروز أفكارٍ ستتكرر كثيرا بين يساريين، احزابا ومنظرين، مشرقيين خصوصا، تلخّصت في المزايدة على عبد الناصر، ثم في مرحلة لاحقة في المزايدة فيما بينهم كلّ في ادّعائه انّه يمثل “الطريق (الاقصر) الى فلسطين”.
تكرّرت البراهين على نبوغ الحافظ بعد مجيئه الى لبنان، فكان أوّل من فنّد نظريات “اليسار الجديد” من قبيل المقولات الاقتصادوية التي راجت حينها عند “منظمة العمل الشيوعي” (محسن ابراهيم، فواز طرابلسي، وضّاح شرارة) في تنظيرها للحرب الاهلية على انها عبارة عن “حرب طبقية ضد أصحاب ذوي الامتيازات”، كما كان أوّل من هدم الهذر السياسوي حول “حرب قومية عربية ضد الانعزالية” الذي راج عند الحزب التقدمي الاشتراكي برئيسه كمال جنبلاط. بيّن ياسين الحافظ أن الحرب اللبنانية لم تكن “تقدميّة ضد اقلية محافظة” أو “دفاعية على الدوام” ولا كانت “على الدوام مفروضة من قبل الموارنة” بل انها كانت “حربا طائفية فحسب. حرب بين كُسري أمة، دمرت لبنان، أدمت الفلسطنيين وخلقت حقداً لا ينضب من المسيحيين على الفلسطينيين”.
لكل هذه الاسباب استشعر الحافظ الذي نافح طوال الوقت ضد محاولات الكثير من الاديولوجيات اليسارية استخدامها الأداتي المبتذل للقضية الفلسطينية، منسوب المزايدة الخمينية تحت شعار “الجمهورية الإسلامية” الصاعد، الذي لم يكن ليمرّ أمامه مرور الكرام ولو قبل اسبوعين من وفاته. وهو لا شكّ كان قد تبيّن إرهاصات عملية التوريث الشعاراتية المتلطية بفلسطين- التي انحسرت بعدها بالقدس ثم “الاقصى”- بطريقة أداتية ركوبًا على جناح شعارات عالمثالثية أممية يسارية، وبوعي لبناني-فلسطيني اقليموي، وصولا الى تحليقها الاخير على جناح ايران خميني بشعارات تحمل اديولوجيا “الامة الاسلامية” تحت قناع “الخصوصية”.
في لبنان اتى “انقلاب خميني” بحزب الله. و”انقلاب”، الكلمة الفارسية المرادف الوحيد المستعمل للثورة لهي أبلغ تعبير عما حصل في إيران من كلمة “ثورة” التي عادة ما تُستخدم عندنا، ذلك بالأخص بعد الانقلاب الدموي الذي قام به خميني على مختلف الأحزاب اليسارية والليبرالية التي شاركت في الثورة على الشاه وقيامه بتصفيتها على التوالي. بقي للبعض القول بعد عام 2006 بأنّ “حزب الله” بأسلحته الحديثة إنما هو برهان على قدوم العقلانية التي نظّر لها الحافظ، خصوصا عند تحليل الأخير لمجريات حرب تشرين 1973، لكن هؤلاء نسوا ان الحافظ كتب بوضوح أن العرب يخطئون إذ يختزلون الحداثة بالتقنية وشدّد على “كونها مسألة وعي كوني مرتبط بفهم المسألة القومية فهما صحيحا”. لذا فإنّ مركزية المسألة القومية عند الحافظ تجعله ولو بعد أربعين عامًا ركنًا اساسيا من أية محاولة تحليلية تقارب حزبا طائفيا مثل “حزب الله” معادٍ ذاتيا وموضوعيا للشعوب العربية، وهو الحزب الذي أوصل فنّ استغلال القضية الفلسطينية الى درجة جعلها “مركزية” في عملية اقليمية هدفها إحراق العرب قاطبة.
بعد أربعين عاماً من وفاته يبرهن ياسين الحافظ من دير الزور السورية والذي عاش بين دمشق ولبنان واصلاً بين سوريته وبين كونية فكره على جسر تجربته اللبنانية من بين أشياء أخرى، على عمق الهوّة الفكرية والجدية السياسية بينه وبين معاصريه من القادة الحزبيين والمنظرين.
ويمكننا أن نجاسر بزعم أنّ ياسين الحافظ ربما يكون المفكّر العربي الوحيد خلال القرن العشرين الذي تساوى عطاؤه الثاقب النظري الذي يعنى بالتحليل التاريخي والاجتماعي للنخب العربية مع قدرته الفذّة على سبر غور اللحظة السياسية الراهنة. وهو حتما الوحيد الذي استطاع أن يرى مآلات “انقلاب خميني” قبل كلّ المثقفين العرب من خلال برودته التحليلية وابتعاده عن صفّ الكلام الشعاراتي، “الكلامولوجيا” كما أسماها، والتي كلها ترافقت مع جدّيته المسؤولة ونزاهته الأخلاقية الشخصية في العمل السياسي. كل ذلك يجعل فكره وكتاباته راهنة من أجل التفكير وتحليل الايديولوجيا الخيمينية التي تخنرق المجتمعات العربية وتساهم بتخثّرها.



#خليل_عيسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في دعوة رياض الترك إلى انطلاقة ثورية جديدة
- حول تبرير الخطف عند نخبة الإسلام السياسي الحاكم
- إيران والوصفة السلفادورية في العراق
- بورجوازية حزب الله و-السلسلة-
- سقوط القمّة العربيّة الإيراني
- السياسة اللبنانية والعَبَث المتعدد بالمرأة
- نسبيّة-حزب الله-وطريق التحول العراقي
- في نقد نقّاد الترامبية
- نحو إمبرياليّة أميركيّة بجناحين نوويين
- الكسل الفكري السوري بين الضلالة والهدى
- احتضار لبنان بين ثلاثة نماذج
- النرجسيّة السورية بين السوداويّة والخيانة الموضوعيّة
- في نقد الاستراتيجيّة الإعلاميّة السعودية تجاه العراق
- من أجل فهم عربي مطابِق ل -حرب تمّوز-
- -جامبيت- عربي في الانتخابات الأميركية... لم لا؟
- في أصل الصحوات السوريّة وملحقاتها
- المستعمرة اللبنانية ومهام اليسار الراهنة
- عبد الرزاق عبد الواحد أم أحمد الجلبي؟
- الإمبريالية الأميركية ونظام قتلة الأطفال
- للقضاء على لبنان توفيق خوّام


المزيد.....




- لاكروا: هكذا عززت الأنظمة العسكرية رقابتها على المعلومة في م ...
- توقيف مساعد لنائب ألماني بالبرلمان الأوروبي بشبهة التجسس لصا ...
- برلين تحذر من مخاطر التجسس من قبل طلاب صينيين
- مجلس الوزراء الألماني يقر تعديل قانون الاستخبارات الخارجية
- أمريكا تنفي -ازدواجية المعايير- إزاء انتهاكات إسرائيلية مزعو ...
- وزير أوكراني يواجه تهمة الاحتيال في بلاده
- الصين ترفض الاتهامات الألمانية بالتجسس على البرلمان الأوروبي ...
- تحذيرات من استغلال المتحرشين للأطفال بتقنيات الذكاء الاصطناع ...
- -بلّغ محمد بن سلمان-.. الأمن السعودي يقبض على مقيم لمخالفته ...
- باتروشيف يلتقي رئيس جمهورية صرب البوسنة


المزيد.....

- عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها / عبدالرزاق دحنون
- إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا ) / ترجمة سعيد العليمى
- معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي / محمد علي مقلد
- الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة ... / فارس كمال نظمي
- التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية / محمد علي مقلد
- الطريق الروسى الى الاشتراكية / يوجين فارغا
- الشيوعيون في مصر المعاصرة / طارق المهدوي
- الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في ... / مازن كم الماز
- نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي / د.عمار مجيد كاظم
- في نقد الحاجة الى ماركس / دكتور سالم حميش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - خليل عيسى - إنقلاب خميني وفكر ياسين الحافظ بعد أربعين عاماً