أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حبيب فارس - قراءة أولية في المشهد السوداني















المزيد.....

قراءة أولية في المشهد السوداني


حبيب فارس

الحوار المتمدن-العدد: 6172 - 2019 / 3 / 14 - 15:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


- حبيب فارس –

(( كونتوا لجانكم في الاحياء ؟! عايز اتكلم عن موضوع لجان المقاومة وكيف نقدر نكون لجنة مقاومة قوية وفاعلة في الحي. الموضوع بسيط وابسط مما نتصور وبقدم دعم كبير للثورة، المطلوب انو في اي حي يتلمو مجموعة ثوار شباب واثقين من بعض وبعرفو بعض كويس يكون عددهم بين 12 و 24 شاب وكنداكة والكنداكات ليهم دور مهم في لجان المقاومة، ويفضل انهم يكونو شباب بين عمر 18 - 24 ويا ريت لو كان في اللجنة طبيب ومحامي...طيب اتكونت لجنة مقاومة في الحي الجمبك المطلوب شنو؟! المطلوب انو 2 من لجنة حيك يتواصلو مع اللجنة الفي الحي المجاور...لجان المقاومة ح تشكل جسم موازي لي تجمع المهنيين وتشتغل معاهم كتف بي كتف. لما لجان المقاومة يقرروا انو يكتموها الليلة الخبر بصل لي لجان الاحياء كلها ويتحركوا في نفس الزمن ودا بشتت القوات الامنية وبخليها ضعيفة. مثلا لو احياء ولاية الخرطوم كلها اتحركت في وقت واحد يستحيل علي القوات الامنية انها تقمع العدد دا كلو وفي مناطق متباعدة جغرافياً وبالذات في مظاهرات ليلية علي قدر عالي من التنسيق... وبالطريقة دي بنغلب النظام سته صفر)).
- مرام محمد عوض -

المنتفضون غير مكترثين بـ"توافق الأضداد" على بقاء نظام "الكيزان"(1)

الكلام أعلاه (باللهجة السودانية) هو مقتطفات من تعليق لـ"كنداكة"(2) مغمورة، على خبر اعتصام طلابي في إحدى جامعات الخرطوم، منشور على حساب "تجمع المهنيين السودانيين"(3) في "فيسبوك" الذي يتابعه أكثر من 150 ألف شخص. وهو عيّنة ممّا يتداوله ملايين السودانيين على مواقع التواصل الاجتماعي المعارضة لنظام البشير. كلام "مرام محمد عوض" ينطوي على دلالات عديدة ويضيء على جوانب مهمّة من المشهد السياسي السوداني الراهن. التّجول على حسابات المنتفضين السودانيين، سيُغنيك عن الإعلام "المحايد" أو "الليبرالي". مع "مرام" ورفيقاتها ورفاقها المناضلين أنت داخل المشهد السياسي السوداني كما هو بلا واسطة. أنت مع الحدث وصنّاعه الفعليين وآفاقه المنظورة والبعيدة بلا مواربة.

أكثر ما يلفتك عدم اكتراث المنتفضين بمواقف معظم "النظام الرسمي" العالمي والعربي، المتراوحة بين دعم البشير أو التواطؤ معه سراً أو الصامتة عن أعماله الإجرامية. ففي حين ينشغل الإعلام "الليبرالي" بـ"توافق الأضداد" على بقاء نظام البشير بسبب "تقاطع المصالح"، قليل ما يتداول المنتفضون مواقف واشنطن وحلفائها الغربيين والشرق أوسطيين، وأقل منه مواقف روسيا والصين وحلفائهما الإقليميين. هل يعتبر تجاهل المنتفضين للمتجاهلين ردٌّ "للجميل"؟! على الأرجح أن يكون السبب الرئيسي لهذا التجاهل هو أولوية إحقاق شعارهم المرحلي على ما عداه: "تسقط...بس"، ليقينهم بأن أحداً في العالم لن يستطيع إنقاذ مجرم "منتهي الصلاحية" فارّ من حكم المحكمة الجنائية الدولية، مسؤول عن انسلاخ ربع البلاد عن السودان، منفّذٌ حرفيٌ لإملاءات صندوق النقد والبنك الدوليين (ما جعل رغيف الخبز أو ليتر الوقود من أحلام السودانيين الذين يعيش 90% منهم تحت خط الفقر)، مُشعل الحروب "الدينية" والعرقية داخل السودان و"مرتزق" في حروب المنطقة التدميرية والتفتيتية كي تبقى لقمة سائغة في فم الناهب الدولي وبيئة حاضنة للمشاريع الصهيونية الاستيطانية والتوسعية.

المشاركون في "مواكب"(4) النّصر سواسية في صناعة القرار

من أهمّ ما ينطوي عليه كلام "مرام" هو أنّ المنخرطين العاديين في الانتفاضة سواسية في صناعة القرار والتنظيم والتوجّهات المستقبلية. هي تستنهض همم زميلاتها وزملائها ، تقدّم اقتراحاً مبرَّراً، ترسم مهمّات لجان الأحياء المقترحة التي من بين أهدافها إضعاف الأدوات القمعية للسلطة، تشدّ من عزيمة المنتفضين وثقتهم بالنّصر، والأهم حرصها على التنسيق مع "تجمّع المهنيين السودانيين" وهو الحرص السائد في العمل التحالفي بين كل مكونات الإنتفاضة السياسية والنقابية، بما فيها "تجمع المهنيين" الذي تتهمه أبواق نظام البشير بأنه "واجهة للحزب الشيوعي الذي اختار العمل من خلف الستار لتحقيق أهدافه". تُهمة هي شرفٌ لا يدّعيه الحزب الشيوعي السوداني ما دامت قياداته وكادراته الأساسية تتسابق نحو ميادين الشهادة والاعتقال ومواجهة التنكيل. سواء صحّت التُهمة أم لا، فإنّ نظرة شاملة على أدبيات الحزب الشيوعي السوداني ومواقفه اليومية تثبت أنه لا يسعى لحيازة لقب "الحزب الطليعي"، بل جلّ ما يطمح إليه هو تحقيق مضامين "وثيقة البديل الديمقراطي" الصادرة عنه والتي تتبناها كل القوى الأساسية في المعارضة، بما فيها "تجمع المهنيين السودانيين".

طيف "محجوب" و"الشفيع" مشعٌ في سماء السودان

أما التهمة التي يُراد منها "شيطنة" الانتفاضة، كان يمكن أن تلاقي بعض الصدى لو لم يكن المتّهِمُ أبواق البشير، ولو لم يكن المُتّهَمُ الحزب الشيوعي السوداني تحديداً. فالشعب السوداني يعرف مدى التصاق الشيوعيين السودانيين بقضايا الناس وهمومها واحترام تقاليدها وطقوسها الدينية الى حدّ إمامة الشيوعيين للمصلّين في المساجد والمعتقلات؟! مثلما تعرف ذلك أبواق البشير وأجهزته الأمنية التي اعتقلت قبل عدة أيام سكرتير الحزب الشيوعي محمد مختار الخطيب داخل "مسجد فاروق" بالخرطوم. إنها التهمة التي سبق وردّ عليها بكل سخرية د. بشير إدريس محمد زين في مقال بعنوان "إذن، فكلُّ الشعب السوداني شيوعيون"، ومما جاء فيه:"...في بلادِنا مثلاً، الشيوعيون، وعلى مستوي المعايشة اليومية، هم أعفُّ لساناً، وأطهرُ يداً، وأشمخُ أنفاً من غالب (الإسلامويين) من الكيزان، وبما لا يُقارن، وهم أعفُّ منهم كذلك عند المغنم. هذه حقيقةٌ مجردة، يعرفها السودانيون جميعاً، من واقع معرفتهم بفساد الإسلامويين، وكذلك من منطلق معايشتهم (للشيوعيين) في الأفراح، والأتراح، وفي المدارس، والمكاتب، والبيوت، وفي كلِّ مناحي الحياة السودانية اليومية".

قبل حوالي نصف قرن، صعد عبد الخالق محجوب والشفيع أحمد الشيخ الى المشنقة أنيقان، باسمان، واثقا الخطى، هاتفان مع آخر أنفاسهما بوجه الجلاد، الأول: "المجد لشعب السودان... المجد لثوار السودان..."، والثاني:"لم نرتكب أي خيانة ضد الوطن وشعبه، ووقفنا مع التقدم ومصالح الناس. وإذا متنا فالمهم أن يحافظ الناس من بعدنا على التنظيمات الجماهيرية التي اشتركنا في بنائها مع آلاف الناس". يومها لم يكن معظم ثوّار اليوم قد أبصروا النور، ولكننا في الفيديوهات المتداولة على مواقع تواصلهم، نشاهد ونسمع "الكنداكات" الشيوعيات وغير الشيوعييات، الشيوعيين، الناصريين، البعثيين، القوميين التقدميين والإسلاميين المتنوّرين يرددون من أعماق الوجع والكرامة والعنفوان بوجه الجلاّد المتجدّد، صدى هتافات القائدين الشهيدين.

يكفي ثوّار السودان أنّ قلوب وعقول شعوب العالم معهم

لا نعرف ما إذا كانت "مرام محمد عوض" منقّبة، محجّبة أو لا. لا فرق. صورة "بروفايل" حسابها إناء زهور كُتب فوقه: "صباح الخير...سيكون كل شيء جميل ما دمنا متوكّلين على الله". ربّما كانت المشارب العقائدية والدينية لـ"مارام" والملايين من بنات وأبناء شعبها المنتفضين متنوعة، لكنّ قضيتهم الأساس واحدة موحّدة. كل الدلائل تشير الى ترنّح نظام "الكيزان" تحت أقدام "كنداكات" وفرسان السودان. حسناً يفعل المنتفضون بتجاهلهم مواقف "الأصدقاء اللدودين" في النظام الرسمي العالمي والعربي. فكما هو جوهر قضيتهم طبقيّ بامتياز، كذلك جوهر الاصطفافات معهم أو مع نظام "الكيزان" هو أيضاً طبقيّ بامتياز. يكفي المنتفضين السودانيين أنّ قلوب وعقول شعوب العالم "معهم...بس"!

صباح الخير "مرام". صباح الخير يا شعب السودان الأبيّ!..."سيكون كل شيء جميل ما دمنا متوكلين على الله"، وما دمنا متوكلين - بكل تأكيد - على مآثركم البطولية!
_____________________________________

(1) الكيزان: جمع كوز – مصطلح شائع في السودان يطلقُ للتندّر على هرتقات المتأسلمين خاصة من جماعات "المؤتمر الوطني" التابع لعمر البشير.
(2) كنداكة: لقب صاحَبَ ملكات إفريقيا القديمة، يستخدمه السودانيون لتعظيم النساء المناضلات.
(3) تجمع المهنيين السودانيين: تجمع نقابي مستقل، يلعب دوراً قيادياً في انتفاضة الشعب السوداني، و يضمّ نخبة النقابيين السودانيين في قطاعات المعلمين والأساتذة الجامعيين والأطباء والمهندسين والمحاميين والفنانين والصحفيين وغيرهم...
(4) الموكب: المرادف الشائع في السودان لمصطلح "التظاهرة".



#حبيب_فارس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فنزويلا بعد فشل -الإنقلاب الخاطف-: ترامب أمام خيارات أحلاها ...
- جلسة في -الزّيتون- مع صديقي -تمّوز-
- حمارٌ ليومٍ واحدٍ
- شطحات عن الديمقراطية وبعض الديقراطيين!
- دراسة حول رواية -مئة عام من العزلة-
- هيَ
- الإيشارب الإرهابي
- بكاء الغياب
- أفضّل أن أكون كلبًا أو حمارًا
- لا معنى للغياب
- انتصار
- موتٌ جميلْ
- هل كسوف بعض -نُخَب- لبنان بلا شفاء؟*
- خطاب على خطاب على خطاب
- شكراً فرج الله الحلو، حسن نصرالله وميشال عون... وشكراً جيم و ...
- أسفار معاكسة
- حصارْ
- هل يكون فوز -المتنافسين- إيذاناً بنهوض البديل الحقيقي؟
- قص...يد...ة مس...تد...يرة
- -الديمقراطية- اللبنانيّة بين القيل والقال


المزيد.....




- أبو عبيدة وما قاله عن سيناريو -رون آراد- يثير تفاعلا.. من هو ...
- مجلس الشيوخ الأميركي يوافق بأغلبية ساحقة على تقديم مساعدات أ ...
- ما هي أسباب وفاة سجناء فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية؟
- استعدادات عسكرية لاجتياح رفح ومجلس الشيوخ الأميركي يصادق على ...
- يوميات الواقع الفلسطيني الأليم: جنازة في الضفة الغربية وقصف ...
- الخارجية الروسية تعلق على مناورات -الناتو- في فنلندا
- ABC: الخدمة السرية تباشر وضع خطة لحماية ترامب إذا انتهى به ا ...
- باحث في العلاقات الدولية يكشف سر تبدل موقف الحزب الجمهوري ال ...
- الهجوم الكيميائي الأول.. -أطراف متشنجة ووجوه مشوهة بالموت-! ...
- تحذير صارم من واشنطن إلى Tiktok: طلاق مع بكين أو الحظر!


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حبيب فارس - قراءة أولية في المشهد السوداني