أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هشام الشامي - الاخرى التي (قصة قصيرة)














المزيد.....

الاخرى التي (قصة قصيرة)


هشام الشامي

الحوار المتمدن-العدد: 6169 - 2019 / 3 / 10 - 23:04
المحور: الادب والفن
    


الاخرى التي
مع اذان المغرب توضأت ثم تركت بعض الأطفال يتصارعوا من أجل قطعة حلوى اتى بها صغيرهم منذ قليل. غادرت المنزل لتتجه إلى المسجد.
في زمن ما قبل الأطفال حلمت بطيار أو رائد فضاء كي يصعد بها إلى القمر، لتتنقل داخل هذا اللون الفضي. وعندما يتقلص ويصير هلالًا تدخل مع حبيبها إلى الجزء المظلم فيتبادلا الحب المباح.
فور إقامة الصلاة ساد الهرج والمرج لوجود امرأة تريد الصلاة خلف الرجال بالمسجد. صرخت وقالت بين الأصوات المتباينة " لا يوجد مكان للنساء بالمسجد.دعوني يكرمكم الله ". نهرها رجل وصفعها آخر ولكمها ثالث لتتكوم خلف الساجدين وراء الإمام.
الزوجة الثانية لا تشكو، لا تغار، لا تبكي، وهو يفضل هذا النوع الجديد الذي لا تنتفخ بطنه، ولا يمرض، ولا يثرثر. أعجبته هذه المرأة التي تزوجت من طبيب طلقها رغبة من زوجته الثانية التي حملت بعد شهرين من الزفاف.
الأولى تزوجت من تاجر المواش الذي رآها يوما وهي جوار والدها بالسوق ليبيع جموستين، فاشتراهما التاجر واشترى الابنة كذلك.
فرحت بالتاجر وفرح لتربو تجارته وتتوالى الولادات، ويصبح أبا لأربعة أطفال ما بين الشهرين والسبعة أعوام. ولما أصبح لديه أسطول من المواش أراد شراء أخرى بمقام مختلف ومواصفات تليق بوضعه الجديد. امرأة ذات جمال ودلال، ولا تريد حمل العيال...
رآها يوما وهو يسحب دخان أرجيلته بالمقهى فحبست أنفاسه. كانت خارجة من بيت تتأرجح مؤخرتها. نادي فتى المقهى سائلا عنها فأجاب الفتى بأنها امرأة وحيدة مسكينة لا أولاد لها ولا زوج. خفق قلبه وشغلت لبه لينتظر صاحبة الأراجيح الآتية الغادية لحين عودتها.
خرجت بعبائتها السوداء التي تخفى الكثير من التضاريس وكثيرا مما مضى. ذهبت لتشتري حشيشًا من بائع يقف عند ناصية الشارع.
بدأت علاقتها بالحشيش منذ مرحلة الدبلوم لتتعاطاه مع صديقاتها، واختفت الصديقات بعد اتمام الشهادة لتتزوج صديقة، وتسافر أخرى، وتذهب ثالثة لتعمل بأحد المصانع. ليكن حشيشها هو الصديق الوفي لها.
طُلقت بعدما رآها الطبيب وهي تسحب نفسين. فتح باب الحمام ورآى عبق الدخان يعلو من سيجارة ملفوفة. لم تفعل شيئا. لم تتحرك. قدمت له ما بين اصبعيها وقالت " خذ نفس عميق لتنس هذا الموقف اللاظريف ".



بعدما طُلّقت اصبحت أكثر تحررًا؛ ليس التحرر المعهود كالخروج والعودة كيفما تشاء أو ارتداء ما تريد ومحادثة الغرباء. حريتها تلخصت في تلك القطعة البُنية. تشعل وتستنشق دخانًا يطرق الدماغ طرقات متدفقة فتنتشي أوتار الأعصاب. ثم تشعل بعض الأغنيات لترقص في أي مكان تجد نفسها فيه أو تذهب اليه. غرفة الضيوف، الصالة، غرفة النوم، المطبخ، الحمام، غرفة المعيشة، حتى أنها رقصت ذات ليلة بقميص نوم لم تنس وهج اشتعاله عندما تجلت رقصتها بالشرفة لتتراقص معها نسائم الهواء.
بالشرفة الاخرى تقف وتنظر وتنتظر، وبعض الشياطين تلعب برأسها فتتعارك معهم وتقول "سيأتي. سأراه الآن قادمًا من تلك الجهة ". دخلت مسرعة لبكاء الرضيع فحملته وهدهدته، وقبل عودتها إلى الشرفة سمعت صوت طرقًا رقيقًا بالباب فجريت وفتحت وضمت طفلها العائد من الماركت.
جلست جوار أطفالها ناسية أحلام القمر البدائية. بعد أول ولادة لم تعد تحلم، لا وقت للأحلام، ولماذا تحلم بعد انجاب أربعة عيال.


لاحظته وهي عائدة إلى منزلها. رجل يبدو عليه بله الثراء، حيث الخاتم الذهبي الغليظ ونظارة سوداء كبيرة تغطي حاجبيه حتى منتصف خديه وعمامة حمراء مزركشة. ادركت انه يلتهمها بنظراته، بعينين تبغيان ما وراء الستار.
اقترب منها وهي أمام باب مدخل العمارة وقال " هل تقبلي بالزواج مني؟ ". فقالت " هكذا دون سابق انذار. دون سابق معرفة. هنا ليس المكان المناسب لهذا الحديث. سأقابلك غدًا بكافيه سيد درويش بمجطة الرمل امام الكورنيش ".
تقابلا وذكرت له حيزًا من ماضيها. وتحدث هو عن حياته التجارية ومواشيه وأمواله. وبعد الأخذ والعطاء في الحديث قالت " شقتي ليست الشقة التي سنتزوج فيها. ومهري خمسين ألف جنيه. ومصروف شهري الفين جنيه. زواجنا عرفي من نسختين، وشاهدًا من عندي وشاهد من عندك. إن اتفقنا سأجعلك ملكًا".
تزوجها لتجعله ملكا يستمتع بما يملك. اخبرته بأمر حشيشها ليدخناه سويا، لينس بتلك المملكة أي شيء، وينسى الأولى بأطفالها فيزورها يومي الخميس والجمعة من كل أسبوع فيسمع ما يطاق وما لا يطاق، وقبل رحيله يضع أمامهم بضع جنيهات ثم يتركهم.
تعود وتتذكر الأول الذي تعرف عليها بالمستشفى عندما كانت ممرضة تعمل تحت يديه. تزوج من هذه الفتاة التي تسكن بحي شعبي ومن أسرة فقيرة. تزوجها من أجل رعايته ورعاية بيته، وتكن متفرغة لهذه الأشياء. ومر عام واثنين حتى تأكد من أنها عاقر. وبعد ثلاثة أعوام من الزواج أخبرها بأنه سوف يتزوج من أخرى رغبة منه لإنجاب طفل. وكي يؤكد أنه لن يتركها دون مستقبل كتب عقد شقته بإسمها وأودع لها مبلغًا من المال بالبنك. وبعد زواجه من الاخرى التي أرادت.. أرادت أكثر بعدما حملت ليكن لها وحدها، فتحدثت وناقشت واحتدت وتحايلت. ووافق على رأيها بعدما رأى من تدخن الحشيش بالحمام.
مرضت أم الأولاد. تفاقم مرضها بعد الولادة الأخيرة. رقدت بعد علمها بزواج التاجر من أخرى. ماتت بعدما تكومت داخل المسجد بأيام.
رفضت الأخرى أن تكون أما لأربعة أيتام ليتزوج التاجر من ثالثة تهتم بالأطفال وأبو الأطفال، وحملت منه لينسى ما فات.
والأخرى عادت للرقص بالشقة الثانية منتظرة شقة ثالثة.



#هشام_الشامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هشام الشامي - الاخرى التي (قصة قصيرة)