أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - تاجرُ موغادور: الفصل السابع 3














المزيد.....

تاجرُ موغادور: الفصل السابع 3


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6167 - 2019 / 3 / 8 - 20:15
المحور: الادب والفن
    


رجعَ يتنهدُ بعمق، وهوَ يسيرُ وراءَ أجير بائع السمك في الطريق إلى المنزل. لقد عاوده، إذاً، همُّ تقلّبِ قلبه بين امرأتين؛ إحداهما أضحت بمثابة جاريته، أما الأخرى فإنه يخجل حتى من تخيّل شخصها. وإنها المرأة الأولى، مَن تعهّدت تعليمه فنون الجنس بعدما تجاوز الثلاثين ولم يكن يعرف غير غواني موطنه، الباردات في الفراش ـ كهذه السمكة، الناتئ رأسها من الصندوق الخشبيّ، الذي يحمله الفتى الأجير.
" ميرا "، لم تكن قد انتقلت لصفة الجارية قبل مضيّ شهرين على حيازة التاجر الشاميّ لمنزل الرابي. وكأنما لقاؤها مع سيّدها الجديد ما قدّرَ له أن يتكرر، على أثر واقعة مرض شقيقها، إلا لكي تنال هيَ تلك الصفة. فغبّ اطمئنان " جانكو " على تحسّن صحّة الغلام المريض، وذلك بفضل جهود الصديقة الفرنسية، انغمسَ في مشاغل صفقته التجارية، المعلومة، فنسيَ كل ما عداها. كانت " رومي " تتردد على الدار يومياً، مهتمة بوضع المريض، المعاني من التيفوئيد وفق إفادة الطبيب المعاين. ولقد نجيَ الفتى بأعجوبة من الحمّى، التي سبقَ أن أهلكت والديه واحداً بأثر الآخر. كانت شجاعة منها، فضلاً عن الشهامة، أن تعود المريضَ دونما خشيةً من العدوى؛ وكان ذلك في وقتٍ، انفضّ فيه الآخرون من حوله ومنهم شقيقته بالذات. كذلك يُقال، في شأن الابنة الصغرى للأرملة الإيطالية، التي اهتمت بصديقها طوال فترة مرضه.
اللقاء الحاسم لسيّد الدار بالخادمة، كان قد جرى اتفاقاً. ذات مساء شتويّ، كان في حجرة المكتب مع كتاب " رباعيات الخيّام "، يصطلي بنار المدفأة، الباعثة الدفء في جسده. وكانت عيناه تمران على الرسوم، المرفقة بالأشعار، لما تذكّر أمرَ الغلام، المسكين والموهوب. عندئذٍ بادرَ إلى ترك الكتاب على منضدة المكتب، ليتحرك من ثمّ باتجاه كوخ الخدم. بما أن الغلامَ يقيم وحيداً في حجرته، لم يكن من السيّد إلا دفع بابها وقد وضع منديلاً معطّراً على وجهه. إلا أنه بقيَ واقفاً عند عتبة المدخل، جامداً متردداً في الدخول: هنالك في زاوية الحجرة، الأقرب للباب، كانت " ميرا " مستلقية على ظهرها وهيَ بثوب نوم رقيق يكشف عريَ نصف جسدها الأسفل. ثم نقل السيّد نظره إلى الزاوية الأخرى، أين كان شقيق الفتاة مكوّماً بينَ البطاطين، أشبه بجرو مغمور حتى رأسه في حضن الأم.
" هل من خدمةٍ أؤديها لكم، يا سيّدي؟ "، فاجأته الفتاة بالقول وكان يهمّ بسحب الغطاء الكتانيّ على نصفها العاري. عند ذلك سقط المنديل من يده، ليستقر على صدرها، الجميل والناضج. تمتم موضّحاً، مغلوباً على أمره بالحياء والخجل، أنه جاء ليعاود شقيقها المريض. ولكنه تنفّسَ بعمق، طالما أنّ جو الحجرة كان نقياً من أيّ رائحة منفّرة. ثم انتبه لأمر آخر، فاستطرد متسائلاً: " كنتُ أجهل قبلاً، أنك تتكلمين بلغةٍ غير الشلحة؟ ". في الأثناء، كانت ما تفتأ على ذات وضعية الاضطجاع وكما لو أنها نسيت نفسها. أجابت منطلقةً الأسارير: " ها أنتَ عرفت ذلك، أخيراً! ". أراد استعادة منديله، وإذا بها تقبض يده وتضعها على صدرها، مضيفةً: " ولو أردتَ معرفة أشياء أخرى عني، فإنني جاريتك وطوع أمرك ". على الأثر، تناهضت من مكانها كي تنزع عنه الدراعة الصوفية بلمحةٍ سريعة. بدَوره نسيَ السيّدُ في غمرة انبهاره بجسد الفتاة، المتجّرد تواً من الملبس، وجودَ شقيقها في الحجرة يقظاً كان أم نائماً. فيما كان يهصر عريها بعريه، متلاحق الأنفاس، تزحزحت هيَ من تحته هامسةً: " إنني ما أزال عذراء.. ". وإنما في هذه اللحظة، أفاقَ على فكرة وجود الغلام على كثب من المشهد العارم. أعاد كسيَ جسده بالدراعة في عجلة ولهوجة، ثم وقف ليطلب من الفتاة أن تلحق به إلى حجرة نومه.
منذ تلك الليلة، حصل تحوّل في شخصية " ميرا ". فإنها لم تصبح امرأة حَسْب، بل وأيضاً خليلة لسيّد الدار. خُصِصَ لها مأوى في الدور الثاني، بالقرب من حجرة نوم سيّدها والتي شهدت بادرة ذلك التحوّل. مدبّرة المنزل، كانت تعبّر عن انزعاجها من خرق القانون المنذور للجواري، في كلّ مرة ترى فيها الخليلةَ وهيَ خارجة من حجرة نوم " الآغا ". هذا اللقب، من ناحية أخرى، صارَ متداولاً على ألسنة الآخرين، داخل وخارج المنزل على السواء، وكان الرابي أول من استعمله في مخاطبة التاجر، القادم من سلطنة آل عثمان.
ذات يوم، وكان قد مضى نحو شهرين على ذلك الحدث الفاصل، استأذنت مدبرةُ المنزل في الدخول إلى حجرة المكتب. كان " جانكو " وقتئذٍ منشغلاً بقراءة كتاب تاريخيّ، يضم بين دفتيه الجلديين سيرة موجزة عن السلاطين العثمانيين. وكان قد شرع في مطالعة أمثال هذا الكتاب، وذلك بناءً على نصيحة من صديقه الرابي: " لو شئتَ معرفة كيفية تمكّن الأتراك، وهم أقل القوميات عدداً في المشرق، من حكم غيرهم من المجموعات العرقية، العريقة القدم في المشرق ".
وها هيَ المدبّرة، تأخذه على حين غرّة حين بثت في سمعه معلومة، تتعلق بالخليلة: " إنها حبلى، يا سيّدي.. هذا ما أردتُ أن أخبرك به كي تأمر بالإجراء اللازم ". ومع أنها كانت تتكلم بنبرة أقرب للشفقة، إلا أنها استعادت حزمها لما تابعت موضحة قصدها: " في الوسع إسقاط الجنين، ولو أن التخلص منه قد يؤدي أيضاً لموت الأم "
" لا، بل سأحتفظ بكلّ من الجنين وأمه "، ردّ عليها بلا تردد وبلهجة قاطعة.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تاجرُ موغادور: الفصل السابع 2
- تاجرُ موغادور: مستهل الفصل السابع
- تاجرُ موغادور: الفصل السادس 10
- أسطورة آغري لياشار كمال؛ الملحمة ومصادرها
- تاجرُ موغادور: الفصل السادس 9
- تاجرُ موغادور: الفصل السادس 8
- تاجرُ موغادور: الفصل السادس 7
- تاجرُ موغادور: الفصل السادس 6
- تاجرُ موغادور: الفصل السادس 5
- تاجرُ موغادور: الفصل السادس 4
- تاجرُ موغادور: الفصل السادس 3
- تاجرُ موغادور: مستهل الفصل السادس
- تاجرُ موغادور: الفصل الخامس 9
- تاجرُ موغادور: الفصل الخامس 8
- تاجرُ موغادور: الفصل الخامس 7
- تاجرُ موغادور: الفصل الخامس 6
- تاجرُ موغادور: الفصل الخامس 5
- الرسالة
- تاجر موغادور: الفصل الخامس 4
- تاجر موغادور: الفصل الخامس 3


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - تاجرُ موغادور: الفصل السابع 3