أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن مصطفي - النظام الجمهوري وأفق الخلاص منه (1)















المزيد.....

النظام الجمهوري وأفق الخلاص منه (1)


حسن مصطفي
(Hassan Moustafa)


الحوار المتمدن-العدد: 6167 - 2019 / 3 / 8 - 07:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مقدمة:

دائما ما يكون وعي الأنظمة والطبقة الحاكمة سابقا ومتقدماً عليِ وعي الجماهير وذلك لسبب جوهري بسيط وهو أسبقية فهم الطبقة الحاكمة التاريخي لمصالحها الذاتية ووعيها بأن وجودها الفوقي كطبقة حاكمة تحتكر الثروة والسلطة مرهون باحتكارها العمل السياسي وشؤون الحكم وتغييب واستبعاد الطبقة العاملة -غالبية الشعب المصري- عن العملية السياسية وكأنها لا تعنيها في شيء، ويمكن فقط استدعائها في كل موسم انتخابات أو استفتاءات للتصويت بشكل صوري في عملية هزلية خبرها الجميع والتي تكون نتائجها معدة سلفاً من قبل الأجهزة الأمنية، الأمر الذي أدي إلي عزوف تلك الغالبية العظمي من المصريين عن المشاركة في تلك الانتخابات والاستفتاءات الصورية، فانتخابات البرلمان يتنافس فيها أعضاء طبقة الحكم على أي منهم سيكون له حق النهب والسرقة والتمتع بالحماية القانونية التي يوفرها المقعد البرلماني، أما الاستفتاءات فهي لتمرير ما ترغب السلطة في تمريره سواء باضافة مواد أو حذف أخرى من الدستور ومثال على ذلك تلك التعديلات الدستورية التي يسعى البرلمان لتمريرها خلال الأشهر القادمة والتي ستطرح في استفتاء عام بعد ذلك والتي يهدف الديكتاتور السيسي من خلالها ضمان استمراره على كرسي الحكم لحين موته.

هذه إذن هي معادلة الاستبداد والظلم الاجتماعي والسياسي الفاحش الذي نعيشه ونتجرع مراَرته يوم بعد يوم على يد جمهورية يوليو العفنة، ثراء فاحش يزداد ويتراكم في قطب الاقلية التي تحتكر السلطة من رجال أعمال وجنرالات وقضاة وكبار موظفين بالدولة، وفقر وعوز يزداَد وتتسع دائرته يوما بعد يوم في القطب الآخر لأغلبية السكان والتي يمثل العمال غالبيتها العظمي، ومفتاح هذه المعادلة وشفرتها السحرية التي تضمن للاقلية الحاكمة بقائها واستمرارها هي إبقاء الطبقة العاملة -غالبية السكان- غير قادرة علي التعبير عن نفسها أو الإفصاح عن وجودها السياسي عن طريق التشكل ككتلة سياسية من خلال حزب أو حركة سياسية، الأمر الذي يتيح لها مشاركة فعالة في رسم السياسات العامة سواء بقبول السياسات التي تهدف لتحسين اوضاعها المعيشية وتحقيق العدالة الاجتماعية بتوفير الخدمات الأساسية لكل أفراد المجتمع بشكل لائق ومتساوي، أو ومن ناحية أخري تكون قادرة علي رفض السياسات التي تضر بمصالحها وتجور على حقوقها وذلك باستخدام كل وسائل الرفض الممكنة من أول التظاهر والاعتصام وصولا للإضراب العام والعصيان المدني والانتفاضة.

المطلوب إذن هو إبقاء الطبقة العاملة قادرة فقط على الإستمرار في العمل المأجور وبيع قوة عملها لتدوير عجلة الإنتاج وتحقيق المزيد من تراكم الأرباح للطبقة الحاكمة، ليس ذلك فقط بل يجب أيضاً أن تظل دائماً شاعرة بالهزيمة والاحباط بشكل الذي يجعلها طوال الوقت في حالة خنوع وخضوع يثنيها عن التفكير في أي مبادرة لتنظيم صفوفها وفي التعبير عن وجودها السياسي كطبقة تنتج الأرباح والثروة دون أن يعود عليها ذلك بأي شكل من أشكال التنمية أو تحقيق أقل متطلبات العيش الكريم، بل فقط يرمي لها الفتات كي تستمر في الحياة مهما كان بؤس هذه الحياة وحرمانها، وذلك لكي تتمكن من مواصلة العمل لمراكمة الأرباح للطبقة الحاكمة.

لكن هل هذا صحيح ؟… هل نحن غير قادرين على الفعل السياسي أمام الطبقة الحاكمة وجبروت النظام الجمهوري الحاكم وأدواته وأجهزته الأمنية ؟

للإجابة عن هذا السؤال يجب رصد وفهم ما تسخره الطبقة الحاكمة والنظام الجمهوري من أدوات ووسائل للإبقاء على نفوذهاَ وسيطرتها على السلطة والثروة في المجتمع، سواء كانت تلك الأدوات من أدوات السيطرة الناعمة والتي يستخدمها النظام طوال أوقات السلم الاجتماعي الزائف (زائف لأنه متحقق بقوة القمع البوليسي وليس برضاء شعبي حقيقي) والمتمثلة في المؤسسات التعليمية من مدارس وجامعات والمؤسسات الدينية ووسائل الإعلام والتي تحافظ على إبقاء السيطرة الفكرية والايدلوجية للطبقة الحاكمة علي المجتمع بأسره، أو أدوات السيطرة العنيفة من جيش وشرطة وقضاء وملحقاتهم من أجهزة أمنية ومخابراتية وسجون، والتي تبرز إلي مقدمة الصراع ويجيء دور استخدامها الحاسم من طرف الطبقة الحاكمة عندما تفشل أدوات السيطرة الناعمة في تخدير الطبقة العاملة وابقائها تحت سيطرتها ونفوذها، وذلك أمر متكرر الحدوث في ظل تطبيق السياسات النيوليبرالية التي يفرضها كل من صندوق النقد والبنك الدوليين الأمر الذي يفضي إلي احتدام وتعقد الأوضاع والظروف الاجتماعية والاقتصادية للطبقة العاملة بالشكل الذي يجعلها تخرج عن الدور المحدد سلفاً لها - وهو مراكمة الأرباح للطبقة الحاكمة - وذلك بالتعبير عن رفضها لتلك الأوضاع سواء بالاحتجاج عن طريق التظاهر أو الإضراب العام أو العصيان المدني أو الانتفاضة بالشكل الذي يمثل تهديد حقيقي للنظام وللطبقة الحاكمة.

بمعنى أنه عند اندلاع انتفاضة شعبية نتيجة للتدهور الحاد في الأوضاع المعيشية والاجتماعية للطبقة العاملة من أغلبية السكان يأتي دور أو تبرز للمقدمة أدوات القمع العنيفة المتمثلة في الشرطة والجيش والقضاء وملحقاتهم من أجهزة أمنية ومخابراتية وسجون والتي هي في واقع الأمر السيف الماضي للنظام الجمهوري والذي من خلاله استطاع قمع العديد من التحركات الشعبية والانتفاضات والثورات والتي كان آخرها ثورة 25 يناير 2011.

وفيما يلي ساتناول بالشرح كل أداة من تلك الأدوات على حدا لنتمكن من فهم تلك المنظومة الجهنمية التي خلقها النظام الجمهوري لضمان بقائه وبقاء الطبقة الحاكمة على قمة هرم السلطة والثروة في مصر.

أولا: أدوات السيطرة الناعمة (المؤسسات التعليمية والدينية الحكومية ووسائل الإعلام)

أ- المؤسسات التعليمية الحكومية.. أدوات الاخضاع الممنهج للعقول

لا شك أن للمراحل التعليمية المختلف من اول التعليم الأساسي وصولا للتعليم الجامعي دور محوري في تشكيل وعي الأجيال الناشئة ، الأمر الذي خبرته جيدا الأنظمة الحاكمة في كل بلدان العالم على اختلاف انظمتها الحاكمة كما خبرته الدولة الجمهورية المصرية جيدا الأمر الذي حملها على إعداد مناهج دراسية تتناسب مع توجهاتها من عدة أوجه من اول ترسيخ الفردية والتنافسية بالشكل الذي يناسب معطيات السوق الحر والاقتصاد الرأسمالي، اليَ تزوير التاريخ واختلاق الأساطير التي تعبر عن رواية كاذبة للتاريخ تهدف من خلالها اليَ تضليل الوعي الجمعي للمجتمع، وصولا لحصر المناهج والتعليم الجامعي على النظريات والأفكار التي يتبناها النظام، كل ذلك لكي تنتج المنظومة التعليمية أجيالا على استعداد لقبول الواقع كما هو دون محاولة نقده أو تغييره، أن التعليم الحكومي في مصر أداة أساسية لترسيخ الاستبداد والقهر الذي يمارس علي التلاميذ والطلبة في المدارس والجامعات بالشكل الذي يجعلهم يرون أنهم مرغمين علي قبول هذا الاستبداد كجزء من الحياة اليومية، الأمر الذي يؤهلهم فيما بعد لتقبل الاستبداد والديكتاتورية الحكومية بعد تخرجهم، ولا ننسيَ دور التربية العسكرية التي يجبر على أدائها طلبة الكليات لكي يحصلوا على شهادات التخرج من الجامعات وأيضاً التجنيد الإجباري الذي يكون بمثابة درس مكثف في القمع الجسدي والنفسي الذي يمارس علي الشباب اليافع بغرض القضاء علي أي ذرة تمرد او علياء باقيه في نفوس هؤلاء الشباب لم تسحقها المنظومة التعليمية قد تحملهم علي التفكير في انهم يستحقوا حياة افضل من تلك التي يحيوها.

كل ما تقدم ينسحب فقط على التعليم الحكومي من مدارس وجامعات مصرية يرتادها عامة الشعب والذي منهم كاتب هذه الكلمات , اما مدارس وجامعات أبناء الطبقة الحاكمة من رجال أعمال وضباط ومستشارين فهم فيها (على الأرائك ينظرون تعرف في وجوههم نضرة النعيم)، يتعلموا بتلك المدارس والجامعات الخاصة باللغات الأجنبية في أجواء من البهجة واللطافة لا علاقة لها بما ذكرت سابقا عن الاستبداد والقهر وما إلى ذلك في المدارس والجامعات الحكومية، كما أنهم غير ملزمين بأداء التربية العسكرية لأنها مقررة فقط علي طلبة الجامعات الحكومية، أما عن التجنيد الإجباري فليس صعبا علي أعضاء تلك الطبقة كما لا يخفيِ علي أحد أن يجدوا واسطة -قد توفرها فقط أوراق البنكنوت- تعفي أبنائهم من أداء الخدمة العسكرية أو علي أقل تقدير (مشاهدته فيديوا) كما يقال بأن يتم تسجيل حضورهم في الأوراق الرسمية علي أنهم يؤدوا الخدمة العسكرية وهم في واقع الأمر (على الأرائك ينظرون تعرف في وجوههم نضرة النعيم)!، الأمر الذي يظهر بجلاء وبشكل صارخ انقسام المجتمع إلى طبقة أقلية حاكمة مستغِلة تملك كل شئ وتعد أبنائها في المدارس والجامعات الخاصة لتولي زمام الأمور في المستقبل، وطبقة أغلبية ساحقة مستغَلة لا تمتلك سويَ بيع قوة عملها للبقاء على قيد الحياة وإبقاء أبنائها على قيد الحياة والتي تدفع بهم إلى المدارس والجامعات الحكومية على أمل تحسين أوضاعهم المعيشية في المستقبل، الأمر الذي لا يتحقق إلا فيما ندر بسبب انعدام المساواة وتساوي الفرص في مجتمع تحتكر فيه الطبقة الحاكمة كل الثروة وكل السلطة لحسابها.

المخرج الوحيد من سيطرة الثقافة والوعي الحكومي الذي تنتجه المدارس والجامعات الحكومية هو التثقيف الذاتي الفردي والجماعي للأفراد عن طريق أخذ المبادرة للمعرفة وطرح التساؤلات وعدم الاكتفاء بالإجابات الجاهزة التقليدية بل البحث عن إجابات تناسب قيم المنطق العقلي الواعي الذي يخضع كل ما حوله للنقد الموضوعي والجدل المادي لكي يصل إلى الحقيقة، لماذا وكيف وما السبب تلك هي الأسئلة الأولية التي يجب أن تتبادر اليَ أذهاننا طوال الوقت عند بحث أو مشاهدة أي واقعة من حولنا تخص واقعنا المأساوي.

الآن لنجرب إسقاط التساؤلات التي أوردتها سالفا على موضوع التعليم الحكومي لنرىَ النتائج، فيمكن أن نطرح مثلا، لماذا يجب أن نبحث عن مصادر أخريّ للمعرفة ولا نكتفي بالتعليم الحكومي فقط؟ لان المعرفة من خلال المدارس والجامعات الحكومية ستجعلك مستلب ناحية الطاعة والخضوع والانكفاء عليَ الذات بالشكل الذي أعدته لك الدولة جيدا لتصبح مواطن صالح في نظرها يتم سحقكَ في صمت في آلة إنتاج الأرباح الرأسمالية للطبقة الحاكمة، إذن فكيف نحصل عليَ وسائل أخريّ للمعرفة؟ لا شك أن القراءة الحرة وتكوين حلقات نقاشية وسيلتان أساسيتان لتكوين وعي وثقافة مستقلة وبالطبع عن طريق استخدام الانترنت يمكن الاطلاع وقراءة مخزون هائل من الكتب والمقالات التي تحتوي عليَ أفكار وخبرات ثورية ونضالية لا شك نحتاج لدراستها وفهمها لكي نضع أنفسنا على طريق تغيير واقعنا البائس.

بقيَ أن نسأل ما السبب الذي يجعل من المعرفة أمرا هاما ؟ الا يكفي أن نعمل فقط لتأمين حاجاتنا وحاجات أسرنا! أن المدخل الرئيسي لتحرر المجتمع من استغلال ونهب حفنة من اللصوص او لنقل ائتلاف اللصوص من رجال الأعمال والضباط هو وعي وفهم أفراد المجتمع المستغَلين والمضطهدين أنفسهم لواقع استغلالهم وأضطهادم لكي يسعواَ لتحطيم القيود التي تبقيهم مستغلين ومضطهدين، فبدون إدراكهم لواقع اضطهادهم لن يسعوا ابدا لتغيير هذا الواقع، أما عن الاستفهام.. (الا يكفي أن نعمل فقط لتأمين حاجاتنا وحاجات أسرنا!) بالطبع يكفي!.. كما تكفي بالضبط حصة العلف التي تقدم للبهائم لكي تقوم كل يوم بتدوير الساقية وهي معصوبة العينين لجلب الماء ثم تذبح في نهاية الأمر، إلا أن حتيَ ذلك ليس متاحا أمام من يفكر في هذا الخيار فإجراءات التقشف التي اتخذتها الحكومة وتحرير سعر صرف الجنيه اديا اليَ موجة غلاء غير مسبوقة في كل السلع الأمر الذي سيدفع أعداد هائلة من الطبقات المستغَلة والفقيرة الى مزيد من البؤس والعوز، خلاصة القول نحن بؤساء مستغَلين ومضطهدين ومستلبين و خاضعين للأفكار والقيم السائدة التي تهدف إلى إبقائنا على ما نحن عليه لكي تبقى السيطرة لطبقة الحكم ولن يتغير ذلك بدون أن نفهم ونفكر كيف نغيره، فلن يساعدنا أحد إن لم نساعد أنفسنا.

ب- المؤسسات الدينية الحكومية.. منابر الجمهورية المقدسة

لا يخفي علي أحد أن المؤسسات الدينية الرسمية سواء كان الأزهر أو الكنيسة مسيطرا عليهم تماما من قبل النظام وأجهزته الأمنية بالشكل الذي يجعل منها منابر للدفاع عن ما يحله النظام أو يحرمه بأسم الدين وبأسم ما أحل الله وحرم, وعلى الفقراء والمضطهدين أن يصبروا ويصمتوا لكي ينالوا رضا الله وغفرانه، هكذا ينعق رجال الدين من فوق منابرهم أن كل الشرور التي في الأرض من غلاء الأسعار وفساد وتفاوت الدخول هي من آثام الناس وخطاياهم وليس بسبب لصوص الطبقة الحاكمة ولا بسبب فساد الحكومة والنهب والسرقة المتفشي بين أعضائها, اتعلم لماذا ؟ ببساطه لأن من يعتلوا تلك المنابر هم أيضا لصوص لكن لصوص من نوع أخر، لصوص الورع الديني الذين يستترون وراء قناع الدين الزائف.

وقد دأب النظام الجمهوري علي استخدام المؤسسات الدينية من أجل تمرير مشاريعه السياسية والاقتصادية فمع تبني النظام الناصري ما أطلق عليه زورا وبهتانا (اشتراكية) وهو اشتراكية أسماً فقط فهو نظام ما يصطلح على تسميته (رأسمالية الدولة)، انطلقت أبواق المؤسسات الدينية حينها بالتبجيل للاشتراكية واعتبار أن الاشتراكية من صلب الإسلام ثم ومع تحول السادات للانفتاح وتبني نظام السوق الحر الرأسمالي تحولت تلك الأبواق لتمجيد الرأسمالية والتذكير بأحاديث مثل (خمس أعشار الرزق في التجارة) وأن الرسول كان تاجرا، ثم ومع توجه السادات لإبرام اتفاقية السلام المشبوهة مع الكيان الصهيوني فعل النظام الشئ نفسة من خلال إطلاق حملة دعائية من خلال المؤسسات الدينية ومن علي منابر المساجد للترويج لهذا المعاهدة المشينة تحت شعار (وإن جنحوا للسلم فاجنح له) والتي كان الشيخ الشعراوي أحد دعاتها والمسوقين لها، والذي وقف يقول في البرلمان نصا عندما كان وزيرا للاوقاف (والذي نفسي بيده لو كان لي من الأمر شيء لحكمت لهذا الرجل - يقصد السادات - ألا يسأل عما يفعل)!.(1)

أما إذا تحدثنا بشكل معاصر عن الدور السياسي الذي تلعبه المؤسسات الدينية من أزهر وكنيسة فهو هذا الدعم والغطاء الديني الكامل للنظام الجمهوري وللديكتاتور السيسي أمام كل ما يرتكب من مذابح وجرائم في حق الشعب وعن الآلاف المعارضين المعتقلين القابعين في سجون النظام، كل ذلك يسكت عنه ما يطلق عليهم علماء وشيوخ وآباء وكهنة وهم في حقيقة الأمر ليسوا سوى أعضاء من طبقة الحكم يمارسوا دورهم الذي ورثوه واعتادوا عليه منذ آلاف السنين - منذ كهنة فرعون - وهو تدجين الناس وإخضاعهم لسلطة الحكام بالمواعظ والكلمات المخدرة للأعصاب والتي لا تختلف في شيء في تأثيرها عن تأثير المخدرات في تغييب وعي الناس وصرفهم عن مشاكلهم الحقيقية، فأن أول خطوة لحل مشكلة ما هو الاعتراف بوجود مشكلة ومواجهتها، وطالما ظلت المواعظ والحكم الدينية البليدة تخدر أذهان الناس وتصرفهم عن مواجهة مشاكلهم الحقيقية فهي تؤدي دور تغيبي خبيث يخدم النظام الجمهوري والطبقة الحاكمة.


ج- وسائل الإعلام بوق الجمهورية الزاعق

الإعلام هو الوسيلة الأكثر تأثيراً التي يستخدمها النظام لإخضاع الجماهير وإحكام سيطرته عليهم، فعبر عدد كبير من القنوات التلفزيونية والإذاعات والصحف التي يمولها وينفق عليها بسخاء النظام بشكل مباشر أو عن طريق رجال الأعمال أهم أعضاء الطبقه الحاكمه وأول المستفيدين من استمرار النظام الجمهوري بشكله الراهن، والذين يسخرون عدد هائل من الكتاب والإعلاميين والصحفيين تسويد عدد لا يحصى من الأخبار والمقالات وأعمدة الصحف اليومية ويملأون آلاف الساعات من البث على القنوات التليفزيونية واذاعات الراديو بهراء وضجيج بهدف رئيسي واحد وهو التشويش المتعمد على الجماهير للإبقاء على سيطرة ونفوذ النظام والطبقة الحاكمة وترسيخه.

فعبر هذا العدد الهائل من الصحف والقنوات يستطيع النظام الترويج لإنجازاته المزيفة وشن الحملات الدعائية التي تخدم مصالحة وأهدافه وفي نفس الوقت يستطيع منع معلومات لا يرغب في نشرها من التداول والانتشار وذلك عن طريق تحكمه في المواد التي يرغب أو لا يرغب في نشرها، إلا أن وجود إعلام بديل عن الإعلام الحكومي متمثل في الجرائد والمواقع الإخبارية الإلكترونية بالإضافة إلى وسائل التواصل الإجتماعي على الإنترنت والتي لم تسلم هي الأخرى من الحجب وملاحقة مطلقيها ومستخدميها من قبل الاجهزة الأمنية للنظام إلا أنها استطاعت أن تكسر الجدار العازل الذي يحاول النظام بنائه لحجب المعلومات وطمس الحقائق.


يتبع...


(1) محمد الباز، الشعراوي والسادات، دار مدبولي الصغير، 1998.



#حسن_مصطفي (هاشتاغ)       Hassan_Moustafa#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعديل الدستور للّتمديد.. السيسي يحفر قبره
- فُجر أبواق النظام وتردد ووجل المعارضة
- عن المهمشين والثورة
- إدلب.. المجزرة علي وشك الوقوع
- تعليق علي مبادرة معصوم مرزوق
- الجزر للسعودية والسلام الدافئ للصهيونية والموت والإفقار للمص ...
- مقبرة النظام الجمهوري .. الاصلاحية أم الثورية؟
- لماذا لم يسلم الرفيق ابوحديد نفسة ؟
- لماذا الحزب الثوري ضرورة ؟
- ثورتنا المغدورة*


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن مصطفي - النظام الجمهوري وأفق الخلاص منه (1)