أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد علام - كوارث مصر الحزينة: ليست سوء ادارة، ولا خلل فى الاولويات!















المزيد.....

كوارث مصر الحزينة: ليست سوء ادارة، ولا خلل فى الاولويات!


سعيد علام
اعلامى مصرى وكاتب مستقل.

(Saeid Allam)


الحوار المتمدن-العدد: 6159 - 2019 / 2 / 28 - 22:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


انقسمت اراء النخبة المصرية اثر الفاجعة البشعة لقطار رمسيس الى نمطين من النقد، الاول، ركز على ان سبب تكرار هذه الكوارث هو سوء ادارة ويجب محاسبة المسؤولين عن هذه الكوارث المتكررة، ويأتى فى سياق هذا المنطق استقالة وزير النقل وقبول استقالته، اما النقد الثانى، ركز على ان الخلل فى تحديد الاولويات، هو الذى ادى الى اهمال هذا المرفق الهام، وجرى الصرف على مشروعات هامة ولكنها لا تحظى بالاولوية، مثل العاصمة الادارية الجديدة، واستشهد البعض بتصريح الرئيس السيسى بان الـ10 مليار جنيه اللازمة لميكنة وكهربة السكك الحديدية، اذا ما وضعهم فى البنك سيحصل على فائدة مليار جنيه، والبعض الاخر تسائل عن مصير حصيلة الزيادة فى اسعار تذاكر القطارات والتى قيل انها من اجل تطوير هذا المرفق، مستشهدين بقول الرئيس "لما نيجى نزود التذكره يقول ما عيش، وانا كمان ما عيش (يقصد الدولة)".

حقيقة الامر، لا المسألة سوء ادارة، ولا هى خلل فى تحديد الاولويات. مجدداً، النسبية، هناك مصالح متناقضة داخل المجتمع الواحد، اذا ما نظرت للامر من زاوية مصالح جهة معينة، ستجد ان ما يتخذ من اجراءات وقوانيين هى سيئة للغاية من وجهة نظر هذه الجهة، واذا ما نظرت الى نفس هذه الاجراءات والقوانيين من زاوية الجهة الاخرى، صاحبة المصالح المتناقضة مع الجهة الاولى، ستجدها جيدة للغاية.

لذا .. ان فتح سوق النقل الوطنى، المملوك للدولة، كما الطاقة، على رأس اولويات جدول شروط انخراط السوق المصرى، "استهلاكاً وتملكاً"، فى السوق الحرة العالمية، العولمة، وهو شرط رضى حكام عالم اليوم عن النظام المصرى، لذا فهى على رأس شروط صندوق النقد الدولى، المتحدث والمراقب الرسمى للشركات العملاقة متعددة الجنسيات، حكام عالم اليوم، شروط فرضت على النظام المصرى، السابق والحالى، الا ان ازمة النظام الحالى التى تشكلت وتفاقمت خلال التطورات التى شهدتها مصر من بعد يناير 2011، وخاصة بعد يوليو 2013، قد "فرضت" على النظام المصرى الحالى، القبول بالمعدل المتسارع لـ"تحرير" السوق المصرى امام الاستثمار العولمى، فتفاقم ازمة النظام يسمح بقبول ما لا يمكن مقبولاً من قبل، فتم القبول بهذا المعدل المتسارع الذى طالما ما ماطلت فى سرعة معدلات تنفيذه، السلطات السابقة بدءاً من حكم السادات وصولاً لفترة حكم مبارك.

يأتى رفع اسعار الطاقة والنقل، ليس من اجل تحسين الخدمة، وليس من اجل ان تحصل الدولة على بعض الاموال فحسب، بل هو بالاساس، شرط واجب التنفيذ حتى تصل اسعار الطاقة والنقل الى السعر العالمى، شرط يجب تحقيقه طالما تم الاذعان بقبول دخول مصر فى السوق الحرة العالمية، بالمعدلات التى تحددها عولمة اليوم، حتى تأتى الشركات الاجنبية المستثمرة المتعددة الجنسيات، والاسعار فى مصر تماثل نظيراتها العالمية، عندها تحقق وتنزح الشركات الربح المأمول، بغض النظر عن ان الاجور المحلية لا تناظر مثيلاتها العالمية. (وهو ما يتم ايضاً مع العملة المحلية فى مقابلتها مع العملة العالمية، الدولار، بغض النظر عن ما يحدث من تضخم يكوى الناس).

السكك الحديدية والطرق السريعة والكبارى والجسور، كما الموانئ والجمارك، هى لخدمة المستثمر، لكنها تمول جميعها بقروض على الدولة، المواطن، لتدخل الدولة فى قفص التبعية، ودائرة القروض الدوارة الشريرة.

مثلاً، تمول مشاريع تطوير السكك الحديدية بواسطة مصيدة القروض، تلك المشاريع التطويرية التى تهدف الى توسيع السوق المصرى، استهلاكاً وموارد، امام الشركات العالمية القادمة، بما يسمح بوصول البشر والبضائع الى كل مكان. لا تشيد خطوط السكك الحديدية من اجل ربط المناطق الداخلية الواحدة بالاخرى فقط، وانما ايضاً، من اجل ربط مراكز الانتاج بمناطق التصدير والاستيراد، الموانئ والجمارك، لتتحول رسوم النقل عن طريق السكك الحديدية، والتى تحددها الشركات المستثمرة، الى لعنة على مناطق الانتاج وعلى البشر.

تحصل الشركات المستثمرة فى السكك الحديدية، على امتيازات فى الاراضى الواقعة على احد جانبى طريق السكك الحديدية، بالاضافة للطريق نفسه، وحق بناء خطوط فرعية جديدة، وهذه الاراضى تمثل ثروة استثمارية اضافية، وهو ما يؤدى فى الغالب الى طرد الاسر التى تسكن فى هذه الاراضى من قبل الشركات المستثمرة، على ان يقوم المجلس التشريعى بتشريع القوانيين "المشجعة للاستثمار" والتى تمثل السند القانونى لعملية طرد السكان، وتقوم قوات انفاذ القانون بتنفيذ عملية الطرد ذاتها، والجهتان، التشريعى وانفاذ القانون ميزانيتهما من ميزانية الدولة، المواطن.

فى مصر، خضعت سلطة يوليو بعد هزيمة يونيو 67 لمتتطلبات التقسيم الدولى للعمل، وفقاً لاحتياجات كنز الثروات وفقاً للشروط التى تحددها الشركات العملاقة المتحكمة فى السوق الرأسمالى العالمى. فمنذ هزيمة "التجربة الناصرية" القصيرة فى 67، توقفت مصر عن زراعة ما تحتاجه واصبحت تنتج ما لا تحتاجه من مكملات استهلاكية، ففى مجال الزراعة انخفض انتاج القمح مثلاً لتصل مصر بعد ستة عقود الى ان تصبح الدولة رقم واحد فى استيراد القمح على مستوى العالم، وكذا تم القضاء على انتاج القطن المصرى طويل التيلة، صاحب الشهرة العالمية، والاسواق العالمية ايضاً، كما حدث انكماش حاد فى الصناعات الاساسية والمغذية، وتم الاكتفاء ببعض السلع الاستهلاكية والكمالية، والتى تختص معظمها بمجرد عملية تجميع فقط، لاجزاء قادمة من الشركات الام العملاقة.

ومع الارتفاع المستمر للقيمة السوقية لكل السلع والخدمات التى يتم استيراد جلها من الخارج، انخفضت بالمقابل القيمة "السوقية" للانسان المصرى، بطالة، وتدنى حاد فى مستوى المعيشة والخدمات الاساسية، صحة وتعليم .. الخ، وهوما يذكرنا بمقولة ديكتاتور السلفادور "مارتينيث" الذى أكد ان "قتل نمله جريمة اكبر من قتل رجل، لان الرجل يبعث من جديد بعد موته، بينما تموت النملة بشكل نهائى."! ..

لم تكن هزيمة 67 هزيمة عسكرية بقدر ما كانت هزيمة لمشروع "استقلال وطنى" تصدت لانجازه قوى وظيفية لم تكن تمتلك المؤهلات الطبقية او الفكرية الايدلوجية لانجازه، ومع الانجرار فى خدمة السوق العالمى، ازدادت مظاهر عدم الاستقرار الاجتماعى والسياسى والامنى، ومعه ازدادت الاجراءات القمعية، وازدادت الميزانيات الهائلة المخصصة للامن مما يفاقم، فى دائرة شريرة، من العجز المخزى الحادث فعلاً فى ميزانية الدولة المخصصة لما تبقى من الزراعة والصناعة والخدمات الاساسية من تعليم وصحة .. الخ، بسبب من التمييز الطبقى والاجتماعى والوظيفى فى الميزانية، وزاد من تفاقم الوضع، الوقوع فى مصيدة القروض، كما فى مثال قروض تطوير سكك حديد مصر.



#سعيد_علام (هاشتاغ)       Saeid_Allam#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فنزويلا: حكاية شعب، افقره ثراء ارضه؟!. 2 تطبيقاً لشعار العول ...
- فنزويلا: حكاية شعب، افقره ثراء ارضه؟!.
- الدستور .. تعديل بتعديل، فل-نعدل-.
- لماذا صديقة للبيئة، وليست صديقة للانسان ؟! نحن فقراء فقط، لأ ...
- السقوط الثانى، دائماً مسخرة ! هل يشرب المصريون كأس 19 مارس، ...
- نظرية الاصطفاف -مجهول الهوية- !
- اسقاط -خطر- محتمل، لصالح -خطر- قائم ! مقال الاسوانى: -هل ينت ...
- هل يستعيد ال-فيس بوك- يناير، مرة اخرى ؟!
- النيوليبرالية - الأيديولوجية في جذور كل مشاكلنا.
- السؤال المسكوت عنه: من سيحكم مصر بعد نجاح الثورة ؟ّ!
- بانوراما الثورات: عن يناير وغيرها ! -2- خبرة يناير: بين -برا ...
- بانوراما الثورات: عن يناير وغيرها ! -1-
- عباس كامل رئيساً للجمهورية ! -2- النقود لا تتبخر، انها تصعد ...
- عباس كامل رئيساً للجمهورية !
- اعادة اعمار ام عولمة سورية؟!
- باي باى -البشير-، الشركات العملاقة تشحذ اسنانها ! الضمانة ال ...
- المثقف عندما يتقمص دور -الابله- ! نخب مصرية، نموذجاً.
- كالعادة البغيضة: بيان حزب العمال الشيوعى الفرنسى، يستثنى نفس ...
- ايام الثورة: ايام تقدم العالم. من 1917 الى 2011 وما قبلهما و ...
- السعودية تتكفل بأعادة اعمار سوريا !! مجدداً، بن سليمان فى صف ...


المزيد.....




- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة إسرائي ...
- وزير الخارجية الأيرلندي يصل الأردن ويؤكد أن -الاعتراف بفلسطي ...
- سحب الغبار الحمراء التي غطت اليونان تنقشع تدريجيًا
- نواب كويتيون يعربون عن استيائهم من تأخر بلادهم عن فرص تنموية ...
- سانشيز يدرس تقديم استقالته على إثر اتهام زوجته باستغلال النف ...
- خبير بريطاني: الغرب قلق من تردي وضع الجيش الأوكراني تحت قياد ...
- إعلام عبري: مجلس الحرب الإسرائيلي سيبحث بشكل فوري موعد الدخو ...
- حماس: إسرائيل لم تحرر من عاد من أسراها بالقوة وإنما بالمفاوض ...
- بايدن يوعز بتخصيص 145 مليون دولار من المساعدات لأوكرانيا عبر ...
- فرنسا.. باريس تعلن منطقة حظر جوي لحماية حفل افتتاح دورة الأل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد علام - كوارث مصر الحزينة: ليست سوء ادارة، ولا خلل فى الاولويات!