أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سليم نصر الرقعي - العداءُ للصهيونية ليس عداءً لليهود والسامية!؟













المزيد.....

العداءُ للصهيونية ليس عداءً لليهود والسامية!؟


سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة

(Salim Ragi)


الحوار المتمدن-العدد: 6159 - 2019 / 2 / 28 - 03:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد اعلان دولة الصهاينة بأنها دولة يهودية (!!؟؟) ومع تصاعد الانتقادات الموجهة لإسرائيل في الشارع الأوربي وفي العالم عمومًا أصبح الصهاينة وسادة دولة الكيان الصهيوني (إسرائيل) ورعاتها وحماتها في الغرب يشعرون بحساسية كبيرة من ظاهرة تصاعد هذه الانتقادات الموجهة للصهيونية ولدولة إسرائيل خصوصًا بعد أن مكَّنت ثورة الاتصالات والمعلومات ومواقع التواصل الاجتماعي (الشعبية) جماهير المثقفين والناس العاديين في كل أنحاء المعمورة من التعبير عن آرائهم ومواقفهم السياسية بكل حرية وأمان بعيدًا عن وسائل الاعلام التقليدية القديمة (النخبوية) التي كان لرأس المال الصهيوني ثقل على ضبطها وتوجيهها بل وتخويفها وكبحها من خلال التلويح المستمر بسلاح الإرهاب القضائي والتخويف من الجرجرة في المحاكم الأوروبية بدعوى المعادة للسامية!.. لهذا مع تصاعد موجة الانتقادات لدولة إسرائيل وللحركة الصهيونية تحرك أنصار وحماة هذا الكيان الصهيوني في أوروبا - وخصوصًا في فرنسا وبريطانيا وألمانيا - من أجل خلط الأوراق ومحاولة ترميم الأكاذيب المؤسسة لدولة إسرائيل!.. وذلك من خلال محاولة جعل مسألة العداء للصهيونية وانتقاد دولة إسرائيل أو التعاطف مع الفلسطينيين يقع ضمن مفهوم (العداء للسامية)!!... مستغلين ومستثمرين ظاهرة صعود اليمين الأوروبي المعادي لليهود والسامية في بعض الدول الغربية وخصوصًا في فرنسا وألمانيا وبعض بلدان أوروبا الشرقية!!. وهذا التحرك لخلط الأوراق بين العداء لليهودية والعداء للصهيونية إن دل على شيء إنما يدل على أن الأكاذيب والأساطير والخرافات المؤسسة لدولة إسرائيل باتت باهتة ومنتهية الصلاحية ولم تعد – مع ثورة الاتصالات والمعلومات – تُجدي نفعًا لذا وجب دعمها بسلاح التجريم القانوني من خلال اعتبار معاداة الصهيونية ومعاداة دولة إسرائيل هو شكل من أشكال معاداة السامية!.. وربما يكون هذا هو الغرض الحقيقي غير المعلن من اعلان البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) أن إسرائيل دولة يهودية!.. ليقال لكل من يعبر عن كراهيته لإسرائيل وقناعته بعدم مشروعيتها بأنه معاد للسامية وأنه يكره اليهود!.
* * *
لهذا أراد الصهاينة ورعاة الصهيونية - حتى من غير اليهود - اللجوء لعصا ((لإرهاب القضائي)) أي التخويف من (الجرجرة في المحاكم الغربية) وما تجره على (المجرور) من تعب واستهلاك للمال، وهي لعبة يجيدها أنصار الصهيونية وإسرائيل في الغرب بل هي احدى وسائلهم القمعية والارهابية التي استخدموها كثيرًا هنا في الغرب ضد بعض المفكرين والمثقفين والسياسيين بدعوى (العداء للسامية) أو (التشكيك في المحارق النازية) أو حتى (التشكيك في عدد اليهود الذين تم حرقهم في أفران هتلر!).... هي عصا إرهابية (قانونية) و(ناعمة) لطالما استخدمها الصهاينة (يهودًا وغير يهود) لإسكات وتخويف المفكرين والمثقفين الأحرار هنا في الغرب!.... ومع أنني أدين العداء لليهود كيهود أو العداء لأي أصحاب ديانة لمجرد دياناتهم، ومع اعتقادي أن العداء للعرب المتزايد حاليًا في الغرب هو أمر يجب إدخاله ضمن (العداء للسامية) لأن العرب من حيث الأصل العرقي القديم هم أيضًا شعب من الشعوب السامية حالهم حال (العبريين) أو (بني إسرائيل) إلا أنني بلا شك – ومن باب الولاء للحقائق التاريخية والواقعية – أدين هذه المحاولة الخسيسة والخبيثة لخلط الأوراق بين الصهيونية كحركة سياسية وبين اليهودية كديانة سماوية!.. وهو يشبه إلى حد بعيد للخلط بين تنظيم القاعدة والدواعش كحركة سياسية وبين الإسلام كديانة سماوية!.
* * *
الصهيونية حركة وايديولوجيا سياسية نشأت وتطورت في الغرب وقامت على أساس مشروع سياسي استعماري استيطاني يتمثل في إقامة وطن ليهود العالم على أرض فلسطين!!... مع أن اليهودية – بالنظر للحقائق التاريخية والحقائق الواقعية الملموسة - ليست عرقًا ولا حتى قومية بل هي (ديانة) حالها حال الإسلام والمسيحية والهندوسية والبوذية...الخ... فهذا المشروع السياسي (مشروع الصهاينة) هو أشبه بـ(مشروع الدواعش)!.. فهل يمكن اعتبار العداء للدواعش ومشروع الخلافة الإسلامية كحركة سياسية تقوم على أساس إقامة وطن واحد يضم كل مسلمي العالم (!!) والذي يتبناه الدواعش هو عداء للإسلام وللعرب!؟؟.... هكذا هو الحال في مسألة العداء للحركة الصهيونية، إنما هو عداء لهذه الفكرة الخاطئة والظالمة والخبيثة وعداء لهذا المشروع السياسي الاستعماري الاستيطاني الخبيث والظالم!... لا يمكن اعتباره عداءً لليهودية كديانة أو لليهود كمؤمنين بهذه الديانة!، ولهذا يجب التفريق العلمي (الموضوعي) الصارم بين العداء للصهيونية كحركة تمخض عنها إقامة دولة إسرائيل على أرض الفلسطينيين، وبين العداء لليهود واليهودية كدين!.. الخلط بين الأمرين خلط خبيث ومفتعل ومضلل!، لأنني أعلم بأن هناك الكثير من اليهود ممن يرفضون الصهيونية كحركة سياسية ويرفضون هذه الدولة الصهيونية (إسرائيل) من حيث المبدأ بل ووجدت بعض المتدينين اليهود هنا في بريطانيا ممن يعتقدون أن اقامة هذه الدولة هو أمر مخالف للشريعة اليهودية!.. فهل هؤلاء اليهود المتدينون معادون للسامية ولليهودية!!؟؟؟.
* * *
إن الصهاينة – بثقلهم المالي والإعلامي - تمكنوا من خداع العالم من خلال تصوير اليهود كما لو أنهم جماعة قومية عرقية من جنس واحد ووطن واحد!!... بينما اليهودية في حقيقتها ليست سوى (ديانة) حالها حال المسيحية والاسلام ولهذا دخل فيها منذ زمان موسى حتى زمان سليمان عليهما السلام الكثير من الأقوام والأفراد من شعوب أخرى غير شعب (بني اسرائيل) الذي هو أحد الشعوب السامية، أي أحد شعوب هذه المنطقة التي بات يُطلق عليها في زماننا اسم البلدان العربية، كأنما أغلب هذه الشعوب السامية التي أصبحت اليوم ناطقة بالعربية ذاب معظمها في الهوية القومية الوطنية (العربية) بالاستعراب إذ أن العروبة ليست دِينًا وليست عِرقًا بل هي تكوين قومي وطني بدأ ونشأ من جزيرة العرب مرورًا من المشرق العربي وانتهاء بالمغرب العربي، ولهذا حتى يهود هذه المنطقة من قبائل بني اسرائيل هم (يهود عرب) أي أنهم استعربوا كغيرهم من الجماعات السامية ليس في عصرنا الراهن بل منذ زمن بعيد حتى قبل ظهور ما يُسمى بحركة القومية العربية كحركة تقاوم التتريك بقرون مديدة بل وقبل ظهور الاسلام!.. فإنني بالاطلاع على تاريخ وجغرافيا وديموغرافيا الجزيرة العربية قبل الاسلام وعند ظهور الإسلام وجدت أن بعض من القبائل العربية هي قبائل تدين باليهودية!(*)، فلا أدري هل هي قبائل بالفعل منحدرة عن بني إسرائيل ثم استعربت؟ أم هي قبائل عربية انحدرت من الحجاز أو اليمن وكانت وثنية أو مسيحية ثم تهودت!؟؟... وأعني هنا تلك القبائل التي كان يتركز معظمها في يثرب (المدينة) أو حولها (*)، فاليهود العرب كالمسيحيين العرب هم جزء من هذه القومية والهوية العربية (السامية)، فكثير من عرب اليوم ليسوا لا من العدنانيين ولا القحطانيين ولا بني اسماعيل بل هم من أعراق وشعوب سامية أخرى، عريقة كانت موجودة في هذه المنطقة التي باتت يُطلق عليها اليوم (البلدان العربية) أو (العالم والوطن العربي).... حيث أنه - لظروف تاريخية وسياسية قبل وبعد الاسلام - أصبحت العروبة هي الطابع العام والغالب لشعوب المنطقة مما يؤكد أن العروبة بالفعل ليست عِرقًا ولا دينًا إنما هي هوية ثقافية قومية عمدتها اللغة العربية، كأداة للتفكير والتفاهم بين سكان المنطقة، وهي ظاهرة حدثت حتى في أوروبا أي في نشوء وتطور القوميات الوطنية الأوروبية حيث يتم دمج عدة جماعات متجاورة وطنيًا في قومية وطنية واحدة عمدتها لغة واحدة هي لغة أحد هذه الجماعات الوطنية..... وهكذا فإن كلمة (اليهود) ليست هي المقابل لكلمة (العرب) كما أن كلمة (الساميين) ليست محصورة في (العبريين) و(بني اسرائيل).... بل المقابل لكلمة اليهود هو المسيحيون والمسلمون والهندوز ....الخ ... فاليهودية دين وليست قومية وطنية وليست عِرقًا وجنسًا كما تزعم الصهيونية بأكاذيبها المؤسسة لدولة (اسرائيل).. بدليل أن حتى بعض المسيحيين الأوربيين منذ قرون تخلوا عن مسيحيتهم بعد أن راودتهم شكوك لاهوتية في عقائد المسيحية وكان الحل عندهم هو العودة للأصل!.. أي لدين المسيح نفسه عليه السلام وهو اليهودية... فالمسيح (عيسى) وأمه (مريم) عليهما السلام كانا يهودييين من حيث الأصل قبل نزول الانجيل، فالنصرانية هي امتداد طبيعي لليهودية جاءت لتطهير الديانة اليهودية مما علق بها من غلو وتشدد وبدع اخترعها رجال الدين (الأحبار) وأيضًا لتحرير اليهود من بعض التكاليف المرهقة التي كتبها عليهم الله كعقوبات سابقة!.... وهكذا وعبر التاريخ بل وحتى يومنا هذا وجدنا بعض المسيحيين الغربيين وغيرهم ممن تداهمهم الشكوك فيما طرأ على المسيحية من إضافات فلسفية ولاهوتية وطقوس تعبدية يقررون العودة للأصل الذي انبثقت منه المسيحية أي لديانة المسيح وأمه مريم، أي يصبحون يهودًا!، فلو كانت اليهودية عرقًا ونسلًا فكيف يمكن أن يصبح هؤلاء يهودًا، بل اليهودية ديانة قد يخرج منها بعض معتنقيها للمسيحية أو الإسلام أو حتى للإلحاد أو اللا أدرية وقد يدخل فيها من ليس من سلالة قبائل وفروع بني إسرائيل (العبرانيين) الذين عبروا نهر البحر الأحمر من مصر إلى فلسطين!.
* * *
لهذا وبناء على كل هذه الحقائق التاريخية والواقعية بل ووفق علم الأديان المقارنة فإن العداء للصهيونية كحركة وايديولوجيا سياسية ذات مشروع استعماري استيطاني يتمثل في توطين يهود العالم (!!!؟؟) في أرض الفلسطينيين ليس هو قطعًا عداء لا لليهودية كديانة ولا لأهلها ولا عداء للساميين!.. وعندما نقول (الساميين) فنحن نقصد كل سكان ما بات يُعرف في هذا العصر بالبلدان العربية وخصوصًا في المشرق العربي!... وليس كما زيفت الحركة الصهيونية الحقائق بحصر السامية في بني إسرائيل أو تعميمها على كافة يهود العالم مع أن الكثير من اليهود ليسوا ساميين من حيث الأصل العرقي، فمنهم الأوروبي الغربي والشرقي، ومنهم الافريقي كيهود الفلاشا، ومنهم الأسيوي كيهود الهند والصين وتركيا!... فهؤلاء اليهود غير ساميين ولا هم ينحدرون من سلالة بني إسرائيل، والادعاء بأن يهود العالم ينحدرون من بني إسرائيل هي دعوى سخيفة ومضحكة كالادعاء بأن كل مسلمي العالم عربٌ أو أنهم ينحدرون من بني إسماعيل أو من العدنانيين والقحطانيين!! ... وكذلك الادعاء بأن فلسطين هي أرض وموطن اليهود هو كالادعاء بأن مصر هي موطن اليهود أيضًا لأن بني إسرائيل كانوا يستوطنون مصر قبل استيطانهم أرض كنعان (فلسطين) وقبل إقامة ممالكهم الكبرى بعد نجاتهم من العبودية لفراعنة المصريين!.... كل هذه الأكاذيب التي تروج لها الصهيونية هي أكاذيب خادعة تتلاعب بعقول البشر لتسويغ الظلم والباطل المتجسم في هذه الدولة الصهيونية الجاثمة على أرض الفلسطينيين... وعندما أقول (الفلسطينيين) فإنني أعني سكان فلسطين الأصليين الذين عاشوا فيها جميعًا قبل ظهور حركة الاستعمار والاستيطان الأوروبية التي كانت تستهدف استعمار واستيطان الأوروبيين بعض الأقطار العربية كما فعلوا في ليبيا والجزائر فهم لم يكونوا يقصدون احتلال هذه البلدان وحسب بل كانت غايتهم الاستراتيجية هي الاستيطان أي إحلال شعب أوروبي محل السكان الأصليين على طريقة ما حدث في أمريكا، ثم ومن رحم هذه الحركة الاستعمارية الاستيطانية الأوروبية ولدت الحركة الصهيونية كمشروع سياسي لتوطين يهود العالم في فلسطين أو ربما كان محاولة أوروبية (خبيثة وماكرة) للتخلص من يهود أوروبا بطريقة سياسية تقوم على تهجير اليهود نحو فلسطين!.. أي بطريقة خبيثة وناعمة وماكرة غير الطريقة الوحشية الخشنة الفاجرة التي اتبعها هتلر والنازيون للتخلص من يهود أوروبا!.. من يدري!؟.
* * *
وأخيرًا.. فكما أن ليس كل مسلم (إسلامي) (داعشي) بالضرورة وليس كل عربي هو بالضرورة قومي اشتراكي (بعثي وناصري) فإنه كذلك ليس كل يهودي هو بالضرورة صهيوني، ففي الواقع الملموس هناك يهود ليسوا صهاينة بل يعادون الصهيونية ويرفضون مشروع دولة إسرائيل بل إن منهم من بعض اليهود الليبراليين واليساريين ممن يرفضون اعتبار دولة إسرائيل دولة يهودية ويدعون إلى إقامة دولة وطنية ليبرالية ديموقراطية متعددة الثقافات والديانات تضم كل سكان فلسطين الحاليين يهودًا ومسيحيين ومسلمين وملحدين ولا دينيين وغيرهم، عربًا أو غير عرب!.... وهكذا فإن محاولة خلط مسألة العداء لليهود والعداء للسامية بمسألة العداء للصهيونية ولدولة إسرائيل هو لعبة خبيثة وخلط للأوراق الهدف منه تكميم الأفواه خصوصًا في الغرب وتجريم وتحريم نقد الصهيونية ورفض مشروع دولة إسرائيل... وللأسف الشديد إذا كان بعض المثقفين والساسة الغربيين يحملون في أعماقهم نزعة صهيونية لأسباب دينية مسيحية لاعتقادهم أن قيام دولة إسرائيل بشارة واشارة لقدوم المسيح فإن بعض الساسة الغربيين الآخرين ليسوا صهاينة ولكن المصالح والحسابات السياسية والشخصية وخوفهم من تأثير قوى المال والاعلام الموالية للصهاينة ودولة إسرائيل على مواقعهم وطموحاتهم السياسية تجعلهم يندفعون في حماسة إعلامية (استعراضية) نحو تأييد الخلط بين المسألتين واعتبارهما أمرًا واحدًا ، أقصد الخلط بين مسألة العداء لليهود والسامية ومسألة العداء لإسرائيل والصهيونية!!.... ولكن بلا شك أن قوى العقل والعدل في العالم ستقاوم وترفض هذا الخلط (المفتعل) كما ترفض – في ذات الوقت - ولدوافع إنسانية واخلاقية وعلمية - العداء لليهود كيهود وتحميلهم أوزار الصهاينة أو مشروع دولة إسرائيل ذات الهوية الدينية (العنصرية)، أو العداء للمسلمين كمسلمين وتحميلهم أوزار (الدواعش) ومشروع دولة الخلافة بهويتها الدينية (العنصرية).... الحقيقة ستنتصر – آجلًا أو عاجلًا - إذ بوسعك أن تكذب على كل الناس بعض الوقت، وبوسعك أن تكذب على بعض الناس كل الوقت، ولكن قطعًا ليس بوسعك أن تكذب على كل الناس كل الوقت!.
***********
سليم نصر الرقعي
(*) عثرت على أسماء بعض هذه القبائل العربية المتهوِّدة أو اليهودية المُستعرِبة ضمن ما عُرف في تاريخ الاسلام بـ(صحيفة المدينة) والتي كانت بمثابة عقد اجتماعي وسياسي جرى بين جميع شرائح سكان (يثرب) وما حولها من قبائل الاعراب وأحياء اليهود عقب هجرة النبي (محمد) اليها فارًا من قومه في مكة (قريش).. وكانت الصحيفة - وفق معايير الفكر السياسي والعلوم السياسية - عبارة عن وثيقة اتحاد اجتماعي وسياسي انبثقت عنه (أمة وطنية)، إذ أن الصحيفة وصفت الداخلين فيها بأنهم (أهل الصحيفة) وأنهم (أمة واحدة من دون الناس!!)، والمقصود هنا بالأمة أي الجماعة الوطنية لا الجماعة الدينية لأن اليهود لم يكونوا مسلمين بل وقد قيل أن بعض قبائل العرب من الوثنيين، والتي لم تكن أسلمت يومها بعد، كانت قد دخلت في هذه (الأمة الوطنية) الجديدة التي قامت على أساس هذه الصحيفة المكتوبة التي حددت حقوق وواجبات كل الشرائح الداخلة ضمنها من جهة (المهاجرين والأنصار واليهود)، ومن جهة أقرت بالتراضي اعتبار النبي (محمد) هو المرجعية والقيادة السياسية العليا داخل هذا الكيان السياسي الوليد الجديد، أي أنه هو الحاكم والقائد السياسي لهذه الأمة وهذه الدولة.... والقبائل (اليهودية) المستعربة أو القبائل (العربية) المتهودة التي دخلت مع النبي محمد والمسلمين الأوائل من الأنصار والمهاجرين في هذا الميثاق الاجتماعي العام في بلدة يثرب في السنة الأولى للهجرة هي كالتالي: يهود بني عوف، يهود بني النجار، يهود بن الحارث، يهود بني ساعدة، يهود بني جشم، يهود بني الأوس، يهود بني ثعلبة، ويهود جفته، وهم بطن من بطون قبيلة بني ثعلبة، ويهود بنى الشطبية.... وهكذا فكل هذه القبائل كانت قبائل عربية لكنها يهودية تمامًا وليست وثنية، كما أن هناك قبائل عربية نصرانية..... مما يبين أن اليهودية دين وليست عرقًا أو سلالة، فالأوس وهي من أكبر قبائل يثرب العربية مثلًا كان بعضهم وثنيًا عندما جاء الإسلام لبلدتهم وكان بعضهم الآخر يهودًا كما ورد في نص الصحيفة!!... هذا عدا الثلاث قبائل اليهودية الأخرى الأكثر عددًا وتسلحًا والتي لم يأتِ ذكرها في هذه الصحيفة لأنها لم تدخل فيها ورفضت الانضمام إليها وهي قبائل (بنو قينقاع، بنو النظير، وبني قريظة) والتي ناصبت النبي العداء وتحالفت مع قريش في مكة ضده خصوصًا في محاولة العرب غزو المدينة في عام الخندق!، فقام المسلمون بعد رجوع قريش ومن معها من الأعراب من حيث جاءوا بالبطش باثنتين من هذه القبائل اليهودية (بني قينقاع وبني النظير) بقتل مقاتليهم وسبي نسائهم وأطفالهم، وأما القبيلة الثلاثة التي لم تعلن الحرب ضد المسلمين واكتفت بتزويد قريش بمعلومات عن محمد وأصحابه فأرغمها المسلمون على الجلاء من ضواحي يثرب ولا أدري إلى أين رحلوا!؟؟



#سليم_نصر_الرقعي (هاشتاغ)       Salim_Ragi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقلانية والواقعية السياسية لا العلمانية ولا الأصولية الدين ...
- بو تفليقه تابوت سياسي بعجلات!؟
- من هو عباس العقاد؟ وماذا يعني لي!؟
- الإصلاح الهادئ العميق لا الثورات المُدمِّرة !؟
- أنظمة الملكيات الدستورية هي الخيار الأفضل للعرب!؟
- دقَّ الربيعُ على باب داري! (خاطرة شعرية)
- الشبح الحزين!! (خاطرة شعرية)
- المسلمون والمسيحيون العرب واليهود العرب!؟
- عن الفرق الجوهري بين الليبرالية والاباحية!؟
- هل هناك أمل في دمقرطة العرب؟ أم (مافيش فايده)!؟
- التوجه الليبرالي الديموقراطي غير العلماني في الدول المسلمة!؟
- فكرة (الفوضى الخلاقة) بين الفلسفة والسياسة!؟
- تُرى هل أعيشُ عامًا جديدًا؟! (محاولة شعرية)
- الثريد الغالي؟..محاولة شعرية!
- التسامح هو الحل!؟
- حلم الطفولة.. محاولة شعرية!
- الفرق بين مشروعهم (الحداثة) ومشروعنا (التحديث)!؟
- وجاء دور الاسلام الليبرالي الآن !؟
- آفات الديموقراطية االخمس!؟
- تجربة سلطة الشعب في ليبيا في الميزان!؟


المزيد.....




- لاكروا: هكذا عززت الأنظمة العسكرية رقابتها على المعلومة في م ...
- توقيف مساعد لنائب ألماني بالبرلمان الأوروبي بشبهة التجسس لصا ...
- برلين تحذر من مخاطر التجسس من قبل طلاب صينيين
- مجلس الوزراء الألماني يقر تعديل قانون الاستخبارات الخارجية
- أمريكا تنفي -ازدواجية المعايير- إزاء انتهاكات إسرائيلية مزعو ...
- وزير أوكراني يواجه تهمة الاحتيال في بلاده
- الصين ترفض الاتهامات الألمانية بالتجسس على البرلمان الأوروبي ...
- تحذيرات من استغلال المتحرشين للأطفال بتقنيات الذكاء الاصطناع ...
- -بلّغ محمد بن سلمان-.. الأمن السعودي يقبض على مقيم لمخالفته ...
- باتروشيف يلتقي رئيس جمهورية صرب البوسنة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سليم نصر الرقعي - العداءُ للصهيونية ليس عداءً لليهود والسامية!؟