أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - مظهر محمد صالح - قانون باركنسون ... جد أم هزل!














المزيد.....

قانون باركنسون ... جد أم هزل!


مظهر محمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 6155 - 2019 / 2 / 24 - 13:57
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


قانون باركنسون ... جد أم هزل!

د. مظهر محمد صالح

اقتحمت أُذُني ضجة الحياة وصخب الآيام ومضى عقلي يفكر بأهتمام الى اولئك الذين يتطلعون الى الفخر الكاذب ليكفوا يدي عن القلم ويجففوا مداده وهم في خشية ضياع جهلهم وقلبي مازال يخفق بشتى الخواطر التي أخذت تغادره الواحدة تلو الاخرى مع شهيق الليل او في زفير النهار ولم يبقى منها الا خاطرة واحدة ظلت مواربة وهي تهمس في أُذُني بهدوء قائلة ً : ليس من وظيفة عالم النبات إقتلاع الاعشاب الضارة من حول الشجرة النافعة ، فيكفي عليه ان يخبرنا كم هي السرعة التي تنمو فيها تلك الاعشاب! قلت في سري نعم لم تغادرنىِ هذه الخاطرة اللاهبة منذ امد بعيد، انها حقاً للكاتب البريطاني الشهير(سايرل باركنسون).

ففي كتاب صدر عن دار جون ميري في العام 1958 وهو يحمل عنواناً اطلق عليه (قانون باركنسون : السعي وراء التقدم) إستطاع الكاتب الساخر الجاد سايرل باركنسون ان يوثق في ذلك المطبوع مقالاته الاسبوعية الساخرة الناقدة التي خطها في المجلة الاقتصادية اللندنية (ذي ايكونومست) والتي ابتدأها منذ العام 1955وعبّر فيها وبطريقة هزلية ناقدة تجربته كموظف في الحكومة البريطانية ، مستخلصاً منها قانوناً رياضياً سمي (بقانون باركنسون) وهو القانون الذي بيّن فيه درجة توسع البيروقراطية الوظيفية وتزايد اعداد العاملين في الاجهزة الحكومية من دون حاجة لخدماتهم عبر الزمن بايجاد معامل رياضي اطلق عليه بمعامل اللاكفاءة.

عزز باركنسون قانونه من ملاحظاته الموضوعية وتجاربه في الوظيفة الحكومية التي منها على سبيل المثال ، تزايد اعداد الموظفين العاملين في وزارة المستعمرات البريطانية في وقت أُفُول الامبراطورية البريطانية وضياع مستعمراتها لما وراء البحار يوم غابت الشمس عنها !!

ويفسر باركنسون عبر قانونه لماذا يتزايد التوظيف الحكومي وترتفع اعداد المشتغلين وتتعاظم البيروقراطية مع تدني الانتاجية وضياع فرص الاستفادة ؟ .

يرجع بركنسون ذلك الى سببين :

اولهما ، لا يخشى المسؤولون الكبار كثرة المشتغلين طالما يؤدون وظائف ثانوية مساعدة ولا يشكلون في الوقت نفسه قوة تنافسية لهم يعتد بها،

وثانيهما ، إن القوى البيرقراطية المسؤولة عن الادارة تمتلك المقدرة على خلق عمل لكل موظف من تلك الفئة يستطيع فيها من مشاغلة الموظف الاخر باعمال متبادلة بغض النظر عن النتائج ! وبهذا فاْن نسبة المشتغلين في الوظائف الحكومية هي في تزايد ونمو مستمر وتقدر ما بين 5% الى 7% سنوياً ، ما يسد الرغبات البيروقراطية ، وهو الشيْ الذي عبّر عنه الزعيم الروسي الاسبق ميخائيل كوربوجوف في العام 1986 قائلاً : ان قانون باركنسون هو ظاهرة عالمية في كل زمان ومكان! وعلى الرغم من ذلك ، يلحظ ان القوى الحكومية المشتغلة بهذه السعة من العاملين كثيراً ما تفقد قوة تأثيرها كلما تزايدت اعدادها ، ذلك بسبب ارتفاع معامل اللاكفاءة الذي تضمنه قانون باركنسون آنفاً.

فعلى سبيل المثال ، يسوق باركنسون لنا نماذج من تاريخ بريطانيا السياسي ، موضحاً ان الادارة الحكومية يصيبها الوهن في مفاصلها كلما تزايدت اعداد متخذي القرارفيها ، فمجلس التاج الذي كان يضم في التاريخ السياسي البريطاني بضعة اشخاص نافذة ، انتهى منذ العام 1600 بتزايد اعداده الى حوالى خمسين شخصية ، ليصبح بعدها ما يسمى بمجلس اللوردات وبأعضاء آخرين اكثر عدداً ، ومع تزايد اعضاء ذلك المجلس ، فأن قوة قراراته قد اصابها الوهن بمرور الوقت لكثرة المشاركين في عضوية مجلس اللوردات.

وهكذا يذهب باركنسون في إسناد قانونه بعشرات التجارب التي مرت بها الادارة الحكومية في ظل التاج البريطاني والتي انتهى الكثير منها بتضاؤل نفوذها مع تزايد اعداد مسيّري دفة الحكم من متخذي القرار فيها.

إن ما اتخذته الادارة الامريكية بتسريح 800 الف موظف حكومي امريكي خلال الايام الماضية هو أمر قد لا يقلق العاملين المسرّحين في الدوائر الفيدرالية في الولايات المتحدة وربما يعبّرعن سهولة اعادة استخدامهم بعد اشهر قليلة .

فمعامل اللاكفاءة الذي تضمنه قانون باركنسون هو السبب وراء تسريح هذا العدد الكبير من موظفي الحكومة الامريكية بصورة مؤقتة ، ولكن قانون باركنسون نفسه هو الاقوى في إعادة تسيير الحياة البيروقراطية وأدامة زخمها لأولئك العاملين المسرّحين انفسهم ثانية.

ختاماً : فما عليكم ايها الموظفون الفيدراليون المسرّحون عن العمل في الولايات المتحدة سوى ايقاظ سايرل باركنسون من سباته وتفعيل قانونه السحري بشي من الفكاهة والمزحة كي تبدأ الحياة مشرقة لكم داخل اروقة الادارات الفيدرالية مجدداً!



#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المدفع الملكي الصامت
- فيليب هوفمان....الساعة ٢٥
- السياسة النقدية الامريكية: صراع الصقور و الحمائم . الجزء الث ...
- السياسة النقدية الامريكية: صراع الصقور و الحمائم
- قصر النهاية
- المكارثية واليسار الأقتصادي الامريكي
- تراكم رأس المال المالي :أثرياء بلا حدود
- الشخصية الاكثر تأثيراً في التاريخ الرأسمالي الحديث..!
- دواخل سوق العمل وخوارجها..!
- دروس في الأزمة المالية الدولية:قاعدة فولكر
- فقراء اميركا على مقياس أورجنسكي
- الكفاءة والمساواة الاقتصادية..؟
- السياحة المعولمة السالبة
- دعم الزراعة المعولمة
- تأجير النقود في الاسواق غير المنظمة: العراق إنموذجاً /الجزء ...
- تأجير النقود في الاسواق غير المنظمة: العراق إنموذجاً/الجزء ا ...
- تأجير النقود في الاسواق غير المنظمة: العراق إنموذجاً /الجزء ...
- صعود الطبقة الوسطى وهبوطها/الجزء السادس والاخير
- أثر السايلو وتطور علم الادارة
- السياسة النقدية الامريكية :خلاف حول قطعة الإسفنج...!


المزيد.....




- الأول في الشرق الأوسط.. صندوق النقد الدولي يفتتح مكتبا إقليم ...
- بلينكن يدعو الصين إلى -منافسة اقتصادية صحية-
- أردوغان: نهدف لرفع التبادل التجاري مع ألمانيا إلى 60 مليار د ...
- تكلفة باهظة والدفع بالعملة الصعبة.. كيف يبدو أول موسم للحج م ...
- رغم تضاعف أرباحها.. ما أسباب التراجع الكبير لأسهم -ميتا-؟
- ارتفاع أرباح مصرف أبوظبي الإسلامي 32% في الربع الأول
- اقتصاد الإمارات ينمو 3.3% في أول 9 أشهر من 2023
- -أبيكورب- تبدأ بيع سندات خضراء لأجل 5 أعوام
- أسهم أوروبا تتراجع وسط تباين أرباح الشركات
- الإمارات وتشيلي تنجزان مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - مظهر محمد صالح - قانون باركنسون ... جد أم هزل!