أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - حبيب محمد - سوق الكبت في موريتانيا















المزيد.....

سوق الكبت في موريتانيا


حبيب محمد

الحوار المتمدن-العدد: 6155 - 2019 / 2 / 24 - 13:24
المحور: كتابات ساخرة
    


تطفوا على هيئة مجتمعنا بعض المظاهر المغلفة بلوحات الفضيلة والتدين المطاطي، حيث يحرص الجميع على لعب دور الواعظ والناصح والشخص المنتظم دينيا، فالبيوت مليئة بأشرطة المحاضرات والتسجيلات الإسلامية كأنها مراكز لتصدير الفقه الإسلامي ومتونه، والمرأة هنا معلبة بالكامل كأنها قطعة صردين مشحونة مع مركبات تجارية والجميع محصن ضد التزوير ومخلفات الجفاف والرطوبة، والرجل عندنا لايقل أهمية عن الجميع فهو أيضا يمتلك أعلى رتبة في مهارة الالتزام الديني فاللحية احيانا يصل طولها خمسة امتار والقيمص ابيض والسروال قصير والمسواك دوما يتقدم الجلسة كأنه ميكرفون، والمواضيع التي يعرضها أخونا ليلا نهارا ان مشاكل موريتانيا كلها تكمن في “أن الدين غير مطبق ” ، وأن هناك تناسب طردي بين لباس المرأة ومؤشر الاقتصاد الوطني، وأن الدولة المدنية هي بدعة تهدد تواجد المسلمين وان الرجل هو من يجب أن يعمل وان العمامة ظاهرة مقدسة وان تعدد الزوجات هو الحل لكل مشاكل الكرة الأرضية ، هذا الكلام يتكرر يوميا وهو فعلا مطبق لكن للأسف نحن من انحطاط إلى انحطاط أعمق..

رغم كل هذه الاجرائات الدينية المشددة من طرف النظام التقليدي في موريتانيا ، لازلنا نشاهد اكتظاظا لسوق الكبت في موريتانيا حيث يوميا تنتشر ابشع أنواع الانحلال الإنساني حيث القتل والإغتصاب واستغلال أموال الشعب والكذب على الفقراء وخداعهم بإسم الدين والوطن والهوية وأكل ثرواتهم دون أبسط ردة فعل أو تنديد من هذه الكائنات الملتحية التي صدعت رؤوسنا بالعدالة والأخلاق وحب الخير والصدق ..
تجده يصيح في الطرقات والمساجد بأن أخلاق الشباب وضاعت وان هذا سببه الغرب وفي بيته تلفاز وهواتف ذكية وبناته وابنائه يتصلون بالعالم الخارجي دون أن يشعر ويشاهدن كل المواد الإعلامية دسمة أو جافة ، ويعتقد انه اذا سجنهم في ذلك البيت الضيق أن ذلك ينتج عفة طهارة ، رغم أننا دوما نشاهد صور مسربة لفتيات من طرف شباب طائش “هن عاريات أو شبه عاريات” وهناك فيديوهات لمقاطع جنسية بين الفينة والأخرى ، كل هذه الحوادث لم تأتي من المريخ ولم يقم بها عميل غربي كافر في أرضنا الطيبة بل هي انتاج محلي …

لكن لنكن واقعيين في رؤيتنا للأمور ، نحن مجتمع منافق ، نحن مجتمع يعاني الكبت ، نحن مجتمع فاشل ومن قمة فشله انه فاشل حتى الانحراف طبعا دون أن اعمم ” إلا من رحم ربك” ..
لست هنا أدافع عن هذه المظاهر التي هي غير لائقة وبعيدة عن الذوق العام برؤية الإنسان المتحضر وبعيدة عن القيم الدينية التي أصبح الجميع سفير معتمد عنها وكأنه تسلم وصل من السماء وبدأ يوزع كشف درجات ” المثالية” على شعبنا البدائي والمغيب..

ان العري الفكري متجسد في جل عادتنا ومن أبسط الأمثلة على ذلك أنك عندما تحضر لحفل زفاف في موريتانيا ” مناسبة اجتماعية” ستتفاجئ من وجود طراز استثنائي من المصطلحات الحديدية التي هي في قمة البذاءة والقبح ، والمخجل حقا أنها تصدر من أفواه حراس العقيدة ودعاة التدين المطاطي الذين هم خبراء في نبش الحياة الشخصية للآخرين والتعدي على خياراتهم …
زد على ذلك مايحدث من شغب وتهريج وعنف يصل لحد الضرب المبرح والأعتداء على الضيوف من الطرفين في مراسم الزفاف..
وهناك الكثير من النماذج القروسطية التي لايتسع الوقت لتشريحها وتفكيكها ، و هذا مثال واحد حي لكي يعلم الجميع أننا مجتمع يعيش بعدة اوجه ، وجه للظاهرة الدينية المجتمعية ووجه للرغبات الخاصة والميول والتمصلح. .
سيقول البعض هنا “انت تنتقد مجتمعنا المحافظ وكأنك كائن ملائكي” ، لست شخص ملائكي بل بعيد جدا عن ذلك ، لكني هنا لأتكلم بواقعية عن وضعنا وازمتنا الموروثة ووضعها في ميزان النقد والعقلانية ولكي نصنع وعيا خالصا يجب ان يكون مجتمعا نظيفا متصالحا مع ذاته مع قدراته مع وجوده مع بيئته..

نرجع للموضوع الأصلي وهو الكبت وهو له عدة مسببات نفسية، هرمونية، اجتماعية، ودينية ، المسببات النفسية أولها الجهل حيث نقص التروية المعرفية قد يؤدي إلى تجلط في الفهم والأدراك وهو ماينتج عنه كائن متحول من الإنسانية إلى العالم السفلي ، والمسببات الأخرى هي شريك في تركيب كيمياء الهوس الجنسي..
لذا الحل برأيي يبدأ من الانطلاق من عملية اصلاح الإنسان الموريتاني والتي هي عملية صعبة جدا لن يجرأ عليها أي فريق متخصص في العالم. .
لأن مجتمعنا تطبعه الفوضوية والتناقض وترسيخ مبادئ الأنانية..
ان التعليم هو أول إجراء يمكن الاعتماد عليه في غسل المجتمع من اوساخ الماضي وفضلات الوهم ، ولن يتجسد ذلك إلا بوجود فعلي للدولة المدنية حيث السياسة والاقتصاد هما المحرك الرئيسي والمعول عليه في النهضة الفكرية والثقافية والعلمية..
ومشكلة موريتانيا لايختلف عليها اثنان هي ” الأمية والفقر وانعدام العدالة” ..
وهذا لاعلاقة له بملابس المرأة أو الرجل أو أدوات التخدير التراثي التي تلعب على عواطف البسطاء بأدوات ضعيفة وغير مقنعة ” مثل اللحية الطويلة والنقاب والسروال والمسواك وغيرها من وسائل التلاعب بعقول العامة ” ، اللعبة باتت مكشوفة هي اما بيزنس لا أكثر أو دعوة للخروج عن سكة الواقع وتحميل المختلف سبب فشل المجتمع وهذا مانعيشه للأسف …
وسأعطيكم مثالا آخر على اعوجاج مبادئنا مثلا الجميع في العلن ضد السرقة والزنا والربا والكذب..
طبعا حين يسرق لص فقير سيتم ضربه والتنكيل به مع أنه سرق حاجة تافهة وحين يسجل أحدهم فيديوا كليب سينتقد لأنه من شريحة كذا ..
لكن المسؤول والمدير والوزير يسرق حقك وحق الشعب في وضح النهار وبمباركة من نفس الشخص الذي “هاجم اللص الصغير” ، حتى اني لاحظت امرا آخر في مجتمعنا ” طبعا هذا كتكملة لموضوع الكبت او كيمياء الجنس ، المسؤول أصبح لديه مكان مخصص من مكتبه للونسة أو شد لخبار ” مواعد خاصة للرغبات الجنسية في مكان العمل” ، وفي السيارة هذا أمر معتاد عن اغلبية ساحقة من المجتمع الموريتاني ” لأنها وسيلة مريحة وغير مكلفة ماديا” ..

يعقد معك صفقة فيحتال عليك رغم طول لحيته وشدادة بياضها، يكذب عليك رغم كثرة صلواته ، يوقف في جريمة اعتداء مصرفي على حقوق الآخرين رغم غزارة محاضراته عن الأمانة..
أكرر هنا لن اعمم لكن هذا واقع الغالبية العظمى التي هي نفسها الغالبية العظمى التي صدعت رؤوسنا بأن موريتانيا دولة إسلامية وأننا شعب محافظ ، ..
كملاحظة لست هنا لأحكام الناس أو اتدخل في تصورهم أو تصرفهم لكني ضد النفاق والرصاصة الكلامية الفارغة التي تشحن العامة بجرعة زائدة من الكراهية ضد الفطرة الإنسانية ..
إذا مااريد قوله ان القناعات الفردية والتنوع وتشجيع الإختلاف هما أساس كل عمل اينا كان والدول لاتبنى بالنظريات الوهمية بل يجب أن نفهم أن عصر التخندق القبلي والتفاخر بالقنبلة المنوية قد ولى اليوم الكلمة للرذاذات العلمية بأشعتها الواضحة حيث لامجال للتقليد ، كل شيئ مبني على أسس ومعايير عقلانية لهذا الكارثة في مجتمعنا هي كارثة اجتماعية فالأمر حين تربي تلقن ولاتحترم مشاعر الطفل وطموحه وقناعته بل يتم زرع اطنان من الذكورية ” في الطفل الذكر” ويتم إخضاع “البنت” لعملية مسح دماغي وتهيئها للإنبطاح المزمن ” حيث فكرة العورة والجمود العقلي” ..
إذن كما أسلفت التمثيل وسرد الإعلانات الكرتونية جعلنا مجتمعا ضد الشيء ومعه في نفس الوقت وهذا يولد صراعا نفسيا يسرق العمر ويخرب بنية الإنسان وطاقته الإبداعية، لهذا يجب نفض غبار التراث المترسب في مجتمعنا عن طريق الحقن بجرعات الوعي. .
و في الأخير لإنقاذ مجتمعنا من جحيم النفاق والبؤس والتدني الإنساني :
هناك ثلاثة خطوات الأولى تقوم بها الدولة والثانية تقوم به الأسرة والثالثة دور النخبة التنويرية وهذه العناصر هي :
اولا: توفير التعليم الجيد ” وفرضه بقوة القانون” ، تقسيم عادل للثروة الوطنية، علاج الفقر عن طريق سياسية معقلنة.
ثانيا: أن تكون هناك تربية مدنية في البيت الموريتاني ولامانع من التربية الدينية، لكن التمدن عامل يربطك بكل العالم بينما غيره هو في إطار عبادة وطقوس روحانية خاصة بك وحدك
ثالثا:
على كل التيارات التوعوية والنخب التنويرية أن لاتكتفي بالتنظير بل عليها ان تكون فأسأ لطحن الجهل ومعولا لأنارة درب المعرفة وعليها أن تطور من تمددها فتتعاون مع الجانب الرسمي من أجل دفع حركة الوعي نحو الأمام عن طريق أساليب ومعدات أكثر تأثير على العقل الجمعي…
حسب رؤيتي المتواضعة انه بهذه الوصفة “التي تحوي ثلاثة أدوية رئيسية” يمكن علاج كل أنواع الكبت لدى الكائن الموريتاني المغيب ، لكننا لازلنا ننتظر توفر هذه الأدوية في اسرع وقت .



#حبيب_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موجة تفاهات تحاول اغتيال حلم شاب موريتاني
- انفلونزا النقاب وأمراض أخرى
- هل نحن في دولة أم حظيرة فتاوى! !
- المافيا القبلية والمنطق الطائفي ينسفان قيم الدولة
- هل أضحت موريتانيا بلاد المليون مغتصب ! !
- معركة الكشف قبل الزواج
- فوبيا الحب
- البدو والدراما التركية وأشياء أخرى
- التعليم في عالم الرمال
- شبح المأمورية الثالثة
- ظاهرة السمنة
- وباء الشعوذة


المزيد.....




- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...
- NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال ...
- فيلم -حرب أهلية- يواصل تصدّر شباك التذاكر الأميركي ويحقق 11 ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - حبيب محمد - سوق الكبت في موريتانيا