أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - لحسن ايت الفقيه - الانغلاق الثقافي والمؤسسات الاجتماعية بالجنوب الشرقي المغربي....إلى أين؟















المزيد.....

الانغلاق الثقافي والمؤسسات الاجتماعية بالجنوب الشرقي المغربي....إلى أين؟


لحسن ايت الفقيه
(Ait -elfakih Lahcen)


الحوار المتمدن-العدد: 6151 - 2019 / 2 / 20 - 17:38
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


قد يكون من المفيد، قبل الوقوف عند المضمون الديمقراطي لأية مؤسسة، يتوقف تسييرها على مشاركة المواطنين بشكل مباشر، أو عن طريق التمثيل، النظر في درجة الاندماج التي حققتها تلك المؤسسة في الوسط الاجتماعي الثقافي الذي أحدثت فيه. ذلك أن المؤسسة جهاز حديث نشأ في أجواء الدولة الوطنية الأوروبية وتغلف بالعلمانية، أو ببساطة يتوقف تسييره على القانون الوضعي الذي يفصل كل عاطفة أو عصبية أو عشائرية أو قبلية أو عنصرية، أو دين، عن العمل داخل المؤسسة. ومن هذا المنطلق، يتعذر الحكم بسلامة الجماعة المحلية بالجنوب الشرقي المغربي، من خطر الوقع الثقافي للقبيلة.
وقد يبدو هذا الحكم، قبل استحضار التاريخ القبلي للمنطقة، مصادرة على المطلوب. لذلك فالضرورة تقتضي اعتبار سوء اندماج الجماعة المحلية في المحيط الاجتماعي الثقافي بالجنوب الشرقي المغربي واحدة من الفرضيات التي يمكن للمهتم بالشأن المحلي أن يضعها بحثا عن سبل، لإعطاء المضمون التنموي والديمقراطي والقانوني لهذا المرفق القريب من المواطنين.
كلنا يعلم أن الجنوب الشرقي المغربي منتظم - من قبل- في مجالين وظيفيين، مجال اتحادية قبائل ايت ياف المان ومجال كونفدرالية أيت عطا. ويعود ذلك الانتظام الذي لحقته بعض التعديلات، وقل الهزات، إلى القرن السادس عشر الميلادي. ولسياسة التطويق التي نهجها السلطان مولاي إسماعيل دورها في تأسيس ثقافة المجال الوظيفي للقبائل القائمة على أساس القرابة بين الإنسان والأرض بواسطة الدم، دم الذين جرحوا دفاعا عن المرعى وقتلوا من أجل المحطب وأصابهم قرح بغية ضمان موارد الماء وتحصين الشريط الزراعي. وللإشارة فالقرابة بين الإنسان والأرض هي التي تؤسس ثقافة الانغلاق، وإن شئت ثقافة المقاومة والتحصين والدفاع الذاتي، وهي التي تفسر، من جانب خاص، تعذر إدماج أي مرفق عمومي أريد القيام بدور تنموي في هذا الجزء من الوطن.
وفي القرن الثامن عشر، وبعد التراجع المفاجئ للمحور التجاري سجلماسة فاس، أضحى التعلق بالأرض مخرجا وخلاصا لبعض القبائل التي تعيش على ضريبة العبور، المكس الذي يحمل اسم الزطاطة. لذلك ظهرت القرية الزراعية المحصنة لتؤدي دورا وظيفيا في البنية القبلية ولتعمق ثقافة الانغلاق، وفوق ذلك ظهر ما يسمى قبيلة القصر. ولقد ساهم الشيخ إبراهيم يسمور اليزدكي في غزواته ومعاركه ضد ايت عطا في دعم القبيلة ونشر الثقافة الزراعية واعتماد الأرض سبيلا للتحصين والدفاع الذاتي. وبموازاة ذلك، غيرت ايت عطا موقفها من التعامل مع المجال الضيق الذي ينحصر بين جبال الأطلس الكبير الأوسط والأطلس الصغير، حيث نزلت المنبسطات في القرن الثامن عشر تبحث عن مواقع خصبة في واحة الرتب وتافيلالت، لذلك عمرت أيت شاكر بالرتب في حدود سنة 1823، وتاخيامت، لدعم مدخرها من الحبوب والتمر، ولتشييد قرى زراعية محصنة تعد خير نموذج للعلاقة بين الإنسان والأرض. وباختصار شديد فالأرض مصدر الثروة والعلاقة بينها وبين الإنسان أوثق من أية علاقة قرابة أخرى.
وابتداء من 1907، بدأت قبائل الجنوب الشرقي المغربي تتعامل مع مؤثر خارجي قوي يمثل في الاحتلال الفرنسي لبودنيب ووضوح أطماعه التوسعية بواحة تافيلالت وجبال الأطلس الكبير الشرقي. ورغم نشاط المقاومة التي تدعو لها الزاوية الدرقاوية بتاوريرت، بواحة مدغرة، نشطت التجارة بين بشار وتافيلالت. وكان منتظرا بعد معركة بودنيب وما لحقها من المعارك الأخرى أن تنزع هذه القبائل نحو الانفتاح لتوافر شروط الانفتاح عن الخارج. لكن فتاوى الجهاد وتجريم التعامل مع المستعمر الفرنسي وافق عن غير قصد نزوع السياسة الاستعمارية الفرنسية التي تبتغي الحفاظ على البنية التقليدية، كما هي، في كل الأوساط التي تسميها المغرب غير النافع. وعمل المستعمر الفرنسي، بالمقابل، عل تفكيك البنية التقليدية بمواطن المنفعة، لأن النظام الرأسمالي باعتباره، باعتباره نظاما سوسيو اقتصاديا، لا يمكن له الاسترسال والتكيف إلا في وسط مكون من طبقتين، طبقة تملك وسائل الإنتاج، أو تقوم بدور الوسيط بين السكان المحليين والمستعمر، وهي الطبقة الوسطى والطبقة مجردة من وسائل الإنتاج أن كانت أرضا زراعية أو محارف يدوية في مجال الصناعة التقليدية، وهي الطبقة العاملة. وللتوضيح أكثر اهتدى النظام الاستعمار ابتداء من منتصف القرن الثامن عشر إلى تعمير الأرض الآهلة بالسكان، لا لضمان الأسواق والمنافذ والمواد الأولية بل لضمان اليد العاملة أيضا.
ولقد نجحت الدولة الفرنسية منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر في تحقيق نسبة مهمة من التفكيك بواسطة المعاهدات التجارية والتغلغل المالي والغزو العسكري وفرض بند الدولة المفضل على جميع المعاهدات التجارية إسوة بإنجلترا التي فرضت بند الدولة المفضل في المعاهدة التجارية الإنجليزية المغربية سنة 1856. بيان بند الدولة المفضلة، أو بند الدولة ذات الأسبقية، أن تستفيد الدولة المستعمرة الغالبة السابقة إلى فرض الاتفاقية على الدولة المغلوبة من بنود الاتفاقيات التي تعقدها الدولة، المغلوبة على أمرها، لاحقا. وجملة القول نشأت ممارسة الضغط على المغرب سؤلا في تفكيك بنيته الداخلية. وبعد الاحتلال الفرنسي سنة 1912، أضحت البنية السوسيو اقتصادية شبه مفككة إذ ظهرت الطبقة الكومبرادورية في البنية الاجتماعية الجديدة بجوار الشواطيء وبمحيط المدن الرئيسية، مراكش وفاس والرباط. وعلى العكس من ذك، انتعشت المحاكم العرفية التي دعمها ظهير 16 ماي 1930، في المغرب غير النافع، وقدمت دعما غير مشروط للبنية التقليدية على المستوى الثقافي، فانتشر نفوذ الشيوخ وطغت الجماعات الأهلية، وسمح للقواد التقليديين بالتصرف وفق النزوات والأعراف والمزاج، فنتج عن ذلك كله إعادة إنتاج نفس الوضعية السوسيو اقتصادية للقرن التاسع عشر، كما فعل القواد التقليديون، القائد عدي وبيهي، والقائد التهامي الكلاوي، بكاف معطشة على سبيل المثال. وحسبنا أن القائد عدي وبيهي حاول إعادة إنتاج تجربة الشيخ إبراهيم يسمور اليزدكي.
ومحصل القول أصبح الجنوب الشرقي المغربي بُعيد الاستقلال بنيانا مشيدا وفق إرادة الشيوخ والقواد بالرغم من المواقف التي تظهر ثائرة متمردة، أحيانا. ومن العوامل التي عمقت الانغلاق الثقافي في الكثير من مناطق الجنوب الشرقي المغربي، احتضانها للمعتقلات السرية، كنحو معتقل تازمامارت، وقلعة مكونة، وأكدز، وتاكونيت، فضلا عن احتضانها حدث التمرد بين 03 من شهر مارس من 1973 و8 منه بكل من أملاكو، وبوزمو، وتينغير. ولقد صاحب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بهذه المناطق أن طوقت وهمشت وتعمق انغلاقها واشتدت قبضتها الحديدية. وعلى الرغم من التحولات القروية التي شهدتها المنطقة بفعل انتشار الدخل غير الزراعي واعتماد الزراعة التسويقية في كثير من النقط وفسح المجال أمام الاستثمارات لا يزال البنيان مرصوصا ثابتا منغلقا.
نخلص من هذا كله إلى تأكيد الفرضية التي تجعل الجماعة المحلية جسما مزروعا بالجنوب الشرقي المغربي، شأنها شأن جل المؤسسات الاجتماعية التي لم تجد استحسانا. ذلك أن المشاركة في تسيير هذا الجهاز باسم الديمقراطية المحلية واللامركزية جعله جسما قبليا محضا، لذلك تلفى الاختفاء الكلي للباس السياسي والظهور الواضح للباس عشائري في ثلة من الجماعات المحلية. والغريب في الأمر أن التقطيعات الإدارية لا تزال تحترم الوحدات الجغرافية المتجانسة عرقيا ولم تغير شيئا من واقع المشيخات التقليدية التي خدمت بالأمس القيادات التقليدية، والاستعمار الفرنسي. ونضيف أن مؤسسة الجماعة الأهلية لا تزال وظيفية بشكل أكثر من الجماعة المحلية. وختاما فالنظر في الوضع الداخلي للمؤسسات سابق للأوان ما لم يحصل إدماج المرفق في الوسط الذي أحدث فيه بواسطة التحسيس واعتماد مقاربات معروفة في الحقل التنموي. لقد بات التحسيس من أجل إدماج المؤسسات الاجتماعية بالوسط القبلي إجراء غير مفكر فيه في الأوساط القبلية.
والغريب في الأمر أن التقطيعات الإدارية لا تزال تحترم الوحدات الجغرافية المتجانسة عرقيا ولم تغير شيئا من واقع المشيخات التقليدية التي خدمت بالأمس القيادات التقليدية. ونضيف أن مؤسسة الجماعة الأهلية لا تزال وظيفية بشكل أكثر من الجماعة المحلية. وختاما فالنظر في الوضع الداخلي للمؤسسات سابق للأوان ما لم يتم إدماج المرفق في الوسط الذي أحدث فيه بواسطة التحسيس واعتماد مقاربات معروفة في الحقل التنموي. لا بد من تعميم توصية قوامها تحسين التواصل في المرافق العمومية الاجتماعية للتقليل من وقع التوتر الذي يحصل بين الحقوقي والثقافي في الوسط القروي. ولبلوغ ذلك المقصد وتحقيق ذات المراد لا بد من إنشاء برامج تحسيسية تنصب حول التقليل من وقع الانغلاق على سير المرفق العمومي. وإذا كان من الضروري الاستشهاد بالواقع والحاصل، نسجل مثلا أن الوضع السيء نشأ يتطور ويزداد سوءا، بموضع أغبالو ن كردوس، بإقليم الرشيدية إذ نزل السكان بوابل من السب والشتم على الطبيبة العاملة هناك، يوم 22 من شهر أكتوبر من العام 2017 تحت تعبئة دعاة الانغلاق والعشائرية. ولقد أضحى مؤسسة القضاء تناقش هذه الأمور. إن المتتبع لأحداث التوتر بين المرفق العمومي والسكان المحليين الحاملين للثقافة العشائرية يلفى أن المرفق لم يكن بالمرة منتميا، من حيث التصور للدولة، بل هو ملك للجماعة الأهلية العشائرية، من حيث الاعتقادُ. فمتى نلتهم المرافق العمومية بقيمنا القديمة ونمنعها من آداء واجبها.



#لحسن_ايت_الفقيه (هاشتاغ)       Ait_-elfakih_Lahcen#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القبلة المغربية بين مؤثر الشمس الأمازيغية والاجتهاد في الملا ...
- تدهور الواحات المغربية رغم المؤشرات المشجعة للإنقاذ
- من أجل تدوين أعراف الماء بتافيلالت بجنوب شرق المغرب
- النباتات والأعشاب الطبية بجبال الأطلس الكبير الشرقي المغربية
- التنمية والثقافة، أي علاقة؟ -الجنوب الشرقي المغربي نموذجا-
- الأطلس الثقافي لإقليم ميدلت بالجنوب الشرقي المغربي
- التوتر بين الثقافي والحقوقي وإشكال عقلنة مستقبل حقوق الإنسان ...
- مظاهر تكييف الإسلام لتقدير الإنسان في مغرب القرن التاسع عشر
- حقوق الرعي والتنقل لدى فيدرالية « أيت ياف المان» بجبال الأطل ...
- سدود الماء لتنمية الواحات بجهة درعة تافيلالت أم السدود لإهلا ...
- ورزازات: تجربة رائدة في التخطيط والتعلم بالممارسة و تحقيق ال ...
- ورزازات: الطفل والحق في النسب والهوية
- الرشيدية: الاعتقال الاحتياطي، القلق والآفاق
- الرموز الثقافية الأمازيغية في المغرب بين الوظيفة والجمال
- المساواة في ملكية الأرض بين إكراه الأعراف والمطلب الحقوقي بد ...
- مدخل إلى اقتصاد التراث الشفاهي بالجنوب الشرقي المغربي
- قافلة الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب تطرق أبواب الولوج إلى ...
- الطيور في الثقافة غير العالمة بواحات تافيلالت بجنوب شرق المغ ...
- شأن الوساطة بالمغرب، ومجهود النسيج الجمعوي للتنمية والديموقر ...
- على هامش مهرجان «تيملسا» ببومالن دادس: ألم يحن أوان كتابة ال ...


المزيد.....




- بوتين: ليس المتطرفون فقط وراء الهجمات الإرهابية في العالم بل ...
- ما هي القضايا القانونية التي يواجهها ترامب؟
- شاهد: طلاب في تورينو يطالبون بوقف التعاون بين الجامعات الإيط ...
- مصر - قطع التيار الكهربي بين تبرير الحكومة وغضب الشعب
- بينها ليوبارد وبرادلي.. معرض في موسكو لغنائم الجيش الروسي ( ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف مواقع وقاذفات صواريخ لـ-حزب الله- في ج ...
- ضابط روسي يؤكد زيادة وتيرة استخدام أوكرانيا للذخائر الكيميائ ...
- خبير عسكري يؤكد استخدام القوات الأوكرانية طائرات ورقية في مق ...
- -إحدى مدن حضارتنا العريقة-.. تغريدة أردوغان تشعل مواقع التوا ...
- صلاح السعدني عُمدة الدراما المصرية.. وترند الجنازات


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - لحسن ايت الفقيه - الانغلاق الثقافي والمؤسسات الاجتماعية بالجنوب الشرقي المغربي....إلى أين؟