أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ميثاق بيات الضيفي - الخوف المهين... سيف ذو حدين !!!















المزيد.....

الخوف المهين... سيف ذو حدين !!!


ميثاق بيات الضيفي

الحوار المتمدن-العدد: 6149 - 2019 / 2 / 18 - 15:12
المحور: حقوق الانسان
    



إن موضوعات السلطة والمجتمع والخوف لا يمكن فصلها ولربما يعود ذلك إلى الحاجة التقليدية التي تحتاجها السلطات لإشاعة الخوف، وإن سلوك الشعوب وردود أفعالها على تصرفات السلطات لا تتحدد فقط عبر المصالح والتوجهات والقيم والمعايير السياسية والقانونية، وإنما أيضا كفعل ورد فعل لتصرفات ممثلي السلطات الحكومية والتي مضامينها قد لا تكون معتمدة على نوع النظام السياسي والحس السليم والأهداف السياسية للدولة ولا حتى المصالح الشخصية في نظم العلاقات بين السلطات والمجموعات الاجتماعية المختلفة والمجتمع ككل لدرجة إن العواطف الاجتماعية قد تؤدي دورًا مهمًا في مناحي الثقة في المستقبل والخوف والثقة بالحب وعدم الكره، ولهذا نقول إن العلاقات السياسية ذات لون عاطفي فتتنوع لوحة المشاعر ودرجة تجليها والخوف يلعب دورا هاما فيها.
الخوف من السلطة يأتي من الخوف الوجودي من فقدان الأب الذي تندمج صورته في الثقافة العربية مع صورة القوة وان غضب الأب وفقدانه أو العقاب المنبثق عنه يُنظر إليهما على أنهما لا ينفصلان وحادان للغاية، وبما أن الخوف هو سمة القوة والعلاقات السياسية في جميع أنحاء العالم فلذلك يتمثل في الاغتراب عن العديد من الأشياء الحيوية لأنه يكمن في عدم القدرة على التحكم في النفس والثقة في أن الحياة تخضع لسيطرة قوى وظروف خارجية، وقد تمت ملاحظة الاغتراب عن الحكومات ذاتها والفجوة العميقة بينها وبين المجتمعات مع ملاحظة ممثليها وكأنهم أجانب. وفي بنية التنظيم الاجتماعي تندمج العواطف في النظام الفرعي المعياري للقيم وتعمل على تعزيز عملها بشكل حدسي أو هادف غير إن هذه الآلية للتأثير على سلوك الناس تستخدم من قبل مواضيع العلاقات السياسية كأداة خاصة للتعبير عن القوة لكنها في بعض الحالات قد تكون بمثابة "سيف ذو حدين" إذ لا تعمل فقط لمصلحة السلطات وانما أيضًا كمجموعة اجتماعية معينة تعارض كل من السلطات الرسمية والمعارضين السياسيين الآخرين. فيمكننا تعريف المخاوف العامة التي تعمل كنوع من العاطفة على شكل طريقة للتكيف مع الوضع أو البيئة الاجتماعية التي تمتلك درجة من عدم اليقين وتتجلى بالقلق والرهبة والذعر والشائعات والمخاوف مما تتسبب في عواقب وخيمة على الفرد والمجتمع، ومن الطبيعي السعي إلى الانسحاب من حالة الخوف أو على الأقل التقليل من خلل وظيفتها وهذه الرغبة تستخدم للتحكم والتعامل مع وعي وسلوك الشعوب وبحسب أنواع المخاوف العامة كالبيئية والطبيعية والتكنولوجية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والنفسية والغير عقلانية وغيرها.
يمكن للخوف أن يكبح الحركات الاجتماعية لكنه لن يمنع الأفعال أو ظواهر الوعي غير الملائمة أو الخطيرة للسلطات ويوجهها نحو الاتجاهات التي تتوافق مع مصالح السلطات عبر تعبئة السكان من خلال تركيز الموارد الفكرية والنفسية والثقافية وغيرها واتجاههم لحل مشاكل السلطة الفعلية. وان المشاكل الاجتماعية والسياسية الفعلية قد لا تكون فقط مشاكل مجتمعية إنما قد تكون مشاكل الحكومات ذاتها كالثقة وولاء الشعب تجاهها إضافة إلى أساسيات الأيديولوجية، ولذلك فربما يمكن أن يكون الخوف أساسًا للتضامن الداخلي عبر البحث عن العدو الخطير الذي يشكل وجوده تهديدًا لجميع أعضاء المجتمع مما سيشكل أكثر أدوات استخدامًا لحشد الشعوب وتبرير الإخفاقات المتعلقة بعدم الكفاءة الإدارية وهو بذات الوقت طريقة مثلى لنقل العواطف السلبية والتوترات الاجتماعية من السلطة إلى أشياء اجتماعية أخرى. وتبرز مظاهر الوظيفة التنظيمية للمخاوف العامة في ظاهرة التضامن بين الأجيال ونعتقد أن الجماعات الاجتماعية التي نجت من الصدمة تنقل الخوف من الظروف التاريخية الصادمة عبر الذاكرة الجماعية والميراث المعرفي يضمن للأجيال الجديدة حول الصدمة والخوف من تكرارها مما سيوظف التماسك بين الجماعات الاجتماعية المتعاونة.
مع الخوف تتشكل صورة القوة على أنها الأساس وتصاحب فكرتها الحكمة التقليدية في أن القوة القوية والتي يُخشى منها تعكس الجانب الوظيفي لاستخدام الخوف كطريقة لصنع وتوظيف صورتها, ومن ذلك نلمس أن المفردات المستخدمة من قبل ممثلي السلطات تؤدي وظائف بناء الصور لبناء الخوف فيمتلئ الخطاب بمعسكر الاعتداء العدواني والمفردات النفسية القاهرة, ولذا تهدف جميع احتمالات استخدام وتوظيف المخاوف العامة إلى توسيع السلطات وتعزيزها والاحتفاظ بها مما يمكن من بناء تقنيات استخدام المخاوف العامة باستخدام الموجود منها بالفعل في الوعي الجماعي أو بمساعدة تصميمها, والشعور بالخوف امر طبيعي تماما للإنسان وهو رفيقه في الحياة اليومية الحديثة, ولذلك فأن السؤال الرئيسي لا يتعلق بكيفية التعامل مع المخاوف الجماعية المختلفة، وإنما بالتحديد لماذا مثل هذا الخوف والتهديدات التي تنشأ وتنتشر في ظروف عصيبة وفي الأوضاع الغريبة؟
لا يفوتنا إن نبين إن السلطات أيضا تتشكل لديها مخاوف وهمية أو خادعة أو عصبية، ولذلك نرى إن المخاوف الخيالية هي مجرد قوة اجتماعية حقيقية مثل ردود الفعل تجاه المخاوف التهديدات الموجودة بالفعل, لكن المخاوف الخيالية لربما هي أقوى لأنها كامنة فتصبح أداة للتلاعب في الوعي العام ومن الصعب إصلاح ووصف عواقبها فهي ليست واضحة ويتم تحديدها من قبل الصور النمطية أو الذاتية. فجراء ذلك يتم بناء المواقف المجهدة بسهولة من خلال الخطب الرسمية ووسائل الإعلام كما في الخوف من الإرهاب والذي نتفق جميعا على إن له أساس حقيقي غير إن الأفكار حول نطاقه الحقيقي وعواقبه لا تبدو كخطر وهجوم حقيقي واضح ومع ذلك فإن الخوف منه هو سبب ملائم للغاية للتلاعب على أساس تقليص الحريات الديمقراطية وتقييد الحقوق الفردية. ومن المهم أيضا ملاحظة أن آلية الترهيب تكمن في صميم الإرهاب نفسه وذلك أيضا "سيف ذو حدين" يستخدمه الضعيف في القتال ضد خصم قوي ويستخدمه القوي في الاستبداد وتحطيم الضعيف، ولذا نقول إن الهدف من الأعمال الإرهابية ليس فقط التدمير الحقيقي للناس أو الأهداف الإستراتيجية إنما يتمركز بتشكيل الخوف الكامل منه لأنه لا يمكن لأحد أن يعرف أين ومتى يمكن له أن يظهر.
السلطات لا تستخدم فقط الخوف ولكنها أيضا تبنيه بقوة مستندة على عدم القدرة على التنبؤ بأثاره وإجراءاته وتعتمده في تشكيل وتنفيذ سياسة الترهيب كالخوف من الزمن وتطوره كمنظم للحياة الاجتماعية باستخدام الأشكال العدوانية وتفعيل التقنيات المتلاعبة ووضع توقعات زائفة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ليتنامى عبرها الخوف عبر القفز في مستوياته وايصاله الى الخوف من الموت للعمل عبره لتنظيم سلوك الناس في المجتمعات العلمانية والدينية على حد سواء مما يجعل الوعي المروع متمكن من تشكيل إيديولوجية مسيطرة على الشعوب باعتماد الخوف من الموت في شكل الحرمان من الحياة كوسيلة للرقابة والترهيب. ولن تكون مفاجأة لاحد إن اوضحنا إنه وفي عالمنا العربي نجد الأستجابة لسياسة الخوف تسجل انقسامًا على طول خط الاعتماد السلطوي كما نجد زيادة ملحوظة في الشعور بعدم الرغبة في فعل أي شيء للتكيف بطريقة ما مع واقع جديد وبذات الوقت نجد ارتفاع عدد الذين ايقنوا بأنهم لن يفعلوا أي شيء حتى لو كانت الظروف محبطة والأوقات العصيبة بينما فضل آخرين عدم التفكير في الأمر على الإطلاق وتبعا لذلك تجلت الاستجابة للخوف في نمو المزاج والخطب الاحتجاجية بالإضافة إلى المظاهرات الواسعة النطاق ومع ذلك فإن إستراتيجية الاستجابة لها أساس عاطفي مختلف وهذا ما تؤكده قوانين التغلب على الخوف من جانب الأشخاص الذين يعانون منه والمعبر عنه في زيادة نشاطهم الصوتي لتوسيع القاعدة الاجتماعية لحركات الاحتجاج والتي تظهر بوضوح فاضح زيادة في عدد الذين يدعمون احتجاجًا اجتماعيًا وسياسيًا على المستوى اللفظي وزيادة في عدد الذين لا يشاركون فيه فعليًا, مما يعني نتكلم بأعلى الصوت ونحن مرتعبين خوفا !!!



#ميثاق_بيات_الضيفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لست عدوا للتكنولوجيا... ولكن ؟؟؟
- الحرية... من دون face makeup
- المقاومة الفكرية... هل هي ممكنة؟
- حكاية الشتات الحديث
- تاج اللآلئ... بين الحقيقة والافتراض
- الاساطير... بين الأمن والسياسة !!!
- محاكمة الحوكمة
- الأمن الوطني والمواطن التكنولوجي الدكتور
- الأمن الدولي برستيج قديم في ستايلات جديدة
- إرهابية الفشل الإجتماعي
- التكنولوجيا... والمخادعات الناعمة
- السياسة البيولوجية لمذاق الشعوب
- سيناريوهات الموت وايحاءات الخوف
- السيبرانية الارهابية... المشكلة والحل ؟
- استراتيجية الرياضة الناعمة
- الهدر في العقول والأرواح!!!
- الولايات المتحدة الامريكية... والاستراتيجية السيبرانية
- هستيريا اليأس... والأنظمة الخرقاء !!!
- ثالوث الأيديولوجية السياسية
- الإرهاب المعلوماتي... ارهاب جميع المواسم


المزيد.....




- تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت ورئيس ...
-  البيت الأبيض: بايدن يدعم حرية التعبير في الجامعات الأميركية ...
- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس
- الحكم على مغني إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- -نقاش سري في تل أبيب-.. تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال ب ...
- العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريكية ...
- إسرائيل: قرار إلمانيا باستئناف تمويل أونروا مؤسف ومخيب للآما ...
- انتشال 14 جثة لمهاجرين غرقى جنوب تونس


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ميثاق بيات الضيفي - الخوف المهين... سيف ذو حدين !!!