أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله المتقي محمد - حول - هيفاستوس – رقصة النار - للتونسي منجي عيساوي















المزيد.....

حول - هيفاستوس – رقصة النار - للتونسي منجي عيساوي


عبدالله المتقي محمد

الحوار المتمدن-العدد: 6149 - 2019 / 2 / 18 - 14:09
المحور: الادب والفن
    


حول " هيفاستوس – رقصة النار "
للتونسي منجي عيساوي

عبدالله المتقي

" هيفاستوس " ، هو اسم المجموعة القصصية للتونسي منجي العيساوي ،الصادرة عن المغاربية للطباعة وإشهار الكتاب ، وتشتمل على إحدى عشر قصة ، متفاوتة الأحجام ، تزينها رسوم للفنان توفيق عمران، ويفرش لها نور الدين الخبثاني بتقديم يفتح شهية القارئ للدخول إلى أجوائها القصصية
بداءة ، ومن خلال الرؤية البصرية للغلاف يلفت انتباه المتلقي شكله الطباعي المشهي،وأناقته الجمالية التي تستحق التونيه ، مما لا نجده إلا نادرا في إصدارات العديد من أغلفة دون النشر التي أصبح لا يعنيها سوى الربح السريع على حساب جمالية التلقي البصري .
أما اختيار القاص ل" هيافاستوس – رقصة النار " عنوانا ناريا ملتهبا ، فلأنه فرضته المرحلة التاريخية الحساسة والمتقدة ، بدءا بالاحتراق وانتهاء بإماطة اللثام عن واقع ملغوم وملتبس بالاحتقانات والتناقضات ، وتأتي اللوحة التي تزين الغلاف لتعضد هذا الاحتراق المشترك ، بدليل ألسنة النار التي تتعالى وتتطاير عالية من وسط جموع جماهيرية .
هكذا تبدو قصص المجموعة مشدودة إلى أسباب نزولها ، وتحكي هموم الناس واحتراقهم ، وكذا تلتقط مفارقات الحياة من أيام مضت وأخرى قائمة ، وبلغة ساخرة من شأنها إثراء الحكي وتلوينه ، لكنها في العمق سخرية لاذعة وسوداء وساخنة .
تحكي فاتحة النصوص القصصية ، " حالة استنفار " ، عن توصل رئيس شرطة بوشاية مريبة كانت بمثابة احتراق لجهازه العصبي نقرأ في ص :" ارتعدت فرائص رئيس لشرطة وانتفض كالملسوع على كرسيه الهزاز وهو يلتفت إلى الصورة المكبرة وراء إطارها المذهب ، وقد خيل إليه أنها تتأهب للخروج فتنقض عليه .. لقد أخبر أنه هناك حركة مسترابة في بيت العربي الحوات " ، مما جعله يستنفر مخبريه المباشرين والغير المباشرين وتتالى التقارير ، وفي النهاية وفجرا " يقرر السيد الرئيس اقتحام منزل العربي ، وفي انتظار أن تأتيه زوجة العربي بالمناشير ، ليلقفها و " قرأ الورقة الأولى ... الثانية .. الثالثة .. " ، وبعدها تتبخر أحلامه بالترقي الإداري وفي مهد ساخر ولاسع ، ويبحث بعدها عن زميل له في المهنىة كي يتكئ بعد آن تطايرت المناشير المتوهة " التقط أحد أعوانه ورقة قرأها بصوت مسموع " " صوتوا لفائدة ابنتي التي تشارك في منوعة star academyعلى الرقم 14777777714 أخوكم الحوات "ص 21
في هذه القصة ، يجهر القص باستعادة تلك الأيام المذعورة التي كانت تعد الناس والأنفاس ، ويعري عن ذاك الزمن الذي ظل جاثمة على المجتمع ، لكن بسخرية جارحة ونابية ، وبذلك يكون المحكي القصصي كما ورقة النشاف اليومية التي تجفف الصفحات الدامية ، واجتيازها عن طريق الكتابة الناطقة باسم ماضيها الذي كان شبه أبكم ، سوى لدى أقلية هائلة .
تنطلق قصة " المحمية " ، من حلم يقظة عابر، ينتهي بلحظة صادمة وساخرة ، ف"الزاهي" القادم من القرية أتعبته المدينة بضغوطها ، فالتجأ إلى الحلم حيث التعويض النفسي ، وهربا من المرارة الاجتماعية إلى مشروع لا يراه سواه في أحلامه يقظته :" سيوظف كل مهاراته ، كل علمه وخبرته التي اكتسبها طيلة هاته السنين لانجاز مشروع العمر سأكون صاحب المروع تصورا وانجازا ، فهل رجال الأعمال هؤلاء أفضل مني ذكاء وخبرة ؟ ص 38 ، وتتوالى أحلام " الزاهي" :"

لكن هذا المشروع المتخيل لا يلبث أن ينتهي بتكسير أفقه وإعادته إلى نفس الواقع المر :" ضربه الصبي بالكرة مدافعا عن أمه ، خرج النادل يطلب ثمن كأس الشاي وقارورة الماء ، تقاذفت نسمات الهواء أوراق الجريدة وطارت في كل الاتجاهات ، جرى " الزاهي " خلف الأوراق يجمعها بين عجلات السيارة وأقدام المارة " ص51
وبهذا يتضح ، الشعور باللاانتماء للمجتمع ، والتجاء " الزاهي " إلى الداخل مخرجا وتعويضا عن النقص الاجتماعي وشعورا في أحضان الحلم بالملاذ الآمن بحثا عن ذاته الهاربة وكما ينبغي أن تكون لا كما هي عليه الآن فريسة لواقع أحدب حارق .
في قصة " مجنون المدينة " ، يتحول الجنون إلى شكل آخر من الاحتراق النفسي والعقلي ، ، والذي يلحق أفكار الشخص نقرأ في ص 77:
- " أمام باب جامع الزيتونة رجلا مشرعا سيفه صائحا في من حوله .." أريدهم جميعا أمامي الآن "
- " علا الصوت من جديد :"ايتوا بهم من تحت الأرض لن أعذركم ايها الكسالى ..سأجعلكم عبرة لمن لا يعتبر .. سأريكم كيف تحكم الأمصار وكون الولاء "
يبدو الجنون ، من خلال النموذجين ، مدخلا لنقد ثقافة العنف الذي أضحت مألوفة ، وبذلك يموضع نفسه ضدها ، و ينتصر ضمنيا لقيم التغيير و التطور و الإبداع . لهذا فهو جنون من نوع نقدي كما ذكرنا سابقا ، و يعتبر صاحبه نفسه صاحب قضية و رسالة
في القصة الثالثة ، " الحلاقة , والعروس " يحكي السارد عن احتراق من نوع آخر ، فرملة التي تشتغل حلاقة وممكيجة للعرائس " وبكل طاقتها لتوفر المال الذي يملأ عين خطيبها وتسد كل الذرائع التي تمنعه من اتمام زواجهما في هذه الصائفة "ص 32، لكن هذا الذي تضحي من أجل لا يلبث أن يحرق هذه التضحية في قفلة القصة :" ألقت " رملة " نظرتها الأخيرة على العروس وهي تهم بالدخول ، نظرت إلى السيارة المزدانة فرأت الرجل الذي تنتظر يمسك بيد العروس ويجلسها إلى جانبه بالمقعد الخلفي للسيارة " ص34
وعليه ، تسدل القصة ستارتها على احتراق عاطفي ، وعلى حداد ثقيل ، لكن ، ثمة إشارة دالة وخفية إلى الوقاحة الذكورية ، وإلى مجتمع تقليدي ماضوي راكد ويفتقد إلى القوة الداخلية التي تحركه ، والأكثر منه أ إنتاج كائنات يقوم حجر الأساس فيها على عقلية ذكورية تكرس دونية المرأة واضطهادها نفسيا.
. في قصته الأخيرة ، يستدعي ق " هيافاستوس"" إلاه النار" شخصية أسطورية ، دلالة على تجديد تراثنا حتى يتمكن التعبير عن مضامين معاصرة ، وبذلك يتجاوز النقل الحرفي ، حيث يغدو "البوعزيزي" التونسي هو "هيفاستوس" اليوناني ، كلاهما تلتهمه النار في سيدي بوزيد :" بلغ الغضب " هيرا " مسكت " هيفاستوس" ورمته من فوق جبال " الاولمب " فتلقفت رائحة الشواء ، ونار الخشب المحترق في ذلك اليوم الخريفي في الشارع الرئيسي لمدينة سيدي بوزيد " ص133
وعليه ، تكون القصة قد أدت الدور المنوط بها والذي نتوقعه ، وهو استحضار هيفاستوس عبر تقنية المفارقة عبر استمرارية متطورة للماضي ، ومن ثمة تجنب السردية الماضوية و اسسقاط رؤية الحاضر على الماضي خيث ركز القاص على البوعزيزي في علاقته ب"هيفاستوس" التي يغلب عليها اللهيب والاحتراق جراء وبذلك يكون استلهام ه استلهاما رمزيا لا تاريخيا
وبعودتنا ثانية لمجموعة "هيفاتوس " سنكشف بأن القاص منجي قد كتب قصصه بلغة فصيحة تتخللها بعض العبارات التي كتبت بالعربية العامية أو بلغة أجنبية ، وبخصوص هذا التهجين اللغوي ، نورد الشواهد التالية :
" صوتوا لفائدة ابنتي التي تشارك في منوعة star academyعلى الرقم 14777777714 أخوكم الحوات "ص 21
" نظر إليه " الزاهي" قائلا : هل تحب أكل " الهندي" ؟ ضحك النادل قائلا :" ياحسرة خويا .. آش كون ينجم يخلط عليه توة راهو يتباع أغلى من الموز .. وين عايش إنت صاحبي ؟ راهو يتباع مقشر توة زادة " ص39
هذا المزج على مستوى الملفوظ القصصي ، يمزج في الجملة الواحدة بين الفصحى والانجليزية، كما يمزج بين الفصحى والعامية ، وهذا من شأنه تنويع وتنشيط التلقي ، وتحقيق لذة التص ومتعته .
وفضائيا ، تتحرك هذه التجربة بين فضاءين ، فضاء مديني حداثي ، وآخر عتيق وقروي خالص ، بحيث لم تعد قصص " رقصة النار " رهينة نهج المدن العتيقة والحديثة وشوارعها وحبيسة عماراتها ومبانيها المغلقة ، بل شيد القاص لها فضاءات قروية ببيوت قشها ، وروائح قصبها الندي ومجاميرها وفوانيسها ، عبر تضافر شفراتها وتشابك علاقاتها وتفاعلها المفتوح
هذا المزج على مستوى الملفوظ القصصي ، يمزج في الجملة الواحدة بين الفصحى والانجليزية، كما يمزج بين الفصحى والعامية ، وهذا من شأنه تنويع وتنشيط التلقي ، وتحقيق لذة النص ومتعته .
وفي سياق تكريسها لجمالية التلقي ، تستدعي قصص " رقصة النار " مجموعة من الرموز الأدبية " المتنبي وأبي القاسم الشابي "، ومن التراث الأسطوري "هيفاستوس " الاه النار في التراث اليونان ، وينبني على جملة من الأمور كما اشرنا سباقا ومنها : الموقف والاستمرار والحركة ، وبذلك تتم إعادة تركيب هذه الشخصية الأسطورية مندمجة في الحياة الاجتماعية والسياسية .
وقبل أن نسدل الستار ، هذا بعض مما تبوح به مجموعة " هيفاستوس – رقصة النار " للتونسي منجي عيساوي ، وتلك همومها الساخنة واللاسعة، وذلك بعض من احتراقات شخوصها ،التي تجمع بين لذة الحكي وخصوبته، وتفتح شهية القارئ والإنصات لدلالاتها الموحية والعميقة .



#عبدالله_المتقي_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - أغاني تساوت- والنبش في الذاكرة المغربية
- مهدي حلباس وشخوصه المسرحية في - العين والمخرز -


المزيد.....




- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله المتقي محمد - حول - هيفاستوس – رقصة النار - للتونسي منجي عيساوي