أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صليبا جبرا طويل - الشرق يشهد انحسار المسيحية















المزيد.....

الشرق يشهد انحسار المسيحية


صليبا جبرا طويل

الحوار المتمدن-العدد: 6145 - 2019 / 2 / 14 - 18:30
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


اعادة الثقة بالشعور في الامن، والامان للأقليات
في الشرق يحتاج الى جهود مضاعفة. المناهج
المدرسية، والاعلام، والادبيات، والسلوك العنيف،
والتقليل من اهمية الحدث كلها مجتمعة تقرع ناقوس
خطر.

حكومات الشرق، تقف اليوم عاجزة عن وقف نزف الهجرة، بشكل خاص بين مواطنيها المسيحين، من منبت جذورهم التاريخي، الذي فيه نشأت الكنيسة المسيحية الاولى - القدس/فلسطين - وانتشرت منه للعالم أجمع. كل مثقف يدرك، ويعرف أن الصراعات، والحروب، والازمات الاقتصادية، وعدم الاستقرار السياسي، وغياب الحريات، والحكم الديكتاتوري، والاستعمار، والشعور بعدم الانتماء، والاقصاء، والاضطهاد...الخ ، كانت وستبقى العوامل الرئيسة في النزوح، والهجرة الطوعية، أو الاجبارية من اماكن التوتر حول العالم.
مسيحيو الشرق يشكلون أقل من خمسة بالمئة من مجموع السكان. يقفون اليوم بين مطرقة الهجرة، وسنديان البقاء. مطرقة الهجرة كونّها الخوف الذي هدد وجودهم كأقلية، وشعورهم بانهم مستهدفون، وغير مرغوب فيهم من قبل تيارات، وجماعات تنادي، وتتهجم حتى من المنابر، بمعاداتهم، بترحيلهم لا لسبب، الا لأنهم أسوة بالغرب المعرف بالصليبي، يشتركون معه في تبعيتهم للدين المسيحي، في عرفهم ان الانتماء الديني يحدد الانتماء الجغرافي، وليس الاصول التاريخية للأفراد والجماعات، مما يسهل عليهم تقسيم العالم على اساس ديني. سنديانة البقاء هم، لأنهم يمثلون المكون الرئيس في الشرق، جذورهم موغلة في القدم، والتاريخ، والآثار، والمخطوطات القديمة، وخفايا اللغة العربية، واسماء الدول، المدن، والقرى، والتلال، والجبال ان تحققنا منها سنجد أنها أعجمية وقديمة التسمية وغيرها كثير لا يمكن محوه، شواهد تدل على جذورهم الاصيلة، وتواجدهم الموغل في القدم. بالرغم من صدق انتمائهم للقومية العربية – هم أول من نادى خلال النصف الثاني للقرن التاسع عشر - ، ومواطنتهم الصالحة ، تخرج عليهم أطراف عنيفة، متشددة تقف ضدهم بقوة وبشراسة، وتشجع على استئصالهم وتصفيتهم، واقتلاعهم من اوطانهم، رافعين شعار، يقوم على مبدأ لا انساني: " الكبار لهم القبور، والصغار ينسون".
للأسف، حتى المناهج المدرسية التي من المفروض ان تكون تربوية تتنوع فيها المعرفة، والثقافة، وتشمل كل مكونات المجتمع، وتراثهم الديني، والثقافي باتت اسيرة الطابع الديني الواحد "الاسلامي"، وتغيب كل ما هو أخر - اكن للإسلام دينا، ولاتباعه، وللقرآن الكريم، وللرسول محمد (ص) كل الاحترام - لإنتاج انسان مثقف، ومؤطر ، ومؤدلج دينيا فقط، انسان خارج عن هذا الكون. هذا التوجه يخالف كل العقائد الدينية في العالم، الداعية للعلم، وللتقدم وللتطور على المستويين العالمي، والمحلي. فرض مناهج يغيب الأخر منها دليل على تمييز عنصري، وعدم مساواة في المواطنة.
الشعور بالمسؤولية، وانتماؤنا للجنس البشري، يجب أن يدفعانا في هذا القرن - الحادي والعشرون - لان ننادي بفتح الملفات الجديدة منها والقديمة، حتى تلك التي عمرها اكثر من الفي عام، لكشف المظالم، والمآسي، والمجازر التي ارتكبت بحق كل شعب، وامة على هذه الارض، ودفعها لتطفوا على السطح، بدل من الاستمرار في دفنها في حفرة الماضي، وانكارها، وابقائها في بطون كتب التاريخ. ما تسبب في اراقة الدماء لا يمكن محوه من ذاكرة الشعوب. دفعها نحو السطح، والاعتراف بها مصلحة للجميع، وتصالح انساني يدفع نحو السلم المحلي، والعالمي.
سكان الشرق، معظمهم، جذوره قبطية، وآرامية، واشورية، وفارسية، وامازيغية، ...الخ حقائق ممنوع، ومحرم تدريسها في مناهج التربية، تمنع، خوفا من دفع الطالب الى النقاش، والتفكير. لا ينفي ذلك، ويلغيه الا من يسعى لمحاربة الحقائق، مستندا على طروحات عنصرية ترفضها الاديان، وحقوق الانسان. دول الشرق دخلها الاسلام في القرن السابع، غير مهم ان كان سلما، أو حربا. فخلال اربع قرون وبشكل خاص بين عامي 850م ، و1250م ازدهرت الحضارة العربية، العصر الذهبي – الحضارة الاسلامية - بمؤازرة وتعاون مسيحي الشرق، والفرس...الخ بالرغم ان معظم من برز من مفكرين في تلك الحقبة، تشير المصادر القديمة، انهم كانوا زنادقة – هذا يعني ان المجتمع السائد في ذلك العصر كان اقرب الى العلمانية بحسب تعريف عالم اليوم - مما يدل على تنوع المجتمع وتسامحه. الحضارة العربية اثرت العالم لكنها للأسف تلاشت، وساد الجهل، والانغلاق على الذات. فبعدما كنا رواد العلوم والفكر بتنا في اسفل السلم الحضاري. كعرب نحتاج الى ترميم مفاهيمنا حول كل من هو اخر يعيش معنا وبيننا، وخارج دولنا، كما نحتاج الى فهم اكبر للحضارات في عالم اليوم، نحتاج الى اعادة تحلل الزمن الذي نبغنا فيه حضاريا، وتحليل اسباب تراجعنا، كي نعيد بنائنا الحضاري.
بالرغم من وجود معاهدات قديمة، وتعهدات بين قادة المسلمين الذين أحتلوا الشرق، والمواطنين الاصلين للبلاد المفتوحة، فقد تم نقضها، والغاؤها، وعدم احترامها، خلال الانتقال عبر التاريخ بين فترة واخرى - لا يمكن انكار بان المسيحية شهدت الازدهار في بعض العصور- لكن الفترات العصيبة ساهمت في خفض مستوى الامن والامان خلال مسيرة التاريخ بين حاكم ظالم، واخر متسامح. التستر بعباءة الدين، بمعنى ادق" تزاوج الفكر الديني، مع الفكر السياسي، منع الحاكم من اصدار قراراته بحرية، ومنع رجل الدين من تقديم توصياته بحرية، بالتالي قدما، وكونا نموذجاً سياسياً دينياً يثبت حكمهم". التميز بين مواطن واخر، ظهر حين تم فرض نظام الجزية -نظام كان معمول به قبل الاسلام - والعبادات التي كان معمول بها حتى العهد العثماني، فكان لها اثر كبير على مسيحي الشرق.
الله جلا جلاله، خلقنا لنكون مسؤولين، واصحاب ارادة، وعقل مستقل، وأحرار ، كي نتشارك معه في اعمار الكون، ونعمل بوصاياه من اجل الخير العام. بذلك يكون الهدف الاسمى للجنس البشري محاربة الجهل ، والتخلف الحضاري مقابل الارتقاء العلمي. تخلفنا سببه لبس عباءة الدين، قادة تسربلوا بثوب الدين، فوجدوا، افضل وسيلة لإخضاع شعوبهم هو اثارة العامل الديني. ادبيات المدعوين بالمتطرفين، تستند الى آيات من القرآن الكريم، والى مناهج الحكم منذ عهد الرسول محمد (ص)، واحاديث نبوية شريفة، وقياس على ما وصل الينا من ادبيات السلف الصالح تتفق مع نهجهم، ومنهجهم. البعض لا يعترفون بهؤلاء المدعوين بالمتطرفين، يهاجمونهم، ويطلقون النعوت عليهم بوعي، وادراك ، ويصرحوا بأن هذا ليس من الاسلام، فيكفرونهم، بالرغم ان الاسلام ، يحضر تكفير المؤمن المسلم. على سبيل المثال، كتاب أبي بكر ناجي " ادارة التوحش" يستحق القراءة، خلال قرأتني للكتاب، شعرت بالحيرة، وتسألت هل المعلومات الواردة فيه صحيحة، ومصادره مؤكدة؟. من الضروري اخضاع هذا الكتاب الى مناقشة ونقد جاديين، فمن يمتلك الكفاءة، والاهلية فليتقدم ويصحح ما يحتويه من اخطاء ان وجد.
اراهن، واجزم بان كثير من البشر، بنسبة قد تصل في اقصاها الى خمسة بالمئة، فهموا قصد الله في كتابهم الديني، والبقية الباقية، تائهون بين الطقوس، والسجود، والركوع، والوقوف امام راعيهم الفاضل، الذي يستغل المقدس، ليستخف بعقولهم. المشكلة ليست في الاسلام، بل في من يضطهد كل مسلم يحاول أن يقدم قراءة عصرية للإسلام في زمننا المعاصر. الذين يؤمنون بالله، عليهم أن يؤمنوا ان الله يحمى كتبه المقدسة ورسالتها، من خلال اخلاقياتهم، وقيمهم، وسلوكهم، وعملهم، ومحبتهم لخليقته كلها، وليس من خلال شدة بطشهم، وقوتهم.
في خضم هذه المعمعة، أتساءل من المستفيد من انحسار المسيحية من الشرق؟ وهل هجرة المسيحين ستؤدي الى استقرار ونمو وتطور المجتمع؟ وهل مشاكله الاقتصادية الاجتماعية والسياسية ستزول؟ وهل الانتاج الزراعي والصناعي سيكفل معيشة الزيادة المتصاعدة بشكل صاروخي في عدد السكان؟ أسئلة تحتاج الى اجابات صريحة دون مواربة، وتهرب، ولف ودوران، وتضليل. مصير الشرق بات منذ اكثر من قرن في حكم المجهول. فهل سنستمر بسلبيتنا التي مارسناها منذ اجيال؟ الى متى سنمضى في تعليق عجزنا وضعفنا، وتخلفنا على الاخرين؟ ... عوضا عن اضاعة الوقت متعثرين في عدم ايجاد بدائل وحلول، لتكن اولى خطواتنا على الصعيد المجتمعي هي ضمان الحريات، مع تنفيذ برامج تربوية من الصفوف الدنيا الى الصفوف العليا تثقف، تدرس في مناهجها عن الاديان المتنوعة وتراثها، وتاريخها.



#صليبا_جبرا_طويل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الشرق الكلام يفوق الافعال
- الله يتجلى في انسانيتكم
- ثورة اخلاقية
- غربة وضياع
- هذا ما تعلمنا
- المعرفة حتمية ضرورية للاستمرار الحضاري
- بتحرر المرأة يتحرر العقل
- لا لوأد حرية الرأي والتعبير
- حقائق من الواقع العربي
- الزمن والهوية
- الأحزاب وديمقراطية العدالة
- الأديان بإنسانيتها
- عروبتنا تحتضر
- البحث عن مثقف
- الأديان في ظل صراع البقاء
- خطب منمقة وثورات قادمة
- الخير والشر من منظور علماني
- ثورة فكرية نحو العلمانية
- الاحترام قبل الحرية
- التمييز العنصري يحط من انسانيتنا


المزيد.....




- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...
- الأرجنتين تطلب توقيف وزير الداخلية الإيراني بتهمة ضلوعه بتفج ...
- هل أصبحت أميركا أكثر علمانية؟


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صليبا جبرا طويل - الشرق يشهد انحسار المسيحية