أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرحمن جاسم - القسر لا يدوم - 2-















المزيد.....

القسر لا يدوم - 2-


عبد الرحمن جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 1527 - 2006 / 4 / 21 - 06:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ولئن القسر لا يدوم، ولئن دوام الحال من المحال، أعود للقسم الثاني من "القسر لا يدوم".
حتى بلا ورقة توت:
وانتهى العصر العباسي، وهطل هولاكو كماء من غيم ماطر بعنفٍ فدمر كل شيء، وأسكن الجميع في جنات الله، حيث إنه لم يبقٍ ولم يذرِ، وحيث إنه كان عادلاً، إلى حدٍ كبير في مسألة القتل والتدمير، فلم يفرق بين شعبٍ وآخر، فقتل الجميع مساواة. فكانت مرحلة القسر تلك من أقسى المراحل التي عرفتها أمتنا العربية. فما حدث هو التمهيد المنطقي لكل ما يحدث حالياً، وهو كذلك البداية المعترف بها عالمياً –في عالمنا العربي قبل غيره- لما يعرف بزمان الانحطاط العربي، فيقول د. معتصم شرف: "نستطيع تأريخ مجيء هولاكو واحتلاله لبغداد وتدميره للخلافة، بأنه التاريخ الذي بدأت المعاناة العربية تأخذ شكلاً ممنهجاً ومنطقياً". (د. شرف، معتصم، المعاناة العربية: الصورة الكاملة، دار المناهج، بيروت، لبنان). وإذا ما تابعنا الفكرة بطريقة أكثر دقة، نجد رؤيا المستشرق الفرنسي سايمون أونور موضحة للأمر فيقول: "دخل هولاكو بغداد، فدمر الخلافة الإسلامية، والتي كان يراها المسلمين بمثابة الضمان والسلسلة العائدة لذلك العدل الذي يعود إلى عصر النبي محمد(ص)".(أونور، سايمون، تاريخ العرب، دار الكتاب العربي، القاهرة، مصر). إذا ببساطة كان احتلال هولاكو لبغداد فاتحة الأمر، والبداية الشرعية لتحول العالم العربي إلى محظية مدهشة بالنسبة للطامعين، ومن أي جهةٍ أتوا. وتفككت الإمبراطورية العباسية، بلمح الأبصار، كما لو أنها بنيانٌ هش، وبدأت مرحلة قسر مدهشة ستستمر حتى يومنا الحالي. ولن أطيل في تلك المرحلة التي تحتاج إلى كتبٍ هائلة الحجم لكي ترسم مراحلها، وترسم السواد الذي أطل خلالها، حتى إنه ليروى بأن كل بلاد عانت لوحدها الكثير من جراء الظلم بعد تفكك الدولة العباسية، التي ورغم "قسرها" كانت آخف وطءاً من المحتلين الأجانب.
دويلاتٌ لا تكفِ أحداً:
وهزم المغول، وبدء عصرٌ جديد، إنها الدويلات الوليدة من رحم الفراغ، تلك التي لا يخفي عريها شيء، ولا يغطيها شيء ولا يحميها، شي، والتي أوحى فراغها القاتل نفسه باستعدادها المطلق لقبول محتل ولو حتى من القمر، فجاء السلاجقة، ثم أتى العثمانيون بعدهم ليرسموا مرحلة لا تشبه ما قبلها أو بعدها بشكلٍ كلي. ولكن قبل الانتقال إلى تلك المرحلة، علينا أن ننطلق إلى مرحلتين مهمتين في تاريخ الأمة العربية، علينا أن نطل ولو قليلاً على تجارب القسر في بلاد أفريقيا العربية، وبالتحديد التجربة الأكثر ريادة، مصر، فمن تجربة الدولة الفاطمية، إلى صلاح الدين الأيوبي والمماليك. ولكي يبدأ الكلام ننظر إلى تجربة الدولة الفاطمية، والتي كانت واحدة من أوائل الدويلات/الممالك، وهذا التصنيف يورده الدكتور عبد الحميد محمود فيقول: "لم تكن الدولة الفاطمية أكثر من مملكة من الممالك العربية المنتشرة آنذاك، وصحيح أن البعض يعتد بها بصفتها دولة عربية كليةً وواحدة من التجارب المثالية، إلا أنها لم تتجاوز كونها ملكية/أسرية لا تختلف عن بنيان الدولة الأموية التركيبي".(د. محمود، عبد الحميد: الفاطميون والدولة، طباعة المركز الثقافي العربي، القاهرة، مصر). ونستطيع أن نستنتج من هذه الدراسة بأن الدولة المملكة/ الفاطمية، كانت محاولة خلافية، ولأن الفاطمين كانوا شيعة، فقد كانت دولتهم شيعية، أي أنها ببساطة اتخذت من مذهب أهل البيت وتوجهاتهم الفكرية أي الأئمة الإثني عشرية طريقها، ولكن كالعادة فإن القسر لا يلبث أن يطل برأسه من أي شق/فتحةٍ فظهر الحاكم بأمر الله، الخليفة الفاطمي المدهش، والذي يتحدث الكثيرون عن ابداعاته المدهشة، فهذا الخليفة الرائع، أجبر الشعب المصري على النوم عند الساعة الثامنة، ومن كان يلحظ أي نورٍ في منزله بعد الساعة الثامنة، كان يجر إلى الساحة العامة، ويجلد مئة جلدة، لقد كانت القاهرة تغرق في الظلام في الساعة الثامنة، حتى ظهور الفجر. أما تبرير الحاكم بأمر الله، "إذا كانوا يريدون التعبد، فهذا الليل صحرائهم". وأمر الجميع بالتحجب والاحتجاب، "لا نساء خارج المنزل"، وهذا ما حدث فعلاً. وقد يتساءل البعض عن كثيرٍ من عاداتنا القبيحة التي لايزال مجتمعنا يحملها، وللحقيقة فإن القسر الاجتماعي، يعود بأغلبه إلى تلك المرحلة، وخصوصاً مرحلة الحاكم بأمر الله، فمثلاً الفكرة المتمثلة بعدم السماح للمرأة بالخروج من المنزل إلا مرتين (بيت زوجها والقبر)، هي من الأفكار التي أرساها هذا الخليفة المختل. ويمكن الرجوع إلى كثيرٍ من المراجع التي تتحدث عن تلك المرحلة، وقسر تلك المرحلة.
صلاح الدين، بطلٌ أم جلاد؟
وظهر صلاح الدين، البطل العربي المقدام، ومحرر القدس من الصليبيين، ذلك الأيوبي الذي ظهر فجأة في التاريخ العربي ليحمل سنين القسر ويجعلها تضمحل وتختفي بلمح العين، هذا ما يريد أغلبنا أن يراه، وأن يصوره عند الحديث عن صلاح الدين، ولكن هل هي الحقيقة؟ هل كان صلاح الدين بطلاً أم أنه كان جلاداً كما يرى كثيرون؟
ولأننا اعتدنا في بلادنا أن نقدس أبطالنا، لدرجة أننا لا نتقبل مجرد فكرة النقاش عنهم، وصل صلاح الدين إلى هذه الدرجة، لكن هناك تساءل نود الاطلال عليه، مصر كانت أيام الفاطميين بلداً شيعياً بامتياز، أي أن مذهب الدولة كان المذهب الشيعي، وفجأة حينما ظهر صلاح الدين تحولت البلاد بين ليلةٍ وضحاها إلى بلدٍ سني المذهب، هل يتغير الناس بهذه السرعة؟ أنا لا أريد أن أطرق هذه النقطة، لكن تشير أغلب الكتب الشيعية، التي تتحدث عن تلك المرحلة، عن الطريقة التي تحولت البلاد فيها ناحية المذهب السني، وهو أمرٌ يمكن المناقشة به، ومناقشة ما كان لصلاح الدين من تأثير عليه، وبه.
نقطة أخرى أتساءل عند صلاح الدين عنها، لماذا حاول جرجي زيدان مثلاً في عددٍ من قصصه الإشارة إلى سلوك صلاح الدين الملتوي والغريب، سواء في التعامل مع الحلفاء أو الأصدقاء، ولأنني لا أوافق جرجي زيدان أو غيره في هذا الكلام، أترك التساءل مفتوحاً، وأترك الباب كذلك مشرعاً للاحتمالات، فهل كان صلاح الدين بطلاً، أم جلاداً؟
فهل كان القسر أيامه، لا يشبه القسر في أيامٍ كثيرة؟ لا جواب لدي، ولكن من ما رأيت وقرأت، أظن أن القسر لا ألوان متعددة لديه، فلونه واحد، وطعمه واحد، خصوصاً عند من يشربونه يومياً.
ولئن سيبدأ الكثيرون باتهامي بأنني أحاول تدمير تاريخنا العربي المشرف، وأبطالنا العظماء، اقول بأن النقاش في الأمر هو المنطق الصحي الوحيد، لأنه ليس هناك من معرفة ليست قوة.



#عبد_الرحمن_جاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في بلادنا...
- عارياً
- القسر لا يدوم! -1-
- رقص
- أنا وسحر وسحر
- الإرادة الأخيرة: نيتشه ونحن!
- حدثتني نهلة
- لنا عد الرحمن في عملها الجديد: -الموتى لا يكذبون-، عالم جديد ...
- كم يحتاج واحدنا إلى -غالا-
- لا تخاف أحداً؟ معذرةً؛ أنت كاذب
- لا تنزعج فأنت لا قيمة لك!
- حوار مع الفنانة العراقية سحر طه
- كم أتمنى أن أموت
- يومٌ عادي
- رحلة!
- كن صريحاً
- حب
- عن الأصدقاء والقداسة
- عن نزار قباني، وآسف أن أخيب أملكم
- عن السفسطائيين، عن أفلاطون وغداً


المزيد.....




- لعلها -المرة الأولى بالتاريخ-.. فيديو رفع أذان المغرب بمنزل ...
- مصدر سوري: غارات إسرائيلية على حلب تسفر عن سقوط ضحايا عسكريي ...
- المرصد: ارتفاع حصيلة -الضربات الإسرائيلية- على سوريا إلى 42 ...
- سقوط قتلى وجرحى جرّاء الغارات الجوية الإسرائيلية بالقرب من م ...
- خبراء ألمان: نشر أحادي لقوات في أوكرانيا لن يجعل الناتو طرفا ...
- خبراء روس ينشرون مشاهد لمكونات صاروخ -ستورم شادو- بريطاني فر ...
- كم تستغرق وتكلف إعادة بناء الجسر المنهار في بالتيمور؟
- -بكرة هموت-.. 30 ثانية تشعل السوشيال ميديا وتنتهي بجثة -رحاب ...
- الهنود الحمر ووحش بحيرة شامبلين الغامض!
- مسلمو روسيا يقيمون الصلاة أمام مجمع -كروكوس- على أرواح ضحايا ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرحمن جاسم - القسر لا يدوم - 2-