أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعيد الكحل - يوم كانت المدارس القرآنية تكوّن الوطنيين .














المزيد.....

يوم كانت المدارس القرآنية تكوّن الوطنيين .


سعيد الكحل

الحوار المتمدن-العدد: 6138 - 2019 / 2 / 7 - 19:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أثناء حفل توقيع كتاب المقاوم والمناضل السياسي بنسعيد أيت يدر "هكذا تكلم محمد بنسعيد" ، تمت الإشارة إلى التحاق المجاهد بنسعيد بصفوف المقاومة واليسار وهو خريج التعليم العتيق . كانت إشارة مهمة تضعنا جميعا أمام سؤال ما الذي تغير وقد تضاعف عدد المدارس القرآنية وتوسع التعليم الديني؟ معلوم أن المدارس القرآنية ، إلى حدود نهاية السبعينيات من القرن العشرين ، كانت أشد ارتباطا بالمجتمع وتفاعلا مع قضاياه الوطنية . بفضل ذاك التفاعل والارتباط ظلت أفواج المتخرجين يميزها الحماس الوطني فتنخرط بكل جدية في الحياة العامة للشعب . وما كان لتلك المدارس القرآنية إلا لتكوّن خريجين يحملون هموم الشعب وينتصرون لقضايا الوطن ، لأن مؤسسيها والمشرفين عليها كانوا متشبعين بالروح الوطنية وقيمها . لهذا ساهمت تلك المدارس في الحفاظ على مقومات الشخصية المغربية ( الانفتاح على قيم العصر وإنتاجاته العلمية والتقنية، التشبع بقيم الحوار والتسامح والاختلاف والتعايش ).وعُرف فقهاء المغرب باجتهاداتهم التنويرية إذ لم تصدر فتاوى تحرّم التقنية أو المشاركة النسائية في تدبير الشأن العام ، بل اجتهدوا فقهيا لاقتسام الممتلكات الزوجية إنصافا للمرأة . وقد برزت أسماء طبعت تاريخ المغرب الحديث وساهمت في استنهاض الهمم وإذكاء روح النضال الوطني من أجل الاستقلال ( المختار السوسي ، الشيخ أبو شعيب الدكالي، محمد السائح، المدني بن الحسني ، محمد بلعربي العلوي ، عبد الله الجيراري ، علال الفاسي وآخرون ) .
فلا غرابة إذن ، أن يكون سي محمد بنسعيد أيت يدر مقاوما للاستعمار ومناضلا سياسيا من أجل الديمقراطية والحرية والكرامة . فهو خرّيج هذه المدارس وتلميذ لأولئك الشيوخ .
فهل لازالت المدارس القرآنية تربي على قيم المواطنة ؟
من الأخطاء الجسيمة التي ارتكبتها الدولة أنها سمحت لتنظيمات الإسلام السياسي بإنشاء المدارس القرآنية منذ سبعينيات القرن العشرين لحسابات سياسية ضيقة ( مواجهة المد التقدمي والمد الشيعي ) .واستمر تفريخ هذه المدارس عبر التراب الوطني إلى اليوم بمقررات وبرامج تعليمية موغلة في التطرف ومناهضة لقيم المواطنة ؛ مما حولها إلى مشاتل للإعداد الفكري والوجداني لروادها وتأهيلهم ليكونوا متطرفين .
كانت إستراتيجية الدولة تهدف إلى تكوين أجيال متمسكة بوحدة المذهب المالكي ومحصنة ضد الاختراق الإيديولوجي أو المذهبي ؛ لكن إستراتيجية التنظيمات الإسلامية كانت ولازالت وستظل تضرب إستراتيجية الدولة وتنسفها عبر تشكيل ذهنيات مناهضة لقيم العصر ومكتسباته الحضارية ، بل معادية لكل ما هو وطني . والأمر يزداد خطورة مع إحداث شعبة التعليم الأصيل ضمن شعب ومسالك التعليم العمومي بمختلف أسلاكه . وأيا كانت المراقبة التربوية ، فإن ما يتلقاه التلاميذ مناف لقيم المواطنة ، بل أساسا يضرب أسس ومقومات الشخصية المغربية في جوهرها . ويكفي إجراء ملاحظة مباشرة للمظهر الخارجي لتلاميذ هذه الشعبة بمختلف المؤسسات التعليمية لتتأكد الدولة أنها تنشئ أجيالا منسلخة عن الشخصية المغربية وفاقدة لأي ولاء للوطن وغير منسجمة مع المجتمع ، بل في تناقض مع قيمه وأعرافه( تحريم الفنون ، تكفير الديمقراطية والأحزاب والمؤسسات التشريعية، مناهضة حقوق النساء، معاداة المطالبة بالمساواة والإنصاف ، الإيمان بعقيدة الولاء والبراء..) .
إذا كانت الفترة الاستعمارية تفترض اعتماد وتنويع أساليب المقاومة والحفاظ على مقومات الشخصية المغربية من الذوبان أو المسخ والطمس بسبب السياسة الاستعمارية الرامية إلى إدماج المغاربة في المشروع الاستعماري والتطبيع معه والتخلي عن المقاومة بكل أوجهها ( سياسية ، عسكرية ، ثقافية ، فنية ..) ، فإن المرحلة الحالية المتسمة بإجماع المغاربة على تبني الدولة الديمقراطية ومشروع المجتمع الحداثي باتت تستوجب بناء شخصية وطنية ومواطِنة منفتحة على الثقافة الإنسانية ومكتسباتها الحضارية . وهذا النوع من الشخصية المطلوبة لا تشكله المدارس القرآنية الحالية ولا شعبة التعليم الأصيل والتعليم الديني عموما . إذ في الوقت الذي يحتاج المغرب إلى تقوية لحمته الوطنية وغرس قيم المواطنة في الناشئة يقوي ولاءها للوطن ويعزز شعورها بالانتماء إلى الإنسانية جمعاء ، نجد هذا النوع من التعليم والتربية الذي تقدمه المدارس القرآنية وشعبة التعليم الأصيل يربي شخصية منغلقة ومنفصمة وغريبة عن عصرها ومناهضة لقيمه . شخصية تعيش زمنين متباعدين : تعيش وجدانيا وفكريا زمن الخلافة الإسلامية الأولى ، بينما جسديا تعيش في القرن الواحد والعشرين وثورته العلمية والتقنية . كما ينتج هذا الصنف من التعليم ذهنية تعادي الحداثة وتناهض قيم العصر وحقوق الإنسان وتتطلع إلى اللحظة التي تمتلك فيها الوسيلة لسفك الدماء وسبي النساء وتدمير المكتسبات الحضارية والتقنية .
لا جرم أن الدولة المغربية ، باعتمادها هذا النمط من التعليم الديني ، تخلق أجيالا مقاوِمة للتغيير والتحديث والدمقرطة ، وأكثر عداء لقيم المواطنة . أجيال تتربى على الكراهية وتتشبع بثقافة العنف وفقه التكفير وعقائد الغلو . ولا يمكن أبدا بناء الأوطان ولا الدفاع عنها بأجيال لا ولاء لها للوطن أو الشعب . لهذا باتت الحاجة ملحة إلى إعادة الاعتبار في هذا النمط من التعليم وبرامجه والعمل على خلق مدرسة مواطنة تغرس في الناشئة نفس القيم وتربيها على حب الوطن والشعب .



#سعيد_الكحل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إستراتيجية الإخوان لتطويق النظام .
- ما مدى نجاعة المقاربة الدينية في مواجهة التطرف والإرهاب ؟
- أيها الريسوني:الإرهاب فتاوى يصدرها الشيوخ وينفذها الشباب.
- كماشة التطرف تطبق على المجتمع المغربي.
- ابحثوا عن مسئولية الدولة في الجرائم الإرهابية.
- لولا العلمانية لما تمتع المسلمون بجزء من الحقوق الإنسانية.
- الدعوشة تغزو المجتمع وتنخر الدولة.
- خلفيات إطلاق اسم منظّر الإرهاب -سيد قطب- على شارع بطنجة .
- تونس تؤسس للدولة المدنية في العالم العربي.
- احذروهم فهم يكيدون.
- تثبيت التوقيت الصيفي تأكيد للتبعية وفقدان للسيادة.
- الحكومة المغربية تحتجز الشباب في وطن لم يعد لهم .
- لازال في الإمكان تصحيح ما كان .
- دلالات الاعتداء على طالبة آسفي .
- جذور الإرهاب عقائده .
- أيها الريسوني ! الحداثة تجرّم التحرش والاغتصاب والابتزاز الج ...
- أيها الريسوني :السبي والرق أشد خسة من الدعارة 1/2.
- العنف ضد النساء جريمة تغذيها الإيديولوجيا الأسلاموية .
- من يُنقذ حرية الفكر والتعبير من الاغتيال ؟
- العرائض تفضح المتاجرين بالعقائد .


المزيد.....




- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- لوموند: المسلمون الفرنسيون وإكراهات الرحيل عن الوطن
- تُلّقب بـ-السلالم إلى الجنة-.. إزالة معلم جذب شهير في هاواي ...
- المقاومة الإسلامية تستهدف تحركات الاحتلال في موقعي المالكية ...
- مكتب التحقيقات الفيدرالي: جرائم الكراهية ضد اليهود تضاعفت ثل ...
- قناة أمريكية: إسرائيل لن توجه ضربتها الانتقامية لإيران قبل ع ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعيد الكحل - يوم كانت المدارس القرآنية تكوّن الوطنيين .