أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - الإمارات و«دبابات» البابا














المزيد.....

الإمارات و«دبابات» البابا


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 6137 - 2019 / 2 / 6 - 23:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



" كم دبابة عند بابا الفاتيكان؟" كان ذلك تعليقاً ساخراً لجوزيف ستالين الزعيم الشيوعي السوفيتي على خبر نقله له ونستون تشرشل الزعيم البريطاني المحافظ في مؤتمر يالطا (11 فبراير/شباط/1945) عن انضمام البابا إلى الحرب على أدولف هتلر الزعيم الألماني النازي.
استعدتُ ذلك وأنا أتابع زيارة البابا فرانسيس إلى دولة الإمارات العربية المتحدة وعاصمتها أبو ظبي بدعوة من الشيخ محمد بن زايد وبمشاركة من شيخ الأزهر أحمد الطيب، وهي زيارة تاريخية بكل معنى الكلمة ، حيث أقام الحبر الأعظم قدّاساً حضره أكثر من 135 الفاً من المسيحيين البالغ عددهم أكثر من مليون إنسان في دولة الإمارات، وقام بزيارة أول كنيسة كاثوليكية أنشئت في العام 1965 بهبة من الشيخ زايد باني دولة الإمارات وواضع أسس نهضتها التي قامت على التسامح والمحبة والحكمة.
ثمة رسائل راهنة ومستقبلية تبعثها زيارة البابا، لاسيّما لجهة علاقة المسيحيين بالمسلمين لتوطيد العيش الإنساني المشترك وقيم التسامح والسلام.
أولتها- يولد جميع الناس أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلاً وضميراً وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضاً بروح الإخاء.
وثانيتها- إن القيم الإنسانية هي التي تجمعهم مثل قيم السلام والتسامح والمحبة والإخاء والمساواة والعدالة والشراكة.
وثالثتها- إن بإمكان البشر العيش والعمل معاً في إطار المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة، بغض النظر عن دينهم ولغتهم ولونهم وعرقهم وجنسهم وأصلهم الاجتماعي.
ورابعتها - إن الأساس في العلاقات بين البشر هو الاحترام المتبادل للخصوصيات والهويّات والثقافات.
وخامستها- إن للبشر حقوقاً متبادلة في ممارسة طقوسهم وشعائرهم بحريّة ودون إكراه أو خوف، فالعبادة هي علاقة خاصة بين الإنسان وخالقه، تلك التي ينبغي أن تحترم وألّا يتم التجاوز عليها تحت أي ذريعة أو حجة.
جدير بالذكر أن دولة الإمارات العربية المتحدة وهي دولة مسلمة تحتضن أكثر من 200 جنسية وفيها أكثر من 40 كنيسة ومعابد للسيخ والبوذيين، كان آخرها المعبد الهندي الذي افتتحه رئيس وزراء الهند فارندرا مودي (العام الماضي- 2018)، وتلك الحقائق تؤكد مجدداً أن الإسلام دين تسامح ورحمة ومعاملة إنسانية، على الرغم من محاولات تشويهه، سواء من جانب الجماعات التكفيرية الإرهابية، أم باتهامه من بعض القوى المتنفّذة في الغرب كدين يحضّ على العنف ويدعو للإرهاب، ولعل المثل الإماراتي والفضاء الرحب الذي يوفره يؤكد على قبوله للتنوّع والتعددية وضمانه لحرية العبادة وحقوقها.
وتترافق زيارة البابا، مع اختيار العام 2019، عاماً للتسامح في الإمارات، بعد أن أُطلق على العام 2018 عام الشيخ زايد، وكانت أبو ظبي قد احتضنت، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي 2018، مؤتمراً عالمياً لتعزيز الحوار بين أتباع الأديان ورفض استغلال الدين في النزاعات والحروب الذي نظمه منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، وتأتي مشاركة البابا في منتدى حوار الأديان لتأكيد الأخوة الإنسانية وتواصلاً مع المبادرات العديدة التي قادتها دولة الإمارات.
ولأننا أبناء حضارة عالمية واحدة، وإن كانت الثقافات متعدّدة ومتنوّعة فيها، فكان لا بدّ من التفكير في مدّ الجسور والقنوات للعيش معاً وبسلام ومساواة بغض النظر عن الاختلاف في الدين أو اللغة أو العرق أو الجنس أو الأصل الاجتماعي، الأمر الذي يقتضي أن نأخذ بعضنا بعضا ً بالتسامح على حد تعبير فولتير، لأن البشر خطّاؤن . وسيكون نقيض التسامح الاحتراب والإلغاء والإقصاء، ومثل هذا سينتج التعصب ووليده التطرّف وهذا الأخير يمكن أن يقود إلى العنف والإرهاب.
لقد حظي البابا فرانسيس باحترام المسلمين وتقديرهم، فهو من العالم الثالث أولاً (الأرجنتين) وقد أدركته الحروب والمآسي التي عانى منها العالم، وقد اتسم نهجه بالتسامح والتواصل مع المسلمين، ولعلّ موقفه الإنساني من اللاجئين كان لافتاً، خصوصاً وأن القسم الأكبر منهم من البلدان الإسلامية هارب من جحيم الحروب والنزاعات الأهلية، يضاف إلى ذلك موقفه النبيل من مسلمي الروهانغا في بورما.
لقد أخطأ ستالين حين نظر إلى إمكانات دولة الفاتيكان التي لا يتجاوز عدد نفوسها سوى بضعة مئات، بمنظار القوة المسلّحة، وأغفل أن هذه الدويلة الصغيرة كبيرة جداً لما تمثله من قوة روحية هائلة، تلك التي سرعان ما تتحوّل إلى قوة مادية تشمل أكثر من ملياري مسيحي، كما أخطأ مرّة أخرى في منظوره للقوة التي احتسبها بالقوة العسكرية وعدد الفرق والدبابات والصواريخ، في حين أن البابا بذاته ولذاته يمثل "قوة روحية" لا مثيل لها وهي أشد وأقوى وأكثر مضاءً من القوة المسلّحة، بل إن أسلحته أكثر فعالية من بين جميع الأسلحة الأوتوماتيكية والذرية والالكترونية.
يمكن للبابا بقوة المحبة وروح الخدمة التي يقول عنها "القوة الحقيقية" أن يحرّك ملايين البشر، ولعلّ ذلك ما أثار اهتمام العالم أجمع الذي تابع مبادرة أبو ظبي بشغف وتطلّع لترسيخ قيم التسامح والسلام ، لأن عالماً بلا محبة هو بلا سلام، وتلك رسالة كان قد وجهها الشيخ محمد بن زايد لرُسل السلام والمحبة، خصوصاً حين تلتقي إرادة الروحانيين والنخب الفكرية والثقافية مع الإرادة السياسية.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كتاب سلام عادل - الدال والمدلول وما يمكث وما يزول
- الملف الكردي بين واشنطن وأنقرة
- طه صفوك الجبوري اسم في الذاكرة
- الإعلام والأمن السيبراني
- الثقافة والذاكرة
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ...
- فنجان قهوة .. مع الموسوعي د. عبد الحسين شعبان
- -اسرائيل- خارج اليونسكو
- -حكم القانون- والأمن الإنساني
- طريق حكومة عادل عبد المهدي- وألغام الدولة العميقة
- مقدمة لكتاب - يوميات أرمينيا-- أرمينيا وسمفونية المبارز!
- للمرة الأولى في الصحافة : د. عبد الحسين شعبان يروي أسرار حيا ...
- دولة مدنية.. هل هي إبداع عربي؟
- إيطاليا «الشيوعية»
- الشيوعيون لا يعادون الدين .. والاستحواذ هاجس الإسلاميين
- حسين مروّة وتجربته العراقية
- هل «الديمقراطية» مجرد «تفاصيل»؟
- ثقافة حلف الفضول
- دين العقل
- منعطفات الواقع والفكر العربييْن: حوار مع عبد الحسين شعبان- م ...


المزيد.....




- استهداف أصفهان تحديدا -رسالة محسوبة- إلى إيران.. توضيح من جن ...
- هي الأضخم في العالم... بدء الاقتراع في الانتخابات العامة في ...
- بولندا تطلق مقاتلاتها بسبب -نشاط الطيران الروسي بعيد المدى- ...
- بريطانيا.. إدانة مسلح أطلق النار في شارع مزدحم (فيديو)
- على خلفية التصعيد في المنطقة.. اتصال هاتفي بين وزيري خارجية ...
- -رأسنا مرفوع-.. نائبة في الكنيست تلمح إلى هجوم إسرائيل على إ ...
- هواوي تكشف عن أفضل هواتفها الذكية (فيديو)
- مواد دقيقة في البيئة المحيطة يمكن أن تتسلل إلى أدمغتنا وأعضا ...
- خبراء: الذكاء الاصطناعي يسرع عمليات البحث عن الهجمات السيبرا ...
- علماء الوراثة الروس يثبتون العلاقة الجينية بين شعوب القوقاز ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - الإمارات و«دبابات» البابا