أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - يوحنا بيداويد - هل فكرة الله منتوج عقلي / الجزء الرابع














المزيد.....

هل فكرة الله منتوج عقلي / الجزء الرابع


يوحنا بيداويد

الحوار المتمدن-العدد: 6135 - 2019 / 2 / 4 - 19:30
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    




مرة أخرى نعود على الجدال التاريخي حول فكرة وجود الله

من منظور الفلاسفة، مرة أخرى نحاول ان نجيب على السؤال الأهم الذي طرح عبر التاريخ، هل هناك خالق حقيقي يدير هذا الكون فعلا؟ ام مجرد هي فكرة اختلقها الفلاسفة والانبياء والمفكرين من خيالهم؟ هل هناك ضرورة لوجود مثل هذا الاله كما يوجد ثوابت في المعادلات الرياضية؟
من المفكرين العظماء الذي حاول اجابة هذا السؤال في نهاية القرون الوسطى هو الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت(1596-1650)، فهو يعد مؤسس الفلسفة الغربية الحديثة او الفلسفة العقلية. حاول هذا الفيلسوف الاستفادة من الجدال الذي كان موجود في القرون الوسطى (الصراع بين الاسكولائين والاسمية والواقعية والانطولوجيا والتصورية) التي طرحناها في العدد السابق.
بدا العصر النهضة كنتيجة لزيادة التساؤلات وتوسع الأفق في فكر الانسان بعد حصلت تغيرات جذرية على مستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والجغرافي، حيث تفاعلت هذه العوامل مع تطور الفكر الانسان وانجازاته، بالأخص الطباعة التي سهلت عملت نقل المعرفة بين الناس كانت أهميتها مثلما هي اهمية الانترنيت الان لنا.

من اعلام عصر النهضة الذين تركوا بصماتهم على تطور الفكر والمعرفة الانسانية (علماء الفلك والفيزياء) من أمثال كوبرنيكوس وغاليلو ونيوتن وكبلر و مجموعة مهمة من الفلاسفة مثل ديكارت وبيكون ولايبنتز وسبينوزا ولوك وبركلي وهيوم.
من ملامح الفكر في عصر النهضة هي ظهور اراء وأفكار جديدة في تفسير علاقة الفكر بالوجود، فظهرت في هذه المرحلة أفكارا ثنائية الترابط، مثل العقل والوجود والروح والجسد...الخ. حاول معظم الفلاسفة إيجاد طريقا للتوافق مع الفكر الديني وفكر الوحي الإلهي. لكن سرعان ما حدث شرخ في هذه العلاقة في بداية القرن السادس عشر، حيث بدا الفلاسفة والعلماء يتبنون طريقة بيكون في التفكير "الاستقراء المعتمد على التجربة والملاحظة" بعيدا عن الايمان بالميتافيريقية، لكن ديكارت كان حريصا على إيجاد حل حقيقي لهذه المعضلة.
فكر ديكارت في طرق وسبل عديدة كي يصل الى الحقيقة، وان الوجود قضية حقيقة تسبق الفكر وليس لها علاقة به، ولكي يكتسب عن طريقها معرفة يقينه، غير قابلة للشك بتاتا، على شرط ان تكون قائمة على التجربة وعلى النور الطبيعي للعقل الإنساني.
توصل ديكارت الى قناعة هناك عدة طرق لجمع المعرفة مثل معرفة البديهيات وخبرة الحواس او عن طريق المناقشة مع الاخرين، او قراءة الكتب. ان هذه المعرفة تنمو تدريجيا، بينما المعرفة عن طريق الوحي فهي تحدث في دفعة واحدة على غرار اشراقية اوغسطينوس.
جادل ديكارت مع نفسه وافترض حتى لو شك في كل مصادر المعرفة التجريبية (الواقعية) التي يعرفها او يستقي منها معلوماته في الحياة اليومية، لكن هناك شيء واحدا متأكد منه تماما، هو انه حينما يفكر، يعرف جيدا انه نفسه الذي يقوم بعملية التفكير وليس غيره، لهذا قال عبارته المشهورة:" انا أفكر... اذن انا موجود"، أي انا موجود بالفعل، كانت هذه نتيجة مهمة له، فقال :"ان وجودي يسبق تفكيري والا لم تكن تحدث عملية تفكيري". فكان هذا دليل كافي لأثبات وجودي المادي بيقين غير قابل للشك.

من هذه النتيجة يصل ديكارت الى اننا نعيش في واقع ذو حدين مختلفين ومطلقين هما العقل (أداة التفكير) والمادة (المفكر نفسه)، لا يلغي أحدهما الاخر او لا يستطيع التأثير أحدهما على اخر. فالعقل (بحسب رائي ديكارت) لا يحتاج الى مكان لأنه لا يمتلك كثافة، لهذا لا يستطيع دفع المادة او يؤثر عليها، بينما المادة حينما تتحرك يستوجب تحركها يحدث في المكان، ففي النهاية هناك ثنائية في هذا الوجود، أي ان الوجود محكوم ببعدين هما العقل والمادة لا غيرهما ما عدا الله اللامخلوق، الذي هو موجودا في كلا الحيزين. ثم شبه العلاقة بينهما بالعلاقة الموجودة بين ساعتين معلقتين على حائط، حينما يشير السهم الى رقم الساعة، يدق جرس الاخرى!!، مع العلم لا يوجد أي ربط بينهما.

ديكارت قسم مصادر الأفكار الى ثلاثة أنواع وهي: أولا الوعي الذاتي (الخبرة الشخصية)، ثانيا العالم الخارجي الموجود (عن طريق الحواس)، ثالثا تكون معرفة مغروسة في الذات، اي الوعي الباطني (النفس) من قبل مصدر اكثر سموا. ثم ناقش الحالات الثلاثة توصل الى ان الفكرة الأكثر دقة والاقرب الى الحقيقة لابد ان يكون مصدرها اكثر سموا من ناحية الجوهر، فيقول : "صحيح انا املك تصورا للجوهر، وانا بذاتي جوهر، لكن لا يمكنني ان يكون تصورا للجوهر اللانهائي، اذا انا بذاتي نهائي، ان تصورا من هذا النوع يمكن ان يكون فقط صادرا عن جوهر لانهائي بحق الذي هو الله".

النقد والمناقشة
كان هدف ديكارت هو المحافظة على فكرة وجود الله كحقيقة مطلقة، فحاول إيجاد البرهان لهذه المقولة، بدا رحلته بالشك في كل شيء لحين توصل الى النتيجة في كوجيتو (انا افكر... اذن انا موجود)
ان اهمية فلسفة ديكارت جاءت في وضعه مبدا الفلسفة الثنائية للوجود ((Dualism على غرار عالم المُثل والعالم الأدنى لافلاطون، لكن هذا الوجود متداخل في هذه المرة وليس منفصلا كما تصوره افلاطون، مضى على خطى القديس انسليم في اثبات وجود الله فلسفيا (انطولوجيا) عن طريق العقل لوحده. ان محاولة ديكارت كانت خطوة مهمة في تاريخ الفلسفة، فهو يعد مؤسس الفلسفة الحديثة ومن بعده دعيت مرحلة الفلسفة العقلية في عصر النهضة.
1- تاريخ الفلسفة الغربية/روسيل.
2- اطلس الفلسفة/ بيتر كونزمان، فرانز فيدمان/المكتبة الشرقية، ترجمة جورج كتورة، بيروت 1991.
....................



#يوحنا_بيداويد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لو كان المسيحيون يفكرون مثل بعض الأخوة من المسلمين!!!
- كيف يتم اصلاح وطن ما مثل العراق ؟
- محنة المثقفين في العقود الاخيرة
- ازمة العلاقات الإنسانية، قضية اختفاء خاشقجي مثالا!
- هل الله منتوج عقلي؟ الجزء 3
- اللغة من منظور الفلاسفة / الجزء الأول
- هل عادت البشرية في هذه الايام الى بيئة العصور الحجرية؟!
- قراءة من اللوح الاخير لاسطورة الخلق البابلية
- ايها العراقيون انتم لستم اقل من الامة الفرنسية!
- فلسفة الحداثة وما بعد الحداثة Modernity & Post Modernity
- الحداثة وما بعد الحداثة
- هل ستحصل انتخابات ديمقراطية في العراق؟
- الفلسفة الظاهراتية Phenomenology
- رسالة معكوسة الى د. شاكر جواد بخصوص رسالته عن سيرة الشهيدة ا ...
- هل الله منتوج عقلي؟
- الفلسفة البنيوية
- القانون الجديد لأحوال الشخصية في العراق من منظور علماني!
- لماذا اصر السيد مسعود البارزاني على الاستفتاء؟ / دراسة تحليل ...
- ارسطو وفلسفته الواقيعة
- العراق يقترب من تابوته؟!


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - يوحنا بيداويد - هل فكرة الله منتوج عقلي / الجزء الرابع