أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مازن كم الماز - قراقوش و صلاح الدين و هوسنا الهوياتي














المزيد.....

قراقوش و صلاح الدين و هوسنا الهوياتي


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 6133 - 2019 / 2 / 2 - 22:11
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


نحن شعوب غارقة في ذكوريتها لكننا و للسخرية نقدس حكامنا لدرجة أن الخصيان حكمونا طويلا ( أقصد حكموا أجدادنا , و أعني بالخصيان : الخصيان الفعليين لا المثليين أو المتحولين جنسيا ) .. لم تكن الحاجة للخصيان مقتصرة على الشرق وحده , صحيح أن أول الخصيان ظهروا هنا لكن هذا كان إلى جانب أشياء كثيرة كالصولجانات و القوانين و الأساطير و السجون و الجيوش و المعابد و عجائب الدنيا السبع .. سرعان ما ظهر الخصيان في القصور اليونانية ثم الرومانية و وصلوا حتى الشرق الأقصى .. كان العثمانيون خاصة مهووسين بالخصيان هوسهم بعفة حريمهم و جواريهم لدرجة أنهم عينوا الخصيان ليكونوا سادة قصورهم و حراسا لحريمهم و أن منصب كبير الخصيان السود كان أحد أهم مناصب الحاشية و أنه كان رئيس جهاز مخابرات متكامل مخصص لمراقبة حريم السلاطين و قد لعب أحدهم دورا رئيسيا في نشر و فرض المذهب الحنفي في الامبراطورية .. أحد أهم هؤلاء الخصيان الذين حكموا الشرق كان قراقوش , الخصي الرومي الذي فر من بلاده إلى بلاط عماد الدين الزنكي الذي قربه و اصطفاه و دربه .. في بلاط الزنكي سيصبح اسمه بهاء الدين بن عبد الله الأسدي , ابن عبد الله لأن أباه لم يكن مسلما و الأسدي نسبة لأسد الدين شيركوه سيده الجديد .. و ارتقى "الرجل" في الدولة حتى أصبح أميرا للجيش .. إليكم واحدا من أجمل المقاطع الذي يدل على "سماحة الإسلام" في التعامل مع هؤلاء "العبيد" , أكثر من سماحته مع المسلمين العاديين أنفسهم ( سماحة جنرالاته و سلاطينه و جلاديه , و طبعا و من دون شك رجال دينه ) : "و هكذا كان "المسلمون" يصنعون بمن في أيديهم من المماليك : ينسبونهم إليهم و يعطفون عليهم و يعنون بهم عناية تزيد أحيانا على عنايتهم بأولادهم و ذوي قرابتهم و يخلقون منهم رجالا عظماء ينفعون البلاد و يكونون سببا في عظمتها و رفعة شأنها و يجلبون الخير كل الخير لمواليهم و سادتهم فلا يسع هؤلاء الموالي أو السادة إلا أن يردوا عليهم حريتهم و يعتقوهم لوجه الله و الوطن و الإنسانية" .. يشبه هذا الكلام افتتاحية لجريدة البرافدا أيام ستالين أو خطبة للجمعة في رقة داعش أو قندهار طالبان أو افتتاحية لجريدة البعث الصدامية أو الأسدية و يفترض أن يرافقه هتاف الله أكبر أو بالروح بالدم و غيرها من الهتافات التي وحدت كل الأحزاب الشمولية الهوياتية في شرقنا .. كان قراقوش جنديا قويا مطيعا ينفذ الأوامر بحذافيرها لدرجة الغباء لهذا نال "الرجل" حظوة عند صلاح الدين الذي كلفه بتنفيذ الأوامر التي لا يمكن لبشر عاديين تنفيذها , اقرأ بشر عاقلين .. نحن أكثر تقديسا لحكامنا من أن نحاسبهم على أفعالهم و كما في أي نظام فكري شمولي لا وجود لأخلاق عامة , هناك أخلاقهم و أخلاقنا , إن أشنع المؤامرات و أخس الأفعال تصبح مبررة و ضرورية إذا "فعلناها" و أي شيء يفعله الخصوم يصبح مؤامرة خسيسة بغض النظر عن أية أخلاق .. إذا خان صلاح الدين سيده فهذا فعل مجيد و إذا أمر بقتل شهاب الدين السهرودري فلا بد أنه محق و إذا استباح أقباط الصعيد فلا شك أنهم مجرمون و إذا منع تناسل نساء و رجال الفاطميين فلا شك أن نسلهم كان يجب أن ينتهي و إذا حاول أحدهم الدفاع عن نفسه فالويل و الثبور , يكفي أن يكون "الخصوم" , المقتولون , المسحولون , من الشيعة , اليهود , أو الغولاغ , ليصبح القتل مستحقا , ضروريا , عادلا .. في لحظة فاصلة , كان كل شيء فيها يتوقف على من يسيطر على خزائن القصر الفاطمي كلف صلاح الدين خادمه قراقوش بمهمة حراسة تلك الأموال , مهمة لا يمكن أن يقوم بها إلا شخص لا يعرف إلا السمع و الطاعة فقط , الخادم الغبي القوي هو الذي سيلعب الدور الأهم في نجاح انقلاب صلاح الدين .. عندما دخل قراقوش مخزن القصر فوجئ بما فيه من ذهب و جواهر و تحف , وحده قراقوش سيحافظ عليها ليعطيها "لصاحبها الشرعي" صلاح الدين .. ثم سيأتي دور مهام أخرى , قلعة الجبل , سور القاهرة , أبراج عالية منيعة , مهمة لا يمكن أن يقوم بها إلا خادم مطيع ابله لا يفقه سوى أوامر سيده فيجبر آلاف الأسرى و المصريين على الكدح ليل نهار لبناء أهرامات الفرعون الجديد .. ثم مهمة أخرى مستحيلة لا يمكن أن ينبري لها إلا قراقوش : حصار عكا , فيجبر الناس على ما لا يطاق من جوع و حصار و قتال بقسوته و غبائه , تماما كما افترض هتلر من مارشالاته و توقع ستالين و صدام من جنرالاتهم .. و أخيرا سيسقط الخادم "الشجاع" : سيأسره الأعداء و سيفتدي نفسه بأمواله لا بأموال سيده .. و يموت الزعيم المفدى , فوهرر أجدادنا , و ينقل الخادم المطيع ولاءه لابن سيده و وارث عرشه : العزيز و تشتد العداوة بين فرقتين من مماليك والده , الأسدية ( نسبة لأسد شيركوه ) و الصلاحية ( نسبة لأبيه ) و يمالئ العزيز مماليك والده و يلعب الخادم المطيع دورا مهما , كعادته , في تخليص سيده من "مؤامرات" مماليك عمه .. و يموت العزيز و ابنه المنصور يبلغ تسع سنين فمن أفضل من الخادم الأبله ليكون وصيا لكن مؤامرات القصور كانت أكبر من إمكانيات "الرجل" الذي لم يكن قادرا و لا مدربا على فهمها أو مواجهتها فيفقد حظوته عند أسياده و يبقى في الحاشية مجرد خادم مطيع حتى مات ..



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كارل ماركس أم جوردانو برونو
- المجد للأوهام , للخراب , للجنون , للأبوكاليبوس
- سياسات الهوية و الانتحار الجماعي
- ثوب رانيا يوسف الذي فضحنا
- ماذا كنت ستفعل في طهران 1978 أو بتروغراد 1917 ؟
- الوطن و الجماهير و الشعب الذي ينتصر - عن الآلهة التي تخوننا ...
- مكاشفات
- فشل مشروع الحداثة
- حوار مع افتتاحية موقع حزب الشعب الديمقراطي السوري عن ميليشيا ...
- الملهاة السورية
- أخذتنا البصرة على حين غرة
- من استبداد إلى استبداد و من سجن إلى آخر و من كذبة إلى أخرى
- 1793دي ساد : التماس لدعم ( ديانة ) عبادة العقل
- إيريكو مالاتيستا : فكرة الحكومة الجيدة
- أنطونين أرتو راثيا فان غوخ
- الإسلام صالح لكل زمان و مكان
- حلوا عن مي سكاف
- فلسطين التي لا تموت
- محاولة أنثروبولوجية للإجابة على سؤال : من نحن
- الثقافة العربية المعاصرة : ثقافة من دون سوبرمان


المزيد.....




- فن الغرافيتي -يكتسح- مجمّعا مهجورا وسط لوس أنجلوس بأمريكا..ك ...
- إماراتي يوثق -وردة الموت- في سماء أبوظبي بمشهد مثير للإعجاب ...
- بعد التشويش بأنظمة تحديد المواقع.. رئيس -هيئة الاتصالات- الأ ...
- قبل ساعات من هجوم إسرائيل.. ماذا قال وزير خارجية إيران لـCNN ...
- قائد الجيش الإيراني يوضح حقيقة سبب الانفجارات في سماء أصفهان ...
- فيديو: في خان يونس... فلسطينيون ينبشون القبور المؤقتة أملًا ...
- ضريبة الإعجاب! السجن لمعجبة أمطرت هاري ستايلز بـ8 آلاف رسالة ...
- لافروف في مقابلة مع وسائل إعلام روسية يتحدث عن أولويات السيا ...
- بدعوى وجود حشرة في الطعام.. وافدان بالإمارات يطلبان 100 ألف ...
- إصابة جنديين إسرائيليين بجروح باشتباك مع فلسطينيين في مخيم ن ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مازن كم الماز - قراقوش و صلاح الدين و هوسنا الهوياتي